الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل [في أحكام كراء الدواب]
(المتن)
فَصْلٌ وَكِرَاءُ الدَّابَّةِ كَذَلِكَ، وَجَازَ عَلَى أَنَّ عَلَيْكَ عَلَفَهَا أَوْ طَعَامَ رَبِّهَا، أَوْ عَلَيْهِ طَعَامَكَ، أَوْ لِيَرْكَبَهَا فِي حَوَائِجِهِ، أَوْ لِيَطْحَنَ بِهَا شَهْرًا، أَوْ لِيَحْمِلَ عَلَى دَوَابِّهِ مِائَةً، وَانْ لَمْ يُسَمِّ مَا لِكُل. وَعَلَى حَمْلِ آدَمِيٍ لَمْ يَرَهُ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ الْفَادِحُ، بِخِلافِ وَلَدٍ وَلَدَتْهُ، وَبَيْعهَا، وَاسْتِثْنَاءُ رُكُوبِهَا الثَّلاثَ، لا جُمُعَة، وَكُرِهَ الْمُتَوَسِّطُ، وَكِرَاءُ دَابَّةٍ شَهْرًا إِنْ لَمْ يَنْقُدْ، وَالرِّضَا بِغَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ الْهَالِكَةِ إِنْ لَمْ يَنْقُدْ، أَوْ نَقَدَ وَاضْطُرَّ.
(الشرح)
قوله: (وَكراءُ الدابةِ كذَلكَ) أي: فيشترط في صحتها عاقد وأجرة كالبيع، ويحتمل أن يريد ما هو أعم من ذلك، وأن الذي يجوز هناك يجوز هنا، وما يمتنع هناك (1) يمتنع هنا، وأن الكراء لازم لهما بالعقد كالإجارة
…
إلى غير ذلك.
قوله: (وَجازَ على أنَّ عليكَ عَلفهَا أو طعام ربِّها، أو عليهِ طَعامَكَ) هذا كقوله في المدونة: ولا بأس أن تكتري إبلا من رجل على أن عليك علفها، أو طعام ربها، أو على أن عليه هو طعامك ذاهبًا وراجعًا، وذلك جائز وإن لم يوصف (2)، وذلك معروف (3).
قوله: (أو ليركبَهَا في حوائِجِه) قال في المدونة: ومن اكترى دابة ليركبها في حوائجه شهرًا، فإن كان على ما يركب الناس الدواب، جاز (4). وهكذا يجب أن يقيد كلام الشيخ بما قال، وأن ركوب الناس إن لم يكن معروفًا عند المتكاريين، لم يجز.
قوله: (أو ليطحَنَ بها شهرًا) أي: وكذا يجوز أن يكري منه دابة ليطحن عليها الحنطة شهرًا بعينه، وقاله في المدونة وزاد: وإن لم يذكر كم يطحن كل شهر (5)، ثم قال: وإن لم يذكر (6)؛ لأن وجه طحين الناس معروف (7).
(1) قوله: (يجوز هنا، وما يمتنع هناك) ساقط من (ن 3).
(2)
في (ن): (توصف النفقة).
(3)
انظر: المدونة: 3/ 478.
(4)
المدونة: 3/ 479.
(5)
في (ن 3): (يوم).
(6)
قوله: (وإن لم يذكر) زيادة من (ن 3).
(7)
انظر: المدونة: 3/ 479.
قوله: (أو ليحمِلَ على دَوابِّه مائةً) أي: مائة إِردَب أو قِنطَار أو نحو ذلك من الأشياء المعدودة، وإنما حذف المميِّز ليشمل جميع ذلك وقيده في المدونة بالأرادب.
قوله (1): (وَإن لم يُسمِّ ما لِكُلٍّ) أي: ما لكل دابة من مقدار ما يحمل عليها، وقاله في المدونة (2)، ونبه بقوله:(على دوابه)، على أن جواز ذلك مشروط بكون الدواب كلها له، يريد: أو لغيره وقد وكّله في ذلك، وقاله في المدونة (3) ثم قال (4): وإن كانت الدواب لرجال شتى، وحملها مختلف، لم يجز؛ إذ لا يدرى كل واحد بما أكرى دابته، كالبيوع (5).
