المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌{باب موت المكاتب وعجزه وموت المولى} - تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي - جـ ٥

[الفخر الزيلعي]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الْإِقْرَارِ)

- ‌(بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ)

- ‌(بَابُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ)

- ‌(كِتَابُ الصُّلْحِ)

- ‌[فَصْلٌ الصُّلْحُ جَائِزٌ عَنْ دَعْوَى الْمَالِ]

- ‌(بَابُ الصُّلْحِ فِي الدَّيْنِ)

- ‌[فَصْلٌ دَيْنٌ بَيْنَهُمَا صَالَحَ أَحَدُهُمَا عَنْ نَصِيبِهِ عَلَى ثَوْبٍ لِشَرِيكِهِ]

- ‌(كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ)

- ‌(بَابُ الْمُضَارِبِ يُضَارِبُ)

- ‌[فَصْلٌ مَا يَفْعَلُهُ الْمُضَارِبُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ]

- ‌(كِتَابُ الْوَدِيعَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْعَارِيَّةِ)

- ‌(كِتَابُ الْهِبَةِ)

- ‌(بَابُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ)

- ‌[فَصْلٌ وَهَبَ أَمَةً إلَّا حَمْلَهَا]

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌(بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَمَا يَكُونُ خِلَافًا فِيهَا)

- ‌[بَابُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌(بَابُ ضَمَانِ الْأَجِيرِ)

- ‌(بَابُ فَسْخِ الْإِجَارَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْمُكَاتَبِ)

- ‌[بَابُ مَا يَجُوزُ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَفْعَلَهُ]

- ‌[ فَصْلٌ وَلَدَتْ مُكَاتَبَةٌ مِنْ سَيِّدِهَا]

- ‌[بَابُ كِتَابَةِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ]

- ‌{بَابٌ مَوْتُ الْمُكَاتَبِ وَعَجْزُهُ وَمَوْتُ الْمَوْلَى}

- ‌[كِتَابُ الْوَلَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ أَسْلَمَ رَجُلٌ عَلَى يَدِ رَجُلٍ وَوَالَاهُ عَلَى أَنْ يَرِثَهُ]

- ‌[كِتَابُ الْإِكْرَاهِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجْرِ]

- ‌[ فَصْلٌ حُرْمَةُ طَرَفِ الْإِنْسَانِ]

- ‌[إقْرَار الصَّبِيّ وَالْمَجْنُون فِي الْحَجَر]

- ‌[فَصْلٌ بُلُوغُ الْغُلَامِ بِالِاحْتِلَامِ وَالْإِحْبَالِ وَالْإِنْزَالِ]

- ‌[كِتَابُ الْمَأْذُونِ]

- ‌(فَصْلٌ) غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ لَا يَتَوَلَّى طَرَفَيْ عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ الْمَالِيَّةِ

- ‌(كِتَابُ الْغَصْبِ)

- ‌[ فَصْلٌ غَيَّبَ الْمَغْصُوبَ]

- ‌(كِتَابُ الشُّفْعَةِ)

- ‌(بَابُ طَلَبِ الشُّفْعَةِ)

- ‌(بَابُ مَا تَجِبُ فِيهِ الشُّفْعَةُ وَمَا لَا تَجِبُ)

- ‌(بَابُ مَا تَبْطُلُ بِهِ الشُّفْعَةُ)

- ‌(كِتَابُ الْقِسْمَةِ)

- ‌[مَا تَشْتَمِل عَلَيْهِ الْقِسْمَة]

- ‌[الْإِجْبَار عَلَى الْقِسْمَة]

- ‌(كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ)

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْمُزَارَعَة]

- ‌[مَاتَ الْمَزَارِع قَبْل الزَّرْع]

- ‌(كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ)

- ‌[مَا تَصِحّ فِيهِ الْمُسَاقَاة]

- ‌[كِتَابُ الذَّبَائِحِ]

- ‌[تفسخ الْمُسَاقَاة بِالْعُذْرِ]

- ‌[التَّسْمِيَة عِنْد الذَّبْح]

- ‌[ مَوْضِع الذَّبْح]

- ‌[حَدّ الشَّفْرَة قَبْل الذَّبْح]

- ‌ النَّخْعُ وَقَطْعُ الرَّأْسِ وَالذَّبْحُ مِنْ الْقَفَا)

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَمَا لَا يَحِلُّ]

- ‌[أَكُلّ الْأَرْنَب]

- ‌ذَبْحُ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ يُطَهِّرُ لَحْمَهُ

- ‌[مَا يَحِلّ مِنْ حَيَوَان الْمَاء]

- ‌[مَا يَحِلّ بِلَا ذكاة]

الفصل: ‌{باب موت المكاتب وعجزه وموت المولى}

لِكِتَابَتِهَا فَلَا يَضْمَنُ الْمُعْتِقُ قَبْلَ الْعَجْزِ لِعَدَمِ ظُهُورِ أَثَرِ الْإِعْتَاقِ فِيهَا فَإِذَا عَجَزَتْ ظَهَرَ أَثَرُ الْعِتْقِ فِيهَا فَكَانَ لِلسَّاكِتِ الْخِيَارَاتُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْعَتَاقِ وَهِيَ إنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا فَلَهُ أَنْ يُعْتِقَ وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُعْتِقَ فَإِذَا ضَمَّنَ الْمُعْتِقَ كَانَ لِلْمُعْتِقِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ؛ لِأَنَّهُ قَامَ مَقَامَ السَّاكِتِ وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا كَانَ لَهُ خِيَارُ الْعِتْقِ أَوْ الِاسْتِسْعَاءُ عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي الْعَتَاقِ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافُ لَوْ دَبَّرَ الْمُكَاتَبَةَ أَوْ اسْتَوْلَدَهَا فَعِنْدَهُ لَا يَظْهَرُ حُكْمُ الِاسْتِيلَادِ وَلَا التَّدْبِيرُ إلَّا بَعْدَ عَجْزِهَا؛ لِأَنَّهُمَا يَتَجَزَّآنِ عِنْدَهُ فَيَقْتَصِرَانِ عَلَى نَصِيبِهِ وَنَصِيبُ شَرِيكِهِ مُكَاتَبٌ عَلَى حَالِهِ وَكَذَا نَصِيبُهُ؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ وَالِاسْتِيلَادَ لَا يُنَافِيَانِ الْكِتَابَةَ ابْتِدَاءً وَلَا بَقَاءً فَبَقِيَا عَلَى مَا كَانَا عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ؛ لِأَنَّ نَصِيبَهُ بَعْدَ الْإِعْتَاقِ لَا يَقْبَلُ الْكِتَابَةَ ابْتِدَاءً وَلَا بَقَاءً فَيَنْفَسِخُ فِي نَصِيبِهِ دُونَ نَصِيبِ شَرِيكِهِ، فَإِذَا عَجَزَتْ ظَهَرَ أَثَرُهُمَا فَيَضْمَنُ قِيمَتَهَا مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ تَمَلُّكٍ وَعِنْدَهُمَا لَا يَتَجَزَّآنِ فَصَارَتْ كُلُّهَا أُمَّ وَلَدٍ لَهُ أَوْ مُدَبَّرَةً؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تَمْنَعُ النَّقْلَ؛ لِأَنَّهَا تُفْسَخُ فِي حَقِّ مَا يَنْفَعُهَا ثُمَّ تَبْقَى مُكَاتَبَةً عَلَى حَالِهَا إذْ لَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا وَيَضْمَنُ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ قِيمَتِهَا فِي الْحَالِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ تَمَلُّكٍ فَلَا يَخْتَلِفُ بَيْنَ الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ وَيَضْمَنُ الْعُقْرَ فِي الِاسْتِيلَادِ.

قَالَ رحمه الله (عَبْدٌ لَهُمَا دَبَّرَهُ أَحَدُهُمَا ثُمَّ حَرَّرَهُ الْآخَرُ لِلْمُدَبِّرِ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُعْتِقَ نِصْفَ قِيمَتِهِ وَإِنْ حَرَّرَهُ أَحَدُهُمَا ثُمَّ دَبَّرَهُ الْآخَرُ لَا يَضْمَنُ الْمُعْتِقُ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله وَوَجْهُهُ أَنَّ التَّدْبِيرَ يَتَجَزَّأُ عِنْدَهُ فَتَدْبِيرُ أَحَدِهِمَا يَقْتَصِرُ عَلَى نَصِيبِهِ لَكِنْ يَفْسُدُ بِهِ نَصِيبُ الْآخَرِ فَيَثْبُتُ لَهُ خِيَرَةُ الْإِعْتَاقِ وَالتَّضْمِينِ وَالِاسْتِسْعَاءِ لِمَا عُرِفَ مِنْ مَذْهَبِهِ، فَإِذَا أَعْتَقَ لَمْ يَبْقَ لَهُ خِيَارُ التَّضْمِينِ وَالِاسْتِسْعَاءِ وَإِعْتَاقُهُ يَقْتَصِرُ عَلَى نَصِيبِهِ؛ لِأَنَّهُ يَتَجَزَّأُ عِنْدَهُ وَلَكِنْ يَفْسُدُ بِهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ فَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَةَ نَصِيبِهِ وَلَهُ خِيَارُ الْإِعْتَاقِ وَالِاسْتِسْعَاءِ أَيْضًا كَمَا هُوَ مَذْهَبُهُ فَإِذَا ضَمَّنَهُ يُضَمِّنُهُ قِيمَةَ نَصِيبِهِ مُدَبَّرًا؛ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ صَادَفَهُ وَهُوَ مُدَبَّرٌ ثُمَّ قِيلَ قِيمَةُ الْمُدَبَّرِ تُعْرَفُ بِالتَّقْوِيمِ، وَقِيلَ يَجِبُ ثُلُثَا قِيمَتِهِ وَهُوَ قِنٌّ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ أَنْوَاعٌ ثَلَاثَةٌ الْبَيْعُ وَأَشْبَاهُهُ وَالِاسْتِخْدَامُ وَأَمْثَالُهُ وَالْإِعْتَاقُ وَتَوَابِعُهُ وَلِلْفَائِتِ الْبَيْعُ فَيَسْقُطُ الثُّلُثُ.

