المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب [في الشفعة] - تحبير المختصر وهو الشرح الوسط لبهرام على مختصر خليل - جـ ٤

[بهرام الدميري]

الفصل: ‌باب [في الشفعة]

‌باب [في الشفعة]

(المتن)

بَابٌ الشُّفْعَةُ أَخْذُ شَرِيكٍ وَلَوْ ذِمِّيًّا بَاعَ الْمُسْلِمُ لِذِمِّيٍّ، كَذِمِّيِّينَ تَحَاكَمُوا إِلَيْنَا، أَوْ مُحَبِّسًا لِيُحَبِّسَ، كَسُلْطَانٍ، لَا مُحَبَّسٍ عَلَيْهِ وَلَوْ لِيُحَبِّسَ، وَجَارٍ وَإِنْ مَلَكَ تَطَرُّقًا، وَنَاظِرِ وَقْفٍ، وَكِرَاءٍ، وَفِي نَاظِرِ الْمِيرَاثِ قَوْلَانِ. مِمَّنْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ اللَّازِمُ اخْتِيَارًا بِمُعَاوَضَةٍ، وَلَوْ مُوصًى بِبَيْعِهِ لِلْمَسَاكِينِ عَلَى الأَصَحِّ وَالْمُخْتَارِ، إلا مُوصًى لَهُ بِبَيْعِ جُزْءٍ عَقَارًا، وَلَوْ مُنَاقَلًا بِهِ إِنِ انْقَسَمَ، وَفِيهَا الإِطْلَاقُ، وَبِهِ عُمِلَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ وَلَوْ دَيْنًا، أَوْ قِيمَتِهِ بِرَهْنِهِ وَضَامِنِهِ، وَأُجْرَةِ دَلَّالٍ، وَعَقْدِ شِرَاءٍ، وَفِي الْمَكْسِ تَرَدُّدٌ،

(الشرح)

(الشفعة أخذ شريك) هذا رسم للشفعة (1)، فقوله:(أخذ) كالجنس، وأخرج بإضافته إلى الشريك الجار، فإنه لا شفعة له عندنا (2)، لكنه لم يذكر بقية الرسم، وقد تممه غيره فقال: أخذ الشريك حصة جبرًا بشراء (3)، وهو واضح.

قوله: (ولو ذميًا باع المسلم لذمي) يريد: أن الحكم بالشفعة ليس خاصا بالمسلم، بل للشريك مطلقا. ولو كان ذميا أن يأخذ حصة باعها شريكه المسلم لذمي (4). وظاهر قوله:(لذمي)، أنه لو باعها لمسلم (5) لا شفعة له، وليس كذلك، فقد جعل له الشفعة في المدونة (6).

ولابن القاسم في المجموعة: أن المسلم إذا باع من نصراني، والشفيع نصراني، أنه لا شفعة له؛ لأن الخصمين نصرانيان، ولو باع النصراني نصيبه من نصراني، فللمسلم الشفعة (7).

قوله: (كذميين تحاكموا إلينا)، وهكذا قال في المدونة: إنه لا يقضى بينهما بالشفعة،

(1) في (ن): (الشفعة).

(2)

في (ن 5): (عنده).

(3)

في (ن 5): (أو بشراء)، وفي (ن):(شراء).

(4)

قوله: (يريد: أن الحكم

المسلم لذمي) ساقط من (ن 3).

(5)

في (ن): (للمسلم).

(6)

انظر: المدونة، دار صادر: 14/ 399.

(7)

انظر: النوادر والزيادات: 11/ 201.

ص: 428

إلا إذا تحاكموا إلينا (1) وعن أشهب: إذا كان المبتاع مثلهما، فلا شفعة ولو تحاكموا إلينا (2).

قوله: (أو محبسا ليحبس) أي: وكذا للشريك الأخذ بالشفعة ولو كانت حصته حبسًا، بشرط أن يحبس الحصة المأخوذة أيضًا، فلو لم يحبس فلا شفعة له، وقاله في المدونة (3). وحكى اللخمي: أن المحبس لا شفعة له مطلقًا (4)؛ لأن التحبيس أزال الملك، وصير صاحبه كالأجنبي.

قوله: (كسلطان) أي: فإن له الأخذ بالشفعة لبيت المال (5)، وقاله (6) سحنون (7).

قوله: (لا محبس عليه ولو ليحبس) هذا هو (8) مذهب المدونة، وعن مطرف وابن الماجشون: أن له ذلك إذا أراد إلحاقه بالحبس (9).

قوله: (وجار وإن ملك تطرقًا) أي: وكذا لا شفعة للجار ولو ملك التطرق، وقاله في المدونة ونصه: ولا شفعة بالجوار والملاصقة في سكة أو غيرها، ولا بالشركة (10) في الطريق، ومن له طريق في دار فبيعت الدار، فلا شفعة له فيها (11) بعض الأشياخ: وإنما له حق الجوار، ولا حق له في نفس الملك.

قوله: (وناظر وقف) أي: وكذا لا شفعة لناظر وقف مسجد، أو غيره.

(1) انظر: المدونة، دار صادر: 14/ 399.

(2)

انظر: النوادر والزيادات: 11/ 201.

(3)

انظر: المدونة: 4/ 264، ونصه: أرأيت إن اشتريت شقصا من دار من رجل فتصدقت به على رجل، ثم قام الشفيع فأراد الأخذ بالشفعة، أتنتقض الصدقة ويأخذ شفعته بصفقة البيع أم لا في قول مالك؟ قال: نعم تنتقض الصدقة ويأخذ الشفعة بصفقة البيع.

(4)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:3401.

(5)

في (ن): (مال المسلمين).

(6)

في (ن): (نص عليه).

(7)

زاد بعده في (ن): (في المرتد يقتل وقد وجبت له الشفعة ثم قال فللسلطان أن يأخذ لبيت المال أو يترك). وانظر: مسائل ابن رشد: 2/ 1184.

(8)

قوله: (هو) ساقط من (ن).

(9)

انظر: تفصيل هذه الأقوال في التوضيح: 6/ 586.

(10)

(في (ن): (بالشريكة).

(11)

انظر: المدونة: 4/ 215، وتهذيب المدونة: 4/ 127.

ص: 429

قوله: (و (1) كراء) قال في الموازية (2): اختلف قول مالك في الشفعة في الكراء، فروى عنه ابن القاسم، وابن وهب فيمن اكترى نصف دار لرجل، ونصفها لآخر، قال: ما علمت في هذا شفعة (3).

وروى ابن القاسم عنه -أيضا- في شريكين اكتريا أرضا، ثم أكرى أحدهما حصته من غيره، أن شريكه أولى بها، وقال أشهب: في جميع ذلك الشفعة، قال وقد بلغني ذلك عن مالك. محمد: وهو أحب إلى (4).

وقال ابن حبيب: الذي أخذ به ابن الماجشون، وابن عبد الحكم (5)، عدم (6) الشفعة في ذلك، والذي أخذ به ابن القاسم، ومطرف، وأصبغ، الشفعة وبه نأخذ (7)، وكذلك في كراء الدور والمزارع سواء (8).

فانظر كيف اقتصر الشيخ على عدم الشفعة، ولم يحك القول الآخر، وهو أولى بالذكر هنا؛ لأنه أحد قولي مالك، ورواية ابن القاسم عنه، وبه أخذ هو، وأشهب، ومطرف، وأصبغ (9)، وابن المواز، وابن حبيب (10) أو كان يذكر القولين معًا؟ ! .

قوله: (وفي ناظر الميراث قولان) يعنى: أنه اختلف في ناظر الميراث (11)، هل له أن يأخذ بالشفعة لبيت المال، أو لا؟ ، فقال ابن زرب: ليس له ذلك (12). خلافا للمغيرة.

(1) في (ن): (أو).

(2)

في (ن 3) و (ن 4): (في المدونة).

(3)

انظر: النوادر والزيادات: 11/ 145.

(4)

قوله: (أحب إلى) يقابله في (ن 4): (أصوب). انظر تفصيل هذه الأقوال في النوادر والزيادات: 11/ 145.

(5)

قوله: (وابن عبد الحكم) يقابله في (ن 5): (ابن عبد الملك).

(6)

قوله: (عدم) ساقط من (ن 3).

(7)

قوله: (وبه نأخذ) ساقط من (ن 3).

(8)

انظر تفصيل هذه الأقوال في النوادر والزيادات: 11/ 145.

(9)

قوله: (وأصبغ، الشفعة وبه نأخذ

، وأصبغ) ساقط من (ن 4).

(10)

زاد بعده في (ن 4): (أن له الشفعة). انظر هذه الأقوال في النوادر والزيادات: 11/ 145.

(11)

قوله: (ناظر الميراث) يقابله في (ن 5): (ظاهر الموازية).

(12)

انظر: الخصال: 1/ 270، ونصه: باب أربعة لا شفعة لهم: ونصه: وذلك إذا باع أحد المتفاوضين من دار من شركتهما، وإذا باع الوصي حصة يتيم في ولاية نظره، من دار مشتركة بينهما

ص: 430

وهذا الخلاف مقيد بما إذا لم يجعل له السلطان ذلك بيده، فإن جعله بيده فهو منزل (1) منزلة السلطان في جواز الأخذ لبيت المال.

قوله: (ممن تجدد ملكه اللازم اختيارًا بمعاوضة) يعنى: أن الشريك إنما يأخذ بالشفعة ممن تجدد ملكه

إلى آخره.

فاحترز بقوله: (ممن تجدد ملكه)، مما إذا اشترى اثنان دارًا أو نحوها دفعة واحدة، فإنه (2) لا شفعة لأحدهما على الآخر (3)، لعدم تجدد ملكه بعد الآخر. واحترز بقوله:(اللازم)، من بيع الخيار؛ إذ لا شفعة قبل لزومه، كما سيذكره. وبقوله:(اختيارًا)، من الميراث، فإنه لا شفعة في الحصة الموروثة على المشهور، وعن مالك: أن فيه الشفعة (4). وبقوله: (بمعاوضة)، من الهبة، والصدقة، والتمليك، ونحو ذلك، إذ لا شفعة (5) فيه، وهو المشهور (6).

قوله: (ولو موصى ببيعه للمساكين عَلَى الأَصَحِّ (7)) يريد: أن من أوصى بثلثه للمساكين وفيه عقار فباعه الوصي، فإنه فيه الشفعة للورثة على الأصح، وقاله ابن الهندي (8) فإنه حكى قولين في ذلك، أحدهما لسحنون بعدم الشفعة (9) والآخر بثبوتها، ثم قال: والقول بثبوتها هو الأصح.

وقال الباجي: وهو الأظهر، وقال اللخمي: هو القياس (10)، وإليه أشار بقوله (11):(والمختار) أي: وعلى المختار.

(1) في (ن): (يتنزل).

(2)

في (ن): (فإنهما).

(3)

قوله: (على الآخر) ساقط من (ن 4).

(4)

انظر: التوضيح: 6/ 595.

(5)

قوله: (في الحصة الموروثة على المشهور

إذ لا شفعة) ساقط من (ن 3).

(6)

زاد بعده في (ن): (وهو مذهب المدونة ابن يونس وغيره وهو أصح وقيل: فيها الشفعة).

(7)

قوله: (على الأصح) زيادة من (ن).

(8)

انظر: التوضيح: 6/ 595.

(9)

انظر: النوادر والزيادات: 11/ 200.

(10)

انظر تفصيل هذه الأقوال في التوضيح: 6/ 595.

(11)

زاد بعده في (ن): (على الأصح).

ص: 431

قوله: (إلا (1) موصى له ببيع جزء) أي: فلا شفعة فيه، ومعناه: أن الميت إذا أوصى أن يباع نصيب (2) من داره لرجل بعينه والثلث يحمله، فليس للورثة فيه شفعة؛ لئلا يفوت غرض الميت من تمليكه (3) ذلك الجزء للموصى له.

قوله: (عَقَارًا) أي: فلا شفعة في غيره، والمراد بالعقار: الأرض، وقد يطلق ذلك عليها وعلى ما يتصل بها من بناء أو شجر.

قوله: (ولَوْ مُنَاقَلًا بِهِ، إِنِ انْقَسَمَ) هذا قول ابن القاسم، قال (4): وقال بعض أصاحبنا إنه كان من قول مالك وغيره من المدنيين، أنه إن علم أنه أراد المناقلة والسكنى ولم يرد البيع، فلا شفعة له (5).

قال: وذكرناه لمالك فلم يره (6)، وقال: فيه الشفعة.

العتبى: عن مطرف، وابن الماجشون: وإنما قال مالك لا شفعة له إذا كان بين الشركاء (7) داران، أو حائطان، فبادل (8) أحدهم من بعض أشراكه حصته من هذه الدار بحصته من الدار الأخرى، أو من (9) الحائط، فيجتمع حظ كل واحد منهم في شيء واحد (10)، لأنه إنما أراد توسعة حظه وجمعه، وأما إن ناقل بنصيبه من دار نصيبا من دار أخرى لا نصيب له فيها، فالشفعة له (11)، ومثله عن مالك، ابن حبيب: وقد كان ابن القاسم يرى (12) أن في ذلك كله الشفعة، ثم رجع، والأول أحب إلي (13).

(1) في (ن 3): (لا).

(2)

في (ن): (جزء كذا).

(3)

في (ن): (تمليك).

(4)

قوله: (قال) ساقط من (ن).

(5)

انظر: النوادر والزيادات: 11/ 117، والبيان والتحصيل: 12/ 56.

(6)

في (ن 4): (يرويه).

(7)

في (ن): (أشراك).

(8)

في (ن 5): (تناقل).

(9)

قوله: (من) ساقط من (ن).

(10)

انظر: النوادر والزيادات: 11/ 117 و 118.

(11)

قوله: (فالشفعة له) يقابله في (ن): (ففيهما الشفعة). وزاد بعده في (ن): (عامل بذلك بعض أشراكه أو أجنبيا وكذا قال ابن شاس فالشفعة له).

(12)

في (ن) و (ن 5): (يروي).

(13)

قوله: (أحب إلي) يقابله في (ن 3): (اختيار). انظر هذه الأقوال في: النوادر والزيادات: 11/ 118 و 117.

ص: 432

المتيطى: وبرواية مطرف القضاء، ابن القاسم: ووجوب الشفعة هو الشأن (1)، وفي البيان: هو الصحيح؛ ولهذا اقتصر هنا عليه، وقال ابن غلاب (2): المشهور أن الشفعة ثابتة بين الأجانب ساقطة بين الأشراك (3) وحكى ابن الحاجب: قولا بسقوطها مطلقا، ويعز وجوده (4).

قوله: (إن انقسم) يريد: أن الشفعة في العقار مشروطة بأن يكون قابلا للقسمة، واحترز به مما إذا كان لا يقبل القسمة، أو يقبلها بضرر كالحمام ونحوها، وقد اختلف هل في ذلك شفعة، أم لا؟ ، والقولان لمالك، وفي المدونة ما يدل عليهما (5) ولهذا قال:(وفيها الإطلاق) أي: وفيها -أيضا- قول بوجوب الشفعة مطلقا (6)، سواء كان مما يقبل القسمة، أم لا، والمشهور: عدم الشفعة في ذلك، قاله في الذخيرة (7) وبه قال ابن القاسم، ومطرف وبثبوتها قال أشهب، وابن الماجشون، وأصبغ (8) قال في المعين (9): وبه القضاء، وأفتى به فقهاء قرطبة. ابن حارث: وأخبرني من أثق به أن العمل عند الشيوخ بقرطبة جار بإيجاب الشفعة (10)، وإلى هذا أشار بقوله:(وبه عمل)(11).

