الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب [في أحكام الحجر]
(المتن)
بَابٌ الْمَجْنُونُ مَحْجُورٌ لِلإِفَاقَةِ، وَالصَّبِيُّ لِبُلُوغِهِ بِثَمَانَي عَشْرَةَ سنة، أَوِ الْحُلُمِ أَوِ الْحَيْضِ، والْحَمْلِ، أَوِ الإِنْبَاتِ، وَهَلْ إِلَّا فِي حَقِّ اللهِ تَعَالَى؟ تَرَدُّدٌ. وَصُدِّقَ إِنْ لَمْ يُرَبْ، وَلِلْوَلِيِّ رَدُّ تَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ، وَلَهُ إِنْ رَشَدَ، وَلَوْ حَنِثَ بَعْدَ بُلُوغِهِ، أَوْ وَقَعَ الْمَوْقِعَ، وَضَمِنَ مَا أَفْسَدَ إِنْ لَمْ يُؤمنْ عَلَيْهِ، وَصَحَّتْ وَصِيَّتُهُ، كَالسَّفِيهِ إِنْ لَمْ يُخَلِّطْ إِلَى حِفْظِ مَالِ ذِي الأَبِ بَعْدَهُ، وَفَكِّ وَصِيٍّ، أو مُقَدَّمٍ إِلَّا كَدِرْهَم لِعَيْشِهِ،
(الشرح)
(الْمَجْنُونُ مَحْجُورٌ لِلإِفَاقَةِ) يريد: أن المجنون محجور عليه إلى غاية وتلك الغاية هي إفاقته من جنونه، أي: وسواء كان بصرع أو وسواس.
قوله: (وَالصَّبِيُّ لِبُلُوغِهِ بِثَمَانَي عَشْرَةَ سنة) أي: والصبي أيضًا محجور عليه إلى بلوغه، فإذا بلغ انفك عنه الحجر إن كان رشيدًا والعلامات التي يستدل بها على البلوغ خمس: الأولى (1): السن، ويشترك فيه أيضًا الذكر والأنثى والمشهور أنه ثمان عشرة سنة (2) كما قال هنا، وقال ابن وهب (3): خمس عشرة سنة، والثانية: الحلم، وإليه أشار بقوله:(أَوِ الْحُلُمِ) ويشترك فيها أيضًا الذكر والأنثى، وأما الحيض والحمل وهما العلامة الثالثة والرابعة فيختصان بالأنثى، وإليهما (4) أشار بقوله:(أَوِ الْحَيْضِ والْحَمْلِ).
قوله: (أوَ الإِنْبَاتِ) هو العلامة الخامسة، وهو مشترك بين الذكر والأنثى أيضًا، والمشهور اعتباره، وعن مالك في كتاب القذف أنه ليس بعلامة (5) على البلوغ ونحوه لابن القاسم في كتاب القطع (6)، وجعل في المقدمات الخلاف فيما بينه، وبين الآدميين، وأما فيما بينه وبين الله تعالى من وجوب الصلاة ونحوها فلا خلاف أنه ليس بعلامة، وإليه أشار بقوله:(وَهَلْ إِلَّا فِي حَقِّ اللهِ تَعَالَى؟ تَرَدُّدٌ) ابن عبد السلام: وقد اضطرب
(1) في (ن): (الأول).
(2)
قوله: (سنة) ساقط من (ن).
(3)
قوله: (كما قال هنا، وقال ابن وهب) يقابله في (ن): (كما قال ابن وهب).
(4)
في (ن): (وإليه).
(5)
في (ن): (علامات).
(6)
انظر: المدونة: 4/ 547.
المذهب في كون الإنبات علامة اضطرابًا كثيرًا.
قوله: (وَصُدِّقَ إِنْ لَمْ يُرَبْ) ابن شاس: أما السن فبالعدد، وأما الاحتلام فيقبل إذا كان ممكنًا إلَّا أن يعارضه (1) ريبة، فان عارضه ريبة، (2) فلا يصدق، وسواء كان طالبًا كما لو ادعى أنه بلغ ليأخذ سهمه في الجهاد ونحوه أو مطلوبًا كما إذا زنا (3) وأنكر البلوغ ليسقط عنه الحد (4)، ابن شاس: وأما الإنبات، فقال ابن العربي: يكشف عنه ويستدبره الناظر ويستقبلان جميعًا المرآة وينظر الناظر (5) إليها فيرى الإنبات أو البياض (6) المسطح (7) انتهى، وأنكر هذا القول ابن القطان المتأخر المحدث، وقال: لا يجوز النظر إلى العورة ولا إلى صورتها وحكى عبد الوهاب عن بعض شيوخه أنه كان يقول بقول (8) ابن العربي في عيب المرأة (9) في النِّكَاح، وأنه يجلس حلف المرأة امرأتان كما تقدم.
قوله: (وَللْوَلِيِّ رَدٌّ تَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ) يريد: أن الصبي المميز إذا باع أو اشترى أو وهب أو تصدق (10) ونحو ذلك بغير إذن وليه، ثم علم به وليه (11)، فإن له رد ذلك جميعه، أي: وله إمضاؤه ونبه بالمميز على أن غيره أحرى بالرد، وسواء كان الولي أبًا أو غيره، وحكى ابن رشد في البيان في اليتيم يبيع بغير إذن وصيه أو الصغير (12) من عقاره
(1) في (ن): (تعارضه).
(2)
قوله: (فإن عارضه ريبة) ساقط من (ن).
(3)
في (ن 5): (جنى).
(4)
انظر: عقد الجواهر: 2/ 798.
(5)
قوله: (الناظر) ساقط من (ن).
(6)
زاد في (ن 5): (فيرى الإنبات).
(7)
قوله: (فيرى الإنبات أو البياض المسطح) يقابله في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (في الإنبات أو البياض المسطح).
(8)
قوله: (بقول) ساقط من (ن 5).
(9)
قوله: (المرأة) ساقط من (ن).
(10)
في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (وتصدق).
(11)
قوله: (وليه) زيادة من (ن 5).
(12)
قوله: (بغير إذن وصيه أو الصغير) يقابله في (ن): (بغير إذن وليه أو الصغير)، وزاد في (ن 5):(يبيع بإذن وليه).
وأصوله بوجه السداد في نفقته التي لا بد له منها، ولا شيء له غير المبيع أو هو أحق ما (1) يباع من أمواله ثلاثة أقوال: قول بأن البيع يرد مطلقًا (2)، ولا يتبع بشيء من الثمن وهو أضعف الأقوال، وقول بأنه يرد إن رأى (3) ذلك الوصي، وقول بأنه يمضي، قال: وأما إذا (4) باع باقل من القمِمة أو باع ما ليس أحق بالبيع فلا خلاف أن البيع (5) يرد.
قوله: (وَلَهُ إِنْ رَشَدَ) أي: فإن لَمْ يكن للصبي ولي أو كان ولم يعلم بتصرفه حتى خرج من الولاية، فإن النظر حينئذ في إجازة ذلك ورده يصير إليه.
