الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل [في بيان ما يتناوله البيع وما لا يتناوله]
(المتن)
فَصْلٌ تَنَاوَلَ الْبنَاءُ وَالشَجَرُ: الأَرْضَ، وَتَنَاوَلَتْهُمَا، لا الزَّرْعَ وَالْبَذْرَ، وَمَدْفُونًا، كَلَوْ جُهِلَ، وَلا الشَّجَرُ المَأبُور، أَوْ كثَرُهُ، إِلَّا بِشَرْطٍ كَالْمُنْعَقِدِ، وَمَالِ الْعَبْدِ، وَخِلْفَةِ الْقَصِيلِ، وإنْ أُبِّرَ النِّصْفُ، فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ. وَلِكِلَيهِمَا السَّقْيُ، مَا لَمْ يَضُرُّ بِالآخَرِ، وَالدَّارُ الثَّابِتَ: كَبَابٍ، وَرَفٍّ، وَرَحًا مَبْنِيَّةٍ بِفَوْقَانِيَّتِهَا، وَسُلَّمًا سُمِّرَ، وَفِي غَيْرِهِ: قَوْلانِ.
(الشرح)
قوله: (1)(تنَاوَلَ الْبِنَاءُ والشَّجَرُ الأَرْضَ وتَنَاوَلَتْهُمَا) هكذا ذكره ابن شاس (2) وغيره ومعناه أن البيع إذا انعقد على البناء والشجر كقوله: بعتك هذا البناء أو هذا الشجر ولم يزد فإنه يتناول الأرض التي هو فيها وكذلك العكس أي: أن الأرض يتناول البناء والشجر القائم بها إذا قال: بعتك الأرض ولم يزد.
قوله: (لا الزَّرْعَ والْبَذْرَ ومَدْفُونًا) أي فلا يتناول الأرض الزرع ولا البذر وما كان مدفونًا فيها من حجارة أو رخام أو أعمدة أو غيرها ويكون للبائع وهو المعلوم من مذهب ابن القاسم، وذهب سحنون وابن حبيب وابن دينار إلى أنها للمشتري وهو ظاهر ما لابن القاسم في العتبية وقيد الخلاف في البيان بالمجهول الذي لا يعلم به (3). قال: وإن ثبت أن ذلك من متاع البائع أو من متاع من ورثه عنه، فهو له باتفاق وكذلك إن ثبت أن الجب أو البيت الموجودين تحت الأرض كان البائع قد علمه ونسيه، فلا خلاف أن له نقض البيع (4).
قوله: (كَلَوْ جُهِلَ) إشارة إلى ذلك إلا أن الأحسن لو قال: ومدفونًا إن جهل، وهو قريب.
قوله: (ولا الثمر (5) الْمأبور، أَوْ أكْثَره، إِلا بِشِرْطٍ) أي فإنه لا يدخل في العقد على
(1) قوله: (قوله) ساقط من (ن 3) و (ن 4)، و (ن).
(2)
انظر: عقد الجواهر: 2/ 727 و 728.
(3)
في (ن): (به).
(4)
انظر: البيان والتحصيل: 8/ 93 و 94.
(5)
في (ن 3): (الشجر).
النخيل (1) ولا يستحقه المبتاع إلا إذا اشترطه لنفسه (2)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (من ابتاع (3) نخلًا أبرت فثمرها للبائع إلا أن يشترطه المبتاع) متفق عليه. والإبار (4): تعليق طلع الذكر على الأنثى لئلا يسقط ثمرها وهو اللقاح، وقاله في الإكمال (5). وقال ابن حبيب: هو شق الطلع عن الثمر (6). ولا إشكال إذا أبر المجموع إلا على ما حكى (7) عن ابن الفخار، وابن عتاب، أنهما كانا يفتيان باندراج الثمرة وإن أبرت. قالا: لأن الشجر نفسه يندرج بلا شرط فإذا دخلت الأصول فالفروع أولى (8).
وأما إن أبر الأكثر فالذي عليه الأكثر أنه كالجميع وهو قول مالك، وعنه أيضًا أن المؤبر للبائع إلا بشرط وغير المؤبر للمبتاع (9).
قوله: (وكَالْمُنْعَقِدِ) أي من ثمر غير النخل فإنه إذا باع الشجر لا يكون للمشتري إلا بالشرط. الباجي: ويعتبر في ذلك أن تبرز جميع الثمرات عن موضعها، وتبرز (10) عن أصلها وهي بمنزلة التأبير (11).
قوله: (ومَالِ الْعَبْدِ) أي فإنه لا يندرج في العقد على العبد للحديث: (من باع عبدًا وله مال
…
) إلى آخره، وتندرج ثيابه التي عليه. ابن شاس: إذا كانت ثياب مهنة بخلاف ثياب الزينة (12).
قوله: (وخِلْفَةِ الْقَصِيلِ) أي وكذلك خلفة القصيل لا تندرج في العقد على (13)
(1) في (ن 5): (التخيل).
(2)
قوله: (لنفسه) ساقط من (ن 4).
(3)
في (ن 5)، و (ن):(باع).
(4)
في (ن): (التأبير).
(5)
انظر: إكمال المعلم: 5/ 99.
(6)
انظر: المنتقى: 6/ 138.
(7)
في (ن 4): (ذكره).
(8)
زاد في (ن 3) و (ن 4): (بهما). وانظر: التوضيح: 5/ 552.
(9)
انظر: النوادر والزيادات: 6/ 195.
(10)
في (ن): (تتميز).
(11)
انظر: المنتقى: 6/ 138.
(12)
انظر: عقد الجواهر: 2/ 728.
(13)
في (ن 5): (الأصل).
القصيل من غير ذكر خلفته إلا بشرط لأنه كبطن ثان.
قوله: (وإِنْ أُبِّرَ النِّصْفُ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ) أي فيكون المأبور للبائع إلا أن يشترطه المبتاع، وغير المأبور للمبتاع. وعن ابن القاسم أن البائع يقال له إما أن تسلم في (1) جميع الثمرة وإلا فسخ البيع، وإن رضي المبتاع بالنصف. وقال ابن دينار: جميع ذلك للمبتاع (2). وقيل: إن العقد على ذلك لا يجوز.
قوله: (ولكِلَيْهِما السَّقْيُ، مَا لَمْ يَضُرَّ بِالآخَرِ) أي وحيث حكم للبائع بالثمرة جميعها أو ببعضها على ما تقدم فإن له سقيها ما لم يضر بالمبتاع، وللمبتاع سقي الأصول ما لم يضر بثمرة البائع، وفي المدونة إن السقي على البائع حتى يسلم الأصول لمشتريها (3)، وقال المخزومي: في بائع النخل دون الثمرة إن السقي على المشتري (4).
قوله: (والدَّارُ الثَّابِتَ كَبَابٍ، ورَفٍّ، ورَحًا مَبْنيَّةٍ بِفَوْقَانيَّتِهَا) أي والدار تتناول الثابت فإذا وقع العقد عليها اندرج الثابت فيها كالرفوف وبابها والطاقات ونحوها ابن عتاب (5) وتندرج المطحنة وهي مراده هنا بالرحى.
قوله: (بِفَوْقَانِيَّتِهَا) أي يندرج السفل والفوقانية. وقال ابن العطار: السفلي فقط.
قوله (6): (وسُلَّمًا سُمِّرَ) أي وأما غير المسمر، فيكون للبائع إلا أن يشترطه المبتاع، قاله ابن عتاب وقال ابن العطار، وابن زرب هو للمبتاع إلحاقًا له بما سمر (7) وإلى هذا أشار بقوله:(وفِي غَيْرِهِ قَوْلانِ).
