المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌(كِتَابُ الْإِقْرَارِ) وَهُوَ فِي اللُّغَةِ: الْإِثْبَاتُ يُقَالُ قَرَّ الشَّيْءُ إذَا - تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي - جـ ٥

[الفخر الزيلعي]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الْإِقْرَارِ)

- ‌(بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ)

- ‌(بَابُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ)

- ‌(كِتَابُ الصُّلْحِ)

- ‌[فَصْلٌ الصُّلْحُ جَائِزٌ عَنْ دَعْوَى الْمَالِ]

- ‌(بَابُ الصُّلْحِ فِي الدَّيْنِ)

- ‌[فَصْلٌ دَيْنٌ بَيْنَهُمَا صَالَحَ أَحَدُهُمَا عَنْ نَصِيبِهِ عَلَى ثَوْبٍ لِشَرِيكِهِ]

- ‌(كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ)

- ‌(بَابُ الْمُضَارِبِ يُضَارِبُ)

- ‌[فَصْلٌ مَا يَفْعَلُهُ الْمُضَارِبُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ]

- ‌(كِتَابُ الْوَدِيعَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْعَارِيَّةِ)

- ‌(كِتَابُ الْهِبَةِ)

- ‌(بَابُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ)

- ‌[فَصْلٌ وَهَبَ أَمَةً إلَّا حَمْلَهَا]

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌(بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَمَا يَكُونُ خِلَافًا فِيهَا)

- ‌[بَابُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌(بَابُ ضَمَانِ الْأَجِيرِ)

- ‌(بَابُ فَسْخِ الْإِجَارَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْمُكَاتَبِ)

- ‌[بَابُ مَا يَجُوزُ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَفْعَلَهُ]

- ‌[ فَصْلٌ وَلَدَتْ مُكَاتَبَةٌ مِنْ سَيِّدِهَا]

- ‌[بَابُ كِتَابَةِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ]

- ‌{بَابٌ مَوْتُ الْمُكَاتَبِ وَعَجْزُهُ وَمَوْتُ الْمَوْلَى}

- ‌[كِتَابُ الْوَلَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ أَسْلَمَ رَجُلٌ عَلَى يَدِ رَجُلٍ وَوَالَاهُ عَلَى أَنْ يَرِثَهُ]

- ‌[كِتَابُ الْإِكْرَاهِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجْرِ]

- ‌[ فَصْلٌ حُرْمَةُ طَرَفِ الْإِنْسَانِ]

- ‌[إقْرَار الصَّبِيّ وَالْمَجْنُون فِي الْحَجَر]

- ‌[فَصْلٌ بُلُوغُ الْغُلَامِ بِالِاحْتِلَامِ وَالْإِحْبَالِ وَالْإِنْزَالِ]

- ‌[كِتَابُ الْمَأْذُونِ]

- ‌(فَصْلٌ) غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ لَا يَتَوَلَّى طَرَفَيْ عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ الْمَالِيَّةِ

- ‌(كِتَابُ الْغَصْبِ)

- ‌[ فَصْلٌ غَيَّبَ الْمَغْصُوبَ]

- ‌(كِتَابُ الشُّفْعَةِ)

- ‌(بَابُ طَلَبِ الشُّفْعَةِ)

- ‌(بَابُ مَا تَجِبُ فِيهِ الشُّفْعَةُ وَمَا لَا تَجِبُ)

- ‌(بَابُ مَا تَبْطُلُ بِهِ الشُّفْعَةُ)

- ‌(كِتَابُ الْقِسْمَةِ)

- ‌[مَا تَشْتَمِل عَلَيْهِ الْقِسْمَة]

- ‌[الْإِجْبَار عَلَى الْقِسْمَة]

- ‌(كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ)

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْمُزَارَعَة]

- ‌[مَاتَ الْمَزَارِع قَبْل الزَّرْع]

- ‌(كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ)

- ‌[مَا تَصِحّ فِيهِ الْمُسَاقَاة]

- ‌[كِتَابُ الذَّبَائِحِ]

- ‌[تفسخ الْمُسَاقَاة بِالْعُذْرِ]

- ‌[التَّسْمِيَة عِنْد الذَّبْح]

- ‌[ مَوْضِع الذَّبْح]

- ‌[حَدّ الشَّفْرَة قَبْل الذَّبْح]

- ‌ النَّخْعُ وَقَطْعُ الرَّأْسِ وَالذَّبْحُ مِنْ الْقَفَا)

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَمَا لَا يَحِلُّ]

- ‌[أَكُلّ الْأَرْنَب]

- ‌ذَبْحُ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ يُطَهِّرُ لَحْمَهُ

- ‌[مَا يَحِلّ مِنْ حَيَوَان الْمَاء]

- ‌[مَا يَحِلّ بِلَا ذكاة]

الفصل: ‌ ‌(كِتَابُ الْإِقْرَارِ) وَهُوَ فِي اللُّغَةِ: الْإِثْبَاتُ يُقَالُ قَرَّ الشَّيْءُ إذَا

(كِتَابُ الْإِقْرَارِ)

وَهُوَ فِي اللُّغَةِ: الْإِثْبَاتُ يُقَالُ قَرَّ الشَّيْءُ إذَا ثَبَتَ وَأَقَرَّهُ غَيْرُهُ إذَا أَثْبَتَهُ وَفِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِخْبَارِ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الْحُقُوقِ وَهُوَ ضِدُّ الْجُحُودِ وَشَرْطُ صِحَّتِهِ أَنْ يَكُونَ الْمُقِرُّ بَالِغًا عَاقِلًا طَائِعًا وَكَوْنُهُ حُرًّا لَيْسَ بِشَرْطٍ حَتَّى يَصِحَّ إقْرَارُ الْعَبْدِ وَيَنْفُذَ فِي الْحَالِ فِيمَا لَا تُهْمَةَ فِيهِ كَالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ، وَفِيمَا فِيهِ تُهْمَةٌ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ وَهُوَ الْمَوْلَى وَيُؤَاخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ لِزَوَالِ الْمَانِعِ وَهُوَ نَظِيرُ مَا إذَا أَقَرَّ الْحُرُّ لِإِنْسَانٍ بِعَيْنٍ مَمْلُوكَةٍ لِغَيْرِهِ لَا يَنْفُذُ لِلْحَالِ وَإِذَا مَلَكَهَا يَوْمًا يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِهَا إلَى الْمُقِرِّ لَهُ لِزَوَالِ الْمَانِعِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ وَلَيْسَ بِإِنْشَاءٍ وَالْإِخْبَارُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ صَحِيحٌ فَيَنْفُذُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْإِنْشَاءِ؛ وَلِهَذَا لَوْ أَقَرَّ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ مُكْرَهًا لَا يَصِحُّ، وَلَوْ كَانَ إنْشَاءً لَصَحَّ قَالَ رحمه الله (هُوَ إخْبَارٌ عَنْ ثُبُوتِ حَقِّ الْغَيْرِ عَلَى نَفْسِهِ) هَذَا فِي الشَّرِيعَةِ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ وَقَيَّدَهُ بِأَنْ يَكُونَ عَلَى نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى غَيْرِهِ لِغَيْرِهِ يَكُونُ شَهَادَةً

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

[ كِتَابُ الْإِقْرَارِ]

قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رحمه الله إنَّمَا ذَكَرَ هَذِهِ الْكُتُبَ أَعْنِي كِتَابَ الْإِقْرَارِ وَكِتَابَ الصُّلْحِ وَكِتَابَ الْمُضَارَبَةِ وَكِتَابَ الْوَدِيعَةِ عَقِيبَ كِتَابِ الدَّعْوَى لِلْمُنَاسَبَةِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إمَّا أَنْ يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ فَإِنْ أَقَرَّ فَبَابُهُ الْإِقْرَارُ، وَإِنْ أَنْكَرَ فَالْإِنْكَارُ مُنَازَعَةٌ وَخُصُومَةٌ وَالْخُصُومَةُ تَسْتَدْعِي الصُّلْحَ فَبَعْدَ مَا ثَبَتَ لَهُ الْمَالُ إمَّا بِالْإِقْرَارِ أَوْ بِالصُّلْحِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَسْتَرْبِحَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ وَالِاسْتِرْبَاحُ بِنَفْسِهِ بِالْبَيْعِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَابُهُ وَالِاسْتِرْبَاحُ بِغَيْرِهِ هُوَ الْمُضَارَبَةُ فَإِنْ لَمْ يُرِدْ الِاسْتِرْبَاحَ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَحْفَظَ الْمَالَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ وَحِفْظُهُ بِنَفْسِهِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ فِي الْمُعَامَلَاتِ فَبَقِيَ حِفْظُهُ بِغَيْرِهِ وَهُوَ الْوَدِيعَةُ. اهـ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ) قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ رحمه الله فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ عَبْدٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَقَرَّ رَجُلٌ آخَرُ أَنَّهُ لِفُلَانٍ ثُمَّ قَالَ هُوَ حُرٌّ ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَهُوَ لِلْمُقَرِّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِ الْغَيْرِ، وَلَوْ بَدَأَ وَقَالَ هُوَ حُرٌّ ثُمَّ قَالَ هُوَ لِفُلَانٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَهُوَ حُرٌّ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْحُرِّ لِغَيْرِهِ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ اهـ قَالَ الْإِمَامُ نَجْمُ الدِّينِ الزَّاهِدِيُّ رحمه الله فِي الْقُنْيَةِ فِي كِتَابِ أَدَبِ الْقَاضِي فِي بَابِ مَنْ يُشْتَرَطُ حَضْرَتُهُ لِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ مَا نَصُّهُ: وَقَدْ يَكُونُ خَصْمًا فِي الْيَمِينِ وَلَا يَكُونُ خَصْمًا فِي الْبَيِّنَةِ كَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ لِغَيْرِ الْبَائِعِ فُلَانٌ وَدَفَعَهُ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ لِلْمُقَرِّ لَهُ لِيَرْجِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْبَائِعَ بِاَللَّهِ مَا كَانَ لِلْمُقَرِّ لَهُ فَإِنْ نَكَلَ رَدَّ الثَّمَنَ اهـ (قَوْلُهُ وَهُوَ نَظِيرُ مَا إذَا أَقَرَّ الْحُرُّ لِإِنْسَانٍ إلَخْ) هَذَا الْفَرْعُ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْمَالِ اهـ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَبْلُ فِي الشَّارِحِ بِوَرَقَةٍ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِ الْغَيْرِ فَكَذَّبَهُ الْمَوْلَى ثُمَّ مَلَكَهُ الْمُقِرُّ يَوْمًا عَتَقَ فَرَاجِعْهُ. اهـ. (قَوْلُهُ يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِهَا إلَى الْمُقَرِّ لَهُ)، وَلَوْ أَقَرَّ بِهَذِهِ الدَّارِ الَّتِي فِي يَدِ فُلَانٍ وَقْفٌ عَلَى مَسْجِدِ كَذَا ثُمَّ مَلَكَهَا الْمُقِرُّ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِهَا إلَى الْمُتَوَلِّي هَكَذَا أَفْتَيْتُ فِي سُؤَالٍ رُفِعَ إلَيَّ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ اهـ (فَرْعٌ) ذَكَرَهُ الْعِمَادِيُّ رحمه الله فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ مَعْزِيًّا إلَى أَوَّلِ إقْرَارِ فَتَاوَى صَاحِبِ الْمُحِيطِ رحمه الله أَنَّ مَنْ أَقَرَّ لِإِنْسَانٍ بِشَيْءٍ ثُمَّ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ

ص: 2

وَلِنَفْسِهِ يَكُونُ دَعْوَى.

قَالَ رحمه الله (إذَا أَقَرَّ حُرٌّ مُكَلَّفٌ بِحَقٍّ صَحَّ وَلَوْ مَجْهُولًا كَشَيْءٍ وَحَقٍّ)؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ شَرْعِيَّةٌ ثَبَتَتْ حُجِّيَّتُهُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَالْمَعْقُولِ أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ} [البقرة: 282] أَمَرَهُ بِالْإِمْلَالِ فَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ إقْرَارَهُ لَمَا كَانَ لِإِمْلَالِهِ مَعْنًى، وَقَدْ نَهَاهُ اللَّهُ تَعَالَى أَيْضًا عَنْ كِتْمَانِ الْحَقِّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا} [البقرة: 282] فَصَارَ نَظِيرَ أَمْرِهِ بِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَنَهْيِهِ عَنْ كِتْمَانِهَا وقَوْله تَعَالَى {بَلِ الإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ} [القيامة: 14] أَيْ شَاهِدٌ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما وقَوْله تَعَالَى {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النساء: 135] وَالْمُرَادُ بِهِ الْإِقْرَارُ وَأَمَّا السُّنَّةُ فَمَا رُوِيَ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام رَجَمَ مَاعِزًا وَالْغَامِدِيَّةَ بِإِقْرَارِهِمَا» فَإِذَا وَجَبَ الْحَدُّ بِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ فَالْمَالُ أَوْلَى أَنْ يَجِبَ وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ فَلِأَنَّ الْأُمَّةَ أَجْمَعَتْ عَلَى أَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ حَتَّى أَوْجَبُوا عَلَيْهِ الْحُدُودَ وَالْقِصَاصَ بِإِقْرَارِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حُجَّةً فِي حَقِّ غَيْرِهِ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ فَالْمَالُ أَوْلَى

وَأَمَّا الْمَعْقُولُ فَلِأَنَّ الْعَاقِلَ لَا يُقِرُّ عَلَى نَفْسِهِ كَاذِبًا بِمَا فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ فَتَرَجَّحَتْ جِهَةُ الصِّدْقِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ وَكَمَالِ الْوِلَايَةِ بِخِلَافِ إقْرَارِهِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ مَجْهُولُ النَّسَبِ بِالرِّقِّ جَازَ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَلَا يَصْدُقُ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأُمَّهَاتِهِمْ وَمُدَبَّرِيهِ وَمُكَاتَبِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ إنَّمَا تَصِيرُ حُجَّةً بِالْقَضَاءِ وَلِلْقَاضِي وِلَايَةٌ عَامَّةٌ فَيَنْفُذُ فِي حَقِّ الْكُلِّ، أَمَّا الْإِقْرَارُ فَحُجَّةٌ بِنَفْسِهِ وَلَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْقَضَاءِ فَيَنْفُذُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ لِمَا ذَكَرْنَا إلَّا إذَا رَدَّهُ الْمُقَرُّ لَهُ فَيَرْتَدُّ بِرَدِّهِ، وَلَوْ صَدَّقَهُ ثُمَّ رَدَّهُ لَا يَصِحُّ رَدُّهُ وَلَكِنْ إذَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ كَاذِبٌ فِي إقْرَارِهِ لَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُهُ عَنْ كُرْهٍ مِنْهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إلَّا إذَا سَلَّمَهُ لَهُ بِطِيبٍ مِنْ نَفْسِهِ حَلَّ فَيَكُونُ هِبَةً مُبْتَدَأَةً مِنْهُ وَشَرْطُ الْحُرِّيَّةِ لِيَصِحَّ إقْرَارُهُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ يَتَأَخَّرُ إقْرَارُهُ بِالْمَالِ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ وَكَذَا الْمَأْذُونُ لَهُ يَتَأَخَّرُ إقْرَارُهُ بِمَا لَيْسَ مِنْ بَابِ التِّجَارَةِ كَإِقْرَارِهِ بِالْمَهْرِ بِوَطْءِ امْرَأَةٍ تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ

وَكَذَا إذَا أَقَرَّ بِجِنَايَةٍ مُوجِبَةٍ لِلْمَالِ لَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَمْ يَتَنَاوَلْ إلَّا التِّجَارَةَ فَلَمْ يَكُنْ مُسَلَّطًا عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّ بِالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ مُبْقًى عَلَى أَصْلِ الْحُرِّيَّةِ فِي حَقِّهِمَا أَلَا تَرَى أَنَّ إقْرَارَ الْمَوْلَى لَا يَصِحُّ عَلَيْهِ فِيهِ وَشَرْطُ التَّكْلِيفِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ وَالْمَجْنُونِ لَا يَصِحُّ لِانْعِدَامِ أَهْلِيَّةِ الِالْتِزَامِ إلَّا إذَا كَانَ الصَّبِيُّ أَوْ الْمَعْتُوهُ مَأْذُونًا لَهُ فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ بِالْمَالِ لِكَوْنِهِ مِنْ ضَرُورَاتِ التِّجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ لَا يُعَامِلُهُ أَحَدٌ فَلَا يَجِدُ بُدًّا مِنْهُ فَدَخَلَ فِي الْإِذْنِ كُلُّ مَا كَانَ طَرِيقُهُ التِّجَارَةَ كَالدُّيُونِ وَالْوَدَائِعِ وَالْعَوَارِيّ وَالْمُضَارَبَاتِ وَالْغُصُوبِ فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ فِيهَا لِالْتِحَاقِهِ فِي حَقِّهَا بِالْبَالِغِ الْعَاقِلِ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ يَدُلُّ عَلَى عَقْلِهِ بِخِلَافِ مَا لَيْسَ مِنْ بَابِ التِّجَارَةِ كَالْمَهْرِ وَالْجِنَايَةِ وَالْكَفَالَةِ حَيْثُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِهَا؛ لِأَنَّ التِّجَارَةَ مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ وَالْمَهْرَ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِغَيْرِ مَالٍ وَالْجِنَايَةَ لَيْسَتْ بِمُبَادَلَةٍ وَالْكَفَالَةَ تَبَرُّعٌ ابْتِدَاءً فَلَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْإِذْنِ وَالنَّائِمُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ كَالْمَجْنُونِ لِعَدَمِ التَّمْيِيزِ وَإِقْرَارُ السَّكْرَانِ جَائِزٌ مُطْلَقًا إذَا كَانَ سُكْرُهُ بِطَرِيقٍ مَحْظُورٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَافِي الْخِطَابَ إلَّا إذَا أَقَرَّ بِمَا يَقْبَلُ الرُّجُوعَ كَالْحُدُودِ الْخَالِصَةِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ السَّكْرَانَ لَا يَكَادُ يَثْبُتُ عَلَى شَيْءٍ فَأُقِيمَ السُّكْرُ مَقَامَهُ فِيمَا يَحْتَمِلُ الرُّجُوعَ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ

وَإِنْ سَكِرَ بِطَرِيقٍ مُبَاحٍ كَالشُّرْبِ مُكْرَهًا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَكَذَا

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

ثُمَّ رَدَّ إقْرَارَهُ لَا يَصِحُّ الرَّدُّ. اهـ. وَسَيَأْتِي هَذَا الْفَرْعُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فِي الصَّفْحَةِ الْآتِيَةِ زِيَادَةَ فَائِدَةٍ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. اهـ. .

