الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَوْ قَضَى الْقَاضِي بِجَوَازِ بَيْعِهِ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ لِكَوْنِهِ مُخَالِفًا لِلْإِجْمَاعِ وَمَا رَوَاهُ مُخَالِفٌ لِلدَّلِيلِ الْقَطْعِيِّ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ فَكَانَ مَرْدُودًا أَوْ نَقُولُ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةِ النِّسْيَانِ وَالثَّانِي دَلِيلٌ لَنَا؛ لِأَنَّهَا سَأَلَتْ عَنْ الْأَكْلِ عِنْدَ وُقُوعِ الشَّكِّ فِي التَّسْمِيَةِ وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ لَا يَأْكُلُونَهُ إلَّا إذَا سُمِّيَ عَلَيْهِ وَهِيَ شَرْطٌ فِيهِ، وَإِنَّمَا أَمَرَهَا بِالْأَكْلِ بِنَاءً عَلَى الظَّاهِرِ أَنَّهُ لَا يُتْرَكُ ظَاهِرًا كَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا جَازَ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِنَاءً عَلَى الظَّاهِرِ أَنَّهُ مِلْكُهُ قَالَ رحمه الله (وَحَلَّ لَوْ نَاسِيًا) أَيْ حَلَّ الْمُذَكَّى إنْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ نَاسِيًا
وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَحِلُّ لِمَا بَيَّنَّا مِنْ الْأَدِلَّةِ إذْ لَا فَضْلَ فِيهَا قُلْنَا النِّسْيَانُ مَرْفُوعٌ حُكْمُهُ بِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» وَلِأَنَّ فِي اعْتِبَارِهِ حَرَجًا بَيِّنًا وَالْحَرَجُ مَدْفُوعٌ بِالنَّصِّ، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ كَثِيرُ النِّسْيَانِ فَيُعْذَرُ فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا مُذَكِّرَ لَهَا مِنْ جِهَةِ حَالِهِ كَالْأَكْلِ فِي الصَّوْمِ وَتَرْكِ التَّرْتِيبِ فِي قَضَاءِ الْفَوَائِتِ مِنْ الصَّلَوَاتِ بِخِلَافِ الْأَكْلِ وَغَيْرِهِ فِي الصَّلَاةِ وَالْجِمَاعِ فِي الْحَجِّ حَيْثُ لَا يُخْتَلَفُ فِيهِ بَيْنَ النَّاسِي وَالْعَامِدِ لِأَنَّهُ حَالَةٌ مُذَكِّرَةٌ وَالنَّصُّ غَيْرُ مُجْرًى عَلَى إطْلَاقِهِ إذْ لَوْ أُرِيدَ بِهِ مُطْلَقًا لَجَرَتْ الْمُحَاجَّةُ بَيْنَ السَّلَفِ وَظَهَرَ الِانْقِيَادُ وَارْتَفَعَ الْخِلَافُ بَيْنَهُمْ، وَإِقَامَةُ الْمِلَّةِ مَقَامَ التَّسْمِيَةِ فِي حَقِّ النَّاسِي - وَهُوَ مَعْذُورٌ - لَا يَدُلُّ عَلَى الْإِقَامَةِ فِي حَقِّ الْعَامِدِ وَلَا عُذْرَ لَهُ وَالنَّاسِي لَيْسَ بِمَخْصُوصٍ حَتَّى يُقَاسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَيُخَصَّ بِالْقِيَاسِ لِأَنَّهُ ذَاكِرٌ وَمُسَمٍّ تَقْدِيرًا لِقِيَامِ الْمِلَّةِ مَقَامَهَا وَلَا يُقَالُ إنَّ الْآيَةَ مُجْمَلَةٌ لِأَنَّهُ لَا يُدْرَى هَلْ أُرِيدَ بِهَا حَالُ الذَّبْحِ، أَوْ الطَّبْخِ أَوْ حَالَةُ الْأَكْلِ لِأَنَّا نَقُولُ أَجْمَعَ السَّلَفُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا حَالَةُ الذَّبْحِ فَتَكُونُ مُفَسَّرَةً فَتَمَّ الِاحْتِجَاجُ بِهَا أَلَا تَرَى أَنَّ ذَبِيحَةَ الْمَجُوسِيِّ لَا تُؤْكَلُ وَذَبِيحَةَ الْكِتَابِيِّ تُؤْكَلُ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ يُعْقَلُ إلَّا أَنَّ الْكِتَابِيَّ يُسَمِّي عِنْدَ الذَّبْحِ دُونَ الْمَجُوسِيِّ.
