المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب [في أحكام إحياء الموات] - تحبير المختصر وهو الشرح الوسط لبهرام على مختصر خليل - جـ ٤

[بهرام الدميري]

الفصل: ‌باب [في أحكام إحياء الموات]

‌باب [في أحكام إحياء الموات]

(المتن)

بَابٌ مَوَاتُ الأَرْضِ مَا سَلِمَ عَنْ الاِخْتِصَاصِ بِعِمَارَةٍ، وَلَوِ انْدَرَسَتْ، إِلَّا لإِحْيَاءٍ، وَبِحَرِيمِهَا كَمُحْتَطَبٍ، وَمَرْعًى يُلْحَقُ غُدُوًّا وَرَوَاحًا، لِبَلَدٍ وَمَا لا يُضَيقُ عَلَى وَارِدٍ، وَلا يَضُرُّ بِمَاءٍ لِبِئْرٍ، وَمَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلنخْلَة، وَمَطْرَحِ تُرَابٍ، وَمَصَبِّ مِيزَابٍ لِدَارٍ، وَلا تَخْتَصُّ مَحْفُوفَةٌ بِامْلاكٍ، وَلِكُلٍّ الاِنْتِفَاعُ مَا لَمْ يَضُرَّ، وَبِإقْطَاعِ وَلا يُقطِعُ مَعْمُورَ الْعَنْوَةِ مِلْكًا، وَبِحِمَى إِمَامٍ مُحْتَاجًا إِلَيْهِ، قَل مِنْ بَلَدٍ عَفَا لِكَغَزْوٍ، وَافْتَقَرَ لإِذْنٍ وإِنْ مُسْلِمًا إِنْ قَرُبَ، وَإِلَّا فَلِلإِمَامِ إِمْضَاؤُهُ أَوْ جَعْلُهُ مُتَعَدِّيًا، بِخِلافِ الْبَعِيدِ، وَلَوْ ذِمِّيًّا بِغَيْرِ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ.

(الشرح)

(مَوَاتُ الأَرْضِ مَا سَلِمَ عَنْ الاخْتِصَاص (1)) الموات بفتح الميم هي (2): الأرض التي لا مالك لها (3)، ولا ينتفع بها (4)، قاله الجوهري (5). وعرفه اصطلاحًا بما ذكر. قال (6) بعض الأشياخ: وهو أحسن ما قيل في هذا الباب. وهو للغزالي، إلا أنه قال: عن الاختصاصات. فجمع (7) إشعارًا منه بتعدد وجوه الاختصاص، لكن لما كانت الألف واللام يفيد الاسم معها (8) العموم، استغنى عن الجمع. والاختصاص على وجوه، أشار إلى الأول (9) بقوله (بِعِمَارَةٍ ولَوِ انْدَرَستْ) أي: والاختصاص يكون بعمارة (10) وهو واضح؛ إلا أن العمارة تارة تكون ناشئة عن ملك ببيع أو هبة أو صدقة أو نحو ذلك. ولا خلاف أن الاختصاص يثبت بذلك، ولو اندرست تلك العمارة، مثل أن يشترى

(1) زاد بعده في (ن): (بعمارة).

(2)

في (ن 5): (هو).

(3)

زاد بعده في (ن): (من الآدميين).

(4)

زاد بعده في (ن): (أحد).

(5)

انظر: الصحاح: 1/ 267.

(6)

قوله: (قال) ساقط من (ن 4).

(7)

في (ن): (بالجمع).

(8)

في (ن): (معهما).

(9)

زاد بعده في (ن 4): (منها).

(10)

زاد بعده في (ن): (ولو اندرس).

ص: 624

عرصة أو توهب له أو نحوه (1)، يبنيها (2) ثم ينهدم ذلك البنيان وتعود عرصة كما كانت ولا يزول ملكه عنها (3) إلا على (4) ما خرجه في البيان في مسألة الصيد (5) إذا ندَّ من ربه، وقد حصَّل في المسألة (6) خمسة أقوال (7). وإن كانت العمارة ناشئة عن إحياء: وهي أن يأتي الرجل إلى موات من (8) الأرض فيعمره، ثم ينهدم ويعود كما كان، فاختلف هل يزول اختصاصه بزوال البناء المذكور، ويخرج عن ملك الباني (9)، وهو قول ابن القاسم (10). وإليه أشار بقوله:(إِلَّا لإِحْيَاءٍ). أو لا يخرج عن ملك (11) الأول بذلك، ولا يجوز لغيره أن يحييها إلا برضاه، وهو قول سحنون، وعنه أيضًا: أنه فرق بين الأرض القريبة من العمران أنها تكون له، ولو عمرها غيره، وبين البعيدة تكون لمن عمرها ثانيًا (12). قال ابن رشد: وهو صحيح عندي على معنى ما في المدونة: أن ما قرب لا يحيا إلا بقطيعة من الإمام، فكأنه صار ملكًا (13).

قوله: (وَبِحَرِيمِهَا كَمُحْتَطَبٍ، وَمَرْعَىً يُلْحَقُ غُدُوّا وَرَوَاحًا، لِبَلَدٍ) أي: ويثبت الاختصاص (14) بحريم العمارة وغيرها مما ذكره، فليس لأحد أن ينشئ فيها ما يضر بأهلها من بناء أو غيرها (15)، فحريم البلد: المواضع التي يؤخذ منها الحطب لنفع أهله،

(1) قوله: (أو نحوه) ساقط من (ن 3).

(2)

في (ن): (فيبنيها).

(3)

قوله: (عنها) ساقط من (ن 5).

(4)

قوله: (على) ساقط من (ن).

(5)

في (ن 5): (العبد).

(6)

في (ن 5): (المسألتين).

(7)

انظر: البيان والتحصيل: 10/ 306 و 307.

(8)

قوله: (من) ساقط من (ن).

(9)

قوله: (ملك الباني) يقابله في (ن 4): (ملكه الثاني).

(10)

انظر: المدونة: 4/ 473.

(11)

قوله: (وهو قول

لا يخرج عن ملك) ساقط من (ن 3).

(12)

انظر: المدونة: 4/ 473.

(13)

انظر: البيان والتحصيل: 10/ 306.

(14)

زاد بعده في (ن): (أيضا).

(15)

في (ن): (غيره).