وَإِذَا ضَمَّنَهُ لَا يَتَمَلَّكُ بِالضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ النَّقْلَ مِنْ مِلْكٍ إلَى مِلْكٍ كَمَا إذَا غَصَبَ مُدَبَّرًا أَوْ أَبَقَ وَضَمَّنَ الْغَاصِبَ قِيمَتَهُ فَإِنَّهُ لَا يَتَمَلَّكُ فَكَذَا هَذَا وَإِنْ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا أَوَّلًا كَانَ لِلْآخَرِ الْخِيَارَاتُ الثَّلَاثُ عِنْدَهُ، فَإِذَا دَبَّرَهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ خِيَارُ التَّضْمِينِ وَبَقِيَ خِيَارُ الْإِعْتَاقِ وَالِاسْتِسْعَاءِ؛ لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ يَعْتِقُ وَيَسْعَى، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ: إذَا دَبَّرَهُ أَحَدُهُمَا فَإِعْتَاقُ الْآخَرِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَجَزَّأُ عِنْدَهُمَا فَيَتَمَلَّكُ نَصِيبَ صَاحِبِهِ بِالتَّدْبِيرِ وَيَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ تَمَلُّكٍ فَلَا يَخْتَلِفُ بِهِمَا وَيَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهِ قِنًّا؛ لِأَنَّهُ صَادَفَهُ التَّدْبِيرُ وَهُوَ قِنٌّ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا أَوَّلًا فَتَدْبِيرُ الْآخَرِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ لَا يَتَجَزَّأُ عِنْدَهُمَا فَيَعْتِقُ كُلُّهُ فَلَمْ يُصَادِفْ التَّدْبِيرُ الْمِلْكَ وَهُوَ يَعْتَمِدُهُ وَيَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا؛ لِأَنَّ هَذَا ضَمَانُ الْإِعْتَاقِ فَيَخْتَلِفُ بِالْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ عِنْدَهُمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

قَالَ رحمه الله ‌

{بَابٌ مَوْتُ الْمُكَاتَبِ وَعَجْزُهُ وَمَوْتُ الْمَوْلَى}

(مُكَاتَبٌ عَجَزَ عَنْ نَجْمٍ وَلَهُ مَالٌ سَيَصِلُ لَمْ يُعَجِّزْهُ الْحَاكِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) نَظَرًا إلَى الْجَانِبَيْنِ وَالثَّلَاثَةُ هِيَ الْمُدَّةُ الَّتِي ضُرِبَتْ لِإِبْلَاءِ الْأَعْذَارِ كَإِمْهَالِ الْخَصْمِ لِلدَّفْعِ وَالْمَدِينِ لِلْقَضَاءِ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ. قَالَ رحمه الله (وَإِلَّا عَجَّزَهُ وَفَسَخَهَا أَوْ سَيِّدُهُ بِرِضَاهُ) يَعْنِي إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ سَيَصِلُ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَسَخَ الْقَاضِي الْكِتَابَةَ أَوْ فَسَخَ الْمَوْلَى بِرِضَا الْمُكَاتَبِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يُعَجِّزُهُ حَتَّى يَتَوَالَى عَلَيْهِ نَجْمَانِ لِقَوْلِ عَلِيٍّ رضي الله عنه إذَا تَوَالَى عَلَى الْمُكَاتَبِ نَجْمَانِ رُدَّ فِي الرِّقِّ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ فَتَدْبِيرُ أَحَدِهِمَا يَقْتَصِرُ عَلَى نَصِيبِهِ) أَيْ خِلَافًا لَهُمَا. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَكِنْ يَفْسُدُ بِهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ كَانَ يَسْتَخْدِمُهُ فَبَعْدَ إعْتَاقِ الثَّانِي لَهُ الِاسْتِخْدَامُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَأَشْبَاهُهُ) كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْإِرْثِ وَالْوَصِيَّةِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَأَمْثَالُهُ) كَالْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ وَالْوَطْءِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَالْإِعْتَاقُ وَتَوَابِعُهُ) وَهِيَ الْكِتَابَةُ وَالِاسْتِيلَادُ وَالتَّدْبِيرُ وَالْإِعْتَاقُ عَلَى مَالٍ اهـ.

(فَرْعٌ) قَالَ قَاضِيخَانْ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مَنَافِعُ الْمَمْلُوكِ ثَلَاثَةٌ الِاسْتِرْبَاحُ بِالْبَيْعِ وَالِاسْتِخْدَامُ وَقَضَاءُ الدَّيْنِ مِنْ مَالِيَّتِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَبِالتَّدْبِيرِ تَفُوتُ مَنْفَعَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ الِاسْتِرْبَاحُ وَبِالِاسْتِيلَادِ تَفُوتُ مَنْفَعَتَانِ قَضَاءُ الدَّيْنِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالِاسْتِرْبَاحُ فَتُوَزَّعُ الْقِيمَةُ عَلَى ذَلِكَ فَتَكُونُ قِيمَةُ الْمُدَبَّرِ ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ قِنًّا وَقِيمَةُ أُمِّ الْوَلَدِ ثُلُثَ قِيمَتِهَا قِنَّةً. اهـ. .

[بَابٌ مَوْتُ الْمُكَاتَبِ وَعَجْزُهُ وَمَوْتُ الْمَوْلَى]

(بَابٌ مَوْتُ الْمُكَاتَبِ وَعَجْزُهُ وَمَوْتُ الْمَوْلَى) وَإِنَّمَا ذَكَرَ هَذَا الْبَابَ آخِرًا؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ وَالْعَجْزَ عَارِضَانِ بَعْدَ الْكِتَابَةِ فَكَانَ التَّأْخِيرُ هُوَ الْمُنَاسِبَ؛ لِأَنَّ الْعَارِضَ بَعْدَ الْأَصْلِ اهـ غَايَةٌ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ مُكَاتَبٌ عَجَزَ عَنْ نَجْمٍ إلَخْ) قَالَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مُحَمَّدٌ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْمُكَاتَبِ يَعْجِزُ فَيَقُولُ أَخِّرُونِي، قَالَ: إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ أَوْ مَالٌ غَائِبٌ يُرْجَى قُدُومُهُ أَخَّرْته يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً لَا أَزِيدُهُ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا أَرُدُّهُ فِي الرِّقِّ حَتَّى يَتَوَالَى عَلَيْهِ نَجْمَانِ، إلَى هُنَا لَفْظُ أَصْلِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَقَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى كَقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ كَذَا فِي الْمُخْتَلَفِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ لَا بَلَاءٌ) أَيْ إظْهَارٌ. اهـ. (قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا يُعَجِّزُهُ حَتَّى يَتَوَالَى عَلَيْهِ نَجْمَانِ) وَمَعْنَى النَّجْمِ هُوَ الطَّالِعُ ثُمَّ سُمِّيَ بِهِ الْوَقْتُ الْمَضْرُوبُ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ أَقَلُّ

ص: 169

وَالْأَثَرُ فِيمَا لَا يُدْرَكُ بِالْقِيَاسِ كَالْخَبَرِ وَلِأَنَّهُ عَقْدُ إرْفَاقٍ حَتَّى كَانَ التَّأْجِيلُ فِيهَا سَنَةً وَحَالَةُ الْوُجُوبِ بَعْدَ حُلُولِ نَجْمٍ فَلَا بُدَّ مِنْ إمْهَالِ مُدَّةٍ وَأَوْلَى الْمُدَدِ مَا تَوَافَقَ عَلَيْهِ الْعَاقِدَانِ وَلِأَنَّ الْفَسْخَ لِلْعَجْزِ وَالْعَجْزُ لَا يَثْبُتُ وَلَا يَتَحَقَّقُ بِمُجَرَّدِ الْحُلُولِ فَلَا بُدَّ مِنْ إمْهَالِ مُدَّةٍ فَكَانَ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ أَوْلَى وَلَهُمَا مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ مُكَاتَبًا لَهُ عَجَزَ عَنْ نَجْمٍ فَرَدَّهُ فِي الرِّقِّ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْعَقْدِ مِنْ جَانِبِ الْمَوْلَى تَعْيِينُ الْمُسَمَّى عِنْدَ انْقِضَاءِ النَّجْمِ الْأَوَّلِ وَأَنَّهُ قَدْ فَاتَ فَوَجَبَ تَخْيِيرُهُ، كَمَا لَوْ تَوَالَى عَلَيْهِ نَجْمَانِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ قَابِلَةٌ لِلْفَسْخِ وَالْإِخْلَالُ بِالنَّجْمِ الْوَاحِدِ إخْلَالٌ بِمَا هُوَ غَرَضُ الْمَوْلَى مِنْ الْكِتَابَةِ فَوَجَبَ لَهُ حَقُّ الْفَسْخِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ كَفَوَاتِ وَصْفِ السَّلَامَةِ فِي الْمَبِيعِ وَلِأَنَّهُ لَمَّا مَضَى نَجْمٌ وَوَجَبَ عَلَيْهِ حِصَّتُهُ صَارَ كَأَنَّهُ كُوتِبَ عَلَى ذَلِكَ الْقَدْرِ حَالًا، وَفِيهِ يُقَالُ لَهُ إمَّا أَنْ تُؤَدِّيَ الْمَالَ حَالًا وَإِلَّا رُدِدْت فِي الرِّقِّ فَكَذَا هَذَا وَالْمَرْوِيُّ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه يُفِيدُ إثْبَاتَ الْفَسْخِ؛ إذْ تَوَالَى عَلَيْهِ نَجْمَانِ فَلَا يَنْفِي ثُبُوتَ الْفَسْخِ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ تَخْصِيصَ الشَّيْءِ بِالذِّكْرِ لَا يَنْفِي الْحُكْمَ عَمَّا عَدَاهُ عَلَى مَا عُرِفَ مِنْ الْقَاعِدَةِ.