قوله: (بمثل الثمن) يريد: أن الشريك إنما يأخذ الشقص من يد مبتاعه، بمثل الثمن الذي وقع به البيع إن كان من ذوات الأمثال، وأما إن كان مقوما، فإنما يأخذه (12) بقيمته، كما قال بعد هذا، وأشار بقوله:(ولو دينا) إلى أن المبتاع إذا أخذ الشقص عن

(1) انظر: التوضيح: 6/ 574.

(2)

في (ن 4): (ابن عتاب).

(3)

في (ن 3): (الشركاء).

(4)

انظر: الجامع بين الأمهات: 1/ 620.

(5)

انظر: المدونة: 4/ 264.

(6)

في (ن) و (ن 4): (في العقار).

(7)

انظر: الذخيرة: 7/ 287 - 290.

(8)

انظر تفصيل هذه الأقوال في: المقدمات الممهدات: 2/ 226 و 227.

(9)

في (ن 4): (المفيد)، وفي (ن 3):(العين). وانظر: التوضيح: 6/ 572.

(10)

انظر: التوضيح: 6/ 572.

(11)

قوله: (وبه عمل) يقابله في (ن 3): (وعمل به).

(12)

في (ن 3): (يأخد).

ص: 433

دين له في ذمة الشريك، فإن الشفيع ليس له أخذه إلا بالثمن (1)، وهو مذهب المدونة، وروي عن مالك (2)، قال عنه (3) أشهب وغيره: وكذلك لو كان البائع عديما بذلك الدين (4) فلا يأخذه الشفيع (5) إلا بمثله أو يترك (6)، قال: ولا قيمة في الذهب والفضة، وإنما القيمة في العروض (7) وعنه أيضا: إن كان الدين إلى سنة فلا يأخذ الشفيع ذلك إلا بقيمة الدين عرضا يدفعه الآن، وكذا إن لم يقم الشفيع حتى حل الأجل. وقال سحنون: يقوم الدين بعرض نقدا، ثم يقوم العرض بعين، ثم يأخذه الشفيع بذلك (8).

ابن المواز: فإن اشتراه منه بعد حلول الأجل، فلا يأخذه الشفيع إلا بالعدد بعينه (9).

قوله: (أو قيمته) أي: فإن كان الثمن من ذوات القيم، أخذ الشفيع الشقص بقيمة ذلك الثمن، كما تقدم، و"أو" في كلامه تفصيلية.

قوله: (برهنه وضامنه) أي: فإن وقع التبايع برهن أو ضامن، فلا يأخذ (10) الشفيع ذلك إلا برهنه أو ضامنه، أي: رهن مثل رهنه أو ضامن مثل ضامنه، وقاله أشهب، وعنه أيضا: إذا كان الشفيع أملأ من الضامن ومن المشترى، أخذه بلا ضامن. ولا رهن (11)، واختار محمد الأول (12).

قوله: (وأجرة دلال وعقد شراء) هو معطوف على قوله: (بمثل الثمن)، والمعنى: أن الشفيع يأخذ الشقص بمثل الثمن أو قيمته وأجرة الدلال وأجرة كاتب عقد الشراء،

(1) في (ن 3): (بمثل الثمن).

(2)

انظر: المدونة: 4/ 218.

(3)

قوله: (قال عنه) يقابله في (ن 3): (قاله عنه)، وفي (ن 5):(قال عليه).

(4)

قوله: (الدين) ساقط من (ن 4)، وفي (ن):(الدين إلى سنة).

(5)

قوله: (الشفيع) ساقط من (ن).

(6)

قوله: (أو يترك) ساقط من (ن 4)، وفي (ن 3):(أو شريك).

(7)

انظر: النوادر والزيادات: 11/ 164.

(8)

انظر: النوادر والزيادات: 11/ 163.

(9)

قوله: (بعينه) يقابله في (ن 3): (لا بالقيمة)، وفي (ن 4):(ما لعينه).

(10)

قوله: (فلا يأخذ) يقابله في (ن 5): (فيأخذ).

(11)

قوله: (بلا ضامن. ولا رهن) يقابله في (ن 3): (بلا ضمان).

(12)

انظر تفصيل هذه الأقوال في البيان والتحصيل: 12/ 76.

ص: 434

هذا إذا دفع المبتاع (1) المعتاد من ذلك، وأما إن كان دفع أكثر من ذلك، فليس على الشفيع الزائد على ذلك، وبه (2) أفتى ابن عتاب، وابن مالك، وابن القطان (3). المتيطى: ولا أعلم لهم مخالفا (4). ابن يونس: قال (5)): بعض الشيوخ وانظر لو غرم على الشقص غرما، هل يأخذه الشفيع بالثمن أو بما غرم (6) عليه؟ . (7)

قلت: ومراده بالغرم ما يأخذه المكاسون وغيرهم، وإليه أشار بقوله:(وفي المكس تردد) أي: وفي دفع المكس تردد.

(المتن)

أَوْ قِيمَةِ الشِّقْصِ فِي كَخُلْعٍ، وَصُلْحِ عَمْدٍ، وَجُزَافِ نَقْدٍ، وَبِمَا يَخُصُّهُ إِنْ صَاحَبَ غَيْرَهُ، وَلَزِمَ الْمُشْتَرِيَ الْبَاقِي وَإِلَى أَجَلِهِ إِنْ أَيْسَرَ، أَوْ ضَمِنَهُ مَلِيءٌ، وَإِلَّا عُجِّلَ الثَّمَنُ إِلَّا أَنْ يَتَسَاوَيَا عُدْمًا عَلَى الْمُخْتَارِ. وَلَا يَجُوزُ إِحَالَةُ الْبَائِعِ بِهِ، كَإِنْ أَخَذَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ مَالًا لِيَأْخُذَ وَيَرْبَحِ. ثُمَّ لَا أَخْذَ لَهُ، أَوْ بَاعَ قَبْلَ أَخْذِهِ، بِخِلَافِ أَخْذِ مَالٍ بَعْدَهُ لِيُسقَطَ كَشَجَرٍ وَبِنَاءٍ بِأَرْضِ حُبُسٍ، أَوْ مُعِيرٍ، وَقُدِّمَ الْمُعِيرُ بِنَقْضِهِ، أَوْ بثَمَنِهِ، إِنْ مَضَى مَا يُعَارُ لَهُ، وَإِلَّا فَقَائِمًا، وَكثَمَرَةٍ، ومقاثٍ، وَبَاذِنْجَانٍ، وَلَوْ مُفْرَدَةً، إِلَّا أَنْ تَيْبَسَ، وَحُطَّ حِصَّتُهَا إِنْ أَزْهَتْ، أَوْ أُبِّرَتْ، وَفِيهَا أَخْذُهَا مَا لَمْ تَيْبَسْ أَوْ تُجَذَّ، وَهَلْ هُوَ خِلافٌ؟ تَأْوِيلَانِ،

(الشرح)

قوله: (أو قيمة الشقص في كخلع أو صلح عمد) أي: فإن وقع التبايع بعوض لا ثمن (8) له معلوم، فإنما له قيمة الشقص، وذلك مثل: أن تخالع المرأة زوجها بذلك الشقص، أو يتزوج به الرجل امرأة، أو يصالح به من دم عمد، وقاله في المدونة (9) ابن

(1) في (ن 5): (المتاع).

(2)

قوله: (به) ساقط من (ن).

(3)

زاد بعده في (ن): (به).

(4)

انظر تفصيل هذه الأقوال في التوضيح: 6/ 605.

(5)

قوله: (بعض الشيوخ) زيادة من (ن 4).

(6)

قوله: (وبما غرم) يقابله في (ن 5): (وبمغارم).

(7)

انظر هذه الأقوال في التوضيح: 6/ 605.

(8)

في (ن 4): (لا مثل).

(9)

انظر: المدونة دار صادر: 14/ 441.

ص: 435

يونس (1): يريد ولا يجوز الاستشفاع إلا بعد المعرفة بقيمته.

واحترز بصلح العمد من صلح الخطأ، فإن فيه الشفعة بالدية. وأشار بقوله:(وجزاف نقد) إلى قول ابن شاس: وإذا اشترى الشقص بكف من الدراهم لا يعرف وزنه، أخذه الشفيع بالقيمة ثم حكى (2) قولا بعدم الشفعة (3) ابن راشد (4): ولم أره.

قوله: (وبما يخصه، إن صاحب غيره) أي: وأخذ الشفيع الشقص بما يخصه من الثمن، إن صاحب غيره في العقد، كما إذا اشترى الشقص مع عرض صفقة واحدة، وقال في المدونة: وليس للشفيع (5) أخذ العرض، ولا ذلك عليه إن أباه (6)، وإليه أشار بقوله:(ولزم المشترى الباقي) أي: باقي الصفقة.

قوله: (وإلى أجله إن أيسر أو ضمنه ملئ) يريد: أن البيع إذا وقع في الشقص بثمن مؤجل، فإن الشفيع يأخذه بذلك الثمن إلى أجله، بشرط ملائه، أو إتيانه بضامن ملئ، وإلى اشتراط ملاء الشفيع، أشار بقوله:(إن أيسر). والمشهور أنه لا يشترط في ملاء الشفيع أن يكون مساويا لملاء المشترى. وقال أشهب: إن لم يكن مثله، (7) أتى بحميل مثله ثقة وملاء (8).

قوله: (وإلا عجلَ الثَّمَنُ) أي: وإن لم يكن الشفيع مليئا، ولا وجد ضامنا مليئا، فلا يأخذ الشقص حتى يعجل الثمن، وقاله في المدونة (9)، وظاهره ولو كان عدمه مساويا لعدم المشترى، وهو قول محمد (10).

(1) قوله: (ابن يونس) ساقط من (ن 5).

(2)

في (ن 3): (ذكره).

(3)

انظر: عقد الجواهر: 3/ 884.

(4)

في (ن) و (ن 3): (ابن رشد).

(5)

في (ن 4): (على الشفيع).

(6)

انظر: تهذيب المدونة: 4/ 134.

(7)

زاد بعده في (ن): (أي).

(8)

انظر: النوادر والزيادات: 11/ 162.

(9)

انظر: المدونة: 4/ 219.

(10)

انظر: التوضيح: 6/ 607.

ص: 436

ولما كان هو أيضا ظاهر كلامه هنا، أشار بقوله:(إلا أن يتساويا عدما على المختار) أي: على ما اختاره اللخمي، وذلك أنه حكى قولين فيما (1) إذا تساويا عدما، الأول: أن الشفيع يلزمه الإتيان بحميل، والثاني: أنه لا يلزمه ذلك، قال: وهو الصواب؛ (2) لأن الشفيع موسر بالحصة (3). وحكى في البيان -أيضا- القولين، قال: وإن تساويا في الملاء لم يلزمه حميل باتفاق، وإن كان الشفيع أقل ملاء فعلى الخلاف، وإن كان الشفيع (4) أشد عدما لزمه حميل باتفاق (5).

قوله: (ولا يجوز إحالة البائع به) أي: بالثمن المؤجل، والإضافة في البائع (6) من باب إضافة المصدر إلى المفعول، والمعنى: ولا يجوز للمشتري أن يحيل البائع على الشفيع بالثمن المؤجل، يريد: لأن الإحالة إنما تكون بالدين الحال.

قوله: (كإن أخذ من أجنبي مالا ليأخذ ويربح، ثم لا أخذ له) يشير بهذا إلى قوله في المدونة: ولا يجوز للشفيع أن يعطيه أجنبي مالا على أن يقوم الشفيع بشفعته ويربحه ذلك، ولا يجوز أن يأخذ بشفعته (7)) لغيره (8).

فقوله: (كان أخذ من أجنبي)، أي الشفيع (9)، وقوله:(ليأخذ)، أي: بشفعته، ويربح (10) المال الذي يدفعه له الأجنبي، ابن سهل: وليس له أن يأخذها بعد ذلك (11)،

(1) في (ن 3): (فيها).

(2)

زاد بعده في (ن): (قال).

(3)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:3351.

(4)

قوله: (الشفيع) ساقط من (ن).

(5)

قوله: (وإن كان الشفيع أقل ملاء

لزمه حميل باتفاق) ساقط من (ن 5). وانظر: البيان والتحصيل: 12/ 76.

(6)

في (ن 5): (البيع).

(7)

قوله: (ويربحه ذلك، ولا يجوز أن يأخذ بشفعته) زيادة من (ن 3).

(8)

انظر: تهذيب المدونة: 4/ 145.

(9)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (أي الشفيع).

(10)

في (ن): (ليربح).

(11)

قوله: (بعد ذلك) ساقط من (ن 5).

ص: 437

لأن أخذه بالشفعة لغيره إعراض عنها فتسقط -وإليه أشار بقوله: (ثم لا أخذ له (1) -. وعن أشهب: أن له الأخذ بعد ذلك.

قوله: (أو باع قبل أخذه) هو كقوله في المدونة: ولا يجوز بيعه الشقص قبل أخذه إياه بشفعته (2) ". زاد ابن يونس في نقله: لأنه بيع ما ليس عندك، قال: بخلاف تسليمه للمشتري على مال يأخذه منه، فذلك جائز؛ لأنه لم يبع منه شقصا، إنما باع حقا وجب له، وإليه أشار بقوله:(بخلاف أخذ مال بعده ليسقط).

قوله: (كشجر وبناء بارض حبس أو معير) أي: وكذا يجوز له أن يأخذ ما باعه شريكه من بناء أو شجر في أرض محبسة (3) أو معارة، وهذا هو المشهور، وقال ابن المواز: لا شفعة في ذلك (4).

وهذه المسألة إحدى مسائل الاستحسان الأربع: والشفعة في الثمار، والقصاص بالشاهد واليمين، وفي الأنملة من الإبهام خمس من الإبل (5).

مالك: في جميع ذلك: إنه لشيء استحسناه، وما علمت أن أحدا قاله قبلي (6).

قوله: (وقدم المعير بنقضه أو بثمنه، إن مضى ما يعار له) يعنى: إذا باع الشخص البناء الكائن (7) في الأرض المعارة، فإن رب الأرض مقدم على المشترى، ويأخذ ذلك بقيمة نقضه أو يدفع ثمنه، قال في المدونة: وإذا بنى رجلان في عرصة رجل بإذنه (8)، ثم باع أحدهما نصيبه من النقض، فلرب الأرض (9) أخذ ذلك النقض بالأقل من قيمته أو من الثمن الذي باع به، فإن أبى فلشريكه الشفعة بالضرر، وهو أصل الشفعة (10) ....

(1) في (ن): (به).

(2)

انظر: تهذيب المدونة: 4/ 145.

(3)

قوله: ("معير" أي: وكذا يجوز له

في أرض محبسة) ساقط من (ن 3).

(4)

انظر: النوادر والزيادات: 11/ 176.

(5)

زاد بعده في (ن): (قال).