قوله (وعلى حمْل آدمِي لم يرهُ، ولم يَلزَمهُ الفَادحُ) قال في المدونة: ومن أكرى من رجل على حمل رجلين، أو امرأتين لم يرهما، جاز؛ لتساوى الأجسام إلا الخاص، فإن أتاه بفادحين، لم يلزمه ذلك (6)، والفادح: هو العظيم الثقيل.
قوله: (بخلافِ ولدٍ ولَدتهُ) أي: فإن حمل الولد يلزمه مع أمه وقاله في المدونة. قوله: (وبيعَها واستِثنَاءُ رُكُوبِها الثلاثَ، لا (7) جُمعة، وكُرِه المتوسِّطُ) أي: وكذا يجوز (8) بيع الدابة واستثناء ركوبها اليومين والثلاثة، لا الجمعة، أي: فصاعدًا، فإنه لا يجوز اللخمي: ويكره المتوسط من ذلك، كالأربعة الأيام والخمسة (9). وفي المدونة: جواز اليوم واليومين (10)، قال أبو الحسن (11) الصغير: والثلاثة، وحمل قوله في المدونة: ولا ينبغي بما بَعُد (12) على المنع.
(1) قوله: (أي: مائة إِردَب
…
في المدونة بالأرادب. قوله) ساقط من (ن 3).
(2)
انظر: المدونة: 3/ 479.
(3)
قوله: (وقاله في المدونة) ساقط من (ن 4).
(4)
قوله: (ونبه بقوله
…
في المدونة ثم قال) ساقط من (ن 3)، وقوله:(وقاله في المدونة ثم قال) يقابله في (ن): (وقال في المدونة).
(5)
انظر: المدونة: 3/ 479.
(6)
انظر: المدونة، دار صادر: 11/ 499.
(7)
في (ن 5): (إلا).
(8)
قوله: (يجوز) ساقط من (ن 3).
(9)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:5130.
(10)
انظر: المدونة: 3/ 473.
(11)
في (ن 4): (ابن القاسم).
(12)
قوله: (بما بَعُد) يقابله في (ن 3): (ما بعده).
قوله: (وكراءُ دابَّة إلى شهرٍ، إن لم يَنقُد) أي: وهكذا يجوز أن يكري (1) الدابة إلى شهر، ما لم ينقد الأجرة، وقاله في المدونة (2)، وقال غيره لا يجوز.
قوله: (والرِّضا بغيرِ المعيَّنة الهالِكَة إن لم ينقُد، أو نَقَد واضطُر) يشير إلى قول مالك وإذا هلكت الدابة المعينة ببعض الطريق، فلا ينبغي أن يعطيه دابة أخرى يركبها بقية سفرة إلا أن يصيبه ذلك بِفَلاةٍ من الأرض، أو بموضع لا يجد فيه كراء، فلا بأس به للضرورة إلى (3) موضع مستعتَب فقط.
(المتن)
وَفَعَلَ الْمُسْتَأْجَرَ عَلَيهِ، وَدُونَهُ، وَحِمْلٌ بِرُؤْيَتِهِ، أَوْ كَيْلِهِ، أَوْ وَزْنِهِ، أَوْ عَدَدِه، إِنْ لَمْ يَتَفَاوَتْ، وَإقَالَةٌ بزيادة قَبْلَ النَّقْدِ وَبَعْدَهُ، إِنْ لَمْ يَغِبْ عَلَيْهِ، وإِلَّا فَلا، إِلَّا الزيادة مِنَ الْمُكْتَرِي فَقَطْ، إِنِ اقتضى، أَوْ بَعْدَ سَيْرٍ كَثِيرٍ، وَاشْتِرَاطُ هَدِيَّةِ مَكَةَ إِنْ عُرِفَ، وَعُقْبَةِ الأَجِيرِ، لا حَمْلِ مَنْ مَرِضَ منهُم، وَلا اشْتِرَاط إِنْ مَاتَتْ مُعَيَّنَةٌ أَتَاهُ بِغَيْرِهَا، كدَوَابّ لِرِجَالٍ، أَوْ لِأَمْكِنَةٍ، أَوْ لَمْ يَكُنِ الْعُرْفُ نَقْدَ مُعَيَّنٍ وِإنْ نَقَدَ، أَوْ بِدَنَانِيرَ عُيِّنَتْ، إِلا بِشْرِطَ الْخَلْفِ، أَوْ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مَا شَاءَ، أَؤ لِمَكَانٍ شَاءَ، أَوْ لِيُشَيّعَ رَجُلًا، أَوْ بمِثْلِ كِرَاءِ النَّاسِ، أَوْ إِنْ وَصَلْتُ فِي كذَا فَبِكَذَا، أَوْ لِيَنْتَقِلَ لِبَلَدٍ وَإِنْ سَاوَتْ، إِلَّا بِإذْنِهِ، كَإِرْدَافِهِ خَلْفَكَ، أَوْ حَمْلٍ مَعَكَ، وَالْكِرَاءُ لَكَ، إِنْ لَمْ تَحْمِلْ زِنَةً كَالسَّفِينَةِ.