(المتن)
وَالْعَبْدُ، ثِيَابَ مِهْنَتِهِ، وَهَلْ يُوَفَّى بِشَرْطِ عَدَمِهَا وَهُوَ الأَظْهَرُ؟ أَوْ لا: كَمُشْتَرِطٍ زَكَاةً مَا لَمْ يَطِبْ، وَلا عُهْدَةَ وَلا مُوَاضَعَةَ وَلا جَائِحَةَ؟ أَوْ إِنْ لَمْ يَأْتِ بِالثَّمَنِ لِكَذَا فَلا بَيعَ؟ أَوْ مَا لا غَرَضَ فِيهِ وَلا مَالِيَّةَ وَصُحِّحَ؟ تَرَدُّدٌ. وَصَحَّ بَيْعُ ثَمَرٍ
(1) قوله: (في) زيادة من (ن).
(2)
انظر: النوادر والزيادات: 6/ 196.
(3)
انظر: المدونة: 3/ 589.
(4)
انظر: النوادر والزيادات: 6/ 197.
(5)
قوله: (ابن عتاب) زيادة من (ن 5).
(6)
قوله: (قوله) ساقط من (ن 5).
(7)
انظر: التوضيح: 5/ 556.
وَنَحْوِهِ بَدَا صَلاحُهُ؛ إِنْ لَمْ يَسْتَتِرْ، وَقَبْلَهُ مَعَ أَصْلِهِ أَوْ أُلْحِقَ بِهِ، أَوْ عَلَى قَطْعِهِ إِنْ نَفَعَ وَاضْطُرَّ وَلَمْ يُتَمَالأْ عَلَيْهِ، لا عَلَى التَّبْقِيَةِ أَوِ الإِطْلاقِ، وَبُدُوُّهُ فِي بَعْضِ حَائِطٍ كَافٍ فِي جِنْسِهِ، إِنْ لَمْ تُبَكِّرْ، لا بَطْنٌ ثَانٍ بِأَوَّلَ.
(الشرح)
قوله: (والْعَبْدُ ثِيَابَ مِهْنَتِهِ) قد تقدم هذا بقريب.
قوله: (وهَلْ يُوَفَّى بِشَرْطِ عَدَمِهَا وهُوَ الأَظْهَرُ، أَوْ لا؟ ) يريد أنه اختلف هل يوفى للبائع إذا اشترطها لنفسه وهو مراده بشرط عدمها، أي عدمها ثياب مهنته (1) للمشتري، فروى عيسى عن ابن القاسم: إنه يوفي له بذلك وصححه ابن رشد، وروى أشهب عن مالك أنه لا يوفى له ذلك، وعلى هذه الرواية يصح البيع ويبطل الشرط (2).
قوله: (كَمُشْتَرِطٍ زَكَاةً مَا لَمْ يَطِبْ، وَلا عُهْدَةَ وَلا مُوَاضَعَةَ ولا جَائِحَةَ أو إِنْ لَمْ يَأْتِ بِالثَّمَنِ لِكَذَا فَلا بَيْعَ أَوْ ما لا غَرَضَ فِيهِ ولا مَالِيَّةَ وصحح (3) تَرَدُّدٌ) اعلم أن المسائل التي قال فيها مالك: بصحة البيع وبطلان الشرط سبع: المسألة التي فرغنا منها، ومثلها من اشترى أرضا بزرعها الأخضر واشترط زكاته على البائع أو اشترى الأمة على أن لا عهدة على البائع فيها، ولا مواضعة أو اشترط ما لا غرض فيه ولا مالية أو اشترى الثمرة واشترط ألا يقام (4) له بالجائحة وفي السليمانية أنه يوفى له في هذه بالشروط وقيل: فاسد، وقال ابن شهاب: البيع جائز والشرط جائز (5) واختلف إذا اشترى على أنه إن لم يأت بالثمن إلى أجل كذا وإلا فلا بيع بينهما؛ قيل: يصح البيع دون الشرط، وقيل: يصحان معًا، وقيل: يفسد البيع.
قوله: (وصَحَّ بَيْعُ ثَمَرٍ ونَحْوِهِ بَدَا صَلاحُهُ، إِنْ لَمْ يَسْتَتِرْ) يريد أن بيع الثمر ونحوه (6) من البقول ونحوها يصح إذا بدا صلاحه، وسواء كانت الثمرة مع أصلها أو مفردة على القطع أو الإبقاء لكِن بشرط ألا يكون مستترًا في أكمامه كالحنطة مجردة عن سنبلها، أو
(1) قوله: (ثياب مهنته) زيادة من (ن).
(2)
انظر: البيان والتحصيل: 8/ 288 و 289، والتوضيح: 5/ 557.
(3)
قوله (صحح) زيادة من (ن 4).
(4)
في (ن): (إلا قيام).
(5)
انظر: التوضيح: 5/ 557.
(6)
قوله: (من البقول ونحوها) ساقط من (ن 3).
الجوز واللوز مجردًا عن قشره على الجزاف.
الباجي: لا خلاف في ذلك (1)، يريد لأنه بيع مغيب.
قوله: (وقَبْلَهُ مَعَ أَصْلِهِ أَوْ أُلْحِقَ بِهِ، أَوْ عَلَى قَطْعِهِ) يعني وقبل بدو الصلاح لا يصح بيعه إلا في موضعين: أن تكون الثمرة قد بيعت مع أصلها أو ألحق به كما (2) إذا اشترى الأصل وفيه ثمر مأبور وحكم به للبائع فإنه يجوز له شراء تلك الثمرة وهو المشهور وقيل: لا يجوز وعن ابن القاسم جوازه بحدثان (3) العقد فقط.
يحيى: وحد البعد في ذلك عشرون يومًا (4). الثاني: أن يشتري الثمرة على القطع، لكن بشروط ثلاثة: الأول: أن ينتفع بذلك، لنهيه صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال. وإليه أشار بقوله:(إن نفع).
الثاني: أن تدعو الضرورة إلى ذلك، وإليه أشار بقوله:(واضطر).
الثالث: أن لا يتمالأ (5) عليه أهل البلد، لئلا يعظم الفساد وإليه أشار بقوله:(ولم يتمالأ (6) عليه).
قوله: (لا على التبقية) أي: فإنه لا يصح.
قوله: (أو الإطلاق) أي وكذا لا يصح البيع إذا وقع على الإطلاق من غير تقييد بقطع ولا غيره وهو المذهب عند العراقيين. الباجي، والمتيطي: وهو المشهور عن مالك. وتأول ابن أبي زيد المدونة عليه. وقال ابن محرز، وعبد الحميد، واللخمي، وغيرهم: إذا لم يشترط تركه إلى إزهائه فهو جائز، وحملوا المدونة على ظاهرها ولم يقيدوها (7).
(1) انظر: المنتقى: 6/ 148.
(2)
في (ن): (ما).
(3)
في (ن 5): (بجريان). والصواب هو المثبت (بحدثان). وانظر: النوادر والزيادات: 6/ 324، والتوضيح: 5/ 560.
(4)
انظر: التوضيح: 5/ 560.
(5)
في (ن 4): (يتولى).
(6)
قوله (ولم يتمالأ) يقابله في (ن 4): (ولم يتولى)، وفي (ن 5):(وإن لم يتمالأ).
(7)
انظر: التوضيح: 5/ 559.
قوله: (وبُدُوُّهُ فِي بَعْضِ حَائِطٍ كَافٍ) أي فلا يشترط عموم بدو الصلاح في كل الحائط بل يكفي بعضه ولو نخلة وهو المذهب وقيل يشترط عمومه في جميع الحائط.
