المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب [في أحكام القراض] - تحبير المختصر وهو الشرح الوسط لبهرام على مختصر خليل - جـ ٤

[بهرام الدميري]

الفصل: ‌باب [في أحكام القراض]

‌باب [في أحكام القراض]

(المتن)

بَابٌ الْقِرَاضُ تَوْكِيلٌ على تَجْرٍ، فِي نَقْدٍ مَضْرُوبٍ، مُسَلَّمٍ بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ، إِنْ عُلِمَ قَدْرُهُمَا، وَلَوْ مَغْشُوشًا، لا بِدَيْنٍ عَلَيْهِ، وَاسْتمَرَّ مَا لَمْ يُقْبَضْ، أَوْ يُحْضِرْهُ، وَيُشْهِدْ، وَلا بِرَهْنٍ، أَوْ بوَدِيعَةٍ، وَإن بِيَدِهِ، وَلا بتِبْرٍ لَمْ يُتَعَامَلْ بِهِ بِبَلَدِهِ كَفُلُوسٍ، وَعَرْضٍ، إِنْ تَوَلَّى بَيْعَهُ، كَأَنْ وَكَّلَهُ على دَيْنٍ، أَو لِيَصْرِفَ، ثُمَّ يَعْمَلَ؛ فَأَجْرُ مِثْلِهِ فِي تَوَلِّيهِ، ثُمَّ قِرَاضُ مِثْلِهِ فِي رِبْحِهِ كَكُلٍّ شِرْكٌ، وَلا عَادَةَ. أَوْ مُبْهَمٍ، أَوْ أجِّلَ، أَوْ ضُمِّنَ، أَوِ اشْتَرِ سِلْعَةَ فُلانٍ، ثُمَّ اتَّجِرْ فِي ثَمَنِهَا، أَوْ بِدَيْنٍ، أَوْ مَا يَقِل كَاخْتِلافِهِمَا فِي الرِّبْحِ، وَادَّعَيَا مَا لا يُشْبِهُ.

(الشرح)

(الْقِرَاضُ: تَوْكِيلٌ عَلَى تَجْرٍ فِي نَقْدٍ مَضْرُوبٍ مُسَلَّمٍ بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ (1)) هذا تعريفه اصطلاحا، فقوله:(توكيل) كالجنس، يشمل الوكالة على خلاص الحق، وقضاء الدين، والوكالة على الخصومة، وعلى بيع سلعة، أو قضاء حاجة ونحوه، ويشمل أيضا الشركة؛ إذ هي توكيل من كل واحد (2) لصاحبه. وقوله:(على تجر) فصل أخرج به ما عدا الشركة، وقال (3):(في نقد) ليخرج الشركة؛ لأنها تجوز بالنقد وغيره من العروض. واحترز.

بقوله: (مضروب مسلم) من التبر والحلي ونحوهما، ومن اشتراط يده معه أو مراجعته أو أمينا (4) عليه.

وقوله: (بجزء) أي: كالنصف والثلث والربع أو نحوه، فلا يجوز أن يقول له أعمل في ولك كذا كذا درهما، وقوله:(من ربحه) أي من ربح المال المدفوع فلا يجوز (5) أن يعمل فيه بعدد معين من الدراهم أو (6) الدنانير. وقوله: (من ربحه) أي: ربح المال (7)

(1) قوله: (بجزء من ربحه) زيادة من (ن) و (ن 5).

(2)

زاد بعده في (ن): (منهما).

(3)

في (ن): (قاله).

(4)

في (ن 5): (أوصينا)، وفي (ن):(أمين).

(5)

قوله: (أن يقول له أعمل

فلا يجوز) زيادة من (ن 5).

(6)

في (ن): (و).

(7)

قوله: (المال) ساقط من (ن).

ص: 504

المدفوع، فلا يجوز أن يعمل فيه بجزء من ربح غيره.

قوله: (إن علم قدرهما) أي: قدر المال المدفوع، والجزء (1) المشترط له، فلا يجوز في المجهولين (2).

قوله: (ولو مغشوشا) الأصح أنه يجوز بالمغشوش من النقود كما قال، خلافا لعبد الوهاب.

قوله: (لا بدين عليه) أي: فلا يجوز لرب الدين أن يقول لمن عليه دين: اعمل فيه قراضا بربح كذا، وقاله في المدونة (3)، وغيرها.

وقوله: (واستمر) أي: و (4) استمر دينا على حاله، فيكون (5) للعامل ربحه، وعليه خسارته.

وقال (6) أشهب: يبقى قراضا، وعنه: أن الربح لربه، وللعامل أجر مثله (7).

قوله: (ما لم يقبض) أي: فإذا قبض زالت التهمة، وذلك لأنه قبل القبض يحتمل أن يكون أخره ليزيده فيه. ولما كان إحضار الدين مع الإشهاد يقوم مقام القبض، قال:(أو يحضره ويشهد) أي: يشهد على براءة ذمته، وقاله اللخمي، والمازري.

قوله: (ولا برهن، أو بوديعة؛ وإن بيده) أما عدم جوا زه بالرهن ولو كان بيده، لأنه شبيه بالدين أو بالوديعة (8)، وإن كانت بيد (9) أمين؛ ففيه (10) اشتراط زيادة التقاضي، وهو لا يجوز. وقال (11) في المدونة: إن الوديعة كالدين لا يجوز القراض بها، إلا بعد

(1) في (ن 4): (الربح).

(2)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (بالمجهولين).

(3)

انظر: المدونة، دار صادر: 1/ 87.

(4)

قوله: (و) ساقط من (ن).

(5)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (فيكون).

(6)

في (ن): (عن).

(7)

في (ن): (عمله).

(8)

قوله: (أو بالوديعة) يقابله في (ن 3): (أما الوديعة).

(9)

قوله: (كانت بيد) يقايله في (ن): (كان في يد).

(10)

في (ن): (فيه).

(11)

قوله: (قال) ساقط من (ن 3) و (ن 4) و (ن 5).

ص: 505

إحضارها و (1) قبضها، قال ابن القاسم: لأني أخاف أن يكون أنفقها فتكون عليه دينا (2). وفي العتبية لمالك: كراهته ابتداء، فإن وقع مضى وإن لم يحضرها (3) وقال ابن حبيب: يجوز ذلك من الثقة، دون غيره (4). و (5) قوله: وإن بيده راجع إلى كل من المسألتين.

قوله: (ولا بتبر لم يتعامل به ببلده) قد تقدم أن القراض يشترط في رأس ماله أن يكون مضروبا؛ فلهذا لا يصح بالتبر ونحوه من الحلي وغيره في بلد لم يتعامل به فيها، وهو الذي رجع إليه مالك، وكان أولا يقول بجوازه. وحكى ابن الجلاب في الحلي روايتين (6)، قال في البيان: والمعروف المنع (7).

وقيد اللخمى المنع بما إذا كان يتعذر الإتيان بمثل الحلي المقارض به، وإلا فهو مكروه. وهذا كله إذا كان التبر أو الحلى لا يتعامل بهما (8) في بلد المقارضة، وإلا جاز اتفاقا، وقاله اللخمى، وابن رشد (9)، واستدل مالك على ذلك في الموازية: بأن الناس كانوا يعملون بالقراض قبل ضرب الدنانير والدراهم بالتبر والحلي (10). اللخمي، وغيره: وتجوز المقارضة بالحلي الذى (11) يتعاملون به كأرض الصامدة (12).

قوله: (كفلوس) هو مذهب ابن القاسم (13)، وقال أشهب: بالجواز، وقيل:

(1) في (ن): (أو).

(2)

انظر: المدونة، دار صادر: 12/ 88.

(3)

في (ن) و (ن 4) و (ن 5): (يحضره). وانظر: النوادر والزيادات: 7/ 245.

(4)

انظر: النوادر والزيادات: 7/ 245.

(5)

قوله: (و) ساقط من (ن).

(6)

انظر: التفريع: 2/ 157.

(7)

انظر: البيان والتحصيل: 12/ 241.

(8)

في (ن): (به).

(9)

انظر: المقدمات الممهدات: 2/ 195.

(10)

قوله: (بالتبر والحلي) زيادة من (ن 3).

(11)

في (ن): (للذين).

(12)

انظر: التبصرة، للخمي، ص: 5225، وما بعدها.

(13)

انظر: المدونة: 8/ 409 و 410.

ص: 506

بالجواز (1) في القليل دون الكثير، وقيل: بالكراهة مطلقا، حكاه اللخمي (2).

قوله: (وعرض إن تولى بيعه) لا خلاف في منع القراض بالعروض مقومة كانت أو مثلية، إذا كان العامل هو الذى يتولى بيعها (3) بنفسه. وقيد ذلك اللخمى بما إذا كان في بيعه كلفة، ولذلك أجرة لها خطب (4).

قوله: (كإن وكله على دين) أي: وكله على قبضه ممن هو عليه ثم يعمل به قراضا. وقيده اللخمي بما (5) إذا كان على غائب ويحتاج إلى المضي إليه أو على حاضر ملي (6) وأما إذا كان (7) على حاضر موسر وليس إلا اجتماع العامل به فيقبضه منه فإنه جائز، إذ لا فرق حينئذ بين قبضه منه أو من ربه (8).