قوله: (وَلَوْ حَنِثَ بَعْدَ بُلُوغِهِ) قال في المقدمات: ولا يلزمه بعد بلوغه ورشده عتق ما حلف بحريته وحنث به في حال صغره، واختلف فيما حلف به في حال صغره، وحنث به في حال كبره (6) ورشده فالمشهور أنه لا يلزمه، وقال ابن كنانة يلزمه (7).
قوله: (أَوْ (8) وَقَعَ الْمَوْقِعَ) أي: وإذا كان فعله سدادًا ونظرًا، فإن له أيضًا النظر فيه، فإن شاء رده أو أمضاه، وهو المشهور، وقيل: ليس له ذلك، قال في المقدمات: ويلزمه ما أفسد في ماله مما لَمْ يؤتمن (9) عليه (10)، وإليه أشار بقوله:(وَضَمِنَ مَا أفْسَدَ إِنْ لَمْ يُؤْمَنْ عَلَيْهِ) واختلف إن اؤتمن عليه هل يلزمه ذلك في ماله أم لا؟
قوله: (وَصَحَّت وَصِيتهُ، كَالسَّفِيهِ إِنْ لَمْ يُخَلِّطْ) يريد: أن الصبي تصح وصيته إذا (11) لَمْ يخلط فيها كما تصح وصية السفيه، فإن خلط فيها بطلت، نص عليه غير واحد
(1) في (ن 3): (بما)، وفي (ن):(مما).
(2)
قوله: (مطلقًا) يقابله في (ن): (على كلّ حال).
(3)
في (ن 3): (أراد).
(4)
في (ن): (لو).
(5)
في (ن 3): (المبيع).
(6)
قوله: (كبره) ساقط من (ن).
(7)
انظر: المقدمات الممهدات: 2/ 52.
(8)
في (ن 5): (إن).
(9)
في (ن): (يؤمن).
(10)
انظر: المقدمات الممهدات: 2/ 52.
(11)
في (ن): (إن).
من أصحابنا.
قوله: (إِلَى حِفْظِ مَالِ ذِي الأَبِ بَعْدَهُ، وَفَكِّ وَصِيٍّ، أَو مُقَدَّمٍ) يريد: أن البلوغ ليس كافيًا في فك الحجر عن الصبي بل لا بد أن ينضم إليه حسن التصرف وهو حفظ المال في حق من له الأب، قوله:(بَعْدَهُ) أي: بعد البلوغ، وأما من ليس له أب فحتى يفك ذلك عنه (1) الوصي، فإن لَمْ يكن له وصي فمقدم القاضي كالوصي، وقال ابن زرب: ليس للمقدم ذلك إلَّا بإذن القاضي؛ لأنه وكيل له إلَّا أن يكون معروفًا بالرشد. ابن رشد: والعمل اليوم على هذا القول وشهر المازري الأول، ولهذا اقتصر عليه هنا.
قوله: (إِلَّا كَدِرْهَمٍ لِعَيْشِهِ) أي: فإن الولي ليس له رد ذلك، وهذا مثل قوله في المدونة: ولا يجوز شراؤه إلَّا فيما لا بد له (2) من عيشه مثل الدرهم فيبتاع به لحما أو مثل بقل (3) أو خبز أو نحوه، ويشتري ذلك لعيشه (4) مما يدفع إليه من نفقته.
(المتن)
لَا طَلَاقِهِ وَاسْتِلْحَاقِ نَسَب وَنَفْيِهِ، وَعِتْقِ مُسْتَوْلَدَتِهِ، وَقِصَاصٍ وَنَفْيِهِ، وَإِقْرَارٍ بِعُقُوبَةٍ، وَتَصَرُّفُهُ قَبْلَ الْحَجرِ مَحْمُولٌ عَلَى الإِجَازَةِ عِنْدَ مَالِكٍ، لَا ابْنِ الْقَاسِمِ، وَعَلَيْهِمَا الْعَكْسُ فِي تَصَرُّفِهِ إِذَا رَشَدَ بَعْدَهُ، وَزِيدَ فِي الأُنْثَى دُخُولُ زَوجٍ بِهَا، وَشَهَادَةُ الْعُدُولِ عَلَى صَلاحَ حَالِهَا، وَلَوْ جَدَّدَ أَبُوهَا حَجْرًا عَلَى الأرْجَحِ، وَلِلأَبِ تَرْشِيدُهَا قَبْلَ دُخُولِهَا، كَالْوَصِيّ، وَلَوْ لَمْ يُعْلَمْ رُشْدُهَا، وَفِي مُقَدَّمِ الْقَاضِي خِلَافٌ. وَالْوَلِيُّ الأَبُ، وَلَهُ الْبَيْعُ مُطْلَقًا، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ سَبَبَهُ، ثُمَّ وَصِيُّهُ، وَإِنْ بَعُدَ وَهَلْ كَالأَبِ، أَوْ إِلَّا الرَّبْعَ فَبِبَيَانِ السَّبَبِ؟ خِلافٌ.
(الشرح)
قوله: (لا طَلاقِهِ واسْتِلْحَاقِ نَسَبٍ وَنَفْيِهِ، وَعِتْقِ مُسْتَوْلَدَتِهِ، وَقِصَاصٍ، وَنَفْيِهِ، وَإِقْرَارٍ بِعُقُوبَةٍ) أي: (فيلزمه (5) طلاقه (6)، وله (7) استلحاق
(1)(زاد في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (ذلك).
(2)
زاد في (ن): (منه).
(3)
قوله: (مثل بقل) يقابله في (ن 5): (بقلًا).
(4)
قوله: (ويشتري ذلك لعيشه) يقابله في (ن 5): (لنفسه).
(5)
في (ن) و (ن 4): (فلا يلزمه).
(6)
في (ن): (طلاق).
(7)
قوله: (له) ساقط من (ن 3)، وفي (ن):(ولا له).
نسبه (1) ونفيه (2)، يريد: بلعان أو دعوى نفي حمل الأمة، ويلزمه عتق أم ولده وإقراره بعقوبة (3) من حد وغيره، وليس له قصاص ولا عفو عنه، وهو مراده بنفيه وذلك لوليه.
قوله: (وَتَصَرُّفُهُ قَبْلَ الحَجْرِ مَحْمُولٌ عَلَى الإِجَازَةِ عِنْدَ مَالِكِ، لابْنِ الْقَاسِمِ) أي: فإن وقع منه التصرف قبل ضرب الحجر. عليه كان ذلك محمولًا على الإجازة عند مالك، وبه قال ابن كنانة وابن نافع وكبار أصحاب مالك، وصرح ابن رشد بمشهوريته، وقال ابن القاسم: أنه على الرد. ابن رشد: وهو المشهور من قوله.
المازري: وهو اختيار المحققين من أشياخي، وصحح هذا القول ابن الحاجب (4) وغيره.
قوله: (وَعَلَيْهِما الْعَكْسُ فِي تَصَرُّفِهِ إِذَا رَشَدَ بَعْدَهُ) أي: وعلى قول مالك وابن القاسم ينعكس الحكم في تصرف السفيه إذا رشد ولم يحكم القاضي بإطلاقه، فعلى قول مالك: لا يمضي لأنه محجور عليه، ولم يطلق، وعلى قول ابن القاسم يمضي لأن المعتبر عنده حال التصرف لا حال الحكم (5).