ابن رشد: وهو أوفق لظاهر الحديث وهو "نهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها" فالبعض الذي لم يبد صلاحه شمله النهي وبدو صلاح غيره ليس بدوًّا له (1).
وقوله: (فِي جِنْسِهِ) احترازًا مما إذا بدا صلاح جنس آخر فإن غيره لا يباح (2) بذلك على الصحيح وقال سحنون: إذا كان الذي لم يطب تبعًا جاز (3).
قوله: (إِنْ لَمْ تُبَكَّرْ) يريد إنما تقدم من جواز بيع الحائط إذ بدا صلاح (4) بعضه مقيد بما إذا لم تكن النخلة التي بدا صلاحها باكورة.
قوله: (لا بَطْنٌ ثَانٍ بأَوَّلَ) أي فلا يجوز بيع البطن الثاني ببدو صلاح الأول إذا كانت النخلة تطعم بطنين (5) في العام الواحد وهذا هو المشهور. وقيل: يجوز بناءً على أن البطن الثاني تبع للأول في الصلاح.
(المتن)
وَهُوَ الزَّهْوُّ، وَظُهُورُ الْحَلاوَةِ، وَالتَّهَيُّؤُ لِلنُّضْجِ، وَفِي ذِي النَّوْرِ: بِانْفِتَاحِهِ، وَالْبُقُولِ بِإِطْعَامِهَا وَهَلْ هُوَ فِي الْبِطيخِ الاِصْفِرَارُ؟ أوِ التَّهَيُّؤُ لِلتَّبَطُّخِ؟ قَوْلانِ. وَلِلْمُشْتَرِي بُطُونُ: كيَاسَمِينَ، وَمُقْتَاتٍ. وَلا يَجُوزُ بِكَشَهْرٍ، وَوَجَبَ ضَرْبُ الأَجَلِ إِنِ اسْتَمَرَّ كَالْمَوْزِ، وَمَضَى بَيْعُ حَبٍّ أَفْرَكَ قَبْلَ يُبْسِهِ بِقَبْضِهِ. وَرُخِّصَ لِمُعْيرٍ أَوْ قَائِمٍ مَقَامَهُ، وَإِنْ بِاشْتِرَاءِ الثَّمَرَةِ فَقَطْ، اشْتِرَاءُ ثَمَرَةٍ تَيْبَسُ، كَلَوْزٍ لا كَمَوْزٍ، إِنْ لَفَظَ بِالْعَرِيَّةِ وَبَدَا صَلاحُهَا، وَكَانَ بِخَرْصِهَا وَنَوْعِهَا يُوَفِّي عِنْدَ الْجِذَاذِ،
(الشرح)
قوله: (وهُوَ الزَّهُوُّ، وظُهُورُ الحَلاوَةِ، والتَّهَيُّؤُ لِلنُّضْجِ) أي أن بدو الصلاح هو الزهو و (6) ظهور الحلاوة في الثمرات، والزهو خاص بالثمر، وظهور الحلاوة في غيره ولما
(1) انظر: البيان والتحصيل: 8/ 302.
(2)
في (ن): (يباع).
(3)
في (ن): (جازا). وانظر: البيان والتحصيل: 7/ 485، والتوضيح: 5/ 361.
(4)
في (ن 3): (طلح).
(5)
في (ن 3): (مرتين).
(6)
قوله: (هو الزهو و) زيادة من (ن 5).
رأى أن الحلاوة (1) لا تعم جميع الثمار لأن بعضها لا يظهر فيه ذلك حتى ينزع (2) كالموز احتاج إلى قوله: (والتَّهَيّؤ لِلنُّضْجِ) أي إذا نزع من أصله تهيؤًا للنضج.
قوله: (وفِي ذِي النَّوْرِ بِانْفِتَاحِهِ) أي كالورد والياسمين والنسرين ونحوها.
الباجي: وبدو الصلاح فيه أن تنفتح أكمامه ويظهر نوره.
قوله: (والْبُقُولِ بِإِطْعَامِهَا) أي أن ينتفع بها في الحال.
الباجي (3): بدو صلاح اللفت والجزر والفجل والثوم والبصل إذا استقل ورقه وتم وانتفع به ولم يكن في قلعه فساد، وفي قصب السكر إذا طاب وليس (4) في قلعه فساد، وفي لوبيا (5) والفول والحِمَّص إذا يبس، وأما القضب (6) والقُرط فإذا بلغ أن يرعى دون فساد، وفي القثاء والفقوس أن ينعقد ويوجد له طعم (7).
قوله: (وهَلْ هُوَ فِي الْبِطِّيخِ الاصْفِرَارُ؟ أَوِ التَّهَيُّؤُ لِلتَّبَطُّخِ؟ قَوْلانِ) أي وهل بدو الصلاح في البطيخ الإصفرار لأنه الغرض المقصود منه، وهو قول ابن حبيب: أو التهيؤ للتبطخ وهو قول أصبغ، وعن أشهب: أن بدو صلاحه أن يؤكل فقوسًا (8).
قوله: (وللْمُشْتَرِي بُطُونُ كَيَاسِمِينَ، وَمُقْتَاتٍ) يعني أنما يُخلف (9) مما لا (10) يتميز بطونه وله آخر (11) كياسمين، والورد، والمقاثي، والبطيخ والجميز (12) فإن بيعه جائز، ويكون للمشتري جميع بطونه، وقاله مالك وأن تتميز (13) بطونه
(1) قوله: (أن الحلاوة) يقابله في (ن): (ظهور الحلاوة).
(2)
في (ن 4): (يبرز).
(3)
قوله: (الباجي) ساقط من (ن 3).
(4)
في (ن): (ولم يكن).
(5)
في (ن): (البر).
(6)
في (ن): (القصب).
(7)
انظر: المنتقى: 6/ 143.
(8)
انظر: المنتقى: 6/ 143.
(9)
في (ن 5): (يختلف).
(10)
قوله: (لا) ساقط من (ن).
(11)
في (ن 4): (أصل).
(12)
قوله: (والجميز) زيادة من (ن 5).
(13)
قوله: (وأن تتميز) يقابله في (ن 5)، وفي (ن):(فإن لم تميز).
كالقضب (1) والقُرط فلا تدخل خلفته إلا بشرط (2). ابن حبيب: ولا يجوز اشتراطها إلا في أرض مأمونة كأرض النيل وشبهها وأما المطر فلا (3).
قوله: (ولا يجوزُ بِكَشَهْرٍ) وهكذا ذكر في المدونة وفي المقدمات (4)، وعلله باختلاف الحمل فيه بالقلة والكثرة (5).
قوله: (ووَجَبَ ضَرْبُ الأَجَلِ إِنِ اسْتَمَرَّ كَالْمَوْزِ) أي فإن كان مما يخلف (6) وتستمر ثمرته في جميع السنة وليست لها غاية كالموز، فلابد في عقد بيعه من ضرب الأجل: كالشهر، والشهرين، والسنة ونحوها. مالك: ويجوز اشتراط خلفته السنتين (7) وقال ابن نافع: لا يجوز إلا السنة ونحوها (8).
قوله: (ومَضَى بَيْعُ حَبٍّ أفْرَكَ قَبْلَ يُبْسِهِ بقبضه (9)) هذا كقوله في المدونة أكرهه، فإن وقع وفات فلا أرى أن يفسخ. أبو محمد: معناه أنه يفوت بالقبض ولابن القاسم قول بالفسخ قياسًا على بيع الثمرة قبل بدو صلاحها، وله أيضًا أن ذلك يفوت باليبس (10).