قوله: (أو ليصرف ثم يعمل) أي: ومثل ذلك في المنع ما إذا دفع إليه ذهبا ليصرفه ثم يعمل به قراضا (9)، وقيده فضل بما إذا كان الصرف (10) له بال وأجازه أشهب، والخلاف مقيد بما إذا كان رأس المال هي الدراهم، وأما إن جعلا (11) رأس المال الدنانير، وإنما شرط عليه الصرف لأنه من حسن الظن (12) فإنه جائز.

قوله: (فأجر مثله في توليه، ثم قراض (13) مثله في ربحه) أي: فإن وقع القراض بالعرض أو بالدين (14)، وما بعده، كان للعامل قراض مثله في الربح، وأجر

(1) قوله: (وقيل: بالجواز) ساقط من (ن).

(2)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:5227.

(3)

قوله: (بيعها) ساقط من (ن 5).

(4)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:5232.

(5)

في (ن 3): (بغير ما).

(6)

في (ن 4): (معدم).

(7)

قوله: (على غائب .. إذا كان) ساقط من (ن 3).

(8)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:5229.

(9)

قوله: (قراضا) ساقط من (ن 4).

(10)

في (ن 5): (التصرف).

(11)

قوله: (إن جعلا) يقابله في (ن): (إذا كان).

(12)

قوله: (حسن الظن) يقابله في (ن 3) و (ن 4): (جنس النظر)، وفي (ن):(حسن النظر).

(13)

في (ن 4): (أقرض).

(14)

قوله: (بالعرض أو بالدين) يقابله في (ن): (بالعروض أو بغير الدنانير)، وقوله:(أو بالدين) زيادة من (ن 3).

ص: 507

مثله في بيع العرض (1)، وخلاص الدين، وتولية الصرف.

وقوله: (ككُلٍّ شرك ولا عادة) أي: ومما (2) فيه أيضا قراض المثل، ما إذا دفع له المال، وقال له: اعمل به والربح شرك، وليس ثَمَّ عادة تقيد ذلك، وهو مذهب المدونة بشرط أن يكون قد عمل، وإلا فسخ (3). ونقل اللخمي: أنه قراض فاسد، وقال عبد الملك: هو صحيح، وله نصف الربح (4). أما لو جرت عادة في بلد القراض بتخصيص الشرك (5) بجزء معلوم؛ لصح القراض، وعمل على نحو ذلك، ونحوه في الجواهر (6).

قوله: (أو مبهم) أي: وهكذا يرجع العامل إلى قراض المثل فيما إذا أخذ المال على جزء من الربح مبهم؛ للغرر فيما يحصل له من الربح هل النصف، أو أقل، أو أكثر؛ وكذا رب المال، وقيل: يرد فيه إلى أجرة المثل.

قوله: (أو أجل) أي: كقوله: اعمل فيه سنة، أو شهرا (7)، أو نحو ذلك، أو لا تعمل فيه إلا إذا دخل الشهر الفلانى أو السنة الفلانية، وفي كلا الصورتين يرجع إلى قراض المثل، وقيل: إلى أجرة المثل.

قوله: (أو ضمن) أي: مثل أن يدفع المال ويقول للعامل أنت ضامن؛ لأنه ليس من سنة القراض.

قوله: (أو اشتر سلعة فلان ثم اتجر في ثمنها) أي: وهكذا يرد العامل إلى قراض المثل، إذا دفع له المال واشترط عليه ربه أن يشترى به سلعة من فلان ثم يبيعها ويتجر بثمنها، وقيل: له في ذلك أجر مثله.

قوله: (أو بدين) قد تقدم أنه لا يجوز له أن يقارضه بالدين، ومراده هنا: أن رب المال إذا اشترط على العامل أن لا يشترى إلا بالدين، فإنه يرد في ذلك إلى قراض مثله،

(1) في (ن 4): (القرض).

(2)

زاد بعده في (ن 5): (يجب)

(3)

انظر: المدونة، دار صادر: 12/ 90.

(4)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:5237.

(5)

في (ن 3): (الشريك).

(6)

انظر: عقد الجواهر: 3/ 902.

(7)

قوله: (سنة، أو شهرا) يقابله في (ن 3): (ستة أشهر).

ص: 508

وقيل: إلى أجر مثله.

قوله: (أو ما يقل) أي: ومثل ذلك فيما يرد فيه العامل إلى قراض مثله، ما إذا قال له رب المال: لا تتجر إلا (1) في الشيء الفلاني، وكان وجوده في بلد القراض قليلا، وقيل: له أجر مثله، وهما تأويلان على المدونة (2).

قوله: (كاختلافهما في الربح وادعاء (3) ما لا يشبه) هذه المسألة ليست من مسائل القراض الفاسد، وإنما ذكرها مع هذه المسائل من جهة أن العامل يرد فيها إلي قراض مثله، وهو مذهب المدونة. أما إن ادعى العامل ما يشبه فإن القول قوله، وكذا إذا أتى رب المال بما يشبه دون العامل فإنه يصدق. انظر الكبير.

(المتن)

وَفِيمَا فَسَدَ غَيْره أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي الذمَّةِ، كَاشْتِرَاطِ يَدِهِ أَوْ مُرَاجَعَتِهِ أَوْ أَمِينًا عَلَيهِ، بخِلافِ غُلامٍ غَيْرِ عَيْنٍ بِنَصِيبٍ لَهُ، كَأَنْ يَخِيطَ، أَوْ يَخْرِزَ، أَوْ يُشَارِكَ، أَوْ يَخْلِطَ، أَوْ يُبْضِعَ، أَوْ يَزْرعَ، أَوْ لا يَشْتَرِي إِلَى بَلَدِ كَذَا، أَوْ بَعْدَ اشْتِرَائِهِ، إِنْ أَخْبَرَهُ فَقَرْضٌ، أَوْ عَيَّنَ شَخْصًا، أوْ زَمَنًا، أَوْ مَحَلًّا، وَكَأنْ أَخَذَ مَالًا لِيَخْرُجَ بِهِ لِبَلَدٍ فَيَشْتَرِيَ. وَعَلَيْهِ كَالنَّشْرِ وَالطَيّ الْخَفِيفَيْنِ، وَالأَجْرِ إِنِ اسْتَأجَرَ، وَجَازَ جُزْءٌ قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وَرِضَاهُمَا بَعْدُ على ذلِكَ،

(الشرح)

قوله: (وفيما فسد غيره أجرة مثله) أي: وفيما فسد من القراض غير الوجوه السابقة أجرة المثل.

قوله: (في الذمة) هذا هو المشهور، أن أجرة المثل في ذمة رب المال سواء حصل ربح أم لا، بخلاف قراض المثل، فإنه يكون في الربح، فإن لم يحصل له ربح فلا شئ له. وقال ابن حبيب: أجرة المثل في الربح أيضا (4).

قوله: (كاشتراط يده، أو مراجعته، أو أمينا عليه) يعنى: أن رب المال إذا شرط على العامل أن تكون يده معه في المال، أو اشترط عليه أن يراجعه فيما يفعل، أو جعل معه

(1) قوله: (إلا) ساقط من (ن 3).

(2)

انظر: المدونة: 3/ 652 و 653.

(3)

في (ن 4): (وادعيا).

(4)

قوله: (أن أجرة المثل

أيضا) يقابله في (ن 3): (وقيل إن أجرة المثل في الربح أيضا).

ص: 509

أمينا عليه، فلم يسلم له المال إلا مع تحجير عليه وتضييق، وهو مخالف لسنة القراض، وأيضا فإنه لم يأتمنه على ذلك، فهو حينئذ شبيه بالأجير، فلهذا كانت له أجرة مثله (1).

قوله: (بخلاف غلام) أي: فإن رب المال إذا اشترط أن يعمل غلامه مع العامل في القراض بجزء من الربح، فإن ذلك جائز، وهو قول مالك، وابن القاسم، وابن وهب (2) وغيرهم، وهو المعروف، إلا أن ذلك مشروط بشرطين: الأول: أن لا يقصد السيد بذلك كون العبد عينا على العامل، وإليه أشار بقوله:(غير عين) أي: فإن كان عينا لم يجز. الثاني: أن يكون الجزء من الربح للعبد، ولهذا قال:(بنصيب له) أي: فإن كان للسيد لم يجز.

قوله: (كأن يخيط أو يخرز) أي: وهكذا يكون للعامل أجر مثله، إذا اشترط رب المال عليه أن يشترى قماشا ويخيطه، أو جلودا ويخرزها. وفي كتاب محمد: هما على قراضهما، وقاله ابن وهب. وقال أشهب: له أجر مثله فيما عمل، وقراض مثله فيما سوى ذلك، وقال ابن نافع: له فيما سوى عمل يده الأقل من المسمي وقراض المثل.

قوله: (أو يشارك) أي: وهكذا يكون للعامل أجر مثله، إذا اشترط عليه رب المال أن يشارك غيره في مال القراض.

قوله: (أو يخلط) أي: أي يخلط مال القراض بمال من عنده (3) ويعمل فيهما، والمشهور أن ذلك فاسد وأن فيه أجرة المثل، وقيل: فيه قراض المثل. وفي الموازية (4): لا بأس به، وقال أصبغ: لا يعجبنا هذا، إلا أن يقل مال العامل (5) كالخمسة الدنانير والعشرة، فإن نزل أمضيته على قراضهما.

قوله: (أو يبضع) أي: يرسل جزءا من مال القراض مع غيره للتجارة.

قوله: (أو يزرع) أي: يشترط عليه أن يزرع من مال القراض، قال في المدونة: فإن نزل (6) كان له أجر مثله، وما كان من زرع فلرب المال. وحكي ابن شعبان في ذلك

(1) قوله: (فلم يسلم له

له أجرة مثله) يقابله في (ن 3) و (ن 4): (فإنه يرد إلى أجرة مثله).