ثُمَّ التَّسْمِيَةُ فِي ذَكَاةِ الِاخْتِيَارِ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ عِنْدَ الذَّبْحِ قَاصِدًا التَّسْمِيَةَ عَلَى الذَّبِيحَةِ وَلَوْ سَمَّى وَلَمْ تَحْضُرْهُ النِّيَّةَ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِالتَّسْمِيَةِ وَظَاهِرُ حَالِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَصَدَ بِهِ التَّسْمِيَةَ عَلَى الذَّبِيحَةِ فَيَقَعُ عَنْهَا وَلَوْ سَمَّى وَأَرَادَ بِهِ التَّسْمِيَةَ لِابْتِدَاءِ الْفِعْلِ كَسَائِرِ الْأَفْعَالِ لَا يَحِلُّ كَمَنْ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، وَأَرَادَ بِهِ مُتَابَعَةَ الْمُؤَذِّنِ لَا يَصِيرُ شَارِعًا فِي الصَّلَاةِ.
وَتُشْتَرَطُ التَّسْمِيَةُ حَالَةَ الذَّبْحِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} [الحج: 36] وَهِيَ حَالَةُ النَّحْرِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا} [الحج: 36] وَالْمُعْتَبَرُ أَنْ يَذْبَحَ عَقِيبَ التَّسْمِيَةِ قَبْلَ أَنْ يَتَبَدَّلَ الْمَجْلِسُ حَتَّى إذَا سَمَّى وَاشْتَغَلَ بِعَمَلٍ آخَرَ مِنْ كَلَامٍ قَلِيلٍ أَوْ شُرْبِ مَاءٍ، أَوْ أَكْلِ لُقْمَةٍ، أَوْ تَحْدِيدِ شَفْرَةٍ، ثُمَّ ذَبَحَ تَحِلُّ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا لَا تَحِلُّ؛ لِأَنَّ إيقَاعَ الذَّبْحِ مُتَّصِلًا بِالتَّسْمِيَةِ بِحَيْثُ لَا يَتَخَلَّلُ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِحَرَجٍ عَظِيمٍ فَأُقِيمَ الْمَجْلِسُ مَقَامَ الِاتِّصَالِ، وَالْعَمَلُ الْقَلِيلُ لَا يَقْطَعُ الْمَجْلِسَ وَالْكَثِيرُ يَقْطَعُ وَهِيَ عَلَى الذَّبِيحَةِ وَفِي الصَّيْدِ يُشْتَرَطُ عِنْدَ إرْسَالِ الْجَارِحِ أَوْ الرَّمْيِ وَهِيَ عَلَى الْآلَةِ؛ لِأَنَّ التَّكْلِيفَ بِحَسَبِ الْوُسْعِ وَاَلَّذِي فِي وُسْعِهِ فِي الْأَوَّلِ الذَّبْحُ، وَفِي الثَّانِي الرَّمْيُ وَالْإِرْسَالُ دُونَ الْإِصَابَةِ فَيُشْتَرَطُ عِنْدَ فِعْلٍ يَقْدِرُ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ أَضْجَعَ شَاةً وَسَمَّى ثُمَّ تَرَكَهَا وَذَبَحَ غَيْرَهَا بِالسِّكِّينِ الَّذِي كَانَ مَعَهُ وَلَمْ يُسَمِّ عَلَيْهَا لَا يَحِلُّ وَلَوْ رَمَى إلَى صَيْدٍ وَسَمَّى فَأَصَابَ صَيْدًا آخَرَ حَلَّ وَكَذَا إذَا أَرْسَلَ كَلْبَهُ إلَى صَيْدٍ فَتَرَكَ الْكَلْبُ ذَلِكَ الصَّيْدَ فَأَخَذَ غَيْرَهُ حَلَّ لِتَعَلُّقِ التَّسْمِيَةِ بِالْآلَةِ وَلَوْ أَضْجَعَ شَاةً وَسَمَّى وَطَرَحَ السِّكِّينَ وَأَخَذَ سِكِّينًا آخَرَ فَذَبَحَهَا بِهِ وَلَمْ يُسَمِّ حَلَّتْ لِتَعَلُّقِهِ بِالْمَذْبُوحِ وَلَوْ سَمَّى عَلَى سَهْمٍ فَتَرَكَهُ وَأَخَذَ غَيْرَهُ فَرَمَى بِهِ لَمْ يُؤْكَلْ لِمَا ذَكَرْنَا وَلَوْ سَمَّى فَذَبَحَ شَاتَيْنِ عَلَى التَّعَاقُبِ حَلَّتْ الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ وَلَوْ أَضْجَعَ إحْدَاهُمَا فَوْقَ الْأُخْرَى فَذَبَحَهُمَا دَفْعَةً وَاحِدَةً بِسِكِّينٍ وَاحِدَةٍ وَتَسْمِيَةٍ وَاحِدَةٍ حَلَّ أَكْلُهُمَا.