ص: 625

والتي ترعى فيها مواشيها مما تدركه غدوًا ورواحًا. سحنون: وما كان من العمارة على يوم ولا تدركه المواشي في غدوها ورواحها، فأراه بعيدًا. وعنه: يجتهد ويشاور أهل الرأي (1).

قوله: (وَمَا لا يُضَيِّقُ عَلَى وَارِدٍ، وَلا يَضُرُّ بماء لِبئْرٍ (2)) هذا (3) إشارة إلى حريم البئر، وليس له حد مخصوص، إلا ما لا (4) يضر بمائها، ولا يضيق على دواب وارديها وقاله في المدونة، وغيرها (5). ابن غلاب (6) عن سحنون: حريم البئر، والأرض، والدار، والوادي في أرض غير مملوكة عشرون ذراعًا. وقيل: ستون (7). وقال ابن نافع: حريم البئر العادية (8) خمسون (9)، والتي ابتدئ عملها خمسة وعشرون (10). وعكس ذلك أبو مصعب (11)، وزاد: وحريم بئر الزرع خمسمائة ذراع، وحريم النهر ما لا يضر أيضًا بمن يرده (12).

(1) انظر: النوادر والزيادات: 10/ 502. وقوله: "يجتهد ويشاور أهل الرأي" يتوهم منه أنه قول آخر لسحنون، وليس كذلك وإنما هو قوله فيما تدركه المواشي، ونصه: "ومن كتاب ابن سحنون: قلت: فهل لما قرب من العمران أو بعد حد معلوم؟ قال: ما رأيت من وقت فيه من أصحابنا. وأرى ما كان من العامر على اليوم وما قاربها مما لا تدركه المواشي في غدوها ورواحها، وما تنقطع فيه الحجة بضيق المسرح، فأراه من البعيد ومن الفيافي، وأما ما تدركه المواشي في غدوها ورواحها، أو في غدوها ثم تروح، أو أبعد من ذلك قليلًا مما فيه المرفق لأهل الغامورة فذلك يدخله نظر السلطان، فلا يحيى إلا بإذنه بعد اجتهاده ونظره ومشورته أهل الرأي".

(2)

قوله: (بماء لِبئْرٍ) يقابله في (ن 4): (ببئر)، وفي (ن 5):(بماء البئر).

(3)

في (ن): (هذه).

(4)

قوله: (لا) ساقط من (ن).

(5)

انظر: المدونة: 4/ 468.

(6)

في (ن) و (ن 3): (ابن غالب).

(7)

انظر: التوضيح: 7/ 255.

(8)

قوله: (البئر العادية) يقابله في (ن 4): (بئر البادية). والمثبت موافق لما في النوادر والزيادات.

(9)

زاد بعده في (ن): (ذراعا وهي القليل).

(10)

انظر: النوادر والزيادات: 11/ 23.

(11)

انظر: الذخيرة: 6/ 152.

(12)

انظر: التوضيح: 7/ 255.

ص: 626

قوله: (وَمَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ للِنَخْلَة (1)) يعني، وحريم النخلة ما فيه مصلحة لها، وقد سأل ابن غانم مالكًا عن حريمها فقال: قدر ما يرى أن فيه مصلحتها. قال: وقد سئل عن ذلك أهل العلم به فقالوا: من اثني عشر ذراعًا من نوأحيها كلها إلى عشرة أذرع قال وذلك حسن (2) وسئل عن الكرم أيضًا وعن كل شجرة أهل العلم بها فقالوا (3) لكل شجرة قدر مصلحتها (4).

قوله: (ومَطْرَحِ ترابٍ، ومَصَبٍّ مِيزَابٍ لِدَارٍ) أي: وأما حريم الدار: فهو ما يرتفق به أهلها من مطرح تراب، ومصب ميزاب ونحو ذلك، وهذا في الدار المحفوفة بالموات. وأما الدار (5) المحفوفة بالأملاك فقد أشار إليها بقوله:(وَلَا تَخْتَصُّ مَحْفُوفَةُ بأَمْلاكٍ، ولكُل الاِنْتِفَاعُ مَا لَمْ يَضُرَّ) ومراده بذلك أن الدار إذا كانت مكتنفة بالأَملاك لا اختصاص (6) لمالكها بشيء عن غيره، ولكن لكل واحد أن ينتفع بملكه وحريمه، ما لم يضر بالآخر.

قوله (وَبِإِقْطَاعٍ) هو معطوف على قوله (وبِحَرِيمِهَا) ومراده أن الاختصاص أيضًا يثبت بإقطاع (7) الإمام الأرض له، وهو تمليك، فله أن يبيع، ويهب، ويتصدق ويورث عنه وليس من الإحياء (8)، وإنما هو تمليك مجرد، رواه يحيى بن يحيى عن ابن القاسم (9). اللخمي: وهو ظاهر المذهب.

قوله: (وَلَا يَقْطِعُ مَعْمُورَ (10) الْعَنْوَةِ ملْكًا) أي: ولكن يقطعه انتفاعًا (11)، يريد وله أن

(1) في (ن 4): (لنخلة).

(2)

قوله: (قال وذلك حسن) ساقط من (ن 3).

(3)

قوله: (من اثني عشر ذراعا

أهل العلم بها فقالوا) ساقط من (ن 4).

(4)

انظر: النوادر والزيادات: 11/ 25.

(5)

قوله: (الدار) ساقط من (ن).

(6)

في (ن): (لاختصاص).

(7)

في (ن): (باقتطاع).

(8)

في (ن 3): (الاختصاص).

(9)

انظر: البيان والتحصيل: 10/ 300 و 301، والنوادر والزيادات: 10/ 506.

(10)

في (ن): (معمورة).

(11)

(في (ن) و (ن 4): (إمتاعا).

ص: 627

يقطع البور والمعمور من غير أرض العنوة. قال في البيان: وهو ظاهر ما في كتاب الداودي، ومثله عن مالك من رواية ابن القاسم، قال: لا أرى للإمام أن يقطع أحدًا من أرض العنوة (1).

قوله: (وبِحِمَى إِمَامٍ مُحْتَاجًا (2) إِليْهِ (3) قَلَّ مِنْ بَلَدٍ عَفَا لِكَغَزْوٍ) أي: وكذلك يثبت الاختصاص لحمى الإمام بشرط: أن يكون الحمى مما يحتاج إليه وأن يكون قليلًا في بلد العفاء، التي لا عمارة فيها بغرس ولا بناء مما فضل عن منافع أهلها من المسارح والمراعي، وأن يكون للجهاد ونحوه.