(الشرح)
قوله: (وفعلَ المستأجَرَ عليه وَدَونهُ) أي: وجاز للمستأجر أن يَفعَل المستأجَر عَليه بعينه، أو ما هو مساوٍ له، أو دونه وهو واضح، ولا يفعل ما هو أضر منه.
قوله: (وحِمل برؤيَته، أو كَيلِهِ، أو وَزنهِ، أو عَدَدِه إن لم يتَفَاوت) هذا مما لا خلاف (4) فيه، وهو جواز كراء الدابة ليحمل عليها حِملًا إما برؤيته وإن لم يوزن أو يُكَلْ أو يعد، أو بكيله، أو بوزنه، أو بعدده، ولما كانت المعدودات تتفاوت بالخفة والثقل، قيد ذلك بقوله:(إن لم يتفاوت).
(1) في (ن 3): (يكتري).
(2)
انظر: المدونة: 4/ 433.
(3)
في (ن 3): (يركبها).
(4)
في (ن 5): (خفاء).
قوله: (وإقالَةٌ بزيادة (1) قَبلَ النَّقدِ وبعدَه إن لم يَغِب عليه، وإلّا فلا، إلّا الزيادة (2) من المكتَرِى فقط إن اقتضى أو بعدَ سيرٍ كثيرٍ) يريد أن من اكترى من رجل دابة جاز له أن يقايله، وذلك قبل أن ينقد الكراء، أو بعده ولم يغب عليه، فإن غاب لم تجز الإقالة بزيادة إلا من المكترى فقط، إن اقتضى، أي: إن أسقط ذلك من الكراء؛ لأنه يصير قد أخذ أقل مما دفع، فلا يتهمان على السلف بزيادة، ولم تجز من المكتري لأنه رد أزيد مما أخذ (3)، ومثله ما إذا سار من المسافة يسيرًا؛ لقيام التهمة؛ أما إذا قطع منها جزءًا كبيرًا فلا تهمة، وتجوز حينئذ الزيادة من أيهما كان؛ وقاله كله في المدونة وغيرها.
قوله: (واشتَراطُ هديَّةِ مكة إِن عُرفَ) يريد: أن الحاج يجوز له أن يشترط على رب الدابة حمل ما يأخذه من هدية، يريد: إذا كان قدر ذلك معروفًا عندهما، وإلا لم يجز؛ للغرر والجهالة، وقاله في المدونة (4)، قال: ولو شرط عليه حمل هدية (5) مكة، فإن كان أمرا قد عرف وجهه جاز وإلا فلا.
قوله: (وَعقَبَةِ الأجيرِ) هكذا قال في المدونة. ابن يونس: لأنه أمر معروف عندهم. أبو الحسن الصغير: والمراد بعقبة الأجير: أن يعاقبه أجيره في الركوب، قال: والعقبة هي رأس ستة أميال. ابن يونس: وإذا اكترى مشاة على أزوادهم، على أن لهم حمل من مرض منهم، لم يجز؛ لأن ذلك مجهول، وإليه أشار بقوله:(لا حَملِ من مَرِضَ منهُم).
قوله: (ولا (6) اشتِراطِ إن ماتت مُعَيَّنةً أتاه بغيرِهَا) قال في الواضحة: وإذا اكترى دابة معينة، وشرط في أول كرائه إن ماتت فدابته الأخرى بعينها مكانها إلى مدة سفره، أو اشترط أن باقي كرائه مضمون عليه، فلا خير فيه (7).