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ إذَا أَقَرَّ حُرٌّ مُكَلَّفٌ بِحَقٍّ) لَمْ يُرِدْ أَنَّهُ أَقَرَّ بِلَفْظِ الْحَقِّ بَلْ بِدِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ غَيْرَ أَنَّهُ عَبَّرَ عَنْهُ بِلَفْظِ الْحَقِّ كَقَوْلِ الرَّجُلِ جَاءَنِي فُلَانٌ فَإِنَّ هَذَا غَيْرُ مُنْكَرٍ فِي حَقِّ الْقَائِلِ فَعَبَّرَ عَنْ الْمُعَرَّفِ الَّذِي عِنْدَهُ بِالْمُنْكَرِ اهـ مُسْتَصْفَى (قَوْلُهُ وَلَا يُصَدَّقُ عَلَى أَوْلَادِهِ إلَخْ) قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ فِي آخِرِ الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ الْإِقْرَارِ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ مَجْهُولَانِ لَهُمَا ابْنٌ صَغِيرٌ لَا يَتَكَلَّمُ أَقَرَّا بِالرِّقِّ عَلَى أَنْفُسِهِمَا وَعَلَى ابْنِهِمَا جَازَ فَإِنْ كَانَ الِابْنُ يَتَكَلَّمُ فَقَالَ: أَنَا حُرٌّ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَلَوْ كَانَ لَهُ أُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ وَالْمُدَبَّرُونَ فَإِقْرَارُهُ بِالرِّقِّ لَا يَعْمَلُ فِي حَقِّهِمْ اهـ (قَوْلُهُ فَيَرْتَدُّ بِرَدِّهِ) رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ أَنَا عَبْدٌ لَك فَقَالَ الْآخَرُ: لَا ثُمَّ قَالَ بَلَى أَنْتَ عَبْدٌ لِي فَإِنَّهُ عَبْدُهُ وَلَا يَكُونُ نَفْيُهُ شَيْئًا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ الرِّقَّ لَا يَبْطُلُ بِجُحُودِ الْمَوْلَى أَمَّا الْإِقْرَارُ بِالدَّيْنِ وَالْعَيْنِ يَبْطُلُ بِالتَّكْذِيبِ. اهـ. خُلَاصَةٌ فِي آخِرِ الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ مُبْقًى عَلَى أَصْلِ الْحُرِّيَّةِ) أَيْ فِيمَا هُوَ مِنْ خَوَاصِّ الْآدَمِيَّةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْعُقُوبَةِ بِنَاءً عَلَى الْجِنَايَةِ وَالْجِنَايَةُ بِنَاءً عَلَى كَوْنِهِ مُكَلَّفًا وَكَوْنُهُ مُكَلَّفًا مِنْ خَوَاصِّ الْآدَمِيَّةِ اهـ أَتْقَانِيٌّ (فَرْعٌ) ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ رَجُلٌ قَالَ مَا فِي يَدِي مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ مَتَاعٍ لِفُلَانٍ صَحَّ إقْرَارُهُ؛ لِأَنَّهُ عَامٌّ وَلَيْسَ بِمَجْهُولٍ فَإِنْ جَاءَ الْمُقَرُّ لَهُ لِيَأْخُذَ عَبْدًا مِنْ يَدِ الْمُقِرِّ وَاخْتَلَفَا فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: كَانَ فِي يَدِك وَقْتَ الْإِقْرَارِ فَهُوَ لِي وَقَالَ الْمُقِرُّ: لَا بَلْ مَلَكْتُ هَذَا بَعْدَ الْإِقْرَارِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْمُقَرُّ لَهُ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِ الْمُقِرِّ وَقْتَ الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ الْمُنْكِرَ يُنْكِرُ دُخُولَ هَذَا الْعَبْدِ فِي الْإِقْرَارِ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَذُكِرَ فِي الْإِقْرَارِ مَا يُوَافِقُ رِوَايَةَ الْجَامِعِ رَجُلٌ قَالَ مَا فِي حَانُوتِي لِفُلَانٍ ثُمَّ بَعْدَ أَيَّامٍ ادَّعَى شَيْئًا مِمَّا فِي الْحَانُوتِ لَهُ وَوَضَعَهُ فِي الْحَانُوتِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ صُدِّقَ وَذُكِرَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْإِقْرَارِ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ قَالَ رحمه الله وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تُخَالِفُ رِوَايَةَ الْجَامِعِ قَالُوا تَأْوِيلُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ إذَا ادَّعَى بَعْدَ الْإِقْرَارِ فِي مُدَّةٍ لَا يُمْكِنُهُ إدْخَالُهُ فِي الْحَانُوتِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ بِيَقِينٍ، وَفِي مَسْأَلَةِ الْجَامِعِ إذَا ادَّعَى الْمُقِرُّ حُدُوثَ الْمِلْكِ فِي زَمَانٍ لَا يُتَصَوَّرُ حُدُوثُهُ فِيهِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إنِّي مَلَكْتُهُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ. اهـ. قَاضِيخَانْ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى فِي بَابِ مَا يُبْطِلُ دَعْوَى الْمُدَّعِي.

(فَرْعٌ آخَرُ) قَالَ قَاضِيخَانْ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ رَجُلٌ قَالَ: جَمِيعُ مَا فِي يَدِي لِفُلَانٍ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ يُرْجَعُ فِي الْبَيَانِ إلَيْهِ وَلَا يُعْلَمُ قَبْلَ الْبَيَانِ اهـ

ص: 3

شُرْبُ الْمُتَّخَذِ مِنْ الْحُبُوبِ أَوْ الْعَسَلِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَقَوْلُهُ، وَلَوْ مَجْهُولًا كَشَيْءٍ وَحَقٍّ أَيْ، وَلَوْ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ مَجْهُولًا بِأَنْ قَالَ عَلَيَّ شَيْءٌ أَوْ حَقٌّ يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ قَدْ يَلْزَمُهُ مَجْهُولًا بِأَنْ يُتْلِفَ مَالًا أَوْ يَجْرَحَ جِرَاحَةً أَوْ يَبْقَى عَلَيْهِ بَاقِيَةُ حِسَابٍ لَا يَعْرِفُ قِيمَتَهُ وَلَا أَرْشَهَا وَلَا قَدْرَهَا وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ لِإِبْرَاءِ ذِمَّتِهِ بِالْإِيفَاءِ أَوْ التَّرَاضِي فَلَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَجُوزُ إلَّا بِالْعِلْمِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: 86] وَقَالَ «عليه الصلاة والسلام إذَا عَلِمْتَ مِثْلَ الشَّمْسِ فَاشْهَدْ وَإِلَّا فَدَعْ» ؛ وَلِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تُوجَبُ إلَّا بِقَضَاءِ الْقَاضِي وَلَا يُمْكِنُهُ الْقَضَاءُ بِالْمَجْهُولِ فَيَبْطُلُ إذْ لَا حَاجَةَ لِلشُّهُودِ بِدُونِ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَيْهِمْ وَبِخِلَافِ الْجَهَالَةِ فِي الْمُقَرِّ لَهُ سَوَاءٌ تَفَاحَشَتْ الْجَهَالَةُ بِأَنْ قَالَ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ لِوَاحِدٍ مِنْ النَّاسِ أَوْ لَمْ تَتَفَاحَشْ بِأَنْ قَالَ عَلَيَّ أَلْفٌ لِأَحَدِ هَذَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَجْهُولَ لَا يَصْلُحُ مُسْتَحَقًّا إذْ لَا يُمْكِنُ جَبْرُهُ عَلَى الْبَيَانِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ الْمُدَّعَى فَلَا يُفِيدُ فَائِدَتَهُ هَكَذَا ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ

وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي مَبْسُوطِهِ وَالنَّاطِفِيُّ فِي وَاقِعَاتِهِ أَنَّهَا إذَا تَفَاحَشَتْ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ تَتَفَاحَشْ جَازَ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ لَا يَعْدُو مَنْ ذَكَرَهُ وَفِي مِثْلِهِ يُؤْمَرُ بِالتَّذَكُّرِ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ قَدْ يَنْسَى صَاحِبَ الْحَقِّ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيَانِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ الْحَقِّ عَنْ الْمُسْتَحِقِّ وَالْقَاضِي نُصِبَ لِإِيصَالِ الْحَقِّ إلَى مُسْتَحِقِّهِ لَا لِإِبْطَالِهِ فَصَارَ نَظِيرَ مَا إذَا أَعْتَقَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ ثُمَّ نَسِيَهُ بِخِلَافِ جَهَالَةِ الْمُقَرِّ بِهِ؛ لِأَنَّ الْإِجْبَارَ عَلَى الْبَيَانِ لَا يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ حَقِّهِ وَبِخِلَافِ إعْتَاقِ أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَمْ يَنْزِلْ فِي الْمَحَلِّ فَلَا يُؤَدِّي الْإِجْبَارُ إلَى إبْطَالِ حَقِّهِ؛ وَلِأَنَّ الْمُقَرَّ لَهُمَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى الْأَخْذِ مِنْ الْمُقِرِّ وَاصْطَلَحَا بَيْنَهُمَا أَمْكَنَ دَعْوَاهُمَا فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ

وَقَالَ فِي الْكَافِي وَهُوَ الْأَصَحُّ وَلَوْ كَانَ الْمُقَرُّ عَلَيْهِ مَجْهُولًا بِأَنْ قَالَ لَك عَلَى أَحَدِنَا: أَلْفُ دِرْهَمٍ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ مَجْهُولٌ ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ قَالَ رحمه الله (وَيُجْبَرُ عَلَى بَيَانِهِ)؛ لِأَنَّهُ لَزِمَهُ الْخُرُوجُ عَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ بِالْإِقْرَارِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْأَسْبَابِ يَتَحَقَّقُ مَعَ الْجَهَالَةِ كَالْغَصْبِ الْوَدِيعَةِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَغْصِبُ مَا يُصَادِفُ وَيُودِعُ مَا عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِ تَحَرٍّ فِي قَدْرِهِ وَجِنْسِهِ وَوَصْفِهِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُفَسِّرْ السَّبَبَ فَيَصِحُّ حَتَّى لَوْ فَسَّرَهُ بِالْبَيْعِ أَوْ الْإِجَارَةِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْعُقُودَ لَا تَصِحُّ مَعَ الْجَهَالَةِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيَانِ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّهُ مَتَى أَقَرَّ بِمَجْهُولٍ، وَأَطْلَقَ وَلَمْ يُبَيِّنْ السَّبَبَ يَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ بِسَبَبٍ يَصِحُّ مَعَ الْجَهَالَةِ كَالْغَصْبِ وَنَحْوِهِ، وَإِنْ بَيَّنَ السَّبَبَ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ سَبَبًا لَا تَضُرُّهُ الْجَهَالَةُ فَكَذَلِكَ

وَإِنْ كَانَ سَبَبًا تَضُرُّهُ الْجَهَالَةُ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ لَا يَصِحُّ وَلَا يُجْبَرُ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ رَأَى إنْسَانًا يَبِيعُ شَيْئًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ أَوْ يَشْتَرِي بِشَيْءٍ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ ثَمَنٍ لَا يُجْبِرُهُ عَلَى الْأَدَاءِ فَكَذَا إذَا أَقَرَّ بِهِ، وَلَوْ عَايَنَهُ يَغْصِبُ شَيْئًا لَا يَعْرِفُ قَدْرَهُ أَوْ يُودِعُهُ يَأْمُرُهُ بِالتَّسْلِيمِ إلَى صَاحِبِهِ فَكَذَا إذَا أَقَرَّ بِهِ قَالَ رحمه الله (وَيُبَيِّنُ مَا لَهُ قِيمَةٌ)؛ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ الْوَاجِبِ فِي ذِمَّتِهِ وَمَا لَا قِيمَةَ لَهُ لَا يَجِبُ فِيهَا فَإِذَا بَيَّنَهُ فِيهِ يَكُونُ رُجُوعًا فَلَا يُقْبَلُ، وَذَلِكَ مِثْلُ حَبَّةِ حِنْطَةٍ أَوْ قَطْرَةِ مَاءٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مِثْلَهُ لَا يَجِبُ فِي الذِّمَّةِ عَادَةً وَلَا يَجْرِي فِيهِ التَّمَانُعُ، وَلَوْ بَيَّنَ فِي الصَّبِيِّ الْحُرِّ أَوْ الزَّوْجَةِ لَا يَصِحُّ وَقِيلَ: يَصِحُّ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ لَوْ بَيَّنَهُ بِجِلْدِ الْمَيْتَةِ، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِغَصْبِ شَيْءٍ لَا يُسْمَعُ مِنْهُ إلَّا إذَا بَيَّنَ مَا لَهُ قِيمَةٌ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْغَصْبِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ وَلَوْ مَجْهُولًا إلَخْ) قَالَ فِي الْيَنَابِيعِ قَوْلُهُ بِحَقٍّ يُرِيدُ بِهِ أَنْ يَقُولَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ حَقٌّ فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ لَزِمَهُ أَنْ يُبَيِّنَ مَا لَهُ قِيمَةٌ، وَإِنْ قَالَ عَنَيْتُ بِهِ حَقَّ الْإِسْلَامِ لَمْ يُصَدَّقْ وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ شَيْءٌ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى بَيَانِ مَا لَهُ قِيمَةٌ سَوَاءٌ كَانَ قَلِيلًا مِثْلَ الْجَوْزَةِ وَالْحَفْنَةِ مِنْ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَغَيْرِهِمَا كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْأَبْزَارِ وَغَيْرِهَا. اهـ. (قَوْلُهُ بِأَنْ قَالَ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ لِوَاحِدٍ إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ بِخِلَافِ جَهَالَةِ الْمُقَرِّ لَهُ فَإِنَّهَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ نَحْوُ أَنْ يَقُولَ لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَلَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ؛ لِأَنَّ زَيْدًا فِي الدُّنْيَا كَثِيرٌ إلَّا إذَا عَيَّنَ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ هَذَا إذَا كَانَتْ الْجَهَالَةُ مُتَفَاحِشَةً

فَإِنْ لَمْ تَتَفَاحَشْ فَلَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ؛ وَلِهَذَا قَالَ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ بِعَلَامَةِ الْوَاوِ مِنْ الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ: جَارِيَةٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَقَالَ: إنَّ هَذِهِ لِأَحَدِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ جَازَ وَيَحْلِفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إذَا ادَّعَيَاهَا، وَلَوْ قَالَ هَذَا الْعَبْدُ لِوَاحِدٍ مِنْ النَّاسِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ هَذَا إقْرَارٌ لِلْمَجْهُولِ جَهَالَةً مُتَفَاحِشَةً. اهـ. (قَوْلُهُ فَلَا يُفِيدُ فَائِدَتَهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ فَائِدَتَهُ الْجَبْرُ عَلَى الْبَيَانِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ هُنَا. اهـ. (قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ تَتَفَاحَشْ جَازَ) أَيْ نَحْوُ أَنْ يَقُولَ: هَذَا الْعَبْدُ لِأَحَدِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ فَإِنَّهُمَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى أَخْذِهِ كَانَ لَهُمَا حَقُّ الْأَخْذِ كَذَا فِي مَبْسُوطِ أَبِي الْيُسْرِ اهـ مُسْتَصْفَى وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ، وَإِنْ لَمْ تَتَفَاحَشْ مَا نَصُّهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ إذْ فَائِدَتُهُ وُصُولُ الْحَقِّ إلَى الْمُسْتَحِقِّ وَطَرِيقُ الْوُصُولِ بَابٌ؛ لِأَنَّهُمَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى أَخْذِهِ فَلَهُمَا حَقُّ الْأَخْذِ قَالَهُ الْكَاكِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. اهـ. (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ) هَذَا التَّصْحِيحُ مُوَافِقٌ لِمَا نَقَلْتُهُ عَنْ الْكَاكِيِّ. اهـ. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَيُبَيِّنُ مَا لَهُ قِيمَةٌ) أَيْ قَلَّ أَوْ كَثُرَ نَحْوُ حَبَّةٍ أَوْ فَلْسٍ أَوْ جَوْزَةٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَلَا يُعْلَمُ فِيهِ خِلَافٌ قَالَهُ الْكَاكِيُّ وَقَالَ الْأَتْقَانِيُّ عِنْدَ قَوْلِهِ وَيُقَالُ لَهُ بَيِّنْ الْمَجْهُولَ يَعْنِي إذَا لَزِمَهُ مَا أَقَرَّ بِهِ مَجْهُولًا لَا يُقَالُ لَهُ بَيِّنْ الْمَجْهُولَ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِجْمَالَ وَقَعَ مِنْ جِهَتِهِ فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ وَلَكِنْ يُبَيِّنُ شَيْئًا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ، نَحْوُ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُ حَبَّةً أَوْ فَلْسًا أَوْ جَوْزَةً أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَمَّا إذَا بَيَّنَ شَيْئًا لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ نَحْوُ أَنْ يَقُولَ: عَنَيْتُ حَقَّ الْإِسْلَامِ أَوْ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ أَوْ نَحْوَهُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ اهـ.

