المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل أسلم رجل على يد رجل ووالاه على أن يرثه] - تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي - جـ ٥

[الفخر الزيلعي]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الْإِقْرَارِ)

- ‌(بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ)

- ‌(بَابُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ)

- ‌(كِتَابُ الصُّلْحِ)

- ‌[فَصْلٌ الصُّلْحُ جَائِزٌ عَنْ دَعْوَى الْمَالِ]

- ‌(بَابُ الصُّلْحِ فِي الدَّيْنِ)

- ‌[فَصْلٌ دَيْنٌ بَيْنَهُمَا صَالَحَ أَحَدُهُمَا عَنْ نَصِيبِهِ عَلَى ثَوْبٍ لِشَرِيكِهِ]

- ‌(كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ)

- ‌(بَابُ الْمُضَارِبِ يُضَارِبُ)

- ‌[فَصْلٌ مَا يَفْعَلُهُ الْمُضَارِبُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ]

- ‌(كِتَابُ الْوَدِيعَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْعَارِيَّةِ)

- ‌(كِتَابُ الْهِبَةِ)

- ‌(بَابُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ)

- ‌[فَصْلٌ وَهَبَ أَمَةً إلَّا حَمْلَهَا]

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌(بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَمَا يَكُونُ خِلَافًا فِيهَا)

- ‌[بَابُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌(بَابُ ضَمَانِ الْأَجِيرِ)

- ‌(بَابُ فَسْخِ الْإِجَارَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْمُكَاتَبِ)

- ‌[بَابُ مَا يَجُوزُ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَفْعَلَهُ]

- ‌[ فَصْلٌ وَلَدَتْ مُكَاتَبَةٌ مِنْ سَيِّدِهَا]

- ‌[بَابُ كِتَابَةِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ]

- ‌{بَابٌ مَوْتُ الْمُكَاتَبِ وَعَجْزُهُ وَمَوْتُ الْمَوْلَى}

- ‌[كِتَابُ الْوَلَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ أَسْلَمَ رَجُلٌ عَلَى يَدِ رَجُلٍ وَوَالَاهُ عَلَى أَنْ يَرِثَهُ]

- ‌[كِتَابُ الْإِكْرَاهِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجْرِ]

- ‌[ فَصْلٌ حُرْمَةُ طَرَفِ الْإِنْسَانِ]

- ‌[إقْرَار الصَّبِيّ وَالْمَجْنُون فِي الْحَجَر]

- ‌[فَصْلٌ بُلُوغُ الْغُلَامِ بِالِاحْتِلَامِ وَالْإِحْبَالِ وَالْإِنْزَالِ]

- ‌[كِتَابُ الْمَأْذُونِ]

- ‌(فَصْلٌ) غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ لَا يَتَوَلَّى طَرَفَيْ عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ الْمَالِيَّةِ

- ‌(كِتَابُ الْغَصْبِ)

- ‌[ فَصْلٌ غَيَّبَ الْمَغْصُوبَ]

- ‌(كِتَابُ الشُّفْعَةِ)

- ‌(بَابُ طَلَبِ الشُّفْعَةِ)

- ‌(بَابُ مَا تَجِبُ فِيهِ الشُّفْعَةُ وَمَا لَا تَجِبُ)

- ‌(بَابُ مَا تَبْطُلُ بِهِ الشُّفْعَةُ)

- ‌(كِتَابُ الْقِسْمَةِ)

- ‌[مَا تَشْتَمِل عَلَيْهِ الْقِسْمَة]

- ‌[الْإِجْبَار عَلَى الْقِسْمَة]

- ‌(كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ)

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْمُزَارَعَة]

- ‌[مَاتَ الْمَزَارِع قَبْل الزَّرْع]

- ‌(كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ)

- ‌[مَا تَصِحّ فِيهِ الْمُسَاقَاة]

- ‌[كِتَابُ الذَّبَائِحِ]

- ‌[تفسخ الْمُسَاقَاة بِالْعُذْرِ]

- ‌[التَّسْمِيَة عِنْد الذَّبْح]

- ‌[ مَوْضِع الذَّبْح]

- ‌[حَدّ الشَّفْرَة قَبْل الذَّبْح]

- ‌ النَّخْعُ وَقَطْعُ الرَّأْسِ وَالذَّبْحُ مِنْ الْقَفَا)

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَمَا لَا يَحِلُّ]

- ‌[أَكُلّ الْأَرْنَب]

- ‌ذَبْحُ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ يُطَهِّرُ لَحْمَهُ

- ‌[مَا يَحِلّ مِنْ حَيَوَان الْمَاء]

- ‌[مَا يَحِلّ بِلَا ذكاة]

الفصل: ‌[فصل أسلم رجل على يد رجل ووالاه على أن يرثه]