قوله: (كَدَواب لِرِجالٍ) أشار به إلى قوله في المدونة: وإن كانت الدواب لرجال
(1) قوله: (بزيادة) ساقط من (ن 5)، وقوله:(فلا، إلّا الزيادة) ساقط من (ن).
(2)
قوله: (الزيادة) ساقط من (ن 3).
(3)
قوله: (ولم تجز من المكتري لأنه رد أزيد مما أخذ) زيادة من (ن 5).
(4)
انظر: المدونة: 1/ 141.
(5)
في (ن): (هديا).
(6)
في (ن 5): (وإلا).
(7)
انظر: الذخيرة: 5/ 432.
شتى، وحملها مختلف، لم يجز؛ إذ لا يدري كل واحد بما أكرى (1) دابته، كالبيوع (2)، وقد تقدم عند قوله:(أو ليحمل على دوابه مائة (3).
قوله: (أو لأَمكِنةٍ) أي: وكذا لا يجوز له أن يكري دوابه إلى أمكنة مختلفة، يريد: دفعة واحدة، وهو كقوله في المدونة: ومن اكترى دابتين، واحدة إلى برقة والأخرى إلى إفريقية لم يجز حتى يعين التي إلى برقة، والتي إلى إفريقية (4).
قوله: (أو لَم يَكُن العُرف نقد معيَّن، وإن نَقَد) يريد: ان الكراء إذا وقع بشيء معين ولم يكن عرف ذلك البلد نقد ذلك المعين ولا غيره، فإن ذلك لا يجوز، وإن وقع النقد بعد العقد، يريد: إلا أن يشترطه في أصل العقد فيجوز، وهذا كقوله في المدونة: إذا اكترى بشيء معين (5) من عرض أو حيوان أو طعام أو استأجر أجيرا بشيء بعينه فتشاحا في النقد ولم يشترطا شيئا (6)، فإن كانت سُنَّة الكراء في البلد على النقد جاز (7) وقضى بقبضها، وإلا لم يجز الكراء وإن عجلت هذه الأشياء إلا أن يشترط النقد في العقد (8). ابن يونس: وقال ابن حبيب: الكراء بهذا كله جائز، كانت السُنَّة عندهم النقد فيه أم لا، وهو على تعجيله حتى يشترط تأخيره تصريحًا أو بلويحا (9)، وقاله من أرضى من أصحاب مالك (10).
قوله: (أو بدَنانيرَ عُيِّنت إلا بشرطِ الخَلفِ) أي: وكذا لا يجوز الكراء بالدنانير المعينة أو الدراهم المعينة (11)، إلا أن يشترط أنها إن تلفت أو بعضها أخلفه جاز، وقاله
(1) في (ن 3) و (ن 4): (اكترى).
(2)
انظر: المدونة: 3/ 479.
(3)
قوله: (مائة) ساقط من (ن 4).
(4)
انظر: المدونة: 3/ 480.
(5)
قوله: (ولم يكن عرف ذلك
…
إذا اكترى بشيء معين) ساقط من (ن 3).
(6)
قوله: (أو استأجر أجيرا بشيء بعينه فتشاحا في النقد ولم يشترطا شيئا) زيادة من (ن).
(7)
قوله: (جاز) ساقط من (ن 4).
(8)
زاد بعده في (ن 4): (إلا أن يشترط النقد في العقد). وانظر: تهذيب المدونة: 4/ 434.
(9)
في (ن) و (ن 4) و (ن 5): (تلخيصا).
(10)
انظر: المنتقى: 6/ 554.
(11)
قوله: (أو الدراهم المعينة) ساقط من (ن) و (ن 4).
في المدونة.
قوله: (أو ليَحملَ عليها ما شَاءَ) هذا كقوله في المدونة: ومن اكترى دابة ولم يسم ما يحمل عليها لم يجز إلا من قوم قد عرف حملهم، فذلك لازم (1) على ما عرفوا به من الحمل (2).
قوله: (أو لمِكانٍ شاءَ) أي: أو لبلد شاء قال في المدونة: لاختلاف الطرق في السهولة والوعورة (3).