قوله: (وَافْتَقَرَ لإذْنٍ وَإنْ مُسلمًا إنْ قَرُبَ، وإلَّا فَلِلإمَامِ إمْضَاؤُهْ أوْ جَعْلهِ مُتعدِّيًا) أي: وافتقر الإحياء إلأ إذن الإمام فيما قرب من العمارة، وإن كان المحيي مسلمًا، وهذا هو المشهور، وقال أشهب: لا يحتاج إلى إذنه (4). فلو فرعنا على المشهور فأحيا ولم يأذن له، فقال مالك، وابن القاسم: للإمام إمضاء فعله أو جعله متعديًا (5)، فيعطيه قيمة بنائه منقوضًا، ولا يبعد أن يعطى قيمته قائمًا لأجل الشبهة، كما قال أشهب.

وقيل: أن الإمام يخير في أربعة أوجه، إن رأى أن يقره له، أو للمسلمين ويعطيه قيمته منقوضًا (6) أو يأمره بقلعه، أو يقطعه (7) لغيره ويكون (8) للأول قيمته منقوضًا.

قوله (بِخِلَافِ الْبَعِيدِ) أي: فإنه لا يفتقر إلى إذن. ابن رشد: وهو المشهور (9). ونسبه

(1) انظر: البيان والتحصيل: 10/ 303.

(2)

في (ن 4): (يحتاج).

(3)

قوله: (إِليْهِ) ساقط من (ن 5).

(4)

انظر: النوادر والزيادات: 10/ 501.

(5)

انظر: النوادر والزيادات: 10/ 501.

(6)

قوله: (منقوضا) ساقط من (ن 3).

(7)

في (ن 3): (يعطيه).

(8)

في (ن 3): (ولا يكون).

(9)

تشهير ابن رشد هنا خاص بالقريب من العمارة وأنه مفتقر إلى إذن الإمام وهذا ما بينه بهرام في أول شرحه لهذا القول، وليس كما قاله هنا في البعيد وأنه لا يفتقر إلى إذن الإمام، ودليل ذلك ما قاله ابن رشد في البيان: 10/ 303: "وأما القريب منه الذي لا ضرر في إحيائه على أحد فلا يجوز إحياؤه إلا بإذن الإمام على المشهور في المذهب". ونص خليل في التوضيح: 7/ 259: " (فِيهِ) أي: في القرب، مفهومه أن البعيد لا يفتقر فيه إلى إذن الإمام، قال في البيان: وهو المشهور".

ص: 628

في النوادر لما لك، وابن القاسم، ومطرف، وعبد الملك (1)، وأصبغ، وسحنون (2) وعن ابن نافع (3): لا بد فيه من إذن الإمام (4).

قوله (وَلَوْ ذِمِّيَا بِغَيْرِ جَزِيرَةِ الْعَرَب) أي: فيجوز للذمي أن يحيي ما بعد بغير إذن الإمام في غير جزيرة العرب قال ابن القاسم: ويملكه كالمسلم لعموم الخبر (5)، إلا أن يحيي بجزيرة العرب فله قيمة ما عمّر ويخرج عنه (6). وعن ابن القصار: ليس للذمي إحياء في دار (7) المسلمين (8). وقيل: إن عمّر فيما بعد فهو له، وفيما قرب ولو بعد إذن الإمام فيعطى قيمته.

(المتن)

وَالإِحْيَاءُ بِتَفْجِيرِ مَاءٍ وَبِإِخْرَاجِهِ وَبِنَاءٍ، وَبِغَرْسٍ وَبِحَرْثٍ وَتَحْرِيكِ أَرْضٍ، وَبِقَطْعِ شَجَرٍ، وَبِكَسْرِ حَجَرِهَا وَتَسْوِيَتِهَا، لَا بِتَحْوِيطٍ وَرَعْي كَلإٍ، وَحَفْرِ بِئْرِ مَاشِيَةٍ. وَجَازَ بِمَسْجِدٍ سُكْنَى لِرَجُلٍ تَجَرَّدَ لِلْعِبَادَةِ، وَعَقْدُ نِكَاحٍ، وَقَضَاءُ دَيْنٍ، وَقَتْلُ عَقْرَبٍ، وَنَوْمٌ بِقَائِلَةٍ، وَتَضْيِيفٌ بِمَسْجِدِ بَادِيَةٍ، وَإِنَاءٌ لِبَوْلٍ إِنْ خَافَ سَبْعًا، كَمَنْزِلٍ تَحْتَهُ، وَمُنِعَ عَكْسُهُ، كَإِخْرَاجِ رِيحٍ، وَمُكْثٍ بِنَجِسٍ، وَكُرِهَ أَنْ يَبْصُقَ بِأَرْضِهِ وَيحَكَّهُ وَتَعْلِيمُ صَبِيٍّ، وَبَيْعٌ وَشِرَاءٌ، وَسَلُّ سَيْفٍ، وَإِنْشَادُ ضَالَّةٍ، وَهَتْفٌ بِمَيِّتٍ، وَرَفْعُ صَوْتٍ كَرَفْعِهِ بِعِلْمٍ، وَوَقِيدُ نَارٍ، وَدُخُولُ كَخَيْلٍ لِنَقْلٍ، وَفَرْشٌ، أَوْ مُتَّكَأٌ، وَلِذِي مَأْجَلٍ، وَبِئْرٍ، وَمِرْسَالِ مَطَرٍ، كَمَاءٍ يَمْلِكُهُ مَنْعُهُ وَبَيْعُهُ، إِلَّا مَنْ خِيفَ عَلَيْهِ وَلَا ثَمَنَ مَعَهُ. وَالأَرْجَحُ بِالثَّمَنِ،

(الشرح)

قوله (وَالإحْيَاءُ بِتَفْجِيرِ مَاءٍ وَبِإِخْرَاجِهِ وَبنَاء (9)، وَبغَرْسٍ وَبِحَرْثٍ وَبِتَحْرِيكِ أَرْضٍ،

(1) قوله: (وعبد الملك) يقابله في (ن 5): (عبد الحكم). والمثبت موافق لما في النوادر والزيادات، والتوضيح.

(2)

انظر: النوادر والزيادات: 10/ 500 و 501.

(3)

في (ن 3): (ابن القاسم). والمثبت موافق لما في النوادر والزيادات، والتوضيح.

(4)

انظر: المنتقى: 7/ 379.