قوله: (وَزِيدَ فِي الأُنْثَى دُخولُ زَوْجٍ وَشَهادة الْعُدُول عَلَى صَلاحِ حَالِهَا) أي: وزيد في شرط انفكاك الحجر عن (6) الأنثى دخول الزوج بها، وشهادة العدول لها بصلاح الحال من حسن التصرف وسداد الأفعال وغير ذلك، وهذا هو المشهور نص عليس ابن رشد وعياض وغيرهما، وسواء طال مقامها مع الزوج قبل ذلك أو كان بإثر الدخول، وقاله في الموطأ والمدونة والواضحة، وقيل: لا بد من مضي سنة بعد الدخول وهو قول مطرف في الواضحة.
(1) في (ن): (نسب).
(2)
في (ن): (قوله: ونفيه).
(3)
قوله: (ويلزمه عتق أم ولده وإقراره بعقوبة) يقابله في (ن): (ولا يلزمه عتق أم ولده ولا إقراره بعقوبة).
(4)
انظر: الجامع بين الأمهات، لابن الحاجب، ص:581.
(5)
قوله: (لا حال الحكم) يقابله في (ن 4): (لا حكم عليه)، وفي (ن) و (ن 5):(لا حكم الحاكم).
(6)
في (ن): (بالنسبة إلى).
وقال ابن نافع: هي في ولاية أبيها حتى يمر عليها (1) عامان، وقيل: حتى يمر بها (2) سبعة أعوام، ونسب (3) لابن القاسم، قيل (4): وبه جرى العمل بقرطبة (5)، وقيل: هي في ولايته ما لَمْ تعنس أو يدخل بها زوجها أو يعرف من حالها الرشد.
وقال ابن أبي زمنين: الذي أدركت عليه الأشياخ أنَّها تخرج من ولايته بمضي ستة أعوام إلَّا أن يجدد (6) الأب عليها سفهًا قبل ذلك، وحكى المازري قولًا بأن الحجر ينقطع عنها بالبلوغ والرشد فقط، وروى ابن غانم وابن زياد عن مالك أنَّها تخرج من ولاية أبيها (7) بنفس البلوغ.
ابن رشد (8): كما في الذكر (9).
قوله: (وَلَوْ جَدَّدَ أَبُوهَا حَجْرًا عَلَى الأَرْجَحِ (10)) يريد: أنَّها تخرج من ولاية أبيها بما ذكر، ولو كان قد جدد عليها حجرًا (11) قبل ذلك، وقد اختلف هل للأب أن يجدد عليها الحجر بعد الدخول وهو ظاهر ما حكاه ابن أبي زمنين (12)، وإليه ذهب ابن زرب وابن العطار، أو ليس له ذلك إلَّا بإثبات سفهها، وإليه ذهب الأصيلي وابن القطان.
ابن رشد (13): وهو القياس على قول من حد لجواز أفعالها حدًا لأنه حملها ببلوغها إليه على الرشد، وأجاز (14) أفعالها، فلا يصدق الأب في إبطال هذا الحكم بما يدعيه من
(1) في (ن): (لها).
(2)
في (ن): (لها).
(3)
في (ن): (ونسبه).
(4)
قوله: (قيل) ساقط من (ن 5).
(5)
في (ن): (عمل أهل قرطبة).
(6)
في (ن 4): (يجد ذلك).
(7)
قوله: (أبيها) ساقط من (ن).
(8)
قوله: (ابن رشد) زيادة من (ن 5).
(9)
انظر: المقدمات الممهدات: 2/ 56.
(10)
في (ن 5): (الأصح).
(11)
في (ن): (الحجر).
(12)
قوله: (بعد الدخول وهو ظاهر ما حكاه ابن أبي زمنين) زيادة من (ن 5).
(13)
في (ن): (وابن رشد).
(14)
في (ن): (وإجازة).
سفهها إلَّا أن تعلم صحة قوله، وإليه أشار بقوله:(على الأرجح).
قوله: (وَللأَبِ تَرْشِيدُهَا قَبْلَ دخولها (1) كَالْوَصِيٍّ، وَلَوْ لَمْ يُعْلَمْ رُشْدُهَا، وَفِي مُقَدَّمِ الْقَاضِي خِلافٌ) يريد: أن الأب يجوز له أن يرشد ابنته قبل أن يدخل الزوج بها، أي: إذا كانت بالغًا، أي: وكذلك يجوز للوصي ترشيدها، وسواء عرف رشدها أم لا، واختلف في مقدم القاضي هل له ذلك كالأب والوصي أم لا؟ على قولين، وهو واضح من كلامه.
قوله: (وَالْوَلِيُّ الأَبُ) يريد: أن الناظر للصبي والسفيه؟ الأب أو من يقوم مقامه، مما سيذكره بعد هذا، فلا ولاية لجد ولا لجدة (2) ولا لحم ولا أم ونحوهم إلَّا بإيصاء من أب ونحوه.
قوله: (وَلَهُ الْبَيْعُ مُطْلَقًا) أي: وللأب أن يبيع متاع ولده ولو على غير وجه من الوجوه المشترطة (3) في بيع الوصي على ما سنذكره بعد هذا، وفعله في ربع ولده كفعله في غير ذلك من ماله وهو في ذلك (4) كله محمول على الصلاح والسداد، وهو ظاهر المذهب، أبو عمران: وكلما سئل عن الأب في الكتاب أطلق القول بجواز بيعه إلَّا أن يتبين أنه على غير وجه النظر.
قوله: (وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ سَبَبَهُ) لأنه إذا كان محمولًا (5) على وجه النظر فلا يحتاج إلى ذكر السبب الذي يقع ذلك لأجله.
قوله: (ثُمَّ وَصِيُّهُ، وَإِنْ بَعُدَ) أي: فإن لَمْ يكن للمحجور أب ينظر في حاله (6)، فوصي الأب يقوم مقامه، وكذلك وصي الوصي وإن بعد. واختلف هل أفعال الوصي محمولة على النظر والسداد حتى يثبت خلافه، وإليه ذهب جماعة من الأندلسيين وغيرهم، أو فعلهم (7) في الرباع محمول على غير النظر
(1) في (ن 4): ) بلوغها).
(2)
قوله: (ولا لجدة) ساقط من (ن 3).
(3)
في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (المشتركة).
(4)
قوله: (في ذلك) زيادة من (ن 5).
(5)
قوله: (محمولًا) يقابله في (ن): (في بيعه له)، وقوله:(محمولًا) ساقط من (ن 3).
(6)
في (ن 3): (ماله).
(7)
في (ن): (أو فعله).