قَالَ رحمه الله (وَكُرِهَ أَنْ يَذْكُرَ مَعَ اسْمِ اللَّهِ غَيْرَهُ وَأَنْ يَقُولَ عِنْدَ الذَّبْحِ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ فُلَانٍ، وَإِنْ قَالَ قَبْلَ التَّسْمِيَةِ وَالْإِضْجَاعِ جَازَ) وَهَذَا النَّوْعُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا أَنْ يَذْكُرَهُ مَوْصُولًا مِنْ غَيْرِ عَطْفٍ فَيُكْرَهُ وَلَا تَحْرُمُ الذَّبِيحَةُ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ بِاسْمِ اللَّهِ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ بِالرَّفْعِ؛ لِأَنَّ اسْمَ الرَّسُولِ غَيْرُ مَذْكُورٍ عَلَى سَبِيلِ الْعَطْفِ فَيَكُونُ مُبْتَدَأً
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ: وَالنَّصُّ) أَيْ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121] لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ الْعُمُومَ ظَاهِرًا وَلِهَذَا اخْتَلَفَتْ الصَّحَابَةُ فِي مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ نَاسِيًا وَلَمْ يَحْتَجَّ مَنْ قَالَ بِحُرْمَتِهِ بِالْآيَةِ فَلَوْ جَرَتْ الْمُحَاجَّةُ بِهَا لَارْتَفَعَ الْخِلَافُ بَيْنَهُمْ فِيهِ وَظَهَرَ انْقِيَادُ مَنْ قَالَ بِحِلِّ مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ نَاسِيًا، وَرَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ وَحَيْثُ لَمْ تَجْرِ الْمُحَاجَّةُ وَلَمْ يَرْتَفِعْ الْخِلَافُ عُلِمَ أَنَّ الْآيَةَ مَتْرُوكُ الظَّاهِرِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ النِّسْيَانَ بَلْ الْمُرَادُ مِنْهُ الْعَمْدُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَإِقَامَةُ الْمِلَّةِ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ حَيْثُ يَقُولُ أُقِيمَتْ الْمِلَّةُ مَقَامَ التَّسْمِيَةِ فِي حَقِّ النَّاسِي فَيَنْبَغِي أَنْ تُقَامَ الْمِلَّةُ مَقَامَهَا أَيْضًا فِي حَقِّ الْعَامِدِ فَقَالَ النَّاسِي مَعْذُورٌ لِأَنَّ النِّسْيَانَ مِنْ قِبَلِ مَنْ لَهُ الْحَقُّ فَأَقَامَ الْمِلَّةَ مَقَامَ التَّسْمِيَةِ فَجَعَلَهُ عَفْوًا وَالْعَامِدُ لَيْسَ بِمَعْذُورٍ فَلَا يُقَاسُ عَلَى النَّاسِي لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ. اهـ. .