(2)

انظر: المدونة: 3/ 648.

(3)

في (ن 3): (غيره).

(4)

في (ن 4): (المدونة).

(5)

قوله: (مال العامل) ساقط من (ن 3).

(6)

في (ن 4): (زرع).

ص: 510

قولين: بالجواز، والكراهة.

قوله: (أو لا يشترى إلى بلد كَذَا) أي: يحجر عليه أن لا يشتري بمال القراض إلى أن يبلغ الموضع الفلاني (1).

قوله: (أو بعد اشترائه إن أخبره فقرض) معنى هذه المسألة ما قال في المدونة: أن من ابتاع سلعة، ثم سأل (2) رجلا يدفع إليه مالا ينقده فيها ويكون قراضا بينهما، ثم قال: فلا خير فيه، فإن نزل لزمه رد المال إلى ربه، وما كان فيها من ربح أو وضيعة فله أو عليه (3). فقوله: في المدونة: لزمه رد المال هو كقول الشيخ هنا: (فقرض) وهذا إذا أخبر رب المال أولا بما اشترى، ابن المواز: ولو أخذ المال ولم يخبره بالشراء، أو لم يسم (4) له السلعة ولا البائع (5)؛ جاز.

قوله: (أو عين شخصا، أو زمنا، أو محلا) أي: وهكذا يكون القراض فاسدا، إذا شرط رب المال على العامل أن لا يشتري إلا من شخص معين، أو عين زمنا فقال: اتجر بالمال سنة فقط، أو اشترط عليه أن لا يعمل إلا في محل كذا؛ لأن ذلك كله من باب التضييق عليه والتحجير.

قوله: (وكان أخذ مالا ليخرج لبلد فيشترى) هذا كقوله في المدونة: ومن أخذ قراضا على أن يخرج به إلى بلد يشترى منه تجارة (6) فلا خير فيه، قال مالك: لأنه يعطيه المال ويقوده كما يقود البعير (7).

قوله: (وعليه كالنشر والطي الخفيفين) أي: وعلى العامل ما خف من نشر وطي، ونحوهما مما جرت العادة أنه يتولاه، ولا يستأجر عليه من مال القراض، فإن استأجر على ذلك فالأجرة عليه، وإليه أشار بقوله:(والأجر إن استأجر) أي: وعليه الأجر إن

(1) قوله: (قوله: "أو لا يشترى .. " .. الفلاني) ساقط من (ن 3).

(2)

في (ن 4): (شارك فيها).

(3)

انظر: المدونة: 3/ 656.

(4)

في (ن 5): (يقسم).

(5)

في (ن 3): (البيع).

(6)

انظر: المدونة: 3/ 648.

(7)

انظر: المدونة: 3/ 648.

ص: 511

استأجر على ذلك.

قوله: (وجاز جزء قل أو كثر) أي: وجاز القراض سواء كان الجزء المشترط للعامل قليلا أو كثيرا، وقاله في المدونة.

قوله: (ورضاهما بعد على ذلك) أي: وكذلك يجوز أن يتراضيا بعد القراض على جزء قل أو كثر، يريد: وقد كانا دخلا قبل ذلك (1) على جزء معلوم، وقاله في المدونة.

(المتن)

وَزَكَاتُهُ على أَحَدِهِمَا وَهُوَ لِلْمُشْتَرِطِ، وَإِنْ لَمْ تَجِبْ، وَالرِّبْحُ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا وَضَمِنَهُ فِي الرِّبْحِ لَهُ، إِنْ لَمْ يَنْفِهِ، وَلَمْ يُسَمِّ قِرَاضا. وَشَرْطُهُ عَمَلُ غُلامِ رَبِّهِ، أَوْ دَابَّتِهِ فِي الْكَثِيرِ، وَخَلْطُهُ، وَإِنْ بِمَالِهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، إِنْ خَافَ بِتَقْدِيمِ أَحَدِهِمَا رُخْصًا، وَشَارَكَ، إِنْ زَادَ مُؤَجَّلًا بِقِيمَتِهِ، وَسَفَرُهُ، إِنْ لَمْ يُحْجَز عَلَيْهِ قَبْلَ شَغْلِهِ، وَادْفَعْ لِي، فَقَدْ وَجَدْت رَخِيصًا أَشْتَرِيهِ، وَبَيْعُهُ بِعَرْضٍ، وَرَدُّهُ بِعَيْبٍ، وَلِلْمَالِكِ قَبُولُهُ، إِنْ كَانَ الْجَمِيعَ. وَالثَّمَنُ عَيْنٌ.

(الشرح)

قوله: (وزكاته على أحدهما) أي: وكذا يجوز لهما أن يجعلا زكاة ربح القراض على أحدهما، يريد، لأن ذلك يرجع إلى جزء معلوم، وهو مذهب المدونة (2).

وفي الأسدية: لا يجوز اشتراطه على واحد منهما (3). وفي المساقاة (4): يجوز على رب المال فقط، ابن رشد (5)، وابن زرقون: والباب واحد (6). وخرج ابن رشد، وغيره: عكس هذا، وأنه يجوز اشتراط ذلك (7) على العامل، دون رب المال. وهذا كله في زكاة الربح (8)، وأما زكاة المال كله فلا خلاف في عدم جواز اشتراط زكاته على العامل، قاله في البيان (9)، وغيره.

(1) قوله: (قبل ذلك) ساقط من (ن 3).

(2)

انظر: المدونة: 3/ 638.

(3)

انظر: المقدمات الممهدات: 2/ 188.

(4)

في (ن 3): (المقدمات).

(5)

في (ن 4): (ابن شاس). وانظر: المقدمات الممهدات: 1/ 156.

(6)

انظر: التوضيح: 7/ 48.

(7)

في (ن 3): (زكاته).

(8)

انظر: المقدمات الممهدات: 1/ 156.

(9)

انظر: البيان والتحصيل: 2/ 413.

ص: 512

قوله: (وهي (1) للمشترط وإن لم تجب) هو جواب عن سؤال مقدر، و (2) كأن قائلا قال له: ما ذكرته من الجواز (3) يؤدي إلى القراض (4) بجزء مجهول؛ لأن الزكاة قد لا تجب، إما لقصور الربح عن النصاب، أو لعدم حولان الحول على المال؟ . فأجاب: بأن ذلك يرجع إلى جزء معلوم؛ لأن المراد أن لمشترط الزكاة ربع عشر الربح، ثم يقتسمان (5) ما بقى، سواء وجبت الزكاة أم (6) لم تجب؛ ولهذا قال:(وإن لم تجب) أي: والجزء لمشترطه منهما وإن لم تجب الزكاة.

قوله: (والربح لأحدهما أو لغيرهما) أي: وهكذا يجوز أن يعقد القراض على أن يكون الربح كله لأحدهما أو لغيرهما (7)، ابن عبد السلام (8): ولا خلاف أعلمه في ذلك في المذهب (9)، على أن الباجي قال: هو مشهور المذهب. وحيث شرط الربح للعامل، فإن قال له رب المال (10): اعمل ولك ربحه فضمانه من العامل؛ لأنه كالسلف، وإليه أشار بقوله:(وضمنه في الربح (11) له).

قوله: (إن لم ينفه، ولم يسم قراضا) إشارة إلى أن الضمان عليه مشروط بشرطين:

الأول: أن لا ينفيه، فإن نفاه بأن قال له: اعمل ولا ضمان عليك، فإنه لا يضمنه، وقاله (12) اللخمي.

الثاني: أن لا يسمى ذلك قراضا، فإن قال له: اعمل في هذا (13)، فإن قال له: اعمل

(1) في (ن) و (ن 4): (وهو).

(2)

قوله: (و) ساقط من (ن).

(3)

قوله: (من الجواز) ساقط من (ن 3).

(4)

في (ن): (قراض).

(5)

في (ن): (يقسمان).

(6)

في (ن): (أو).

(7)

قوله: (أي: وهكذا يجوز

أو لغيرهما) ساقط من (ن 4).

(8)

انظر: التوضيح: 7/ 43.

(9)

قوله: (في ذلك في المذهب) يقابله في (ن): (في المذهب في ذلك).

(10)

قوله: (له رب المال) زيادة من (ن 3).

(11)

قوله: (في الربح) يقابله في (ن 4): (والربح).

(12)

قوله: (و) ساقط من (ن).

(13)

قوله: (فإن قال له: اعمل في هذا) ساقط من (ن).

ص: 513

في هذا المال على القراض، فالمشهور أن ضمانه من ربه، خلافا (1) لسحنون، اللخمى (2): والأول أصوب (3).

قوله: (وشرطه عمل غلام ربه، أو دابته في الكثير) أي: وجاز للعامل أن يشترط عمل غلام رب المال معه، أو عون دابته، قاله (4) مالك مرة، ومنعه مرة (5)، واختار محمد الجواز (6)، وقيده ابن زرقون بالمال الكثير، كما نبه عليه هنا.

قوله: (وخلطه وإن بماله) ما تقدم من أن خلط (7) المال يفسد القراض، ويرد فيه العامل إلى أجرة (8) مثله، إنما ذلك مع الاشتراط، وأما (9) خلطه من غير شرط فإن ذلك جائز، وهو المراد هنا، وسواء خلطه بماله، أو بمال غيره؛ لأن كثرة المال تحصل الربح الكثير، قال في المدونة: وإذا خاف العامل إن قدم ماله على مال القراض، أو أخره وقع الرخص في ماله، فالصواب أن يخلطهما، ويكون ما اشترى بهما (10) من السلع على القراض (11) وعلى ما نقد فيها) (12)، وإليه أشار بقوله:(وهو الصواب إن خاف بتقديم أحدهما رخصا).