قوله: (أو ليُشَيِّعَ رَجُلًا) أي: عليها، يريد: حتى يذكر منتهى التشييع، فيجوز، وهو قول ابن القاسم في المدونة، وقال غيره فيها: إذا كان مبلغ التشييع بالبلد قد عرف، فلا بأس به (4). وهو تفسير.
قوله: (أو بمِثلِ كِراءِ النَّاسِ) هو كقوله في المدونة: ومن تكارى من رجل إلى مكة بمثل ما تكارى الناس، لم يجز (5)، أي: للجهل.
قوله: (أو إن وَصلت به في كذَا فبِكذَا): يشير إلى قوله في المدونة: ومن اكترى من رجل على أنه إن أدخله مكة في عشرة أيام فله عشرة دنانير، وإن أدخله في أكثر فله دون ذلك، لم يجز وفسخ (6). زاد في الأمهات: لأنه شرط لا يدرى ما يكون له فيه من الكراء، وأقام بعضهم من المدونة الجواز.
قوله: (أو ليَنتَقِلَ لِبَلَدٍ، وإن سَاوتْ، إلَّا بإِذنِهِ). قال في المدونة: ومن اكترى من رجل حَمُولة فليس له صرفها (7) إلى غير البلد الذي اكترى إليه، وإن ساواه في المسافة والسهولة والصعوبة إلا بإذن المكري، وقال غيره: لا يجوز وإن رضيا؛ لأنه فسخ دين
(1) قوله: (لازم) ساقط من (ن 4).
(2)
انظر: المدونة: 3/ 479، وتهذيب المدونة: 3/ 442.
(3)
انظر: المدونة، دار صادر: 11/ 473.
(4)
انظر: المدونة، دار صادر: 11/ 472.
(5)
انظر: المدونة: 3/ 481، وفي تهذيب المدونة: 3/ 443.
(6)
انظر: المدونة: 3/ 480، وتهذيب المدونة: 3/ 442.
(7)
في (ن 5): (إصرافها).
في دين، إلا بعد صحة الإقالة (1). ولأشهب: إن كان مثل الأول في السهولة أو الصعوبة جاز، وإلا فلا (2).
قوله: (كإِردافِهِ خَلفَكَ، أو حَمل مَعَكَ) يريد أنك إذا اكتريت من رجل دابة بعينها، فليس له أن يردف خلفك رديفًا، ولا أن يحمل تحتك (3) متاعًا، قال في المدونة: وكأنك ملكت ظهرها، ثم قال: وإن حمل (4) في متاعك على الدابة متاعًا لكراء، فكراؤه لك، إلا أن تكون اكتريت منه حمل أرطال مسماة؛ فالزيادة له (5)، وهذا معنى قوله:(والكِراءُ لَكَ إِن لم تحمِلْ زِنهَ) أي: معلومة، كالقنطار أو نصفه، أو نحو ذلك من الأرطال.
قوله: (كالسَّفِينةِ) أي: في جميع ذلك.
(المتن)
وَضَمِنَ إِنْ أكْرَى لِغَيْرِ أَمِينٍ، أَوْ عَطِبَتْ بِزِيَادَةِ مَسَافَةٍ، أَوْ حِمْل تَعْطَبُ بِهِ، وَإلَّا فَالْكِرَاءُ، كَأَنْ لَمْ تَعْطَبْ، إِلَّا أَنْ يَحْبِسَهَا كَثِيرًا فَلَهُ كِرَاءُ الزَّائِدِ، أَوْ قِيمَتُهَا. وَلَكَ فَسْخُ عَضُوضٍ، أَوْ جَمُوحٍ، أَوْ أَعْشَى أَوْ دَبْرهُ فَاحِشًا، كَأَنْ يَطْحَنَ لَكَ كُلَّ يَوْم إِرْدَبَّيْنِ بِدِرْهَمٍ فَوُجِدَ لا يَطْحَنُ إِلَّا إِرْدَبًّا، وإنْ زَادَ أَوْ نَقَصَ مَا يُشْبِهُ الْكَيْلَ فَلا لَكَ وَلا عَلَيْكَ.