«وَلَمْ يَدَعْ وَارِثًا» وَارِثٌ هُوَ عَصَبَةٌ، وَلَفْظَةُ الْعَصَبَةِ فِي قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «كُنْت أَنْتَ عَصَبَتَهُ» تَدُلُّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعَصَبَةَ هُوَ الَّذِي يَأْخُذُ مَا أَبْقَتْهُ الْفَرَائِضُ وَعِنْدَ الِانْفِرَادِ يَجُوزُ جَمِيعُ الْمَالِ، وَوَلَاءُ الْعَتَاقَةِ تَعْصِيبٌ وَهُوَ لَا يَرِثُ مَعَ الْعَصَبَةِ النِّسْبِيَّةِ فَكَانَ مُؤَخَّرًا فَلَا يَرِدُ عَلَيْنَا مَا ذُكِرَ مِنْ الْإِيرَادِ مِنْ حَيْثُ الْمُزَاحِمَةُ لِلْوَارِثِ عَلَى أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ التَّشْبِيهَ يُوجِبُ التَّأْخِيرَ أَوْ التَّقْدِيمَ بَلْ يُثْبِتُ الْمُمَاثَلَةَ بَيْنَهُمَا لَيْسَ إلَّا فَكَانَ الْأَقْرَبُ أَنْ يُشَارِكَهُ فِي الْإِرْثِ؛ لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ تُوجِبُهُ وَإِلَّا فَلَيْسَ بِمِثْلٍ لَهُ لَكِنْ أَخَّرْنَاهُ عَنْ الْعَصَبَةِ النِّسْبِيَّةِ عَمَلًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأنفال: 75] فَجَعَلْنَاهُ مِثْلَهُ عِنْدَ عَدَمِهِ فَيَتَقَدَّمُ عَلَى مَنْ تُقَدَّمُ عَلَيْهِ الْعَصَبَةُ وَيَتَأَخَّرُ عَمَّنْ تَتَأَخَّرُ عَنْهُ الْعَصَبَةُ.

قَالَ رحمه الله (فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى ثُمَّ الْمُعْتِقُ فَمِيرَاثُهُ لِأَقْرَبِ عَصَبَةِ الْمَوْلَى وَلَيْسَ لِلنِّسَاءِ مِنْ الْوَلَاءِ إلَّا مَا أَعْتَقْنَ أَوْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقْنَ أَوْ كَاتَبْنَ أَوْ كَاتَبَ مَنْ كَاتَبْنَ) لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «لَيْسَ لِلنِّسَاءِ مِنْ الْوَلَاءِ شَيْءٌ إلَّا مَا أَعْتَقْنَ أَوْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقْنَ أَوْ كَاتَبْنَ أَوْ كَاتَبَ مَنْ كَاتَبْنَ أَوْ دَبَّرْنَ أَوْ دَبَّرَ مَنْ دَبَّرْنَ أَوْ جَرَّ وَلَاءَ مُعْتِقِهِنَّ أَوْ مُعْتِقِ مُعْتَقِهِنَّ» وَلِأَنَّ ثُبُوتَ صِفَةُ الْمَالِكِيَّةِ وَالْقُوَّةُ لِلْمُعْتِقِ حَصَلَ مِنْ جِهَتِهَا فَكَانَتْ مُحْيِيَةً لَهُ فَيُنْسَبُ الْمُعْتَقُ بِالْوَلَاءِ إلَيْهَا وَيُنْسَبُ إلَيْهَا مَنْ يُنْسَبُ إلَى مَوْلَاهَا الَّذِي أَعْتَقَتْهُ وَيُنْسَبُ إلَيْهَا مَنْ يُنْسَبُ إلَى مُعْتَقِ مُعْتَقِهَا إلَى مَا لَا يَتَنَاهَى بِخِلَافِ النَّسَبِ حَيْثُ لَا يُنْسَبُ إلَيْهَا الْأَوْلَادُ وَإِنَّمَا تُنْسَبُ إلَى الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ وَصَاحِبُ الْفِرَاشِ، وَالْمَرْأَةُ مَمْلُوكَةٌ نِكَاحًا فَلَا تَكُونُ مَالِكَةً وَالنَّسَبُ فِي النِّكَاحِ بِالْفِرَاشِ وَالْمِلْكِ وَهِيَ لَا تُسَاوِي الرَّجُلَ فِيهِ وَفِي وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ لَيْسَ لَنَا إلَّا النِّسْبَةَ بِسَبَبِ إثْبَاتِ الْقُوَّةِ الْحُكْمِيَّةِ لِلْمُعْتِقِ وَهِيَ تُسَاوِي الرَّجُلَ فِيهِ لِمَا أَنَّهَا تُسَاوِيهِ فِي مِلْكِ الْمَالِ فَيُنْسَبُ إلَيْهَا كَمَا يُنْسَبُ إلَى الرَّجُلِ وَلِهَذَا جُعِلَتْ عَصَبَةً فِيهِ كَالرَّجُلِ.