(5)

قوله: (ما بعد بغير إذن

كالمسلم لعموم الخبر) ساقط من (ن 3).

(6)

انظر: النوادر والزيادات: 10/ 504.

(7)

في (ن) و (ن 4): (أرض).

(8)

انظر: الذخيرة: 6/ 159.

(9)

قوله: (وبناء) ساقط من (ن 3)، وفي المطبوع من مختصر خليل:(وببناء) بزيادة حرف جر وهو الباء=

ص: 629

وَبِقَطْع شَجَر (1)، وَبِكَسْرِ حَجَرِهَا وتَسْوِيَتِهَا) يعني أن الإحياء يحصل بأحد أمور سبعة: وهي تفجير الماء في الأرض بحفر بئر، أو فتق عين، أو إخراج الماء في (2) غامرها، أو البناء فيها أو غرسها بالأشجار، أو حرثها، أو تحريكها بالحفر ونحوه، أو قطع غياضها وشجرها أو كسر حجرها، وتسوية قرونها، وتعديلها. عياض: وهذه الأماكن يحصل الإحياء بها باتفاق. قال: وأما التحجير وحفر بئر الاشية، ورعي كلأ الأرض فليس بإحياء عند ابن القاسم، خلافًا لأشهب (3)، وإلى الأول أشار بقوله (لَا (4) بِتَحْويطٍ وَرَعْيِ كَلإٍ، وحَفْرِ بِئْر مَاشِيَةٍ) والمراد بالتحجير، أن يضرب الرجل حدودًا بإزاء ما يريده من الموات يريد: منع الناس منه، وهو مراده بالتحويط هنا.

قوله (وَجَاز بمَسْجِدٍ سكْنَى لرجل تَجَرَّدَ لِلْعِبادَةِ) يريد، أن سكنى المسجد لا يجوز إلا لرجل تجرد للعبادة، وقيام الليل، وأما غير ذلك فلا.

قوله (وعَقْدُ نِكَاحٍ) أي: وجاز فيه أيضًا عقد النكاح، واستحسنه جماعة، ورأوا أنه مخالف لعقد البيع (5).

قوله: (وَقَضَاءُ دَيْنٍ) أي: وهكذا استخف فيه أهل المذهب قضاء الدين.

قوله (وَقَتْلُ عَقْرَبٍ) أي: وكذا يجوز قتل العقرب في المسجد، ونص عليه اللخمي (6) وغيره.

قوله (وَنْوَمٌ بِقَائِلةٍ) ابن شاس: وخفف يعني الجلوس في المسجد والنوم فيه نهارًا للمقيم (7) والمسافر، والمبيت للمار (8).

قوله (وتَضْييفٌ بِمَسْجدِ بادَيةٍ) ابن حبيب: وأرخص مالك أن يطعم الضيف في

= ولعل هذا هو الصواب.

(1)

في (ن 4) و (ن 5): (شجرها).

(2)

في (ن 3): (عن) و (ن): (من).

(3)

انظر: الذخيرة: 6/ 148.

(4)

قوله: (لا) ساقط من (ن 3).

(5)

قوله: قوله: "وعَقْدُ نِكَاحٍ"

مخالف لعقد البيع) ساقط من (ن 5).

(6)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:411.

(7)

في (ن): (للمقيمين).

(8)

في (ن 3): (للمسافر). وانظر: عقد الجواهر: 3/ 953.

ص: 630

مساجد (1) البادية، وذلك شأن الساجد (2).

قوله (وَإِنَاءٌ لِبَوْلٍ إنْ خَافَ سَبْعَا) أشار بهذا إلى ما وقع لابن رشد في الأجوبة فإنه أجاز لمن التجأ إلى المبيت في (3) السجد وخاف إن خرج لصًا أو سبعًا أن يتخذ معه آنية ليبول فيها (4).

قوله (كَمَنْزِلٍ تَحْتَهُ) أجاز مالك للرجل (5) أن يجعل السفل مسكنًا والعلو مسجدًا (6) أو ليسكن تحته كما قال هنا ابن حبيب وعن مالك ولا يجوز للرجل (7) أن يجعل السفل مسجدًا (8) ويسكن العلو وإليه أشار بقوله (وَمُنِعَ عَكْسُهُ) ابن حبيب: لأنه إذا جعل السفل مسجدًا فقد صار لما فوقه حرمة المسجد (9).

قوله (كَإِخْرَاجِ رِيحٍ) أي: وكذا يمنع إخراج الريح فيه. اللخمي: لحرمة المسجد والملائكة (10).

قوله (وَمكث بِنَجِسٍ (11)) قال في مختصر ما ليس في المختصر (12): ويجب على من رأى في ثوبه دمًا وهو في الصلاة أن ينحيه عن المسجد ولا يجعله فيه وقد قيل يجعله فيه ويتركه بين يديه ويغطي الدم (13) والأول أظهر، ولهذا اقتصر هنا عليه.

قوله: (وكُرِهَ أَنْ يَبْصُقَ بِأَرْضِهِ ويحكه (14)) هكذا روي عن مالك (15).

(1) في (ن): (مسجد).

(2)

انظر: عقد الجواهر: 3/ 953.

(3)

قوله: (المبيت في) ساقط من (ن).

(4)

انظر: مسائل ابن رشد: 1/ 471.

(5)

قوله: (للرجل) ساقط من (ن 3) و (ن 4).

(6)

قوله: (أن يجعل السفل مسكنًا والعلو مسجدًا) يقابله في (ن 3): (أن يجعل على منزله مسجدًا).

(7)

في (ن): (له).

(8)

قوله: (أو ليسكن تحته كا قال

للرجل أن يجعل السفل مسجدًا) ساقط من (ن 4).

(9)

انظر: عقد الجواهر: 3/ 953.

(10)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:410.

(11)

في (ن 3): (بثوب نجس).

(12)

قوله: (مختصر ما ليس في المختصر) ياقابله في (ن 5): (المختصر).

(13)

انظر: التوضيح: 7/ 263.

(14)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (وحكَّه).

(15)

انظر: الجامع بين الأمهات: 1/ 657.

ص: 631

قوله: (وَتَعْلِيمُ صَبِي) لم ينص مالك على الكراهة ولا غيرها، وإنما قال فيما روى عنه ابن حبيب: ولا يعلم فيه الصبيان ولا يمكنون من دخوله. وهو محتمل للمنع والكراهة.