(6)

انظر: المدونة: 4/ 237.

(7)

في (ن): (الكائن له).

(8)

قوله: (بإذنه) ساقط من (ن 4).

(9)

قوله: (فلرب الأرض) يقابله في (ن 4): (فلربه).

(10)

انظر: المدونة: 4/ 216، وتهذيب المدونة: 6/ 124.

ص: 438

انتهى.

وقيل: يأخذه بقيمته مقلوعا فقط، وقيل: بالثمن فقط، حكى ذلك عياض وغيره، وقيد أبو عمران (1) مذهب المدونة (2) بما إذا مضى زمن يعار فيه، وإلا فله قيمة بنائه قائما (3) -وإليه أشار بقوله:(وإلا فقائما (4)) - و (5) هكذا وقع لسحنون (6).

قوله: (وكثمرة ومقاثٍ (7) وباذنجان ولو مفردة) أي: وكذلك للشفيع أن يأخذ ثمرة باعها شريكه، وهي إحدى مسائل الاستحسان التي تقدمت، وعليه معظم (8) أصحاب مالك (9)، كابن القاسم (10)، وأشهب (11). وقال ابن الماجشون (12): لا شفعة فيها، ولو بيعت مع أصولها. ولأشهب ثالث (13): إن بيعت مع أصولها ففيها الشفعة، وإلا فلا. ولما كان المذهب وجوب الشفعة مطلقا قال (14):(ولو مفردة) ابن القاسم في العتبية: (والمقاثي)(15) كالثمار، وكذلك الباذنجان والقطن والقرع (16).

قوله: (إلا أن تيبس) يريد: أن أخذ الشريك (17) الثمرة بالشفعة مقيد بما إذا لم تيبس،

(1) في (ن 5): (أبو محمد أن).

(2)

قوله: (وقيد أبو عمران مذهب المدونة) يقابله في (ن): (وقال أبو عمران مذهب المدونة مقيد).

(3)

قوله: (قائما) ساقط من (ن).

(4)

في (ن): (قائما).

(5)

في (ن): (أي).

(6)

انظر تفصيل هذه الأقوال في التوضيح: 6/ 571.

(7)

في (ن): (مقتات).

(8)

في (ن): (بعض).

(9)

انظر: المدونة: 4/ 236.

(10)

انظر: النوادر والزيادات: 7/ 164.

(11)

انظر: النوادر والزيادات: 11/ 114.

(12)

انظر: النوادر والزيادات: 11/ 114.

(13)

قوله: (ثالث) ساقط من (ن 4).

(14)

قوله: (قال) ساقط من (ن 3).

(15)

في (ن): (والمقاتي).

(16)

انظر: النوادر والزيادات: 11/ 114، وانظر تفصيل هذه الأقوال في التوضيح: 6/ 568 و 569.

(17)

قوله: (الشريك) زيادة من (ن 3).

ص: 439

تيبس، أما إذا يبست فليس له أخذها، وقاله ابن القاسم في المدونة (1). وعن مالك: أن الشفعة فيها ما لم تزايل أصولها ولو يبست (2).

قوله: (وحط حصتها إن أزهت أو أبرت) يريد: لأنها بعد الزهو والإبار لها حصة من الثمن، فإن أخذها المشتري حط من الثمن ما يقابلها، ومعناه: إذا بيعت مع أصولها، ونحوه في المدونة. فلو اشتريت بلا ثمر، أوفيها ثمر لم يؤبر، ثم قام الشفيع بعد يبسها؛ فلا شفعة له فيها، قال في المدونة: وله أن يأخذ نصف الأصول بنصف الثمن، ولا يحط عنه للثمرة شيء، وقال بعض المدنيين: إذا قام الشفيع بعد أن أبرت الثمرة، فهي للمبتاع دونه، وأباه مالك (3).

قوله: (وفيها أخذها ما لم تيبس أو تجد) قد تقدم من كلامه في المدونة أن الشفيع يأخذ الثمرة ما لم تيبس (4)، وأشار بكلامه هنا إلى أن فيها أيضا: أن له الأخذ ما لم تيبس أو تجد؛ (5) قال: (وهل هو خلاف؟ تأويلان) يعنى: أنه اختلف هل ذلك محمول كله على الوفاق، أو هو خلاف؟

عياض: وقال بعضهم: الفرق (6) بينهما، إذا اشتراها مع الأصل (7) فقال: يأخذها ما لم تجد، وإذا اشتراها بغير أصل فإن الشفعة فيها ما لم تيبس، وعلى هذا تأول مذهبه في الكتاب، فهو تفسير. وقال آخرون: هو خلاف من قوله في الوجهين، فمرة يقول: حتى تيبس، ومرة يقول: حتى يجدها. وظاهر اختصار ابن أبي زمنين، وابن أبي زيد، وغيرهما، التسوية بين هذه الوجوه، وأن الشفعة فيها ما لم تيبس، لكن ابن (8) أبي زمنين قال: فإن كان بعد يبس الثمرة أو جدادها (9)، فنبه على الخلاف في الرواية بما

(1) انظر: المدونة: 4/ 236.

(2)

انظر: المدونة: 4/ 236.

(3)

انظر: المدونة: 4/ 236 و 237، وانظر تهذيب المدونة: 4/ 152.

(4)

انظر: المدونة: 4/ 236

(5)

زاد بعده في (ن): (ولهذا).

(6)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (فرق).

(7)

في (ن): (الأصول).

(8)

قوله: (ابن) ساقط من (ن).

(9)

انظر: منتخب الأحكام: 1/ 377.

ص: 440

ذكر (1). وحمله صاحب البيان -أيضا- على الوفاق (2).

(المتن)

وَإِنِ اشْتَرَى أَصْلَهَا فَقَطْ أُخِذَتْ وَإِنْ أُبِّرَتْ، وَرَجَعَ بِالْمُؤْنَةِ، وَكَبِئْرٍ لَمْ تُقْسَمْ أَرْضُهَا، وَإِلَّا فَلَا، وَأُوِّلَتْ أَيْضًا بِالْمُتَّحِدَةِ لَا عَرْضٍ، وَكِتَابَةٍ وَدَيْنٍ، وَعُلُوٍّ عَلَى سُفْلٍ وَعَكْسِهِ، وَزَرْعٍ، وَلَوْ بِأَرْضِهِ، وَبَقْلٍ، وَعَرْصَةٍ، وَمَمَرٍّ قُسِمَ مَتْبُوعُهُ، وَحَيَوَانٍ إِلَّا فِي كحَائِطٍ وَإِرْثٍ، وَهِبَةٍ بِلَا ثَوَابٍ، وَإِلَّا فَبِهِ بَعْدَهُ، وَخِيَارٍ إِلَّا بَعْدَ مُضِيِّهِ، وَوَجَبَتْ لِمُشْتَرِيهِ إِنْ بَاعَ نِصْفَيْنِ خِيَارًا ثُمَّ بَتْلًا فَأَمَضَى، وَبَيْعٍ فَاسِدٍ، إِلَّا أَنْ يَفُوتَ فَبِالْقِيمَةِ، إِلَّا بِبَيْعٍ صَحَّ فَبِالثَّمَن فِيهِ، وَتَنَازُعٍ فِي سَبْقِ مِلْكٍ، إِلَّا أَنْ يَنْكُلَ أَحَدُهُمَا.

(الشرح)

قوله: (وإن اشترى أصلها فقط أخذت وإن أبرت، ورجع (3) بالمؤنة) يعنى: فإن كان المشتري إنما اشترى الأصول فقط وليس فيها ثمر، يريد: أو وفيها ثمر (4) لم يؤبر، فإن الشفيع إذا قام وقد أبرت فإنه يأخذها مع الأصول، وقاله في المدونة، قال: وعليه قيمة ما سقى وعالج (5)، وهو مراده هنا بالمؤنة، محمد: ولو زادت (6) على قيمة الثمرة. وقال أشهب: يأخذ الثمرة بقيمتها على الرجاء والخوف (7). وقال عبد الملك، وسحنون: ليس على الشفيع غير الثمن (8)، لأن المبتاع أنفق على مال نفسه (9).

قوله: (وكبئر لم تقسم أرضها، وإلا فلا) يعنى: وكذلك للشريك أخذ حصة باعها شريكه من بئر بينهما (10)، إذا لم تكن أرضها قد قسمت، فإن قسمت فلا شفعة له. وفي العتبية: له ذلك. اختلف هل هو خلاف (11) من قوله؟

(1) في (ن): (ذكرنا).

(2)

انظر: البيان والتحصيل: 12/ 70.

(3)

في (ن 4) و (ن 5): (بحذف الواو).

(4)

قوله: (يريد: أو وفيها ثمر) ساقط من (ن 3).

(5)

انظر: المدونة: 4/ 236.

(6)

في (ن): (زاد).

(7)

انظر: النوادر والزيادات: 11/ 141.

(8)

في (ن 3) و (ن 4): (الثمر).

(9)

انظر تفصيل هذه الأقوال في التوضيح: 6/ 568.

(10)

في (ن 3): (بعينها).

(11)

في (ن): (اختلاف).

ص: 441

وإليه ذهب الباجي، وفاق (1)؟ وإليه ذهب (2) سحنون، وابن لبابة، قال سحنون: ومعنى المدونة أنها بئر واحدة، ومعنى العتبية أنها آبار كثيرة. وقال ابن لبابة: معنى المدونة (3) أنها بئر لا فناء لها، ومعنى العتبية أنها بئر لها فناء وأرض مشتركة يكون فيها القلد (4). وإلى التأويل الأول أشار بقوله:(وأولت أَيْضًا) أي: المدونة (بالمتحدة)، وأشار بقوله:(أيضا) إلى التأويل الثاني.

قوله: (لا عرض) أي: فإنه لا شفعة فيه، كالحيوان. وحكى بعض الشافعية عن مالك: الشفعة فيها (5)، وهو منكر (6).

قوله: (وكتابة) أي: وكذلك لا شفعة في الكتابة، ومعنى ذلك: أن السيد إذا باع كتابة مكاتبه لشخص، فليس للمكاتب أخذ ذلك (7) من المبتاع. وقيل: هو أحق منه (8)، وهذا ليس من الشفعة في شيء. قوله:(ودين)(9) يريد: أن (10) الدين إذا باعه ربه لغير المديان، فليس للمديان مقال. وقيل: هو أحق بذلك. وظاهر المذهب: أنه لا يكون أحق، وعن مالك: أراه حسنا، ولا أرى أن يقضى به (11)، وقال أشهب: يقضى به، وكذلك الكتابة (12).

قوله: (وعلو على سفل، وعكسه) قال في المدونة: ومن له علو دار ولآخر (13)

(1) في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (فاق).

(2)

قوله: (الباجي، أو فاق؟ وإليه ذهب) ساقط من (ن 4).

(3)

قوله: (أنها بئر واحدة،

وقال ابن لبابة: معنى المدونة) ساقط من (ن 5).

(4)

انظر تفصيل هذه الأقوال في التوضيح: 6/ 563.

(5)

في (ن): (فيهما).

(6)

انظر: التوضيح: 6/ 562.

(7)

قوله: (أخذ ذلك) يقابله في (ن 3): (الشفعة).

(8)

قوله: (منه) ساقط من (ن 3)، وفي (ن 5):(به).

(9)

في (ن 4): (ودين بدين).

(10)

قوله: (يريد أن) يقابله في (ن): (أي).

(11)

انظر: الذخيرة: 7/ 302.

(12)

قوله: (قوله: "ودين" يريد: أن الدين

، وكذلك الكتابة) ساقط من (ن 3). وانظر: الذخيرة: 7/ 302.

(13)

في (ن): (للآخر).

ص: 442

سفلها، فلا شفعة لأحد (1) فيما باع الآخر منهما، يريد: لأن الحصة التي باعها متميزة عن حصة الآخر، ولا شركة له فيما باع الآخر، فهو شبيه بالجار.

قوله: (وزرع ولو بأرضه) قال في المدونة بعد ذكر الشفعة في الثمرة: وأما الزرع فيبيع أحدهما حصته منه بعد يبسه، فلا شفعة له (2) فيه، وهو لا يباع حتى ييبس (3)، وفي باب آخر: ومن ابتاع (4) أرضًا بزرعها الأخضر ثم قام الشفيع، فإنما له الشفعة في الأرض دون الزرع بما ينوبه من الثمن، بقيمتها من قيمة الزرع على غرره يوم الصفقة (5).

قوله: (وبقل)(6) مذهبنا أن البقول لا شفعة فيها. ابن رشد: ويتخرج فيها قول بوجوب الشفعة على القول بوجوبها في الثمرة ما لم تجذ (7).

قوله: (وعرصة) هكذا قال (8) الشيخ أبو محمد بن أبي زيد في رسالته: ولا شفعة في عرصة دار قد قسمت بيوتها (9)، ونحوه في المدونة.

قوله: (وممر قُسم متبوعه (10)) يعني: إذا كان بين قوم دار، فاقتسموا بيوتها وأبقوا الممر -وهو الطريق التي يتوصل للبيوت منها- ليرتفقوا بذلك، فلا شفعة فيه إذا بيع، ونحوه في المدونة.

قوله: (وحيوان إلا في كحائط) قد تقدم أن الحيوان لا شفعة فيه (11)، وأشار بقوله:(إلا في كحائط) إلى ما حكاه (12) عبد الحميد، وابن زرقون،

(1) قوله: (لأحد) زيادة في (ن 5).

(2)

قوله: (له) ساقط من (ن).

(3)

انظر: المدونة: 4/ 237.

(4)

في (ن) و (ن 4): (باع).

(5)

انظر: المدونة: 4/ 237، وتهذيب المدونة: 4/ 153.

(6)

زاد بعده في (ن): (كهندباء).

(7)

انظر: البيان والتحصيل: 12/ 103.

(8)

قوله: (هكذا قال) يقابله في (ن): (هذا قول).

(9)

انظر: الرسالة، لابن أبي زيد: 1/ 117.

(10)

في (ن): (بيوته).

(11)

في (ن): (فيها).

(12)

زاد بعده في (ن): (ابن).

ص: 443

وغيرهما عن مالك (1): أن الحائط إذا بيع وفيه حيوان ورقيق أن الشفعة في جميع ذلك. وعنه في مختصر ما ليس في المختصر: أن الشفعة في ذلك، وإن لم يحتج الحائط له (2).

قوله: (وإرث) قد تقدم عند قوله: (ممن تجدد ملكه اللازم (3) اختيارا)، أن الميراث لا شفعة فيه على المشهور، لأن الحصة المنتقلة (4) لم يتجدد ملك مالكها اختيارًا، وعن مالك: أن الشفعة في ذلك (5).

قوله: (وهبة بلا ثواب) أي: لا شفعة في الهبة لغير ثواب، وهكذا قال في المدونة (6)، وهو المشهور. ابن يونس، وغيره: ولمالك قول بثبوتها في ذلك (7). فأما هبة الثواب فهي بيع من البيوع، لكن لا تكون فيها الشفعة إلا بعد دفع الثواب؛ ولهذا قال هنا:(وإلا فبه بعده) أي: وإن لم تكن الهبة لغير ثواب، بل كانت للثواب، فإن في ذلك الموهوب الشفعة بعده، وقاله في المدونة (8).