قوله: (وشارك إن زاد مؤجلًا بقيمته) أي: وشارك العامل رب المال إن زاد ثمنا مؤجلًا بقيمته، وهذا معنى قول ابن القاسم في المدونة: إن العامل إذا أخذ مائة قراضًا،

(1) في (ن 5): (لا خلاف).

(2)

قوله: (اللخمي) ساقط من (ن 3).

(3)

انظر: التبصرة، للخمي، ص: 5238 و 5239.

(4)

في (ن): (وقاله).

(5)

زاد بعده في (ن): (أخرى). وانظر: المدونة: 3/ 648.

(6)

انظر: النوادر والزيادات: 7/ 247.

(7)

في (ن): (خلطه).

(8)

في (ن): (أجر).

(9)

زاد بعده في (ن): (إذا).

(10)

قوله: (بهما) ساقط من (ن 5).

(11)

قوله: (في ماله، فالصواب

على القراض) ساقط من (ن 5).

(12)

قوله: (نقد فيها) يقابله في (ن 3): (تقدم فيها)، وفي (ن 5):(نقد هذا)، وفي (ن):(نقده فيها). وانظر: المدونة: 3/ 641.

ص: 514

فاشترى سلعة، بمائتين إحداهما حالة، والأخرى مؤجلة، أنه يكون شريكا لرب المال بقيمة المؤجلة، تقوم بالنقد، فإن ساوت خمسين كان العامل شريكًا بالثلث (1). وقال محمد: إنما تقوم بالعرض، ثم يقوم العرض بنقد (2)، ويكون شريكًا بنسبته، وإليه ذهب ابن القاسم وأشهب، وعليه أصلح سحنون المدونة. وعن مالك: أنه يكون شريكًا بما زادته قيمة السلعة على مائة القراض، وهو الذى كانت المدونة عليه أولًا (3)، وهي رواية القابسى عن الدباغ والإبيانى. واختار ابن المواز وصاحب البيان وغيرهما الأول.

قوله: (وسفره إن لم يحجر قبل شغله) أي: وجاز سفر العامل بالمال (4)، إن لم ينهه رب المال عن ذلك قبل شغل المال، قال (5) في المدونة: وليس له أن ينهاه عن السفر إذا شغل المال (6). والحاصل: أن له السفر به (7) عند الإطلاق وهو المشهور (8) وقال ابن حبيب: ليس له أن يخرج به من بلد رب المال إلا بإذنه، وقال سحنون: ليس له أن يسافر بالمال (9) سفرا بعيدا إلا بإذنه، وقال اللخمي: إن كان العامل من شأنه السفر فله ذلك، وإلا فلا (10).

قوله: (وادفع لي (11) فقد وجدت رخيصا أشتريه) أي: وكذا يجوز القراض في هذه الصورة، وهي أن يقول العامل لرجل: قد وجدت سلعة رخيصة فادفع لي مالًا قراضًا لأشتريها به وقد فعله عثمان رضي الله عنه.

قوله: (وبيعه بعرض) أي: وكذا يجوز للعامل أن يبيع بالعرض؛ لأنه من التجر

(1) انظر: المدونة: 3/ 656.

(2)

قوله: (ثم يقوم العرض بنقد) يقابله في (ن 3): (لا بنقد).

(3)

انظر: النوادر والزيادات: 7/ 258.

(4)

قوله: (بالمال) ساقط من (ن 4).

(5)

زاد بعده في (ن): (مالك).

(6)

قوله: (قال في المدونة

إذا شغل المال) ساقط من (ن 3).

(7)

قوله: (به) ساقط من (ن).

(8)

انظر: المدونة: 3/ 654.

(9)

زاد في (ن) و (ن 4) و (ن 5): (اليسير).

(10)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:5278.

(11)

في (ن 5): (له).

ص: 515

الذى دخل مع رب المال عليه.

قوله: (ورده بعيب) أي: وكذا يجوز له (1) إذا اشترى شيئا، ثم اطلع فيه على عيب أن يرده، يريد: وإن أبى رب المال؛ لتعلق حق العامل بالزيادة.

وقوله: (وللمالك قبوله، إن كان الجميع، والثمن عينا (2)) يريد: أن الحكم المتقدم مقيد بما إذا كان الشراء ببعض مال القراض، فأما إن اشترى بالجميع سلعة ثم وجد فيها عيبًا، فإن لربه قبول ذلك المعيب (3) بالثمن؛ لأن من حجته أن يقول للعامل: أنت إذا رددت (4) ذلك نض المال ولي أن آخذه، وقاله في المدونة (5)، وقيدها (6) أبو عمران بما إذا لم يكن ثمن المعيب عرضًا (7)؛ ولهذا قال:(والثمن عينًا) فإن كان عرضًا لم يكن له ذلك؛ لأن العامل يرجو الربح في ذلك العرض إذا عاد في يده.

(المتن)

وَمُقَارَضَةُ عَبْدِهِ وَأَجِيرِهِ، وَدَفَعُ مَالَيْنِ، أَوْ مُتَعَاقِبَيْنِ قَبْلَ شَغْلِ الأَوَّلِ، وَإِنْ بِمُخْتَلِفَيْنِ، إِنْ شَرَطَا خَلْطًا، أوْ شَغْلَهُ، إِنْ لَمْ يَشْتَرِطْة كَنُضُوضِ الأَوَّلِ، إِنْ سَاوَى، وَاتَّفَقَ جُزْؤُهُمَا، وَاشْتِرَاءُ رَبِّهِ مِنْهُ إِنْ صَحَّ، وَاشْتِرَاطُهُ أَنْ لا يَنْزِلَ وَادِيًا، أَوْ يَمْشِيَ بِلَيْلٍ، أَوْ بِبَحْرٍ، أَوْ يَبْتَاعَ سِلْعَةً، وَضَمِنَ إِنْ خَالَفَ كَإِنْ زَرَعَ أَوْ سَاقَى بِمَوْضِعِ جَوْرٍ، أَوْ حَرَّكَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ عَيْنًا، أَوْ شَارَكَ وَإِنْ عَامِلًا أَوْ بَاعَ بِدَيْنٍ، أَوْ قَارَضَ بِلا إِذْنٍ، وَغَرِمَ لِلْعَامِلِ الثَّانِي، إِنْ دَخَلَ عَلَى أَكْثَرَ، كَخُسْرِهِ وَإِنْ قَبلَ عَمله وَالرِّبْحُ لَهُمَا، كَكُلِّ آخِذِ مَالٍ لِلتَّنْمِيَةِ فَتَعَدَّى، لا إِنْ نَهَاهُ عَنِ الْعَمَلِ قَبْلَهُ أَوْ جَنَى كُلٌّ، أوْ أَخَذَ شَيْئًا فَكَأجْنَبِي.

(الشرح)

قوله: (ومقارضة عبده وأجيره) أي: وللمالك أن يقارض عبده وأجيره للخدمة،

(1) قوله: ("للعامل أن يبيع بالعرض

ورده بعيب" أي: وكذا يجوز له) ساقط من (ن).

(2)

في (ن 3): (عيب).

(3)

في (ن 5): (العيب).

(4)

في (ن 5): (آردت)، وزاد بعده في (ن):(من).

(5)

انظر: المدونة: 3/ 657.

(6)

في (ن): (وقيده).

(7)

انظر: التوضيح: 7/ 69.

ص: 516

وقاله في المدونة (1). وقال سحنون: ليس له ذلك في الأجير، ويدخله فسخ الدين في الدين، يريد: لأنه فسخ (2) ما ترتب له من المنفعة بسبب الإجارة فيما يخدمه بسبب القراض.

قوله: (ودفع مالين، أو متعاقبين قبل شغل الأول، وإن بمختلفين إن شرطا خلطا (3)) أي: وكذا يجوز للمالك دفع مالين معا، أو واحد بعد واحد، إن لم يكن العامل شغل المال الأول (4)، وسواء كاتا متفقين أو مختلفين، إذا شرطا خلطهما (5)، وإلا جاز في المتفق الجزء فقط، وقاله ابن المواز، إذ لا يتهم في عمل أحد المالين دون الآخر، ابن يونس: وهو ظاهر المدونة (6)، وقال ابن حبيب: لا يجوز فيهما (7). وإنما جاز مع اختلاف الجزءين إذا شرطا الخلط؛ لأن ذلك يرجع إلى جزء معلوم، كما إذا كان أحد المالين على النصف، والآخر على الثلث.

قوله: (أو شغله إن لم يشترطه) هذا قسيم قوله: (قبل شغله) أي: وإن دفع المال الثاني بعد (8) شغل الأول، جاز إن لم يشترط الخلط، وظاهره ولو مع اختلاف الجزأين، وعن مالك: لا يعجبني ذلك مع اختلافهما، يريد: للتهمة (9). أما إذا اشترطه فإنه لا يجوز (10) ولو اتفق الجزءان، لأنه قد يخسر في الثاني، فيلزمه أن يجبره بما ربح في (11) الأول، وقاله في المدونة (12).

(1) انظر: المدونة: 3/ 645.

(2)

في (ن): (يفسخ له).