قوله (وَبَيْعٌ وَشِراءُ) أي: ويكره فيه أيضا البيع والشراء، وحكاه ابن حبيب عن مالك.

قوله (وَسَل سَيْفٍ، وَإِنْشَادُ ضَالةٍ) هذا لما رواه عبد الرزاق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يسل السيف في المسجد وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا رأيتم من ينشد ضالة في المسجد فقولوا لا ردها الله عليك" وظاهر هذا المنع.

قوله (وَهَتْفٌ بِمَيِّتٍ) هكذا حكاه ابن حبيب عن مالك (1) ومعنى الهتف (2) أن يقول الرجل على باب المسجد عند انصراف الناس عنه، أخوكم فلان قد مات بصوت يجهر به، على سنة الجهر، وأما ما يفعله المدير (3) عندنا بمصر فهو من النعي (4) المنهي عنه.

قوله (وَرَفْعُ صَوْتٍ كَرَفعِهِ بِعِلْمٍ) أي ويكره رفع الصوت فيه، ولو بالعلم وغيره وإنما قال:(كَرَفْعِهِ بِعِلْمٍ) ولم يقل ورفع صوت ولو بعلم، تنبيهًا على أن رفع الصوت بالعلم مكروه على كل حال في المسجد وغيره، وما حكاه من الكراهة حكاه ابن حبيب عن مالك (5). بعض الأشياخ: والمشهور كراهة رفع الصوت بالعلم في المسجد (6)، خلافًا لابن مسلمة (7).

قوله: (وَوَقِيدُ (8) نَارٍ) هكذا حكاه ابن حبيب عن مالك (9)، وذكره في الجواهر (10).

(1) انظر: عقد الجواهر: 3/ 954.

(2)

زاد بعده في (ن): (به).

(3)

قوله: (المدير) ساقط من (ن 4).

(4)

قوله: (النعي) ساقط من (ن 3).

(5)

انظر: الذخيرة: 6/ 188.

(6)

قوله: (في المسجد) يقابله في (ن) و (ن 4): (في غير المسجد).

(7)

انظر: التوضيح: 7/ 263.

(8)

في (ن 3): (ووقود).

(9)

انظر: المنتقى: 2/ 344.

(10)

انظر: عقد الجواهر: 3/ 953.

ص: 632

قوله: (ودُخُولُ كَخَيْلٍ لِنَقْلٍ (1)) قال في الجواهر عن ابن حبيب، وكره مالك أن يدخل المسجد بالخيل والبغال والحمير لمن ينقل عليها إليه (2)، وكان لا يرى بأسًا بالإبل لكون أبوالها طاهرة. (3)

قوله: (وَفَرْشٌ، أو مُتَّكَأٌ) يعني أنه يكره للرجل أن يتخذ في المسجد فراشًا يجلس عليه (4)، أو وسادة يتكئ عليها وهكذا ذكره ابن حبيب عن مالك (5).

قوله: (وَلِذي مَأْجَلٍ، وَبِئْرِ وَمِرْسَالِ (6) مَطَرٍ كَماءٍ يَمْلِكُهُ مَنْعُهُ وبَيْعُهُ) أشار إلى أن الماء ينقسم إلى أقسام: الأول: أن يكون قد حل (7) في أرضه من مطر أو سيل أو فيض (8) عين، ومثله ما إذا كان المطر يجري من أرضه (9) إلى أرض غيره، وهو مراده بمرسال (10) مطر. الثاني: ماء البئر التي في ملكه. الثالث: الماء الذي يملكه في آنيته وذكر أن له منع ذلك جميعًا وبيعه وهو المشهور، وقال يحيى بن يحيى: أربع لا أرى أن تمنع: النار والماء والحطب والكلأ. (11)

قوله: (إلَّا مَنْ خِيِفَ عَلَيْهِ وَلَا ثَمَنَ مَعُهَ) وإنما لم يكن له المنع هنا لوجوب ذلك عليه، واختلف هل له أخذ العوض عن ذلك أم لا؟ ، ففي المدونة: وكل من حفر في أرضه أو داره بئرًا، فله منعها وبيع مائها وله منع المارة منها إلا بالثمن إلا قومًا لا ثمن معهم، وإن تركوا إلى أن يردوا ماء غيره هلكوا، فلا يمنعون (12) فظاهره: أنهم يأخذون

(1) قوله: (كَخَيْلٍ لِنَقْلٍ) يقابله في (ن 4): (الخيل والبغال).

(2)

قوله: (إليه) ساقط من (ن).

(3)

انظر: عقد الجواهر: 3/ 953.

(4)

قوله: (يجلس عليه) ساقط من (ن 4).

(5)

انظر: النوادر والزيادات: 1/ 225.

(6)

في (ن 4): (مرسل).

(7)

قوله: (قد حل) يقابله في (ن 4): (الماء قد دخل).

(8)

في (ن): (فتق).

(9)

قوله: (من مطر أو سيل

يجري من أرضه) ساقط من (ن 3).

(10)

في (ن 4): (بمرسل).

(11)

انظر: النوادر والزيادات: 10/ 516.

(12)

قوله: (فلا يمنعون) زيادة من (ن).

ص: 633

ذلك بغير ثمن (1). ابن يونس: والأولى ألا يأخذوا ذلك إلا بالثمن، وإليه أشار بقوله:(وَالأَرْجَحُ بِالثَّمَنِ).

(المتن)

كَفَضْلِ بِئْرِ زَرْعٍ خِيفَ عَلَى زَرْعِ جَارِهِ بِهَدْمِ بِئْرِهِ، وَأَخَذَ يُصْلِحُ وَأُجْبِرَ عَلَيْهِ، كَفَضْلِ بِئْرِ مَاشِيَةٍ بِصَحْرَاءَ هَدَرًا إِنْ لَمْ يُبَيِّنِ الْمِلْكِيَّةَ. وَبُدِئَ بِمُسَافِرٍ وَلَهُ عَارِيَّةُ آلَةٍ، ثُمَّ حَاضِرٍ، ثُمَّ دَابَّةِ رَبِّهَا بِجَمِيعِ الرِّكب، وَإِلَّا فَبِنَفْسِ الْمَجْهُودِ. وَإِنْ سَالَ مَطَرٌ بِمُبَاحٍ سُقِيَ الأَعْلَى، إِنْ تَقَدَّمَ لِلْكَعْبِ، وَأمِرَ بِالتَّسْوِيَةِ، وَإِلَّا فَكَالحَائِطَيْنِ، وَقُسِمَ لِلْمُتَقَابَلَيْنِ كَالنِّيلِ، وَإِنْ مُلِكَ أَوَّلًا قُسِمَ بِقِلْدٍ، أَوْ غَيْرِهِ، وَأُقْرِعَ لِلتَّشَاحِّ فِي السَّبْقِ، وَلَا يَمْنَعُ صَيْدَ سَمَكٍ، وَإِنْ مِنْ مِلْكِهِ، وَهَلْ فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ فَقَطْ؟ أوْ إِلَّا أَنْ يَصِيدَ الْمَالِكُ؟ تَأْوِيلَانِ. ولا كَلأ بِفُحْصٍ، وَعَفَاءٍ لَمْ يَكْتَنِفْهُ زَرْعُهُ بِخِلافِ مَزجِهِ وَحِمَاة.