قوله: (ورُخِّصَ لِمُعْيرٍ (11) أوْ قَائِمٍ مَقَامَهُ
…
إلى آخره) يريد أنه رخص لمعير (12) الثمرة، وهو واهبها أو من قام مقامه أن يشتريها من المعير وهو الموهوب له بالشروط التي يذكر، ومراده بالقائم مقامه من تنزل بمنزلته بهبة، أو ميراث، أو شراء، فإذا وهب ثمرة أو نخلة أو نخلات من حائط (13) لرجل، ثم وهب جميع الحائط لآخر، أو مات
(1) في (ن): (كالقصب).
(2)
انظر: المدونة: 3/ 581 و 582.
(3)
انظر: التوضيح: 5/ 562.
(4)
في (ن 3): (المقتات)، وفي (ن 4):(المقثاة).
(5)
انظر: المدونة: 3/ 581.
(6)
في (ن 5): (يختلف).
(7)
في (ن): (السنين).
(8)
انظر: التوضيح: 5/ 563.
(9)
قوله: (بقبضه) زيادة من (ن 5).
(10)
انظر: النوادر والزيادات: 6/ 188 و 189.
(11)
في (ن): (لمعر).
(12)
في (ن): (لمعر).
(13)
في (ن 5): (حائطه).
فورث عنه أو باعه، فإنه يجوز للموهوب له، أو الوارث، والمبتاع شراء الثمرة على ما تقدم.
وقوله: (وَإِنْ بِاشْتِرَاء الثَّمَرَةِ فَقَطْ) إشارة إلى أنه يستوي في ذلك حكم مبتاع الثمرة فقط مع حكم مبتاعها مع الأصل (1).
وقوله: (اشْتِرَاءُ ثَمَرَةٍ) أي رخص له في (2) اشتراء الثمرة التي صارت إلى غيره بالعرية (3)، وأشار بقوله:(تَيْبَسُ كَلَوْزٍ) إلى أن ذلك ليس مقصورًا على التمر والعنب بل يتعدى الحكم إلى كل ما ييبس ويدخر من الثمرة (4). ابن شاس: وهي الرواية المشهورة (5). وقيل: إن ذلك مقصور على التمر والعنب وعلى هذه الرواية قالوا: لو كان البُسر مما لا يتمر والعنب مما لا يزبب، لم يجز شراء العرية منه بخرصها بل يخرج عن محل (6) الرخصة لعدم العلة (7)، ولعل هذا مراده بقوله:(لا كَمَوْزٍ).
قوله: (إِنْ لَفَظَ (8) بِالْعَرِيَّةِ) أي أن شراءها على الوجه المذكور مقيد بما إذا وقعت العطية بلفظ العرية فلو كانت بلفظ الهبة، أو الصدقة، أو المنحة لم يجز على المشهور خلافًا لابن حبيب ومن قال بقوله (9).
قوله: (وبَدَا صَلاحُهَا) أي صلاح الثمرة المعراة للنهي عن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها وهذا الشرط متفق عليه.
قوله: (وكَانَ بِخَرْصِهَا) أي وكان الشراء بخرصها أي كيلها، لما ورد أنه صلى الله عليه وسلم "رخص في بيع العرايا بخرصها" وعن مالك الجواز بغير الخرص (10).
(1) في (ن) و (ن 5): (الأصول).
(2)
قوله: في) ساقط من (ن).
(3)
في (ن 5): (بالعارية).
(4)
في (ن 3) و (ن 5): (الثمار).
(5)
انظر: عقد الجواهر: 2/ 732.
(6)
في (ن 5): (محمل).
(7)
في (ن 4): (الغلة).
(8)
في (ن 5): (لفظا).
(9)
انظر: النوادر والزيادات: 6/ 199 و 200.
(10)
في (ن 3): (بغير رخص). وانظر: المدونة: 3/ 284، وما بعدها.
قوله: (ونَوْعِهَا) أي وكان الشراء بنوع المعرى أي إن برنيًا فبرني وإن صيحانيًا فصيحاني وهو مذهب المدونة (1).
قوله: (يُوَفّي عِنْدَ الجْذَاذِ) أي وأن يوفى في (2) ذلك العوض عند الجذاذ، فلا يجوز اشتراط تعجيل القبضَ ولا خلاف فيه، قاله عياض (3) وفي الواضحة إذا تطوع له بتعجيل الخرص قبل الجداد جاز (4).
(المتن)
فِي الذمَّةِ، وَخَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَأقَلَّ، وَلا يَجُوزُ أَخْذُ زَائِدٍ عَلَيْهِ مَعَهُ بعَيْنٍ عَلَى الأَصَحِّ، إِلَّا لِمَنْ أَعْرَى عَرَايَا فِي حَوَائِطَ، وكُل خَمْسَةٌ أوسق إِنْ كَانَ بِأَلْفَاظٍ لا بِلَفْظٍ عَلَى الأَرْجَحِ، لِدَفْعِ الضَّرَرِ، أَوْ الْمَعْرُوفِ فَيَشْتَرِي بَعْضَهَا، كَكُلِّ الْحَائِطِ، وَبَيْعِهِ الأَصْلَ. وَجَازَ لَكَ شِرَاء أَصْلٍ فِي حَائِطِكِ بِخَرْصِهِ إِنْ قَصَدْتَ الْمَعْرُوفَ فَقَطْ، وَبَطَلَتْ إِنْ مَاتَ قَبْلَ الْحَوْزِ. وَهَلْ هُوَ حَوْزُ الأُصُولِ، أَوْ أَنْ يَطْلُعَ ثَمَرُهَا؟ تَأْوِيلانِ.
(الشرح)
قوله: (في الذِّمَّةِ) أي وأن يكون العوض في ذمة المعرى لا في حائط بعينه.
قوله: (وخَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَأَقَلَّ) أي وأن تكون الثمرة المشتراة خمسة أوسق فأقل وهو المشهور، وعن مالك أن ذلك لا يجوز إلا في أقل من خمسة أوسق (5)، لأنه المحقق في الحديث والخمسة مشكوك فيها.
قوله: (ولا يَجُوزُ أَخْذُ زَائِدٍ عَلَيْهِ مَعَهُ بِعَيْنٍ عَلَى الأَّصح (6)) يريد أنه إذا أعراه أكثر من خمسة أوسق، لا يجوز له شراء خمسة أوسق من ذلك بخرصه، والزائد بالدنانير والدراهم، وحكى ابن يونس في ذلك قولين: بالجواز، والمنع، وصوب (7) عدم (8) الجواز وكذا صححه غيره كما أشار إليه هنا، وفي قوله:(معه) تنبيه على أنه لو
(1) انظر: المدونة: 3/ 287.
(2)
قوله: (في) زيادة من (ن 5).
(3)
انظر: إكمال المعلم: 5/ 97، وما قبلها.
(4)
انظر: النوادر والزيادات: 6/ 200.
(5)
انظر: المدونة: 3/ 284.
(6)
في (ن 4): (الأرجح).
(7)
قوله: (وصوب) زيادة من (ن).
(8)
في (ن): (عبد الحق).
اشترى مجموع الثمرة بالعين جاز وقاله في المدونة (1).