قوله: (وخِيَارٍ إِلا بَعْدَ مُضِيِّهِ) أي: وهكذا لا شفعة في بيع الخيار إلا بعد مضيه، وهو مثل قوله في المدونة: ومن ابتاع شقصًا على خيار، فلا شفعة فيه حتى يتم البيع (9). ولا خلاف فيه بين ابن القاسم وأشهب، وإنما اختلفا هل الخيار الحكمي كالشرطي، أو لا؟ .

قوله: (ووَجَبَتْ لِمُشْتَرِيهِ، إِنْ بَاعَ نِصْفَيْنِ خِيَارًا ثُمَّ بَتْلا) أي: ووجبت الشفعة لمشترى الخيار، إن باع المالك نصفين أحدهما خيارًا أولًا، والثاني (10) بتلا بعده؛ ولهذا قال:(ثم بتلا)، وقوله:(فأمضى)(11)، أي: بيع الخيار؛ وهو مبني على أن بيع الخيار منعقد من

(1) من هنا بداية سقط في النسخة (ن 5).

(2)

انظر تفصيل هذه الأقوال في التوضيح: 6/ 562.

(3)

قوله: (اللازم) ساقط من (ن 3).

(4)

في (ن): (المشغلة).

(5)

انظر: التوضيح: 6/ 595.

(6)

انظر: المدونة: 4/ 246.

(7)

انظر: المدونة: 4/ 246.

(8)

انظر: المدونة: 4/ 246.

(9)

انظر: تهذيب المدونة: 4/ 159.

(10)

في (ن): (الآخر).

(11)

في (ن): (وأمضى).

ص: 444

أوله، فمشترى البتل متجدد على مشترى الخيار (1). وعلى القول أن بيع الخيار منحل؛ تكون الشفعة لمشترى البتل. وهكذا بنى الأشياخ القولين. وهو جار على خلاف المعهود؛ لأن (2) الأول منهما هو مذهب ابن القاسم، والمعروف من المذهب أن بيع الخيار منحل. قال في المدونة: ومن ابتاع (3) شقصًا بيع خيار وله شفيع، فباع الشفيع شقصه قبل تمام الخيار بيع بتل فإن (4) تم بيع الخيار، فالشفعة لمبتاعه (5).

أبو الحسن، وقال أشهب: هي (6) لمبتاع البتل (7)، بناء على أن بيع الخيار منعقد (8)، أو (9) منحل حتى ينعقد. وإذا فرعنا على هذا الخلاف، وعلى الخلاف في بيع الحصة المستشفع بها هل تسقط الشفعة؟ كما سيأتى أم لا (10)، إذا باع أحدهما نصيبه بالخيار، ثم باع الآخر نصيبه بتلًا، ثم أمضى بيع الخيار؛ فإن المسألة يتحصل فيها أربعة أقوال:

فعلى أن بيع الخيار منعقد، وأن بيع الحصة لا يسقط الشفعة؛ فالشفعة لبائع البتل على مشترى الخيار. وعلى أنه منحل، وأن بيع الحصة يسقط (11) الشفعة؛ فالشفعة (12) لمشتري البتل وهو قول أشهب وعلى أنه منعقد وأن بيع الحصة يسقط الشفعة لمشترى الخيار، وهو مذهب المدونة (13). وعلى أنه منحل، وأن بيع الحصة لا يسقط

(1) زاد بعده في (ن 4): (على القول أن بيع الخيار منعقد).

(2)

في (ن 4): (إلا أن).

(3)

في (ن 4): (باع).

(4)

قوله (تم) زيادة من (ن).

(5)

انظر: المدونة: 4/ 247، وتهذيب المدونة: 4/ 161.

(6)

في (ن): (هو).

(7)

انظر: النوادر والزيادات: 11/ 179.

(8)

زاد بعده في (ن): (أولا).

(9)

قوله: (منعقد، أو) ساقط من (ن 4).

(10)

قوله: (أم لا) ساقط من (ن) و (ن 4).

(11)

في (ن 3): (لا يسقط).

(12)

قوله: (لمشتري البتل وهو قول أشهب وعلى أنه منعقد وأن بيع الحصة يسقط الشفعة) زيادة من (ن 3) و (ن 4) و (ن 5).

(13)

انظر: المدونة: 4/ 247، وتهذيب المدونة: 4/ 161.

ص: 445

الشفعة، فالشفعة لبائع الخيار، وهو قول، أصبغ (1) وابن المواز (2).

قوله: (وبَيْعِ فَاسِدٍ (3)، إِلا أَنْ يَفُوتَ، فَبِالْقِيمَةِ) يريد: أن البيع الفاسد لا شفعة فيه؛ لأنه مفسوخ، إلا أن يفوت فإن المشتري يملكه بالقيمة، ويكون (4) فيه الشفعة حينئذ بتلك القيمة التي وجبت على المشتري يريد: إذا كان فواته (5) بغير البيع الصحيح؛ ولهذا قال: (إِلا بِبَيْعٍ صَحَّ، فَبِالثَّمَنِ فِيهِ) أي: فإن كان الفوات إنما حصل بسبب البيع الصحيح، بأن يكون المشتري (6)) شراء فاسدًا قد باع الشقص بيعًا صحيحًا؛ فإن الشفيع يأخذه (7)) بالثمن الوا قع في البيع الصحيح، وهو مراده بقوله:(فبالثمن فيه). واحترز بقوله (8): (بالبيع الصحيح) من (الفاسد) فإنه لا يفيت، قال في المدونة: وإذا باعها المشتري (9) شراء فاسدًا (10) بيعًا فاسدًا، رد الأول والآخر جميعًا، إلا أن يفوت وتجب فيه القيمة فلا يرد (11).

قوله: (وتَنَازُعٍ فِي سَبْقِ مِلْكٍ) يريد: أن الشريكين إذا تنازعا في سبقية الملك، فادعى كل واحد منهما أن ملكه سابق على ملك صاحبه، وطلب كل واحد منهما (12) الشفعة بذلك؛ فإنها لا تثبت بذلك لواحد منهما (13)، لكن لكل واحد تحليف الآخر، فإن حلفا أو نكلا فلا كلام، وإن حلف أحدهما ونكل الآخر فالشفعة للحالف؛ ولهذا قال:

(1) في (ن 4): (ابن القاسم).

(2)

انظر: النوادر والزيادات: 11/ 179.

(3)

في (ن): (فسد).

(4)

في (ن): (تكون).

(5)

في (ن): (فوته).

(6)

زاد بعده في (ن 4): (اشترى).

(7)

زاد بعده في (ن 4): (بالشفعة).

(8)

قوله: (قوله) ساقط من (ن).

(9)

هنا نهاية السقط في النسخة (ن 5).

(10)

قوله: (شراء فاسدًا) زيادة من (ن 3).

(11)

انظر: المدونة: 4/ 250.

(12)

قوله: (منهما) ساقط من (ن).

(13)

زاد بعده في (ن 4): (الشفعة).

ص: 446

(إِلا أَنْ يَنْكُلَ أَحَدُهُمَا) أي: فإن الشفعة لصاحبه الذي حلف عليه (1).

(المتن)

وَسَقَطَتْ إِنْ قَاسَمَ أَوِ اشْتَرَى، أَوْ سَاوَمَ، أَوْ سَاقَى، أَوِ اسْتَأْجَرَ؛ أَوْ بَاعَ حِصَّتَهُ، أَوْ سَكَتَ بِهَدْمٍ أَوْ بِنَاءٍ، أَوْ شَهْرَيْنِ، إِنْ حَضَرَ الْعَقْدَ. وَإِلَّا سَنَةً، كَأَنْ عَلِمَ فَغَابَ، إِلَّا أَنْ يَظُنَّ الأَوْبَةَ قَبْلَهَا، فَعِيقَ. وَحَلَفَ إِنْ بَعُدَ، وَصُدِّقَ إِنْ أَنْكَرَ عِلْمَهُ، لَا إِنْ غَابَ أَوَّلًا أَوْ أَسْقَطَ لكذب فِي الثَّمَنِ، وَحَلَفَ أَوْ فِي الْمُشْتَرَى، أَوِ فِي الْمُشْتَرِي، أَوِ انْفِرَادِهِ، أَوْ أَسْقَطَ وَصِيٌّ أَوْ أَبٌ بِلَا نَظَرٍ، وَشَفَعَ لِنَفْسِهِ، أَوْ لِيَتِيمٍ آخَرَ. أَوْ أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ وَحَلَفَ وَأَقَرَّ بَائِعُهُ. وَهِيَ عَلَى الأَنْصِبَاءِ، وَتُرِكَ لِلشَّرِيكِ حِصَّتُهُ، وَطُولِبَ بِالأَخْذِ بَعْدَ اشْتِرَائِهِ لَا قَبْلَهُ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ إِسْقَاطُهُ.

(الشرح)

قوله: (وسقطت إن قاسم) يعنى: أن (2) الشفعة تسقط بأحد أمرين: إما بصريح اللفظ، كقول الشفيع: أسقطت شفعتي، أو تركتها، أو لا آخذ، ونحو ذلك، ولما كان هذا الوجه جليًا لم يحتج إلى ذكره.

والأمر الآخر: ما يقوم مقام اللفظ (3) الصريح، فيكون له حكمه في إسقاط الشفعة، كما إذا قاسم الشفيع المشتري، وصرح بعضهم بنفي الخلاف في ذلك.

قوله: (أو اشترى) أي: وهكذا تسقط شفعته، إذا اشترى الحصة ممن ابتاعها من شريكه.

قوله: (أو ساوم) أي: ساوم الشفيع المشتري في الحصة المبيعة (4)، وإنما سقطت شفعته بذلك؛ لأنه ملك الآخذ من غير مساومة، فأخذه معه في ذلك دليل على أنه رضي بالبيع.

وعن أشهب: أن الشفعة (5) لا تسقط بذلك، وهو ظاهر (6).

(1) قوله: (عليه) زيادة من (ن 5).

(2)

قوله: (يعني: أن) ساقط من (ن 5).

(3)

قوله: (اللفظ) زيادة من (ن 4).

(4)

قوله: (المبيعة) ساقط من (ن).

(5)

في (ن): (شفعته).

(6)

انظر: النوادر والزيادات: 11/ 191.

ص: 447

قوله: (أو ساقى أو استأجر) أي: وكذلك تسقط الشفعة إذا ساقى (1) الشفيع المشتري في الحصة المبيعة أو استأجرها منه.

وقال أشهب: أيضا لا تسقط (2). اللخمي: وهذا إذا كان أمد المساقاة والكراء ينقضي قبل السنة من يوم العقد، وأما إن كان لا ينقضي إلا بعدها، فلا شفعة قولًا واحدًا (3).

قوله: (أو باع حصته) أي: وكذا تسقط الشفعة إذا باع الشفيع الحصة التي يستشفع بها بعد ترتب (4) الشفعة، وهو أحد قولي مالك، واختاره أشهب وغيره (5)، وعنه أيضا: أنها لا تسقط شفعته (6). ابن رشد (7): وهو قول ابن القاسم في رواية يحيى.

ابن عبد السلام: وظاهر مذهب ابن القاسم التفرقة بين أن يبيعها (8) غير عالم فله الشفعة، أو عالمًا فلا شفعة له، وهو أظهر الأقوال، وظاهر المدونة أن لا شفعة مطلقًا (9).

قوله: (أو سكت بهدم أو بناء) يعنى: أن الشفيع إذا سكت مع كون المشتري يهدم الشقص أو يبنيه، فإن سكوته يسقط شفعته.

قوله: (أَوْ شَهْرَيْنِ، إِنْ حَضَرَ الْعَقْدَ) يريد: أن الشفيع إذا سكت عن طلب الشفعة شهرين (10)، وقد كان حضر العقد، فإن ذلك يسقط شفعته، وظاهره ولو كتب شهادته في المبايعة، أم لا، وهو خلاف نص المدونة (11).

(1) قوله: (أي: ساوم الشفيع قط بذلك

إذا ساقى) ساقط من (ن 3).

(2)

انظر: النوادر والزيادات: 11/ 146 و 147.

(3)

انظر: التبصرة، للخمي، ص: 3330 و 3331.

(4)

في (ن 3): (وقت).

(5)

انظر: التوضيح: 6/ 577.

(6)

قوله: (شفعته) زيادة من (ن 3).

(7)

في (ن 4): (ابن شاس).

(8)

قوله: (أن يبيعها) يقابله في (ن): (بيعها).

(9)

انظر تفصيل هذه الأقوال في التوضيح: 6/ 577.

(10)

قوله: (شهرين) ساقط من (ن 4).

(11)

قوله: (أم لا، وهو خلاف نص المدونة) يقابله في (ن) و (ن 3) و (ن 4): (وهو نص المدونة).

ص: 448

قوله: (وإلا سنة (1)) أي: وإن لم يحضر العقد فله شفعته إلى سنة.

واعلم أنه اختلف إذا ترك الشفيع القيام بشفعته مع علمه بالعقد وحضوره بالبلد، هل يكون بمجرده موجبًا لإسقاط شفعته، أو لا؟ وإلى الأول ذهب ابن وهب، نظرًا إلى أن الأخذ بالشفعة على الفور كالرد بالعيب (2).

وإلى (3) الثاني ذهب الأكثرون، ثم اختلف على هذا القول: فقيل: إن ذلك لا يتقيد بمدة، وأن حقه في الشفعة باق مطلقا ما لم يصرح بالسقوط، وهو قول مالك (4)، الأبهرى: وهو القياس. وقيل: إنه يتقيد بمدة محدودة، واختلف في مقدارها، ففي الرسالة: السنة وتسقط (5) بعدها. المتيطي: وعليه العمل، ورواه أشهب عن مالك، وبالغ فيه حتى قال: إذا غربت الشمس من آخر أيام السنة فلا شفعة. ومذهب المدونة: أن ما قارب السنة (6) له حكمها. ابن الهندي، وغيره من أصحاب الوثائق: وذلك الشهر والشهران، وقيل: وثلاثة أشهر، وقال ابن سهل: أربعة أشهر، وروى ابن القاسم: ما زاد على السنة وقال به، وقال أصبغ (7): السنتان والثلاث قليل، وقال ابن الماجشون: الخمس سنين قليل. وعنه أيضا: لا تسقط (8) إلا بعد عشر سنين (9)، وقال بعضهم: خمس عشرة سنة، وروي عن أبي عمران: إلى ثلاثين سنة. ابن رشد (10): وكان ابن الماجشون يقول بإيجاب الشفعة للحاضر إلى (11) أربعين (12) سنة، ثم رجع إلى

(1) في (ن): (فسنة).

(2)

قوله: (بالعيب) ساقط من (ن 4).

(3)

زاد بعده في (ن): (هذا).

(4)

قوله: (مالك) ساقط من (ن 3)، وفي (ن):(ومالك).

(5)

قوله: (تسقط) يقابله في (ن 5): (لا شفعة).

(6)

قوله: (السنة) ساقط من (ن 3)، وفي (ن):(من السنة).

(7)

قوله: (وقال أصبغ) ساقط من (ن 3).

(8)

زاد بعده في (ن): (الشفعة).

(9)

في (ن) و (ن 4): (عشرين سنة)، وفي (ن 3):(عشرين).

(10)

في (ن 4): (ابن شاس).

