المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب [في أحكام الجعل] - تحبير المختصر وهو الشرح الوسط لبهرام على مختصر خليل - جـ ٤

[بهرام الدميري]

الفصل: ‌باب [في أحكام الجعل]

‌باب [في أحكام الجعل]

(المتن)

بَابٌ صِحَّةُ الجُعْلِ بِالْتِزَامِ أَهْلِ الإِجَارَةِ جُعْلًا عُلِمَ، يَسْتَحِقُّهُ السَّامِعُ بِالتَّمَامِ كَكِرَاءِ السُّفُنِ، إِلَّا أنْ يَسْتَأْجِرَ عَلَى التمَامِ فَبِنِسْبَةِ الثانِي، وَإِنِ اسْتُحِقَّ وَلَوْ بِحُرِّيَّةٍ، بِخِلافِ مَوْتِهِ بِلا تَقْدِيرِ زَمَنٍ، إِلَّا بِشَرْطِ تَرْكٍ مَتَى شَاءَ، وَلا نَقْدٍ مُشْتَرَطٍ فِي كُلِّ مَا جَازَت فِيهِ الإِجَارَةُ، بِلا عَكْسٍ، وَلَوْ فِي الْكَثِيرِ، إِلَّا كَبَيْعِ سِلَعٍ كَثِيرَةٍ لا يَأْخُذُ شَيْئًا إِلَّا بِالْجَمِيعِ، وَفِي شَرْطِ مَنْفَعَة الْجَاعِلِ قَوْلانِ.

(الشرح)

قوله: (صِحَّة الجُعلِ بالتِزامِ أهل الإِجارةِ) يريد: أن من شرط (1) صحته أن يكون الملتزم له ممن تصح منه الإجارة، كان جاعلًا، أو مجعولًا له، إلا أنه لم ينص على شروط عاقد الإجارة، وإنما شبهه بعاقد البيع، فقال: صحة الإجارة بعاقد وأجر كالبيع، وعلى هذا كان الأليق أن يقول: صحة الجعل بعاقد كالبيع؛ إذ التشبيه بالأصل أولى منه بالفرع، ولعلَّه إنما شبهه (2) بالإجارة؛ تنبيها منه على أنها أصل للجعالة.

قوله: (جُعلًا) معمول لقوله (بالتزام).

قوله: (عُلِمَ) أي: يشترط في الجعل أن يكون معلومًا، فلا يصح بالمجهول؛ لأن الجعالة كالإجارة، والجعل كالأجرة (3).

قوله: (يستَحِقُّه السَّامِعُ (4) أي: سواء كان من شأنه طلب الأُبَّاق، أم لا، وهو قول ابن القاسم في العتبية، فإذا قال: من يأتيني بعبدي الآبق فله كذا، فجاء به من لم يسمعه لم يكن له شيء، إلا أن يكون شأنه طلب الأباق. وقال عبد الملك وأصبغ وغيرهما: يستحقه سواء سمعه أم لا، ورواه ابن حبيب عن مالك (5).

قوله (بالتَّمامِ) أي: يستحقه (6) بتمام العمل، ولعله (7) فيما لا يحصل للجاعل فيه نفع

(1) قوله: (شرط) ساقط من (ن 3).

(2)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (شبَّه).

(3)

قوله: (والجعل كالأجرة) ساقط من (ن) و (ن 5).

(4)

زاد بعده في (ن): (بالتمام).

(5)

انظر: النوادر والزيادات: 7/ 19 و 20، والبيان والتحصيل: 8/ 467.

(6)

زاد بعده في (ن): (السامع).

(7)

في (ن 3): (وأصله).