(3)

قوله: (وإن بمختلفين إن شرط خلطا) ساقط من (ن) و (ن 4).

(4)

قوله: (أي: وكذا يجوز للمالك

المال الأول) ساقط من (ن 3).

(5)

زاد بعده في (ن 4): (وإلى ذلك أشار

إن شرطا خلطا).

(6)

انظر: المدونة: 3/ 650.

(7)

في (ن 3): (فيما اتفق).

(8)

في (ن): (قبل).

(9)

قوله: (مع اختلافهما، يريد: للتهمة) ساقط من (ن 4).

(10)

قوله: (اشترطه فإنه لا يجوز) يقابله في (ن 3): (لم يشترطه فإنه يجوز).

(11)

قوله: (في) ساقط من (ن).

(12)

انظر: المدونة: 3/ 650.

ص: 517

قوله: (كنضوض الأول، إن ساوى، واتفق جزؤهما) أي: وكذا يجوز له أن يدفع له المال الثاني بعد نضوض الأول بشرطين: أن يكون الأول قد نض من غير ربح فيه (1) ولا خسارة، كما إذا اشترى بمائة وباع أيضا بمائة، وهو مراده بالمساواة. وأن يكون جزء الربح متفقا، وقاله في المدونة.

قوله: (واشتراء ربه منه إن صح) أي: وكذا يجوز لرب المال أن يشترى من العامل سلعة، قال في الموطأ: لا بأس به إذا كان صحيحا من (2) غير شرط، أي: لئلا يتوصل بذلك إلى أخذ شيء من الربح قبل المفاصلة، ابن القاسم: وسواء كان شراؤه بنقد، أو إلى أجل.

قوله: (واشتراطه أن لا ينزل واديًا، أو يمشى بليل، أو ببحر، أو يبتاع سلعة، وضمن إن خالف) هذا إشارة إلى قوله في المدونة: ويجوز لرب المال أن يشترط على العامل أن لا ينزل ببطن واد، ولا يمشى بليل، ولا يبتاع سلعة كذا، ولا يحمله في بحر، فإن فعل شيئًا من ذلك ضمن، قال: وقاله الفقهاء السبعة (3).

قوله: (كإن زرع أو ساقى بموضع جور (4)) هذا راجع إلى قوله: (وضمن إن خالف) أي: وهكذا يضمن العامل إذا زرع أو ساقى في موضع ظلم (5)، وقد نص في المدونة على مسألة الزرع، ولا فرق بين المزارعة (6) والمساقاة في ذلك (7).

قوله: (أو حركه بعد موته عينا) أي: وكذا يضمن العامل المال إذا حركه، أي: اشترى به بضاعة بعد موت ربه، بشرط أن يكون المال عينًا، فإن مات ربه وقد كان العامل شغله فإنه على قراضه، قاله (8) في المدونة فإن أراد الورثة أخذ القراض، فذلك

(1) قوله: (فيه) ساقط ص (ن).

(2)

في (ن 5): (عن).

(3)

انظر: المدونة: 3/ 652.

(4)

زاد بعده في (ن): (له).

(5)

قوله: (هذا راجع

موضع ظلم) ساقط من (ن 3).

(6)

في (ن 5): (الزرع).

(7)

انظر: المدونة: 3/ 655.

(8)

في (ن 4): (قال).

ص: 518

لهم إن كان المال عينا، وليس لهم ذلك إن كان سلعة، وهم في هذا كوليهم سواء (1).

قوله: (أو شارك وإن عاملا (2)) قال في المدونة: ولا يجوز للعامل أن يشارك بمال القراض أحدًا وإن عملا جميعا (3)، فإن فعل ضمن، ولا يجوز له أن يشارك عاملا آخر لرب المال.

قوله: (أو باع بدين) أي: وكذا يضمن العامل إذا باع سلع القراض بالدين؛ لتعديه، وقاله (4) في المدونة (5). فإن باع بذلك فالربح بينهما والخسارة عليه، وهذا هو المشهور، وقيل: يجوز له إعطاء السلم، واستصوبه (6) أبو عمران، أما إذا أذن له أن يبيع بالدين، فلا ضمان عليه (7) باتفاق.

قوله: (أو قارض بلا إذن) أي: وكذا يضمن إذا قارض غيره بغير إذن رب المال، يريد: ويكون ما حصل من الربح بين العامل الثاني (8) وبين رب المال؛ لأن القراض كالجعل، لا يصح إلا بالعمل. وقوله:(بلا إذن) قيد في هذه المسألة والمسألتين اللتين (9) قبلها.

قوله: (وغرم للعامل الثاني، إن دخل على أكثر) إذا دفع العامل المال لعامل آخر، فتارة يدخل على مقدار جزء الأول من الربح، ولا إشكال فيه وتارة يدخل على أقل، كما لو أخذه الأول على النصف فدفعه (10) على الثلث، ابن يونس على أن السدس الزائد لرب المال فيكون له الثلثان (11)، ابن عبد السلام: ولا يبعد أن يختلف (12) فيه، ويكون

(1) انظر: المدونة: 3/ 663.

(2)

في (ن 4): (غلاما).

(3)

انظر: المدونة: 3/ 641.

(4)

في (ن): (قال).

(5)

انظر: المدونة، دار صادر: 12/ 88.

(6)

في (ن) و (ن 3) و (ن 5): (واستغربه).

(7)

قوله: (عليه) ساقط من (ن 3) و (ن 4) و (ن 5).

(8)

قوله: (الثاني) ساقط من (ن) و (ن 3) و (ن 5).

(9)

قوله: (المسألتين اللتين) يقابله في (ن): (المسألة التي).

(10)

في (ن 4): (فدخله).

(11)

قوله: (ابن يونس

له الثلثان) زيادة من (ن 5).

(12)

في (ن 4): (يخالف).

ص: 519

له الزائد لضمانه.

وتارة يدخل على أكثر، كما لو أخذه الأول (1) على النصف فدفعه على الثلثين، والحكم فيه ما ذكر، وهو أن يغرم الأول للثاني قدر الزائد، ويأخذ رب المال نصف الربح (2)، لأنه لم يدخل إلا على ذلك، وهذا هو المشهور، وقال أشهب: العامل الثاني أحق بما دخل عليه، وهو الثلثان، ويأخذ رب المال الثلث، ويتبع الأول بالسدس.

قوله: (كخسره وإن قبل عمله) أي: وهكذا يغرم الأول ما خسر في المال، سواء كان بعد عمله (3) فيه أو قبل أن يعمل فيه ثم دفعه للثاني، مثاله ما قال في المدونة: أن يكون رأس المال ثمانين فخسر فيه أربعين، ثم دفع الأربعين الباقية للثاني على النصف فصارت مائة (4) فإن رب المال يأخذ ثمانين رأس ماله وعشرة نصف ما بقى، ويأخذ الثاني عشرة ويرجع (5) على الأول (6) بعشرين وهي تمام نصف ربحه الزائد على الأربعين التي دفعها له (7)، وقال أشهب: لا يحسب رب المال على الثاني إلا الأربعين رأس ماله فيأخذها، ثم يأخذ نصف الربح وهو ثلاثون ثم يعود على العامل الأول بما بقي (8).

قوله: (والربح لهما (9)، ككل آخذ مال للتنمية فتعدى) قد تقدم أن العامل إذا تعدى، أو باع بالدين، أن الغرامة عليه، والربح بينه وبين رب المال، وهكذا هنا، وكذلك الحكم في كل من أخذ مالًا على التنمية فتعدى فيه.

(1) قوله: (الأول) ساقط من (ن 3).

(2)

قوله: (نصف الربح) يقابله في (ن 3): (نصفه)، وفي (ن 4):(النصف).

(3)

في (ن 3) و (ن 5): (علمه).

(4)

زاد بعده في (ن 4): (فلم يكن الثاني علم بذلك).

(5)

زاد بعده في (ن): (الثاني).

(6)

قوله: (على الأول) يقابله في (ن 3): (الأول)، وفي (ن 4):(على الثاني).

(7)

انظر: المدونة، دار صادر: 1/ 103.

(8)

قوله: (ثم يعود على العامل الأول بما بقي) ساقط من (ن 3)، وفي (ن) و (ن 4):(كالوكيل والمبضع معهم). وانظر: المدونة، دار صادر: 1/ 103.

(9)

في (ن): (بينهما).

ص: 520

قوله: (لا (1) إن نهاه عن العمل قبله) أي: فإن نهاه عن العمل قبل تحريك المال، فإن الربح يكون للعامل وحده؛ لأن المال حينئذ صار تحت يده كالوديعة، وقاله في المدونة (2)، والموازية (3) والواضحة (4).

قوله: (أو جنى كل، أو أخذ (5) شيئا فكأجنبي (6)) لما كان حكم الأجنبي في جنايته على مال القراض أنه يغرم (7)، نبه بكلامه هذا على أن رب المال و (8) العامل في الجناية على المال وأخذ (9) شيء منه كذلك، ونحوه في المدونة.