وَالتَّأْخِيرُ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إنَّمَا كَانَ لِأَجْلِ إمْضَاءِ مُوجِبِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْأَدَاءَ لَا يُتَوَجَّهُ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ النَّجْمِ وَلَا بُدَّ لِلْأَدَاءِ مِنْ زَمَانٍ فَاسْتَحْسَنَّا هَذَا الْقَدْرَ الْمَذْكُورَ عَلَى أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ التَّعْجِيلِ دُونَ التَّأْخِيرِ نَظَرًا لَهُمَا وَإِظْهَارًا لِلْعُذْرِ؛ إذْ هِيَ مُدَّةٌ ضُرِبَتْ لِإِظْهَارِ الْأَعْذَارِ كَمَا فِي شَرْطِ الْخِيَارِ وَفِي قَصَصِ الْأَخْيَارِ وَإِمْهَالِ الْمُرْتَدِّ وَإِمْهَالِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلدَّفْعِ بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ وَإِمْهَالِ الْمَدِينِ لِلْقَضَاءِ فَإِنَّهُ إذَا اسْتَمْهَلَ ثَلَاثًا يُمْهَلُ، وَقَوْلُهُ عَجَّزَهُ وَفَسَخَهَا يَعْنِي الْحَاكِمَ يَحْكُمُ بِعَجْزِهِ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ عِنْدَ طَلَبِ الْمَوْلَى ذَلِكَ وَلَهُ وِلَايَةٌ عَامَّةٌ فَيَفْسَخُ، وَقَوْلُهُ أَوْ سَيِّدُهُ بِرِضَاهُ يَعْنِي أَوْ يَفْسَخُهُ الْمَوْلَى بِرِضَا الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ تَقْبَلُ الْفَسْخَ بِالتَّرَاضِي بِلَا عُذْرٍ فَمَعَ الْعُذْرِ أَوْلَى، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْعَبْدُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَضَاءِ بِالْفَسْخِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ لَازِمٌ تَامٌّ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْقَبْضِ وَقِيلَ يَنْفَرِدُ الْمَوْلَى بِالْفَسْخِ وَلَا يُشْتَرَطُ رِضَا الْمُكَاتَبِ كَمَا إذَا وَجَدَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ عَيْبًا قَبْلَ الْقَبْضِ فَإِنَّهُ يَنْفَرِدُ بِالْفَسْخِ وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ تَتِمُّ بِقَبْضِ الْمَوْلَى الْبَدَلَ فَمَا لَمْ يُقْبَضْ لَا تَتِمُّ فَيَفْسَخُهُ مُسْتَبِدًّا بِهِ إذَا فَاتَ غَرَضُهُ كَمَا يَسْتَبِدُّ الْمُشْتَرِي بِالْفَسْخِ بِالْعَيْبِ قَبْلَ الْقَبْضِ قُلْنَا الْعَبْدُ بَعْدَ الْعَقْدِ صَارَ فِي يَدِهِ فَصَارَ هَذَا فَسْخًا بَعْدَ الْقَبْضِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا.

قَالَ رحمه الله (وَعَادَ أَحْكَامَ الرِّقِّ) أَيْ إذَا عَجَزَ عَادَ إلَى أَحْكَامِ الرِّقِّ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ قَدْ انْفَسَخَتْ وَفَكُّ الْحَجْرِ كَانَ لِأَجْلِ عَقْدِ الْكِتَابَةِ فَلَا يَبْقَى بِدُونِ الْعَقْدِ قَالَ رحمه الله (وَمَا فِي يَدِهِ لِسَيِّدِهِ)؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّهُ كَسْبُ عَبْدِهِ إذْ هُوَ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْمَوْلَى عَلَى تَقْدِيرِ الْأَدَاءِ كَانَ لَهُ وَعَلَى تَقْدِيرِ الْعَجْزِ كَانَ لِلْمَوْلَى وَقَدْ تَحَقَّقَ الْعَجْزُ فَكَانَ لِمَوْلَاهُ.

قَالَ رحمه الله (وَإِنْ مَاتَ وَلَهُ مَالٌ لَمْ يُفْسَخْ وَتُؤَدَّى كِتَابَتُهُ مِنْ مَالِهِ وَحُكِمَ بِعِتْقِهِ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ) وَكَذَا يُحْكَمُ بِعِتْقِ أَوْلَادِهِ وَمَا بَقِيَ مِنْ مَالِهِ فَهُوَ مِيرَاثٌ لِوَرَثَتِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه وَبِهِ أَخَذَ عُلَمَاؤُنَا وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ رضي الله عنه تَنْفَسِخُ الْكِتَابَةُ بِمَوْتِهِ وَيَمُوتُ عَبْدًا وَمَا تُرِكَ فَهُوَ لِمَوْلَاهُ وَبِهِ أَخَذَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله لَهُ أَنَّ الْعَقْدَ لَوْ بَقِيَ لَبَقِيَ لِتَحْصِيلِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

التَّأْجِيلِ نَجْمَانِ أَيْ شَهْرَانِ ثُمَّ سُمِّيَ بِهِ مَا يُؤَدَّى فِيهِ مِنْ الْوَظِيفَةِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْأَثَرُ فِيمَا لَا يُدْرَكُ بِالْقِيَاسِ كَالْخَبَرِ) وَبِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ قَالَ أَحْمَدُ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ اهـ كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ عَقْدُ إرْفَاقٍ) أَيْ رِفْقٍ يُقَالُ رَفَقْت بِهِ وَأَرْفَقْت بِمَعْنًى كَذَا فِي الصِّحَاحِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَحَالَةُ الْوُجُوبِ إلَخْ) يَعْنِي الْفَسْخَ لِلْعَجْزِ وَلَا يَتَحَقَّقُ الْعَجْزُ إلَّا بِتَوَالِي نَجْمَيْنِ فَلَا يَثْبُتُ حَقُّ الْفَسْخِ قَبْلَ دَلِيلِهِ وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا مَضَى نَجْمٌ صَارَ حَالًّا وَالْعَجْزُ عَنْ الْبَدَلِ الْحَالِّ لَا يُوجِبُ الْفَسْخَ وَلَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بَعْدَ الْإِمْهَالِ وَإِبْلَاءِ الْعُذْرِ اهـ كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى الْمُدَدِ) أَيْ أَحَقُّ الْآجَالِ مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْعَاقِدَانِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ مَا تَوَافَقَ عَلَيْهِ الْعَاقِدَانِ) أَيْ وَهُوَ النَّجْمُ الثَّانِي فَإِذَا مَضَى الثَّانِي تَحَقَّقَ الْعَجْزُ فَوَجَبَ الْفَسْخُ اهـ كَاكِيٌّ، وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ عَلَى الْبَزْدَوِيِّ وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ اسْتِحْسَانٌ صَارَ إلَيْهِ تَيْسِيرًا عَلَى الْعَبْدِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ كَمَا فِي شَرْطِ الْخِيَارِ وَفِي قَصَصِ الْأَخْيَارِ) فَإِنَّ الْخَضِرَ قَالَ لِمُوسَى بَعْدَ الثَّلَاثَةِ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ. اهـ. (قَوْلُهُ إذَا اسْتَمْهَلَ ثَلَاثًا يُمْهَلُ) أَيْ وَلَمْ يَكُنْ بِهَذَا الْقَدْرِ مُمْتَنِعًا مِنْ الْأَدَاءِ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَجْهٌ أَصْلًا حَيْثُ لَا يُنْتَظَرُ عَلَيْهِ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ عَجْزُهُ وَالْمَوْلَى لَمْ يَرْضَ بِحِلِّيَّتِهِ إلَّا بِأَدَاءِ الْمَالِ فَلَا يَلْزَمُهُ مَا لَمْ يَرْضَ بِهِ مِنْ الْمُدَّةِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَضَاءِ بِالْفَسْخِ) أَيْ؛ لِأَنَّ هَذَا عَيْبٌ تَمَكَّنَ فِي أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ بَعْدَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ بِالْعَقْدِ صَارَ فِي يَدِهِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ رِضَا الْمُكَاتَبِ) أَيْ؛ لِأَنَّ هَذَا عَيْبٌ تَمَكَّنَ فِي أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ قَبْلَ تَمَامِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ تَمَامَ الْعَقْدِ بِالْأَدَاءِ فَصَارَ. اهـ. كَاكِيٌّ

(قَوْلُهُ وَحُكِمَ بِعِتْقِهِ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ) وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ إذَا مَاتَ عَاجِزًا مَاتَ عَبْدًا وَتُفْسَخُ الْكِتَابَةُ وَتَفْسِيرُ الْوَفَاءِ أَنَّهُ إذَا مَاتَ وَتَرَكَ وَلَدًا فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِأَنْ يَسْعَى وَيُؤَدِّيَ بَدَلَ الْكِتَابَةِ وَيُجْعَلَ أَدَاؤُهُ كَأَدَائِهِ وَيُحْكَمَ بِحُرِّيَّتِهِ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَتَرَكَ مَالًا بِهِ وَفَاءٌ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ يُؤَدِّي بَدَلَ الْكِتَابَةِ مِنْهُ وَيُحْكَمُ بِحُرِّيَّتِهِ كَذَا فِي الطَّرِيقَةِ الْبُرْهَانِيَّة. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَكَذَا يُحْكَمُ بِعِتْقِ أَوْلَادِهِ) أَيْ الْمَوْلُودِينَ أَوْ الْمُشْتَرَيْنَ فِي حَالِ الْكِتَابَةِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَهُوَ قَوْلٌ) أَيْ قَوْلُ عَلِيٍّ وا هـ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ وَمَا تَرَكَ فَهُوَ لِمَوْلَاهُ) أَيْ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَالنَّخَعِيُّ وَالشَّعْبِيُّ وَقَتَادَةُ وَأَبُو سُلَيْمَانَ وَأَصْحَابُهُ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ. ا. هـ كَاكِيٌّ

ص: 170

الْعِتْقِ بِالْأَدَاءِ، وَقَدْ تَعَذَّرَ إثْبَاتُهُ فَبَطَلَ وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَثْبُتَ الْعِتْقُ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ بَعْدَهُ مُقْتَصِرًا أَوْ مُسْتَنِدًا لَا وَجْهَ إلَى الْأَوَّلِ لِعَدَمِ شَرْطِهِ وَهُوَ الْأَدَاءُ وَالشَّيْءُ لَا يَسْبِقُ شَرْطَهُ وَلَا إلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِنُزُولِ الْعِتْقِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ إثْبَاتُ قُوَّةِ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ لَا يُتَصَوَّرُ فِي الْمَيِّتِ بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَعْقُودٍ عَلَيْهِ بَلْ هُوَ عَاقِدٌ وَالْعَقْدُ يَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لَا بِمَوْتِ الْعَاقِدِ، وَلِأَنَّ الْمَوْلَى يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُعْتَقًا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْعَبْدُ لَا يَصْلُحُ مُعْتَقًا بَعْدَهُ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَوْلَى إذَا قَالَ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي يَصِحُّ وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِك لَا يَصِحُّ وَلَا إلَى الثَّالِثِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ إثْبَاتُهُ فِي الْحَالِ تَعَذَّرَ اسْتِنَادُهُ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ يَثْبُتُ ثُمَّ يَسْتَنِدُ وَلِأَنَّ فِي إسْنَادِهِ إلَى حَالِ حَيَاتِهِ إثْبَاتُ الْعِتْقِ قَبْلَ شَرْطِهِ وَهُوَ الْأَدَاءُ فَلَا يَجُوزُ بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ الْمَوْلَى فَإِنَّ الْعَقْدَ بَاقٍ بَعْدَ مَوْتِهِ فَيَعْتِقُ لِكَوْنِ الْمَيِّتِ أَهْلًا لَهُ عَلَى مَا بَيَّنَّا آنِفًا.