ص: 616

إلا بتمام العمل، وإلا فمتى حصل له ذلك ولو لم يتم العمل، فينبغي أن يكون له مقدار ما (1) انتفع به، كما سيذكره بقوله (2):(كَكِرَاء السُّفُنِ، إلا أن يَستأجِرَ على التَمامِ فبِنِسبَةِ الثَّاني) هو مثال لما يكون حكمه حكم الجعالة، أي: وكذلك ما أشبهه، كمشارطة الطبيب على البرء والمعلم لحفظ القرآن والحافر على استخراج الماء بتعريف شدة الأرض وبعد الماء والمغارسة كلها مترددة بين الجعل والإجارة (3)، وقوله:(إلا أن يستأجر على التمام)(4)، هو مستثنى مما فهم من قوله أنه: يستحقه (5) بالتمام، أي: فإن ترك العمل قبل تمامه فلا شيء له، إلا أن يستأجر ربه من يتم له ذلك العمل، يريد: أو يجاعل من يتم له العمل (6)؛ إذ لا فرق في هذا بين الجعل والإجارة، فيكون للأول نسبة ما أخذ الثاني، وقاله مالك في العتبية فإذا جاعله على إتيان خشبة (7) بعشرة، فجاء بها إلى نصف الطريق ثم ترك، فجاعل (8) غيره ثانيًا بعشرين؛ فإن الأول يكون له عشرون نسبة جعل الثاني (9)، وقال ابن يونس (10): ينبغي أن يعطى نصف جعله الأول وهو خمسة؛ لأن المغابنة جائزة في الجعل وغيره، ونحوه للتونسي (11)، ولابن القاسم قول: أن للأول قيمة عمله يوم عمل، ولابن كنانة يوم عمل الثاني كانت القيمة مثل الجعل أو أقل أو أكثر (12).

قوله: (وَإن استُحِقَّ ولو بِحُرِّيةٍ) يريد: أن المجعول له يستحق الجعل على الجاعل إذا

(1) في (ن 3): (بما).

(2)

في (ن) و (ن 4): (قوله).

(3)

قوله: (كمشاركة الطبيب

الجعل والإجارة) ساقط من (ن) و (ن 4).

(4)

قوله: (يستأجر على التمام) يقابله في (ن): (يستأجره إلى آخره).

(5)

في (ن): (يستحق).

(6)

قوله: (العمل) ساقط من (ن).

(7)

في (ن 4): (حاجة).

(8)

قوله: (ثم ترك، فجاعل) يقابله في (ن): (فترك ثم اكترى الجاعل).

(9)

انظر: النوادر والزيادات: 7/ 31، والبيان والتحصيل: 8/ 437.

(10)

في (ن): (ابن حبيب).

(11)

انظر: التوضيح: 7/ 247.

(12)

البيان والتحصيل: 8/ 437.

ص: 617

أتى بالعبد ولو استحق بحرية إذا لم يقبضه الجاعل؛ لأنه هو الذي أدخله في العمل، ولا إشكال في لزوم ذلك إذا استحق برق، ولا شيء على المستحق عند ابن القاسم، وقال محمد: يرجع عليه الجاعل بالأقل من ذلك، أو من جعل مثله (1). ابن رشد: وهذا إذا أخذ المستحق العبد، وأما إن أجاز البيع وأخذ الثمن؛ فالجعل (2) على الجاعل اتفاقًا (3).

واختلف إن استحق (4) بحرية، فقال ابن القاسم: له الجعل أيضًا على الجاعل، وقال أصبغ لا شيء له على الجاعل (5).

قوله: (بِخِلافِ مَوتِهِ) أي: فإن المجعول له لا يستحق على الجاعل شيئًا، يريد: إذا لم يوصله لربه؛ لأن العمل لم يتم له، كما لو هرب منه، وأما إن قبضه منه ثم مات، فإن له عليه جعله كاملًا.

قوله: (بِلا تقدِيرِ زَمَنٍ (6)، إلا بشرطِ تركٍ متى (7) شَاءَ) أي: فلا يجوز ضرب الأجل في الجعالة؛ لأن ذلك مما يزيد في غرر الجعل، وليس كالإجارة؛ إذ قد (8) ينقضي الأجل قبل تمام العمل، فيذهب عمله باطلًا، أو (9) يأخذ ما لا يستحقه (10)، إلا أن يشترط عليه أنه يترك عمله (11) متى شاء، قال في المدونة: ومن قال لرجل بع هذا الثوب في هذا اليوم ولك درهم، لم يصح (12)، إلا أن يشترط أنه يترك متى شاء (13)، قال: لأنه إن مضى اليوم

(1) انظر: النوادر والزيادات: 7/ 22.

(2)

قوله: (فالجعل) يقابله في (ن): (كان الجعل).

(3)

انظر: البيان والتحصيل: 8/ 515.

(4)

قوله: (إن استحق) يقابله في (ن 3): (إذا لم يستحق).

(5)

انظر: النوادر والزيادات: 7/ 22.

(6)

في (ن): (زمان).

(7)

قوله: (تركٍ متى) يقابله في (ن 4): (تركها متى)، وفي (ن 5):(ترك ما).

(8)

قوله: (قد) ساقط من (ن).

(9)

في (ن): (و).

(10)

قوله: (أو يأخذ ما لا يستحقه) ساقط من (ن 3).