(قَوْلُهُ فَلَا يُقْبَلُ) قَالَ الْكَاكِيُّ وَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِالْكَلْبِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي وَجْهٍ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ وَمَالِكٌ. اهـ. (قَوْلُهُ لَا يَصِحُّ) يَعْنِي لَوْ بَيَّنَ فِي الْغَصْبِ بِأَنَّ الْمَغْصُوبَ زَوْجَتُهُ أَوْ وَلَدُهُ قِيلَ يَصِحُّ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْغَصْبِ يُطْلَقُ عَلَى الزَّوْجَةِ وَعَلَى الْوَلَدِ وَالْأَكْثَرُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ. اهـ. كِفَايَةٌ

ص: 4

التَّمَانُعُ وَهُوَ الْمُتَقَوِّمُ وَلَوْ قَالَ فِي قَوْلِهِ عَلَيَّ حَقٌّ أَرَدْت بِهِ حَقَّ الْإِسْلَامِ لَا يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ بِهِ ذَلِكَ عُرْفًا وَعَلَيْهِ التَّعْوِيلُ.

قَالَ رحمه الله (وَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ مَعَ يَمِينِهِ إنْ ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ أَكْثَرَ مِنْهُ)؛ لِأَنَّهُ الْمُنْكِرُ قَالَ رحمه الله (وَفِي مَالٍ لَمْ يُصَدَّقْ فِي أَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ) يَعْنِي إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مَالٌ لَمْ يُصَدَّقْ فِي أَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ مَا دُونَهُ مِنْ الْكُسُورِ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَالِ عَادَةً وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ قَالَ رحمه الله (وَمَالٌ عَظِيمٌ نِصَابٌ)؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمَالٍ مَوْصُوفٍ بِالْعِظَمِ فَيُعْتَبَرُ هَذَا الْوَصْفُ وَالنِّصَابُ عَظِيمٌ فِي الشَّرْعِ حَتَّى اُعْتُبِرَ صَاحِبُهُ غَنِيًّا وَأَوْجَبَ عَلَيْهِ مُوَاسَاةَ الْفُقَرَاءِ، وَكَذَا عُرْفًا حَتَّى يُعَدَّ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ عَادَةً وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّهُ نِصَابُ السَّرِقَةِ وَالْمَهْرِ وَهُوَ عَظِيمٌ حَيْثُ تُقْطَعُ بِهِ الْيَدُ الْمُحْتَرَمَةُ وَيُسْتَبَاحُ بِهِ الْبُضْعُ الْمُحْتَرَمُ، وَعَنْهُ مِثْلُ جَوَابِ الْكِتَابِ وَهُوَ قَوْلُهُمَا ثُمَّ يُعْتَبَرُ أَنْ يَبْلُغَ نِصَابًا يُؤْخَذُ مِنْ جِنْسِهِ الزَّكَاةُ مِنْ الْمَالِ الَّذِي بَيَّنَهُ فِيهِ حَتَّى إذَا بَيَّنَهُ فِي الْإِبِلِ لَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ؛ لِأَنَّ مَا دُونَ ذَلِكَ قَلِيلٌ حَيْثُ لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنْ جِنْسِهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ عَلَى قَوْلِهِ يَبْنِي عَلَى حَالِ الْمُقِرِّ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى فَإِنَّ الْقَلِيلَ عِنْدَ الْفَقِيرِ عَظِيمٌ وَأَضْعَافُ ذَلِكَ عِنْدَ الْغَنِيِّ لَيْسَ بِعَظِيمٍ وَهُوَ الشَّرْعُ مُتَعَارِضٌ فَإِنَّ الْمِائَتَيْنِ فِي الزَّكَاةِ عَظِيمٌ

وَفِي السَّرِقَةِ وَالْمَهْرِ الْعَشَرَةُ عَظِيمَةٌ فَيُرْجَعُ إلَى حَالِهِ، ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ وَحَوَاشِي الْهِدَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى مَبْسُوطِ قَالَ رحمه الله (وَأَمْوَالٌ عِظَامٌ ثَلَاثَةُ نُصُبٍ) يَعْنِي مِنْ أَيِّ مَالٍ فَسَّرَهُ بِهِ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ فَلَا يَصْدُقُ فِي أَقَلَّ مِنْهُ لِلتَّيَقُّنِ بِهِ، وَإِنْ بَيَّنَهُ بِغَيْرِ مَالِ الزَّكَاةِ يُعْتَبَرُ أَنْ تَبْلُغَ قِيمَتُهُ قَدْرَ ثَلَاثَةِ نُصُبٍ وَيُعْتَبَرُ الْأَدْنَى فِي ذَلِكَ لِلتَّيَقُّنِ بِهِ وَيَنْبَغِي عَلَى قِيَاسِ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنْ يُعْتَبَرَ فِيهِ حَالُ الْمُقِرِّ كَمَا ذَكَرْنَا قَالَ رحمه الله (وَدَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ عَشَرَةٌ)، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله وَقَالَا: لَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْنِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ النِّصَابِ مُكْثِرٌ؛ وَلِهَذَا وَجَبَ عَلَيْهِ مُوَاسَاةُ غَيْرِهِ وَلَهُ أَنَّ الْعَشَرَةَ أَقْصَى مَا يُذْكَرُ بِلَفْظِ الْجَمْعِ فَكَانَ هُوَ الْأَكْثَرُ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ فَيُصْرَفُ إلَيْهِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا قَالَ: عَلَيَّ دَنَانِيرُ كَثِيرَةٌ عِنْدَهُمَا يَنْصَرِفُ إلَى النِّصَابِ وَعِنْدَهُ إلَى الْعَشَرَةِ وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ عَلَيَّ ثِيَابٌ كَثِيرَةٌ أَوْ وَصَائِفُ كَثِيرَةٌ فَعِنْدَهُ عَشَرَةٌ وَعِنْدَهُمَا يَلْزَمُهُ مَا يُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَإِنْ قَالَ غَصَبْتُ إبِلًا كَثِيرَةً أَوْ بَقَرًا كَثِيرَةً أَوْ غَنَمًا كَثِيرَةً أَوْ حِنْطَةً كَثِيرَةً يَنْصَرِفُ إلَى أَقَلِّ نِصَابٍ يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا هُوَ مِنْ جِنْسِهِ عِنْدَهُمَا وَهُوَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ مِنْ الْإِبِلِ وَالثَّلَاثُونَ مِنْ الْبَقَرِ وَالْأَرْبَعُونَ مِنْ الْغَنَمِ وَخَمْسَةُ أَوْسُقٍ مِنْ الْحِنْطَةِ وَعِنْدَهُ يُرْجَعُ إلَى بَيَانِ الْمُقِرِّ، وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ مَالٌ نَفِيسٌ أَوْ كَرِيمٌ أَوْ خَطِيرٌ أَوْ جَلِيلٌ قَالَ النَّاطِفِيُّ لَمْ أَجِدْهُ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ وَكَانَ الْجُرْجَانِيُّ رحمه الله يَقُولُ يَلْزَمُهُ مِائَتَانِ.

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ، وَلَوْ قَالَ فِي قَوْلِهِ عَلَيَّ حَقٌّ إلَخْ) وَذُكِرَ فِي الْمُحِيطِ وَالْمُسْتَزَادِ أَنَّهُ إنْ قَالَ ذَلِكَ مَوْصُولًا صُدِّقَ، وَإِنْ قَالَ مَفْصُولًا لَا يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهُ بَيَانٌ تَغَيَّرَ بِاعْتِبَارِ الْعُرْفِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ بِهِ فِي الْعُرْفِ حَقُّ الْإِسْلَامِ اهـ كِفَايَةٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ بِهِ ذَلِكَ عُرْفًا) أَيْ إنَّمَا يُرَادُ بِهِ حُقُوقٌ مَالِيَّةٌ. اهـ. .

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَمَالٌ عَظِيمٌ نِصَابٌ) قَالَ فِي الشَّامِلِ فِي قِسْمِ الْمَبْسُوطِ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ لَوْ قَالَ: دِرْهَمٌ عَظِيمٌ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومُ الْقَدْرِ فَيَكُونُ الْعِظَمُ صِفَةً لِعَرَضِهِ وَذَكَرَ فِي شَرْحِ الْأَقْطَعِ نَاقِلًا عَنْ الْمُنْتَقَى فِي الْمَالِ الْقَلِيلِ أَنَّهُ دِرْهَمٌ وَنُقِلَ فِي الْأَجْنَاسِ عَنْ نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مَالٌ لَا قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ يَلْزَمُهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ لَا قَلِيلٌ لَزِمَهُ الْكَثِيرُ وَالْمَالُ الْكَثِيرُ فِي الشَّرْعِ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِفَايَتِهِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ دَرَاهِمُ مُضَاعَفَةٌ يَلْزَمُهُ سِتَّةٌ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ الدَّرَاهِمِ ثَلَاثَةٌ وَالتَّضْعِيفُ أَقَلُّهُ مَرَّةٌ فَيُضَعَّفُ مَرَّةً قَالَ لَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً أَوْ قَالَ مُضَاعَفَةً أَضْعَافًا عَلَيْهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّ الْأَضْعَافَ جَمْعُ الضِّعْفِ فَتُضَاعَفُ ثَلَاثَةَ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ فَكَانَ تِسْعَةً، وَقَوْلُهُ مُضَاعَفَةً يَقْتَضِي ضِعْفَ ذَلِكَ فَيَكُونُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ قَالَ وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ الدَّرَاهِمُ الْمُضَاعَفَةُ سِتَّةٌ وَأَضْعَافُهَا ثَلَاثُ مَرَّاتٍ فَيَكُونُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ قَالَ عَلَيَّ عَشَرَةٌ وَأَضْعَافُهَا مُضَاعَفَةً عَلَيْهِ ثَمَانُونَ دِرْهَمًا؛ لِأَنَّ أَضْعَافَ الْعَشَرَةِ ثَلَاثُونَ فَإِذَا ضُمَّتْ إلَى الْعَشَرَةِ كَانَ أَرْبَعِينَ فَأَوْجَبَهَا مُضَاعَفَةً فَتَكُونُ ثَمَانِينَ إلَى هُنَا لَفْظُ الْكِفَايَةِ

وَقَالَ فِي شَرْحِ الْأَقْطَعِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا قَالَ مَالٌ عَظِيمٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ مِنْ الدَّرَاهِمِ صُدِّقَ فِي أَيِّ جِنْسٍ ذَكَرَ فَإِنْ كَانَ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ لَمْ يُصَدَّقْ فِي أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا نِصَابَ لَهُ صُدِّقَ يَبْلُغُ قِيمَةَ النِّصَابِ وَقَالَ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى لَوْ قَالَ مَالٌ نَفِيسٌ أَوْ كَرِيمٌ أَوْ خَطِيرٌ أَوْ جَلِيلٌ قَالَ النَّاطِفِيُّ لَمْ أَجِدْهُ مَنْصُوصًا وَكَانَ الْجُرْجَانِيُّ يَقُولُ مِائَتَانِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ سَيَأْتِي هَذَا الْفَرْعُ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ عَلَى قَوْلِهِ يُبْنَى إلَخْ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ وَقِيلَ يُعْتَبَرُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ حَالُ الْمُقِرِّ إنْ كَانَ غَنِيًّا يَقَعْ عَلَى مَا يُسْتَعْظَمُ عِنْدَ الْأَغْنِيَاءِ، وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا يَقَعْ عَلَى النِّصَابِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَقَالَا لَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْنِ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُصَدَّقُ فِي ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ وَلَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ فَيُصْرَفُ إلَيْهِ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو نَصْرٍ الْبَغْدَادِيُّ وَالْفَرْقُ لِأَبِي حَنِيفَةَ بَيْنَ قَوْلِهِ دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ وَبَيْنَ قَوْلِهِ مَالٌ عَظِيمٌ أَنَّ الدَّرَاهِمَ تُفِيدُ الْعَدَدَ؛ لِأَنَّ الْكَثْرَةَ تَكُونُ بِزِيَادَةِ الْعَدَدِ فَاعْتُبِرَ الْكَثْرَةُ الَّتِي تَرْجِعُ إلَى الْعَدَدِ وَقَوْلُهُ عَظِيمٌ لَا يَتَضَمَّنُ عَدَدًا فَوَجَبَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْمُسْتَعْظَمِ لَا مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ الْعَظِيمُ فِي الشَّرْعِ مَا يَصِيرُ بِهِ غَنِيًّا فَتَجِبُ الزَّكَاةُ بِنَفْسِهِ فَاعْتُبِرَ ذَلِكَ. اهـ. غَايَةٌ

(قَوْلُهُ أَوْ وَصَائِفُ) الْوَصِيفُ الْغُلَامُ دُونَ الْمُرَاهِقِ، وَالْوَصِيفَةُ الْجَارِيَةُ كَذَلِكَ وَالْجَمْعُ وُصَفَاءُ وَوَصَائِفُ مِثْلُ كَرِيمٍ وَكُرَمَاءَ وَكَرِيمَةٍ وَكَرَائِمَ. اهـ. مِصْبَاحٌ

ص: 5

قَالَ رحمه الله (وَدَرَاهِمُ ثَلَاثَةٌ) يَعْنِي إذَا قَالَ عَلَيَّ دَرَاهِمُ يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ الْجَمْعِ الصَّحِيحِ فَصَارَ مُتَيَقَّنًا بِهِ وَالزَّائِدُ عَلَى ذَلِكَ مَشْكُوكٌ فِيهِ، وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله أَنَّهُ إذَا قَالَ عَلَيَّ دَرَاهِمُ مُضَاعَفَةٌ فَعَلَيْهِ سِتَّةُ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّ أَدْنَى الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ وَضِعْفَهَا سِتَّةٌ، وَلَوْ قَالَ دَرَاهِمُ أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً يَلْزَمُهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا؛ لِأَنَّ أَضْعَافًا لَفْظُ جَمْعٍ وَأَقَلَّهُ ثَلَاثَةٌ فَتَصِيرُ تِسْعَةً ثُمَّ بِالْمُضَاعَفَةِ تَصِيرُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَكَذَا إذَا عَكَسَ بِأَنْ قَالَ: عَلَيَّ دَرَاهِمُ مُضَاعَفَةً أَضْعَافًا؛ لِأَنَّهَا بِالْمُضَاعَفَةِ تَصِيرُ الثَّلَاثَةُ سِتَّةً ثُمَّ بِالْأَضْعَافِ وَهُوَ جَمْعٌ تَصِيرُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ قَالَ رحمه الله (وَلَوْ قَالَ كَذَا دِرْهَمًا دِرْهَمٌ)؛ لِأَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِلْمُبْهَمِ، وَذُكِرَ فِي التَّتِمَّةِ وَالذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهِمَا يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ؛ لِأَنَّ كَذَا كِنَايَةٌ عَنْ الْعَدَدِ وَأَقَلَّ الْعَدَدِ اثْنَانِ إذْ الْوَاحِدُ لَا يُعَدُّ حَتَّى يَكُونَ مَعَهُ شَيْءٌ آخَرُ وَفِي شَرْحِ الْمُخْتَارِ قِيلَ: يَلْزَمُهُ عِشْرُونَ وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّ كَذَا يُذْكَرُ لِلْعَدَدِ عُرْفًا وَأَقَلُّ عَدَدٍ غَيْرِ مُرَكَّبٍ يُذْكَرُ بَعْدَهُ الدِّرْهَمُ بِالنَّصْبِ عِشْرُونَ، وَلَوْ ذُكِرَ بِالْخَفْضِ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مِائَةٌ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ عَدَدٍ يُذْكَرُ بَعْدَهُ الدِّرْهَمُ بِالْخَفْضِ وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ: دِرْهَمٌ عَظِيمٌ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ الدِّرْهَمَ مَعْلُومُ الْقَدْرِ فِي نَفْسِهِ فَلَا يَزْدَادُ قَدْرُهُ بِقَوْلِهِ عَظِيمٌ؛ لِأَنَّهُ وَصْفٌ لَهُ، وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ دُرَيْهِمٍ فَعَلَيْهِ دِرْهَمٌ تَامٌّ؛ لِأَنَّ التَّصْغِيرَ قَدْ يُذْكَرُ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِقْلَالِ فَلَا يُنْقِصُ عَنْ الْوَزْنِ، وَالْمُعْتَبَرُ هُوَ الْوَزْنُ الْمُعْتَادُ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ، وَكَذَا فِي الدَّنَانِيرِ؛ لِأَنَّ التَّعَامُلَ يَجْرِي عَلَى الْمُعْتَادِ عَادَةً فَلَا يُعْرَضُ عَنْهُ إلَّا بِحُجَّةٍ قَالَ رحمه الله.