وَلَنَا أَنَّ الْكِتَابَةَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَهُوَ الْمَوْلَى فَلَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْآخَرِ وَهُوَ الْعَبْدُ كَالْبَيْعِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ قَضِيَّةَ الْمُعَاوَضَةِ الْمُسَاوَاةُ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ فَإِذَا جَازَ بَقَاءُ الْعَقْدِ بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى لِحَاجَتِهِ إلَى الْوَلَاءِ وَغَيْرِهِ حَازَ أَنْ يَبْقَى بَعْدَ مَوْتِ الْعَبْدِ لِحَاجَتِهِ إلَى مَقْصُودِهِ وَهُوَ شَرَفُ الْحُرِّيَّةِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ الْمَوْلَى قَبْلَهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ حَتَّى لَوْ عَجَّزَ الْعَبْدُ نَفْسَهُ عَنْ أَدَاءِ الْبَدَلِ يَبْطُلُ، وَاَلَّذِي اسْتَحَقَّهُ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ الْمَوْلَى لَازِمٌ حَتَّى لَوْ أَرَادَ أَنْ يُبْطِلَهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلِأَنَّ الْمَوْتَ أَنْفَى لِلْمَالِكِيَّةِ مِنْهُ لِلْمَمْلُوكِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْمَمْلُوكِيَّةَ عِبَارَةٌ عَنْ الْعَجْزِ وَالْمَالِكِيَّةُ عِبَارَةٌ عَنْ الْقُدْرَةِ وَالْمَوْتُ أَنْفَى لِلْقُدْرَةِ مِنْهُ لِلْعَجْزِ فَإِذَا بَقِيَ الْعَقْدُ مَعَ أَقْوَى الْمُنَافِيَيْنِ فَمَعَ أَدْنَاهُمَا أَوْلَى، أَلَا تَرَى مَمْلُوكِيَّةَ الْعَبْدِ بَاقِيَةً بَعْدَ مَوْتِهِ لِحَاجَتِهِ حَتَّى وَجَبَ الْكَفَنُ عَلَى مَوْلَاهُ.

فَكَذَا هُنَا أَيْضًا تَبْقَى الْمَمْلُوكِيَّةُ لِحَاجَتِهِ وَهِيَ أَشْرَفُ بَلْ أَوْلَى لِمَا فِيهَا مِنْ التَّعَدِّي لِلِاتِّبَاعِ كَالْأَوْلَادِ وَأُمَّهَاتِهِمْ أَوْ نَقُولُ لِلْمُكَاتَبِ يَثْبُتُ بِالْكِتَابَةِ مَالِكِيَّةُ الْيَدِ فِي مَكَاسِبِهِ وَبِهَا يَتَمَكَّنُ مِنْ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ فَتَبْقَى تِلْكَ الْمَالِكِيَّةُ بَعْدَ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّ حَاجَتَهُ إلَى تَحْصِيلِ الْحُرِّيَّةِ لِنَفْسِهِ فَوْقَ حَاجَةِ الْمَوْلَى وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّرْدِيدِ قُلْنَا إنَّهُ يَعْتِقُ بَعْدَ الْمَوْتِ عِنْدَ الْبَعْضِ بِأَنْ يُقَدَّرَ حَيًّا قَابِلًا لِلْعِتْقِ كَمَا يُقَدَّرُ الْمَوْلَى حَيًّا مَالِكًا مُعْتِقًا بَعْدَ مَوْتِهِ، وَلِهَذَا يُقَدَّرُ الْمَيِّتُ حَيًّا فِي حَقِّ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ أَمْوَالِهِ كَتَجْهِيزِهِ وَقَضَاءِ دَيْنِهِ وَتَنْفِيذِ وَصَايَاهُ وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ إنَّهُ يَعْتِقُ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ إمَّا؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْأَدَاءِ مَوْجُودٌ قَبْلَ الْمَوْتِ فَيَسْتَنِدُ الْأَدَاءُ إلَيْهِ فَيَكُونُ أَدَاءً خَلْفَهُ كَأَدَائِهِ بِنَفْسِهِ فَإِنْ قِيلَ الْأَدَاءُ فِعْلٌ حِسِّيٌّ وَالْإِسْنَادُ يَكُونُ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ قُلْنَا: نَعَمْ لَكِنْ فِعْلُ النَّائِبِ مُضَافٌ إلَى الْمَنُوبِ عَنْهُ وَهَذِهِ الْإِضَافَةُ شَرْعِيَّةٌ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ رَمَى صَيْدًا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهُ ثُمَّ أَصَابَهُ صَارَ مَالِكًا لَهُ حَتَّى يُورَثَ عَنْهُ وَالْمَيِّتُ لَيْسَ بِأَهْلٍ لَهُ وَلَكِنْ لَمَّا صَحَّ السَّبَبُ وَالْمِلْكُ يَثْبُتُ بَعْدَ تَمَامِ السَّبَبِ وَتَمَامُهُ بِالْإِضَافَةِ إلَيْهِ وَهُوَ لَيْسَ بِأَهْلٍ لَهُ يَثْبُتُ الْمِلْكُ مِنْ حِينِ الْإِمْكَانِ وَهُوَ آخِرُ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ، فَكَذَا هُنَا لَمَّا كَانَ السَّبَبُ مُنْعَقِدًا وَهُوَ عَقْدُ الْكِتَابَةِ وَالْعِتْقُ مَوْقُوفٌ عَلَى الْأَدَاءِ، وَالْأَدَاءُ جَائِزٌ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْحُكْمُ وَهُوَ وُقُوعُ الْعِتْقِ مِمَّا يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ كَالْمِلْكِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ حَكَمْنَا بِعِتْقِهِ فِي

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِك لَا يَصِحُّ) أَيْ وَكَذَا لَوْ أَوْصَى أَنْ يُعْتَقَ عَنْهُ عَبْدُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ يَصِحُّ وَيَكُونُ الْمَوْلَى هُوَ الْمُعْتِقَ حَتَّى يَكُونَ الْوَلَاءُ لَهُ. اهـ. دِرَايَةٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ يَثْبُتُ) أَيْ أَوَّلًا فِي الْحَالِ. اهـ. (قَوْلُهُ ثُمَّ يَسْتَنِدُ) وَلَا إمْكَانَ لِثُبُوتِ الْعِتْقِ فِي حَالِ الْمَمَاتِ لِعَدَمِ الْمَحَلِّيَّةِ فَكَيْفَ يَسْتَنِدُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَنَا أَنَّ الْكِتَابَةَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ) أَيْ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ. اهـ. (قَوْلُهُ كَالْبَيْعِ) وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا الْحَاجَةُ إلَى إبْقَاءِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَبَتَ لَهُ حَقٌّ بِعَقْدِ الْكِتَابَةِ بِعَرْضِ أَنْ يَصِيرَ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى ثَبَتَ لَهُ حَقٌّ فِي الْبَدَلِ بِعَرْضِ أَنْ يَصِيرَ ذَلِكَ الْحَقُّ حَقِيقَةً عِنْدَ الْقَبْضِ، وَالْمُكَاتَبُ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ الْعِتْقِ عَلَى وَجْهٍ يَصِيرُ ذَلِكَ حَقِيقَةً عِنْدَ الْأَدَاءِ ثُمَّ قَبْضُ خَلَفِ الْمَوْلَى يُجْعَلُ كَقَبْضِ نَفْسِهِ وَيُجْعَلُ الْمَوْلَى مُعْتِقًا فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ لِحَاجَتِهِ فَكَذَلِكَ يُجْعَلُ أَدَاءُ خَلَفِ الْمَكَاتِبِ كَأَدَائِهِ وَيُجْعَلُ مُعْتِقًا فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ لِحَاجَتِهِ بَلْ هُنَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ شُرِعَتْ نَظَرًا لِلْمُكَاتَبِ وَرِفْقًا حَتَّى كَانَتْ الْكِتَابَةُ لَازِمَةً مِنْ جَانِبِ الْمَوْلَى بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْفَسْخِ وَشُرِعَتْ غَيْرَ لَازِمَةٍ فِي حَقِّ الْمُكَاتَبِ حَتَّى يَقْدِرَ عَلَى الْفَسْخِ بِتَعْجِيزِ نَفْسِهِ.