[التَّسْمِيَة عِنْد الذَّبْح]
(قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ التَّسْمِيَةُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ عَلَى الْآلَةِ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: ثُمَّ التَّسْمِيَةُ فِي ذَكَاةِ الِاخْتِيَارِ تُشْتَرَطُ عِنْدَ الذَّبْحِ وَهُوَ عَلَى الْمَذْبُوحِ، وَفِي الصَّيْدِ تُشْتَرَطُ عِنْدَ الْإِرْسَالِ وَالرَّمْيِ وَهِيَ عَلَى الْآلَةِ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ: أَيْ التَّسْمِيَةُ فِي ذَكَاةِ الِاخْتِيَارِ تَقَعُ عَلَى الذَّبِيحِ، وَفِي الصَّيْدِ تَقَعُ عَلَى الْآلَةِ وَهِيَ النُّشَّابُ وَالْكَلْبُ وَفَائِدَةُ هَذَا تَظْهَرُ فِي مَسَائِلَ ذَكَرَهَا بَعْدَ هَذَا. (قَوْلُهُ: لَا يَحِلُّ) أَيْ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ عَلَى الذَّبِيحَةِ عَلَى الْحَزِّ نَفْسِهِ وَلَيْسَ عَلَى أَخْذِ السِّكِّينِ اهـ. (قَوْلُهُ: لِتَعَلُّقِهِ بِالْمَذْبُوحِ) أَيْ وَهُوَ لَمْ يَتَبَدَّلْ اهـ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُؤْكَلْ) أَيْ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ عَلَى الْآلَةِ وَقَدْ تَبَدَّلَتْ. اهـ. .
لَكِنْ يُكْرَهُ لِوُجُودِ الْوَصْلِ صُورَةً، وَإِنْ قَالَ بِالْخَفْضِ لَا يَحِلُّ ذِكْرُهُ فِي النَّوَازِلِ وَقَالَ: بَعْضُهُمْ هَذَا إذَا كَانَ يَعْرِفُ النَّحْوَ وَالْأَوْجَهُ أَنْ لَا يُعْتَبَرَ الْإِعْرَابُ بَلْ يَحْرُمُ مُطْلَقًا بِالْعَطْفِ؛ لِأَنَّ كَلَامَ النَّاسِ الْيَوْمَ لَا يَجْرِي عَلَيْهِ وَمِنْ هَذَا النَّوْعِ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ فُلَانٍ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ لَمْ تُوجَدْ وَلَمْ يَكُنْ الذَّبْحُ وَاقِعًا عَلَيْهِ وَلَكِنْ يُكْرَهُ لِمَا ذَكَرْنَا.
وَالثَّانِي: أَنْ يُذْكَرَ مَوْصُولًا عَلَى سَبِيلِ الْعَطْفِ وَالشَّرِكَةِ نَحْوُ أَنْ يَقُولَ بِاسْمِ اللَّهِ وَاسْمِ فُلَانٍ أَوْ بِاسْمِ اللَّهِ وَفُلَانٍ أَوْ بِاسْمِ اللَّهِ وَمُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ بِالْجَرِّ فَتَحْرُمُ الذَّبِيحَةُ؛ لِأَنَّهُ أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ} [البقرة: 173] وَقَالَ عليه الصلاة والسلام «مَوْطِنَانِ لَا أُذْكَرُ فِيهِمَا عِنْدَ الْعُطَاسِ وَعِنْدَ الذَّبْحِ» وَلَوْ رَفَعَ الْمَعْطُوفَ عَلَى اسْمِ اللَّهِ يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ مُبْتَدَأٌ وَاخْتَلَفُوا فِي النَّصْبِ وَيُكْرَهُ فِيهِمَا بِالِاتِّفَاقِ لِوُجُودِ الْوَصْلِ صُورَةً.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَقُولَ مَفْصُولًا عَنْهُ صُورَةً وَمَعْنًى بِأَنْ يَقُولَ قَبْلَ أَنْ يُضْجِعَ الشَّاةَ، أَوْ قَبْلَ التَّسْمِيَةِ، أَوْ بَعْدَ الذَّبْحِ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ هَذَا مِنِّي أَوْ مِنْ فُلَانٍ وَهَذَا لَا يُكْرَهُ لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ بَعْدَ الذَّبْحِ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ هَذَا عَنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ مِمَّنْ شَهِدَ لَك بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَلِي بِالْبَلَاغِ» وَكَانَ عليه الصلاة والسلام يَقُولُ «إذَا أَرَادَ أَنْ يَذْبَحَ اللَّهُمَّ هَذَا مِنْك وَلَك، إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ بِاسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ ذَبَحَ» وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، وَالشَّرْطُ هُوَ الذِّكْرُ الْخَالِصُ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه جَرِّدُوا التَّسْمِيَةَ حَتَّى لَوْ قَالَ عِنْدَ الذَّبْحِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَاكْتَفَى بِهِ لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ وَسُؤَالٌ وَلَوْ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ أَوْ سُبْحَانَ اللَّهِ يُرِيدُ بِهِ التَّسْمِيَةَ حَلَّ وَلَوْ عَطَسَ عِنْدَ الذَّبْحِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ لَا يَحِلُّ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ يُرِيدُ الْحَمْدَ عَلَى النِّعْمَةِ دُونَ التَّسْمِيَةِ بِخِلَافِ الْخُطْبَةِ حَيْثُ يُجْزِئُهُ ذَلِكَ عَنْ الْخُطْبَةِ؛ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِيهَا ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى مُطْلَقًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] وَفِي الذَّبِيحَةِ الْمَأْمُورُ بِهِ هُوَ الذِّكْرُ عَلَى الْمَذْبُوحِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} [الحج: 36] وَمَا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ مَنْهِيٌّ عَنْ أَكْلِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121]، وَمَا تَدَاوَلَتْهُ الْأَلْسُنُ عِنْدَ الذَّبْحِ وَهُوَ قَوْلُهُ: بِاسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ مَنْقُولٌ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُهُ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} [الحج: 36] وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ بِاسْمِ اللَّهِ اللَّهُ أَكْبَرُ بِلَا وَاوٍ وَبِالْوَاوِ يُكْرَهُ لِأَنَّهُ يَقْطَعُ فَوْرَ التَّسْمِيَةِ.
قَالَ رحمه الله (وَالذَّبْحُ بَيْنَ الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ) وَفِي الْجَامِعِ لَا بَأْسَ بِالذَّبْحِ فِي الْحَلْقِ كُلِّهِ وَسَطِهِ وَأَعْلَاهُ وَأَسْفَلِهِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رُوِيَ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام بَعَثَ مُنَادِيًا يُنَادِي فِي فِجَاجِ مِنًى أَلَا إنَّ الذَّكَاةَ فِي الْحَلْقِ» الْحَدِيثَ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَلِأَنَّهُ مَجْمَعُ مَجْرَى النَّفَسِ وَمَجْرَى الطَّعَامِ، وَمَجْمَعُ الْعُرُوقِ فَيَحْصُلُ بِقَطْعِهِ الْمَقْصُودُ عَلَى أَبْلَغِ الْوُجُوهِ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ: بَلْ يَحْرُمُ مُطْلَقًا بِالْعَطْفِ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ مَا وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ النُّسَخِ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ عَطْفٌ وَالظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ بَلْ لَا يَحْرُمُ مُطْلَقًا بِدُونِ الْعَطْفِ فَتَنَبَّهْ. (قَوْلُهُ: قَالَ صلى الله عليه وسلم «مَوْطِنَانِ لَا أُذْكَرُ فِيهِمَا» إلَخْ) فَإِذَا قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ وَمُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صَارَ الذِّبْحُ مَيْتَةً. اهـ. أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفُوا فِي النَّصْبِ)، وَفِي رَوْضَةِ الزندويستي النَّصْبُ كَالْخَفْضِ لَا يَحِلُّ وَلَوْ قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ يَحِلُّ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ وَلَوْ قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ مَعَ الْوَاوِ يَحِلُّ أَكْلُهُ، وَلَوْ ذَبَحَ وَلَمْ يُظْهِرْ الْهَاءَ فِي بِسْمِ اللَّهِ إنْ قَصَدَ ذِكْرَ اللَّهِ يَحِلُّ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ وَقَصَدَ تَرْكَ الْهَاءِ لَا يَحِلُّ كَذَا فِي خُلَاصَةِ الْفَتَاوَى اهـ أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ: جَرِّدُوا التَّسْمِيَةَ) عِنْدَ الذَّبْحِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَوْ سُبْحَانَ اللَّهِ) أَوْ اللَّهُ أَكْبَرُ اهـ.