حتى يتبين غيره (1)، وإليه ذهب أبو عمران وغيره من القرويين، قال: وهو معنى قوله في الموازية ابن القاسم، الموثق، ومن تمام العقد أن يتضمن معرفة الشهود للسداد في البيع وأنه أولى ما بيع عليه إن كان له سواه، وإن سقط هذا من العقد كان فعل الوصي محمولًا على غير السداد حتى يتبين خلافه، هذا هو المشهور، وقيل: لا يجوز بيع الوصي حتى يتبين الوجه الذي له وجب البيع، وإلَّا هذين القولين أشار بقوله:(وَهَلْ كَالأَبِ، أَوْ إِلَّا الرَّبْعَ فَبِبَيَانِ السَّبَبِ؟ خِلافٌ) ونص في الطراز (2) على أن بيعه جائز، وإن لَمْ يعرف ذلك إلَّا من قوله وعن ابن المواز: إذا باع عقار يتيمه مضي، وجاز ما لَمْ يكن فيه غبن مما (3) يتغابن الناس فيه، وإن لَمْ (4) يكن فيه وجه من الوجوه المذكورة، فإذا باع نفذ بيعه وهو قول الشيوخ قديمًا، وبه العمل، وقال ابن عبد الغفور: هو خلاف ما تدل عليه أقاويلهم.
(المتن)
وَلَيْسَ لَهُ هِبَةٌ الثَّوَابِ، ثُمَّ حَاكِمٌ، وَبَاعَ بِثُبُوتِ يُتْمِهِ، وَإِهْمَالِهِ، وَمِلْكِهِ لِمَا بِيعَ، وَأَنَّهُ الأَوْلَى، وَحِيَازَةِ الشُّهُودِ لَهُ، وَالتَّسَوُّقِ، وَعَدَمِ إلْفَاءِ زَائِدٍ، وَالسَّدَادِ فِي الثَّمَنِ، وَفِي تَصْرِيحِهِ بِأَسْمَاءِ الشُّهُودِ قَوْلَانِ. لَا حَاضِنٍ، كَجَدٍّ. وَعُمِلَ بِإِمْضَاءِ الْيَسِيرِ، وَفِي حَدِّهِ تَرَدُدٌ.
(الشرح)
قوله: (وَلَيْسَ لَهُ هِبَةُ الثَّوَابِ) أي: وليس للوصي أن يهب شيئًا من مال محجوره للثواب بخلاف الأب، ونص عليه غيره من الأشياخ.
قوله: (ثُمَّ حَاكِمٌ) أي: فإن لَمْ يكن له أب، ولا وصي فالحاكم حينئذ هو الناظر في أحواله أو يقيم من ينظر له في ذلك.
قوله: (وَبَاعَ بِثُبُوتِ يُتْمِهِ (5)، وَإِهْمَالِهِ وَمِلْكِهِ لِمَا بِيعَ وَأنّه الأَوَلَى، وَحِيَازَةَ الشُّهُودِ لَهُ، وَالتَّسَوُّقِ، وَعَدَمِ إِلْفاءِ زَائِدٍ، وَالسَّدَادِ فِي الثَّمَنِ وَفي تَصْرِيحِهِ بِأَسْمَاءِ الشُّهُودِ قَوْلانِ) هكذا
(1) في (ن): (يثبت خلافه).
(2)
في (ن 4): (الطرز).
(3)
في (ن 5): (لا).
(4)
قوله: (لم) ساقط من (ن 3).
(5)
في (ن 3): (يتيمه).
نص عليه ابن راشد فقال: وبيع القاضي (1) على اليتيم إذا ثبت عنده يتمه وإهماله وملكه لما بيع عليه، وأنه لا شيء عنده يباع غير ذلك، وأنه أولى ما يباع عليس وحيازة الشهود على من (2) شهد عنده بملكيته، وقبول من يقدمه للبيع لما كلفه من ذلك وتسويق المقدم للمبيع (3)، وأنه لَمْ يلف ذلك (4) على ما أعطى زائدًا والسداد في الثمن، واختلف هل يلزمه أن (5) يصرح بأسماء الشهود الذين ثبت عنده بهم ما أوجب البيع أَوْ لا؟ قولان.
قوله: (لا حَاضِنٍ كَجَدٍّ) يريد: أو عم أو أخ ونحوه، فإنه لا يجوز له أن يبيع على محضونه مطلقًا، وقاله مالك في المدونة، وقيل: يجوز له ذلك مطلقًا، وقيل: يجوز له ما يجوز للوصي إذا أحسن النظر ولم يتهم، وقال ابن الهندي: إنما يجوز في بلد لا سلطان فيه، وأما ما فيه السلطان فلا يجوز، وفي العتبية: وبه قال أصبغ وجرى به العمل أن ذلك يجوز في القليل دون الكثير، وإليه أشار بقوله:(وَعُمِلَ بِإِمْضَاءِ الْيَسِيرِ (6) إلَّا أن ظاهر ما قال أن ذلك لا يجوز ابتداءً، وفيه نظر على ما تقدم، واختلف في حد اليسير، وقال ابن زرب: ثلاثون دينارًا، وقال ابن العطار: عشرون دينارًا ونحوها، وقال ابن الهندي: عشرة ونحوها، وإليه أشار بقوله:(وَفِي حَدِّهِ ترَدُّدٌ).
(المتن)
وَلِلْوَلِيِّ تَرْكُ التَّشَفُّعِ وَالْقِصَاصِ فَيَسْقُطَانِ، وَلَا يَعْفُوَ وَمَضَى عِتْقُهُ بِعِوَضٍ، كَأَبِيهِ إِنْ أَيْسَرَ، وَإنَّمَا يَحْكُمُ فِي الرُّشْدِ وَضِدِّهِ، وَالْوَصِيَّةِ، وَالْحُبُسِ الْمُعَقَّب، وَأَمْرِ الْغَائِبِ، وَالنَّسَب، وَالْوَلاءِ، وَحَدٍّ، وَقِصَاصٍ، وَمَالِ يَتِيمٍ: الْقُضَاةُ. وَإِنَّمَا يُبَاعُ عَقَارُهُ لِحَاجَةٍ، أَوْ غِبْطَةٍ، أَوْ لِكَوْنِهِ مُوَظَّفًا، أَوْ حِصَّةً، أَوْ قلَّة غَلَّتِهُ فَيُسْتَبْدَلُ خِلَافُهُ، أَوْ بَيْنَ ذِمِّيِّينِ، أَوْ جِيرَانِ سُوءٍ، أَوْ لإِرَادَةِ شَرِيكِهِ بَيْعًا وَلَا مَالَ لَهُ، أَوْ لِخَشْيَةِ انْتِقَالِ الْعِمَارَةِ، أَوِ الْخَرَابِ وَلَا مَالَ لَهُ، أَوْ لَهُ وَالْبَيْعُ أَوْلَى، وَحُجِرَ عَلَى الرَّقِيقِ إِلَّا بِإِذْنٍ وَلَوْ فِي نَوْعٍ بكَوَكِيلٍ مُفَوَّضٍ،
(الشرح)
(1) في (ن 3): (الوصي).
(2)
قوله: (على من) يقابله في (ن 5): (لما).
(3)
في (ن 3) و (ن 4): (البيع).
(4)
قوله: (ذلك) زيادة من (ن 3).
(5)
قوله: (يلزمه أن) زيادة من (ن 5).
(6)
قوله: (وَعُمِلَ بِإِمْضَاءِ الْيَسِيرِ) يقابله في (ن 5): (وبه عمل: أي بإمضاء اليسير).