ثُمَّ أَثْبَتَ هُنَا الْوَلَاءَ لِلنِّسَاءِ فِيمَا أَعْتَقْنَ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْمَنْقُولِ وَالْمَعْقُولِ وَنَفَاهُ عَنْهُنَّ فِيمَنْ أَعْتَقَهُ غَيْرُهُنَّ حَتَّى لَا يَرِثْنَ الْوَلَاءَ مِمَّنْ أَعْتَقَهُ مُوَرِّثُهُنَّ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَا يَجْرِي فِيهِ الْإِرْثُ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لِلْعَصَبَةِ بِطَرِيقِ الْخِلَافَةِ وَالْخِلَافَةُ إنَّمَا تَتَحَقَّقُ فِيمَنْ تَتَحَقَّقُ مِنْهُ النُّصْرَةُ وَالنُّصْرَةُ تَتَحَقَّقُ مِنْ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ أَلَا تَرَى أَنَّ النِّسَاءَ لَا يَدْخُلْنَ فِي الْعَاقِلَةِ لِيَتَحَمَّلْنَ الدِّيَةَ كَمَا يَتَحَمَّلُ الرِّجَالُ لِعَدَمِ النُّصْرَةِ مِنْهُنَّ فَإِذَا كَانَ ثُبُوتُهُ بِطَرِيقِ الْخِلَافَةِ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْ عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ فَيَقُومُ مَقَامَهُ كَالْإِرْثِ حَتَّى لَوْ تَرَكَ أَبَا مَوْلَاهُ وَابْنَ مَوْلَاهُ كَانَ الْوَلَاءُ لِلِابْنِ، وَلَوْ تَرَكَ جَدَّ مَوْلَاهُ وَأَخَا مَوْلَاهُ كَانَ الْوَلَاءُ لِلْجَدِّ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ فِي الْعُصُوبَةِ، وَفِي الْأَوَّلِ خِلَافُ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله فَإِنَّهُ يُعْطِي لِلْأَبِ السُّدُسَ وَالْبَاقِي لِلِابْنِ وَفِي الثَّانِي خِلَافُ مَنْ يَرَى تَوْرِيثَ الْإِخْوَةِ مَعَ الْجَدِّ وَالْمَسْأَلَةُ مَعْرُوفَةٌ، وَكَذَا الْوَلَاءُ لِابْنِ الْمُعْتَقَةِ دُونَ أَخِيهَا وَعَقْلُ جِنَايَتِهَا عَلَى أَخِيهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَوْمِ أَبِيهَا وَجِنَايَةُ مُعْتَقِهَا كَجِنَايَتِهَا فَتَكُونُ عَلَيْهِمْ وَرُوِيَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ رضي الله عنهما اخْتَصَمَا إلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه فِي مُعْتَقِ صَفِيَّةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ حِينَ مَاتَ فَقَالَ عَلِيٌّ: هُوَ مَوْلَى عَمَّتِي فَأَنَا أَحَقُّ بِإِرْثِهِ؛ لِأَنِّي أَعْقِلُ عَنْهَا وَعَنْهُ وَقَالَ الزُّبَيْرُ: هُوَ مَوْلَى أُمِّي فَأَنَا أَرِثُهَا فَكَذَا أَرِثُ مُعْتِقَهَا فَقَضَى عُثْمَانُ رضي الله عنه بِالْوَلَاءِ لِلزُّبَيْرِ وَبِالْعَقْلِ عَلَى عَلِيٍّ رضي الله عنه.

وَلَوْ تَرَكَ الْمُعْتَقُ ابْنَ مَوْلَاهُ وَابْنَ ابْنِ مَوْلَاهُ كَانَ الْوَلَاءُ لِلِابْنِ دُونَ ابْنِ الِابْنِ لِمَا رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ عُمَرُ وَعَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّهُمْ قَالُوا: الْوَلَاءُ لِلْكِبَرِ أَيْ لِأَكْبَرِ أَوْلَادِ الْمُعْتِقِ وَالْمُرَادُ أَقْرَبُهُمْ نَسَبًا لَا أَكْبَرُهُمْ سِنًّا وَلَوْ مَاتَ الْمُعْتَقُ وَلَمْ يَتْرُكْ إلَّا ابْنَةَ الْمُعْتِقِ فَلَا شَيْءَ لِبِنْتِ الْمُعْتِقِ فِي ظَاهِرِ رِوَايَةِ أَصْحَابِنَا وَيُوضَعُ مَالُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا كَانُوا يُفْتُونَ بِدَفْعِ الْمَالِ إلَيْهَا لَا بِطَرِيقِ الْإِرْثِ بَلْ؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ النَّاسِ إلَى الْمَيِّتِ فَكَانَتْ أَوْلَى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ ذَكَرًا كَانَتْ تَسْتَحِقُّهُ وَلَيْسَ فِي زَمَانِنَا بَيْتُ مَالٍ وَلَوْ دَفَعَ إلَى السُّلْطَانِ أَوْ إلَى الْقَاضِي لَا يَصْرِفُهُ إلَى الْمُسْتَحِقِّ ظَاهِرًا وَعَلَى هَذَا مَا فَضَلَ عَنْ فَرْضِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ يُرَدُّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ النَّاسِ إلَيْهِ وَلَا يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَكَذَا الِابْنُ وَالْبِنْتُ مِنْ الرَّضَاعِ يُصْرَفُ إلَيْهِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَقْرَبُ مِنْهُمَا ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسَائِلَ فِي النِّهَايَةِ وَالذِّمِّيُّونَ يَتَوَارَثُونَ بِالْوَلَاءِ كَالْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُ أَحَدُ أَسْبَابِ الْإِرْثِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