(11)

قوله: (عمله) زيادة من (ن 3) و (ن 4) و (ن 5).

(12)

في (ن): (يصلح).

(13)

قوله: (قال في المدونة

يترك متى شاء) ساقط من (ن 3).

ص: 618

ولم يبع ذهب عمله باطلًا، وإن باعه (1) في نصفه أخذ الجعل كاملًا وسقط عنه بقية عمل (2) اليوم، فهذا خطر، والجعل لا يكون مؤجلًا، إلا أن يكون متى شاء أن يردَّه ردَّه (3)، يريد: لخفة الغرر.

قوله: (وَلا نَقدٍ مُشتَرطٍ) هو معطوف على قوله: بلا تقدير زمن (4)، واحترز بهذا مما إذا نقد من غير شرط، فإن ذلك جائز؛ إذ لا محذور فيه، بخلاف المشترط، إذ قد لا يتم العمل لعدم وجدان الآبق، أو هروبه بعد أن وجده وقبل وصوله، فيكون تارة جعلًا، وتارة سلفًا.

قوله: (في كُلِّ مَا جَازَت فِيهِ الإِجارةُ، بِلا عَكسٍ) هذا متعلق بقوله: صحة الجعل، والمعنى: أن الجعل يجوز في كل ما جازت فيه الإجارة، ولا ينعكس، أي: ليس كل ما جاز فيه الجعل تجوز فيه الإجارة، وقاله في المدونة (5). وجعل في المقدمات الأعمال (6) ثلاثة أقسام: قسم يصح فيه الجعل والإجارة، وقسم لا يصحان فيه -وقد ذكرنا أمثلتهما في الكبير-، ثم قال (7): وقسم تصح فيه الإجارة دون الجعل، كخياطة الثوب، وخدمة الشهر، وبيع السلع الكثيرة، والسلعة الواحدة التي تباع من جاعل ويعلم أن الثمن فيها (8) موجود، أو على أن تباع ببلد آخر، وما أشبه ذلك مما يبقى للجاعل فيه منفعة وإن لم يتم المجعول له العمل (9). فانظر هذا القسم مع الكلية التي ذكرها الشيخ.

قوله: (وَلَو في الكثِيرِ) يريد: أنه ليس من شرط الجعل أن يكون في القليل. ابن رشد: وإن كان عبد الوهاب وغيره قد قاله فليس بصحيح، والصحيح أنه جائز في

(1) في (ن): (باع).

(2)

زاد في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (بقية).

(3)

انظر: المدونة، دار صادر: 11/ 457.

(4)

في (ن): (زمان).

(5)

انظر: المدونة، دار صادر: 11/ 457.

(6)

زاد بعده في (ن): (على).

(7)

قوله: (ثم قال) ساقط من (ن 3).

(8)

في (ن): (فيه).

(9)

انظر: المقدمات الممهدات: 1/ 448.

ص: 619

القليل والكثير مما لا يحصل للجاعل (1) فيه منفعة إلا بتمام العمل (2).

وقد أجاز في المدونة الجعل على شراء القليل والكثير من السلع وغيرها، ومنع ذلك في بيع ما كثر دون ما قلّ (3)، وتأولها ابن يونس، وعياض، وجماعة من القرويين وغيرهم على أن عرف الجعل عندهم في البيع أنه لا يأخذ شيئًا حتى يبيع جميع (4) السلع (5)، وإليه أشار بقوله:(إِلا كبيعِ سِلعٍ لا يأخُذُ شيئًا إلا بالجميعِ). ابن يونس، وغيره: ولو كان على أن ما باع فله بحسابه، فإنه جائز، وتأولوا أيضًا إطلَاقه في الشراء، على معنى أن عرفهم فيه أنه مهما اشترى شيئًا أخذ بحسابه، ولو كان لا يأخذ شيئًا إلا بعد شراء الجميع لما جاز، فاختلاف الحكم إنما هو لاختلاف الغرض (6)، ولو اتَّحد الغرض (7) لاتَّحد الحكم.

قوله: (وَفي شرطِ مَنفَعَةِ الجاعِلِ (8): قولانِ) هو كقوله في المقدمات (9): واختلف هل من شروط صحته أن يكون للجاعل فيه منفعة، أو لا (10)؟ على قولين (11).