قوله: (وَللْوَلِيِّ تَرْكُ التَّشَفُّعِ وَالْقِصَاصِ فَيَسْقُطَانِ) يريد بالولي الأب وغيره، وإنما كان له ترك التشفع لمحجوره لأنه شراء له، وقد يكون عدم الأخذ بالشفعة أحظى له وليس للمولى عليه (1) أن يأخذ ذلك إذا رشد إلَّا إذا كان الأخذ هو المصلحة، وترك ذلك الولي، فإن له أن يأخذ إذا رشد، ولما كان كلامه محمولًا على ترك الأخذ هو المصلحة للمحجور قال:(فيسقطان وكذلك النظر في القصاص، فإن كان فقيرًا محتاجًا للإنفاق عليه فترك القصاص وأخذ الدية هو الأحسن، فيسقط القصاص كما قال، وقد يكون القصاص أولى كما إذا كان الصبي غنيًا غير محتاج، قال في المدونة: وليس للأب أن يعفو إلَّا أن يعوضه من ماله (2)، ولهذا كان قوله:(وَلا يَعْفُو) مقيدًا بما إذا لَمْ (3) يدفع ذلك من ماله أما إذا عفا وعوضه من ماله فلا بأس به.
قوله: (ولا يعفو)(4) أي: في دم عمد ولا خطأ.
قوله: (وَمَضَى عِتْقُهُ بِعِوَضٍ) أي: فإن أعتق الولي عبدًا من رقيق محجوره على عوض من مال الولي أو غيره مضى ذلك، واحترز (5) مما إذا كان بغير عوض، فإن ذلك يود بكونه إتلافًا لمال المحجور عليه إلَّا أن يكون الولي (6) موسرًا فيجوز ذلك، ويغرم قيمته من ماله، قاله في كتاب الشفعة من المدونة.
قوله: (كَأَبِيهِ إِنْ أيْسَرَ) أي: ولا فرق بين الأب (7) وغيره من الأولياء ومن أيسر جاز فعله وإلا فلا يجوز (8).
قوله: (وَإِنَّمَا يَحْكُمُ فِي الرُّشْدِ وَضِدِّهِ، وَالْوَصِيَّةِ وَالْحُبُسِ الْمُعقَّبِ، وَأَمْرِ الْغَائِبِ، وَالنَّسَبِ، وَالْوَلاءِ وَحَدٍّ، وَقِصَاصٍ، وَمَالِ يَتِيمٍ الْقُضَاةُ) قال في المدونة: ولا يتولى
(1) قوله: (للمولى عليه) يقابله في (ن 3): (للمحجور).
(2)
انظر: المدونة: 4/ 663.
(3)
في (ن 5): (كان).
(4)
قوله: (مقيدًا بما إذا لَمْ يدفع
…
قوله: ولا يعفو) ساقط من (ن 4).
(5)
زاد بعده في (ن 4): (بذلك).
(6)
قوله: (الولي) زيادة من (ن 5).
(7)
قوله: (ولا فرق بين الأب) ساقط من (ن 3).
(8)
قوله: (ولا فرق بين الأب وغيره من الأولياء ومن أيسر جاز فعله وإلا فلا يجوز) يقابله في (ن 3): (وغيره من الأولياء)، وفي (ن 4):(إذا أعتق عن نفسه أو غيره من الأولياء).
الحجر إلَّا القاضي، قيل له: فصاحب الشرطة. قال: القاضي أحبّ إليّ. عياض: (1) وأحب هنا عندنا (2) على الوجوب، وقال شيوخنا: إن الحجر مما يختص به القضاة دون سائر الحكام، وذكر ابن سهل أن ثمانية أشياء لا يحكم فيها إلَّا القضاة: الرشد والسفه، وهو المراد بضد الرشد، قال: والنظر في الوصايا والأحباس المعقبة والنظر في أمر الغائب والأنساب، وفي الولاء وفي مال اليتيم، وزاد أبو محمد صالح: والنظر في الحدود والقصاص فهي عشرة أشياء لا يحكم فيها إلَّا القضاة كما قال.
قوله: (وَإِنَّمَا يُبَاعُ عَقَارُهُ لِحَاجَةٍ، أَوْ غِبْطَةٍ أَوْ لِكَوْنِهِ مُوَظَّفًا، أَوْ حِصَّةً، أَوْ قلَّة غَلَّته فَيُسْتَبْدَلُ خِلافُهُ، أَوْ بَيْنَ ذِمِّيِّيْنَ، أَوْ جِيرَان سُوءٍ، أَوْ لإِرَادَةِ شَرِيكِهِ بَيْعًا وَلا مَالَ لَهُ، أَوْ لِخَشْيَةِ انْتِقَالِ الْعِمَارَةِ، أَوِ الْخَرَابِ وَلا مَالَ لَهُ، أَوْ لَهُ وَالْبَيْعُ أَوْلَى) ذكر رحمه الله أن المواضع التي يجوز فيها بيع عقار اليتيم عشرة: الأول: أن يكون محتاجًا للإنفاق عليه أو لغيره (3) أو يكون في بيعه غِبْطة بأن يزيد في ثمنه زيادة لها قدر وبال، وقد أجازه في المدونة والعتبية إذا بذل فيها أضعاف ثمنها أو يكون ملكه موظفًا أي يلزمه مغرم ومظلمة (4) فيستبدل به ملكًا حرًّا (5) لا توظيف عليه أو يكون ملكه حصة فيستبدل به ملكًا تامًا ويسلم من ضرر الشركة أو يكون ملكه بين أهل الذِّمة فيشتري بثمنه ملكًا بين المسلمين أو يكون بين جيران سوء فيشتري بثمنه ملكًا بين الأخيار، حكاه في الطراز (6) عن ابن المواز، أو يريد شريكه البيع وهو أي: اليتيم لا مال له يشتري به حصة شريكه، والملك لا يقبل القسمة أو يخشى انتقال العمارة من موضعه، ذكره في الجواهر، هو وما بعده وهو أن يخشى عليه الخراب لسقوطه، ولا مال له ينفق عليه منه ليعمره أو له إلَّا أن البيع أولي، وزاد في الطراز (7) موضعًا آخر وهو أن يتقى عليه من السلطان أو غيره.
(1) انظر: الذخيرة: 8/ 247.
(2)
قوله: (عندنا) زيادة من (ن 3).
(3)
قوله: (أو لغيره) ساقط من (ن 5).
(4)
قوله: (يلزمه مغرم ومظلمة) يقابله في (ن 4): (أرضه محررة)، وفي (ن 3):(أرضه محتكرة).
(5)
قوله: (حرًّا) زيادة من (ن 5).
(6)
في (ن 4): (الطرز).
(7)
في (ن 4): (الطرز).
قوله: (وَحُجِرَ عَلَى الرَّقِيقِ إِلَّا بِإِذْنٍ، وَلَوْ فِي نَوْعٍ) أي: إنما يحجر على الرقيق سيده (1) سواء كان حافظًا أو مضيعًا لأن له حقًّا في ماله إذ له انتزاعه، وفي المدونة: ولا يجوز للعبد المحجور عليه في ماله بيع ولا إجارة، ولا أن يؤاجر عبدًا له (2) إلَّا بإذن سيده في ذلك كله (3)، وإليه أشار بقوله:(إِلَّا بإِذْنٍ) ولا خلاف أنه إذا أذن له في التجارة من غير تقييد بنوع أن حكمه حكم الوكيل المفوض، وأما إن خصه بنوع فهو كذلك على المشهور، وقاله في المدونة، ولهذا قال:(بكَوَكِيلٍ (4) مُفَوَّضٍ) وقال سحنون: إذا حجر عليه في التجارة بالدين فلا يتجر به.