(الشرح)

قوله: (كَفَضْلِ بِئْرِ زَرْعِ خِيفَ عَلَى زَرْعِ جَارِه بِهَدْم بِئْرِهِ وَأَخذ يُصْلِحُ وأجبر عليه) يريد، أن من له بئر زرع وفي مائه فضل عن سقى زرعه، فإن له منع ذلك من غيره ويأخذ منه ثمنه، إلا أن يكون له جار وله زرع خيف عليه الهلاك من العطش فإنه يجب عليه أن يدفع لجاره ذلك الفضل، بشرط أن يكون بئره قد تهدم أو نزح (2) نحو ذلك وأن يكون قد أخذ في إصلاحها، يريد وأن يكون قد زرع على أصل الماء احترازًا مما إذ (3) زرع لا على أصل (4) ماء، فإن جاره لا يجب عليه (5) دفع ذلك، لأنه خاطر وعرّض زرعه للهلاك، واختلف هل عليه في ذلك ثمن أم لا؟ والثاني مذهب المدونة (6)، وحكى القولين (7) عن مالك في المقدمات (8). ابن يونس: والأولى أن يأخذ ذلك بالثمن، فقوله:(كَفَضْلِ بِئْرِ زَرْعِ) إشارة إلى أن الأرجح في هذا أيضا دفع الثمن

(1) انظر: المدونة: 4/ 468.

(2)

قوله: (نزح) ساقط من (ن 4). وزاد بعده في (ن): (أو).

(3)

في (ن): (إذا).

(4)

في (ن): (الأصل).

(5)

قوله: (يجب عليه) يقابله في (ن 5): (يجبر على).

(6)

انظر: المدونة: 4/ 469.

(7)

في (ن 3): (ابن رشد).

(8)

انظر: المقدمات الممهدات: 12/ 21.

ص: 634

كالذي قبله.

قوله (1): (وَأُجْبِرَ عَلَيْهِ) أي: على دفع الماء في الفرعين معًا.

قوله: (كَفَضْلِ بِئْرِ مَاشِيةٍ بِصَحْرَاءَ هَدَرًا، إنْ لَمْ يُبَينْ الملكِيَّة) يعني، أنه يجبر على دفع فضل ماء بئر الماشية بغير ثمن، وقاله في الواضحة والمجموعة (2) واحترز بقوله (بصحراء) مما إذا حفرها في ملكه، فإن له منع مائها وبيعه، كما إذا بيّن أن الماء ملكه (3) وأشهد على ذلك.

قوله: (وَبُدِئَ بمُسَافرٍ وَلَهُ عَارِيَةُ آلَةٍ ثُمَّ حَاضِرٍ ثُمَّ دَابَّةِ رَبِّهَا) يريد أن ما فضل عن رب البئر يدخل فيه المسافر والمقيم، إلا أن المسافر مقدم (4) عليه؛ لشدة حاجته وله على الحاضر عارية الرشاء والدلو والحوض ونحو ذلك، ثم دابة المسافر ثم الحاضر ثم دابته، ولهذا قال (ثم دابة ربها)(5)، أي تليه في التبدئة. قال في المقدمات: يبدأ أولًا بأهل الماء فيأخذون لأنفسهم حتى يرووا ثم المارة حتى يرووا، ثم دواب أهل الماء حتى يرووا، ثم دواب المارة حتى يرووا (6) ثم مواشي أهل الماء، ثم الفضل لسائر الناس المسلمين (7)، وقال أشهب: دواب المسافرين قبل دواب أهل الماء (8).

قوله: (بِجَمِيعِ الرِّيِّ) هذا إشارة إلى قوله في المقدمات: حتى يرووا (9).

قوله: (وَإِلا فَبِنَفْسِ (10) المْجَهُود) يريد: أن التبدئة المذكورة مشروطة بما إذا كان في الماء فضل وإلا فإنه يبدأ بأنفس المجهودين. ابن رشد (11): ودواب من كان الجهد عليه

(1) قوله: (قوله) ساقط من (ن 5).

(2)

انظر: النوادر والزيادات: 11/ 5.

(3)

قوله: (أن الماء ملكه) يقابله في (ن 5): (الملكية).

(4)

في (ن): (يقدم).

(5)

قوله: (ثم دابة المسافر

"

ثم دابة ربها") يقابله في (ن 5): (ثم دابة رب البئر).

(6)

في (ن): (كذلك).

(7)

قوله: (المسلمين) ساقط من (ن 3)، وقوله:(الناس) ساقط من (ن) و (ن 4).

(8)

انظر: المقدمات الممهدات: 2/ 22.

(9)

انظر: المقدمات الممهدات: 2/ 22.

(10)

في (ن): (فلنفس).

(11)

في (ن 3): (ابن يونس).

ص: 635

أكثر بتبدية (1) صاحبه فإن استووا في الجهد (2) تساووا هذا مذهب أشهب، وعلى ما ذهب إليه ابن كنانة إذا استووا في الجهد (3) فأهل الماء أحق بالتبدئة لأنفسهم، ودوابهم، وإن قل الماء جدًّا وخيف على بعضهم بتبدئة بعض (4) أخذ أهل الماء قدر ما يذهب عنهم الخوف (5)، فإن فضل شيء أخذ المسافرون لأنفسهم (6) بقدر ما يذهب عنهم الخوف (7) فإن فضل شيء أخذه أهل الماء لدوابهم (8) بقدر ما يذهب عنهم الخوف (9).

قال: ولا اختلاف عندي في هذا الوجه وهذا الذي تحصل عندي من قول أشهب وابن كنانة (10).