(المتن)

وَلِمَنْ لَمْ يَسْمَع جُعْلُ مِثْلِهِ إِنِ اعْتَادَة، كَحَلِفِهِمَا بَعْدَ تَخَالُفِهِمَا، وَلِرَبِّهِ تَرْكُهُ، وإِلَّا فَالنَّفَقَةُ، وَإِنْ أفْلَتَ فَجَاءَ بِهِ آخَرُ فَلِكُلٍّ نِسْبَتُة، وَإِنْ جَاءَ بِهِ ذُو دِرْهَمٍ وَذُو أَقَلَّ اشْتَرَكَا فِيهِ، وَلِكِلَيْهِمَا الْفَسْخُ. وَلَزِمَتِ الْجَاعِلَ بِالشُّرُوعِ، وَفِي الْفَاسِدِ جُعْلُ الْمِثْلِ، إِلَّا بِجُعْلٍ مُطْلَقًا فَأُجْرَتُهُ.

(الشرح)

(1) قوله: (للجاعل) ساقط من (ن 3).

(2)

انظر: البيان والتحصيل: 15/ 402، والمقدمات الممهدات: 1/ 447.

(3)

انظر: المدونة: 3/ 423. ونصه: والكثير من السلع لا يصلح فيه الجعل في قول مالك؟ قال: نعم لا يصلح فيه الجعل وتصلح فيه الإجارة عند مالك. قلت: والقليل من السلع تصلح فيه الإجارة والجعل جميعا في قول مالك؟ قال: نعم.

(4)

قوله: (جميع) ساقط من (ن 5).

(5)

انظر: التوضيح: 7/ 244 و 245.

(6)

في (ن) و (ن 3) و (ن 4): (الفرض).

(7)

في (ن) و (ن 3) و (ن 4): (الفرض).

(8)

في (ن 5): (الجعل).

(9)

في (ن 3): (المدونة).

(10)

قوله: (منفعة، أو لا) يقابله في (ن): (المنفعة أم لا).

(11)

انظر: المقدمات الممهدات: 1/ 446.

ص: 620

قوله: (ولمَن لم يسمَع جُعلُ مِثلِهِ، إنِ اعتادَهُ) أي: أن (1) من أتى بالآبق، ولم يسمع قول سيده: من أتى بعبدي فله كذا، فإنه يستحق جعل مثله، إن كان من عادته طلب الأُبَّاق، ومفهومه أنه لو لم يكن له بذلك عادة، فلا شيء له من الجعالة، وقد تقدم لابن الماجشون وغيره أنه يستحقه.

قوله: (كَحَلِفِهِما بعد تخالُفِهما) يعنى: وكذلك يكون له جعل مثله، إذا ادعى أنه علم بقول السيد: من جاءني بعبدي فله كذا، أو أنه سمع ذلك، وأنه لم يأت به إلا لطلب الجعل لا حِسبَةً، إلى غير ذلك (2)، ونازعه السيد في ذلك، وحلفا على ذلك.

قوله: (وَلربِّهِ تركُهُ) يريد: إذا أتى به قبل التزام ربه (3) الجعل؛ لأن قيمته قد تزيد على رقبته، فلو كلف دفع الجعل الزائد على قيمة (4) العبد (5)؛ لحصل له الضرر.

قوله: (وإلَّا فالنفَقَةُ) هذا راجع إلى قوله: إن اعتاده، والمعنى: أن من جاء بالآبق، ولم يسمع قول سيده، ولم يكن من عادته طلب الأُبَّاق؛ فإنه لا يستحق شيئًا من ذلك إن أتى به، إلا النفقة لا غير (6).

قوله: (وإن (7) أفلَتَ فجَاءَ بِهِ آخَرُ، فلِكُلٍّ نِسبَتهُ) أي: فإن أتى رجل بالآبق فأفلت منه، ثم أخذه غيره فأتى (8) به لسيده؛ فإن الجعل المسمى يكون بينهما على قدر سفر كل واحد منهما. وهذا إذا أفلت من الأول قريبًا من مكان سيده، قال مالك في العتبية: وأما إن أفلت بعيدًا، فالجعل للثاني فقط (9). اللخمي: وكذا إذا أفلت فلحق بالموضع الذي جاء به الأول منه أو بقربه، فلا شيء للأول (10).

(1) قوله: (أن) ساقط من (ن).

(2)

قوله: (أو أنه سمع

حِسبَةً، إلى غير ذلك) ساقط من (ن 3).

(3)

في (ن): (به).

(4)

في (ن 4): (رقبة).

(5)

قوله: (فلو كلف دفع الجعل الزائد على قيمة العبد) ساقط من (ن 3).

(6)

في (ن): (لا غيره).

(7)

في (ن): (فإن).