(المتن)
وَلَهُ أَنْ يَضَعَ وَيُؤَخِّرَ وَيُضَيِّفَ إِنِ اسْتَألَفَ، وَيَأْخُذَ قِرَاضًا، وَيَدْفَعَهُ، وَيَتَصَرَّفَ فِي كَهِبَةٍ، وَأُقِيمَ مِنْهَا عَدَمُ مَنْعِهِ مِنْهَا وَلِغَيْرِ مَنْ أُذِنَ لَهُ الْقَبُولُ بِلَا إِذْنٍ، وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ كَالْحرِّ، وَأُخِذَ مِمَّا بِيَدِهِ وَإِنْ مُسْتَوْلَدَتهُ، كَعَطِيَّتِهِ، وَهَلْ إِنْ مُنِحَ لِلدَّيْنِ أَوْ مُطْلَقًا؟ تَأوِيلَانِ. لَا غَلَّتِهِ، وَرَقَبَتِهِ. وَإِنْ لَمْ يَكنْ غَرِيمٌ، فَكَغَيْرِهِ، وَلَا يُمَكَّنُ ذِمِّيٌّ مِنْ تَجْرٍ فِي كَخَمْرٍ إِنِ اتَّجَرَ لِسَيِّدِهِ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ،
(الشرح)
قوله: (وَلَهُ أَنْ يَضَعَ وَيؤَخِّرَ وَيُضَيِّفَ إِنِ اسْتَأْلَفَ) يريد: أن المأذون له في التجارة يجوز له أن يضع من دينه عن غريمه وأن يؤخره أو يصنع طعامًا يُضيّف به الناس بشْرط أن يكون استئلافًا للتجارة، ومنع سحنون التأخير بالثمن لأنه إن كان عن غير فائدة فواضح، وإلا فهو سلف جر نفعًا.
قوله: (وَيَأْخُذَ قِرَاضًا، وَيَدْفَعَهُ) أي: وكذا يجوز له أن يأخذ قراضًا من الغير ليعمل له فيه ويدفع مثل ذلك للغير ليعمل له فيه، وقاله في المدونة وغيرها لأنه من باب التجارة إذ فيه تنمية المال، ومنع أشهب وسحنون الوجهين معًا لأنه في الأخذ من باب الإجارة (5)، وليس من باب التجارة (6) وفي الدفع من باب إيداع المال ولم يؤذن له في
(1) قوله: (سيده) ساقط من (ن 5).
(2)
قوله: (له) ساقط من (ن 5).
(3)
انظر: تهذيب المدونة: 4/ 11.
(4)
في (ن 4): (فكوكيل).
(5)
في (ن 5): (التجارة).
(6)
قوله: (وليس من باب التجارة) زيادة من (ن 5).
ذلك، والمساقاة كالقراض.
قوله: (وَيَتَصَرَّفَ فِي كَهِبَةٍ) يعني: وللمأذون له أن يتصرف في الهبة ونحوها كالوصية والصدقة والعطايا التي تدفع له، وله أن يقبل ذلك بغير إذن السيد.
قوله: (وَأُقِيمَ مِنْهَا عَدَمُ مَنْعِهِ (1) مِنْهَا) أي: وأقيم من المدونة عدم منع المأذون له من الهبة.
قوله: (وَلِغَيْرِ مَنْ أُذِنَ لَهُ الْقَبُولُ بِلا إِذْنٍ) يريد: أن لغير المأذون له أن يقبل الهبة ونحوها بغير إذن سيده، يريد: وليس له فيها تصرف لأنَّها تصير مالًا من أمواله التي يحجر عليه فيها السيد إلَّا أن يكون الواهب قد شرط إلا حجر عليه فيه فينبغي أن يمضي ذلك على ما شرط.
قوله: (وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ كَالْحُرِّ) يريد: أن الحجر على الرقيق عند قيام غرمائه كالحجر على الحر، أي: فلا يتولى ذلك إلَّا القاضي وهو المشهور، وقاله في المدونة وغيرها، وحكى في الجواهر قولًا بأن للسيد أن يحجر عليه، وقال اللخمي: ما لَمْ يطل تجره (2)، ابن عبد السلام: ولا ينبغي أن يعدل عنه (3).
قوله: (وَأُخِذَ مما (4) بِيَدِهِ) يعني: وأخذ الدين الذي يلحق (5) المأذون مما بيده، فإن بقي شيء تعلق بذمته إلَّا أن يعتق.
قوله: (وَإِنْ مُسْتَوْلَدَته) يريد: أن أم ولده تباع ويدفع ثمنها لغرمائه إذ ليس فيها طرف من حرية وإلا لكانت أشرف من سيدها، قال اللخمي: إذا قام الغرماء هي حامل أخر بيعها حتى تضع فيكون ولدها للسيد فتباع بولدها، ويقوم كلّ واحد بانفراده قبل البيع ليعلم كلّ واحد ما بيع به ملكه (6)، وإن لَمْ تكن ظاهرة الحمل وبيعت في الدين ثم ظهر بها حمل فهل للسيد فسخه لحقه في الولد أم لا قولان (7)؟
(1) في (ن 3): (منعها).
(2)
انظر: الجامع بين الأمهات، لابن الحاجب، ص:582.
(3)
انظر: التوضيح: 6/ 252.
(4)
في (ن 3): (ما).
(5)
قوله: (الذي يلحق) يقابله في (ن 5): (في حق).
(6)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:3254.
(7)
قوله: (قولان) زيادة من (ن 5).
قوله: (كَعَطِيَّته (1) أي: وكذا يأخذ الغرماء ما بيده من عطية كهبة وصدقة ونحوهما، وقاله (2) في المدونة، واختلف هل ذلك بشرط أن يوهب له لقضاء الدين، وإليه ذهب القابسي أولا، وإليه ذهب ابن أبي زيد، وإلى هذا أشار بقوله:(وَهَلْ إِنْ مُنِحَ لِلدِّيْنِ؟ أَوْ مُطْلَقًا؟ تَأْوِيلانِ) قال القابسي (3): وأما إن لَمْ يوهب له ذلك (4) لذلك فهو كالخراج يكون السيد أحق به.
قوله: (لا غَلَّتِهِ، وَرَقَبتِهِ) يريد: لأن (5) غلته للسيد، ورقبته لا تباع فيما عليه من الدين، وقال أشهب: إن كان المأذون وغدًا لا يودع مثله لَمْ يتبع في ذمته بشيء، وإن كان غير ذلك فذلك (6) في ذمته، وحكى أبو عمران (7) إن استهلكها بتعد فهي في رقبته كالجناية، ونقله ابن يونس وغيره (8) وقال سحنون: يتبع في ذمته (9) إن أراد ذلك الغرماء.
قوله: (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَرِيمٌ، فَكَغَيْرِهِ) يريد: أن المأذون له إن لَمْ يكن عليه دين فهو كغير المأذون في أن السيد ينزع ماله إن شاء، فإن كان عليه دين وفي يده فضل عنه كان (10) للسيد انتزاع ذلك الفضل إن شاء.