فَلَمَّا وَجَبَ إبْقَاءُ الْكِتَابَةِ لِحَاجَةِ الْمَوْلَى فَلَأَنْ يَجِبَ إبْقَاؤُهَا لِحَاجَةِ الْمُكَاتَبِ أَوْلَى، يُحَقِّقُهُ أَنَّ الْإِجْمَاعَ انْعَقَدَ عَلَى جَعْلِ الْمَوْلَى مُعْتِقًا بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَمْ تَنْفَسِخْ الْكِتَابَةُ بِمَوْتِهِ فَكَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى جَعْلِ الْمُكَاتَبِ مُعْتَقًا بَعْدَ مَوْتِهِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ فِعْلٌ وَكَوْنُهُ مُعْتِقًا وَصْفٌ وَلَيْسَ بِفِعْلٍ وَالْمَوْتُ يُنَافِي الْأَفْعَالَ وَلَا يُنَافِي الصِّفَاتِ وَلِأَنَّ مِنْ شَرْطِ كَوْنِهِ مُعْتِقًا أَنْ يَكُونَ مَالِكًا وَمِنْ شَرْطِ كَوْنِهِ مُعْتَقًا أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا وَالْمَوْتُ أَنْفَى لِلْمَالِكِيَّةِ مِنْ الْمَمْلُوكِيَّةِ وَأَنْفَى لِكَوْنِهِ مُعْتِقًا مِنْ كَوْنِهِ مُعْتَقًا، أَلَا تَرَى أَنَّ الْجَمَادَاتِ تُوصَفُ بِالْمَمْلُوكِيَّةِ وَلَا تُوصَفُ بِالْمَالِكِيَّةِ فَإِذَا جُعِلَ الْمَوْلَى مُعْتِقًا بَعْدَ الْمَوْتِ كَانَ جَعْلُ الْمُكَاتَبِ مُعْتَقًا بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى اهـ غَايَةٌ (قَوْلُهُ قِبَلَهُ) أَيْ قِبَلَ الْمُكَاتَبِ. اهـ. (قَوْلُهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ) فَإِذَا لَمْ يَبْطُلْ حَقُّ الْمَوْلَى بِمَوْتِهِ فَحَقُّ الْمُكَاتَبِ وَإِنَّهُ أَلْزَمُ أَوْلَى أَنْ لَا يَبْطُلَ. اهـ. دِرَايَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ نَقُولُ لِلْمُكَاتَبِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْفِعْلِ الَّذِي يَلِيهِ. اهـ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْأَدَاءِ) أَيْ وَهُوَ عَقْدُ الْكِتَابَةِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْإِسْنَادُ) إنَّمَا. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ فَمَاتَ) أَيْ الرَّامِي اهـ (قَوْلُهُ ثُمَّ أَصَابَهُ) أَيْ ثُمَّ أَصَابَ السَّهْمُ الصَّيْدَ اهـ

ص: 171

آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ وَإِمَّا بِأَنْ يُقَامَ التَّرْكُ الْمَوْجُودُ مِنْهُ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ مَقَامَ التَّخْلِيَةِ بَيْنَ الْمَالِ وَبَيْنَ الْمَوْلَى وَهُوَ الْأَدَاءُ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ. رحمه الله.

قَالَ رحمه الله (وَإِنْ تَرَكَ وَلَدًا وُلِدَ فِي كِتَابَتِهِ لَا وَفَاءَ سَعَى كَأَبِيهِ عَلَى نُجُومِهَا وَإِذَا أَدَّى حُكِمَ بِعِتْقِهِ وَعِتْقِ أَبِيهِ قَبْلَ مَوْتِهِ)؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ دَخَلَ فِي كِتَابَتِهِ وَكَسْبُهُ كَكَسْبِهِ فَيَخْلُفُهُ فِي الْأَدَاءِ وَصَارَ أَدَاؤُهُ كَأَدَاءِ أَبِيهِ فَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ تَرَكَ وَفَاءً مَعَ الْوَلَدِ وَفِي الْكَافِي لَوْ كَاتَبَ أَمَتَهُ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا فَوَلَدَتْ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَمَاتَتْ وَبَقِيَ الْوَلَدُ بَقِيَ خِيَارُهُ وَعَقْدُ الْكِتَابَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَلَهُ أَنْ يُجِيزَهَا، وَإِذَا أَجَازَ يَبْقَى الْوَلَدُ عَلَى نُجُومِ أُمِّهِ وَإِذَا أَدَّى عَتَقَتْ الْأُمُّ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهَا وَعَتَقَ وَلَدُهَا وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رحمه الله تَبْطُلُ الْكِتَابَةُ وَلَا تَصِحُّ إجَازَةُ الْمَوْلَى وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ إنَّمَا يَقُومُ مَقَامَ الْوَالِدِ فِي الْكِتَابَةِ إذَا كَانَ وَلَدُ الْمُكَاتَبِ وَأُمُّهُ لَمْ تَصِرْ مُكَاتَبَةً بَعْدُ وَلَهُمَا أَنَّ فِي إبْقَاءِ الْعَقْدِ فَائِدَةً بِأَنْ يُجِيزَهُ الْمَوْلَى وَيَقُومُ الْوَلَدُ مَقَامَهَا وَيَنْفُذُ الْعَقْدُ فِي حَقِّ الْأُمِّ بِنَفَاذِهِ فِي حَقِّ الْوَلَدِ ثُمَّ يَسْتَنِدُ إلَى وَقْتِ الِانْعِقَادِ.

قَالَ رحمه الله (وَلَوْ تَرَكَ وَلَدًا مُشْتَرًى عَجَّلَ الْبَدَلَ حَالًّا أَوْ رُدَّ رَقِيقًا) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله وَعِنْدَهُمَا يُؤَدِّيهِ عَلَى نُجُومِهِ؛ لِأَنَّهُ تَكَاتَبَ عَلَيْهِ فَيَسْعَى عَلَى نُجُومِهِ كَالْوَلَدِ الْمَوْلُودِ فِي الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِمَنْزِلَتِهِ حَتَّى جَازَ لِلْمَوْلَى إعْتَاقُهُ كَمَا يَجُوزُ إعْتَاقُ الْمُكَاتَبِ نَفْسَهُ بِخِلَافِ سَائِرِ أَكْسَابِ الْمُكَاتَبِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ إعْتَاقَهُ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله أَنَّ الْأَجَلَ يَثْبُتُ بِالشَّرْطِ فِي الْعَقْدِ فَيَثْبُتُ فِي حَقِّ مَنْ دَخَلَ تَحْتَ الْعَقْدِ، وَالْمُشْتَرِي لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُضِفْ إلَيْهِ الْعَقْدَ وَلَمْ يَسْرِ حُكْمُهُ إلَيْهِ لِكَوْنِهِ مُنْفَصِلًا عَنْهُ وَقْتَ الْكِتَابَةِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُبَاعَ بَعْدَ مَوْتِهِ لِفَوَاتِ الْمَتْبُوعِ، وَلَكِنْ إذَا عَجَّلَ وَأَعْطَى مِنْ سَاعَتِهِ صَارَ كَأَنَّهُ مَاتَ عَنْ وَفَاءٍ بِخِلَافِ الْوَلَدِ الْمَوْلُودِ فِي الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهُ مَاؤُهُ بَعْدَ الْمُكَاتَبَةِ فَيَدْخُلُ فِي حُكْمِهِ وَيَسْعَى عَلَى نُجُومِهِ فَعَلَى هَذَا لَوْ اشْتَرَى ابْنَهُ الْمَوْلُودَ بَعْدَ الْكِتَابَةِ مِنْ امْرَأَةٍ لَهُ أَمَةٍ يَنْبَغِي أَنْ يَدْخُلَ فِي كِتَابَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَائِهِ بَعْدَ الْكِتَابَةِ.

قَالَ رحمه الله (وَإِنْ اشْتَرَى ابْنَهُ فَمَاتَ وَتَرَك وَفَاءً وَرِثَهُ ابْنُهُ)؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَدَّى بَدَلَ الْكِتَابَةِ حُكِمَ بِعِتْقِهِ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ فَيَتْبَعُهُ وَلَدُهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَيَكُونَانِ حُرَّيْنِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ مَاتَ حُرًّا عَنْ ابْنٍ حُرٍّ قَالَ رحمه الله (وَكَذَا لَوْ كَانَ هُوَ وَابْنُهُ مُكَاتَبَيْنِ كِتَابَةً وَاحِدَةً) يَعْنِي يَرِثُهُ؛ لِأَنَّهُمَا صَارَا كَشَخْصٍ وَاحِدٍ فَإِذَا حُكِمَ بِعِتْقِ أَحَدِهِمَا فِي وَقْتٍ حُكِمَ بِعِتْقِ الْآخَرِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ ضَرُورَةَ اتِّحَادِ الْعَقْدِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فَيَصِيرُ حُرًّا مَاتَ عَنْ ابْنٍ حُرٍّ وَلَوْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ ثَلَاثَةَ أَوْلَادٍ حُرًّا وَمَوْلُودًا فِي الْكِتَابَةِ وَمُكَاتَبًا مَعَهُ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ وَوَصِيًّا يَرِثُهُ أَوْلَادُهُ لِمَا ذَكَرْنَا وَيَمْلِكُ الْوَصِيُّ بَيْعَ الْعُرُوضِ دُونَ الْعَقَارِ وَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْعُرُوضِ مِنْ الْحِفْظِ دُونَ الْعَقَارِ وَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَلَوْ مَاتَ الْحُرُّ قَبْلَ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ لَا يَرِثَانِهِ؛ لِأَنَّ إرْثَهُ لَيْسَ مِنْ حُقُوقِ كِتَابَةِ أَبِيهِ فَلَا يَظْهَرُ الْإِسْنَادُ فِي حَقِّهِ.

قَالَ رحمه الله (وَلَوْ تَرَكَ وَلَدًا مِنْ حُرَّةٍ وَدَيْنًا فِيهِ وَفَاءٌ بِمُكَاتَبَتِهِ فَجَنَى الْوَلَدُ فَقُضِيَ بِهِ عَلَى

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ مَقَامَ التَّخْلِيَةِ بَيْنَ الْمَالِ وَبَيْنَ الْمَوْلَى) فَإِنْ قِيلَ لَوْ قَذَفَهُ قَاذِفٌ بَعْدَ أَدَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ فِي حَيَاتِهِ يُحَدُّ قَاذِفُهُ وَلَوْ حُكِمَ بِحُرِّيَّتِهِ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ يَنْبَغِي أَنْ يُحَدَّ قَاذِفُهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ، قُلْنَا: ثَبَتَتْ الْحُرِّيَّةُ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ لِضَرُورَةِ حَاجَتِهِ إلَيْهَا وَالثَّابِتُ بِالضَّرُورَةِ لَا يُعَدُّ وَمَوْضِعُهَا فَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ إحْصَانِهِ فَلَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ مَعَ أَنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ وَالْحُرِّيَّةُ هُنَا تَثْبُتُ مَعَ الشُّبْهَةِ وَمَا ثَبَتَ بِالِاسْتِنَادِ ثَبَتَ مِنْ وَجْهٍ. اهـ. كَاكِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَفِي الْكَافِي لَوْ كَاتِبْ أَمَتَهُ إلَخْ) وُضِعَ فِي خِيَارِ الْمَوْلَى إذْ فِي خِيَارِ الْأَمَةِ مَوْتُهَا بِمَنْزِلَةِ قَبُولِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ لَا يُورَثُ مِنْ الْحُرِّ فَكَيْفَ مِنْ الْمُكَاتَبَةِ لَكِنَّهَا كَمَا أَشْرَفَتْ عَلَى الْمَوْتِ وَعَجَزَتْ عَنْ التَّصَرُّفِ بِحُكْمِ الْخِيَارِ سَقَطَ خِيَارُهَا مِنْ الْحَقَائِقِ اهـ ابْنُ فِرِشْتَا.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ تَكَاتَبَ عَلَيْهِ) أَيْ تَبَعًا اهـ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ يَنْبَغِي أَنْ يَدْخُلَ فِي كِتَابَتِهِ) أَيْ عَلَى حُكْمِ أَبِيهِ. اهـ.