قوله: (وَإنْ سَالَ مَطَرٌ بِمُباحٍ سُقِيَ الأَعْلَى، إِنْ تَقَدَّم لِلْكَعْب) يريد، أن ما يسيل من المطر في أرض مباحة إلى قوم لهم جنان، فإن الأعلى يسقي به إلى الكعبين، ثم يرسله لمن هو دونه فيسقي به كذلك، ثم يرسله حتى يكتفوا، وقد جاء كذلك في الحديث.

واحترز بالمباح مما إذا سال في أرض مملوكة للغير، فإنه له منعه وبيعه كما تقدم، واختلف إذا بلغ الماء إلى الكعبين هل يرسل الماء جميعه إلى الأسفل؟ وهو قول ابن القاسم، أو لا يرسل إليه (11) إلا ما زاد على الكعبين؟ وهو قول مطرف وابن الماجشون وابن وهب. وابن رشد: والأول أظهر، وليس في الماء حق لمن لم ينته الماء إليه متى (12)

(1) في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (تبدئه).

(2)

قوله: (إذا كان في الماء

فإن استووا في الجهد) ساقط من (ن 4).

(3)

قوله: (تساووا هذا مذهب

ابن كنانة إذا استووا في الجهد) ساقط من (ن).

(4)

زاد بعده في (ن): (الهلاك).

(5)

في (ن 3): (الموت).

(6)

قوله: (فإن فضل شيء أخذ المسافرون لأنفسهم) يقابله في (ن): (لأنفسهم ثم المسافرون).

(7)

في (ن 3): (الموت).

(8)

في (ن): (ثم دواب أهل الماء).

(9)

قوله: (فإن فضل شيء

يذهب عنهم الخوف) ساقط من (ن 3)، وزاد بعده في (ن 4):(ثم دواب المسافرين كذلك انظر المقدمات).

(10)

انظر تفصيل ذلك في: المقدمات الممهدات: 2/ 22، ولفظه: هذا الذي يتحصل عندي من قول أشهب وابن لبابة.

(11)

قوله: (إليه) ساقط من (ن).

(12)

في (ن 3): (حتى).

ص: 636

احتاج الأعلى إلى (1) السقي، وعلى رواية ابن زياد (2) لا يأخذ جميعه بل يأخذ منه في ساقيته بقدر ما يكون إلى الكعبين، ثم من تحته كذلك حتى يتم الماء (3)، وأما إن لم يكن في الماء فضل ولا يتأتى به السقي إلا لواحد، فلا حق للأسفل إلا فيما فضل عن الأعلى.

قوله: (إِنْ تَقَدَّمَ) يشير إلى أن ما ذكره من تبدئة الأعلى مقيد بما إذا كان إحياؤه مقدمًا عَلى إحياء الأسفل، وأما إذا تقدم الأسفل فإنه أحق، وقاله سحنون (4).

قوله: (وَأُمِرَ بِالتَّسْوِيَةِ، وَإِلَّا فكَالحائِطَيْنِ) يريد أن الأعلى يؤمر بتسوية أرضه إن كان بعضها أعلى من بعض، وقاله سحنون، فإن تعذر عليه التسوية سقى الأعلى، ثم الأسفل وعد كأنهما حائطان، وقاله الباجي (5).

قوله: (وَقُسِمَ لِلْمُتَقَابِلَيْنِ) يريد، أن الحائطين إذا كانا متقابلين (6) فإن الماء يقسم بينهما، وقاله سحنون وزاد: إن كان بعض الأسفل مقابلًا لبعض الأعلى حكم لمقابل الأعلى (7) ولمقابل الأسفل بحكم الأسفل (8).

قوله: (كَالنِّيلِ) يريد، أن حكم النيل حكم المطر، وقاله ابن وهب.

قوله: (وَإِنْ مُلِكَ أولًا قُسِمَ بقلد، أَوْ غَيْرِهِ) أي: فإن ملك الماء أولًا بأن يكون جماعة قد اجتمعوا في إجرائه إلى أرضهم، فإن الأعلى لا تبدئة له هنا على الأسفل؛ لأنهم قد ملكوا الماء قبل وصوله إلى أرضهم بحسب أعمالهم، فيقسم الماء بينهم بقلد أو غيره من الآلات التي (9) تعرف بها الأوقات ونحوها. ابن شاس: ومن صفة القِلد أن يؤخذ قِدر (10) فيخرق في

(1) زاد بعده في (ن 4): (إعادة).

(2)

قوله: (ابن) ساقط من (ن 4) و (ن 5).

(3)

انظر: تفصيل هذه الأقوال في: المقدمات الممهدات: 2/ 20.

(4)

انظر: المنتقى: 7/ 389.

(5)

انظر: المنتقى: 7/ 392.

(6)

قوله: (وقاله الباجي

إذا كانا متقابلين) ساقط من (ن 3).

(7)

زاد بعده في (ن): (بحكم الأعلى).

(8)

انظر: المنتقى: 7/ 389.

(9)

في (ن): (الآلة).

(10)

في (ن 3): (قلد).

ص: 637

أسفلها ثقب (1)، وتملأ بماء ويكون قَدر أقلهم (2) نصيبًا مقدار ما يجري ماؤه على ذلك الخرق، فيملأ ولا يزال صاحب الحصة من الماء يأخذ ماء العين كله، ويصرفه فيما شاء إلى أن يفنى ماء القدر (3)، ثم يملأ للذي يليه مرة أو مرتين أو أكثر بقدر حصته (4) ثم ذكر صفتين أخريين انظرهما في الكبير.

قوله: (وَأُقْرعَ لِلتَّشَاحِّ فِي السَّبْقِ (5)) أي: فإن تشاح الأشراك في التبدئة؛ أقرع بينهم فمن خرج سهمه أجرى له، ثم للذي يليه إلى آخرهم، حكاه ابن شاس (6).

قوله: (وَلَا يَمْنَعُ صَيْدَ سَمَكٍ، وَإِنْ ملكه (7)) لا إشكال في ذلك إذا كان في مكان غير مملوك، وأما إن كان في أرض مملوكة (8) فليس له -أيضا- في رواية ابن القاسم أن يمنع غيره من ذلك، وقال سحنون: له المنع، وقال أشهب: إن طرحها فتوالدت فله المنع، وإلا فلا إلا أن يضر به من يصيد. ولمطرف وعبد الملك نحو قول سحنون (9).