(11)

قوله: (إلى) ساقط من (ن).

(12)

في (ن 4): (أربع).

ص: 449

عشر سنين (1).

قوله: (كَأَنْ عَلِمَ فَغَابَ، إِلا أَنْ يَظُنَّ الأَوْبَةَ قَبْلَهَا، فَعِيقَ، وحَلَفَ إِنْ بَعُدَ) يعني: أن حكم من علم بشفعته فغاب كحكم الحاضر، فيكون له ذلك إلى سنة، فإن زاد عليها سقطت شفعته (2)، إلا أن يظن أنه (3) يرجع من سفره قبل السنة فيعوقه أمر من الأمور، فإنه يبقى على شفعته بعد أن يحلف في المدة البعيدة، قال في المدونة: وإن سافر الشفيع بحدثان الشراء، فأقام سنين كثيرة ثم قام يطلب الشفعة، فإن كان سفره يعلم أنه لا يئوب منه إلا بعد أجل تنقطع فيه الشفعة للحاضر فجاوزه فلا شفعة (4)، وإن كان سفرًا يئوب منه قبل ذلك فعاقه أمر يعذر به فهو على شفعته، ويحلف بالله ما كان تاركًا لشفعته، أشهد عند خروجه أنه على شفعته، أم لا (5)؟ وظاهر قوله:(فجاوزه). أن الشفعة لا تسقط قبل المجاوزة، وكذا نقله عبد الحق وغيره؛ لاحتمال أن يوكل من يأخذ له ولو في طريقه. وقال اللخمي: متى سافر السفر المذكور، سقطت شفعته ولو بالقرب (6).

قوله: (وصُدِّقَ إِنْ أَنْكَرَ عِلْمَهُ) يريد: أن المشتري إذا تنازع مع الشفيع في العلم وعدمه وهو حاضر، فادعى المشتري علمه، وأنكر هو، فإنه يصدق، وهو قول ابن القاسم وأشهب. أبو الحسن: وإن طال ذلك، لأن الأصل عدم العلم. المتيطي: وهو ظاهر المذهب، قال غير واحد من الموثقين: ويحلف على ذلك.

محمد بن عبد الحكم، وابن المواز: يصدق ولو بعد أربعة أعوام. ابن المواز: ولا يصدق (7) في أكثر من ذلك (8).

(1) في (ن 3): (ثلاثين سنة)، وفي (ن 4):(عشرين سنة). وانظر: التوضيح: 6/ 578.

(2)

قوله: (شفعته) ساقط من (ن 3).

(3)

في (ن): (أن).

(4)

زاد بعده في (ن): (له).

(5)

انظر: المدونة، دار صادر: 14/ 457.

(6)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:3324.

(7)

قوله: (ولا يصدق) يقابله في (ن 5): (ويصدق).

(8)

انظر تفصيل هذه الأقوال في التوضيح: 6/ 580.

ص: 450

قوله: (لا إِنْ غَابَ أَوَّلًا) يعني أن: ما تقدم من أن حكم الشفيع الغائب حكم الحاضر، إنما هو إذا علم بالشفعة (1) فغاب، وأما إذا كانت غيبته متقدمة على العقد، فإن شفعته لا تسقط ولو أقام سنين كثيرة، إلا أن يصرح بالسقوط أو ما في معناه، وهو مقيد عند أشهب بغير القريب، وأما القريب الموضع (2) الذي لا كلفة عليه في إتيانه، فطول زمانه بعد علمه بوجوب الشفعة يصيره كالحاضر (3).

قوله: (أَوْ أَسْقَطَ لِكَذِبَ فِي الثَّمَنِ، وحَلَفَ) هكذا قال (4) في المدونة: وإذا أخبر (5) الشفيع بالثمن فسلم، ثم ظهر أن الثمن دون ذلك، فله الأخذ بالشفعة، ويحلف (6) ما سلم إلا لكثرة الثمن (7).

ابن يونس: وقال ابن المواز لا يمين عليه عند أشهب.

قوله: (أَوْ فِي الْمُشْتَرَي) أي: وكذا لا تسقط شفعته إذا أسقطها للكذب في المشتري، مثل: أن يقال له (8): اشترى فلان حصة شريكك فأسقط، ثم تبين أن الذي اشتراه (9) غيره؛ لأنه يقول: إنما رضيت بشركة من سلمت له ولم أرض (10) بغيره، وهو ظاهر. وعلى هذا فـ (الراء) في قوله:(أو وفي (11) المشتري) مكسورة على أنه اسم فاعل، ويحتمل- وهو الظاهر أن تكون مفتوحة، وهو الذي في المدونة، قال فيها: فإن قيل له (12) ابتاع فلان نصف نصيب شريكك فسلم، ثم ظهر أنه ابتاع جميع النصيب (13)، فله القيام

(1) في (ن 5): (بالشفيع).

(2)

في (ن 4): (الغيبة).

(3)

انظر: النوادر والزيادات: 11/ 187، والتوضيح: 6/ 581.

(4)

قوله: (هكذا قال) يقابله في (ن 3): (هذا كقوله).

(5)

في (ن 5): (خير).

(6)

في (ن): (حلف)، وزاد بعده في (ن 4):(أنه).

(7)

انظر: المدونة: 4/ 221.

(8)

قوله: (له) ساقط من (ن).

(9)

في (ن): (اشترى).

(10)

زاد بعده في (ن 4): (بشركة).

(11)

قوله: (في قوه "أو في") يقابله في (ن): (من قوله).

(12)

زاد بعده في (ن): (قد).

(13)

في (ن 3): (النصف).

ص: 451

بشفعته

(1) انتهى.

وقال ابن المواز: يلزمه إسلام (2) النصف للمشتري (3)، ويأخذ النصف الآخر بالشفعة أو يسلمه، وهو قول أشهب (4).

قال: ولو قال حين قيل له ابتاع فلان (5): أنا آخذ (6)، ثم ظهر أنه ابتاع الجميع، فله أخذ باقيه، فإن أبى فالمبتاع مخير بين (7) أن يقول له رد النصف، أو خذ الجميع.

قوله: (أَوِ انْفِرَادِهِ) هو كقوله في المدونة: وإن قيل له: قد ابتاع (8) فلان نصيب شريكك (9) فسلم، ثم ظهر أنه ابتاعه مع آخر، فله القيام وأخذ حصتيهما (10)، وقال أشهب: يلزمه التسليم للذي سلم له، ويأخذ حصة الآخر إن شاء (11).

قوله: (أَوْ أَسْقَطَ وَصِيٌّ أَوْ أَبٌ بِلا نَظَرٍ) يريد: أن الوصي أو الأب إذا أسقطا ما ترتب لمحجورهما من الشفعة، وكان ذلك على غير وجه النظر؛ فإن ذلك لا يسقط شفعته، وحكاه أبو (12) الحسن، عن غير واحد من الموثقين. وانظر هذا (13) مع قوله في المدونة: ولو سلم من ذكرنا من أب أو وصي أو سلطان شفعة الصغير، لزمه ذلك ولا قيام له إن كبر (14)، فإن ظاهره أنه لا قيام له إذا كبر، سواء كان الإسقاط على وجه النظر، أم لا،

(1) انظر: المدونة: 4/ 224.

(2)

زاد بعده في (ن): (جميع).

(3)

في (ن 3) و (ن 5): (المشتري).

(4)

انظر تفصيل هذه الأقوال في التوضيح: 6/ 576.

(5)

زاد بعده في (ن 4): (نصف شريكه).

(6)

قوله: (أنا آخذ) يقابله في (ن): (إناء أحد).

(7)

قوله: (بين) ساقط من (ن).

(8)

في (ن) و (ن 4) و (ن 5): (ابتاعه).

(9)

قوله: (فلان نصيب شريكك) ساقط من (ن 4)، وساقط من (ن) قوله:(نصيب شريكك).

(10)

في (ن 3): (حصتهما)، وفي (ن 4) و (ن 5):(جصته). وانظر: تهذيب المدونة: 4/ 135.

(11)

انظر: النوادر والزيادات: 11/ 193.

(12)

في (ن): (ابن).

(13)

قوله: (وانظر هذا) يقابله في (ن): (وانظره).

(14)

انظر: المدونة: 4/ 252.

ص: 452

وبه قال أبو عمران في الأب والوصي (1).

قوله: (وشَفَعَ لِنَفْسِهِ، أَوْ لِيَتِيمٍ آخَرَ) يعني: أنه ليس من شرط الشفيع الآخذ أن يكون شريكًا، بل إما شريك أو من ينظر له، فالشريك يأخذ لنفسه إذا كان بالغًا رشيدًا، وغيره يأخذ له وليه، قال في المدونة: وللصغير الشفعة، يقوم بها أبوه أو وصيه، فإن لم يكونا فالإمام ينظر له، وإن لم يكن له أب، ولا وصي، وهو في بلد لا سلطان فيه؛ فهو على شفعته إذا بلغ (2).

قوله: (أَوْ (3) أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ وحَلَفَ وأَقَرَّ بَائِعُهُ) تجوز رحمه الله في إطلاق المشتري على من لم يثبت له شراء؛ لأن الفرض أنه منكر، وكذا قوله:(وأقر بائعه)، وهذا الكلام معطوف على قوله:(وسقطت إن قاسم)، أي: وكذا إن أنكر الشراء. قال ابن القاسم في المدونة: وإذا أنكر المشتري الشراء، وادعاه البائع؛ تحالفا وتفاسخا، فليس للشفيع أن يأخذ بالشفعة بإقرار البائع إذا لم يثبت للمشتري شراء (4). أبو الحسن الصغير (5): صوابه فحلف (6) أي: المشتري.

قوله: (وهِيَ عَلَى الأَنْصِبَاءِ) يعني: أن الشفعة تقسم على قدر أنصباء الشركاء الآخذين، فإذا كانت دارٌ بين ثلاثة أشخاص، لأحدهم النصف، ولآخر الثلث، ولآخر السدس، فباع صاحب النصف نصيبه؛ فإن صاحب الثلث يأخذ ثلثي الشقص، ويأخذ صاحب السدس من (7) ثلثه، وهذا هو المشهور. وحكى ابن الجهم عن بعض (8) أصحاب مالك (9): أنها على عدد الرءوس (10)، فيقسم الشقص بين الشريكين نصفين.

(1) انظر تفصيل هذه الأقوال في التوضيح: 6/ 583.

(2)

انظر: المدونة: 4/ 217.

(3)

في (ن): (و).

(4)

انظر: المدونة: 4/ 233.

(5)

قوله: (الصغير) زيادة من (ن) و (ن 4).

(6)

في (ن): (يحلف).

(7)

قوله: (من) زيادة من (ن 3).

(8)

قوله: (بعض) زيادة من (ن 5).

(9)

قوله: (عن أصحاب مالك) ساقط من (ن 3).

(10)

انظر: التوضيح: 6/ 589.

ص: 453

قوله: (وتُرِكَ لِلشَّريك (1) حِصَّتُهُ) يريد أن: الشريك (2) إذا ابتاع الشقص (3) من شريكه ولهما شريك آخر، فإن الشريك إذا قام على المشتري ليأخذه بالشفعة (4)، فلا يأخذ منه الشقص كاملًا، بل لا بد وأن يترك له ما يخصه من ذلك الشقص.

قوله: (وطُولِبَ بِالأَخْذِ بَعْدَ اشْتِرَائِهِ لا قَبْلَهُ، ولَمْ يَلْزَمْهُ إِسْقَاطُهُ (5)) يعني: وطولب الشفيع بأخذ الشفعة، يريد: أو تركها، لما يلحق المشتري من الضرر بعدم (6) التصرف في الحصة المشتراة؛ ولهذا لا يكون له (7) طلب (8) ذلك إلا بعد اشتراء الشقص لا قبله، إذ لا ضرر قبله. ولا يلزمه إسقاطه (9) قبل ذلك، وقاله في المدونة، وزاد: لأنه إسقاط (10) ما لم يجب له (11).

(المتن)

وَلَهُ نَقْضُ وَقْفٍ كَهِبَةٍ، وَصَدَقَةٍ، وَالثَّمَنُ لِمُعْطَاهُ؛ إِنْ عَلِمَ شَفِيعُهُ، لَا إِنْ وَهَبَ دَارًا فَاسْتُحِقَّ نِصْفهَا، وَمُلِكَ بِحُكْمٍ أَوْ دَفْعِ ثَمَنٍ، أَوْ إِشْهَادٍ، وَاسْتُعْجِلَ إِنْ قَصَدَ ارْتِيَاءً أَوْ نَظَرًا لِلْمُشْتَرِي إِلَّا كَسَاعَةٍ، وَلَزِمَ إِنْ أَخَذَ وَعَرَفَ الثَّمَنَ فَبِيعَ لِلثَّمَنِ، وَالْمُشْتَرِي إِنْ سَلَّمَ، فَإِنْ سَكَتَ فَلَهُ نَقْضُهُ، وَإِنْ قَالَ: أَنَا آخُذُ أُجِّلَ ثَلاثًا لِلنَّقْدِ، وَإِلَّا سَقَطَتْ. وَإِنِ اتَّحَدَتِ الصَّفْقَةُ، وَتَعَدَّدَتِ الْحِصَصُ وَالْبَائِعُ لَمْ تُبَعَّضْ، كَتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي عَلَى الأَصَحِّ، وَكَأَنْ أَسْقَطَ بَعْضُهُمْ، أَوْ غَابَ، أَوْ أَرَادَهُ الْمُشْتَرِي، وَلَمِنْ حَضَرَ حِصَّتُهُ،

(الشرح)

قوله: (ولَهُ نَقْضُ وَقْفٍ كَهِبَةٍ، وصَدَقَةٍ) يريد: أن من ابتاع شقصًا فوقفه، أو وهبه،

(1) في (ن) و (ن 4) و (ن 5): (للشفيع).

(2)

في (ن 4) و (ن 5): (الشفيع)، في (ن):(يعني أن الشريك).

(3)

قوله: (الشقص) ساقط من (ن 4).

(4)

قوله: (ليأخذه بالشفعة) يقابله في (ن): (ليأخذ الشفعة).

(5)

في (ن): (إسقاط).

(6)

في (ن 4): (بعد).

(7)

في (ن): (للمشتري).

(8)

قوله: (له طلب) ساقط من (ن 5).

(9)

زاد بعده في (ن): (الأخذ).

(10)

في (ن): (أسقط).

(11)

قوله: (له) ساقط من (ن).

ص: 454

أو تصدق به؛ فإن الشفيع لا يسقط حقه منه بسبب ذلك، بل له إذا أراد الأخذ بشفعته أن ينقض جميع ما فعل من ذلك، ولو هدم المشتري الشقص وبناه مسجدًا فله هدمه.

قوله: (والثَّمَنُ لِمُعْطَاهُ، إِنْ عَلِمَ شَفِيعُهُ (1)) أي: فإذا أخذ الشفيع الشقص الموهوب ونحوه، فالثمن (2) الذي يدفعه يكون (3) لمعطي الشقص، وهو الموهوب ونحوه (4)، بشرط أن يكون الواهب يعلم أن له شفيعًا، وقاله في المدونة (5)، زاد ابن يونس: وكأنه وهبه الثمن. وقال أشهب: الثمن للواهب مطلقًا (6)، واختاره محمد (7)، ونحوه لسحنون.