قوله: (إِلا لِمَن أَعْرَى عَرَايَا في حَوائِط (2)، وكُل خَمْسَةٌ أوسق إِنْ كَانَ بِأَلْفَاظٍ لا بِلَفْظِ عَلَى الأَرْجَحِ) هذا مستثنى من قوله:(وخمسة أوسق فأقل) وهو أحد الشروط السابقة في جواز شراء العرية (3)، والمعنى ولا يجوز للمُعري ولا لغيره شراء أكثر من خمسة أوسق بالخرص إلا من أعرى عرايا في حوائط (4) متعددة في كل حائط منها خمسة أوسق، وقد اختلف في ذلك فذهب القابسي إلى جواز شراء ذلك سواء أعراه له مرة أو مرات (5) وذهب يحيى بن عمر، وابن أبي زيد وغيرهما: إلى المنع، وهما تأويلان على المدونة. قال ابن الكاتب (6): إن أعرى (7) ذلك لرجل في لفظ واحد وعقد واحد فهي عرية واحدة (8)، ولا يشتري من تلك الحوائط إلا خمسة أوسق فقط، وإن أعراه في أوقات متعددة فحسن هاهنا أن يشتري من كل حائط خمسة أوسق بخرصها، لأنها عرية بعد عرية. قال في التوضيج: ورجح ابن يونس (9) هذا القول، ولهذا قال (على الأرجح). ولم أره رجحه (10) كما قال الشيخ.
قوله: (لِدَفْعِ الضَّرَرِ، أَوْ الْمَعْرُوفِ) أشار بهذا إلى أن علة شراء العرية على الوجه المذكور إنما هو دفع ضرر الشركة، أو لقصد المعروف، وعلل مالك وابن القاسم بهما.
قوله: (11)(فيشْتَرِي بَعْضَهَا) أي فبسبب العلة المذكورة أو لأجلها يجوز للمُعرى شراء بعض عريته بخرصها وقاله في المدونة وهذا إذا قلنا أن العلة قصد المعروف. وأما
(1) انظر: المدونة: 3/ 284.
(2)
قوله: (في حوائط) يقابله في (ن 4): (من حائط).
(3)
في (ن 5): (العارية).
(4)
قوله: (وكُل خَمْسَةٌ أوسق إِنْ كَانَ بِأَلْفَاظ
…
عرايا في حوائط) ساقط من (ن 3).
(5)
انظر: الذخيرة: 5/ 205.
(6)
في (ن 3) و (ن 4): (ابن كنانة).
(7)
في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (عرى).
(8)
انظر: الذخيرة: 5/ 199.
(9)
انظر: التوضيح: 5/ 568.
(10)
في (ن 5): (حجة).
(11)
قوله: (قوله) زيادة من (ن 5).
إذا قلنا لدفع الضرر فإن شراء بعضها لا يجوز لعدم دفع الضرر، بذلك، لأن المعرى يدخل للحائط لأجل حصته من بقية العرية (1).
وقوله: (كَكُلِّ الْحائِطِ) أي إذا كان جميعه مُعرى، وقاله في المدونة ونصه (2): ومن أعرى جميع حائطه وهو خمسة أوسق فأدنى؛ جاز له شراء جميعه أو بعضه بخرصه (3).
قوله: (وبَيْعِهِ الأَصْلَ) يحتمل أن يكون الضمير عائدًا على المعري ويكون من باب إضافة الصدر إلى الفاعل، أو (4) إلى فاعل الصدر (5) أو على المعرى ويكون من باب إضافته إلى المفعول، والمعنى أن المعرى يجوز له أن يبيع المعري أصل الثمرة المعراة ونحوه في المدونة (6).
قوله: (وجَازَ لَكَ شِرَاءُ أَصْلٍ في حَائِطِكَ بِخَرْصِه، إِنْ قَصَدْتَ الْمَعْرُوفَ فَقَطْ) يعني أنه (7) إذا كان لك حائط وملك رجل أصل نخلة فيه، فإن لك شراء ثمرتها بالخرص كالعارية إن أردت بذلك رفقة بكفايتك إياه مؤنتها، قاله في المدونة ثم قال: وإن كان لدفع ضرر دخوله فلا يعجبني وأراه من بيع التمر بالرطب، لأنه لم يعره شيئًا (8)، وإلى هذا أشار بقوله:(فقط).
قوله: (وبَطَلَتْ إِنْ مَاتَ قَبْلَ الْحَوْز) يريد أن العرية تبطل إذا مات المعري (9) قبل أن يحوز عنه (10) المعرى لأنها عطية كسائر العطايات، وهذا متفق عليه ونحوه في المدونة (11) واختلف في الحوز (12) بماذا يكون، فذهب ابن حبيب إلى أن حيازة ذلك
(1) انظر: المدونة: 3/ 285 و 287، والتهذيب: 3/ 242 - 244.
(2)
قوله: (نصه) ساقط من (ن).
(3)
انظر: التهذيب: 3/ 243.
(4)
في (ن 3): (أي).
(5)
في (ن) و (ن 3) و (ن 4): (الفاعل، أو إلى فاعل المصدر).
(6)
انظر: المدونة: 3/ 286، والتهذيب: 3/ 240.
(7)
قوله: (أنه) ساقط من (ن).
(8)
انظر: التهذيب: 3/ 241.
(9)
في (ن 5): (المعرى).
(10)
قوله: (عنه) ساقط من (ن 5).
(11)
انظر: المدونة: 3/ 291، والتهذيب: 3/ 245.
(12)
في (ن 5): (الحرز).
بقبض الأصول إذا طلع فيها (1) الثمر قبل موت المعري، فإن قبضه ولم يطلع فيها ثمر حتى مات المعري أو اطلع فيها ولم يقبضها حتى مات المعري بطلت. وقاله مالك (2)، وهو مذهب المدونة، عند ابن العطار (3)، وفضل، وجماعة من الأندلسيين. وذهب أبو عمران (4)، وأبو مروان بن عبد الملك (5) إلى الاكتفاء بحوز الأصل وقال أشهب: يكتفى بظهور الثمرة والإبار أو بحصول رقاب الثمرة بيد المعري دون رب الحائط (6)، وصوب ابن يونس قول أشهب. وإليه أشار بقوله:(وهَلْ هُوَ حَوْزُ الأُصُولِ، أوْ أنْ يَطْلُعَ ثَمَرُهَا؟ تَأْوِيلانِ)(7).
(المتن)
وَزَكَاتُهَا وَسَقْيُهَا عَلَى الْمُعْرِي، وَكَمِّلَتْ بِخِلافِ الْوَاهِبِ، وَتُوضَعُ جَائِحَةُ الثِّمَارِ كَالْمَوْزِ والْمَقَاثِي، وَإِنْ بِيعَتْ عَلَى الْجَذِّ، وَمِنْ عَرِيَّتِهِ لا مَهْرَ، إِنْ بَلَغَتْ ثُلُثَ الْمَكِيلَةِ، وَلَوْ مِنْ كَصَيْحَانِي وَبَزنِيّ. وَبُقيَتْ لِيَنْتَهِيَ طِيبُهَا، وَأُفْرِدَتْ، أَوْ أُلْحِقَ أَصْلُهَا؛ لا عَكْسُهُ أَوْ مَعَهُ، وَنظِرَ مَا أصِيبَ مِنَ الْبُطُونِ إِلَى مَا بَقِيَ فِي زَمَنِهِ، لا يَوْمَ الْبَيْعِ، وَلا يُسْتَعْجَلُ عَلَى الأَصَحِّ، وَفِي الْمُزْهِيَةِ التَّابِعَةِ لِلدَّارِ تَأْوِيلانِ.
(الشرح)
قوله: (وزَكَاتُهَا وسَقْيُهَا عَلَى الْمُعْرِي) أي وزكاة ثمرتها وسقيها على المعري، وهو رب الحائط. قال في المدونة: وإن لم تبلغ خمسة أوسق إلا مع بقية حائطه (8)، وهذا معنى قوله:(وَكُمِّلَتْ) أي إن لم تكن خمسة أوسق كملت من ثمرة الحائط.
قوله: (بِخِلافِ الْوَاهِبِ) أي فإن السقي والزكاة ليس عليه، بل على الموهوب له (9)، وقاله في المدونة (10) وحصَّل ابن يونس في الهبة والعرية خمسة أقوال، قول: إن الزكاة
(1) في (ن 5): (منها).