(الشرح)
قوله: (وَضَمِن إن كرى لِغيرِ أمينٍ) يريد: أن من اكترى دابة فأكراها لغير أمين فعطبت أو ضاعت، فإنه يضمن؛ لتعديه، وقاله في المدونة (6).
قوله: (أو عَطِبت بزيادَةِ مسَافةٍ) أي: وكذا يضمن المكترى إذا زاد على المسافة التي اكترى إليها ما تعطب في مثله، قال في المدونة: إذا زاد ميلًا ونحوه فعطبت الدابة، فلربها كراؤه الأول، والخيار في أخذ كراء الميل (7) ما بلغ، أو قيمة الدابة يوم
(1) انظر: المدونة، دار صادر: 11/ 477.
(2)
قوله: (إلا بإذن المكري
…
جاز وإلا فلا) ساقط من (ن 4).
(3)
قوله: (له أن يردف خلفك رديفًا ولا أن يحمل تحتك) يقابله في (ن 4): (لك أن تردف خلفك رديفا ولا أن تحمل معك)، وقوله:(تحتك) يقابله في (ن): (معك).
(4)
في (ن 5): (حملت).
(5)
انظر: المدونة: 3/ 484، وتهذيب المدونة: 3/ 446.
(6)
انظر: المدونة: 4/ 447.
(7)
زاد بعده في (ن 4): (الزائد).
التعدي، ولو ردَّها بحالها بعد زيادة الميل أو الأميال، أو بعد أن حبسها اليوم ونحوه، لم يضمن إلا كراء زيادة الأمد، قال (1) ابن القاسم: ولا يضمن بالزيادة اليسيرة، مثل ما يعدل (2) الناس إليه في الرحلة (3)، وقال ابن المواز: يضمن ولو زاد خطوة (4).
قوله: (أو حِمل تعطَبُ بِهِ) أي: تعطب بمثله، قال في المدونة عن مالك: وإذا زاد المكترى على الدابة في الحمل الذي شرط فعطبت، فإن زاد ما تعطب بمثله خير ربها في أخذ قيمة كراء (5) ما زاد على الدابة بالغًا ما بلغ مع الكراء الأول، أو قيمة الدابة يوم التعدي ولا كراء له، وإن زاد ما لا تعطب في مثله، فله كراء الزيادة ما بلغ فقط مع كرائه الأول، ولا ضمان عليه (6).
قوله: (وَإلَّا فالكِراء، كأَن لم تَعطَب) أي: وإن لم تكن الزيادة مما تعطب بمثله الدابة، فليس لربها إلا كراء الزيادة مع كرائه الأول، ولا ضمان على المكترى، كما إذا زاد ما تعطب بمثله فلم تعطب.
قوله: (إلَّا أن يحبِسَها كثيرًا، فله كِراءُ الزَّائِدِ، أو قيمَتُها) هذا كقوله في المدونة: وإن أكرى (7) الدابة يومًا، فحبسها أيامًا أو شهرًا فردها بحالها، فلربها كراء اليوم، والخيار في أخذ قيمتها يوم التعدي، أو كراؤها فيما حبسها فيه من عمل أو حبسه إياها من غير عمل ما بلغ من ذلك وإن لم تتغير، وقال غيره: إن كان ربها حاضرًا معه (8)، فله قيمة حبسها بحساب الكراء الأول، وإن كان غائبًا عنه وردها بحالها، فله في الزيادة الأكثر من قيمة كراء ذلك (9) من حساب الكراء الأول، عمل عليها شيئًا، أو لا، وإن شاء
(1) قوله: (زيادة الأمد قال) يقابله في (ن 3): (الزيادة إلا عند). وانظر: تهذيب المدونة: 3/ 448.
(2)
في (ن 5): (يعد).
(3)
في (ن): (المرحلة). وانظر: النوادر والزيادات: 7/ 118.
(4)
انظر: النوادر والزيادات: 7/ 118.
(5)
قوله: (كراء) ساقط من (ن 5).
(6)
انظر: المدونة، دار صادر: 11/ 478.
(7)
في (ن) و (ن 4): (اكترى).
(8)
زاد بعده في (ن 4): (في المصر).
(9)
زاد بعده في (ن 4): (أو).