فإن لم يعلم الواهب بالشفعة فالثمن له، كمن ابتاع دارًا فوهبها لرجل، ثم استحق رجل نصفها وأخذ النصف الآخر بالشفعة؛ فإن ثمن النصف المستشفع فيه (8) للواهب، وقاله في المدونة (9)، يريد: وكذلك ثمن النصف المستحق (10)، ولهذا قال هنا:(لا إِنْ وَهَبَ دَارًا فَاسْتُحِقَّ نِصْفُهَا) أي: فإن الموهوب لا شيء له من ثمن النصف المستحق.

قوله: (ومُلِكَ بِحُكْمٍ أَوْ دَفْعِ ثَمَنٍ، أَوْ إِشْهَادٍ) يريد: أن الشفيع يملك الشقص بأحد أمور ثلاثة: إما بحكم حاكم، أو بدفع الثمن للمبتاع وإن لم يرض، أو بالإشهاد أنه أخذ ذلك بالشفعة، ونحوه في الجواهر (11).

قوله: (واسْتُعْجِلَ، إِنْ قَصَدَ ارْتِيَاءً أَوْ نَظَرًا لِلْمُشْتَرَى إِلا كَسَاعَةٍ) يريد: أن الشفيع إذا

(1) في (ن 5): (شفعته).

(2)

في (ن): (بالثمن).

(3)

في (ن): (فيكون).

(4)

قوله: (ونحوه) يقابله في (ن): (له).

(5)

انظر: المدونة: 4/ 227.

(6)

قوله: (مطلقًا) ساقط من (ن 5).

(7)

انظر: النوادر والزيادات: 11/ 176.

(8)

في (ن): (به).

(9)

انظر: المدونة: 4/ 227.

(10)

زاد بعده في (ن): (للواهب).

(11)

انظر: عقد الجواهر: 3/ 880.

ص: 455

طلب تأخير الثمن لقصد الارتياء أو لينظر المشتري فإنه لا يمهل، قال في الموازية (1): ولا يمهل ساعة واحدة، وشهره المتيطي وابن رشد (2). وهو يعكر على (3) قوله هنا:(إلا كساعة). ولمالك في المختصر أنه يمهل ثلاثة أيام (4). اللخمي: وهو أحسن إذا كان إيقافه بفور (5) الشراء (6). وهذا كله إذا أوقفه الإمام، وأما إن أوقفه غيره؛ فهو على شفعته إلى أن يوفقه الإمام فيأخذ أو يترك (7).

قوله: (وَلَزِمَ إِنْ أَخَذَ وعَرَفَ الثَّمَنَ) يريد: أن الشفيع إذا أخذ بالشفعة وقد عرف الثمن، فإن ذلك يلزمه، قال في المدونة: وإن لم يعرف الثمن (8) فله الرجوع (9). وقال أشهب (10): إذا لم يعلم إلا بعد الأخذ ورضي، لم يجز ويفسخ (11)، ثم تكون له الشفعة بعد الأخذ. وقال المازري: إن أخذ قبل علمه بالثمن ثم علم فقال ظننت الأقل، فإن أراد الرد فله ذلك اتفاقًا، وإن أراد التمسك فله ذلك على المشهور، خلافًا لابن المواز (12).

قوله: (فَبِيعَ لِلثَّمَنِ) أي: فبسبب كون الشفيع يلزمه الأخذ بالشفعة (13)، إذا امتنع من دفع الثمن؛ بيع من ماله أو من الشقص حتى يوفى للمبتاع ما دفع.

قوله: (والمشتري إن سلم) هو معطوف على معمول (لزم)، أي: وكذلك يلزم

(1) في (ن 4): (المدونة).

(2)

انظر: التوضيح: 6/ 584، وعزاه لابن راشد.

(3)

قوله: (يعكر على) يقابله في (ن 4): (بعكس)، وفي (ن):(بعكس على).

(4)

انظر تفصيل هذه الأقوال في التوضيح: 6/ 584.

(5)

في (ن 3): (بفوته).

(6)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:3355.

(7)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (يوفقه الإمام أو يترك).

(8)

في (ن) و (ن 4) و (ن 5): (به).

(9)

انظر: المدونة: 4/ 231.

(10)

قوله: (أشهب) ساقط من (ن 3).

(11)

في (ن 5): (ولم يفسخ).

(12)

انظر تفصيل هذه الأقوال في التوضيح: 6/ 589.

(13)

زاد بعده في (ن): (أنه).

ص: 456

المشتري (1) دفع الحصة للشفيع إن سلم، أي: إذا قال المشتري (2) عند قول الشفيع (أخذت) وأنا سلمت، فليس له حينئذ رجوع ولا للآخر. ويحتمل أن يكون فاعل (سلم) هو الشفيع، ويكون المعنى: ولزم المشتري دفع الحصة إن سلم له الشفيع الثمن، والأول أظهر؛ فإن ابن رشد ذكر المسألة كذلك فقال: إن الشفيع إذا قال: أخذت وقال المبتاع: سلمت، فإن الإمام يؤجل الشفيع في دفع الثمن، فإن لم يأت به فليس لأحدهما رجوع، ويباع (3) للمشتري من مال الشفيع (4) حتى يوفى ذلك (5).

قوله: (فإن سكت فله نقضه) أي: فإن قال الشفيع "أخذت"، وسكت المشتري، يريد: ولم يأت الشفيع بالثمن، فله -أي: للمبتاع- نقض ذلك البيع وله إبقاؤه (6)، ويباع له من مال الشفيع حتى يوفى له ذلك، وإن شاء أخذ الشقص. ابن رشد: ولا خيار للشفيع، قال: وهذا الوجه في المدونة.

قوله: (وإن قال: أنا "آخذ"، أُجِّل ثلاثا للنقد) أي: فإن قال الشفيع أنا آخذ بشفعتي، ولم يقل أخذتها، فإن الإمام يؤجله للنقد (7) ثلاث ليال، يريد: إذا طلب ذلك، وقاله في المدونة، وبه العمل والقضاء (8)، وقال ابن الماجشون: يؤخر عشرة أيام ونحوها مما يقرب، وليس على المشتري فيه ضرر، وقال أصبغ: يؤخر (9) على قدر المال في القلة والكثرة، وحاله في العسر واليسر، فيؤجل خمسة عشر يومًا، وأقصى ذلك الشهر (10) إن رأى ذلك الحاكم، ولا أدري ما وراء ذلك (11).

(1) زاد بعده في (ن): (في).

(2)

قوله: (المشتري) ساقط من (ن) و (ن 5).

(3)

قوله: (للمشترى) زيادة من (ن).

(4)

في (ن 5): (المفلس).

(5)

انظر: البيان والتحصيل: 12/ 85.

(6)

قوله: (وله إبقاؤه) زيادة من (ن 5).

(7)

في (ن): (في النقد).

(8)

انظر: المدونة: 4/ 224.

(9)

في (ن 5): (يقدر).

(10)

في (ن 3): (شهران).

(11)

انظر تفصيل هذه الأقوال في المنتقى: 8/ 224.

ص: 457

قوله: (وإلا سقطت) أي: وإن (1) كان التأخير لغير ارتياء (2) أو نظر (3) أو نحوه، فإن الشفعة تسقط، قاله (4) في البيان، والجواهر وهو ظاهر المدونة.

ويحتمل أن يكون مراده بـ (وإلا)، أي: وإن لم يأت بالثمن في ذلك الأجل سقطت شفعته (5).

قوله: (وإن اتحدت الصفقة، وتعددت الحصص والبائع، لم تبعض) يريد: أن الحصص إذا تعددت في أماكن مختلفة وتعدد البائع، واتحدت الصفقة (6)، أي: والشفيع (7) والمشترى، فليس للشفيع أن يبعض الصفقة، بأن يأخذ البعض ويترك البعض، ومثال ذلك: أن يكون الشفيع له ثلاثة شركاء، هذا شاركه في دار، وهذا في حانوت، وهذا في بستان، فباع الثلاثة حصصهم دفعة واحدة لمشتر واحد، فطلب الشفيع أن يشفع في البستان فقط، أو الدار فقط (8)، أو الحانوت فقط، أو في اثنين منهما (9) ويترك الباقي، فليس له ذلك على قول ابن القاسم وهو المعروف من المذهب (10)، خلافًا لأشهب.

قوله: (كتعدد المشتري على الأصح) أي: فإن كانت المسألة بحالها، إلا أن المشتري تعدد، فإنه اختلف في ذلك على قولين: أحدهما: وهو الأصح، أنه لا يشفع إلا في الجميع، أو يترك الجميع. وقيل: يأخذ ما يشاء من ذلك ويترك ما يشاء، وإليه ذهب سحنون وأشهب، وهو أحد قولي ابن القاسم، واختاره التونسي واللخمي. ابن

(1) في (ن): (فإن).

(2)

قوله: (لغير ارتياء) يقابله في (ن 5): (لغيره إما لارتجاء).

(3)

قوله: (لغير ارتياء أو نظر) يقابله في (ن): (لارتياء أو النظر).

(4)

قوله: (قاله) ساقط من (ن 5)، وفي (ن) و (ن 4):(قال).

(5)

زاد بعده في (ن 4): (ومن كتاب ابن المواز وإذا أخره بالثمن فإن جاء به إلى الأجل وإلا فالمشتري أحق. انتهى).

(6)

قوله: (وتعددت الحصص

واتحدت الصفقة) ساقط من (ن 4).

(7)

قوله: (أي: والشفيع) ساقط من (ن 3).

(8)

قوله: (فقط) ساقط من (ن).

(9)

قوله: (منهما) ساقط من (ن).

(10)

قوله: (من المذهب) ساقط من (ن 3).

ص: 458

راشد (1): وهو الأصح؛ لأن المأخوذ من يده لم تتبعض عليه صفقته (2). فانظر هذا مع ما صححه الشيخ، لكن في المدونة ما يوافق القول الذي صححه وهو قوله: وإذا ابتاع ثلاثة (3) ثلاثة أشقاص من واحد، أو ثلاثة صفقة واحدة (4)، والشفيع واحد؛ فليس له أن يأخذ من أحدهم دون الآخر، وليأخذ الجميع أو يدع (5).

قوله: (وكأن أسقط بعضهم، أو غاب، أو أراده المشتري) أي: وهكذا إذا كان للحصة شفعاء، فأسقط بعضهم شفعته وطلبها بعضهم؛ فليس لمن أراد الأخذ أن يترك البعض ويأخذ البعض، بل يأخذ الجميع أو يدع. وكذا إذا غاب بعضهم، وقام الحاضر يطلب شفعته، فليس له إلا أن يأخذ الجميع أو يترك (6). وكذا لو أراد ذلك المشتري ومكنه من التبعيض (7)، فليس له ذلك، قال في المدونة: وإن شاء الشفيع أخذ الجميع، فليس للمبتاع أن يقول له لا تأخذ إلا بقدر حصتك (8).

قوله: (ولمن حضر حصته) أي: فإن أخذ الشفيع الحاضر جميع الحصة، ثم قدم الغائب، فله أن يدخل (9) معه إن أحب، فيأخذ بقدر ما كان له من شفعته.

(المتن)

وَهَلِ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ، أَؤ عَلَى الْمُشتَرِي، وَلَوْ أَقَالَهُ إِلَّا أَنْ يُسَلَّمَ قَبْلَهَا؟ وَقُدِّمَ مُشَارِكُهُ فِي السَّهمِ، وِإنْ كَأَخْتٍ لِأَبٍ أَخَذَتْ سُدُسًا، وَدَخَلَ عَلَى غَيْرِهِ كَذِي سَهْمٍ عَلَى وَارِثٍ، وَوَارِثٌ عَلَى مُوصًى لَهُمْ، ثُمَّ الْوَارِثُ، ثُمَّ الأَجْنَبِيُّ، وَأَخَذَ بِأَيِّ بَيعٍ شاء، وَعُهْدَتُهُ عَلَيْهِ، وَنُقِضَ مَا بَعْدَهُ، وَلَهُ غَلَّتُهُ، وَفِي فَسْخِ عَقْدِ كِرَائِهِ تَرَدُّدٌ. وَلَا يَضْمَنُ نَقْصَهُ، فَإِنْ هَدَمَ وَبَنَى فَلَهُ قِيمَتُهُ قَائِمًا، وَلِلشَّفِيعِ النُّقْضُ،

(الشرح)

(1) في (ن) و (ن 3): (ابن رشد)، وفي (ن 4):(ابن يونس).

(2)

انظر تفصيل هذه الأقوال في التوضيح: 6/ 592.

(3)

قوله: (ابتاع ثلاثة) يقابله في (ن 4): (اجتمع).

(4)

قوله: (واحدة) ساقط من (ن).

(5)

انظر: المدونة: 4/ 226.

(6)

قوله: (يترك) ساقط من (ن 3).

(7)

في (ن 4): (البعض).

(8)

انظر: المدونة: 4/ 219.

(9)

في (ن): (يأخذ).

ص: 459

قوله: (وهل العهدة عليه) أي: على الشفيع الأخذ بجميع الحصة، وهو قول أشهب (1). (أو على المشتري)، وقد تؤولت المدونة على ذلك، والذي ذهب إليه عبد الحق: أن الجاري على مذهب ابن القاسم أن القادم لا يكتب عهدته إلا على المشتري، وحمل قول أشهب على الخلاف له. و (2) قال في المقدمات عن أشهب (3): إن شاء القادم كتب عهدته على المشتري أو على الشفيع، ثم قال: فقيل إن قوله خلافٌ لقول ابن القاسم، وأنه لا يكتب عهدته على (4) مذهب ابن القاسم، إلا على المشتري، قال (5): وليس ذلك بصحيح عندي، والصواب (6) أن قول أشهب تفسير له.

قوله: (ولو أقاله) يشير به إلى أن المشتري إذا تقايل هو والبائع في الشقص المشتري، فإن ذلك لا يسقط حق الشفيع. وهل يكتب عهدته على المشتري، أو على البائع؟ في ذلك أيضًا تأويلان، وهما قولان لمالك (7)، والذي قال به محمد، وابن حبيب: أن عهدته على المشتري. وقيل: إن شاء كتبها على المشتري، أو على البائع. وسواء عند أشهب كان المستقيل هو البائع، أو هو (8) المشتري. وقال مطرف وعبد الملك: إن رأى أن الإقالة كانت لقطع الشفعة فهي باطلة، وله الشفعة بعهدة الشراء، وإلا فهي (9) بيع حادث وله الشفعة بأي البيعتين شاء. وهذا إذا كانت الإقالة بمثل الثمن، فأما إن حصل في ذلك زيادة أو نقص؛ فله الشفعة بأي البيعتين شاء اتفاقًا، قاله عياض (10).

وأشار بقوله: (إلا أن يسلم قبلها) إلى أن الشفيع إذا سلم شفعته وترك أخذها (11)

(1) قوله: (وهو قول أشهب) زيادة من (ن) و (ن 3).

(2)

قوله: (و) ساقط من (ن).

(3)

قوله: (عن أشهب) ساقط من (ن 3).

(4)

قوله: (عهدته على) يقابله في (ن 3): (عهدته إلا على الشفيع وعلى).