(2)
انظر: النوادر والزيادات: 6/ 202.
(3)
في (ن 3) و (ن 5): (القطان). والصواب هو المثبت. وانظر: الوثائق: 1/ 99.
(4)
انظر: الذخيرة: 5/ 211.
(5)
قوله: (عبد الملك) يقابله في (ن) و (ن 5): (مالك). وانظر: التوضيح: 5/ 569.
(6)
انظر: النوادر والزيادات: 6/ 202.
(7)
قوله: (وإليه أشار بقوله (وهَلْ هُوَ
…
ثَمَرُهَا؟ تَأْوِيلانِ) ساقط من (ن 5).
(8)
انظر: التهذيب: 3/ 245.
(9)
قوله: (له) ساقط من (ن 5).
(10)
انظر: التهذيب: 3/ 246.
والسقي على الموهوب له (1) والمعري، وقول: إن ذلك كله على رب الحائط. وقال ابن القاسم في العرية: إن ذلك كله (2) على رب الحائط، وفي الهبة على الموهوب (3) وقال سحنون: إن (4) ذلك على من كانت بيده وولي القيام عليها (5)، وقيل: إن السقي على رب الحائط والزكاة على من له الثمرة.
قوله: (وتُوضَعُ جَائِحَةُ الثِّمَارِ) يريد أن من اشترى ثمرة في (6) رؤوس الشجر، فأصيبت بأمر من الأمور التي يذكرها فإن ما أصيب يوضع عنه بحصته من الثمن (7) وفي الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم:(أمر بوضع الجوائح (8)).
وروى أبو طوالة عن أبيه أنه صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أصيب (9) ثلث الثمرة فقد وجب على البائع الوضيعة).
وعن ربيعة أنه صلى الله عليه وسلم: (أمر بوضع الجوائح إذا بلغت ثلث الثمرة).
ابن يونس وعلي (10): وقاله كثير من الصحابة والتابعين.
قوله: (كَالْمَوْزِ والْمَقَاثِي (11)) هو بيان لما توضع جائحته، ومثل الموز الخوخ والتفاح والأترج ونحو ذلك قاله في المدونة؛ ومثله المقاثي (12) ونحوها، وكذلك ما ييبس ويدخر كالتمر والعنب واللوز والجوز ونحوه (13). ابن يونس: وروي عن مالك أن جائحة الموز كالبقل يوضع قليلها وكثيرها. قال في المدونة: وإن اشتراه على الجذ مكانه
(1) قوله: (له) زيادة من (ن).
(2)
قوله: (كله) ساقط من (ن).
(3)
انظر: المدونة: 3/ 292.
(4)
قوله: (إن) زيادة من (ن).
(5)
انظر: النوادر والزيادات: 6/ 201.
(6)
قوله: (ثمرة في) يقابله في (ن) و (ن 3) و (ن 4): (تمرة بين).
(7)
في (الثمر): (ن 3).
(8)
في (ن): (الجائح).
(9)
في (ن): (أصيبت).
(10)
قوله: (وعلي) زيادة من (ن 5)، وفي (ن):(ثمرة من).
(11)
في (ن 4): (المقات)، وفي (ن):(المقتاتي).
(12)
في (ن 5): (القطاني)، وفي (ن):(المقتاتي).
(13)
انظر: المدونة: 3/ 583، والتهذيب: 3/ 425.
فأجيح قبل الجذ وضعت فيه الجائحة إن بلغت الثلث كالثمار لا البقول (1)، وإليه أشار بقوله:(وإِنْ بِيعَتْ عَلَى الْجَذِّ).
قوله: (ومِنْ عَرِيَّتهِ) أي أن الجائحة توضع عن المبتاع ولو كان اشتراها من عريته وهو المشهور خلافًا لأشهب مستدلًا بأن ذلك مبني على المعروف السابق (2)، وهو في فع الثمرة أولًا بلا (3) عوض، وهذه العقدة (4) مبنية عليه، ولهذا اغتفر فيه المزابنة والربا (5)، وغيره على ما مر فليس محض بيع فوجب ألا يكون فيه جائحة.
قوله: (لا مَهْرَ) أي فلا جائحة فيه. ومعناه إذا تزوج امرأة وأمهرها ثمرة فأجيحت فلا قيام لها بذلك، وهو قول ابن القاسم، وقال عبد الملك: فيه الجائحة، وهو أقرب (6)، واختاره ابن يونس وغيره.
قوله: (إِنْ بَلَغَتْ ثُلُثَ الْمَكِيلَةِ) أي يشترط في وضع الجائحة أن تكون قد بلغت ثلث المكيلة لا ثلث القيمة، وهو قول ابن القاسم. فلو كان الثلث المذكور يساوي عشر قيمة الثمرة وضع عنه ولا يوضع ما دون الثلث المكيلة، ولو كان يساوي تسعة أعشار الثمر (7)، لأن الجائحة إنما هي باعتبار نقص الثمرة وفسادها لا رخصها (8).
قوله: (ولَوْ مِنْ كَصَيْحَانِيٍّ وبَرْنِيٍّ) أي (9) وعجوة ونحوه وقاله في المدونة (10)، وقال أشهب: بل (11) يقوم كل صنف يوم الشراء، ثم ينظر كم قيمة المجاح من قيمة ما لم يجح، فإن كان قيمة المجاح الثلث وضع (12) ذلك
(1) انظر: التهذيب: 3/ 432.
(2)
انظر: النوادر والزيادات: 6/ 209.
(3)
في (ن): (بغير).
(4)
في (ن 5): (العقيدة).
(5)
في (ن 5): (البريد).
(6)
انظر: النوادر والزيادات: 6/ 209، والمنتقى: 6/ 176.
(7)
قوله: (الثمر) ساقط من (ن 4).
(8)
في (ن): (وضعها). وانظر: المدونة: 3/ 582، والتهذيب: 3/ 426.
(9)
قوله: (أي) ساقط من (ن 5).
(10)
انظر: المدونة: 3/ 583، والتهذيب: 3/ 427.
(11)
قوله: (بل) ساقط من (ن).
(12)
في (ن 3): (وقع).
عن (1) المشتري ولا ينظر إلى شيء من الثمرة، وإن كان دون الثلث لم يوضع شيء (2).
قوله: (وبُقِّيَتْ ليَنْتَهِيَ طِيبُهَا) أي ومن شروط وضع الجائحة أن تكون الثمرة قد بقيت على رؤوس الشجر لينتهي طيبها وهذا مما لا خلاف فيه. وقاله في الجواهر، أما لو تناهى طيبها إلا أنها تحتاج إلى تأخير لبقاء رطوبتها، كالعنب يشترى بعد بدو صلاحه، ففيه قولان، ومقتضى رواية أصبغ عن ابن القاسم أنه لا يوضع شيء من ذلك، ومقتضى رواية سحنون وأصبغ (3) الجائحة من جميعه ولا خلاف في عدم وضع (4) الجائحة فيما لا يحتاج إلى بقائه في أصله لتمام صلاحه، كالتمر اليابس والزرع (5).
قوله: (وأُفْرِدَتْ، أَوْ أُلْحِقَ أَصْلُهَا) أي ومما يشترط أيضًا في وضع الجائحة أن تكون الثمرة قد بيعت مفردة من أصلها أو اشتراها مفردة ثم اشتراه بعد ذلك.
قوله: (لا عَكْسُهُ أَوْ مَعَهُ) أي لا إن اشترى الأصل ثم اشترق الثمرة، أو اشتراهما معًا، فإنه لا جائحة فيما أجيح من ذلك وهو واضح.