(المتن)

وَلا يَجُوزُ اشْتِرَاؤُهُ مِنْ رَبِّهِ، أَوْ بِنَسِيئَةٍ، وَإِنْ أَذِنَ، أَوْ بِأكْثَرَ، وَلا أَخْذُهُ مِنْ غَيْرِهِ، إِنْ كَانَ الثَّانِي يَشْغَلُهُ عَنِ الأَوَّلِ، وَلا بَيْعُ رَبِّهِ سِلْعَةً بِلا إِذْنٍ، وَجُبِرَ خسْرُهُ، وَمَا تَلِفَ وَإِنْ قَبْلَ عَمَلِهِ، إِلَّا أَنْ يُقْبَضَ، وَلَهُ الْخَلَفُ، فَإِنْ تَلِفَ جَمِيعُهُ لَمْ يَلْزَمِ الْخَلَفُ وَلَزِمَتْهُ السِّلْعَةُ، وَإِنْ تَعَدَّدَ الْعَامِلُ فَالرِّبْحُ: كَالْعَمَلِ. وَأَنْفَقَ إِنْ سَافَرَ وَلَمْ يَبْنِ بِزَوْجَتِهِ، وَاحْتَمَلَ الْمَالُ لِغَيْرِ أَهْلٍ، وَحَجٍّ، وَغَزْوٍ بِالْمَعْرُوفِ فِي الْمَالِ، وَاسْتَخْدَمَ إِنْ تَأَهَّلَ، لا دَوَاءٍ، وَاكْتَسى، إِنْ بَعُدَ، وَوُزِّعَ إِنْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ، وَإِنْ بَعْدَ أَنِ اكْتَرَى، وَتَزَوَّدَ، وَإِنِ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ على رَبِّهِ عَالِمًا عَتَقَ عَلَيْهِ إِنْ أَيْسَرَ، وَإِلَّا بِيعَ بِقَدْرِ ثَمَنِهِ وَرِبْحِهِ قَبْلَهُ، وَعَتَقَ بَاقِيهِ.

(الشرح)

قوله: (ولا يجوز اشتراؤه من ربه (10)) أي: ولا يجوز اشتراء العامل من رب المال، يريد: إذا اشترى منه سلعا (11) للقراض، خشية المحاباة

(1) في (ن 5): (إلا).

(2)

انظر: المدونة: 3/ 662 و 663.

(3)

انظر: النوادر والزيادات: 7/ 281.

(4)

انظر: النوادر والزيادات: 7/ 281.

(5)

قوله: (أو أخذ) يقابله في (ن 5): (وأخذ).

(6)

في (ن 4): (فكالجاني).

(7)

قوله: (أنه يغرم) يقابله في (ن 3): (كما تقدم).

(8)

في (ن): (أو).

(9)

في (ن) و (ن 5): (أو أخذ).

(10)

قوله: (من ربه)، في (ن 5):(لعامل من رب المال).

(11)

في (ن): (سلعة).

ص: 521

أما إذا ابتاع (1) منه شيئا لنفسه، فإن ذلك جائز، نص عليه في العتبية.

وانظر قوله: (ولا يجوز)، مع قوله في المدونة: لا يعجبني، لأنى أخاف إن صح هذا من هذين ألا يصح من غيرهما (2)، فإن ظاهره الكراهة، وهو نص الموازية (3). ولمالك فيها، وفي الأسدية: الجواز إذا صح الأمر بينهما، واختاره اللخمي في اليسير فقط (4).

قوله: (أو بنسيئة وإن أذن) أي: وكذا لا يجوز له أن يشترى بنسيئة، وإن أذن له رب المال في ذلك.

قوله: (أو بأكثر) أي: بأكثر من مال القراض ولو كان من غير رب المال، لأن (5) ذلك الزائد من ضمانه، قال في المدونة: ولا خير فيه (6).

قوله: (ولا أخذه من غيره، إن كان الثاني يشغله عن الأول) يريد: أن العامل لا يجوز له أن يأخذ قراضًا آخر من غير رب المال، إن كان القراض الثاني يشغله عن العمل في القراض الأول، وإلا جاز له أخذه.

قوله: (ولا بيع (7) ربه سلعة بلا إذن) أي: وكذا لا يجوز لرب المال أن يبيع سلعة من سلع القراض بغير إذن العامل، يريد: لأن العامل هو الذي يحرك المال وينميه دون ربه، قال في المدونة: وللعامل الرد والإجازة (8).

قوله: (وجبر خسره (9) وما تلف، وإن قبل عمله) إطلاق الخسارة على ما قبل العمل مجاز (10)؛ لأن الخسارة لا تكون إلا عن تحريك المال، قال في المدونة: وإذا ضاع بعض

(1) في (ن): (اشترى).

(2)

انظر: المدونة: 3/ 658.

(3)

في (ن 4): (المدونة).

(4)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:5290.

(5)

في (ن 5): (إلا أن).

(6)

انظر: المدونة: 3/ 652.

(7)

في (ن): (يبيع).

(8)

انظر: المدونة: 3/ 648.

(9)

في (ن): (خسارته).

(10)

زاد بعده في (ن): (أو).

ص: 522

المال بيد العامل قبل العمل أو بعده، أو خسره، أو أخذه اللصوص، أو العشار (1) ظلمًا، لم يضمنه (2): العامل، إلا أنه إن عمل ببقية المال (3) جبر بما (4) ربح فيه (5) أصل المال (6)، فما بقى بعد تمام رأس المال الأول كان بينهما على ما شرطا، ثم قال: وهو على القراض (7) الأول وإن حاسبه وأحضره، ما لم يقبضه منه (8)، وإليه أشار بقوله:(إلا أن يقبض) أي: فإن الحاصل من الربح بعد ذلك بينهما، ولا يجبر (9) ما تقدم؛ لأنه بعد القبض قراض ثان، وهو قول مالك وابن القاسم (10) واشترط أصبغ في ذلك أن يكون القبض وقع على وجه الصحة والبراءة، وحكى ابن حبيب عن مالك وغيره ممن لقيه من أصحاب مالك: أنه إذا أخبره بما نقص، وقال اعمل بما بقى وقد أسقطت عنك ما ذهب، إنه قراض مؤتنف (11).

قوله: (وله الخلف، فإن تلف جميعه لم يلزمه الخلف، ولزمته السِّلْعَةُ) يريد: أن رب المال إذا دفعه للعامل فاشترى به سلعًا ولم ينقده فيها حتى تلف بعضه أو جميعه، فإن تلف بعضه فللعامل أن يطالب ربه بخلف ما تلف ليدفعه للبائع، وإن تلف جميعه لم يلزم ربه (12) خلفه، ولزم ذلك العامل إن أبى ربه من خلفه. وقال المغيرة: يلزم رب المال الخلف؛ لأن الدنانير والدراهم لا تتعين.

قوله: (وإن تعدد فالربح كالعمل) أي: وإن تعدد العامل فالربح مفضوض بينهم

(1) في (ن 3) و (ن 5): (العاشر)، وفي (ن 4):(القائد).

(2)

قوله: (منه وإليه أشار بقوله) ساقط من (ن) و (ن 3) و (ن 4).

(3)

قوله: (جبر) ساقط من (ن) و (ن 3) و (ن 5).

(4)

في (ن): (فما).

(5)

زاد بعده في (ن): (جبر).

(6)

زاد بعده في (ن): (به).

(7)

في (ن): (قراض).

(8)

انظر: المدونة: 3/ 639.

(9)

في (ن 3): (يجبر على).

(10)

انظر: المدونة: 3/ 639.

(11)

انظر: النوادر والزيادات: 7/ 272.

(12)

قوله: (ربه) ساقط من (ن 4)، وفي (ن):(به).

ص: 523

على قدر العمل، فلا يجوز أن يتحدا في الربح ويختلفا في العمل، كشركاء الأبدان، وهو المشهور وقاله ابن القاسم، وفهم صاحب البيان المدونة عليه، وكرهه في كتاب محمد وقال سحنون بعد أن حكى مذهب ابن القاسم: أولا (1) يجوز لرب المال أن يدفع المال قراضًا على النصف وأقل وأكثر؟ وظاهره الجواز، وصوبه صاحب البيان، وغيره.

قوله: (وأنفق إن سافر) أي: وأنفق العامل على نفسه من مال القراض إن سافر (2) به، أي: ظعن به (3) من بلده، ومثله ما إذا أقام في بلد لأجل التجر وتنمية المال، فلو أقام بوطنه فلا نفقة، وقاله في المدونة (4)، وغيرها. وقيده اللخمى بما (5) إذا لم يشغله عن الوجوه التي يقتات منها، وأما إن شغله فله النفقة كالمسافر (6).

ولما كانت النفقة مشروطة بأمور، أشار إلى الأول منها بقوله:(ولم يبن بزوجته) أي: فإن تزوج في سفره (7) بغير بلد إقامته، ولم يبن بالزوجة، فالنفقة مستمرة، لكن أطلق في المدونة فقال: إنها تسقط (8) من يوم تزويجه (9)، إلا أن الشيخ ابن أبي زيد قيدها بما إذا دخل (10) كما هنا.

قوله: (واحتمل المال) هذا أيضًا من شروط الإنفاق، وهو كون المال له بال يحتمل (11) النفقة.

وفي الموازية عن مالك: لا حد لذلك، وقال محمد: الأربعون عندي كثير. وفي الزاهي عن مالك: أن السبعين يسيرة لا ينفق فيها (12).

(1) في (ن (و (ن 3) و (ن 4): (لا).

(2)

قوله: (أي: وأنفق

إن سافر) ساقط من (ن 4).

(3)

قوله: (به) ساقط من (ن).

(4)

انظر: المدونة: 3/ 634.

(5)

في (ن): (مما).

(6)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:5247.

(7)

في (ن): (سفر).

(8)

في (ن 4): (تنقطع).

(9)

انظر: المدونة: 3/ 634.

(10)

في (ن 3): (لم يدخل).