(5)

قوله: (قال) ساقط من (ن).

(6)

قوله: (بصحيح عندي والصواب) يقابله في (ن): (عندي بالصواب).

(7)

انظر: المدونة: 4/ 223.

(8)

قوله: (هو) ساقط من (ن).

(9)

في (ن): (فهو).

(10)

انظر تفصيل هذه الأقوال في التوضيح: 6/ 599.

(11)

في (ن 5): (آخذها).

ص: 460

قبل الإقالة ثم تقايلا، فإن الشفيع إذا أخذ بعهدة الإقالة من البائع يكتب العهدة عليه، عياض: ولا خلاف فيه، أما لو سلم بعد الإقالة فلا شفعة له أصلًا (1).

قوله: (وقدم مشاركه في السهم) يريد: أن الشركاء إذا تعددوا في السهم (2) واختلفت الأسباب التي وقعت الشركة بينهم بها، بحيث تكون بعض تلك الأسباب أخص من بعض (3)، كما لو كانت دار بين رجلين، مات أحدهما وترك جدتين وأختين والزوجتين (4)، فباعت إحدى الجدتين نصيبها؛ فإن الشفعة في ذلك الجزء تكون للجدة الأخرى، ولا دخول لغيرها معها؛ إذ هي المشاركة لها في السهم من دون بقية الورثة، وكذا حكم الأخت فيما باعته أختها، أو الزوجة فيما باعته الأخرى (5)، وهذا هو المشهور، وقاله في المدونة، وروى أنه لا فرق بين الأخص وغيره، وأنهم يشتركون في ذلك، وحكاه ابن القصار عن مالك.

قوله: (وإن كأخت (6) لأب أخذت سدسًا (7)) يشير به (8) إلى ما وقع في المدونة وهو أن من مات وترك أختًا شقيقة وأختًا لأب، فأخذت التي للأب السدس تمام الثلثين، ثم باعت الشقيقة نصفها (9)، فإن التي للأب أحق بالشفعة من غيرها؛ لأنهما من أهل سهم واحد (10).

قوله: (ودخل على غيره) لما قدم (11) أن الأخص، وهو المشارك في السهم، أولى من غيره، وأنه إذا باع أحد الأخصين لا دخول للأعم على الأخص الآخر، بين هنا أن له

(1) انظر: التوضيح: 6/ 599.

(2)

قوله: (في السهم) زيادة من (ن 3).

(3)

قوله: (بعض .. من بعض) يقابله في (ن): (الأسباب بعضها أخص من بعض).

(4)

قوله: (وزوجتين) زيادة من (ن).

(5)

في (ن 3): (ضرتها).

(6)

في (ن 4): (كانت أخت)، وفي (ن 3):(كانت).

(7)

في (ن 5): (سدسها).

(8)

قوله: (به) ساقط من (ن).

(9)

في (ن 5): (نصيبها).

(10)

انظر: تهذيب المدونة: 2/ 637.

(11)

في (ن 3): (ذكر).

ص: 461

أيضًا مزية على الأعم، وهو أنه إذا باع أحد الأعمين لم يختص الأعم بالشفعة، بل يدخل معه الأخص فيتحاصان على قدر نصيبيهما، مثاله: أن تكون دار بين ثلاثة نفر، مات أحدهم وترك أختين وعمين، فقد علمت أن شركة الأختين أخص، فإذا باعت إحداهما اختصت الأخرى دون العمين، كما تقدم، ولو كان أحد العمين هو الذي باع، لم يختص العم الباقي، بل تدخل عليه الأختان، ولا دخول لشريكي الميت (1) في الوجهين إلا إذا أسقط الورثة حقهم من الشفعة، وكذا (2) لو أسقط الأخص حقه كان للأعم الأخذ في الوجهين.

وفي المدونة: إذا مات وترك ابنتين (3) وعصبة، فباع أحد العصبة؛ فالشفعة لبقية العصبة وللبنات (4)، وإليه أشار بقوله:(كذي سهم على وارث) أي: أن ذوي السهم يدخلون على الورثة العصبة)، (5)، وهو مذهب المدونة، واختيار ابن عبد الحكم وأصبغ. وقال أشهب: إن بقية العصبة أحق، كأهل سهم واحد. ابن عبد السلام: وهو الأقرب عندي (6).

قوله: (ووارث على موصى لهم) أي: وكذلك الوارث يدخل على الموصى لهم، فإذا أوصى بثلث دار (7) لرجلين، ومات وترك ورثة، فباع أحد الرجلين نصيبه؛ فإن الورثة يشتركون مع الرجل الباقي، فيأخذون بقدر نصيبهم، كأهل السهام مع الورثة، وهو قول ابن القاسم. وروى أشهب: أن الموصى له الباقي أحق من الورثة، وبه قال هو، وابن عبد الحكم (8)، وروى ابن المواز: أن الجزء الموصى به كالجزء الذي يجب لذوي السهام، فمنع أيضًا دخول الوارث (9)

(1) قوله: (لشريكي الميت) يقابله في (ن 3): (للشريك)، وفي (ن):(لشريك الميت).

(2)

في (ن): (كذلك).

(3)

في (ن 5): (أختين).

(4)

في (ن): (البنات)، وانظر: المدونة: 4/ 214.

(5)

قوله: (العصبة) زيادة من (ن) و (ن 4).

(6)

انظر تفصيل هذه الأقوال في التوضيح: 6/ 593.

(7)

قوله: (بثلث دار) يقابله في (ن 3): (رجل بنصيب من دار)، وفي (ن 4):(بدار).

(8)

قوله: (ابن عبد الحكم) يقابله في (ن 4): (ابن عبد الملك).

(9)

في (ن): (الورثة).

ص: 462

على أهل الوصايا (1)، كقول أشهب (2).

قوله: (ثم الوارث، ثم الأجنبي) يريد: أن المشارك في السهم، وهو الشريك الأخص، مقدم على غيره من الورثة، ثم الوارث مقدم على غيره (3) من الأجانب، وهو معنى ما ذكره، ويحتمل أن يكون مراده: أن الشريك الأخص مقدم (4) فإذا أسقط (5) حقه من شفعته قدم الوارث، فإن أسقط حقه فالأجنبي، وفي كلام ابن شاس وغيره ما يدل على كل واحد من الأمرين.

قوله: (وأخذ بأي بيع شاء) أشار بقوله هذا إلى ما في المدونة وهو قوله: ومن ابتاع شقصًا، ثم باعه وتداولته الأملاك، فللشفيع أخذه بأي صفقة شاء (6). وظاهره سواء كان الشفيع حاضرًا عالمًا، أم لا، وقيده اللخمي بغير الحاضر (7)، وأما الحاضر العالم (8) فإن شفعته تسقط من البيع الأول وتثبت في البيع الثاني، وكذلك إن كثرت البياعات، فإنما يكون له الأخذ بالأخير فقط (9).

قوله: (وعهدته عليه) أي: وعهدة الشفيع، وهي ضمان درك (10) الثمن والعيب والاستحقاق، على من أخذ الشقص من يده من مشتريين (11)، لأنه الذي تناول الثمن من الشفيع. وعن سحنون: أن الشفيع يكتب (12) عهدته على من شاء من بائع أو مبتاع (13).

(1) زاد هنا في (ن 4): (ومنع أيضا دخول الوصايا).

(2)

انظر تفصيل هذه الأقوال في التوضيح: 6/ 594.

(3)

قوله: (من الورثة، ثم الوارث مقدم على غيره) ساقط من (ن 3).

(4)

قوله: (مقدم) زيادة من (ن) و (ن 4).

(5)

في (ن 5): (سقط).

(6)

انظر: تهذيب المدونة: 4/ 137.

(7)

في (ن 4): (العالم).

(8)

قوله: (العالم) ساقط من (ن 3).

(9)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:3347.

(10)

في (ن 3): (ذلك).

(11)

قوله: (من مشتريين) زيادة من (ن)، وفي (ن 4):(من المشتريين).

(12)

قوله: (وعن سحنون: أن الشفيع يكتب) يقابله في (ن 3): (وعن أشهب: أن لا شفيع أن يكتب).

(13)

انظر: التوضيح: 6/ 598.

ص: 463

قوله: (ونقض ما بعده) أي: فإذا أخذ بأي بيع شاء، فإن ما بعده من البياعات ينتقض، ويثبت ما قبله، وقاله في المدونة.

قوله: (وله غلته) أي: وللمشتري غلة الشقص قبل الأخذ بالشفعة؛ لأن ضمانه حينئذ منه (1).

قوله: (وفي فسخ عقد كرائه تردد) يريد: أن المشتري إذا أكرى (2) الشقص قبل الأخذ (3)، ثم قام الشفيع فأخذه، فهل له أن يفسخ ذلك الكراء، أم لا؟ تردد الأشياخ فيه، فأفتى أبو بكر بن مغيث، والشارقي وابن رافع (4) رأسه (5) من فقهاء طليطلة بعدم الفسخ. وأفتى ابن عتاب، وابن مالك وابن القطان وفقهاء قرطبة بالفسخ. وقال أيضًا ابن عتاب: إن أكرى وهو يعلم بالشفيع لم يفسخ في الشهر ونحوه، وأما في المدة الطويلة فإنه يفسخ، إلا أن يكون المكتري قد زرع فحتى يحصد، وإن لم يعلم بالشفيع فلا يفسخ إلا في المدة الطويلة، وأما السنة ونحوها فلا.

قوله: (ولا يضمن نقصه (6)) أي: ولا يضمن المبتاع النقض الكائن (7) في الشقص (8).

قوله: (فإن هدم وبنى، فله قيمته قائمًا، وللشفيع النقض) أي: فإن هدم المبتاع الشقص وبناه ثم قام الشفيع، فإنه يغرم له قيمة بنائه قائمًا مع الثمن الذي دفعه للبائع (9)، وللشفيع قيمة النقض (10) يوم الشراء.

(1) قوله: (قوله: "وله غلته "

حينئذ منه) ساقط من (ن 3).

(2)

في (ن): (اكترى).

(3)

قوله: (قبل الأخذ) ساقط من (ن 3).

(4)

قوله: (والشارقي وابن رافع) يقابله في (ن 4): (والبرقي وابن نافع)، وفي (ن):(وابن الشقاق وابن رافع).

(5)

في (ن 4) و (ن 5): (راسمه).

(6)

في (ن): (نقضه).

(7)

في (ن): (الناشئ).

(8)

زاد بعده في (ن): (عنده).

(9)

في (ن 5): (البائع).

(10)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (النقص).

ص: 464

(المتن)

أَمَّا لِغَيْبَةِ شَفِيعِهِ فَقَاسَمَ وَكِيلُهُ، أَوْ قَاضٍ عَنْهُ، أَوْ ترك لِكَذِبٍ فِي الثَّمَنِ، أَوِ اسْتُحِقَّ نِصْفُهَا، وَحُطَّ مَا حُطَّ لِعَيْبٍ، أَوْ لِهِبَةٍ، إِنْ حُطَّ عَادَةً أَوْ أَشبَهَ الثَّمَنَ بَعْدَهُ. وَإِنِ اسْتُحِقَّ الثَّمَنُ، أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ بَعْدَهَا رَجَعَ الْبَائِعُ بِقِيمَةِ شِقْصِهِ، وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ مِثْلِيًّا إِلَّا النَّقْدَ، فَمِثْلُهُ، وَلَمْ يَنْتَقِضْ مَا بَيْنَ الشَّفِيعِ وَالْمُشْتَرِي، وَإِنْ وَقَعَ قَبْلَهَا بَطَلَتْ، وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي بِيَمِينٍ فِيمَا يُشْبِهُ، كَكَبِيرٍ يَرْغَبُ فِي مجاورته، وَإِلَّا فَلِلشَّفِيعِ، فَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا وَرُدَّ إِلَى الْوَسَطِ.

(الشرح)

قوله: (إما لغيبة شفيعه (1) فقاسم وكيله أو قاض عنه، أو ترك لكذب (2) في الثمن، أو استحق نصفها) هو جواب عن سؤال مقدر، وكأن قائلًا قال: كيف يتصور إحداث بناء في مشاع مع ثبوت الشفعة والحكم بقيمة البناء قائمًا، وذلك لأن الشريك إن كان حاضرًا فقد أسقط حقه من الشفعة، وإن كان غائبًا فالباني متعدٍّ فلا يكون له قيمة البناء قائمًا، فإن الحكم بوجوب الشفعة ينافي صحة (3) البناء قائمًا (4)؟

وقد أجاب عن ذلك بثلاثة أوجه (5):

الأول: أن يحمل ذلك على أن الشفيع كان غائبًا، وكانت الدار لشركاء، فسلم الحاضرون وطلبوا القسمة، فقاسم وكيله (6) أو القاضي عنه في غيبته، فهدم المشتري وبنى في غيبة الشفيع؛ فالباني غير متعد، والشفيع (7) باق على شفعته؛ إذ ليس للقاضي ولا للوكيل إسقاط شفعة الغائب، إذ لم يوكل على ذلك.

والثاني: أن يكون ترك شفعته لما أخبر بكثرة الثمن، فقاسم المشتري وبنى، ثم تبين أن المخبر قد كذب عليه في الثمن، فأخذ ذلك (8) بشفعته.

(1) زاد بعده في (ن): (وكيله).

(2)

في (ن 5): (لكذبه).

(3)

في (ن) و (ن 4): (قيمة).

(4)

قوله: (فالحكم بالشفعة ينافي قيمة البناء قائما؟ ) ساقط من (ن 3).

(5)

في (ن): (أجوبة).

(6)

في (ن 3): (وطلبه).

(7)

في (ن 3): (والغائب).

(8)

قوله: (ذلك) ساقط من (ن).

ص: 465

والثالث: أن يكون المبتاع قد اشترى (1) جميع الدار فهدم وبنى، ثم استحق رجل نصفها مشاعًا (2)، ثم أراد أن يأخذ النصف الآخر، وهذا الوجه الأول لابن المواز (3).

قوله: (وحط ما حط لعيب أو لهبة) يريد: أن المشتري إذا ابتاع الشقص، ثم اطلع فيه على عيب، فحط عنه البائع بعض الثمن لأجله، فإن الشفيع إذا أخذه بالشفعة؛ حط عنه من الثمن مقدار تلك الحطيطة، ولا خلاف في هذا، وإنما اختلف إذا حط البائع عن المشتري لا لأجل شيء، بل تبرع من عنده بذلك، أو وهبه له؛ فقال أشهب: يحط عن الشفيع. وقال ابن القاسم: (4) إنما يحط إذا كان مثله يحط عادة وإليه أشار بقوله: (إن حط عادة)، وقاله في المدونة، وفيها أيضًا: يحط إن أشبه، وإلا فلا؛ ولهذا قال:(أو أشبه الثمن).

قوله: (بعده) أي: بعد ما حط، وهذا كقوله في المدونة: ومن اشترى شقصًا بألف درهم (5))، ثم وضع عنه البائع تسعمائة درهم بعد أخذ الشفيع أو قبله، نظر (6) فإن أشبه أن يكون ثمن الشقص عند الناس مائة درهم (7) إذا تغابنوا بينهم أو اشتروا بغير غبن وضع ذلك عن الشفيع (8)، لأن ما أظهراه (9) من الثمن الأول إنما كان (10) لقطع الشفعة، وإن لم يشبه ثمنه أن يكون مائة لم يحط عن الشفيع شيئًا، وكانت الوضيعة هبة للمبتاع. ابن يونس: يريد: مثل أن يكون ثمن الشقص ثلاثمائة أو أربعمائة.