قوله: (ونُظِرَ مَا أُصِيبَ مِنَ الْبُطُونِ إِلَى مَا بَقِيَ فِي زَمَنِهِ)
قال في المدونة: مثل أن يشتري مقثأة (6) بمائة درهم؛ فأجيح بطن (7) منها ثم جنى بطنين (8)؛ فانقطعت فإن كان المجاح مما (9) لم يجح قدر ثلث النبات بعد معرفة ناحية النبات وضع عنه (10) قدره.
وقيل: ينظر (11) ما قيمة المجاح في زمنه. فإن قيل: ثلاثون، والبطن الثاني: عشرون،
(1) في (ن 3): (على).
(2)
انظر: التهذيب: 3/ 425 و 426، والنوادر والزيادات: 6/ 205.
(3)
قوله: (وأصبغ) ساقط من (ن).
(4)
قوله: (وضع) ساقط من (ن).
(5)
انظر: عقد الجواهر: 2/ 738 و 739.
(6)
في (ن): (مقتات).
(7)
في (ن 3) و (ن 4): (بطنين).
(8)
في (ن 3) و (ن 4): (بطنًا).
(9)
في (ن 3): (ما).
(10)
قوله: (عنه) ساقط من (ن).
(11)
قوله: (ينظر) زيادة من (ن).
والثالث: عشرة في زمانيهما لغلاء الأول وإن قل ورخص الثاني وإن كثر، فيرجع نصف الثمن (1)، وعلى هذا قوله:(لا يَوْمَ الْبَيْعِ) أي فإنه لا ينظر إلى قيمة المصاب يوم البيع بل حين الإصابة كما تقدم، وهما تأويلان على المدونة.
قوله: (ولا يُسْتَعْجَلُ عَلَى الأَصَحِّ) اختلف إذا أجيح أول بطن المقثأة (2) هل يستعجل التقويم فيما بين (3) البطون الآن على ما جرى من عرف عادتها، أو يستأنى حتى يجني جميع بطونها.
عبد الحق: وأصوب القولين عندي الاستيناء حتى يجني جميع البطون (4). قلت: وإليه أشار بقوله: (عَلَى الأَصَحِّ).
قوله: (وفي الْمُزْهِيَةِ التَّابِعَةِ لِلدَّارِ تَأْوِيلانِ) أي على المدونة، لأن (5) فيها مكتري الدار وفيها ثمرة لم تطب. وهي تبع واشترط أنه لا جائحة لثمرها، ومفهومه أنها لو طابت لكان فيها الجائحة، ذكر في كتاب المرابحة أن فيها الجائحة إذا كانت يوم الكراء مزهية. وقال اللخمي: اختلف إذا كانت الثمرة أقل من الثلث فأجيح جميعها أو الثلث أو أكثر، فقيل: فيها الجائحة، وقيل: لا جائحة لأنها تبع، والأول أحسن؛ لأنها تبع، وقيل: لأنها مشتراة فليس بملغاة والمشتري قصد شراءها اختيارَا ليس لرفع (6) مضرة، فقارب ما اشترى قبل بدو صلاحه (7).
(المتن)
وَهَلْ هِيَ مَا لا يُسْتَطَاعُ دَفْعُهُ كَسَمَاوِيّ وَجَيشٍ أَوْ وَسَارِقٍ؟ خِلافٌ. وَتَعْيِيبُهَا كَذَلِكَ وَتُوضَعُ مِنَ الْعَطَشِ وَإِنْ قَقَتْ كَالْبُقُولِ وَالزَّعْفَرَانِ وَالرَّيْحَانِ وَالْقُرْطِ وَالْقَضْبِ وَوَرَقِ التُّوتِ، وَمُغَيَّبِ الأَصْلِ كَالْجَزَرِ وَلَزِمَ الْمُشْتَرِيَ بَاقِيهَا وَإِنْ قَلَّ. وَإِنِ اشْتَرَى أَجْنَاسًا فَأُجِيحَ بَعْضُهَا وُضِعَتْ؛ إِنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ ثُلُثَ الْجَمِيعِ وَأُجِيحَ
(1) انظر: التهذيب: 3/ 425 و 426.
(2)
في (ن): (المقتات).
(3)
قوله: (بين) يقابله في (ن): (بقي من).
(4)
انظر: النكت والفروق: 2/ 112.
(5)
في (ن 5): (لأنها).
(6)
في (ن): (لدفع).
(7)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:4771.
مِنْهُ ثُلُثُ مَكِيلَتِهِ، وَإنْ تَنَاهَتِ الثَّمَرَةُ؛ فَلا جَائِحَةَ. كَالْقَصَبِ الْحُلْوِ، وَيَابِسِ الْحَبِّ، وَخُيِّرَ الْعَامِلُ فِي الْمُسَاقَاةِ بَينَ سَقْيِ الْجَمِيعِ أَوْ تَزكِهِ؛ إِنْ أُجِيحَ الثُّلُثُ فَأَكْثَرُ، وَمُسْتَثْنًى كَيْلٍ مِنَ الثَّمَرَةِ تُجَاحُ بِمَا يُوضَعُ: يَضَعُ عَنْ مُشْتَرِيهِ بِقَدْرِهِ.
(الشرح)
قوله: (وهَلْ هِيَ مَا لا يُسْتَطَاعُ دَفْعُهُ كَسَماوِيٍّ وجَيْشِ أَوْ وَسَارِقٍ خِلافٌ) يعني أنه اختلف في الجائحة هل هي ما لا يستطاع دفعه كالآفات السماوية، والجيش الذي لا يمكن دفعه لو علم به. وهو مذهب ابن القاسم عند الباجي. وعليه (1) فلا يكون السارق جائحة؛ لأنها يستطاع دفعه لو علم به (2). الباجي: وهذا كقوله (3) في الموازية وعليه أكثر الأشياخ وشهره ابن عبد السلام وقال (4) ابن أبي زيد عن ابن القاسم في الموازية أنه (5) جائحة وعليه فتكون الآفات السماوية والجيش جائحة (6)، ونبه بقوله:(أَو وَسَارِقٍ) إلى أن القول الثاني يوافق الأول على أن الآفات السماوية والجيش جائحة، وإنما الخلاف في السارق.
قوله: (وتَعْيِيبُها كَذَلِكَ) يريد أن الثمرة إذا تعيبت بريح أو غبار ونحوه قبل انتهاء طيبها فنقصت قيمتها لأجل ذلك فإن حكمها كما تقدم على المشهور خلافًا لعبد الملك وغيره (7).
قوله: (وتُوضَعُ مِنَ الْعَطَشِ وَإِنْ قَلَّتْ) أي إذا انقطع عن الثمرة ماء السماء، أو انقطع عنها عين سقيها فهلكت فإنه يوضع قليل ما هلك وكثيره وهكذا قال في المدونة وعلله بأنها بيعت (8) على حياتها (9) من الماء (10) أي: أن سقيها على بائعها فأشبهت ما فيه
(1) في (ن 3): (عنه).
(2)
انظر: المنتقى: 6/ 173.
(3)
قوله: (وهذا كقوله) يقابله في (ن): (وهو قوله).
(4)
في (ن 5): (نقل).
(5)
قوله: (أنه) يقابله في (ن): (أن السارقة).
(6)
انظر: النوادر والزيادات: 6/ 212، والمنتقى: 6/ 173.
(7)
انظر: البيان والتحصيل: 12/ 180، والتوضيح: 5/ 574.
(8)
في (ن 5): (ابتيعت).
(9)
في (ن 5): (حيالها)، وفي (ن):(إحيائها).
(10)
انظر: التهذيب: 3/ 432 و 433.
حق توفية ولا فرق بين البقل وغيره ولا خلاف فيما ذكر.