(كَذَا كَذَا أَحَدَ عَشَرَ كَذَا، وَكَذَا أَحَدٌ وَعِشْرُونَ، وَلَوْ ثَلَّثَ بِالْوَاوِ يُزَادُ مِائَةٌ، وَلَوْ رَبَّعَ زِيدَ أَلْفٌ)؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ مُبْهَمَةٌ فَيَجِبُ حَمْلُهَا عَلَى نَظِيرِهَا مِنْ الْمُفَسَّرِ فَأَقَلُّ عَدَدَيْنِ يُذْكَرَانِ مِنْ غَيْرِ حَرْفِ عَطْفٍ بَيْنَهُمَا أَحَدَ عَشَرَ وَبِحَرْفِ عَطْفٍ بَيْنَهُمَا أَحَدٌ وَعِشْرُونَ وَثَلَاثَةُ أَعْدَادٍ بِحَرْفَيْ الْعَطْفِ مِائَةٌ وَأَحَدٌ وَعِشْرُونَ وَأَرْبَعَةُ أَعْدَادٍ بِثَلَاثَةِ حُرُوفٍ أَلْفٌ وَمِائَةٌ وَأَحَدٌ وَعِشْرُونَ، وَلَوْ ثَلَّثَ بِلَا وَاوٍ يَجِبُ أَحَدَ عَشَرَ؛ لِأَنَّهُ لَا نَظِيرَ لَهُ فَلَا يُزَادُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَلَوْ خَمَّسَ بِالْوَاوِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ عَشْرَةُ آلَافٍ، وَلَوْ سَدَّسَ يُزَادُ مِائَةُ أَلْفٍ، وَلَوْ سَبَّعَ يُزَادُ أَلْفُ أَلْفٍ وَعَلَى هَذَا كُلَّمَا زَادَ عَدَدًا مَعْطُوفًا بِالْوَاوِ زِيدَ عَلَيْهِ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ إلَى مَا لَا يَتَنَاهَى، وَلَوْ قَالَ كَذَا كَذَا دِرْهَمًا وَدِينَارًا فَعَلَيْهِ أَحَدَ عَشَرَ مِنْهُمَا

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

فِي الْأَصْلِ وَقَالَ الْإِمَامُ شَرَفُ الدِّينِ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْأَنْصَارِيُّ الْعُقَيْلِيُّ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الْمِنْهَاجِ، وَإِنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ كَذَا دِرْهَمًا لَزِمَهُ مَا بَيَّنَهُ أَقُولُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ فِي هَذَا أَحَدَ عَشَرَ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ الْعَدَدِ الَّذِي يَقَعُ مُمَيَّزُهُ مَنْصُوبًا هَكَذَا نُقِلَ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُصَدَّقَ فِي بَيَانِهِ بِدِرْهَمٍ وَالْقِيَاسُ فِيهِ مَا قَالَهُ فِي مُخْتَصَرِ الْأَسْرَارِ إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ كَذَا دِرْهَمًا لَزِمَهُ عِشْرُونَ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ جُمْلَةً وَفَسَّرَهَا بِدِرْهَمٍ مَنْصُوبٍ، وَذَلِكَ يَكُونُ مِنْ عِشْرِينَ إلَى تِسْعِينَ فَيَجِبُ الْأَقَلُّ وَهُوَ عِشْرُونَ؛ لِأَنَّهُ مُتَيَقَّنٌ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَذَكَرَ فِي التَّتِمَّةِ) مُحَالًا إلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ اهـ قَارِئُ الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ قِيلَ يَلْزَمُهُ عِشْرُونَ) وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْحَكَمِ الْمَالِكِيُّ. اهـ. (قَوْلُهُ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مِائَةٌ) أَيْ، وَإِنْ قَالَ كَذَا كَذَا دِرْهَمٌ يَلْزَمُهُ ثَلَاثُمِائَةٍ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ عَدَدَيْنِ مُبْهَمَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ بَيْنَهُمَا وَاوَ الْعَطْفِ وَذَكَرَ الدِّرْهَمَ عَقِيبَهُمَا بِالْخَفْضِ وَأَقَلُّ ذَلِكَ مِنْ الْعَدَدِ الْمُصَرَّحِ ثَلَاثُمِائَةٍ؛ لِأَنَّ ثَلَاثًا عَدَدٌ وَمِائَةً عَدَدٌ لَيْسَ بَيْنَهُمَا حَرْفُ الْعَطْفِ وَيَسْتَقِيمُ ذِكْرُ الدِّرْهَمِ بِالْخَفْضِ عَقِيبَهُمَا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَالْمُعْتَبَرُ هُوَ الْوَزْنُ إلَخْ) قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَيَنْصَرِفُ إلَى الْوَزْنِ الْمُعْتَادِ أَيْ بَيْنَ النَّاسِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ مِنْ الْأَلْفَاظِ يَنْصَرِفُ إلَى الْمُتَعَارَفِ وَهُوَ غَالِبُ نَقْدِ الْبَلَدِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُرِيدُ الرُّجُوعَ عَمَّا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ قَالَ فِي تُحْفَةِ الْفُقَهَاءِ لَوْ قَالَ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَهُوَ عَلَى مَا يَتَعَارَفُهُ أَهْلُ الْبَلَدِ مِنْ الْأَوْزَانِ أَوْ الْعَدَدِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مُتَعَارَفًا فَيُحْمَلُ عَلَى وَزْنِ سَبْعَةٍ فَإِنَّهُ الْوَزْنُ الْمُعْتَبَرُ فِي الشَّرْعِ، وَكَذَلِكَ فِي الدِّينَارِ يَعْتَبِرُونَ الْمَثَاقِيلَ إلَّا فِي مَوْضِعٍ مُتَعَارَفٍ فِيهِ بِخِلَافِهِ، وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ دُرَيْهِمٍ أَوْ دُنَيْنِيرٌ فَعَلَيْهِ الْإِتْمَامُ؛ لِأَنَّ التَّصْغِيرَ قَدْ يُذْكَرُ لِصِغَرِ الْحَجْمِ وَقَدْ يَكُونُ لِاسْتِحْقَارِ الدِّرْهَمِ وَقَدْ يَكُونُ لِخِفَّةِ الْوَزْنِ فَلَا يَنْقُصُ الْوَزْنُ بِالشَّكِّ، إلَى هُنَا لَفْظُ التُّحْفَةِ، وَقَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي الْكَافِي: وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ عَدَدًا ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ هِيَ وَزْنُ خَمْسَةٍ أَوْ وَزْنُ سِتَّةٍ وَكَانَ الْإِقْرَارُ مِنْهُ بِالْكُوفَةِ فَعَلَيْهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَزْنُ سَبْعَةٍ وَلَا يُصَدَّقُ عَلَى النُّقْصَانِ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ وَزْنَهَا مَوْصُولًا بِكَلَامِهِ، وَكَذَلِكَ الدَّنَانِيرُ، وَإِنْ كَانُوا فِي بِلَادٍ يَتَبَايَعُونَ عَلَى دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَالْوَزْنُ بَيْنَهُمْ يَنْقُصُ عَنْ سَبْعَةٍ صُدِّقَ إذَا ادَّعَى أَنَّ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ هُوَ عَلَى وَزْنِهِمْ وَلَا يُصَدَّقُ إنْ ادَّعَى وَزْنًا دُونَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ نَقْدُ الْبَلَدِ مُخْتَلِفًا فَهُوَ عَلَى الْأَقَلِّ مِنْ ذَلِكَ إلَى هُنَا لَفْظُ الْكَافِي. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ كَذَا كَذَا أَحَدَ عَشَرَ) وَالزِّيَادَةُ تَقِفُ عَلَى بَيَانِهِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ كَذَا كَذَا أَحَدٌ وَعِشْرُونَ) وَالزِّيَادَةُ مَوْقُوفَةٌ عَلَى بَيَانِهِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ حَرْفِ عَطْفٍ بَيْنَهُمَا أَحَدَ عَشَرَ) أَيْ وَأَكْثَرُهُ تِسْعَةَ عَشَرَ فَإِنَّهُ يُقَالُ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا إلَى تِسْعَةَ عَشَرَ إلَّا أَنَّ الْأَقَلَّ يَلْزَمُهُ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ وَالزِّيَادَةُ تَقِفُ عَلَى بَيَانِهِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَبِحَرْفِ عَطْفٍ بَيْنَهُمَا أَحَدٌ وَعِشْرُونَ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ، وَإِنْ قَالَ كَذَا وَكَذَا فَقَدْ ذَكَرَ عَدَدَيْنِ مُبْهَمَيْنِ مَعْطُوفًا أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِوَاوِ الْعَطْفِ وَذَكَرَ عَقِيبَهُمَا دِرْهَمًا بِالنَّصْبِ فَيُجْعَلُ عِبَارَةً عَنْ عَدَدَيْنِ مُصَرَّحَيْنِ بَيْنَهُمَا وَاوُ الْعَطْفِ يَسْتَقِيمُ ذِكْرُ الدِّرْهَمِ عَقِيبَهُمَا بِالنَّصْبِ وَأَقَلُّ ذَلِكَ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ وَأَكْثَرُهُ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ إلَّا أَنَّ الْأَقَلَّ يَلْزَمُهُ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ وَالزِّيَادَةُ تَقِفُ عَلَى بَيَانِهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ " كَذَا " عِبَارَةٌ عَنْ الدِّرْهَمِ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّ الدِّرْهَمَ عَقِيبَ الْوَاحِدِ لَا يُذْكَرُ بِالنَّصْبِ وَإِنَّمَا يُذْكَرُ بِالرَّفْعِ فَيُقَالُ وَاحِدٌ دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ اهـ

ص: 6

بِالسَّوِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ عَدَدًا مُبْهَمًا وَأَشْرَكَ فِيهِ جِنْسَيْنِ فَيَلْزَمُهُ النِّصْفُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ كَذَا كَذَا دِرْهَمًا، وَكَذَا كَذَا دِينَارًا حَيْثُ يَلْزَمُهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَحَدَ عَشَرَ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَدَدَيْنِ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَالَيْنِ وَعَلَى هَذَا فِي الْمُفَسَّرِ فَإِنَّهُ إذَا قَالَ عَلَيَّ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَدِينَارًا لَزِمَهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النِّصْفُ، وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَأَحَدَ عَشَرَ دِينَارًا يَلْزَمُهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَحَدَ عَشَرَ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّهُ مَتَى ذَكَرَ مِقْدَارًا وَأَضَافَهُ إلَى صِنْفَيْنِ مِنْ الْمَالِ يَجِبُ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا إذَا أَقَرَّ لِرَجُلَيْنِ يَنْقَسِمُ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ، مِثَالُهُ إذَا قَالَ: عَلَيَّ مِائَةُ مِثْقَالٍ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ أَوْ كُرُّ حِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ يَجِبُ عَلَيْهِ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَنَيِّفٌ فَالْبَيَانُ فِي النَّيِّفِ إلَيْهِ فَإِنْ فَسَّرَهُ بِأَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ جَازَ؛ لِأَنَّ النَّيِّفَ عِبَارَةٌ عَنْ الزِّيَادَةِ يُقَالُ: جَبَلٌ مُنِيفٌ إذَا كَانَ زَائِدًا عَلَى الْجِبَالِ، وَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ بِضْعَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا لَزِمَهُ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ؛ لِأَنَّ الْبِضْعَةَ أَوْتَارُ الْعَشَرَةِ ثَلَاثَةٌ وَخَمْسَةٌ وَسَبْعَةٌ وَتِسْعَةٌ فَيَلْزَمُهُ الْأَقَلُّ لِلتَّيَقُّنِ بِهِ قَالَ رحمه الله.

(عَلَيَّ وَقِبَلِي إقْرَارٌ بِالدَّيْنِ)؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ عَلَيَّ لِلْوُجُوبِ وَاشْتِقَاقُهَا مِنْ الْعُلُوِّ وَإِنَّمَا يَعْلُوهُ إذَا كَانَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ بِحَيْثُ لَا يَجِدُ بُدًّا مِنْ قَضَائِهِ لِيَخْرُجَ عَنْهُ، وَكَلِمَةُ قِبَلٍ تُنْبِئُ عَنْ الضَّمَانِ يُقَالُ قَبَلَ فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ أَيْ ضَمِنَ وَسُمِّيَ الْكَفِيلُ قَبِيلًا؛ لِأَنَّهُ ضَامِنٌ وَسُمِّيَ الصَّكُّ الَّذِي هُوَ حُجَّةُ الدَّيْنِ قَبَالَةً؛ لِأَنَّهُ يَحْفَظُهُ كَالضَّامِنِ، وَلَوْ قَالَ الْمُقِرُّ فِيهِمَا أَرَدْتُ بِهِ وَدِيعَةً وَوَصَلَ صُدِّقَ؛ لِأَنَّهُمَا يُنْبِئَانِ عَنْ الْوُجُوبِ، وَالْحِفْظُ وَاجِبٌ عَلَى الْمُودَعِ، وَالْمَالُ مَحَلُّهُ فَجَازَ ذِكْرُ الْمَحَلِّ وَإِرَادَةُ الْحَالِّ مَجَازًا وَلَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ فَلَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَيَجُوزُ تَفْسِيرُهُ بِهِ مُتَّصِلًا؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُهُ مَجَازًا وَلَا يَجُوزُ مُنْفَصِلًا؛ لِأَنَّهُ تَقَرَّرَ حُكْمُهُ بِالسُّكُوتِ فَلَا يَجُوزُ تَغْيِيرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ كَسَائِرِ الْمُغَيِّرَاتِ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ وَالشَّرْطِ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ مُخْتَصَرِ الْقُدُورِيِّ فِي قَوْلِهِ قِبَلِي أَنَّهُ إقْرَارٌ بِالْأَمَانَةِ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَتَنَاوَلُهُمَا يُقَالُ لَيْسَ لِي قِبَلَ فُلَانٍ دَيْنٌ وَلَيْسَ لِي قِبَلَ فُلَانٍ وَدِيعَةٌ، وَكَذَا إذَا قَالَ لَيْسَ لِي قِبَلَ فُلَانٍ حَقٌّ يَكُونُ إبْرَاءً عَنْ الدَّيْنِ وَالْأَمَانَةِ جَمِيعًا، وَهَذَا؛ لِأَنَّ حَقِيقَتَهَا عِبَارَةٌ عَنْ الْجِهَةِ فَيَتَنَاوَلُهُمَا، وَالْأَمَانَةُ أَدْنَاهُمَا فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْمَبْسُوطِ وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَهُ فِي الدُّيُونِ أَغْلَبُ قَالَ رحمه الله (عِنْدِي مَعِي فِي بَيْتِي فِي صُنْدُوقِي فِي كِيسِي أَمَانَةٌ)؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَوَاضِعَ مَحَلٌّ لِلْعَيْنِ لَا لِلدَّيْنِ إذْ الدَّيْنُ مَحَلُّهُ الذِّمَّةُ وَالْعَيْنُ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مَضْمُونَةً وَأَمَانَةً، وَالْأَمَانَةُ أَدْنَاهُمَا فَيُحْمَلُ عَلَيْهَا لِلتَّيَقُّنِ بِهِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ عِنْدَ لِلْقُرْبِ وَمَعَ لِلْقِرَانِ وَمَا عَدَاهُمَا لِمَكَانٍ مُعَيَّنٍ فَيَكُونُ مِنْ خَصَائِصِ الْعَيْنِ، وَلَا يَحْتَمِلُ الدَّيْنَ لِاسْتِحَالَةِ كَوْنِهِ فِي هَذِهِ الْأَمَاكِنِ فَإِذَا كَانَتْ مِنْ خَصَائِصِ الْعَيْنِ تَعَيَّنَتْ الْأَمَانَةُ لِمَا ذَكَرْنَا؛ وَلِأَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ تُسْتَعْمَلُ فِي الْأَمَانَاتِ، وَمُطْلَقُ الْكَلَامِ يُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ.