قوله: (وإن استحق الثمن (11)، أو رد بعيب بعدها؛ رجع البائع بقيمة شقصه) يريد:

(1) في (ن 3): (أخذ).

(2)

قوله: (مشاعًا) ساقط من (ن).

(3)

انظر: النوادر والزيادات: 11/ 140.

(4)

زاد بعده في (ن 4): (لا يحط).

(5)

قوله: (درهم) زيادة من (ن) و (ن 3).

(6)

قوله: (نظر) ساقط من (ن 3).

(7)

قوله: (بعد أخذ الشفيع

مائة درهم) ساقط من (ن 5).

(8)

انظر: المدونة: 4/ 221.

(9)

في (ن 3): (ظهر).

(10)

زاد بعده في (ن): (سببا).

(11)

قوله: (الثمن) ساقط من (ن 4).

ص: 466

أن من ابتاع شقصًا بعبد -مثلًا، أو بغيره من المقومات أو من المثليات، فأخذ الشفيع الشقص بقيمة المقوم أو بمثل المثلي، ثم استحق ذلك العبد (1) أو غيره، أو اطلع فيه البائع (2) على عيب فرده؛ فليس له على المبتاع إلا قيمة شقصه.

والضمير في قوله: (بعدها) راجع إلى الشفعة، وسيذكر ما (3) إذا كان الأخذ بالشفعة متأخرًا عن الاستحقاق، أو الاطلاع (4) على العيب.

وأشار بقوله: (ولو كان الثمن مثليًّا) إلأ أنه لا فرق بين أن يكون الثمن المستحق أو المردود بالعيب مقومًا أو مثليًا، وأن البائع يرجع على المبتاع بقيمة ما خرج من يده وهو الشقص، وإليه ذهب محمد وسحنون وغيرهما، وصوبه جماعة من (5) الأشياخ. وفي كتاب محمد: أنه يرجع بمثل المستحق أو المعيب المثلي. ولما كان قوله: (ولو كان الثمن مثليًّا) يوهم عموم ذلك في المثلي ولو كان نقدًا (6)، نبه على أن النقد له حكم يخصه (7)، وهو أن البائع لا يرجع إلا بمثله؛ لأن الدنانير والدراهم لا تتعين، وسواء كان هذا قبل الأخذ بالشفعة أو بعده؛ لوجوب (8) القضاء بالمثل (9)، وإليه أشار بقوله (إلا النقد فمثله)(10).

قوله: (ولم ينتقض ما بين الشفيع والمشترى) أي: هذا يدل على أن ما بين المشتري والبائع ينتقض وهو صحيح (11)، ولهذا رجع البائع في قيمة شقصه، إلا في النقود كما تقدم (12)، وعدم الانتقاض بين الشفيع والمشتري هو قول ابن القاسم، وعليه فلا يكون

(1) في (ن 3): (البائع).

(2)

قوله: (البائع) ساقط من (ن 5).

(3)

في (ن): (وسيذكرها).

(4)

في (ن 3): (الصلح).

(5)

قوله: (من) ساقط من (ن) و (ن 5).

(6)

في (ن): (عينا).

(7)

زاد هنا في (ن 3): (فقال: إلا أن النقد فمثله).

(8)

في (ن 4): (لوجب).

(9)

في (ن 3): (في المثلي النقدي).

(10)

قوله: (وإليه أشار بقوله إلا النقد فمثله) زيادة من (ن).

(11)

في (ن): (الصحيح).

(12)

قوله: (كما تقدم) ساقط من (ن 3).

ص: 467

للمشتري إلا قيمة الثمن المستحق (1) أو المردود بعيب، وبه قال أشهب وأصبغ واختاره ابن المواز. وقال ابن الماجشون وسحنون: ينتقض ما بين المشتري والشفيع، ويكون على الشفيع قيمة الشقص كما كان على المشتري، فيخير الشفيع بين أن يترك (2) أو يأخذ بقيمة الشقص، فإن كانت قيمته أكثر أخذها إن شاء، وإن كانت أقل رجع على المشتري بما بقي بعده (3).

قوله: (وإن وقع قبلها بطلت) أي: وإن وقع الاستحقاق أو العيب (4) قبل الأخذ بالشفعة (5) بطلت، لانتقاض البيع قبلها، وقاله في المدونة.

قوله: (وإن اختلفا في الثمن، فالقول للمشتري بيمين فيما يشبه) يريد: أن الشفيع إذا اختلف مع المبتاع في مقدار الثمن، فقال المبتاع: اشتريت (6) الشقص بكذا، و (7) قال الشفيع: بل بأقل من ذلك (8)، فإن المشتري يصدق فيما يشبه مع يمينه، قاله (9) في المدونة (10)، لأنه مدعى عليه، إلا أنه لم يذكر فيها يمينًا، وقال محمد: إن ادعى الشفيع أنه حضر المبايعة فعلم أن الثمن أقل مما ذكر المشتري حلف المشتري، وإن كان لا حقيقة عنده لم يلزم المشتري يمين (11)، وصوبه ابن يونس. وعلى هذا فينبغي أن يقيد قوله هنا:(بيمين)، بما إذا حقق الشفيع ذلك، وإلا فلا يمين عليه، ابن يونس عن ابن القاسم (12):

(1) قوله: (المستحق) ساقط من (ن 4).

(2)

قوله: (بين أن يترك) ساقط من (ن 3).

(3)

في (ن): (عنده)، وانظر تفصيل هذه الأقوال في التوضيح: 6/ 611.

(4)

في (ن): (الأخذ بالعيب).

(5)

قوله: (الأخذ بالشفعة) يقابله في (ن 3): (الشفعة).

(6)

قوله: (اشتريت) ساقط من (ن 5).

(7)

في (ن): (أو).

(8)

قوله: (من ذلك) يقابله في (ن 4): (مما قاله المبتاع).

(9)

في (ن): (قال).

(10)

انظر: المدونة: 4/ 221.

(11)

انظر: النوادر والزيادات: 11/ 197.

(12)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (القاسم).

ص: 468

وهذا إذا أتى -أي: المشتري- بما يشبه (1).

قوله: (ككبير يرغب في مجاورته) هذا بيان للوجه الذي يكون فيه المشتري مدعيًا للأشبه، ومعنى ذلك: أن المشتري إذا ادعى ما لا يكون ثمنًا فلا يصدق، وقال في المدونة: إلا أن يكون (2) مثل هؤلاء الملوك يرغب أحدهم في الدار الملتصقة بداره فيثمنها (3)، فالقول قوله إذا أتى بما يشبه (4) اللخمي: يريد: مما يمكن أن يزيده فيها (5).

وحكى ابن يونس وغيره عن أشهب: أن المشتري إذا أتى بما يشبه (6) أن يكون ثمنًا، فإنه يصدق (7) مع يمينه، إلا أن يكون ملك مجاورته أو سلطانًا (8)، فيصدق فيما يشبه بلا يمين، كما إذا أتى بما يشبه (9). فقوله هنا:(ككبير)، أي: كملك (10) أو سلطان أو قاض ونحوهم، (يرغب في مجاورته)، أي: في الشقص المجاور له فيزيد في ثمنه لرغبته فيه.

قوله: (وإلا فللشفيع) أي: وإن لم يأت المشتري بما يشبه، فإن القول قول الشفيع، يريد: إذا أتى بما يشبه، ويدل على هذا قوله:(فإن لم يشبها، حلفا ورد إلى الوسط) أي: فإن لم يأت الشفيع ولا المشتري بما يشبه، فإنهما يتحالفان جميعًا، ويرد الشقص إلى الوسط بما يشبه، فيأخذه به إن شاء أو يتركه، وقاله اللخمي، وصاحب البيان. قالا (11) وإن حلف أحدهما ونكل الآخر، فالشفعة بما حلف عليه الحالف منهما (12).

(1) انظر: النوادر والزيادات: 11/ 197.

(2)

زاد بعده في (ن 4): (المشتري).

(3)

في (ن) و (ن 4): (منه)، وفي (ن 5):(فيثمنه).

(4)

انظر: المدونة: 14/ 404.

(5)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:3335.

(6)

في (ن): (لا يشبه).

(7)

في (ن 4): (لا يصدق).

(8)

قوله: (مجاورته أو سلطانًا) يقابله في (ن): (مجاور له أتى أو سلطان).

(9)

قوله: (كما إذا أتى بما يشبه) ساقط من (ن 3). وانظر: النوادر والزيادات: 11/ 166.

(10)

في (ن): (كمالك).

(11)

في (ن 3): (والأولى).

(12)

انظر: التبصرة، للخمي، ص: 3335، والبيان والتحصيل: 12/ 63.

ص: 469

(المتن)

وَإِنْ نَكِلَ مُشْتَرٍ، فَفِي الأَخْذِ بِمَا ادَّعَى أَوْ أَدَّى قَوْلَانِ. وَإِنِ ابْتَاعَ أَرْضًا بِزَرْعِهَا الأَخْضَرِ فَاسْتُحِقَّ نِصْفُهَا فَقَطْ، وَاسْتَشْفَعَ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي نِصْفِ الزَّرْعِ لِبَقَائِهِ بِلَا أَرْضٍ، كَمُشْتَرِي قِطْعَةٍ مِنْ جِنَانٍ بِإِزَاءِ جِنَانِهِ لِيَتَوَصَّلَ لَهُ مِنْ جِنَانِ مُشْتَرِيهِ، ثُمَّ اسْتُحِقَّ جِنَانُ البائعِ، وَرَدَّ الْبَائِعُ نِصْفَ الثَّمَنِ وَلَهُ نِصْفُ الزَّرْعِ، وَخُيِّرَ الشَّفِيعُ أَوَّلًا بَيْنَ أَنْ يَشْفَعَ أوْ لَا فَيُخَيَّرُ الْمُبْتَاعُ فِي رَدِّ مَا بَقِيَ.

(الشرح)

قوله: (وإن نكل مشتر، ففي الأخذ بما ادعى، أو أدى قولان) أي: فإن توجهت اليمين على الشترى فنكل عنها، فاختلف هل لا (1) يأخذ ذلك الشفيع إلا (2) بما ادعى، أو بما أدى فيه؟ على قولين.

قوله: (وإن ابتاع أرضًا بزرعها الأخضر، فاستحق نصفها فقط واستشفع، بطل البيع في نصف الزرع لبقائه بلا أرض) يريد: أن من ابتاع أرضًا مزدرعة بما فيها من الزرع الأخضر، فاستحق رجل نصف تلك الأرض خاصة، أي: دون الزرع، وأخذ بالشفعة النصف الآخر، فإن البيع في نصف الزرع يبطل؛ لأن نصف الأرض لما استحق بطل فيه البيع، فبقى نصف الزرع منفردًا عن أرضه، وهو لا يجوز بيعه منفردًا عن أرضه، فحينئذ يبطل البيع في ذلك النصف -وإلى هذا التعليل أشار بقوله:(لبقائه بلا أرض)، وقاله في المدونة (3).

قوله: (كمشتري قطعة من جنان بإزاء جنانه ليتوصل له (4) من جنان مشتريه (5)، ثم استحق جنان البائع (6)) هذه المسألة تشارك التي قبلها في البطلان، وقد وقعت (7) للشيخ أبى محمد بن أبي زيد على ما ذكره عنه ابن العطار في وثائقه فأفتى بذلك، فقال

(1) قوله: (لا) ساقط من (ن 3).

(2)

قوله: (إلا) ساقط من (ن 3).

(3)

انظر: تهذيب المدونة: 4/ 150.

(4)

قوله: (ليتوصل له) يقابله في (ن): (يتوصل لها).

(5)

في (ن): (مشتريها).

(6)

في (ن) و (ن 4) و (ن 5): (المشتري).

(7)

في (ن): (وقع).

ص: 470

اشترى قطيعًا (1) من جنان رجل بإزاء جنانه، على أن يدخله (2) من جنانه ولا مدخل له من جنان البائع، ثم استحق جنان المشتري: إنَّ البيع ينفسخ في القطيع (3)، لأنه اشترى على الشرط المذكور، وحين لم يكن له (4)، من أين يصل إليه؟ ! . وبه أفتى ابن العطار، ووقع لعبد الحق خلاف هذا.

وانظر قوله هنا: (ثم استحق جنان البائع) فإنه سهو، وصوابه جنان المشتري؛ لأن المسألة وقعت هكذا على ما تقدم، وأما إذا استحق جنان البائع ومن جملته القطعة المبتاعة، فلا إشكال في نقض البيع فيها (5)، سواء اشتراها على الصورة التي ذكر أو غيرها.

قوله: (ورد البائع نصف الثمن وله نصف الزرع، وخير الشفيع أولًا بين أن يشفع أو لا، فيخير (6) المبتاع في رد ما بقى) هكذا وقع في المدونة ونصه: ويرد البائع نصف الثمن ويصير له نصف الزرع (7) وللمستحق نصف الأرض، ثم يبدأ (8) الشفيع بالخيار في نصف الأرض الباقي، فإن أحب أخذه بالشفعة ولم يكن له في نصف الزرع شفعة، وإن لم يستشفع خير المبتاع (9) بين رد ما بقى في يده من الصفقة وأخذ جميع الثمن؛ لأنه (10) استحق من صفقته ما له بال وعليه فيه الضرر، وبين أن يتماسك بنصف الأرض ونصف الزرع ويرجع بنصف الثمن (11).

(1) في (ن 3): (قطعة).

(2)

في (ن): (مدخله).

(3)

في (ن 3): (القطعة).

(4)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (وحين كان).

(5)

قوله: (في نقض البيع فيها) ساقط من (ن 3).

(6)

قوله: (فيخير) يقابله في (ن 3): (فإن أبى خير).

(7)

زاد بعده في (ن): (وخير الشفيع أولا بين أن يشفع).

(8)

في (ن): (بين أن).

(9)

في (ن 3): (البائع).

(10)

زاد بعده في (ن): (قد).

(11)

انظر: المدونة، دار صادر: 14/ 425.

ص: 471

وفي النوادر: يفسخ عن المبتاع نصف ثمن الزرع والأرض (1)، ويكون البائع شريكًا له في الزرع وحده والمستحق شريكا له في الأرض وحدها، ثم إن أخذ نصف الأرض بالشفعة انفسخ بقية الزرع ورجع الزرع (2) كله للبائع، ويرجع عليه المشتري بجميع الثمن إلا ما قابل ما أخذه الشفيع من الأرض خاصة، وعلى البائع الكراء في النصف المستحق من الأرض فقط. وقيل: تنفسخ الصفقة كلها؛ لأنها جمعت حلالًا وحراما؛ لبقاء نصف الزرع الآخر (3) بلا أرض (4).

* * *

(1) قوله: (والأرض) ساقط من (ن 3).

(2)

قوله: (الزرع) ساقط من (ن 5).

(3)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (لبقاء الزرع الأخضر).

(4)

انظر: النوادر والزيادات: 11/ 129 و 130.

ص: 472