قوله: (وَهَلْ فِي أَرْضِ الْعَنْوةِ فَقَطْ؟ أَوْ إِلَّا أَنْ يَصِيدَ الْمَالِكُ؟ تَأْوِيلان) هذا تفريع على رواية ابن القاسم في المدونة، فرأى ابن كنانة (10) أنه إنما لا (11) يمنع ذلك لكون الأرض ليست لهم، إنما هم متولون لها إذ أرض مصر أرض خراج، وأما لو كانت الأرض لإنسان وملكه فله منع الناس (12). وإليه أشار بقوله:(وَهَلْ فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ فَقَطْ؟ ) أي: وهل عدم المنع ذلك مقصور على أرض العنوه فقط؟ وقال بعض القرويين: إنما لا يمنع

(1) قوله: (ثقب) زيادة من (ن 4).

(2)

في (ن 3): (أقلها)، وفي (ن 5):(أقلهما).

(3)

في (ن 4): (القلد).

(4)

انظر: عقد الجواهر: 3/ 957.

(5)

في (ن): (السيق).

(6)

انظر: عقد الجواهر: 3/ 958.

(7)

في (ن) و (ن 4): (مِنْ مِلْكِهِ).

(8)

زاد بعده في (ن): (له).

(9)

انظر تفصيل هذه الأقوال في النوادر والزيادات: 11/ 21.

(10)

قوله: (فرأى ابن كنانة) يقابله في (ن 3): (فروى ابن القاسم).

(11)

قوله: (لا) ساقط من (ن) و (ن 5).

(12)

في (ن): (ذلك).

ص: 638

النأس منها إذا كان هو لا يصيد ذلك، إذ لا يجوز له بيع ذلك؛ لأن بيعه غرر، وإليه أشار بقوله:(أَوْ إِلَّا أَنْ يَصيدَ (1) الْمَالِكُ؟ ) ولو قال: أو إن لم يصد (2) المالك لكان أحسن، فتأمله (3).

قوله: (ولا كَلأ بِفَحْصٍ وَعَفاء لَمْ يَكْتَنِفهُ زَرعُه) الكلأ -بقصر الهمزة- هو ما ينبت من المرعى الغير مزدرع (4)، والفحص هو الأرض التي ترك صاحبها زراعتها (5) ولم يبورها لأجل الرعي. والعفاء: هو الذي أعفى من الزراعة. ابن رشد: ولا خلاف أن الكلأ إذا كان في أرض غير مملوكة إن الناس كلهم فيه سواء. واختلف إذا سبق إليه أحد، فنزله وصار (6) يرعى ما حوله أو حفر بئرًا، فقال ابن القاسم: هو وغيره سواء فيه، ورواه عن مالك في المدونة، وقال أشهب: هو أحق بقدر حاجته وإن لم يحفر حوله (7) بئرًا. قال ابن رشد: ومعناه إن (8) انتجع إليه وقصده من بعد، وأما إذا مَرَّ (9) به فلا يكون أحق به (10) بمجرد سبقه. وأوَّله بعضهم على أنه أحق به، لأن رعيه إحياء، وظاهر قول المغيرة أنه أحق إن حفر بئرًا لا بمجرد النزول (11). قال (12): وهو أعدل الأقوال، وأولاها بالصواب، ثم قال: وإن كان مملوكًا فهو على أربعة أقسام:

أحدها: أن يكون قد حظر عليها (13) بالحيطان، ولا خلاف أن صاحبها أحق

(1) في (ن): (يصيده).

(2)

في (ن): (يصده).

(3)

قوله: (ولو قال: أو إن

أحسن، فتأمله) ساقط من (ن 3).

(4)

قوله: (الغير مزدرع) يقابله في (ن 3): (المغاير للزرع).

(5)

زاد بعده في (ن): (استغناء عنها).

(6)

في (ن): (فصار).

(7)

قوله: (حوله) زيادة من (ن) و (ن 4).

(8)

في (ن): (إذا).

(9)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (أقر).

(10)

زاد بعده في (ن 4): (بمقدار حاجته من كلائه).

(11)

انظر تفصيل ذلك في: البيان والتحصيل: 10/ 244 و 245.

(12)

في (ن 3): (قيل).

(13)

قوله: (حظر عليها) يقابله في (ن): (حضر عليه).

ص: 639

بما (1) فيها من الكلأ.

والثاني: ألا تكون محظورة، إلا أنها حماه ومروجه التي يبورها (2) للمرعى فذهب ابن القاسم (3): أن له المنع والبيع فإن لم يحتج إليه ولا وجد من يشتريه جبر على أن يخلي بين الناس وبينه، ولا يباح له منعه، وقيل: له المنع إن احتاج، وهو قول أشهب.

الثالث: فدادينه وفحوص أرضه التي (4) لم يبورها للمرعى، فقال ابن القاسم وأشهب: له المنع إن احتاج، والبيع إن لم يحتج (5).

والرابع: العفاء والمسرح من أرض قريبة، ولا خلاف أنه ليس له بيعه ولا منع الناس عما فضل عن حاجته (6)، إلا أن يكون عليه في تخلص الناس إليه بدوابهم ومواشيهم ضرر من زرع يكون له حواليه، فيفسد عليه بالإقبال والإدبار.

قوله: (بِخِلَافِ مَرْجِهِ وحِمَاهُ) أي: فإن له المنع منه إن احتاج إليه (7) والبيع إن لم يحتج، وهذا هو القسم الثاني (8) من كلام ابن رشد (9). والمرج هو واحد المروج، وهو الموضع الذي يرعى فيه الدواب (10).

* * *

(1) في (ن): (مما).

(2)

في (ن 4): (يزرعها).

(3)

قوله: (للمرعى فذهب ابن القاسم) يقابله في (ن) و (ن 4): (وترك زراعته من أجل ذلك وهو مذهب ابن القاسم).

(4)

قوله: (يبورها للمرعى

أرضه التي) ساقط من (ن 3).

(5)

انظر تفصيل هذه الأقوال في البيان والتحصيل: 10/ 246 و 247.

(6)

في (ن 3): (صاحبه).

(7)

قوله: (إليه) ساقط من (ن).

(8)

في (ن 5): (الثالث).

(9)

في (ن): (راشد).

(10)

قوله: قوله: "بِخِلَافِ مَرْجِهِ وحِمَاهُ"

يرعى فيه الدواب) ساقط من (ن 3).

ص: 640