الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحد المتفقين في الاسم فيغلب على الظن أن أحدهما هو المذكور في السند لا سيما إذا لم يعرف له سماع بغير بلده1.
لقد استعاضت كتب تواريخ الرجال التي لم ترتب على المدن عن ذلك بذكر عداد الرجل في الأمصار، وربما نسبته إلى المدينة والقبيلة معا، أما قول البعض "أن ما حدث للعرب من الانتساب إلى البلاد والأوطان لما غلب عليها من سكنى القرى والمدائن وضياع كثير من أنسابها فلم يبق لها غير الانتساب إلى البلدان، وكانت قبل ذلك تنسب إلى القبائل"2 فهو يصدق على المتأخرين من الرواة أما المتقدمون فقد ذكرت أنسابهم إلى جانب ذكر الأمصار التي نزلوها وذلك زيادة في التعريف بهم ما فعل البخاري في التاريخ الكبيروهو يترجم للمتقدمين إذ آخرهم من عاش في النصف الأول من القرن الثالث الهجري.
1 العراقي: فتح المغيث: 4/ 164.
2 العراقي: فتح المغيث 4/ 164.
4-
التنظيم على حروف المعجم:
وقد استعمل هذا الترتيب لتسهيل الكشف عن أصحاب التراجم خاصة وأن المؤلفين القدامى لم يستعملوا الفهارس المفصلة التي نجدها في المطبوعات الحديثة، لكن الترتيب على حروف المعجم لم يكن بالدقة التي تظهر في الفهارس التي يضعها المحققون في عصرنا لما ينشرونه من الكتب، فإن مصنفي كتب علم الرجال أحيانا يراعون الحرف الأول من إسم الرواة كما فعل البخاري في كتابيه "التاريخ الكبير" و"الضعفاء الصغير"، وأحيانا يجمعون بين الرواة ذوي الإسم الواحد، وقد يقدمون الحرف على سابقه إذا كثرت الأسماء التي تبدأ بالحرف المتأخر كأن يكون من إسمهم خالد كثيرون ومن إسمم حنين قليلون فيتقدم عليهم الخالدون رغم أن "الخاء" بعد "الحاء" كذلك كثيرا ما يتجاوز المصنفون القاعدة فيقدمون "المحمدين" على سواهم كما فعل الخطيب البغدادي مثلا في "تاريخ بغداد" أو يقدمون الصحابة عامة على من سواهم ضمن الحرف الواحد كما فعل ابن ابي حاتم في كتاب "الجرح والتعديل".
إن تنظيم التراجم على حروف المعجم حدث منذ فترة مبكرة.
فمن كتب الرجال الأولى المرتبة على حروف المعجم كتاب "التاريخ الكبير" للبخاري المتوفى "256هـ" وكتاب "الكنى والأسماء" لمسلم بن الحجاج "ت261هـ" وكتاب "الضعفاء" للعقيلي "ت322هـ" وكتاب "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم الرازي "ت327هـ" وكتاب "تاريخ هراة" لأبي إسحاق أحمد بن محمد بن ياسين الهروي الحداد "ت334هـ"1 وكتاب "المجروحين من المحدثين" لابن حبان "ت334هـ" أما كتاب "الثقات" لابن حبان أيضا فقد رتبه على الطبقات ثم على حروف المعجم ضمن الطبقة الواحدة.
وممن رتب كتابه على حروف المعجم ابن عدي الجرجاني "ت360هـ" في كتابيه "أسامي من روى عنهم البخاري" وكتاب "الكامل في ضعفاء المحدثين"، ومن بعد الكلاباذي "ت398هـ" في كتابه "الأسماء والكنى" وإن كان متأثرا بفكرة الطبقات حيث قسم الرواة إلى صحابة ثم تابعين ومن بعدهم وضمن هذا التقسيم رتب الرواة على حروف المعجم، وكذلك استعمل أبو عبد الله بن مندة "ت395هـ" الترتيب على المعجم في كتابه "معرفة الصحابة"، ثم الحاكم "ت405هـ" في "تسمية من أخرجهم البخاري ومسلم" رغم أنه قدم الصحابة على غيرهم متأثرا بنظام الطبقات، ثم السهمي "ت427هـ" في "تاريخ جرجان".
ثم تلاحقت كتب التراجم المرتبة على حروف المعجم وتدريجيا تخلصت من آثار نظام الطبقات، فالخطيب البغدادي "ت476هـ" في "تاريخ بغداد" رتب كتابه على حروف المعجم بادئا بترتيب السماء على المعجم ثم اصحاب الكنى ثم النساء في آخر الكتاب وبذلك تخلى -إلى حدث كبير- عن نظام الطبقات. لقد مالت كتب التراجم منذ القرن الخامس إلى الترتيب على حروف المعجم وترك
1 السخاوي: الإعلان بالتوبيخ، 653.
نظام الطبقات والمدن لتسهيل مهمة من يبحث فيها، فاستعمال كتب الرجال المصنفة على الطبقات والمدن والأنساب تتطلب معرفة بصاحب الترجمة لا يمتلكها الكثيرون ممن يراجعونها خاصة وأنه لا توجد آنذاك فهارس للكتب. لقد صرح كثير من المصنفين بالدافع الذي جعلهم يختارون الترتيب على حروف المعجم.
قال ابن حبان "ت334هـ" في كتاب "الثقات""فإنا نفصل أسماء أتباع التابعين ونذكر ما يعرف من أنساب المشهورين منهم وأوقات موتهم ونقصد في نظر اسمائهم المعجم ليكون أسهل عند البغية لمن أراد، لعلمي بتعذر حفظ الجل منه على أكثر الناس"1.
وقال ابن عدي الجرجاني "ت360هـ" في مقدمة كتابه "الكامل في معرفة ضعفاء المحدثين""وصنفته على حروف المعجم ليكون أسهل على من طلب راويا منهم"2.
وقال الحافظ أبو نعيم الأصبهاني في مقدمة كتابه "ذكر أخبار أصبهان":
"اما بعد. فإن بعض الإخوان رعاهم الله سأل الاحتذاء بمن تقدمنا من السلف ورواة الحديث في نظم كتاب يشتمل على أسامي الرواة والمحدثين.... وابتغي أن يكون ذلك مرتبا على حروف المعجم ليسهل الوقوف عليه فأجبته إلى ذلك"3. لقد كانت الرغبة إذا في تسهيل مراجعة هذه التصانيف هي العامل الوحيد الذي حدا بالأقدمين إلى الترتيب على حروف المعجم متخلين عن نظام الطبقات والمدن بصورة تدرجية.
وقد علل الحافظ أبو الحجاج يوسف بن الزكي المزي تخليه عن نظام الطبقات الذي اتبعه صاحب الكمال4 "ت600هـ" بأن نظام الطبقات
1 ابن حبان: الثقات، مقدمة الجزء الثاني.
2 ابن عدي: الكامل في معرفة ضعفاء المحدثين 1/ 1أ.
3 أبو نعيم الأصبهاني: ذكر أخبار أصبهان 1/ 1.
4 هو عبد الغني المقدسي الجماعيلي صاحب كتاب "الكمال في معرفة الرجال".