قوله: (وَلا يُمَكَّنُ ذِمِّيٌّ مِنْ تَجْرٍ فِي كَخَمْرٍ، إِنِ تَّجَرَ لِسَيِّدِهِ) يريد: أن العبد إذا كان ذميًا وسيده مسلم وتجر لسيده فلا يجوز له أن يمكنه من التجر في خمر أو خنزير ونحوهما، لأنه وكيل عنه وقائم مقامه وهو لا يجوز له ذلك، فكذلك نائبه، وأما إن تجر لنفسه
(1) في (ن 3) و (ن 4): (كعطية).
(2)
في (ن 5): (وقال).
(3)
في (ن 3): (ابن القابسي).
(4)
قوله: (ذلك) زيادة من (ن 5).
(5)
في (ن 5): (أن).
(6)
قوله: (وقال أشهب: إن كان المأذون
…
وإن كان غير ذلك فذلك) يقابله في (ن 5): (وفي المدونة: وما كان على المأذون من دين أو وديعة فإنه يكون في ذمته).
(7)
قوله: (أبو عمران) يقابله في (ن 5): (يحيى بن عمران).
(8)
قوله: (ونقله ابن يونس وغيره) زيادة من (ن 5).
(9)
قوله: (يتبع في ذمته) يقابله في (ن 5): (يباع في دينه).
(10)
قوله: (السيد ينزع ماله إن شاء، فإن كان عليه دين وبعبده فضل عنه كان) ساقط من (ن 3).
وعامل أهل الذِّمة فاختلف فهل يمكَّن من ذلك أم لا على قولين وإليه أشار بقوله: (وَإِلا فَقَوْلانِ) أي: وإن لَمْ يتجر لسيده بل تجر لنفسه فقولان، وأجراهما اللخمي على أن الكفار هل هم مخاطبون بفروع الشريعة أم لا؟ ، فعلى القول بخطابهم لا يمكن وإلا مكن، وقد كان لابن عمر عبد نصراني يتجر في الخمر فمات فورثه (1).
(المتن)
وَعَلَى مَرِيضٍ حَكَمَ الطِّبُّ بكَثْرَةِ الْمَوْتِ بِهِ، كَسُلٍّ وَقُولَنْجٍ، وَحُمَّى قَوِيَّةٍ، وَحَامِلِ سِتَّةٍ، وَمَحْبُوسٍ لِلقَتْلَ أَوْ لِقَطْعٍ إِنْ خِيفَ الْمَوْتُ، وَحَاضِرٍ صَفَّ الْقِتَالِ لَا كَجَرَبٍ، وَمُلَجَّجٍ بِبَحْرٍ، وَلَوْ حَصَلَ الْهَوْلُ فِي غَيْرِ مُؤْنَتِهِ وَتَدَاوِيهِ، وَمُعَاوَضَةٍ مَالِيَّةٍ. وَوُقِفَ تَبَرُّعُهُ، إِلَّا لِمَالٍ مَأمُونٍ، وَهُوَ الْعَقَارُ، فَإِنْ مَاتَ فَمِنَ الثُّلُثِ، وَإِلَّا مَضَى، وَعَلَى الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا وَلَوْ عَبْدًا فِي تَبَرُّعٍ زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا، وَإِنِ بِكَفَالَةٍ.
(الشرح)
قوله: (وَعَلَى مَرِيضٍ حَكَمَ الطِّبُّ بِكَثْرَةِ الْمَوْتِ بِهِ) أي: ويحجر على مريض حكم أهل الطب بكثرة الموت بذلك المرض، ومراده ما قاله بعض الأشياخ أن يكون الموت (2) من ذلك المرض، فاشيًا شهيرًا لا يتعجب من حصول الموت به لأنه يكون غالبًا، فإن الموت إذا حصل بإثر مرض من الأمراض لا يتعجب منه، وظاهر كلام المازري أنه لا بد أن يكون الموت عنه غالبًا، وحينئذ يكون موجبًا للحجر عليه، وهذا كله فيما عدا ما يحتاجه من الإنفاق على نفسه في مؤنته وتداويه وكسوته كما سيأتي.
قوله: (كَسِلٍّ، وَقَوْلَنْجٍ، وَحُمَّى قَوِيَّة، وَحَامِلِ سِتَّةٍ، وَمَحْبُوسٍ لِلقَتْل أَوْ لِقَطعٍ إِنْ خِيفَ الْمَوْتُ، وَحَاضِرٍ صَفَّ الْقِتَالِ) هذه أمثلة المرض الذي يكون الموت عنه غالبا، والسِل بكسر السين المهملة، واحترز بقوله:(وَحُمَّى قَوِيَّة) مما إذا كانت خفيفة فإنها لا توجب الحجر على صاحبها، وظاهر كلامه أن الحامل إذا دخلت في الشهر السادس يحكم لها بحكم المريض، وقد يقال: بل ظاهره غير ذلك، وأنها لا يحكم لها بذلك حتى تكمل الشهر السادس لأن المراد بقولنا (3) بلغت ستة أشهر، أي: أتت على جميعها، وفي هذا الأصل قولان، ومراده بالمحبوس للقتل إذا ثبت ذلك عليه ببينة عادلة أو باعترافه،
(1) انظر: التبصرة، للخمي، ص:3239.
(2)
قوله: (بِهِ أي: ويحجر على مريض
…
أن يكون الموت) ساقط من (ن 3).
(3)
زاد بعدها في (ن 5): (خليل).
وأما إذا حبس ليستبرأ أمره فلا، وأجمعوا على أن من وجب عليه القصاص في قتل أو رجم كالمريض حكاه ابن عبد البر (1).
قوله: (أَوْ لِقَطْعٍ (2) إِنْ خِيفَ الموْتُ) يريد: أن من حُبس ليقتص منه فيما دون النفس كالقطع (3) في سرقة ونحوها، فإن لم يخف عليه الموت من ذلك لم يحجر عليه وإلا حكم عليه (4) بحكم المريض، وأما حاضر صف القتال، فقال الباجي: أنه يحكم عليه (5) بحكم المريض إذا كان من جملة المقاتلين، قال (6): وأما إن كان في النظَّارة (7) أو متوجهًا للقتال قبل وصول الصف فلا.
قوله: (لا كَجَرَبٍ، ومُلَجِّجٍ ببَحْرٍ، وَلَوْ حَصَلَ الهوْلُ) أي: فإن لم يكن المرض مخوفًا ولا منزلًا منزلته لم يحجر على صاحبه وذكر من أمثلة ذلك: الجرب، يريد: وكذلك حمى يوم وحمى الربع والرمد ووجع الضرس والبرص والجذام ونحو ذلك، لأن الغالب على أصحاب هذه الأمراض السلامة والموت منها نادر. واختلف في ملجج البحر، فالمشهور أنه لا يلحق بالمرض المخوف كما ذكر، وهذا أحد قولي مالك في المدونة، وفيها أيضا: أنه يلحق به، وحكى صاحب البيان في الوصايا في راكب البحر ثلاثة أقوال:
الأول: إجازة فعله على كل حال، وهي رواية ابن القاسم عنه في المدونة.