(8)

في (ن): (فجاء).

(9)

انظر: البيان والتحصيل: 15/ 369.

(10)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:5018.

ص: 621

قوله: (وإن جَاءَ بِهِ ذُو دِرهِمٍ، وَذُو أَقَلَّ، اشتَركَا فِيهِ) يريد: أن سيد الآبق إذا جعل لرجل درهمًا في مجيئه به، ولآخر (1) نصف درهم، فجاءَا به معًا؛ فإنهما يشتركان في الجعل، إلا أنه لم يبين هل تقع الشركة في الأكثر من الجعلين، أو الأقل (2)؟ ومذهب ابن القاسم في المدونة أنهما يشتركان في الأكثر (3)؛ لأن الجاعل قد رضي بذلك، فإذا كان كذلك اقتسما الدرهم على ثلاثة أثلاث، يأخذ صاحب الأكثر الثلثين. وذهب ابن نافع، وابن عبد الحكم: إلى أن لكل واحد منهما نصف جُعله، فيكون لهما هنا على الجاعل ثلاثة أرباع الدرهم، واختاره ابن المواز (4) واللخمي وغيرهما (5).

قوله: (وَلكلَيهِما الفَسخُ) هذا هو المشهور، وقيل: إنها لازمة لهما، كالإجارة، وقيل: تلزم الجاعل (6)، دون المجعول له.

قوله: (وَلَزِمَت الجاعِلَ بِالشُّروع) هذا مما لا أعلم فيه خلافًا.

قوله: (وَفي الفَاسِد: جُعل المِثلِ، إلا بِجُعلٍ مُطلَقًا؟ فَأُجرَتُهُ) ابن رشد (7): اختلف في حكم الجعل الفاسد، فقيل: يُرَدُّ إلى حكم نفسه، فيكون فيه جعل المثل إن تمَّ العمل، وإلا فلا شيء فيه، وقيل: يُردُّ إلى حكم الإجارة، فيكون فيه أجرة المثل، تم العمل أم لا، وقيل: يُردُّ إلى حكم نفسه في مسائل، وإلى حكم الإجارة في مسائل (8). ولم يبين ذلك، وقال في البيان: إن (9) قال له (10) إن وجدته فلك كذا، وإن لم تجده فلك نفقتك، فهذا

(1) قوله: (به، ولآخر) يقابله في (ن): (والآخر).

(2)

قلت: إن خليل قال: "اشتركا فيه" فإن الهاء إذا عادت على أقرب مذكور فهو الدرهم؛ إذًا فاختار خليل الأكثر، ويوضح أن خليل بَيَّن في كتابه التوضيح أنهما يشتركان في الأكثر، ولفظه:"وَيَشْتَرِكَانِ -هو القول الثاني- أي في أكثر الجعلين".

(3)

انظر: المدونة: 3/ 469.

(4)

انظر: النوادر والزيادات: 7/ 22.

(5)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:5016.

(6)

زاد بعده في (ن): (بالقول).

(7)

في (ن) و (ن 4) و (ن 5): (ابن شاس).

(8)

انظر: المقدمات الممهدات: 1/ 448.

(9)

قوله: (إن) ساقط من (ن).

(10)

قوله: (إن قال له) ساقط من (ن 5).

ص: 622

يرجع إلى أجرة مثله (1)؛ لأنه جعل له في الوجهين وليس بحقيقة الجعل، وإن لم يُسَمِّ شيئًا إلا في الإتيان به، ولا شيء له إن لم يأت به (2)، قال: وهو أظهر الأقوال، واختاره ابن حبيب وحكاه عن مالك ومطرف وعبد الملك -وهو الذي اقتصر عليه هنا- وفي المسألة قولان آخران (3): الأول في العتبية: إن وجده فله جعل مثله، وإلا فله أجرة مثله، والثاني في المدونة (4): في الذي يقول إن جئتني بعبدي فلك نصفه، قال: إن أتى به فله إجارة (5) مثله، وإلا فلا شيء له. ابن رشد: ولا وجه (6) لهما في القياس (7).

* * *

(1) زاد بعده في (ن 4): (أتى به أم لا).

(2)

زاد بعده في (ن): (وإن أتى به فإنه يرجع إلى جعل المثل).

(3)

قوله: (آخران) ساقط من (ن 3).

(4)

انظر: المدونة: 3/ 468.

(5)

في (ن): (أجرة).

(6)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (ولا حظَّ).

(7)

انظر: البيان والتحصيل: 8/ 428.

ص: 623