(قَوْلُهُ حُكِمَ بِعِتْقِهِ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ) أَيْ بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلْإِعْتَاقِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ كِتَابَةٌ وَاحِدَةٌ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ كَانَا مُكَاتَبَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ بِعَقْدٍ عَلَى حِدَةٍ لَا يَرِثُهُ ابْنُهُ كَذَا ذَكَرَهُ الْمَحْبُوبِي؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَقْصُودًا بِالْكِتَابَةِ فَإِنَّمَا يَعْتِقُ مِنْ وَقْتِ أَدَاءِ الْبَدَلِ مَقْصُورًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْإِسْنَادَ لِلضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ فِي حَقِّهِ هَاهُنَا فَكَانَ عَبْدًا عِنْدَ مَوْتِ أَبِيهِ فَلَا يَرِثُهُ اهـ كَاكِيٌّ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَوْ تَرَكَ وَلَدًا مِنْ حُرَّةٍ إلَخْ) قَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي مُخْتَصَرِ الْكَافِي وَإِذَا مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَلَهُ دُيُونٌ عَلَى النَّاسِ وَتَرَكَ وَلَدًا حُرًّا فَهُوَ مَوْلًى لِمَوَالِي الْأُمِّ مَا لَمْ يَخْرُجْ الدَّيْنُ فَتُؤَدِّي الْمُكَاتَبَةُ، فَإِذَا أَدَّيْت رَجَعَ وَلَاءُ الْوَلَدِ إلَى مَوَالِي الْأَبِ وَلَمْ يَرْجِعْ إلَى مَوَالِي الْأُمِّ بِمَا عَقَلُوا عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ بَعْدَ مَوْتِهِ قَبْلَ خُرُوجِ الدَّيْنِ فَاخْتَصَمَ مَوَالِي الْأَبِ وَمَوَالِي الْأُمِّ فِي مِيرَاثِهِ فَقَضَى بِهِ لِمَوَالِي الْأُمِّ بَطَلَتْ الْكِتَابَةُ فَإِنْ خَرَجَ الدَّيْنُ كَانَ مِيرَاثًا لِلْمَوْلَى عَنْ عَبْدِهِ إلَى هُنَا لَفْظُ الْحَاكِمِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْفَصْلَيْنِ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى قَرَّرَ الْقَاضِي حُكْمَ الْكِتَابَةِ حَيْثُ قَضَى بِالْعَقْلِ عَلَى عَاقِلَةِ الْأُمِّ؛ لِأَنَّ حُكْمَ بَقَاءِ الْكِتَابَةِ أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لِمَوَالِي الْأُمِّ؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ إثْبَاتُهُ مِنْ مَوَالِي الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتِقْ بَعْدُ وَالْقَضَاءُ بِتَقْرِيرِ حُكْمِ الْكِتَابَةِ لَا يَكُونُ قَضَاءً بِفَسْخِهَا وَلَكِنْ إلْحَاقُ الْوَلَاءِ بِمَوَالِي الْأُمِّ لَا بِسَبِيلِ الِاسْتِقْرَارِ بَلْ عَلَى احْتِمَالِ أَنْ يَعْتِقَ الْأَبُ فَيَجُرَّ الْوَلَاءَ إلَى مَوَالِيهِ.

فَإِذَا خَرَجَ الدَّيْنُ وَأُدِّيَتْ الْكِتَابَةُ انْتَقِلْ الْوَلَاءُ إلَى مَوَالِي الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ عِتْقٌ وَلَمْ يَرْجِعْ مَوَالِي الْأُمِّ بِمَا عَقَلُوا عَلَى مَوَالِي الْأَبِ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ انْتَقَلَ إلَيْهِمْ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا قَبْلَهُ وَأَمَّا إذَا مَاتَ الِابْنُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُكَاتَبِ فَاخْتَصَمَ مَوَالِي الْأَبِ وَمَوَالِي الْأُمِّ فِي مِيرَاثِهِ فَقَضَى الْقَاضِي بِالْوَلَاءِ لِمَوَالِي الْأُمِّ كَانَ ذَلِكَ قَضَاءً فَسْخًا لِلْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ خُصُومَتَهُمْ وَقَعَتْ فِي بَقَاءِ الْكِتَابَةِ وَانْتِقَاضِهَا وَلَا يَسْتَقِرُّ الْوَلَاءُ لِأَحَدِ الْمَوْلَيَيْنِ إلَّا بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ إنْ بَقِيَتْ وَأُدِّيَتْ الْكِتَابَةُ وَعَتَقَ الْأَبُ كَانَ الْوَلَاءُ لِمَوَالِيهِ وَإِنْ انْتَقَضَتْ كَانَ لِمَوَالِي الْأُمِّ فَمَوَالِي الْأُمِّ يَقُولُونَ انْتَقَضَتْ حَيْثُ

ص: 172

عَاقِلَةِ الْأُمِّ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ قَضَاءً بِعَجْزِ الْمُكَاتَبِ وَإِنْ اخْتَصَمَ مَوَالِي الْأُمِّ وَمَوَالِي الْأَبِ فِي وَلَائِهِ فَقَضَى بِهِ لِمَوَالِي الْأُمِّ فَهُوَ قَضَاءٌ بِالْعَجْزِ) وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقَضَاءَ بِمُوجِبِ الْجِنَايَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ يُقَرِّرُ حُكْمَ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ مِنْ قَضِيَّةِ قِيَامِ الْكِتَابَةِ أَنْ يَكُونَ مُوجِبُ جِنَايَتِهِ عَلَى مَوَالِي الْأُمِّ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ وَإِنْ تَرَكَ مَالًا وَهُوَ الدَّيْنُ لَا يُحْكَمُ بِعِتْقِهِ إلَّا عِنْدَ أَدَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ فَكَانَتْ جِنَايَتُهُ عَلَيْهِمْ فَإِذَا قَضَى بِهَا الْقَاضِي عَلَيْهِمْ كَانَ الْقَضَاءُ تَقْرِيرًا لِلْكِتَابَةِ فَتَبْقَى الْكِتَابَةُ عَلَى حَالِهَا، فَإِذَا أَدَّى بَعْدَ ذَلِكَ بَدَلَ الْكِتَابَةِ عَتَقَ الْمُكَاتَبُ وَظَهَرَ لِلِابْنِ وَلَاءٌ فِي جَانِبِ الْأَبِ فَيَنْجَرُّ إلَيْهِ وَلَاؤُهُ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ كَالنَّسَبِ وَالنَّسَبُ لَا يَثْبُتُ مِنْ قَوْمِ الْأُمِّ إلَّا عِنْدَ تَعَذُّرِ إثْبَاتِهِ مِنْ قَوْمِ الْأَبِ حَتَّى لَوْ ارْتَفَعَ الْمَانِعُ مِنْ إثْبَاتِهِ مِنْهُ بِأَنْ أَكْذَبَ الْمَلَاعِنُ نَفْسَهُ يَعُودُ النَّسَبُ إلَيْهِ، فَكَذَا الْوَلَاءُ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْخُصُومَةُ فِي نَفْسِ الْوَلَاءِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِكَوْنِ الْوَلَاءِ لِمَوَالِي الْأُمِّ إذْ الْخُصُومَةُ وَقَعَتْ فِي الْوَلَاءِ وَمِنْ ضَرُورَتِهِ الْقَضَاءُ بِفَسْخِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَا يَكُونُ مِنْ جَانِبِ الْأُمِّ إلَّا إذَا تَعَذَّرَ إثْبَاتُهُ مِنْ جَانِبِ الْأَبِ.

وَإِنَّمَا يَتَعَذَّرُ إثْبَاتُهُ بِفَسْخِ الْكِتَابَةِ إذْ لَوْ كَانَتْ بَاقِيَةً يُمْكِنُ أَنْ يَثْبُتَ مِنْ جَانِبِهِ بِالْأَدَاءِ وَفَرْقٌ آخَرُ أَنَّ الْقَضَاءَ بِمُوجِبِ الْجِنَايَةِ عَلَى مَوَالِي الْأُمِّ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْقَضَاءُ بِفَسْخِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْضِي بِمُوجِبِ الْجِنَايَةِ عَلَى غَيْرِ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ كَالْكَفِيلِ وَالْقَضَاءُ بِالْوَلَاءِ لِمَوَالِي الْأُمِّ يَتَضَمَّنُ الْقَضَاءُ بِفَسْخِ الْكِتَابَةِ إذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَجْتَمِعَ عَلَيْهِ الْوِلَاءَانِ إذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ فَسْخًا لَهَا يَلْزَمُ الْحُكْمُ بِحُرِّيَّتِهِ إذَا أَدَّى بَدَلَ الْكِتَابَةِ فَإِذَا صَارَ حُرًّا فِي آخِرِ حَيَاتِهِ انْتَقَلَ وَلَاءُ الْوَلَدِ إلَيْهِ وَانْتُقِضَ الْقَضَاءُ وَهُوَ يَجِبُ صِيَانَتُهُ عَنْ النَّقْضِ فَلَا يُفْسَخُ إذَا صَادَفَ مَحَلًّا مُجْتَهَدًا فِيهِ، وَالْحُكْمُ بِالْإِرْثِ مِنْ الْوَلَدِ لِمَوَالِي الْأُمِّ كَالْحُكْمِ بِالْوَلَاءِ لَهُمْ حَتَّى تَنْفَسِخَ بِهِ الْكِتَابَةُ وَلَا يَجُوزُ نَقْضُهُ وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا إذَا مَاتَ الْمُكَاتَبُ عَنْ وَفَاءٍ فَأَدَّيْت الْكِتَابَةُ أَوْ عَنْ وَلَدٍ فَأَدَّاهَا، وَأَمَّا إذَا مَاتَ لَا عَنْ وَفَاءٍ وَلَا عَنْ وَلَدٍ فَاخْتَلَفُوا فِي بَقَاءِ الْكِتَابَةِ، قَالَ الْإِسْكَافُ تَنْفَسِخُ حَتَّى لَوْ تَطَوَّعَ إنْسَانٌ بِأَدَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ عَنْهُ لَا تُقْبَلُ مِنْهُ وَقَالَ أَبُو اللَّيْثِ رحمه الله لَا تَنْفَسِخُ مَا لَمْ يُقْضَ بِعَجْزِهِ حَتَّى لَوْ تَطَوَّعَ بِهِ إنْسَانٌ عَنْهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالْفَسْخِ جَازَ وَيُحْكَمُ بِعِتْقِهِ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ.