والثاني: أن فعله لا يجوز على كل حال، وهو ظاهر ما حكاه سحنون عن مالك في المدونة.
والثالث: الفرق بين حال الهول وحال غيره، وهو ظاهر قول ابن القاسم في العتبية، قال (8): وهو أظهر الأقوال وأولاها بالصواب (9).
(1) انظر: الاستذكار: 7/ 282.
(2)
في (ن 3): (لقتل).
(3)
في (ن 3) و (ن 4): (أو القطع).
(4)
في (ن 5): (له).
(5)
في (ن 5): (له).
(6)
قوله: (قال) ساقط من (ن 5)، وفي (ن 3):(قالوا).
(7)
في (ن) و (ن 3) و (ن 4): (النظَّائرة).
(8)
قوله: (قال) ساقط من (ن 4).
(9)
انظر: البيان والتحصيل: 13/ 257.
قوله: (في غَيْرِ مُؤْنَتِهِ وَتَدَاوِيهِ وَمُعَاوَضَةٍ مَاليَّةٍ) يريد: أن المريض لا يحجر عليه في هذه الأمور، لأن قيام (1) حاله لا يكون بغير ما يحتاجه من المؤنة والكسوة والتداوي ونحو ذلك، وأما المعاوضة المالية فكالبيع والشراء والقراض والمساقاة ونحو ذلك، واحترز بالمالية من غيرها كالنكاح والخلع إذ ليس له فعله، فإن حصل في المعاوضة المالية محاباة فذلك من الثلث (2).
قوله: (وَوُقِفَ تبرُّعُهُ، إِلا لِمَالٍ مَأمُونٍ، وَهُوَ الْعَقَارُ، فَإنْ مَاتَ فَمِنَ الثّلثِ وَإِلا مَضى) يعني: أن تبرعاته من عتق أو صدقة أو هبة أو نحوها توقف حتى ينظر أيعيش أم يموت، فإن مات فمن ثلثه إن وسعه أو ما وسع منه، وإن صح مضى فعله، وإليه أشار بقوله:(وَإِلا مَضى) وهذا إذا كان ماله غير مأمون، وأما المأمون فقد رجع مالك إلى أنه ينفذ (3)، وعنه أنه لا فرق في ذلك بين المأمون وغيره، وأن جميع ذلك يوقف حتى ينظر أيموت أم لا؟ قال في المدونة: وليس المال (4) المأمون عند مالك إلا الدور والأرضين والنخل والعقار (5).
قوله: (وَعَلى الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا وَلَوْ عَبْدًا) أي: ويحجر على الزوجة لحق زوجها ولو كان عبدا، وهو ظاهر المذهب ورواه أشهب وابن نافع عن مالك وقال ابن وهب في العتبية العبد (6) بخلاف الحر، ولزوجته الحرة أن تتصدق بجميع مالها (7)، أصبغ: وليس بشيء، وله من الحق ما للحر.
قوله: (في تَبَرُّعٍ زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا) يريد أنه لا يحجر على الزوجة إلا فيما زاد على ثلثها، وأما الثلث فما دونه فلا.
(1) في (ن 5): (قوام).
(2)
قوله: (قوله: "فِي غَيْرِ مُؤْنَتِهِ وَتَدَاوِيهِ وَمُعَاوَضَةٍ مَالِيَّةٍ"
…
الثلث) ساقط من (ن 3).
(3)
زاد بعده في (ن 4): (تبرعه قبل موته).
(4)
قوله: (المال) ساقط من (ن 5).
(5)
انظر: تهذيب المدونة: 2/ 509.
(6)
قوله: (في العتبية العبد) زيادة من (ن 5).
(7)
قوله: (تتصدق بجميع) يقابله في (ن 5): (تتصرف في جميع مالها بالصدقة أو بالهبة).
قوله: (وإنْ بِكَفَالَةٍ) يريد: أنها إنما تمنع (1) كفالتها بما زاد على ثلثها، وقاله في المدونة.
(المتن)
وَفِي إِقْرَاضِهَا قَوْلانِ. وَهُوَ جَائِزٌ حتى يُرَدَّ فَمَضَى، إِنْ لَمْ يَعلَم حتى تَأَيمَتْ، أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا كَعِتْقِ الْعَبدِ، وَوَفَاءِ الدَّيْنِ وَلَهُ رَدُّ الْجَمِيعِ، إِن تَبَرَّعَت بِزَائِدٍ، وَلَيْسَ لَهَا بَعْدَ الثُّلُثِ تَبرُّعٌ؛ إلَّا أَن يَبعُدَ.
(الشرح)
قوله: (وَفي إِقْرَاضِهَا قَوْلانِ) يريد: أنه اختلف في المرأة هل لها أن تقرض من مالها بغير إذن زوجها كالبيع، وإليه ذهب ابن دحون أوْ لا كهبتها، وإليه ذهب ابن الشقاق.
قوله: (وَهُوَ جَائِزٌ حَتى يُرَدَّ) أي: والزائد على الثلث جائز حتى يرده الزوج، فإن أجازه نفذ، وإلا رد، وهو قول ابن القاسم، وروايته عن مالك، وبه قال أصبغ، وذهب مطرف وابن الماجشون إلى أنه مردود حتى يجيزه الزوج (2).
قوله: (فَمَضى إِنْ لَمْ يَعْلَمْ (3) حَتى تَأيَّمَتْ، أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا) أي: فبسبب أن تبرعها بما زاد على الثلث جائز ما لم يرده الزوج فإن لم يعلم بذلك حتى طلقها أو مات عنها فإنه يمضي فعلها ولم يكن للزوج ولا لورثته مقال. بعض الأشياخ: ولا خلاف في ذلك، وظاهر كلام ابن حبيب وجود الخلاف في موت الزوج هل للورثة مقال أم لا (4)، والخلاف موجود فيما إذا رد الزوج فعلها ولم يخرج من يدها حتى تأيمت، ولا فرق على قول ابن القاسم بين موتها أو موت الزوج، ولهذا قال: أو مات أحدهما، وعند ابن حبيب: إذا لم يعلم الزوج حتى ماتت فذلك مردود.
قوله: (كَعِتْقِ الْعَبْدِ، وَوَفَاءِ الدَّيْنِ) يحتمل أن يكون العبد فاعلًا ولكون المعنى: أنه إذا فعل شيئًا بغير إذن سيده مما يجب عليه الحجر فيه ولم يعلم بذلك السيد حتى أعتقه فإن ذلك يمضي ولا مقال للسيد، ويحتمل أن يكون العبد مفعولًا ويكون معناه أن المرأة إذا أعتقت العبد (5) ولم يعلم بذلك زوجها حتى تأيمت أو مات أحدهما فإن ذلك
(1) قوله: (أنها إنما تمنع) يقابله في (ن 5): (أنه لا يمتنع).
(2)
انظر: الجامع بين الأمهات: 1/ 387، والنوادر والزيادات: 10/ 104.
(3)
في (ن 5): (لم يفعل).
(4)
قوله: (أم لا) ساقط من (ن 5).
(5)
قوله: (أعتقت العبد) يقابله في (ن 5): (عتقت).