(11)

في (ن): (يحمل).

(12)

في (ن): (منها).

ص: 524

قوله: (لغير أهل وحج وغزو) أي: فإن سافر لأهله، أو لحج، أو غزو، فإنه لا نفقة له في شئ من ذلك، وقاله في المدونة (1).

قوله: (بالمعروف في المال) يريد: أن النفقة مقدرة بالعادة، فليس من ذلك ما هو سرف من طعام وشراب وركوب ومسكن، وتكون نفقته إذا وجبت في مال القراض كما قال، لا في ذمة رب المال؛ ولهذا لو أنفق العامل من مال نفسه، ثم هلك المال، فلا شيء على رب المال.

قوله: (واستخدم إن تأهل) أي: وللعامل الاستخدام (2) إن كان أهلا لذلك (3)، أي: مثله لا يخدم (4)، وقاله ابن القاسم في المدونة، وزاد: إذا كان المال كثيرا (5).

قوله: (لا دواء) يريد: أن العامل إذا مرض، ليس له أن يتداوى من مال القراض؛ لأن المرض ربما طال فاستغرق الدواء غالب المال.

قوله: (واكتسى إن بعد) يريد (6): لأنه في البعيد يحتاج إلى الكسوة غالبًا، بخلاف القريب، وقاله في الواضحة (7).

وقال ابن القاسم في المدونة: إلا أن يطول، وجعل الشهرين والثلاثة طولًا، وعنه: أن ما بين مصر ودمياط قريب.

قوله: (ووزع إن خرج لحاجة، وإن بعد إن اكترى وتزود (8)) (9) هو مذهب المدونة، وفي الموازية: السقوط، اللخمي (10): وهو المعروف من المذهب (11) وعلى التوزيع، ففي

(1) انظر: المدونة: 3/ 635.

(2)

في (ن 3): (الإخدام).

(3)

قوله: (لذلك) ساقط من (ن).

(4)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (يخدم).

(5)

انظر: المدونة: 3/ 636.

(6)

قوله: (يريد) ساقط من (ن).

(7)

انظر: النوادر والزيادات: 7/ 261.

(8)

في (ن 3): (أو تزود).

(9)

زاد بعده في (ن 4): (أي: وإن أخذ المال بعد أن اكترى وتزود).

(10)

قوله: (اللخمي) ساقط من (ن 4).

(11)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:5249.

ص: 525

العتبية، وغيرها: ينظر قدر نفقته في طريقه لحاجته، فإن كانت مائة، والقراض سبعمائة، فعلى المال سبعة أثمان النفقة (1).

قوله: (وإن اشترى من يعتق على ربه عالما، عتق عليه إن أيسر) يريد: أن العامل إذا اشترى بمال القراض من يعتق على رب المال وهو عالم بأنه قريب لرب المال، فإنها يعتق عليه إن كان موسرًا لتعديه، أي: ويغرم ثمنه وحصة رب (2) المال من ربحه قبل شراء العبد لا بعده، والولاء لرب المال.

قوله: (وإلا بيع بقدر ثمنه وربحه قبله، وعتق باقيه) أي: فإن لم يكن العامل موسرًا، فإن العبد يباع منه بقدر (3) رأس المال وحصة الربح الكائن قبل شرائه، ولهذا قال:(قبله) إذ لا يمكن أن يربح رب المال فيمن يعتق عليه، ثم (4) يعتق منه ما بقى بعد ذلك، فإن لم يوجد من يشتريه على التشقيص بيع جمعيه، وكذا لو لم يوجد من يشتريه (5) برأس المال وحصة ربه من الربح أكثر من حظه، فإنه يباع على نحو ما وجد.

وحصل في المقدمات في هذه المسألة ستة أقوال: ما ذكر (6) هنا هو المشهور، و (7): أنه يعتق على رب المال (8)، وأن البيع لا يجوز، ولابن القاسم: أنه لا يعتق على واحد منهما (9)، وعن مالك: أن العامل يغرم ثمنه ويكون له، وقيل: إن رب المال إن شاء ضمن العامل لتعديه، وإن شاء أخذ العبد وعتق، عليه ويكون للعامل فضله (10). وعن أشهب: إن كان فيه ربح عتق منه (11) بقدره وبيع الباقي، اللخمي:

(1) قوله: (المال سبعة أثمان النفقة) يقابله في (ن 4): (رب القراض).

(2)

قوله: (وحصة رب) يقابله في (ن 3): (وحصته لرب).

(3)

في (ن 4): (بعد).

(4)

في (ن 3): (فلم).

(5)

في (ن): (يشتري).

(6)

في (ن): (ذكره).

(7)

زاد بعده في (ن 4): (الثاني).

(8)

قوله: (رب المال) يقابله في (ن 3): (العامل)، وزاد بعده في (ن):(والثالث).

(9)

انظر: المقدمات الممهدات: 2/ 200.

(10)

انظر: المدونة: 3/ 659.

(11)

قوله: (منه) ساقط من (ن).

ص: 526

وهو أحسن (1).

(المتن)

وَغَيْرَ عَالِمٍ فَعَلَى رَبِّهِ، وَلِلْعَامِلُ: رِبْحُهُ فِيهِ. وَمَنْ يَعْتَقُ عَلَيْهِ وَعَلِمَ عَتَقَ عَلَيْهِ بِالأَكثَرِ مِنْ قِيمَتِهِ وَثَمَنِهِ، وَلَوْ لَم يَكُنْ فِي الْمَالِ فَضْلٌ، وَإِلَّا فَبِقِيمَتِهِ إِنْ أَيْسَرَ فِيهِمَا، وَإلَّا بِيعَ بِمَا وَجَبَ، وَإِنْ أَعْتَقَ مُشْتَرًى لِلْعِتْقِ غَرِمَ ثَمَنَهُ وَرِبْحَهُ، وَلِلْقِرَاضِ قِيمَتُهُ يَوْمَئِذٍ، ورِبْحه، وَإِنْ أَعْسَرَ بِيعَ مِنْهُ بِمَا لِرَبِّهِ. وَإِنْ وَطِئَ أَمَةً قَوَّمَ رَبُّهَا، أَوْ أَبْقَى، إِنْ لَمْ تَحْمِلْ، فَإِنْ أَعْسَرَ اتَّبَعَهُ بِهَا، وَبِحِصَّةِ الْوَلَدِ، أَوْ بَاعَ لَهُ بِقَدْرِ مَا لَهُ، وَإِنْ أَحْبَلَ مُشْتَرَاةً لِلْوَطْءِ فَالثَّمَنُ، وَاتُّبِعَ بِهِ إِنْ أَعْسَرَ، وَلِكُلٍّ فَسْخُهُ قَبْلَ عَمَلِهِ، كَرَبِّهِ، وَإِنْ تَزَوَّدَ لِسَفَرٍ وَلَمْ يَظْعَنْ، وَإِلَّا فَلِنُضُوضِهِ.

(الشرح)

قوله: (وغير عالم، فعلى ربه، وللعامل ربحه فيه) أي: وإن اشترى من يعتق على رب المال غير عالم، فإنه يعتق على ربه لدخوله في ملكه، وللعالم (2) ربحه فيه، وهو المشهور، وهو مذهب المدونة (3). ولابن القاسم قول (4) في المقدمات بعدم عتقه على أحد منهما (5).

قوله: (ومن يعتق عليه وعلم، عتق عَلَيْهِ بالأكثر من قيمته وثمنه) أي: ولو اشترى العامل من يعتق عليه (6) كأبيه (7) وأمه وولده، وهو عالم؛ فإنه يعتق (8) عليه بالأكثر من قيمته يوم الحكم وثمنه (9).

وانظر قوله: (ولو لم يكن في المال فضل) فإنه مشكل؛ لكون (10) المسألة عند ابن

(1) انظر: التبصرة، للخمي، ص:5299.

(2)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (العامل).

(3)

انظر: المدونة: 3/ 659.

(4)

قوله: (ولابن القاسم قول) يقابله في (ن 3): (وقوله)، وفي (ن 4):(وقال).

(5)

قوله: (على أحد منهما) زيادة من (ن 5). وانظر: المقدمات الممهدات: 2/ 200.

(6)

زاد بعده في (ن): (نفسه).

(7)

قوله: (كأبيه) يقابله في (ن 5): (نفسه كابنه).

(8)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (بعتق).

(9)

قوله: (وثمنه) ساقط من (ن 5).

(10)

في (ن): (لأن).

ص: 527

القاسم وغيره مفروضة فيما إذا كان في المال فضل (1)، وأما إذ أيكن فإن العامل لا يعتق عليه شيء، إلا أنه لما قال:(إن أيسر) رفع الإشكال؛ لكونه مع اليسار يعتق عليه كان في المال فضل، أم لا.

قوله: (وإلا فبقيمته إن أيسر فيهما) أي: وإن لم يعلم بأن الذى اشتراه قريبه، فإنه يعتق عليه أيضا، لكن بقيمته (2)، وظاهره أنه يغرم (3) جميع القيمة وليس كذلك، بل يعتق نصيبه من الفضل، و (4) عليه لربه ما ينوبه من قيمته من رأس المال وربحه، وعند المغيرة: يعتق عليه بما ينوبه من قيمته يوم الحكم، وإن لم يكن عالما (5). والضمير المثنى في كلامه، راجع إلى صورتي العلم وعدمه.