قَالَ رحمه الله (لَوْ قَالَ لِي عَلَيْكَ أَلْفٌ فَقَالَ: اتَّزِنْهُ أَوْ انْتَقِدْهُ أَوْ أَجِّلْنِي بِهِ أَوْ قَضَيْتُكَهُ أَوْ أَحَلْتُكَ بِهِ فَهُوَ إقْرَارٌ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ فَيَلْزَمُهُ النِّصْفُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ، وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ كَذَا كَذَا دِينَارًا وَدِرْهَمًا كَانَ عَلَيْهِ أَحَدَ عَشَرَ مِنْهُمَا جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِعَدَدَيْنِ مِنْ جِنْسَيْنِ فَوَجَبَا مِنْهُمَا جَمِيعًا، وَكَيْفَ يُقْسَمُ الْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ خَمْسَةً وَنِصْفَ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَخَمْسَةً وَنِصْفَ مِنْ الدَّنَانِيرِ إلَّا أَنَّا نَقُولُ لَوْ فَعَلْنَا ذَلِكَ أَدَّى إلَى الْكَسْرِ، وَلَيْسَ فِي لَفْظِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْكَسْرِ فَيُجْعَلُ سِتَّةً مِنْ الدَّرَاهِمِ وَخَمْسَةً مِنْ الدَّنَانِيرِ فَصَرَفْنَاهُ إلَيْهَا احْتِيَاطًا كَذَا ذَكَرَ عَلَاءُ الدِّينِ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الْكَافِي اهـ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الشَّارِحِ فَعَلَيْهِ أَحَدَ عَشَرَ مِنْهُمَا بِالسَّوِيَّةِ - وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ اهـ وَفِي فَتَاوَى قَاضِيخَانْ، وَلَوْ قَالَ كَذَا كَذَا دِينَارًا وَدِرْهَمًا لَزِمَهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ أَحَدَ عَشَرَ. اهـ. .

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ عَلَيَّ وَقِبَلِي إقْرَارٌ إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ أَمَّا قَوْلُهُ عَلَيَّ فَإِنَّمَا كَانَ إقْرَارًا بِالدَّيْنِ بِسَبِيلِ الِاقْتِضَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الدَّيْنَ صَرِيحًا؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ عَلَيَّ تُسْتَعْمَلُ فِي الْإِيجَابِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: 97] وَمَحَلُّ الْإِيجَابِ الذِّمَّةُ، وَالثَّابِتُ فِي الذِّمَّةِ الدَّيْنُ لَا الْعَيْنُ فَصَارَ مُقِرًّا بِالدَّيْنِ مُقْتَضَى قَوْلِهِ عَلَيَّ، وَالثَّابِتُ اقْتِضَاءً كَالثَّابِتِ نَصًّا، وَلَوْ نَصَّ فَقَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنٌ كَانَ مُقِرًّا بِالدَّيْنِ لَا بِالْعَيْنِ فَكَذَلِكَ هَذَا اهـ (قَوْلُهُ قَبَالَةً) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَتَقَبَّلْت الْعَمَلَ مِنْ صَاحِبِهِ إذَا الْتَزَمْته بِعَقْدٍ وَالْقَبَالَةُ بِالْفَتْحِ اسْمُ الْمَكْتُوبِ مِنْ ذَلِكَ لِمَا يَلْتَزِمُهُ الْإِنْسَانُ مِنْ عَمَلٍ وَدَيْنٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ كُلُّ مَنْ تَقَبَّلَ بِشَيْءٍ مُقَاطَعَةً وَكَتَبَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ كِتَابًا فَالْكِتَابُ الَّذِي يُكْتَبُ هُوَ الْقَبَالَةُ بِالْفَتْحِ وَالْعَمَلُ قِبَالَةً بِالْكَسْرِ؛ لِأَنَّهُ صِنَاعَةٌ اهـ (قَوْلُهُ وَإِرَادَةُ الْحَالِ) إلَى هُنَا آخِرُ الْخَرْمِ الَّذِي فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا فِي بَابِ دَعْوَى النَّسَبِ عِنْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ إلَخْ وَقَدْ نَبَّهْنَا عَلَيْهِ فِي هَذَا الْمُجَرَّدِ فِي مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَهُ فِي الدُّيُونِ أَغْلَبُ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ؛ وَلِأَنَّ قَوْلَهُ قِبَلِي، وَإِنْ كَانَ يُسْتَعْمَلُ فِي الْإِيجَابَاتِ وَالْأَمَانَاتِ؛ وَلِهَذَا يُقَالُ لِفُلَانٍ قِبَلِي وَدِيعَةٌ وَقِبَلِي أَمَانَةٌ غَلَبَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْإِيجَابَاتِ وَالْمُطْلَقُ مِنْ الْكَلَامِ يَنْصَرِفُ إلَى مَا هُوَ الْغَالِبُ فِي الِاسْتِعْمَالِ كَالدَّرَاهِمِ الْمُطْلَقَةِ تَنْصَرِفُ إلَى نَقْدِ الْبَلَدِ اهـ (فَرْعٌ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَاءُ الدِّينِ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الْكَافِي لِلْحَاكِمِ الشَّهِيدِ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ: وَإِنْ قَالَ لَهُ فِي مَالِي مِائَةُ دِرْهَمٍ أَوْ قَالَ فِي دَرَاهِمِي هَذِهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَهَذَا إقْرَارٌ بِالشَّرِكَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اخْتَلَطَ مَالُهُ بِمَالِهِ كَانَ شَرِيكًا لَهُ فِيهِ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ اتَّزِنْهُ أَوْ انْتَقِدْهُ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ فِي قَوْلِهِ اتَّزِنْ وَانْتَقِدْ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالْهَاءِ وَغَيْرِهِ وَبِهِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ حَقِيقَةُ الْتِزَامٍ وَقَدْ يُوجَدُ مِثْلُ ذَلِكَ مِمَّنْ يَسْتَهْزِئُ وَيُبَالِغُ فِي الْجُحُودِ فَلَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالشَّكِّ وَعَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ إذَا كَانَ بِحَرْفِ الْكِنَايَةِ يَكُونُ إقْرَارًا كَقَوْلِنَا وَقَالَ سَحْنُونٌ الْمَالِكِيُّ يَكُونُ إقْرَارًا فِي الْوَجْهَيْنِ إلَّا إذَا قَالَ اتَّزِنْ أَوْ اتَّزِنْهَا مَا أَبْعَدَك مِنْ ذَلِكَ اهـ كَاكِيٌّ

ص: 7

وَبِلَا كِنَايَةٍ لَا)؛ لِأَنَّ الْهَاءَ كِنَايَةٌ عَنْ الْمَذْكُورِ فِي الدَّعْوَى فِي جَمِيعِ ذَلِكَ فَصَارَ كَأَنَّهُ أَعَادَ الْمُدَّعَى فَيَكُونُ إقْرَارًا بِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَمِيرُ الْأَلْفِ؛ لِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَى انْصِرَافِهِ إلَى الْمَذْكُورِ فَيَكُونُ كَلَامًا مُبْتَدَأً فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَبِلَا كِنَايَةٍ لَا، وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الْجَوَابَ يَنْتَظِمُ إعَادَةَ الْخِطَابِ لِيُفِيدَ الْكَلَامُ فَكُلُّ مَا يَصْلُحُ جَوَابًا وَلَا يَصْلُحُ ابْتِدَاءً يُجْعَلُ جَوَابًا وَمَا يَصْلُحُ لِلِابْتِدَاءِ لَا لِلْبِنَاءِ أَوْ يَصْلُحُ لَهُمَا فَإِنَّهُ يُجْعَلُ ابْتِدَاءً لِوُقُوعِ الشَّكِّ فِي كَوْنِهِ جَوَابًا لِئَلَّا يَلْزَمَهُ الْمَالُ بِالشَّكِّ فَإِنَّ ذِكْرَ هَاءِ الْكِنَايَةِ يَصْلُحُ جَوَابًا لَا ابْتِدَاءً وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ الْهَاءَ لَا يَصْلُحُ جَوَابًا أَوْ يَصْلُحُ ابْتِدَاءً وَجَوَابًا فَلَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالشَّكِّ هَذَا إذَا كَانَ الْجَوَابُ مُسْتَقِلًّا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَقِلٍّ كَقَوْلِهِ نَعَمْ يَكُونُ إقْرَارًا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ جَوَابًا وَهُوَ صَالِحٌ لَهُ فَصَارَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخِطَابِ كَالْمُعَادِ فِيهِ، وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَبْرَأَهُ مِنْهَا أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِهَا أَوْ وَهَبَهُ إيَّاهَا كَانَ إقْرَارًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تَتْلُو الْوُجُوبَ فَيَكُونُ إقْرَارًا بِهَا، وَكَذَا دَعْوَى الْإِحَالَةِ بِهَا يَكُونُ إقْرَارًا، وَكَذَا لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَقْضِيكَهَا أَوْ لَا أَزِنُهَا لَك الْيَوْمَ؛ لِأَنَّهُ نَفَى الْقَضَاءَ وَالْوَزْنَ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ وُجُوبِ أَصْلِ الْمَالِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ أَصْلُ الْمَالِ وَاجِبًا عَلَيْهِ فَالْقَضَاءُ يَكُونُ مُنْتَفِيًا أَبَدًا، وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ: أَعْطِنِي ثَوْبَ عَبْدِي هَذَا فَقَالَ: نَعَمْ كَانَ إقْرَارًا مِنْهُ بِالْعَبْدِ وَالثَّوْبِ لَهُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ افْتَحْ بَابَ دَارِي هَذِهِ أَوْ جَصِّصْ دَارِي هَذِهِ أَوْ أَسْرِجْ دَابَّتِي هَذِهِ أَوْ أَعْطِنِي سَرْجَهَا أَوْ لِجَامَهَا فَقَالَ نَعَمْ كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ إقْرَارًا مِنْهُ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ كَلِمَةَ نَعَمْ لَا تَسْتَقِلُّ فَلَا بُدَّ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْجَوَابِ كَيْ لَا يَصِيرَ لَغْوًا، وَلَوْ قِيلَ لَهُ: هَلْ لِفُلَانٍ عَلَيْكَ كَذَا؟ فَأَوْمَأَ بِرَأْسِهِ بِنَعَمْ لَا يَكُونُ إقْرَارًا؛ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ مِنْ الْأَخْرَسِ قَائِمَةٌ مَقَامَ النُّطْقِ لَا مِنْ غَيْرِهِ ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي.

قَالَ رحمه الله (وَإِنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ وَادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ أَنَّهُ حَالٌّ لَزِمَهُ حَالًّا)؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِحَقٍّ عَلَى نَفْسِهِ وَادَّعَى حَقًّا عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ فَإِقْرَارُهُ حُجَّةٌ فِي حَقِّهِ وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ بِغَيْرِ حُجَّةٍ كَمَا إذَا أَقَرَّ بِعَبْدٍ فِي يَدِهِ لِرَجُلٍ وَأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِهِ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ إلَّا بِحُجَّةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّ بِالدَّرَاهِمِ السُّودِ فَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الْأَصْلِ وَكَذَّبَهُ فِي الصِّفَةِ حَيْثُ يَلْزَمُهُ السُّودُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُقَرِّ لَهُ فِيهِ؛ لِأَنَّ السُّودَ نَوْعٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ فِي النَّوْعِ، وَالْأَجَلُ عَارِضٌ لَا يَثْبُتُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ بَلْ بِالشَّرْطِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ فِي الْعَوَارِضِ وَبِخِلَافِ إقْرَارِ الْكَفِيلِ بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ حَيْثُ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي الْأَجَلِ دُونَ الْمُقَرِّ لَهُ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ فِي الْكَفَالَةِ نَوْعٌ حَيْثُ يَثْبُتُ فِيهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ بِأَنْ كَفَلَ دَيْنًا مُؤَجَّلًا

وَقَدْ ذَكَرْنَا الْمَسْأَلَةَ فِي الْكَفَالَةِ وَخِلَافَ أَبِي يُوسُفَ وَالشَّافِعِيِّ فِيهَا قَالَ رحمه الله (وَحَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى الْأَجَلِ)؛ لِأَنَّهُ الْمُنْكِرُ لِلْأَجَلِ قَالَ رحمه الله (عَلَيَّ مِائَةٌ وَدِرْهَمٌ فَهِيَ دَرَاهِمُ وَمِائَةٌ وَثَوْبٌ يُفَسِّرُ الْمِائَةَ) يَعْنِي يُرْجَعُ إلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ الْمِائَةِ (وَكَذَا مِائَةٌ وَثَوْبَانِ بِخِلَافِ مِائَةٍ وَثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ) حَيْثُ تَكُونُ الْأَثْوَابُ تَفْسِيرًا لِلْمِائَةِ أَيْضًا، وَالْقِيَاسُ أَنْ يُرْجَعَ فِي تَفْسِيرِ الْمِائَةِ إلَيْهِ فِي قَوْلِهِ مِائَةٌ وَدِرْهَمٌ كَمَا فِي قَوْلِهِ مِائَةٌ وَثَوْبٌ أَوْ مِائَةٌ وَثَوْبَانِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ رحمه الله؛ لِأَنَّهُ عَطَفَ مُفَسَّرًا عَلَى مُبْهَمٍ فِي الْفَصْلَيْنِ وَالْمَعْطُوفُ غَيْرُ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَلَمْ يُوضَعْ لِلْبَيَانِ فَبَقِيَتْ الْمِائَةُ عَلَى إبْهَامِهَا كَمَا فِي عَطْفِ الثَّوْبِ عَلَيْهَا، وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ عَطْفَ الْمَوْزُونِ وَالْمَكِيلِ عَلَى عَدَدٍ مُبْهَمٍ يَكُونُ بَيَانًا لِلْمُبْهَمِ عَادَةً؛ لِأَنَّ النَّاسَ اسْتَثْقَلُوا تَكْرَارَ التَّفْسِيرِ عِنْدَ كَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ، وَذَلِكَ فِيمَا يَجْرِي فِيهِ التَّعَامُلُ، وَهُوَ مَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ وَهُوَ الْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ وَاكْتَفَوْا بِذِكْرِهِ مَرَّةً لِكَثْرَةِ أَسْبَابِهِ وَدَوَرَانِهِ فِي الْكَلَامِ بِخِلَافِ الثِّيَابِ وَغَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ مِنْ الْمُقَدَّرَاتِ؛ لِأَنَّهَا لَا يَكْثُرُ التَّعَامُلُ بِهَا لِعَدَمِ ثُبُوتِهَا فِي الذِّمَّةِ فِي جَمِيعِ الْمُعَامَلَاتِ فَلَمْ يَسْتَثْقِلُوا ذِكْرَهَا لِقِلَّةِ دَوَرَانِهَا فِي الْكَلَامِ وَالِاكْتِفَاءِ بِالثَّانِي لِلْكَثْرَةِ، وَلَمْ تُوجَدْ فَبَقِيَ عَلَى الْقِيَاسِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ مِائَةٌ وَثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ حَيْثُ تَكُونُ الْأَثْوَابُ تَفْسِيرًا لِلْمِائَةِ أَيْضًا وَيَسْتَوِي فِيهِ الْمُقَدَّرَاتُ وَغَيْرُهَا؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ عَدَدَيْنِ مُبْهَمَيْنِ وَأَعْقَبَهُمَا تَفْسِيرًا فَيَنْصَرِفُ إلَيْهِمَا فَيَكُونُ بَيَانًا لَهُمَا، وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ عَادَتَهُمْ جَرَتْ بِذَلِكَ

أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ أَوْ أَعْطِنِي سَرْجَهَا إلَخْ)، وَلَوْ قَالَ لَا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ يَكُونُ إقْرَارًا أَيْضًا، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ كِتَابِ الْإِقْرَارِ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِذِكْرِ لَا أَمَّا لَوْ قَالَ لَا أُعْطِيكَ الْيَوْمَ أَوْ أَبَدًا فَهُوَ إقْرَارٌ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ بِالْكِنَايَةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا أُعْطِيَكَ سَرْجَ بَغْلِك الْيَوْمَ أَوْ أَبَدًا وَلَوْ صَرَّحَ بِهَذَا كَانَ إقْرَارًا فَكَذَا فِي الْكِنَايَةِ اهـ مِنْ خَطِّ قَارِئِ الْهِدَايَةِ

(قَوْلُهُ لَزِمَهُ حَالًا) أَمَّا لَوْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي التَّأْجِيلِ أَيْضًا لَكِنَّهُ ادَّعَى مُضِيَّ الْأَجَلِ وَأَنْكَرَهُ الْمُقِرُّ كَانَ الْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ حُلُولَ الدَّيْنِ وَاسْتِحْقَاقَهُ عَلَيْهِ. اهـ. شَرْحُ تَكْمِلَةٍ فِي الْبُيُوعِ (قَوْلُهُ حَيْثُ تَكُونُ الْأَثْوَابُ تَفْسِيرًا إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا قَالَ مِائَةٌ وَدِينَارٌ أَوْ قَالَ مِائَةٌ وَدِرْهَمٌ أَوْ مِائَةٌ وَقَفِيزُ حِنْطَةٍ أَوْ مِائَةٌ وَفَلْسٌ أَوْ مِائَةٌ وَمَنُّ زَعْفَرَانٍ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَلْزَمَهُ الْمَعْطُوفُ وَيُرْجَعَ فِي بَيَانِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ إلَى الْمُقِرِّ وَبِالْقِيَاسِ أَخَذَ الشَّافِعِيُّ وَلَكِنْ اسْتَحْسَنَ عُلَمَاؤُنَا فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْعَدَدِيِّ الْمُتَقَارِبَ وَجَعَلُوا الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِ الْمَعْطُوفِ كَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ فِي مَبْسُوطِهِ وَصَاحِبُ الْأَسْرَارِ، وَإِنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ وَثَوْبٌ أَوْ مِائَةٌ وَشَاةٌ أَوْ مِائَةٌ وَعَبْدٌ يَلْزَمُهُ الْمَعْطُوفُ وَالْمَرْجِعُ فِي بَيَانِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ إلَيْهِ بِالِاتِّفَاقِ وَلَوْ قَالَ مِائَةٌ وَثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ أَوْ قَالَ وَثَلَاثُ شِيَاهٍ أَوْ وَثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ يَكُونُ الْبَيَانُ فِي الْمَعْطُوفِ بَيَانًا فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ بِالِاتِّفَاقِ وَالْحُكْمُ فِي قَوْلِهِ مِائَةٌ وَثَوْبَانِ مِثْلُهُ فِي قَوْلِهِ مِائَةٌ وَثَوْبٌ، وَإِنْ قَالَ ثَوْبَانِ لَا رِوَايَةَ فِيهِ كَذَا فِي مُخْتَصَرِ الْأَسْرَارِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ رحمه الله (قَوْلُهُ لِعَدَمِ ثُبُوتِهَا فِي الذِّمَّةِ فِي جَمِيعِ الْمُعَامَلَاتِ) أَيْ فَإِنَّهَا لَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ إلَّا فِي السَّلَمِ وَالنِّكَاحِ وَذَا لَا يَكْثُرُ فَبَقِيَ عَلَى الْحَقِيقَةِ اهـ