قوله: (كَالْبُقُولِ والزَّعْفَرَانِ والرِّيْحَانِ والْقرْطِ وَوَرَقِ التُّوتِ) أي كالبقول في وضع جائحتها وإن قلت وهذا هو المشهور. وقيل: ليس فيها جائحة مطلقًا وإن كثرت، قاله ابن الجلاب (1).
وعن (2) مالك أنها كالثمار، يفرق بين الثلث فيوضع فيه وإن زاد، وبين ما قصر عنه فلا يوضع (3)، وهذه الأقوال حكاها ابن يونس وغيره، وألحق سحنون وغيره الزعفران، والريحان، والقرط (4) والقصب بالبقول (5)، في وضع جائحتها (6) وكذا عن (7) ابن القاسم في ورق التوت، وقال ابن حبيب: هو كالثمار (8).
قوله: (ومُغَيَّبِ الأَصْلِ كَالجْزَرِ) يريد أن الجائحة توضع وإن قلت في مغيب الأصل كالجزر، واللفت، والبصل، والبقل والفجل، والكراث، ونحو ذلك.
وقاله في المدونة (9) وقال (10) ابن القاسم في العتبية أن الفجل والاسفنارية (11) لا جائحة فيهما حتى تبلغ الثلث (12).
قوله: (ولَزِمَ الْمُشْتَرِي بِاقِيهَا وإِنْ قَلَّ) يريد أن السالم من الجائحة وإن كان قليلًا فإنه يلزم المشتري بما يخصه (13) من الثمن.
(1) انظر: التفريع: 2/ 99.
(2)
في (ن 3) و (ن 4): (عند).
(3)
انظر: المنتقى: 6/ 179 و 180.
(4)
قوله: (والقرط) زيادة من (ن).
(5)
قوله: (والقصب بالبقول) يقابله في (ز 5): (والقرط والقصب والبقول).
(6)
قوله: (في وضع جائحتها) ساقط من (ن).
(7)
في (ن): (عند).
(8)
انظر: منتخب الأحكام: 2/ 975، والبيان والتحصيل: 12/ 180.
(9)
انظر: المدونة: 3/ 587.
(10)
في (ن 5): (عن).
(11)
في (ن): (والاسفناوية).
(12)
انظر: البيان والتحصيل: 12/ 163.
(13)
في (ن 5): (يلحقه).
قوله: (وَإِنْ اشْتَرَى أَجْنَاسًا فَأُجِيحَ بَعْضُهَاء وُضِعَتْ إِنْ بَلَغَتْ قِيمَتُه (1) ثُلثَ الجْمِيعِ، وأجِيحَ مِنْهُ ثُلُثُ مَكيلَتِهِ) يويد با لأجناس التين والتمر، والعنب، والرمان، والتفاح والخوخ (2) ونحوه، فإن اشترى منها جنسين فأكثر في صفقة؛ فأجيح منها جنس واحد أو بعضه، فإن جائحته توضع بشرطين: أن يكون المصاب قد بلغ ثلث جميع الثمن (3) الذي وقع به البيع أولًا (4)، وأن يكون قدر ثلث مكيلته. فإن فقد أحد هذين الشرطين فلا جائحة؛ ونسب الباجي وغيره هذا القول لابن القاسم (5)، ونسبه ابن يونس لابن المواز ولمالك من رواية ابن حبيب أن المعتبر كل جنس على حدته بما يخصه من الثمن (6)، ولأشهب أن المعتبر ثلث الجميع، فإن بلغ المجاح ثلث الثمن فأكثر وضع من غير التفات إلى قدر الجائحة من الثمن (7) ولا فرق بين كون هذه الأجناس في حائط أو حائطين فأكثر لكن (8)، شملته الصفقة الواحدة (9).
ابن رشد: وسواء أجيح بعض حائط أو حائط (10) أو بعض حائط وحائط أو من كل حائط بعضه (11).
قوله: (وَإِنْ تَنَاهَتِ الثَّمَرَةُ، فَلا جَائِحَةَ كَالْقَصَبِ الْحلْوِ، ويَابِسِ الْحَبِّ) أي فإن بيعت الثمرة بعد أن تناهت فلا جائحة فيها ونحوه في المدونة، قال: وهكذا إن ابتاعها بعد
(1) قوله: (بَلَغَتْ قِيمَة) يقابله في (ن 5): (بقية).
(2)
قوله: (والخوخ) ساقط من (ن).
(3)
قوله: (بلغ ثلث) يقابله في (ن): (بلغت قيمته ثلث قيمة).
(4)
قوله: (أولًا) زيادة من (ن 5).
(5)
انظر: المنتقى: 6/ 176 و 177.
(6)
انظر: النوادر والزيادات: 6/ 207.
(7)
قوله: (ولأشهب أن المعتبر
…
الجائحة من الثمن) ساقط من (ن 3).
(8)
قوله: (لكن) زيادة في (ن) و (ن 5).
(9)
انظر: النوادر والزيادات: 6/ 205 و 206.
(10)
قوله: (أو حائط) ساقط من (ن 3).
(11)
قوله: (أو بعض حائط وحائط أو من كل حائط بعضه) ساقط من (ن 4). وانظر: البيان والتحصيل: 12/ 144.
إمكان (1) الجذاذ واليبس (2).
وقال أيضًا: ولا يوضع في القصب الحلو جائحة؛ إذ لا يجوز بيعه حتى يطيب ويمكن قطعه (3).
قال سحنون: وقد قال ابن القاسم توضع جائحة (4)، واختلف قوله فيه في كتاب محمد (5).
قال في المدونة: وكل ما لا يباع إلا بعد يبسه من الحبوب من قمح، أو شعير، أو قِطنية وشبهها، أو سمسم، أو حب فجل الزيت فلا جائحة في ذلك (6).
قوله: (وخُيِّرَ الْعَامِلُ فِي الْمُسَاقَاةِ بَيْنَ سَقْي الْجَمِيعِ أو (7) تَرْكِهِ، إِنْ أُجِيحَ الثُّلُثُ فَأَكْثَرُ) يريد أن من أخذ نخلًا مساقاة فلما عمل أصابت الثمرةَ جائحةُ، فأسقطت ثلثها فأكثر، فإنه يخير بين سقي جميع الحائض أو ترك جميعه وقاله في المدونة (8).
ابن يونس: عن محمد وهذا إذا كانت الجائحة شائعة، وأما إن كانت في ناحية منه فلا سقي عليه فيها (9). ويسقي السالم وحده ما لم يكن السالم حد الثلث فدون (10)، وأبقى عبد الحميد (11) المدونة على ظاهرها وأنه لا فرق بين أن يكون المجاح مشاعًا أم لا؟ قال في المدونة: وإن أجيح دون (12) الثلث لم يوضع عنه سقي شيء من الحائط كله (13) ولزمه عمل الحائط كله (14).
(1) في (ن 3) و (ن 4): (ما كان).
(2)
انظر: التهذيب: 3/ 430.
(3)
انظر: التهذيب: 3/ 429.
(4)
انظر: المدونة: 3/ 587
(5)
انظر: النوادر والزيادات: 6/ 207.
(6)
انظر: التهذيب: 3/ 429 و 430.
(7)
في (ن 4): (و).
(8)
انظر: المدونة: 3/ 591.
(9)
قوله (فيها) يقابله في (ن ر): (فيما أجيح).
(10)
قوله: (حد) يقابله في (ن): (يسيرا جدًّا الثلث).
(11)
في (ن): (عبد الحق).
(12)
في (ن 3) و (ن 4): (قدر).
(13)
قوله: (كله) ساقط من (ن) و (ن ر).
(14)
انظر: التهذيب: 3/ 433.