قَالَ رحمه الله (وَمَا أَدَّى الْمُكَاتَبُ مِنْ الصَّدَقَاتِ وَعَجَزَ طَابَ لِسَيِّدِهِ)؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ قَدْ تَبَدَّلَ وَتَبَدُّلُ الْمِلْكِ كَتَبَدُّلِ الْعَيْنِ فَصَارَ كَعَيْنٍ آخَرَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ بَرِيرَةَ «هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ» وَلَنَا هَدِيَّةٌ قَالَ ذَلِكَ حِينَ أَهْدَتْ إلَيْهِ وَكَانَتْ مُكَاتَبَةً وَصَارَ كَالْفَقِيرِ يَمُوتُ عَنْ صَدَقَةٍ أَخَذَهَا يَطِيبُ ذَلِكَ لِوَارِثِهِ الْغَنِيِّ لِمَا ذَكَرْنَا، وَكَذَا إذَا اسْتَغْنَى الْفَقِيرُ يَطِيبُ لَهُ مَا أَخَذَهُ مِنْ الزَّكَاةِ حَالَةَ فَقْرِهِ وَكَذَا ابْنُ السَّبِيلِ إذَا أَخَذَ الصَّدَقَةَ ثُمَّ وَصَلَ إلَى مَالِهِ وَفِي يَدِهِ الصَّدَقَةُ تَحِلُّ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ عَلَى الْغَنِيِّ ابْتِدَاءً الْأَخْذِ لِمَا فِيهِ مِنْ الذُّلِّ فَلَا يُرَخَّصُ لَهُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ فَإِذَا أَخَذَهُ فِي حَالَةِ الْفَقْرِ فَبَعْدَ ذَلِكَ لَيْسَ فِيهِ إلَّا الِاسْتِدَامَةُ فَيَطِيبُ لَهُ، وَلَوْ أَبَاحَ الْفَقِيرُ لِلْغَنِيِّ أَوْ الْهَاشِمِيِّ عَيْنَ مَا أَخَذَ مِنْ الزَّكَاةِ لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَتَبَدَّلْ وَنَظِيرُهُ الْمُشْتَرِي إذَا اشْتَرَى شِرَاءً فَاسِدًا لَا يَطِيبُ بِالْإِبَاحَةِ.

وَلَوْ مَلَكَهُ يَطِيبُ وَلَوْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ الْأَدَاءِ إلَى الْمَوْلَى يَطِيبُ لِلْمَوْلَى عِنْدَ مُحَمَّدٍ رحمه الله بِلَا إشْكَالٍ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ عِنْدَهُ إذَا عَجَزَ يَمْلِكُ الْمَوْلَى مَا فِي يَدِهِ مِلْكًا مُبْتَدَأً حَتَّى تُنْتَقَضَ إجَارَتُهُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَطِيبُ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَجَزَ لَا يَمْلِكُ الْمَوْلَى أَكْسَابَهُ مِلْكًا مُبْتَدَأً وَإِنَّمَا كَانَ لَهُ فِيهِ نَوْعُ مِلْكٍ فَيَتَأَكَّدُ بِالْعَجْزِ وَلَمْ يَتَجَدَّدْ لَهُ فِيهِ مِلْكٌ وَلِهَذَا لَا تُنْتَقَضُ إجَارَةُ الْمُكَاتَبِ عِنْدَهُ بِالْعَجْزِ كَمَا فِي الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ إذَا حُجِرَ عَلَيْهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَطِيبُ بِالْإِجْمَاعِ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْمُحَرَّمَ هُوَ ابْتِدَاءُ الْأَخْذِ وَإِنَّمَا أُبِيحَ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

اعْتَقَدُوا أَنَّ الْمُكَاتَبَ مَاتَ عَبْدًا وَهُوَ مَذْهَبُ بَعْضِ الصَّحَابَةِ إذَا مَاتَ الْمُكَاتَبُ عَنْ وَفَاءٍ وَمَوَالِي الْأَبِ يَقُولُونَ بَقِيَتْ حَيْثُ اعْتَقَدُوا أَنَّ الْمُكَاتَبَ مَاتَ حُرًّا كَمَا هُوَ مَذْهَبُ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَانْتَقَلَ الْوَلَاءُ إلَيْنَا بِحُرِّيَّتِهِ ثُمَّ إذَا قَضَى الْقَاضِي بِالْوَلَاءِ لِمَوَالِي الْأُمِّ وَقَعَ ذَلِكَ فِي فَصْلٍ مُجْتَهَدٍ فِيهِ فَيَنْفُذُ فَكَانَ الْقَضَاءُ تَعْجِيزًا ثُمَّ إذَا خَرَجَ الدَّيْنُ كَانَ لِلْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ كَسْبُ عَبْدِهِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَمَوَالِي الْأَبِ فِي وَلَائِهِ) أَيْ فِي إرْثِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ. اهـ. .

(قَوْلُهُ «هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ») وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ الْخَبَثَ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ مِنْ أَوْسَاخِ النَّاسِ لَا لِعَيْنِ الْمَالِ فَكَانَ الْخَبَثُ فِي الْجِهَةِ فَلَمْ يَبْقَ مَعْنَى الْوَسَخِ بِتَبَدُّلِ السَّبَبِ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى يَتَنَاوَلُهُ بِجِهَةٍ غَيْرِ الْجِهَةِ الَّتِي تَنَاوَلَهُ الْمُكَاتَبُ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى يَأْخُذُهُ عَلَى أَنَّهُ بَدَلُ الْكِتَابَةِ لَا عَلَى أَنَّهُ صَدَقَةٌ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَكَانَتْ مُكَاتَبَةً) كَذَا هُوَ فِي عِبَارَةِ النِّهَايَةِ اهـ. وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ كَانَتْ حُرَّةً حِينَئِذٍ اهـ مِنْ خَطِّ قَارِئِ الْهِدَايَةِ وَكَتَبَ أَيْضًا مَا نَصُّهُ قَالَ الْكَاكِيُّ وَالْحَلُّ بَعْدَ التَّبَدُّلِ وَقَعَتْ الْإِشَارَةُ النَّبَوِيَّةُ إلَيْهِ فِي حَدِيثِ بَرِيرَةَ مَعَ أَنَّ بَرِيرَةَ كَانَتْ مُكَاتَبَةً اهـ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَتَبَدَّلْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ؛ لِأَنَّ الْمُبَاحَ لَهُ يَتَنَاوَلُهُ عَلَى مِلْكِ الْمُبِيحِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَنَظِيرُهُ الْمُشْتَرِي إذَا اشْتَرَى شِرَاءً فَاسِدًا) أَيْ إذَا أَبَاحَهُ لِلْغَيْرِ اهـ.

(قَوْلُهُ لَا يَطِيبُ بِالْإِبَاحَةِ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَنَظِيرُهُ مَا ذَكَرَ فِي كِتَابِ الْمَأْذُونِ فِي رَجُلٍ اشْتَرَى طَعَامًا مَأْكُولًا بَيْعًا فَاسِدًا أَنَّهُ لَا يَحِلُّ تَنَاوُلُهُ وَإِنْ أَبَاحَهُ لِغَيْرِهِ لَمْ يَحِلَّ لِلْمُبَاحِ لَهُ أَيْضًا، فَإِنْ بَاعَهُ بَيْعًا صَحِيحًا أَوْ وَهَبَهُ يَحِلُّ لِلثَّانِي لِتَبَدُّلِ الْمِلْكِ فَكَذَا هَذَا قِيَاسًا عَلَى تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْمَبْسُوطِ فَبِالْعَجْزِ لَمْ يَبْطُلْ الْأَدَاءُ السَّابِقُ فَلَمْ يَبْطُلْ مَا تَعَلَّقَ بِهِ أَيْضًا فَحَلَّ لِلْمَوْلَى تَنَاوُلُهُ هَذَا إذَا عَجَزَ بَعْدَ الْأَدَاءِ، فَإِنْ عَجَزَ قَبْلَ الْأَدَاءِ وَفِي يَدِهِ صَدَقَاتٌ مِنْ الزَّكَاةِ هَلْ يَحِلُّ تَنَاوُلُهُ لِلْمَوْلَى إذَا كَانَ غَنِيًّا أَوْ هَاشِمِيًّا لَمْ يَذْكُرْ حُكْمَهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَذَكَرَ فِي آخَرِ ضَمَانِ الْمُكَاتَبِ مِنْ كِتَابِ الْمُكَاتَبِ أَنَّهُ يَحِلُّ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا اهـ غَايَةٌ (قَوْلُهُ حَتَّى تَنْتَقِضَ إجَارَتُهُ) أَيْ لَوْ آجَرَ شَيْئًا مِنْ أَكْسَابِهِ ثُمَّ عَجَزَ اهـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَلِذَلِكَ أَوْجَبْت نَقْضَ الْإِجَازَةِ إذَا آجَرَ الْمُكَاتَبُ أَمَتَهُ ظِئْرًا ثُمَّ عَجَزَ فَصَارَ كَمَا إذَا أَدَّى ثُمَّ عَجَزَ اهـ أَتْقَانِيٌّ

ص: 173

لِلْحَاجَةِ وَحَرُمَ عَلَى الْغَنِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ لَهُ فِيهِ وَكَذَا عَلَى الْهَاشِمِيِّ صِيَانَةً لِقَرَابَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَوْسَاخِ النَّاسِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمَوْلَى الْأَخْذُ فَصَارَ كَابْنِ السَّبِيلِ وَصَلَ إلَى مَالِهِ أَوْ فَقِيرٍ اسْتَغْنَى وَفِي يَدِهِ مَا أَخَذَهُ مِنْ الصَّدَقَةِ فَإِنَّهُ يَطِيبُ لَهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فَكَذَا هَذَا.