ص: 8

يَقُولُونَ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ ثَوْبًا وَثَلَاثَةٌ وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا فَيَنْصَرِفُ التَّفْسِيرُ إلَيْهِمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْحَاجَةِ إلَيْهِ وَفِي النِّهَايَةِ رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي قَوْلِهِ مِائَةٌ وَثَوْبٌ أَنَّ الْكُلَّ مِنْ الثِّيَابِ، وَكَذَا فِي قَوْلِهِ مِائَةٌ وَشَاةٌ وَوَجْهُهُ أَنَّ الثِّيَابَ وَالْغَنَمَ تُقْسَمُ قِسْمَةً وَاحِدَةً بِخِلَافِ الْعَبِيدِ فَإِنَّهُمْ لَا يُقْسَمُونَ قِسْمَةً وَاحِدَةً وَمَا يُقْسَمُ قِسْمَةً وَاحِدَةً تَتَحَقَّقُ فِي أَعْدَادِهَا الْمُجَانَسَةُ فَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ الْمُفَسَّرُ مِنْهُ تَفْسِيرًا لِلْمُبْهَمِ، وَهَذَا لَيْسَ بِظَاهِرٍ فَإِنَّ عِنْدَهُمَا تُقْسَمُ الْعَبِيدُ كَالْغَنَمِ وَلَا يُقْسَمُونَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله، وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ نِصْفُ دِرْهَمٍ وَدِينَارٌ وَثَوْبٌ فَعَلَيْهِ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا

وَكَذَا لَوْ قَالَ نِصْفُ هَذَا الْعَبْدِ وَنِصْفُ هَذِهِ الْجَارِيَةِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ كُلَّهُ وَقَعَ عَلَى شَيْءٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ أَوْ بِعَيْنِهِ فَيَنْصَرِفُ النِّصْفُ إلَى الْكُلِّ كَأَنَّهُ قَالَ عَلَيَّ نِصْفُ هَذَا وَنِصْفُ هَذَا إلَخْ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بَعْضُهُ مُعَيَّنًا، وَبَعْضُهُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ بِأَنْ قَالَ: نِصْفُ هَذَا الدِّينَارِ وَدِرْهَمٌ حَيْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّينَارِ وَيَجِبُ الدِّرْهَمُ كُلُّهُ، وَلَوْ قَالَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَدَانِقٌ وَقِيرَاطٌ فَهُوَ مِنْ الْفِضَّةِ؛ لِأَنَّ الِاكْتِفَاءَ بِالتَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ شَائِعٌ عِنْدَهُمْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا} [الكهف: 25] يَعْنِي مِنْ السِّنِينَ

قَالَ رحمه الله (لَوْ أَقَرَّ بِتَمْرٍ فِي قَوْصَرَّةٍ لَزِمَاهُ) يَعْنِي التَّمْرَ وَالْقَوْصَرَّةَ وَفُسِّرَ فِي الْأَصْلِ بِقَوْلِهِ غَصَبْتُ تَمْرًا فِي قَوْصَرَّةٍ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِغَصْبِ تَمْرٍ حَالَ كَوْنِهِ مَظْرُوفًا، وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ بِدُونِ ظَرْفِهِ فَلَزِمَاهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ غَصَبْتُ تَمْرًا مِنْ قَوْصَرَّةٍ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ مِنْ لِلِانْتِزَاعِ فَيَكُونُ مُقِرًّا بِالْمَنْزُوعِ، وَعَلَى هَذَا الطَّعَامُ فِي الْجُوَالِقِ أَوْ فِي السَّفِينَةِ.

قَالَ رحمه الله (وَبِدَابَّةٍ فِي إصْطَبْلٍ لَزِمَتْهُ الدَّابَّةُ فَقَطْ)؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمَنْقُولِ لَا يُضْمَنُ بِالْغَصْبِ عِنْدَهُمَا وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ رحمه الله يَضْمَنُهُمَا وَعَلَى هَذَا - الطَّعَامُ فِي الْبَيْتِ، وَالْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ الظَّرْفَ إنْ أَمْكَنَ أَنْ يُجْعَلَ ظَرْفًا حَقِيقَةً يُنْظَرْ فَإِنْ أَمْكَنَ نَقْلُهُ لَزِمَاهُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ نَقْلُهُ لَزِمَهُ الْمَظْرُوفُ خَاصَّةً عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّ الْغَصْبَ الْمُوجِبَ لِلضَّمَانِ لَا يَتَحَقَّقُ فِي غَيْرِ الْمَنْقُولِ، وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَنْتَقِلْ الْمَظْرُوفُ لَا يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِغَصْبٍ تَامٍّ إذْ هُوَ مُطْلَقٌ فَيُحْمَلُ عَلَى الْكَمَالِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رحمه الله لَزِمَاهُ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ غَصْبَ الْمَنْقُولِ مُتَصَوَّرٌ عِنْدَهُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يُجْعَلَ ظَرْفًا حَقِيقَةً لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا الْأَوَّلُ كَقَوْلِهِ دِرْهَمٌ فِي دِرْهَمٍ وَلَمْ يَلْزَمْهُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا لَهُ قَالَ رحمه الله.

(وَبِخَاتَمٍ لَهُ الْحَلْقَةُ وَالْفَصُّ)؛ لِأَنَّ الِاسْمَ يَشْمَلُهُمَا قَالَ رحمه الله (وَبِسَيْفٍ لَهُ النَّصْلُ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ، وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ نِصْفُ دِرْهَمٍ إلَخْ) أَيْ، وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ كُرٌّ مِنْ حِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ وَسِمْسِمٍ كَانَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُنَّ الثُّلُثُ؛ لِأَنَّهُ فَسَّرَ الْكُلَّ الْوَاجِبَ بِهَذِهِ الْأَجْنَاسِ الثَّلَاثَةِ فَيَقْضِي الْإِبْهَامُ بِالسَّوِيَّةِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ لَوْ أَقَرَّ بِتَمْرٍ فِي قَوْصَرَّةٍ) الْقَوْصَرَّةُ وِعَاءُ التَّمْرِ مَنْسُوجٌ مِنْ قَصَبٍ قَالَ صَاحِبُ الْجَمْهَرَةِ أَمَّا الْقَوْصَرَّةُ فَأَحْسَبُهَا دَخِيلًا وَقَدْ رُوِيَ:

أَفْلَحَ مَنْ كَانَتْ لَهُ قَوْصَرَّهْ

يَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ يَوْمٍ مَرَّهْ

ثُمَّ قَالَ: وَلَا أَدْرِي صِحَّةَ هَذَا الْبَيْتِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ لَزِمَاهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ، وَالْإِقْرَارُ بِالْغَصْبِ إخْبَارٌ عَنْ نَقْلِهِ إذْ الْغَصْبُ نَقْلٌ وَنَقْلُ الْمَظْرُوفِ لَا يُتَصَوَّرُ حَالَ كَوْنِهِ مَظْرُوفًا إلَّا بِنَقْلِ الظَّرْفِ فَصَارَ إقْرَارًا بِغَصْبِهِمَا ضَرُورَةً كَذَا فِي كُتُبِ أَصْحَابِنَا وَفِيهِ نَوْعُ تَأَمُّلٍ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ مِنْ لِلِانْتِزَاعِ) أَيْ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ فَيَكُونُ إقْرَارًا بِأَنَّ مَبْدَأَ الْغَصْبِ مِنْ قَوْصَرَّةٍ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ فَيَكُونُ مُقِرًّا بِالْمَنْزُوعِ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَاءُ الدِّينِ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الْكَافِي، وَلَوْ قَالَ غَصَبْتُكَ كَذَا وَكَذَا أَوْ كَذَا مَعَ كَذَا أَوْ كَذَا بِكَذَا أَوْ كَذَا عَلَيْهِ كَذَا لَزِمَاهُ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ تَقْتَضِي إلْصَاقَ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ وَضَمَّهُ إلَيْهِ فَيَرِدُ عَلَيْهِمَا الْغَصْبُ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَلَوْ قَالَ كَذَا مِنْ كَذَا أَوْ كَذَا عَلَى كَذَا لَزِمَهُ الْأَوَّلُ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي الِانْفِصَالَ وَالتَّمْيِيزَ لَا الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا فِي حَقِّ وُرُودِ الْغَصْبِ عَلَيْهِمَا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ فِي الْمَبْسُوطِ الْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الثَّانِي ظَرْفًا لِلْأَوَّلِ وَوِعَاءً لَهُ لَزِمَاهُ، نَحْوُ: ثَوْبٌ فِي مِنْدِيلٍ، وَطَعَامٌ فِي سَفِينَةٍ وَحِنْطَةٌ فِي جَوَالِقَ وَتَمْرٌ فِي قَوْصَرَّةٍ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي مِمَّا لَا يَكُونُ وِعَاءً لِلْأَوَّلِ نَحْوُ غَصَبْتُكَ دِرْهَمًا فِي دِرْهَمٍ لَمْ يَلْزَمْهُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ صَالِحٍ لِلظَّرْفِيَّةِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا طَعَامٌ فِي الْجُوَالِقَ) كَمَا إذَا قَالَ غَصَبْتُ الطَّعَامَ فِي الْجُوَالِقِ. اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ فِي السَّفِينَةِ) حَيْثُ يَلْزَمُهُ الظَّرْفُ وَالْمَظْرُوفُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ وَقَالَ الْأَتْقَانِيّْ، وَلَوْ قَالَ غَصَبْتُك كَذَا فِي كَذَا وَالثَّانِي مِمَّا يَكُونُ وِعَاءً لِلْأَوَّلِ لَزِمَاهُ نَحْوُ ثَوْبٍ فِي مِنْدِيلٍ وَطَعَامٍ فِي سَفِينَةٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَظْرُوفُهُ فِي حَالِ وُرُودِ الْغَصْبِ عَلَيْهِ فَيَرِدُ عَلَى ظَرْفِهِ ضَرُورَةً. اهـ. .

(قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا الطَّعَامُ فِي الْبَيْتِ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَاءُ الدِّينِ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الْكَافِي: وَلَوْ قَالَ غَصَبْتُكَ مِائَةَ كُرٍّ حِنْطَةً فِي بَيْتٍ ضَمِنَ الطَّعَامَ وَالْبَيْتَ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهُ يَرَى الْغَصْبَ فِي الْبَيْتِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ لَا يَرَيَانِهِ فَيَضْمَنُ الطَّعَامَ لَا غَيْرُ وَلَوْ قَالَ: غَصَبْتُكَ الْبَيْتَ بِالطَّعَامِ وَلَمْ أُحَوِّلْهُ لَمْ يُصَدَّقْ وَأُخِذَ بِهِمَا جَمِيعًا فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْغَصْبِ فِي الْحِنْطَةِ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بِالنَّقْلِ فَإِذَا قَالَ لَمْ أُحَوِّلْ الطَّعَامَ فَقَدْ أَنْكَرَ بَعْدَمَا أَقَرَّ فَلَا يُصَدَّقُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَبِخَاتَمٍ لَهُ الْحَلْقَةُ وَالْفَصُّ) وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِدَارٍ أَوْ أَرْضٍ لِرَجُلٍ يَدْخُلُ الْبِنَاءُ وَالْأَشْجَارُ إذَا كَانَا فِيهِمَا حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْمُقِرُّ بَيِّنَةً بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْبِنَاءَ وَالْأَشْجَارَ لِي، وَكَذَا لَوْ قَالَ الْفَصُّ لِي لَمْ يُصَدَّقْ وَلَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ كَذَا نَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّ الْعَلَّامَةِ قَارِئِ الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ يَشْمَلُهُمَا)؛ وَلِهَذَا يَدْخُلُ الْفَصُّ فِي بَيْعِ الْخَاتَمِ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةٍ فَإِذَا تَنَاوَلَهُمَا الِاسْمُ لَزِمَاهُ جَمِيعًا بِالْإِقْرَارِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَبِسَيْفٍ لَهُ النَّصْلُ إلَخْ) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ، وَلَوْ قَالَ هَذَا الْخَاتَمُ لِي وَفَصُّهُ لَك هَذَا السَّيْفُ لِي وَحِلْيَتُهُ لَك هَذِهِ الْجُبَّةُ لِي وَبِطَانَتُهَا لَك وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ الْكُلُّ لِي فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ وَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي نَزْعِ الْمُقَرِّ بِهِ ضَرَرٌ يُؤْمَرُ الْمُقِرُّ بِالنَّزْعِ وَالدَّفْعِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ، وَإِنْ كَانَ فِي النَّزْعِ ضَرَرٌ فَوَاجِبٌ عَلَى الْمُقِرِّ أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَةَ مَا أَقَرَّ بِهِ اهـ

ص: 9

وَالْجَفْنُ وَالْحَمَائِلُ)؛ لِأَنَّ اسْمَ السَّيْفِ يَنْطَلِقُ عَلَى الْكُلِّ النَّصْلُ حَدِيدَتُهُ وَالْجَفْنُ غِمْدِهِ وَالْحَمَائِلُ غِمْدُهُ وَالْحَمَائِلُ جَمْعُ الْحِمَالَةِ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَهِيَ عَلَاقَتُهُ قَالَ رحمه الله (وَبِحَجْلَةٍ لَهُ الْعِيدَانُ وَالْكِسْوَةُ)؛ لِأَنَّ الِاسْمَ يُطْلَقُ عَلَى هَذِهِ الْجُمْلَةِ عَادَةً، وَهِيَ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الْبَابِ وَالْحَجْلَةُ بَيْتٌ مُزَيَّنٌ بِالثِّيَابِ وَالْأَسِرَّةِ وَالْعِيدَانُ جَمْعُ عُودٍ كَالدِّيدَانِ فِي جَمْعِ دُودٍ.

قَالَ رحمه الله (وَبِثَوْبٍ فِي مِنْدِيلٍ أَوْ فِي ثَوْبٍ لَزِمَاهُ)؛ لِأَنَّهُ ظَرْفٌ لَهُ وَهُوَ مُمْكِنٌ حَقِيقَةً فَيَدْخُلُ فِيهِ عَلَى مَا بَيَّنَّا بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ غَصَبْتُ إكَافًا عَلَى حِمَارٍ حَيْثُ يَلْزَمُهُ الْإِكَافُ خَاصَّةً دُونَ الْحِمَارِ؛ لِأَنَّ الْحِمَارَ مَذْكُورٌ لِبَيَانِ مَحَلِّ الْمَغْصُوبِ حِينَ أَخَذَهُ وَغَصْبُ الشَّيْءِ مِنْ مَحَلٍّ لَا يَكُونُ مُقْتَضِيًا غَصْبَ الْمَحَلِّ كَذَا ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْمَبْسُوطِ قَالَ رحمه الله (وَبِثَوْبٍ فِي عَشَرَةٍ لَهُ ثَوْبٌ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله وَقَالَ مُحَمَّدٌ رحمه الله عَلَيْهِ أَحَدَ عَشَرَ ثَوْبًا؛ لِأَنَّ النَّفِيسَ مِنْ الثِّيَابِ قَدْ يُلَفُّ فِي عَشَرَةٍ فَأَمْكَنَ جَعْلُهُ ظَرْفًا كَقَوْلِهِ حِنْطَةٌ فِي جَوَالِقَ أَوْ يُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ: عَشَرَةُ أَثْوَابٍ فِي ثَوْبٍ لِأَبِي يُوسُفَ رحمه الله وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله أَوَّلًا أَنَّ الْعَشَرَةَ لَا تَكُونُ ظَرْفًا لِثَوْبٍ وَاحِدٍ عَادَةً وَالْمُمْتَنِعُ عَادَةً كَالْمُمْتَنِعِ حَقِيقَةً إذْ التَّعْوِيلُ عَلَيْهَا؛ وَلِأَنَّ الثَّوْبَ إذَا لُفَّ فِي ثِيَابٍ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا مَظْرُوفًا فِي حَقِّ مَا وَرَاءَهُ فَلَا يَكُونُ ظَرْفًا إلَّا الثَّوْبُ الَّذِي هُوَ ظَاهِرٌ فَلَا يَتَحَقَّقُ أَنْ يَكُونَ الْكُلُّ ظَرْفًا لِوَاحِدٍ فَلَغَا آخِرُ كَلَامِهِ وَحَمْلُهُ عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ لَا يُمْكِنُ؛ لِأَنَّ فِيهِ احْتِيَالًا لِإِيجَابِ الْمَالِ مَعَ الِاحْتِمَالِ؛ لِأَنَّ " فِي " قَدْ تَكُونُ بِمَعْنَى الْبَيْنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} [الفجر: 29] أَيْ بَيْنَ عِبَادِي فَلَا يَجِبُ بِالشَّكِّ وَقَوْلُهُ النَّفِيسُ مِنْ الثِّيَابِ قَدْ يُلَفُّ فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ مَنْقُوضٌ بِمَا إذَا قَالَ غَصَبْت مِنْهُ كِرْبَاسًا فِي عَشَرَةِ أَثْوَابِ حَرِيرٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْكُلُّ عِنْدَهُ مَعَ أَنَّهُ مُمْتَنِعٌ عُرْفًا.