(فَصْلٌ) قَالَ رحمه الله (أَسْلَمَ رَجُلٌ عَلَى يَدِ رَجُلٍ وَوَالَاهُ عَلَى أَنْ يَرِثَهُ وَيَعْقِلَ عَنْهُ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ وَوَالَاهُ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ وَلِأَنَّ ثُبُوتَ صِفَةِ الْمَالِكِيَّةِ إلَخْ) هَذَا دَلِيلٌ عَقْلِيٌّ عَلَى أَنْ لَيْسَ لِلنِّسَاءِ مِنْ الْوَلَاءِ إلَّا مَا أَعْتَقْنَ أَوْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقْنَ بَيَانُهُ أَنَّ بِالْعِتْقِ تَحْصُلُ الْقُوَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ فِي الْعَبْدِ مِنْ جِهَةِ مُعْتِقِهِ، فَإِذَا كَانَ الْمُعْتِقُ هِيَ الْمَرْأَةَ يُنْسَبُ مَنْ أَعْتَقَتْهُ الْمَرْأَةُ وَمَنْ أَعْتَقَهُ مَنْ أَعْتَقَتْهُ الْمَرْأَةُ إلَيْهَا بِالْوَلَاءِ حَيْثُ يُقَالُ مُعْتِقُ فُلَانَةَ وَمُعْتِقُ مُعْتِقِ فُلَانَةَ فَإِذَا ثَبَتَ نِسْبَتُهُمَا إلَى الْمَرْأَةِ بِالْوَلَاءِ وَرِثَتْهُمَا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ كَانَ الْوَلَاءُ لِلِابْنِ) وَلَا شَيْءَ لِلْأَبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ الِابْنَ أَقْرَبُ الْعَصَبَاتِ وَالْوَلَاءُ بِالْعُصُوبَةِ وَلَا يَظْهَرُ عُصُوبَةُ الْأَبِ مَعَ الِابْنِ اهـ أَتَّقَانِي (قَوْلُهُ كَانَ الْوَلَاءُ لِلْجَدِّ) أَيْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوَرِّثُ الْإِخْوَةَ وَالْأَخَوَاتِ مَعَ الْجَدِّ وَعِنْدَهُمَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّ الْجَدَّ يُقَاسِمُ الْإِخْوَةَ كَأَحَدِهِمْ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.

(فَرْعٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ مَاتَ وَتَرَكَ خَمْسَةَ بَنِي ابْنِ الْمُعْتِقِ وَابْنِ ابْنِ الْمُعْتِقِ مِنْ آخَرَ فَالْمِيرَاثُ أَسْدَاسًا؛ لِأَنَّهُمْ يَرِثُونَ بِالْعُصُوبَةِ وَعُصُوبَتُهُمْ بِالسَّوِيَّةِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.

[فَصْلٌ أَسْلَمَ رَجُلٌ عَلَى يَدِ رَجُلٍ وَوَالَاهُ عَلَى أَنْ يَرِثَهُ]

(قَوْلُهُ فَصْلٌ فِي وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ أَخَّرَ ذِكْرَ وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ عَنْ ذِكْرِ وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ؛ لِأَنَّ وَلَاءَ الْعَتَاقَةِ أَقْوَى لِثُبُوتِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَفِي وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ خِلَافٌ وَلِأَنَّ وَلَاءَ الْعَتَاقَةِ لَا يَقْبَلُ الْفَسْخَ وَوَلَاءُ الْمُوَالَاةِ يَقْبَلُهُ اهـ قَوْلُهُ وَوَلَاءُ الْمُوَالَاةِ يَقْبَلُهُ قَالَ الْكَاكِيُّ فَإِنَّ لِلْمَوْلَى أَنْ يَنْتَقِلَ عَنْهُ قَبْلَ الْعَقْلِ اهـ

ص: 178

صَحَّ وَعَقْلُهُ عَلَى مَوْلَاهُ وَإِرْثُهُ لَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ وَهُوَ آخِرُ ذَوِي الْأَرْحَامِ) وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِهَذَا الْوَلَاءِ أَصْلًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأنفال: 75] قِيلَ: إنَّهَا نَزَلَتْ نَاسِخَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} [النساء: 33] وَلِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ» وَلِأَنَّ فِيهِ إبْطَالَ حَقِّ بَيْتِ الْمَالِ وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ فِي حَقِّ وَارِثٍ آخَرَ وَقَالَ لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدِ رَجُلٍ كَانَ وَلَاؤُهُ لَهُ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام حِينَ سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يُسْلِمُ عَلَى يَدِ الرَّجُلِ «هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِمَحْيَاهُ وَمَمَاتِهِ» مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ أَنْ تُوجَدَ مِنْهُ مُوَالَاةٌ أُخْرَى أَوْ لَمْ تُوجَدْ، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ إذَا جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَرْضِ الْعَدُوِّ فَأَسْلَمَ عَلَى يَدِ رَجُلٍ فَإِنَّ وَلَاءَهُ لِمَنْ وَالَاهُ وَمَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى يَدِ رَجُلٍ فَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً؛ لِأَنَّ الذِّمِّيَّ سَبَقَ لَهُ عَقْدٌ مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَصَارَ تَبَعًا لَهُمْ فَلَا يَمْلِكُ إبْطَالَهُ كَالْمُعْتَقِ وَلَنَا إطْلَاقُ مَا تَلَوْنَا وَالْمُرَادُ بِهَا عَقْدُ الْمُوَالَاةِ نَقْلًا عَنْ أَئِمَّةِ التَّفْسِيرِ.