فقيمة الدابة يوم حبسها، وكراؤه الأول له في كل حال (1).
قوله: (ولَكَ فسخُ عَضوض، أو جَموح، أو أعشَى، أو دَبْرهُ فاحِشًا (2)) يريد: أن من اكترى (3) من رجل (4) بعيرًا -مثلًا- فوجده عضوضًا، أي: يعض من يقرب منه، أو جموحًا، أي: قوي الرأس (5) لا يقاد إلا بمشقة، أو أعشى، أي: لا ينظر ليلًا، أو كان دبره فاحشا يضر الراكب برائحة دبره، فله في جميع ذلك فسخ الكراء. فقوله:(فسخ عضوض) فيه حذف مضافين، أي (6): فسخ كراء بعير عضوض، وكذا في جموح، أو أعشى، وقوله (7):(أو دَبْرهُ فَاحِشًا) فيحتمل أن يكون معناه: أو وجدت دبره فاحشًا، ويحتمل أن يكون معناه: أو كان دبره فاحشًا (8)، والدَّبْر: هو العَقر (9) يكون في ظهور الإبل، وكل ما ذكره نص عليه في المدونة، وقيده بعضهم (10) بما إذا اطلع على ذلك في مستعتب (11)، قال: وإن لم يكن المستعتب (12) إلا (13) البلد الذي اكترى إليه كان للمكتري أن يتمادى بها، ويصير الباقي كالشيء (14) المعيب، ويحط عن المكتري (15) قيمة ذلك العيب من ذلك المسمى، ينظر إلى ما يكتري به على أن لا عيب فيها، وعلى أنها معيبة بذلك، فَيُحَطُّ ما بينهما.
(1) انظر: المدونة: 3/ 487.
(2)
قوله: (أو دبرهُ فاحِشًا) زيادة من (ن 3).
(3)
في (ن 3) و (ن 5): (أكرى).
(4)
قوله: (من رجل) ساقط من (ن).
(5)
هكذا في جميع النسخ، ولعله تصحيف، وصوابه:(المراس).
(6)
في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (مضاف، أي).
(7)
قوله: (وقوله) ساقط من (ن 3).
(8)
قوله: (فيحتمل أن يكون
…
أو كان دبره فاحشًا) ساقط من (ن 3).
(9)
في (ن): (العقد).
(10)
قوله: (بعضهم) ساقط من (ن 4).
(11)
في (ن 3): (المستعيب).
(12)
في (ن 3): (المستعيب).
(13)
في (ن 5): (إلي).
(14)
في (ن 5): (كالثمن).
(15)
قوله: (عن المكتري) يقابله في (ن): (من القيمة الكراء).
قوله: (كأن يَطحَن لَكَ كُلَّ يوم إردَبَّين بدِرهَم، فَوُجِدَ لا يَطحنُ إلَّا إردَّبا) هذه أيضًا مسألة المدونة، قال فيها: وإن اكتريت ثورًا لتطحن عليه كل يوم إردبين بدرهم (1)، فوجدته لا يطحن إلا إردبّا؛ فلك رده، وعليك في الإردب به نصف درهم (2).
قوله: (وإن زَاد، أو نقَص ما يُشبِهُ الكيلَ، فلا لَكَ، ولا عَليكَ) يعني أنك إذا أكريت دابتك لرجل على أن تحمل له عليها أرادب مسماة، فحملتها ذلك، ثم وجدت الأرادب المذكورة قد زادت زيادة يسيرة تشبه (3) تفاوت الكيل، أو نقصت كذلك، أو زاد (4) المكتري ذلك المقدار؛ فلا لك عليه شيء في الزيادة، ولا له عليك شيء في النقص؛ لخفة الأمر، فقوله:(لا لك ولا عليك) راجع إلى قوله: (زاد أو نقص)، من باب اللف والنشر على الترتيب (5) الأول للأول، والثاني للثاني، وحكم الموزون والمعدود حكم المكيل فيما ذكر.
* * *
(1) قوله: (بدرهم) ساقط من (ن).
(2)
انظر: المدونة: 3/ 483.
(3)
في (ن 4): (بحسب).
(4)
في (ن): (زاده).
(5)
في (ن): (ترتيب).