قَالَ رحمه الله (وَبِخَمْسَةٍ فِي خَمْسَةٍ وَعُنِيَ الضَّرْبُ خَمْسَةً) وَقَالَ زُفَرُ رحمه الله عَلَيْهِ عَشَرَةٌ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَلَيْهِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ لِعُرْفِ الْحِسَابِ؛ لِأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ بِهِ ارْتِفَاعَ أَحَدِ الْعَدَدَيْنِ بِقَدْرِ الْعَدَدِ الْآخَرِ وَلِزُفَرَ أَنَّ حَرْفَ " فِي " تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى مَعَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} [الفجر: 29] أَيْ مَعَهُمْ وَهُوَ الْفَاشِي بَيْنَ الْكَافَّةِ، وَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِ ارْتِفَاعُ أَحَدِ الْعَدَدَيْنِ بِقَدْرِ الْآخَرِ عِنْدَ الْخَوَاصِّ مِنْ النَّاسِ وَهُمْ الْحُسَّابُ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ فِي أَنْ تَكُونَ لِلظَّرْفِ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ تَكُونَ الدَّرَاهِمُ ظَرْفًا لِلدَّرَاهِمِ فَتَعَيَّنَ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ كَالدِّيدَانِ فِي جَمْعِ دُودٍ) قَالَ فِي الصِّحَاحِ الدُّودُ جَمْعُ دُودَةٍ وَجَمْعُ الدُّودِ دِيدَانٌ. اهـ. .

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَبِثَوْبٍ فِي مِنْدِيلٍ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو بَكْرٍ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ فِي مَبْسُوطِهِ، وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَ ثَوْبًا فِي مِنْدِيلٍ كَانَ مُقِرًّا بِالثَّوْبِ وَيُرْجَعُ فِي الْبَيَانِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ فِي لِلظُّرُوفِ يُقَالُ جَعَلْت الدُّرَّةَ فِي الْحِقَّةِ وَالْحِنْطَةَ فِي الْجُوَالِقِ وَقَدْ أَمْكَنَ الْعَمَلُ بِحَقِيقَتِهِ عَلَى تَوَافُقِ الْعَادَةِ الْجَارِيَةِ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ؛ لِأَنَّهُ فِي غَالِبِ الْعَادَةِ يُجْعَلُ الْمِنْدِيلُ ظَرْفًا لِلثَّوْبِ وَإِذَا أَمْكَنَ بِحَقِيقَتِهِ وَجَبَ اعْتِبَارُهُ فَإِذَا وَجَبَ اعْتِبَارُهُ فَهَذَا أَقَرَّ بِثَوْبٍ مَظْرُوفٍ فِي مِنْدِيلٍ وَلَا يُتَصَوَّرُ غَصْبُ ثَوْبٍ مَظْرُوفٍ فِي مِنْدِيلٍ إلَّا بِغَصْبِ الثَّوْبِ وَالْمِنْدِيلِ جَمِيعًا فَإِنَّهُ مَتَى غَصَبَ الثَّوْبَ دُونَ الْمِنْدِيلِ لَا يَكُونُ غَاصِبًا لِثَوْبٍ مَظْرُوفٍ فِي الْمِنْدِيلِ فَصَارَ مُقِرًّا بِغَصْبِ ثَوْبٍ وَمِنْدِيلٍ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ الثَّوْبَ وَالْمِنْدِيلَ فَيُرْجَعُ فِي الْبَيَانِ إلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: غَصَبْتُكَ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ فِي عَيْبَةٍ كَانَ مُقِرًّا بِغَصْبِ عَشَرَةِ أَثْوَابٍ وَعَيْبَةٍ فَيُرْجَعُ فِي الْبَيَانِ إلَيْهِ لِمَا ذَكَرْنَا فِي غَصْبِ الثَّوْبِ وَالْمِنْدِيلِ اهـ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ كَلِمَةُ فِي حَقِيقَتُهَا لِلظَّرْفِ وَقَدْ أَمْكَنَ الْعَمَلُ بِالْحَقِيقَةِ فَلَا يُصَارُ إلَى الْمَجَازِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ اهـ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ لَا تَكُونُ ظَرْفًا لِثَوْبٍ وَاحِدٍ عَادَةً) أَيْ فَتُتْرَكُ الْحَقِيقَةُ بِدَلَالَةِ الْعَادَةِ وَتُحْمَلُ كَلِمَةُ فِي عَلَى الْمَجَازِ وَيُجْعَلُ بِمَعْنَى الْبَيْنِ وَالْوَسَطِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} [الفجر: 29] فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ غَصَبْتُ ثَوْبًا مِنْ وَسَطِ عَشَرَةِ أَثْوَابٍ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا وَاحِدٌ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} [الفجر: 29] أَيْ بَيْنَ عِبَادِي) سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ عِنْدَ قَوْلِهِ فِي الْمَتْنِ وَبِخَمْسَةٍ فِي خَمْسَةٍ أَنَّ " فِي " فِي الْآيَةِ بِمَعْنَى مَعَ. اهـ. (قَوْلُهُ مَنْقُوضٌ) مِثْلُ هَذَا عَلَى عَادَةِ الْفُقَهَاءِ؛ لِأَنَّ النَّقْضَ حَقِيقَةً يَكُونُ بِتَخَلُّفِ الْحُكْمِ مَعَ وُجُودِ الْعِلَّةِ اهـ مِنْ خَطِّ الشَّارِحِ رحمه الله.

(قَوْلُهُ وَقَالَ زُفَرُ عَلَيْهِ عَشَرَةٌ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَقَالَ الْحَسَنُ يَلْزَمُهُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ أَرَادَ بِهِ الْحَسَنَ بْنَ زِيَادٍ صَاحِبَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَذْهَبُ زُفَرَ مِثْلُ قَوْلِ الْحَسَنِ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ اهـ وَقَالَ فِي الْمَجْمَعِ أَوْ بِخَمْسَةٍ فِي خَمْسَةٍ بِمَعْنَى مَعَ لَزِمَتْهُ عَشَرَةٌ، وَإِنْ أَرَادَ الْحِسَابَ أَلْزَمْنَاهُ بِخَمْسَةٍ لَا بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ اهـ وَهُوَ كَمَا تَرَى مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ زُفَرَ فَلَعَلَّ عَنْ زُفَرَ رِوَايَتَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ تَكُونَ الدَّرَاهِمُ ظَرْفًا لِلدَّرَاهِمِ) قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ عَلَاءُ الدِّينِ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الْكَافِي فِي بَابِ الْإِقْرَارِ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إذَا قَالَ لِفُلَانٍ: عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فِي عَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَعَلَيْهِ الْعَشَرَةُ الْأُولَى؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ " فِي " تُسْتَعْمَلُ لِلظَّرْفِ وَالْعَشَرَةُ لَا تَصْلُحُ ظَرْفًا لِعَشَرَةٍ أُخْرَى فَلَغَا قَوْلُهُ فِي عَشَرَةٍ وَبَقِيَ قَوْلُهُ لِفُلَانٍ عَلَيَّ عَشَرَةٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ فِي عَشَرَةِ دَنَانِيرَ إلَّا أَنْ يَقُولَ عَنَيْتُ هَذِهِ وَهَذِهِ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ فِي تُذْكَرُ وَيُرَادُ بِهَا مَعَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} [الفجر: 29] أَيْ مَعَ عِبَادِي وَلَكِنَّهَا خِلَافُ الظَّاهِرِ فَلَا يُنْصَرَفُ إلَيْهَا إلَّا بِالنِّيَّةِ، وَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ دِرْهَمٌ فِي قَفِيزِ حِنْطَةٍ لَزِمَهُ الدِّرْهَمُ وَالْقَفِيزُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْقَفِيزَ، وَإِنْ صَلَحَ ظَرْفًا لِلدِّرْهَمِ لَكِنَّهُ الْتِزَامُ الْمَظْرُوفِ دُونَ الظَّرْفِ فَلَا يَلْزَمُهُ الظَّرْفُ وَبَيَانُهُ مَا قَالَ خُوَاهَرْ زَادَهْ: إنَّهُ أَقَرَّ بِدِرْهَمٍ فِي الذِّمَّةِ وَمَا فِي الذِّمَّةِ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ مَظْرُوفًا فِي شَيْءٍ آخَرَ، وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ قَفِيزُ حِنْطَةٍ فِي دِرْهَمٍ لَزِمَهُ الْقَفِيزُ وَبَطَل الدِّرْهَمُ؛ لِأَنَّ الدِّرْهَمَ لَا يَصْلُحُ ظَرْفًا لَهُ

وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ فَرْقُ زَيْتٍ فِي عَشَرَةِ مَخَاتِيمِ حِنْطَةٍ لَزِمَهُ الزَّيْتُ، وَالْحِنْطَةُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ ظَرْفًا كَذَا فِي شَرْحِ الْكَافِي اهـ. أَتْقَانِيٌّ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ فِي شَرْحِ الْكَافِي فِي لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ

ص: 10

الْمَجَازُ الْمُتَعَارَفُ بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَ اللَّفْظَيْنِ اتِّصَالٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْجَمْعِ فَصَحَّتْ الِاسْتِعَارَةُ قُلْنَا: لَمَّا تَعَذَّرَتْ الْحَقِيقَةُ وَهِيَ الظَّرْفِيَّةُ لَغَا وَلَا يُصَارُ إلَى الْمَجَازِ؛ لِأَنَّ الْمَجَازَ مُتَعَارِضٌ؛ لِأَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الْوَاوِ لِاتِّصَالٍ بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْجَمْعِ وَبِمَعْنَى " مَعَ " عَلَى مَا بَيَّنَّا وَبِمَعْنَى " عَلَى " قَالَ اللَّهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ فِرْعَوْنَ {وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه: 71] أَيْ عَلَى جُذُوعِ النَّخْلِ وَإِذَا كَانَتْ بِمَعْنَى عَلَى لَا تَقْتَضِي وُجُوبَ الثَّانِي عَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ قَبْلُ وَلَيْسَ حَمْلُهَا عَلَى الْبَعْضِ أَوْلَى مِنْ الْبَعْضِ فَلَغَتْ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الظَّرْفِيَّةَ إذَا تَعَذَّرَتْ تَلْغُو فَصَارَ كَمَا إذَا قَالَ عَلَيَّ دِرْهَمٌ فِي دِرْهَمٍ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ عَلَيَّ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ فِي خَمْسَةِ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ لِلْإِلْغَاءِ فِيهِ هُوَ تَعَذُّرُ الظَّرْفِيَّةِ وَهُمَا فِيهِ سَوَاءٌ وَمَا ذَكَرَ الْحَسَنُ لَا يَسْتَقِيمُ فِي الْمَوْزُونِ وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْمَسْمُوحِ عَلَى أَنَّ الِارْتِفَاعَ الَّذِي ذَكَرَهُ يُرَادُ بِهِ تَكْثِيرُ الْأَجْزَاءِ لَا تَكْثِيرُ الْأَعْدَادِ صَحِيحَةً وَتَكْثِيرُ الْأَجْزَاءِ لَا يُوجِبُ تَكْثِيرَ الْعَدَدِ وَهُوَ الْمُتَعَارَفُ عِنْدَ الْحِسَابِ قَالَ رحمه الله (وَعَشَرَةٌ إنْ عَنَى مَعَ) أَيْ يَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ إنْ أَرَادَ بِهِ مَعْنَى مَعَ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ وَهُوَ حَرْفُ " فِي " يَحْتَمِلُهُ مَجَازًا عَلَى مَا بَيَّنَّا فَإِذَا نَوَى مُحْتَمَلَ كَلَامِهِ صَحَّتْ نِيَّتُهُ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ فِيهِ تَشْدِيدٌ عَلَى نَفْسِهِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ.

قَالَ رحمه الله (لَهُ عَلَيَّ مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ أَوْ مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ لَهُ تِسْعَةٌ)، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله وَقَالَا يَلْزَمُهُ الْعَشَرَةُ كُلُّهَا وَقَالَ زُفَرُ رحمه الله يَلْزَمُهُ ثَمَانِيَةٌ وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الدِّرْهَمَ الْأَوَّلَ وَالْآخَرَ حَدًّا وَالْحَدُّ لَا يَدْخُلُ فِي الْمَحْدُودِ فَلَا تَدْخُلُ الْغَايَتَانِ فَصَارَ كَمَا إذَا قَالَ لِفُلَانٍ مِنْ هَذَا الْحَائِطِ إلَى هَذَا الْحَائِطِ أَوْ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَائِطَيْنِ فَإِنَّ الْحَائِطَيْنِ لَا يَدْخُلَانِ فِي الْإِقْرَارِ فَكَذَا هَذَا وَلِأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ أَنَّ الْغَايَةَ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مَوْجُودَةً إذْ الْمَعْدُومُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ حَدًّا لِلْمَوْجُودِ وَوُجُودُهُ بِوُجُوبِهِ فَتَدْخُلُ الْغَايَتَانِ بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمَحْسُوسِ؛ لِأَنَّهُ مَوْجُودٌ فَيَصْلُحُ حَدًّا فَلَا يَدْخُلَانِ وَلَهُ أَنَّ الْغَايَةَ لَا تَدْخُلُ فِي الْمُغَيَّا؛ لِأَنَّ الْحَدَّ غَيْرُ الْمَحْدُودِ فَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ كَمَا قَالَ زُفَرُ لَكِنْ هُنَا لَا بُدَّ مِنْ إدْخَالِ الْغَايَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الدِّرْهَمَ الثَّانِي وَالثَّالِثَ لَا يَتَحَقَّقُ بِدُونِ الْأَوَّلِ إذْ لَا يُعْقَلُ ثَانٍ بِدُونِ الْأَوَّلِ فَدَخَلَتْ الْغَايَةُ الْأُولَى ضَرُورَةً وَلَا ضَرُورَةَ فِي إدْخَالِ الثَّانِيَةِ فَأَخَذْنَا فِيهَا بِالْقِيَاسِ فَلَا تَدْخُلُ؛ وَلِأَنَّ الْعَدَدَ يَقْتَضِي ابْتِدَاءً

فَإِذَا أَخْرَجْنَا الْأَوَّلَ مِنْ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءً صَارَ الثَّانِي هُوَ الِابْتِدَاءُ فَيَخْرُجُ هُوَ أَيْضًا مِنْ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءً كَالْأَوَّلِ، وَكَذَا الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ إلَى آخِرِهِ فَيُؤَدِّي إلَى خُرُوجِ الْكُلِّ مِنْ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا فَكَانَ بَاطِلًا، وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ لِفُلَانٍ كُرُّ حِنْطَةٍ إلَى كُرِّ شَعِيرٍ فَعَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله كُرُّ حِنْطَةٍ وَكُرُّ شَعِيرٍ إلَّا قَفِيزًا؛ لِأَنَّ الْقَفِيزَ الْآخَرَ مِنْ الشَّعِيرِ هُوَ الْغَايَةُ الثَّانِيَةُ وَعِنْدَهُمَا يَلْزَمُهُ الْكُرَّانِ، وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ إلَى عَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله يَلْزَمُهُ الدَّرَاهِمُ وَتِسْعَةُ دَنَانِيرَ وَعِنْدَهُمَا يَلْزَمُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَعَشَرَةُ دَنَانِيرَ ذَكَرَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي النِّهَايَةِ قَالَ رحمه الله (لَهُ مِنْ دَارَى مَا بَيْنَ هَذَا الْحَائِطِ إلَى هَذَا الْحَائِطِ لَهُ مَا بَيْنَهُمَا فَقَطْ) لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْغَايَةَ لَا تَدْخُلُ فِي الْمُغَيَّا

قَالَ رحمه الله (وَصَحَّ الْإِقْرَارُ بِالْحَمْلِ وَلِلْحَمْلِ إنْ بَيَّنَ سَبَبًا صَالِحًا

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

دِرْهَمٌ مَعَ دِرْهَمٍ أَوْ مَعَهُ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ مَعَ لِلْجَمْعِ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمَانِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ قَبْلَهُ دِرْهَمٌ أَوْ بَعْدَهُ دِرْهَمٌ؛ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ حَالَةِ الْوُجُوبِ فَقَدْ أَقَرَّ بِوُجُوبِ دِرْهَمٍ آخَرَ سَابِقًا عَلَيْهِ أَوْ مُتَأَخِّرًا عَنْهُ فَيُؤْخَذُ بِهِ، وَإِنْ قَالَ دِرْهَمٌ فَدِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ لَزِمَاهُ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي الْجَمْعَ وَالْمُقَارَنَةَ فِي الْوُجُوبِ، وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ فَرْقٌ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ حَيْثُ يَقَعُ ثِنْتَانِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ فَيُجْعَلُ الثَّانِي مُؤَكِّدًا لِلْأَوَّلِ وَالطَّلَاقُ إنْشَاءٌ وَالتَّأْكِيدُ لَا يَدْخُلُ فِي الْإِنْشَاءِ فَكَانَ الثَّانِي غَيْرَ الْأَوَّلِ فَاقْتَضَى وُقُوعَ طَلَاقٍ آخَرَ، وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ بِدِرْهَمٍ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ؛ لِأَنَّ الْبَاءَ لِلْبَدَلِيَّةِ يَعْنِي عَوَّضَهُ دِرْهَمٌ فَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّ الْوُجُوبَ كَانَ بِطَرِيقِ الْمُعَاوَضَةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ؛ لِأَنَّهُ وَصَفَ الْأَوَّلَ بِالْوُجُوبِ وَالثَّانِي بِكَوْنِهِ مَوْضِعًا لَهُ فَلَا يَتَّصِفُ الثَّانِي بِالْوُجُوبِ فَيَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ، وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ ثُمَّ دِرْهَمَانِ لَزِمَهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِوُجُوبِ الدِّرْهَمِ سَابِقًا عَلَى وُجُوبِ الدِّرْهَمَيْنِ فَيَلْزَمُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَهِيَ الظَّرْفِيَّةُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ لَا تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ ظَرْفًا اهـ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَعَشَرَةٌ إنْ عَنَى مَعَ) أَيْ بِلَا خِلَافٍ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ وَلَا فِي الْمَبْسُوطِ إذَا أَرَادَ بِفِي مَعْنَى عَلَى مَا حُكْمُهُ عِنْدَنَا وَلَكِنْ ذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ يَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ فِيهِ تَشْدِيدٌ عَلَى نَفْسِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ ذَاكَ يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ أَيْضًا اهـ مِنْ خَطِّ الشَّارِحِ.