وَمَا رَوَاهُ لَيْثٌ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا جَدَّدُوا عَقْدَ الْمُوَالَاةِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ تَوْفِيقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآيَةِ وَبَيْنَ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْ عَمْرٍو وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ - مِثْلَ مَذْهَبِنَا وَلَمْ يُرْوَ عَنْ أَحَدٍ غَيْرِهِمْ خِلَافُ ذَلِكَ فَكَانَ إجْمَاعًا وَلِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ كَانَ لَهُ أَنْ يَضَعَ مَالَهُ حَيْثُ شَاءَ إذْ لَيْسَ فِيهِ إبْطَالُ حَقِّ أَحَدٍ مُعَيَّنٍ وَبَيْتُ الْمَالِ لَيْسَ بِوَارِثٍ وَلَا مُسْتَحِقٍّ وَإِنَّمَا يُوضَعُ فِيهِ مَالٌ ضَائِعٌ لِيَتَصَرَّفَ فِيهِ الْإِمَامُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ لِصَاحِبِهِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ نُصِبَ نَاظِرًا لِلْغَيْبِ فَإِذَا تَصَرَّفَ فِيهِ صَاحِبُهُ كَانَ تَصَرُّفُهُ أَوْلَى مِنْ تَصَرُّفِ الْإِمَامِ كَمَا فِي حَالِ حَضْرَتِهِ، وَقَوْلُهُمْ: إنَّ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأنفال: 75] قُلْنَا: الَّذِي وَرَدَ أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ فِي حَقِّ التَّقْدِيمِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يُقَدِّمُونَهُ بِالْبَعْضِ عَلَى أُولِي الْأَرْحَامِ فَنُسِخَ ذَلِكَ التَّقْدِيمُ وَفِي الْآيَةِ إشَارَةٌ إلَيْهِ حَيْثُ قَالَ {أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأنفال: 75] وَكَوْنُهُمْ أَوْلَى مِنْهُ لَا يُوجِبُ سُقُوطَهُ عِنْدَ عَدَمِهِمْ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْأَوْلَوِيَّةَ مَوْجُودَةٌ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْوَرَثَةِ لَا سِيَّمَا فِي الْعَصَبَةِ ثُمَّ عِنْدَ عَدَمِ مَنْ هُوَ أَوْلَى يُوجِبُ سُقُوطَ الْآخَرِ وَمَا تَمَسَّكُوا بِهِ مِنْ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ» الْمُرَادُ بِهِ الْحِلْفُ الَّذِي كَانُوا يَتَعَاقَدُونَ عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ قَوْلِهِمْ هَدْمِي هَدْمُك وَدَمِي دَمُك تَرِثُنِي وَأَرِثُك فَكَانَ ذَلِكَ لِلتَّنَاصُرِ عَلَى الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَلِتَقْدِيمِهِ بِالْإِرْثِ عَلَى

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ إلَخْ) وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَلَاءُ الْمُوَالَاةِ بَاطِلٌ لَهُ أَنَّ سَبَبَ الْإِرْثِ الْفَرْضُ أَوْ التَّعْصِيبُ وَوَلَاءُ الْمُوَالَاةِ لَيْسَ هَذَا وَلَا ذَاكَ فَلَا يَجِبُ بِهِ الْإِرْثُ وَالْعَقْلُ اهـ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ فِيهِ إبْطَالَ حَقِّ بَيْتِ الْمَالِ) وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ عِنْدَهُ الْإِيصَاءُ بِجَمِيعِ الْمَالِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ أَصْلًا لِئَلَّا يَلْزَمَ إبْطَالُ حَقِّ بَيْتِ الْمَالِ وَإِنَّمَا يَصِحُّ فِي الثُّلُثِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَقَالَ لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ إلَخْ) قَالَ الْكَاكِيُّ وَفِي الْمَبْسُوطِ الْإِسْلَامُ عَلَى يَدِهِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ عَلَى سَبِيلِ الْعَادَةِ وَكَذَا الْإِسْلَامُ عَلَى يَدِهِ لَيْسَ بِكَافٍ لِثُبُوتِ وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَّا مَا رُوِيَ عَنْ الرَّوَافِضِ وَأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ وَعَنْ إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ

لِمَا رَوَى رَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَالَ «مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ رَجُلٌ فَهُوَ مَوْلَاهُ يَرِثُهُ» «. وَعَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا السُّنَّةُ فِي الرَّجُلِ يُسْلِمُ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ عليه الصلاة والسلام هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِمَحْيَاهُ وَمَمَاتِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ لَا أَظُنُّهُ مُتَّصِلًا وَلِأَنَّهُ أَحْيَاهُ بِإِخْرَاجِهِ مِنْ ظُلْمَةِ الْكُفْرِ؛ لِأَنَّ الْكُفَّارَ كَالْمَوْتَى فِي حَقِّ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَحْيَاهُ بِالْعِتْقِ، وَعَلَى هَذَا زَعَمَتْ الرَّوَافِضُ أَنَّ النَّاسَ مَوْلَى عَلِيٍّ وَأَوْلَادِهِ فَإِنَّ السَّيْفَ بِيَدِهِ وَأَكْثَرُ النَّاسِ أَسْلَمُوا مِنْ هَيْبَتِهِ وَفِي الْمَبْسُوطِ وَهَذَا بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى هُوَ الَّذِي أَحْيَاهُ بِالْإِسْلَامِ وَمَنْ عَرَضَ عليه السلام إنَّمَا هُوَ نَائِبٌ عَنْ الشَّرْعِ فَيَكُونُ هُوَ كَغَيْرِهِ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَأَيْنَ لَهُمْ هَذَا التَّحَكُّمُ فَإِنَّ عَلِيًّا كَانَ صَغِيرًا حِينَ أَسْلَمَ كِبَارُ الصَّحَابَةِ بَلْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ كَانَا مُقَدَّمَيْنِ عَلَيْهِ فِي أُمُورِ الْقِتَالِ وَلَكِنَّ الرَّوَافِضُ قَوْمٌ بُهُتٌ وَبِنَاءُ مَذْهَبِهِمْ عَلَى الْكَذِبِ، وَمَا رَوَوْا مِنْ الْأَحَادِيثِ ضَعِيفٌ وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثِ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَسْلَمَ عَلَى يَدِ رَجُلٍ وَوَالَاهُ. اهـ. (قَوْلُهُ حِينَ سَأَلَ) السَّائِلُ تَمِيمٌ الدَّارِيِّ. اهـ. (قَوْلُهُ هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِمَحْيَاهُ) تَزْوِيجِهِ وَعَقْلِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَمَمَاتِهِ) الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَمِيرَاثِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَمَا رَوَاهُ لَيْثٌ إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَقِيلَ حَدِيثُ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ كَانَ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ وَلِأَنَّ النَّاسَ كَانُوا يُوَالُونَ عَلَى عَهْدِ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يُرْوَ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ أَخَذَ الْمِيرَاثَ بِنَفْسِ الْإِسْلَامِ، وَصُورَةُ عَقْدِ الْوَلَاءِ مَا قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ أَنْتَ مَوْلَايَ جِنَايَتِي عَلَيْك وَجِنَايَتُك عَلَيَّ وَمِيرَاثِي لَك إنْ مِتّ، فَإِذَا مَاتَ كَانَ مِيرَاثُهُ لِلْأَعْلَى إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ وَلَا يَرِثُ الْأَسْفَلُ مِنْ الْأَعْلَى إلَّا إذَا شَرَطَ مِيرَاثَ الْأَعْلَى لِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدِ رَجُلٍ فَبِنَفْسِ الْإِسْلَامِ لَا يَنْعَقِدُ لَهُ الْوَلَاءُ وَلَهُ أَنْ يُوَالِيَ مَنْ شَاءَ إنْ شَاءَ وَالَى مَعَ الَّذِي أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ وَإِنْ شَاءَ وَالَى مَعَ غَيْرِهِ وَلَهُ أَنْ يَتَحَوَّلَ بِوَلَائِهِ إلَى غَيْرِهِ مَا لَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ فَإِذَا عَقَلَ عَنْهُ فَبَعْدَ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَالِيَ غَيْرَهُ إلَّا إذَا كَانَ أَبُوهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَسُبِيَ فَأَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ يَثْبُتُ وَلَاؤُهُ مِنْ مُعْتِقِهِ وَيَجُرُّ وَلَاءَ الْوَلَدِ إلَى نَفْسِهِ وَاللَّقِيطُ حُرٌّ وَجِنَايَتُهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَمِيرَاثُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ فَإِذَا أَدْرَكَ كَانَ لَهُ أَنْ يُوَالِيَ مَعَ مَنْ شَاءَ إلَّا إذَا عَقَلَ عَنْهُ بَيْتُ الْمَالِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَالِيَ أَحَدًا كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. اهـ. (قَوْلُهُ تَوْفِيقًا إلَخْ) فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ «تَمِيمًا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتِينِي فَيُسْلِمُ عَلَى يَدَيَّ وَيُوَالِينِي فَقَالَ هُوَ أَخُوك وَمَوْلَاك فَأَنْتَ أَحَقُّ بِمَحْيَاهُ وَمَمَاتِهِ» اهـ مِشْكَاةٌ (قَوْلُهُ مِنْ قَوْلِهِمْ هَدْمِي هَدْمُك) قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ وَالْهَدْمُ بِالسُّكُونِ وَبِالْفَتْحِ أَيْضًا هُوَ إهْدَارُ دَمِ الْقَتِيلِ يُقَالُ دِمَاؤُهُمْ بَيْنَهُمْ هَدْمٌ أَيْ مُهْدَرَةٌ وَالْمَعْنَى إنْ طُلِبَ دَمُك فَقَدْ طُلِبَ دَمِي وَإِنْ أُهْدِرَ دَمُك فَقَدْ أُهْدِرَ دَمِي

ص: 179

الْقَرِيبِ فَحَظَرَ الْإِسْلَامُ التَّنَاصُرَ عَلَى الْبَاطِلِ وَأَوْجَبَ التَّعَاوُنَ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَقَدَّمَ الْقَرِيبَ عَلَيْهِ بِالْإِرْثِ ثُمَّ شَرَطَ صِحَّةَ هَذِهِ الْمُوَالَاةِ أَنْ يُشْتَرَطَ الْمِيرَاثُ وَالْعَقْلُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْعَقْدَ يَقَعُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ فِي الْعَقْدِ وَلَوْ شَرَطَ الْإِرْثَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُمْكِنٌ فَيَتَوَارَثَانِ بِخِلَافِ وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ حَيْثُ لَا يَرِثُ إلَّا الْأَعْلَى وَمِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ مَجْهُولَ النَّسَبِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ وَلَاءُ عَتَاقَةٍ وَلَا وَلَاءُ مُوَالَاةٍ قَدْ عَقَلَ عَنْهُ وَأَنْ يَكُونَ حُرًّا عَاقِلًا بَالِغًا وَحُكْمُهُ أَنْ يَثْبُتَ بِهِ الْإِرْثُ إذَا مَاتَ وَأَنْ يَعْقِلَ عَنْهُ إذَا جَنَى وَيُدْخِلُ فِيهِ أَوْلَادَهُ الصِّغَارَ وَمَنْ يُولَدُ لَهُ بَعْدَ عَقْدِ الْمُوَالَاةِ، وَلَوْ عَقَدَ مَعَ الصَّغِيرِ أَوْ مَعَ الْعَبْدِ لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِذْنِ الْأَبِ وَالْمَوْلَى، وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَجْهُولَ النَّسَبِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ الْأَسْفَلُ عَرَبِيًّا؛ لِأَنَّ تَنَاصُرَ الْعَرَبُ بِالْقَبَائِلِ فَأَغْنَى عَنْ الْمُوَالَاةِ وَكَوْنُهُ أَسْلَمَ عَلَى يَدِهِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ هَذَا الْعَقْدِ.