(قَوْلُهُ: يُرِيدُ بِهِ التَّسْمِيَةَ حَلَّ) قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ وَلَوْ قَالَ مَقَامَ التَّسْمِيَةِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ أَوْ سُبْحَانَ اللَّهِ يُرِيدُ بِهِ التَّسْمِيَةَ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ أَرَادَ التَّحْمِيدَ وَلَمْ يُرِدْ التَّسْمِيَةَ لَمْ يَحِلَّ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ لَيْسَتْ بِصَرِيحَةٍ فِي بَابِ التَّسْمِيَةِ إنَّمَا الصَّرِيحُ بِاسْمِ اللَّهِ فَكَأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ كِنَايَةٌ وَالْكِنَايَةُ إنَّمَا تَقُومُ مَقَامَ الصَّرِيحِ بِالنِّيَّةِ كَمَا فِي بَابِ الطَّلَاقِ حَتَّى إذَا عَطَسَ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ يُرِيدُ التَّحْمِيدَ عَلَى الْعُطَاسِ وَذَبَحَ لَمْ يَحِلَّ لِأَنَّهُ لَمْ تُوجَدْ النِّيَّةُ اهـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ أَرَأَيْتَ رَجُلًا ذَبَحَ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى ذَبِيحَتِهِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ أَوْ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ أَوْ سُبْحَانَ اللَّهِ قَالَ إنْ كَانَ يُرِيدُ بِذَلِكَ التَّسْمِيَةَ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ فِي شَرْحِهِ: وَهَذَا لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ لَيْسَتْ بِصَرِيحٍ فِي بَابِ التَّسْمِيَةِ وَالصَّرِيحُ فِي بَابِ التَّسْمِيَةِ اسْمُ اللَّهِ، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ صَرِيحَةً فِي الْبَابِ كَانَتْ كِنَايَةً وَالْكِنَايَةُ إنَّمَا تَقُومُ مَقَامَ الصَّرِيحِ بِالنِّيَّةِ كَمَا فِي كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ إنْ نَوَى الطَّلَاقَ كَانَ طَلَاقًا، وَإِلَّا فَلَا فَكَذَا هَذَا وَقَالَ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَقَالَ بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا سَمَّى عَلَى ذَبِيحَتِهِ أَوْ الرَّمْيَةِ بِالْفَارِسِيَّةِ وَهُوَ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ أَوْ لَا يُحْسِنُهَا أَجْزَأَهُ ذَلِكَ مِنْ التَّسْمِيَةِ، ثُمَّ قَالَ فِيهِ: التَّهْلِيلُ وَالتَّحْمِيدُ وَالتَّكْبِيرُ وَالتَّسْبِيحُ بِمَنْزِلَةِ التَّسْمِيَةِ لِلْجَاهِلِ بِالسُّنَّةِ وَالْعَالِمِ بِهَا إلَى هُنَا لَفْظُ الْكَرْخِيِّ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ ذِكْرُ اللَّهِ عَلَى وَجْهِ التَّعْظِيمِ وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَهَذَا ظَاهِرٌ عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ فِي تَكْبِيرِ الصَّلَاةِ
وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فَلَا يَجُوزُ الدُّخُولُ فِي الصَّلَاةِ إلَّا بِالتَّكْبِيرِ «لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام فِي حَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ ثُمَّ تُكَبِّرُ» وَقَالَ فِي الذَّكَاةِ «إذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَك وَذَكَرْت اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ» فَظَهَرَ الْفَرْقُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَقْطَعُ فَوْرَ التَّسْمِيَةِ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رحمه الله عِنْدَ قَوْلِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَمَا تَدَاوَلَتْهُ الْأَلْسُنُ عِنْدَ الذَّبْحِ مَا نَصُّهُ وَقَالَ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ قَالَ الْبَقَّالِيُّ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ بِاسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ يَعْنِي بِالْوَاوِ، ثُمَّ قَالَ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ بِاسْمِ اللَّهِ اللَّهُ أَكْبَرُ بِدُونِ الْوَاوِ لِأَنَّ الْوَاوَ تَقْطَعُ فَوْرَ التَّسْمِيَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ الْعَيْنِيُّ رحمه الله: قُلْت إنْ كَانَ الْمَنْقُولُ بِالْوَاوِ فَلَا يُكْرَهُ. اهـ.