(قَوْلُهُ فَلَا تَدْخُلُ الْغَايَتَانِ) وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَقَعُ ثِنْتَانِ وَعِنْدَهُمَا يَقَعُ الثَّلَاثُ وَعِنْدَ زُفَرَ يَقَعُ وَاحِدَةٌ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ لِفُلَانٍ كُرُّ حِنْطَةٍ إلَخْ) قَالَ الْقُدُورِيُّ فِي التَّقْرِيبِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِيمَنْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مَا بَيْنَ كُرِّ شَعِيرٍ إلَى كُرِّ حِنْطَةٍ لَزِمَهُ كُرُّ شَعِيرٍ وَكُرُّ حِنْطَةٍ إلَّا قَفِيزًا وَلَمْ يَجْعَلْ الْغَايَةَ جَمِيعَ الْكُرِّ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ لَا تَكُونُ أَكْثَرَ الشَّيْءِ وَلَا نِصْفَهُ وَالْكُرُّ عِبَارَةٌ عَنْ جُمْلَةٍ مِنْ الْقُفْزَانِ فَوَجَبَ أَنْ يَصِيرَ الِانْتِهَاءُ إلَى وَاحِدٍ مِنْهَا ثُمَّ قَالَ وَحُكِيَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِنْ دِرْهَمٍ إلَى دِينَارٍ لَمْ يَلْزَمْهُ الدِّينَارُ، وَهَذَا يُوجِبُ أَنَّ الْغَايَةَ أَكْثَرُ الشَّيْءِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلِلْحَمْلِ إنْ بَيَّنَ سَبَبًا صَالِحًا إلَخْ) كَمَا إذَا قَالَ لِمَا فِي بَطْنِ فُلَانَةَ عَلَيَّ مِنْ جِهَةِ وَصِيَّةٍ أَوْصَى بِهَا لَهُ فُلَانٌ بِعَيْنِهَا أَوْ مِيرَاثٍ وَرِثَهَا مِنْ أَبِيهِ أَوْ غَيْرِهِ فَاسْتَهْلَكَتْهَا عَلَيْهِ وَصَارَ ذَلِكَ دَيْنًا لِلْجَنِينِ عَلَيَّ أَوْ كَانَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَأَوْصَى بِهَا لِمَا فِي بَطْنِ فُلَانَةَ وَمَاتَ أَوْ كَانَ لِأَبِيهِ أَوْ قَرِيبٍ لَهُ آخَرَ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ

ص: 11

وَإِلَّا فَلَا) وَقَوْلُهُ إنْ بَيَّنَ سَبَبًا يَتَعَلَّقُ بِالْإِقْرَارِ لِلْحَمْلِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لِلْحَمْلِ هُوَ الَّذِي يُشْتَرَطُ فِيهِ بَيَانُ السَّبَبِ الصَّالِحِ؛ لِأَنَّهُ إنْ بَيَّنَ فِيهِ سَبَبًا صَالِحًا بِأَنْ قَالَ مَاتَ أَبُوهُ فَوَرِثَهُ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ فُلَانٌ يَجُوزُ وَإِلَّا فَلَا، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رحمه الله تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ السَّبَبَ وَأَمَّا الْإِقْرَارُ بِالْحَمْلِ فَجَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ السَّبَبَ لِمُحَمَّدٍ رحمه الله فِي الْخِلَافِيَّةِ أَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ مُوجِبَةٌ فَيَجِبُ إعْمَالُهُ مَا أَمْكَنَ، وَقَدْ أَمْكَنَ حَمْلُهُ عَلَى السَّبَبِ الصَّالِحِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنَّهُ وَرِثَهُ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ فَلَا يُصَارُ إلَى الْإِبْطَالِ مَعَ الْإِمْكَانِ فَصَارَ كَإِقْرَارِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ أَوْ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِإِمْكَانِ الْجَوَازِ

وَإِنْ احْتَمَلَ الْفَسَادَ بِأَنْ أَقَرَّ بِمَالٍ لَيْسَ مِنْ التِّجَارَةِ؛ وَلِهَذَا جَازَ إقْرَارُهُ بِالْحَمْلِ مَعَ احْتِمَالِ الْفَسَادِ وَلِأَبِي يُوسُفَ رحمه الله أَنَّ لِجَوَازِهِ طَرِيقَيْنِ الْإِرْثُ وَالْوَصِيَّةُ، وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فَيَبْطُلُ كَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفٍ ثُمَّ بَاعَهُ وَعَبْدًا آخَرَ مَعَهُ مِنْ الْبَائِعِ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ فِي الْعَبْدِ الْمُشْتَرَى، وَإِنْ أَمْكَنَ جَوَازُهُ بِأَنْ يُجْعَلَ الْأَلْفُ أَوْ أَكْثَرُ حِصَّةَ الْمُشْتَرِي وَالْبَاقِي حِصَّةُ الْآخَرِ بِخِلَافِ إقْرَارِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ؛ لِأَنَّ لِصِحَّتِهِ جِهَةً وَاحِدَةً وَهِيَ التِّجَارَةُ وَبِخِلَافِ الْإِقْرَارِ بِالْحَمْلِ؛ لِأَنَّ لِصِحَّتِهِ جِهَةً وَاحِدَةً وَهِيَ الْوَصِيَّةُ عَلَى مَا قَالُوا لِأَنَّ الْحَمْلَ وَحْدَهُ لَا يُمْلَكُ بِالْوَصِيَّةِ فَتَعَيَّنَتْ سَبَبًا؛ وَلِأَنَّ مُطْلَقَ الْإِقْرَارِ يَنْصَرِفُ إلَى الْإِقْرَارِ بِسَبَبِ التِّجَارَةِ؛ وَلِهَذَا يَجُوزُ إقْرَارُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ وَيَنْفُذُ إقْرَارُ أَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ عَلَى شَرِيكِهِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا جَازَ وَلَا نَفَذَ فَصَارَ كَمَا إذَا صَرَّحَ بِهِ وَلَا يُتَصَوَّرُ الْبَيْعُ مِنْ الْجَنِينِ وَلَا يَلِي عَلَيْهِ أَحَدٌ فَيَبْطُلُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ لِلْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَ صُوَرٍ إمَّا أَنْ يُبْهِمَ الْإِقْرَارَ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ وَإِمَّا أَنْ يُبَيِّنَ سَبَبًا صَالِحًا فَيَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ وَإِمَّا أَنْ يُبَيِّنَ سَبَبًا غَيْرَ صَالِحٍ فَلَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ

وَلَا يُقَالُ ظَاهِرُ إقْرَارِهِ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ فَكَيْفَ يَقْدِرُ عَلَى إبْطَالِهِ بِبَيَانِ سَبَبٍ غَيْرِ صَالِحٍ وَالْإِبْطَالُ رُجُوعٌ عَنْ الْإِقْرَارِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ الرُّجُوعَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَ بِرُجُوعٍ وَإِنَّمَا هُوَ بَيَانُ سَبَبٍ مُحْتَمَلٍ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَوْلِيَائِهِ بَائِعُهُ عَنْهُ فَيَحْسَبُ أَنَّ ذَلِكَ صَحِيحٌ فَيُقِرُّ بِهِ وَيُضِيفُهُ إلَى الْجَنِينِ أَيْضًا مَجَازًا كَمَا يُقَالُ بَنَى فُلَانٌ دَارًا، وَإِنْ كَانَ الْبَانِي غَيْرَهُ وَهُمْ الْأُجَرَاءُ ثُمَّ إذَا صَحَّ الْإِقْرَارُ لِلْحَمْلِ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا جَاءَتْ بِهِ فِي مُدَّةٍ يُعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْإِقْرَارِ أَوْ يُحْتَمَلُ، وَذَلِكَ بِأَنْ تَضَعَهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إذَا كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ أَوْ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْفِرَاقِ إذَا كَانَتْ مُعْتَدَّةً ثُمَّ إنْ وَلَدَتْهُ حَيًّا كَانَ لَهُ مَا أَقَرَّ بِهِ، وَإِنْ وَلَدَتْهُ مَيِّتًا يُرَدُّ إلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي أَوْ وَرَثَةِ أَبِيهِ، وَإِنْ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ فَإِنْ كَانَا ذَكَرَيْنِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا ذَكَرًا وَالْآخَرُ أُنْثَى فَكَذَلِكَ فِي الْوَصِيَّةِ وَفِي الْإِرْثِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْحَمْلِ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ أُبْهِمْ وَلَمْ يُبَيَّنْ السَّبَبُ

وَذَكَرْنَا الْفَرْقَ لِأَبِي يُوسُفَ رحمه الله بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِقْرَارِ لَهُ ثُمَّ إنْ كَانَ الْمُقِرُّ بِهِ حَمَلَ جَارِيَةً فَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ الْمُقَرُّ لَهُ إذَا عَلِمَ وُجُودَهُ وَقْتَ الْإِقْرَارِ أَوْ احْتَمَلَ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي بَيَّنَّا، وَإِنْ كَانَ حَمَلَ بَهَائِمَ يُقَدَّرْ بِأَدْنَى مُدَّةٍ يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ الْخِبْرَةِ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُمْ.

قَالَ رحمه الله (وَإِنْ أَقَرَّ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَزِمَهُ الْمَالُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ فَيَجِبُ إعْمَالُهُ مَا أَمْكَنَ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي كَلَامِ الْعَاقِلِ أَنْ يُصَحَّحَ مَهْمَا أَمْكَنَ وَقَدْ أَمْكَنَ بِالْحَمْلِ عَلَى أَنَّهُ اسْتَهْلَكَ مَالَ الْجَنِينِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَإِمَّا أَنْ يُبَيِّنَ سَبَبًا غَيْرَ صَالِحٍ فَلَا يَجُوزُ) أَيْ إقْرَارُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِأَنْ قَالَ لِمَا فِي بَطْنِ فُلَانَةَ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ بِالْبَيْعِ أَوْ الْإِجَارَةِ أَوْ الِاقْتِرَاضِ فَإِنَّ الْإِقْرَارَ لَمْ يُضَفْ إلَى مَحَلِّهِ فَإِنَّ الْجَنِينَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ أَنْ يَسْتَحِقَّ دَيْنًا بِالتِّجَارَةِ عَلَى أَحَدٍ؛ لِأَنَّ الْجَنِينَ لَا يَتَّجِرُ وَلَا يُتَّجَرُ لَهُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْجَنِينُ أَهْلًا لِاسْتِحْقَاقِ الدَّيْنِ بِالسَّبَبِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ كَانَ مَا أَقَرَّ بِهِ لِلْجَنِينِ بِسَبَبِ التِّجَارَةِ كَذِبًا بِيَقِينٍ وَالْكَذِبُ بِيَقِينٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ فَيَكُونُ وُجُودُهُ بِمَنْزِلَةِ عَدَمِهِ فَكَانَ كَمَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ قَطَعَ يَدَ فُلَانٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأٍ أَوْ يَدَ فُلَانٍ صَحِيحَةً لَا يَلْزَمُهُ بِهَذَا الْإِقْرَارِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ كَذِبٌ بِيَقِينٍ فَكَذَلِكَ هَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ لِرَضِيعٍ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِالْبَيْعِ أَوْ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ الرَّضِيعَ مِنْ أَهْلِ أَنْ يَسْتَحِقَّ الدَّيْنَ لِهَذَا السَّبَبِ بِتِجَارَةِ وَلِيِّهِ؛ لِأَنَّهُ يَتَّجِرُ لَهُ إنْ كَانَ لَا يَتَّجِرُ هُوَ بِنَفْسِهِ بِخِلَافِ الْجَنِينِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ رحمه الله (قَوْلُهُ أَوْ وَرَثَةُ أَبِيهِ) أَيْ فِيمَا إذَا قَالَ مَاتَ أَبُوهُ فَوَرِثَهُ اهـ. (قَوْلُهُ، وَإِنْ أُبْهِمَ وَلَمْ يُبَيَّنْ السَّبَبُ) أَيْ؛ لِأَنَّ لَهُ وَجْهًا صَحِيحًا بِأَنْ أَوْصَى رَجُلٌ بِالْحَمْلِ لِآخَرَ وَمَاتَ فَأَقَرَّ وَارِثُهُ بِأَنَّ هَذَا الْحَمْلَ لِفُلَانٍ وَلَا وَجْهَ لِتَصْحِيحِهِ غَيْرَهُ فَتَعَيَّنَ طَرِيقُ التَّصْحِيحِ فَيَصِحُّ. اهـ. .

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ لَزِمَهُ الْمَالُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْإِقْرَارِ هُوَ الْفَسْخُ فَلَمَّا لَمْ يَحْتَمِلْ الْإِقْرَارُ الْفَسْخَ لَمْ يَجُزْ شَرْطُ الْخِيَارِ وَلَزِمَهُ الْمَالُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ فَسْخِ الْإِقْرَارِ فَسْخُ الْمُقَرِّ بِهِ وَالْمُقَرُّ بِهِ لَا يَنْفَسِخُ بِفَسْخِ الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ وُجُوبُ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَوُجُوبُهُ مَا كَانَ بِالْإِقْرَارِ حَتَّى يَنْفَسِخَ بِفَسْخِ الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ عَمَّا كَانَ، وَلَيْسَ بِإِيجَابٍ مُبْتَدَأً وَإِذَا لَمْ يَنْفَسِخْ الْمَقْصُودُ مِنْ فَسْخِ الْإِقْرَارِ بِفَسْخِهِ لَمْ يَكُنْ الْإِقْرَارُ مُحْتَمِلًا لِلْفَسْخِ كَمَا فِي بَابِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ لَمَّا لَمْ يُمْكِنْ فَسْخُ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْإِعْتَاقِ وَالطَّلَاقِ وَهُوَ مَا سَقَطَ بِهِمَا لَمْ يَكُونَا مُحْتَمِلَيْنِ لِلْفَسْخِ فَكَذَلِكَ هَذَا وَأَوْرَدَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ فِي مَبْسُوطِهِ فِي هَذَا الْمَقَامِ سُؤَالًا وَجَوَابًا فَقَالَ فَإِنْ قِيلَ الْإِقْرَارُ مِمَّا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ بَعْدَ وُقُوعِهِ فَإِنَّهُ يَنْفَسِخُ بِرَدِّ الْمُقَرِّ لَهُ فَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الرَّدَّ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ لَيْسَ بِفَسْخٍ لِلْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ رَفْعُ الشَّيْءِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَتَكْذِيبُ الْمُقَرِّ لَهُ الْمُقِرَّ فِي إقْرَارِهِ لَيْسَ بِرَفْعِ الْإِقْرَارِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ فِي حَقِّهِ بَلْ بَيَانٌ أَنَّهُ غَيْرُ ثَابِتٍ فِي حَقِّهِ أَصْلًا؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ فَإِذَا كَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ ثَبَتَ الْكَذِبُ فِي حَقِّهِ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهِ وَإِذَا صَحَّ التَّكْذِيبُ فِي حَقِّهِ ظَهَرَ أَنَّ الْإِقْرَارَ لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا مِنْ الْأَصْلِ لَا أَنَّهُ انْفَسَخَ فِي حَقِّهِ بَعْدَ وُقُوعِهِ اهـ

ص: 12