قَالَ رحمه الله (وَلَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْآخَرِ مَا لَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ)؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ غَيْرُ لَازِمٍ كَالْوَصِيَّةِ وَالْوَكَالَةُ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَنْفَرِدَ بِفَسْخِهِ بِعِلْمِ صَاحِبِهِ وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ غَائِبًا لَا يَمْلِكُ فَسْخَهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ لَازِمٍ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ تَمَّ بِهِمَا كَمَا فِي الشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالْوَكَالَةِ وَلَا يَعْرَى عَنْ ضَرَرٍ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَمُوتُ الْأَسْفَلُ فَيَأْخُذُ الْأَعْلَى مَالَهُ مِيرَاثًا فَيَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ أَوْ يَعْتِقُ الْأَسْفَلُ عَبِيدًا عَلَى حُسْبَانِ أَنَّ عَقْلَ عَبِيدِهِ عَلَى الْمَوْلَى الْأَعْلَى فَيَجِبُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ فَيَتَضَرَّرُ بِذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ الْفَسْخُ إلَّا بِمَحْضَرٍ مِنْ الْآخَرِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَاقَدَ الْأَسْفَلُ الْمُوَالَاةَ مَعَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ الْأَوَّلِ حَيْثُ يَصِحُّ وَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ حُكْمِيٌّ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعِلْمُ كَمَا فِي الْوَكَالَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالشَّرِكَةِ وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ كَالنَّسَبِ إذَا ثَبَتَ مِنْ شَخْصٍ يُنَافِي فِي ثُبُوتِهِ مِنْ غَيْرِهِ فَيَنْفَسِخُ ضَرُورَةً وَالْمَرْأَةُ فِي هَذَا كَالرَّجُلِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ أَهْلِ التَّصَرُّفِ وَقَوْلُهُ مَا لَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَقَلَ عَنْهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَحَوَّلَ إلَى غَيْرِهِ لِتَأَكُّدِهِ بِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ وَلِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ وَلِاتِّصَالِ الْقَضَاءِ بِهِ وَلِأَنَّ وِلَايَةَ التَّحَوُّلِ قَبْلَ أَنْ يَعْقِلَ عَنْهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ عَقْدُ تَبَرُّعٍ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ تَبَرُّعٌ بِالْقِيَامِ بِنُصْرَتِهِ وَعَقْلِ جِنَايَتِهِ فَإِذَا عَقَلَ عَنْهُ صَارَ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

لِاسْتِحْكَامِ الْأُلْفَةِ بَيْنَنَا وَهُوَ قَوْلٌ مَعْرُوفٌ لِلْعَرَبِ يَقُولُونَ دَمِي دَمُك وَهَدْمِي هَدْمُك وَذَلِكَ عِنْدَ الْمُعَاهَدَةِ وَالنُّصْرَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمِيرَاثَ وَالْعَقْلَ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ تَرِثُنِي إذَا مِتّ وَتَعْقِلُ عَنِّي إذَا جَنَيْت اهـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ الْإِرْثِ وَالْعَقْلِ كَمَا ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَشَارَ بِهِ إلَى مَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرَهِ قَبْلَ هَذَا.

وَإِذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ عَلَى يَدِ رَجُلٍ وَوَالَاهُ عَلَى أَنْ يَرِثَهُ وَيَعْقِلَ عَنْهُ قَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي مُخْتَصَرِهِ الْكَافِي قَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيّ إذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ عَلَى يَدِ رَجُلٍ وَوَالَاهُ فَإِنَّهُ يَرِثُهُ وَيَعْقِلُ عَنْهُ وَلَهُ أَنْ يَتَحَوَّلَ بِوَلَائِهِ إلَى غَيْرِهِ مَا لَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ فَإِذَا عَقَلَ عَنْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَتَحَوَّلَ إلَى غَيْرِهِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ هَذَا لَفْظُ الْحَاكِمِ بِعَيْنِهِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ شَرْطَ الْإِرْثِ وَالْعَقْلِ لَيْسَ بِمَوْقُوفٍ عَلَيْهِ صِحَّةُ الْمُوَالَاةِ بَلْ مُجَرَّدُ الْعَقْدِ كَافٍ بِأَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا وَالَيْتُك وَالْآخَرُ قَبِلْت؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ لَمْ يَذْكُرْ الْإِرْثَ وَالْعَقْلَ شَرْطًا لِصِحَّةِ الْمُوَالَاةِ بَلْ جَعَلَهُمَا حُكْمًا لَهَا بَعْدَ صِحَّتِهَا فَافْهَمْ وَيَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا قَوْلُ الْقُدُورِيِّ أَيْضًا فِي مُخْتَصَرَة بِقَوْلِهِ أَوْ أَسْلَمَ عَلَى يَدِ غَيْرِهِ وَوَالَاهُ يُوَضِّحُهُ قَوْلُ صَاحِبِ التُّحْفَةِ بِقَوْلِهِ وَتَفْسِيرُ عَقْدِ الْمُوَالَاةِ أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ وَقَالَ لَهُ أَنْتَ مَوْلَايَ تَرِثُنِي إذَا مِتّ وَتَعْقِلُ عَنِّي إذَا جَنَيْت وَقَالَ الْآخَرُ قَبِلْت فَيَنْعَقِدُ بَيْنَهُمَا عَقْدُ الْمُوَالَاةِ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ وَالَيْتُك وَقَالَ الْآخَرُ قَبِلْت، وَكَذَا إذَا عَقَدَ مَعَ رَجُلٍ غَيْرِ الَّذِي أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ إلَى هُنَا لَفْظُ التُّحْفَةِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَأَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ وَلَاءُ عَتَاقَةٍ) قَالَ فِي التَّيْسِيرِ وَمِنْ شَرْطِ صِحَّةِ هَذَا الْعَقْدِ أَيْ عَقَدِ الْمُوَالَاةِ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْأَسْفَلِ نَسَبٌ وَلَا يَكُونُ مُعْتَقًا وَلَا يَكُونُ عَرَبِيًّا؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ لَا يُسْتَرَقُّونَ فَلَا يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَلَاءُ عَتَاقَةٍ فَكَذَا وَلَاءُ الْمُوَالَاةِ، وَقَالَ الْإِمَامُ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَا يَرِثُ الْأَسْفَلُ مِنْ الْأَعْلَى إلَّا إذَا شَرَطَ مِيرَاثَ الْأَعْلَى لِنَفْسِهِ يَعْنِي فِي وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ وَلَا يَصِحُّ بَيْنَ الْعَرَبِيَّيْنِ وَلَا بَيْنَ الْعَرَبِيِّ وَالْعَجَمِيِّ وَلَا مِنْ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ وَيَصِحُّ مِنْ الْكَافِرِ لِلْكَافِرِ. اهـ. حَيْدَرٌ قَوْلُهُ وَلَا بَيْنَ الْعَرَبِيِّ وَالْعَجَمِيِّ أَيْ إذَا كَانَ الْعَرَبِيُّ الْأَسْفَلَ. اهـ. (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ الْأَسْفَلُ عَرَبِيًّا) قَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي مُخْتَصَرِهِ الْكَافِي وَلَوْ أَسْلَمَ رَجُلٌ مِنْ نَصَارَى الْعَرَبِ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ مِنْ غَيْرِ قَبِيلَتِهِ وَوَالَاهُ لَمْ يَكُنْ مَوْلَاهُ وَلَكِنَّهُ يُنْسَبُ إلَى عَشِيرَتِهِ وَهُمْ يَعْقِلُونَ عَنْهُ وَيَرِثُونَهُ، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ إلَى هُنَا لَفْظُ الْكَافِي وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ إنَّمَا يَثْبُتُ فِي حَقِّ الْعَجَمِيِّ الَّذِي لَا عَشِيرَةَ لَهُ فَأَمَّا مَنْ لَهُ عَشِيرَةٌ فَإِنَّهُمْ يَقُومُونَ بِمَصَالِحِهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْوَلَاءِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ لِصِحَّةِ هَذَا الْعَقْدِ) أَيْ فِي الصَّحِيحِ. اهـ. حَيْدَرٌ.

(فَرْعٌ) اعْلَمْ أَنَّ وَلَاءَ الْمُوَالَاةِ يُخَالِفُ وَلَاءَ الْعَتَاقَةِ مِنْ ثَلَاثَةِ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ فِي الْمُوَالَاةِ يَتَوَارَثَانِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ إذَا اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ، وَالثَّانِي: أَنَّ وَلَاءَ الْمُوَالَاةِ يَحْتَمِلُ النَّقْضَ بِخِلَافِ وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ، وَالثَّالِثُ: أَنَّ وَلَاءَ الْمُوَالَاةِ مُؤَخَّرٌ عَنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَوَلَاءُ الْعَتَاقَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ اهـ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا عَاقَدَ الْأَسْفَلُ الْمُوَالَاةَ إلَخْ) قَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي مُخْتَصَرِهِ الْكَافِي رَجُلٌ وَالَى رَجُلًا فَلَهُ أَنْ يَتَحَوَّلَ عَنْهُ مَا لَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ وَلَهُ أَنْ يَنْقُضَهُ بِحَضْرَتِهِ وَكَذَا لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَبَرَّأَ مِنْ وَلَائِهِ أَيْضًا مَا لَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ فَإِذَا نَقَضَ أَحَدُهُمَا الْمُوَالَاةَ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ صَاحِبِهِ لَمْ يَنْتَقِضْ إلَّا أَنْ يُوَالِيَ الْأَسْفَلُ آخَرَ فَيَكُونُ ذَلِكَ نَقْضًا وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ صَاحِبُهُ إلَى هُنَا لَفْظُ الْكَافِي وَقَالَ فِي التُّحْفَةِ فَإِذَا عَقَلَ عَنْهُ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَتَحَوَّلَ بِالْوَلَاءِ إلَى غَيْرِهِ وَصَارَ الْعَقْدُ لَازِمًا إلَّا إنْ اتَّفَقَا عَلَى النَّقْضِ إلَى هُنَا لَفْظُ التُّحْفَةِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيِّ عِنْدَنَا يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ أَنَّهُ حَقٌّ أَوْجَبَهُ بِفِعْلِهِ مُتَبَرِّعًا مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَتَحَوَّلَ بِالْوَلَاءِ إلَى غَيْرِهِ

ص: 180