قَالَ رحمه الله (وَإِنْ جَنَى عَبْدٌ فَكَاتَبَهُ سَيِّدُهُ جَاهِلًا بِهَا) أَيْ بِالْجِنَايَةِ (فَعَجَزَ دَفَعَ أَوْ فَدَى) يَعْنِي الْمَوْلَى بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ دَفَعَ الْعَبْدُ بِالْجِنَايَةِ وَإِنْ شَاءَ فَدَاهُ بِالْأَرْشِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَاتَبَهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِرْ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ بِالْمُكَاتَبَةِ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ وَقَدْ امْتَنَعَ الدَّفْعُ بِفِعْلِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَصِيرَ مُخْتَارًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الْأَرْشِ كَمَا إذَا أَعْتَقَهُ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ اسْتَوْلَدَ الْجَارِيَةَ أَوْ بَاعَهُ بَعْدَ مَا جَنَى مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ بِالْجِنَايَةِ إلَّا أَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الدَّفْعِ عَلَى شَرَفِ الزَّوَالِ فَلَمْ يَنْتَقِلْ حَقُّ وَلِيِّ الْجِنَايَةِ مِنْ الْعَبْدِ إلَى الْقِيمَةِ، فَإِذَا عَجَزَ زَالَ الْمَانِعُ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ عَلَى الْقَاعِدَةِ.

قَالَ رحمه الله (وَكَذَا إنْ جَنَى مُكَاتَبٌ وَلَمْ يَقْضِ بِهِ فَعَجَزَ) يَعْنِي حُكْمُهُ كَالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عَجَزَ صَارَ قِنًّا وَجِنَايَةُ الْقِنِّ يُخَيَّرُ فِيهِ الْمَوْلَى بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ، وَقَبْلَ أَنْ يَعْجِزَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الْأَرْشِ؛ لِأَنَّ دَفْعَهُ مُتَعَذِّرٌ بِسَبَبِ الْكِتَابَةِ وَهُوَ أَحَقُّ بِكَسْبِهِ مِنْ الْمَوْلَى وَمُوجِبُ الْجِنَايَةِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الدَّفْعِ يَجِبُ عَلَى مَنْ يَكُونُ لَهُ الْكَسْبُ، أَلَا تَرَى أَنَّ جِنَايَةَ الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ تُوجِبُ عَلَى الْمَوْلَى الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الْأَرْشِ لِمَا أَنَّهُ أَحَقُّ بِكَسْبِهِمَا. قَالَ رحمه الله (فَإِنْ قَضَى بِهِ عَلَيْهِ فِي كِتَابَتِهِ فَعَجَزَ فَهُوَ دَيْنٌ بِيعَ فِيهِ) أَيْ إنْ قَضَى بِمُوجِبِ الْجِنَايَةِ عَلَى الْمُكَاتَبِ فِي حَالِ كِتَابَتِهِ وَهُوَ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الْأَرْشِ فَهُوَ دَيْنٌ عَلَيْهِ يُبَاعُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ انْتَقَلَ مِنْ الرَّقَبَةِ إلَى الْقِيمَةِ بِالْقَضَاءِ.

وَهَذَا عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ، وَقَالَ زُفَرُ رحمه الله يَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَلَا يُبَاعُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله أَوَّلًا؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الدَّفْعِ مَوْجُودٌ وَقْتَ الْجِنَايَةِ وَهُوَ الْكِتَابَةُ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُوجَبَهُ الْقِيمَةَ وَلَا يَتَغَيَّرُ كَجِنَايَةِ الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ، وَلَنَا أَنَّ الْأَصْلَ فِي جِنَايَةِ الْعَبْدِ الدَّفْعُ وَإِنَّمَا يُصَارُ إلَى الْقِيمَةِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الدَّفْعِ وَالْمَانِعُ هُنَا مُتَرَدِّدٌ لِاحْتِمَالِ انْفِسَاخِ الْكِتَابَةِ فَلَا يَثْبُتُ الِانْتِقَالُ عَنْ الْمُوجِبِ الْأَصْلِيِّ إلَّا بِالْقَضَاءِ أَوْ بِالصُّلْحِ عَنْ الرِّضَا أَوْ بِالْمَوْتِ عَنْ الْوَفَاءِ وَهُوَ نَظِيرُ الْمَغْصُوبِ إذَا أَبَقَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ إلَّا بِالْقَضَاءِ حَتَّى إذَا رَجَعَ قَبْلَ الْقَضَاءِ يَكُونُ لِمَوْلَاهُ، وَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ الْقَضَاءِ يَكُونُ لِلْغَاصِبِ، وَكَذَا الْمَبِيعُ إذَا أَبَقَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ إلَّا بِالْقَضَاءِ، وَكَذَا إذَا قُتِلَ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ تَقُومُ مَقَامَهُ وَلِهَذَا يَبْقَى الْبَيْعُ إذَا رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِقِيمَتِهِ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَقْبَلَانِ الْفَسْخَ.

قَالَ رحمه الله (وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ لَمْ تَنْفَسِخْ الْكِتَابَةُ)؛ لِأَنَّهَا حَقُّ الْعَبْدِ فَلَا يَبْطُلُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ كَالتَّدْبِيرِ وَأُمُومِيَّةِ الْوَلَدِ وَالدَّيْنِ وَكَالْأَجَلِ فِيهِ إذَا مَاتَ الطَّالِبُ. قَالَ رحمه الله (وَيُؤَدَّى الْمَالُ إلَى وَرَثَتِهِ عَلَى نُجُومِهِ)؛ لِأَنَّ النُّجُومَ حَقُّهُ؛ لِأَنَّهُ أَجَلٌ وَهُوَ حَقُّ الْمَطْلُوبِ فَلَا يَبْطُلُ بِمَوْتِ الطَّالِبِ كَالْأَجَلِ فِي الدَّيْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ الْمَطْلُوبُ حَيْثُ يَبْطُلُ الْأَجَلُ؛ لِأَنَّ ذِمَّتَهُ قَدْ خَرِبَتْ وَانْتَقَلَ الدَّيْنُ إلَى التَّرِكَةِ وَهِيَ عَيْنٌ، هَذَا إذَا كَاتَبَهُ وَهُوَ صَحِيحٌ وَلَوْ كَاتَبَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ لَا يَصِحُّ تَأْجِيلُهُ إلَّا مِنْ الثُّلُثِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ وَالِاخْتِلَافَ فِيهِ مِنْ قَبْلُ.

قَالَ رحمه الله (وَإِنْ حَرَّرُوهُ عَتَقَ) أَيْ لَوْ أَعْتَقَهُ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ عَتَقَ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَعْتِقَ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَمْلِكُوهُ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يَقْبَلُ النَّقْلَ بِسَائِرِ الْأَسْبَابِ فَكَذَا بِالْإِرْثِ وَلِهَذَا لَا يَكُونُ لِلْإِنَاثِ مِنْهُمْ الْوَلَاءُ فِيهِ، وَلَوْ مَلَكُوهُ لَكَانَ لَهُمْ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ هَذَا يُجْعَلُ إبْرَاءً عَنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ حَقُّهُمْ وَقَدْ جَرَى فِيهِ الْإِرْثُ فَيَكُونُ الْإِعْتَاقُ مِنْهُمْ إبْرَاءً اقْتِضَاءً أَوْ إقْرَارًا بِالِاسْتِيفَاءِ مِنْهُ فَتَبْرَأُ ذِمَّتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَيَعْتِقُ لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ كَمَا إذَا أَبْرَأَهُ الْمَوْلَى عَنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ كُلِّهِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يُعْتِقُوهُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ حَتَّى لَوْ أَعْتَقَهُ بَعْضُهُمْ فِي مَجْلِسٍ وَأَعْتَقَهُ الْآخَرُونَ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ لَمْ يَعْتِقْ، وَقِيلَ يَعْتِقُ إذَا أَعْتَقَهُ الْبَاقُونَ مَا لَمْ يَرْجِعْ الْأَوَّلُ قَالَ رحمه الله (وَإِنْ حَرَّرَهُ بَعْضٌ لَمْ يَنْفُذْ عِتْقُهُ) أَيْ لَوْ أَعْتَقَهُ بَعْضُ الْوَرَثَةِ لَا يَعْتِقُ مِنْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ وَلَا عِتْقَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ إبْرَاءٌ وَلَا إقْرَارٌ بِالِاسْتِيفَاءِ؛ لِأَنَّ إبْرَاءَ الْبَعْضِ أَوْ اسْتِيفَاءَهُ لَا يُوجِبُ عِتْقَهُ لِتَعَذُّرِ ثُبُوتِ الْعِتْقِ مِنْ جِهَتِهِ فَيَبْطُلُ الْمُقْتَضَى وَهُوَ الْإِعْتَاقُ وَلَا يَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ لَمْ تَثْبُتْ إلَّا اقْتِضَاءً فَإِذَا بَطَلَ الْمُقْتَضِي لِلْإِبْرَاءِ بَطَلَ الْمُقْتَضَى أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ إلَّا بِهِ وَبُطْلَانُ الْمُقْتَضِي يُوجِبُ بُطْلَانَ الْمُقْتَضَى بِخِلَافِ إعْتَاقِ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ أَنْ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ) أَيْ كَمَا لَوْ بَاعَهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِجِنَايَتِهِ. اهـ. كَاكِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا قَتَلَ) أَيْ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَاخْتَارَ الْمُشْتَرِي إمْضَاءَ الْبَيْعِ. اهـ. .

ص: 174