قوله: (وإلا بيع بما وجب) أي: وإن لم يكن موسرًا، بيع من (6) العبد بما وجب لرب المال، قال في المدونة، وغيرها: وسواء كان عالمًا، أم لا (7). ومراده: بما وجب: يوم الحكم، قاله صاحب المقدمات (8)، وغيره، مثاله: أن يشتريه بمائتين، ورأس المال مائة، وقيمته يوم الحكم مائة وخمسون، فإنما يباع منه بمائة وخمسة وعشرين، ويعتق الباقي، ويتبعه في ذمته بخمسة وعشرين.

قوله: (وإن عتق (9) مشترى للعتق، غرم ثمنه وربحه) أي: وإن اشترى العامل عبدا للعتق وأعتقه، يريد: وهو موسر، فإنه يعتق عليه (10) ويغرم لرب المال رأس ماله

(1) انظر: المقدمات الممهدات: 2/ 201.

(2)

قوله: (عليه أيضا، لكن بقيمته) يقابله في (ن 5): (أيضا لا بقيمته).

(3)

في (ن 5): (يقدم).

(4)

زاد بعده في (ن): (إنما).

(5)

وزاد بعده في (ن) و (ن 4): (وإن كان عالما بحكم العبد بين الشريكين يعتق أحدهما نصيبه منه وهو موسر).

(6)

قوله: (من) ساقط من (ن).

(7)

انظر: المدونة: 3/ 659.

(8)

انظر: المقدمات الممهدات: 2/ 197.

(9)

في (ن) و (ن 4): (أعتق).

(10)

زاد بعده في (ن): (أيضًا).

ص: 528

وحصته من الربح، وقاله في المقدمات (1).

قوله: (وللقراض قيمته يومئذ وربحه (2)) أي: وإن كان الذى أعتقه إنما اشتراه للقراض، فإنه يعتق عليه أيضا، لكن يغرم لربه قيمته يوم العتق وربحه.

قوله: (وإن أعسر بيع منه بما لربه (3)) أي: فإن كان العامل معسرا (4)، فإن العبد يباع منه لرب المال بقدر رأس ماله وربحه، ويعتق على العامل ما بقى، فإن لم يكن ثم (5) فضل لم يعتق منه شيء.

قوله: (وإن وطيء أمة، قوم ربها أو أبقى إن لم تحمل) يريد: أن العامل إذا وطئ أمة من إماء القراض ولم تحمل؛ فإن ربها مخير، إن شاء قوّمها عليه وألزمه قيمتها يوم الوطء إن كان موسرًا، وإن شاء أبقاها على القراض، فإن اختار تقويمها (6) فوجده معسرًا؛ فإنها تباع عليه في تلك القيمة، فإن لم يوف ثمنها بالقيمة اتبعه ببقيتها (7)، قاله مالك في الموازية (8). وعنه أنها تبقى بحالها ولا تباع إن كان عديمًا.

قوله: (فإن أعسر اتبعه بها وبحصة الولد، أو باع (9) له (10) بقدر ماله) هذا الكلام فيما إذا حملت؛ ولهذا قال: وبحصة الولد، وذكر أنه إن كان معسرًا، فإن ربها (11) يخير بين أن يتبعه بقيمتها يوم الوطء، أو يوم الحمل (12)، أو الأكثر منهما، و (13) يتبعه أيضا بحصته

(1) في (ن 3): (المدونة). وانظر: المقدمات الممهدات: 2/ 198.

(2)

قوله: (وربحه) ساقط من (ن 3)، وفي المطبوع من مختصر خليل:(إلا ربحه).

(3)

في (ن 3): (لزمه).

(4)

في (ن 3) و (ن 5): (موسرا).

(5)

في (ن): (في ثمنه).

(6)

زاد بعده في (ن): (عليه).

(7)

في (ن 3) و (ن 5): (بقيمتها).

(8)

في (ن 4): (المدونة). وانظر: النوادر والزيادات: 7/ 278.

(9)

في (ن): (باعه).

(10)

قوله: (له) ساقط من (ن 5).

(11)

في (ن 4): (ربه).

(12)

في (ن 4): (الحكم).

(13)

في (ن): (أو).

ص: 529

من الولد كما قال، وهو قول عيسى (1). الباجي (2): وهو أصل قول ابن القاسم (3)، وقال ابن حبيب: لا يتبع بذلك (4). فإن لم يرض ربها باتباع ذمة العامل، بيع منها بقدر رأس المال وحصة ربه من الربح؛ ولهذا قال: بقدر ما له أي: ما (5) لرب المال منها، ويبقى الباقي بحساب أم ولد (6)، وحكاه ابن يونس وغيره عن سحنون. وحكى عنه (7) ابن عبد البر: إن كان فيها فضل، بيع منها بالقيمة (8)، ويكون الباقي بحساب أم ولد (9).

وعن مالك في الموازية: أنها لا تباع، ويتبع بثمنها دينًا في ذمته (10). وإن كان العامل موسرًا -ولم يتعرض له هنا- فهي (11) أم ولد، وعليه قيمتها يوم الوطء، قاله مالك (12) في الموازية، وقال محمد: عليه الأكثر من قيمتها يوم الوطء (13)، أو يوم الحمل، أو الثمن.

وقال ابن حبيب: عليه الأكثر من ثمنها (14)، أو قيمتها يوم الوطء. وقيل: عليه (15) الأكثر من قيمتها يوم الوطء، أو (16) يوم الحمل (17).

(1) انظر: البيان والتحصيل: 12/ 346.

(2)

قوله: (الباجي) ساقط من (ن 4). وانظر: المنتقى: 7/ 100.

(3)

قوله: (قول ابن القاسم) يقابله في (ن 3) و (ن 5): (المذهب).

(4)

انظر: النوادر والزيادات: 7/ 279.

(5)

في (ن): (بما).

(6)

في (ن): (ولده).

(7)

قوله: (وحكى عنه) يقابله في (ن 5): (وحكاه).

(8)

انظر: الاستذكار: 7/ 22.

(9)

قوله: (وحكاه ابن يونس

بحساب أم ولد) ساقط من (ن 4).

(10)

انظر: النوادر والزيادات: 7/ 280.

(11)

زاد بعده في (ن): (له).

(12)

في (ن 3): (محمد).

(13)

قوله: (قاله مالك

يوم الوطء) ساقط من (ن 4).

(14)

انظر: النوادر والزيادات: 7/ 279.

(15)

قوله: (عليه) ساقط من (ن).

(16)

قوله: (يوم الوطء، أو) ساقط من (ن 3).

(17)

قوله: (أو الثمن، وقال ابن حبيب

يوم الوطء، أو يوم الحمل) يقابله في (ن 4): (وقيل: عليه =

ص: 530

قوله: (وإن أحبل مشتراة للوطء فالثمن) أي: فإن اشترى العامل أمة للوطء من مال القراض فأحبلها، فإنه يغرم ثمنها لربها، قاله ابن القاسم، وقال أيضا: إنما يغرم قيمتها. وهذا إذا كان موسرًا، وإلا فإنه يتبع بالثمن، قاله ابن القاسم في العتبية (1)، وإليه أشار بقوله:(واتبع به إن أعسر) وقيل: يتبع بالأكثر من الثمن أو القيمة، وقيل: بالقيمة فقط، وقيل: تباع كأمة القراض.

قوله: (ولكل فسخه قبل عمله) أي: ولكل من العامل ورب المال فسخه قبل العمل، أي (2): فسخ عقد القراض قبل الشروع في العمل، فإذا عمل لزم، وقيل: هو لازم بالعقد (3)، وقيل: يلزم رب المال فقط.

قوله: (كربه (4) وإن تزود لسفر ولم يظعن) أي: وكذلك لرب القراض أن يفسخه عن نفسه، وإن كان العامل قد تزود لسفره ولم يظعن من بلده؛ إذ لا ضرر عليه في ذلك، وإنما الضرر على رب المال فيما صرف من ماله.

قوله: (وإلا فلنضوضه) أي: وإلا بأن (5) عمل أو ظعن من بلده، فإن ذلك لازم لهما (6) إلى نضوض المال.

(المتن)

وإنِ اسْتَنَضَّهُ فَالْحَاكِمُ، وِإِنْ مَاتَ فَلِوَارِثِهِ الأَمِينِ أَنْ يُكَمِّلَهُ، وإلَّا أَتَى بِأمِينٍ كَالأَوَّلِ، وَإِلَّا سَلَّمُوا هَدَرًا، وَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ فِي تَلَفِهِ وَخُسْرِهِ، وَرَدِّهِ إِلَى رَبِّهِ إِنْ قُبِضَ بِلا بَينَةٍ، أَوْ قَالَ قِرَاضٌ، وَرَبُّهُ بِضَاعَةٌ بِأَجْرٍ، وَعَكْسُهُ، أَوِ ادَّعَى عَلَيْهِ الْغَصْبَ، أَوْ قَالَ أَنْفَقْتُ مِنْ غَيْرِهِ، وَفِي جُزْءِ الرِّبْحِ إِنِ ادَّعَى مُشْبِهًا، وَالْمَالُ بِيَدِهِ وَوَدِيعَةٌ، وَإنْ لِرَبِّهِ، وَلِرَبِّهِ إِنِ ادَّعَى الشَّبَهَ فَقَطْ. أَوْ قَالَ قَرْضٌ فِي قِرَاضٌ، أَوْ وَدِيعَةٌ أَوْ فِي جُزْءٍ قَبْلَ الْعَمَلِ مُطْلَقًا.

(الشرح)

= قيمتها يوم الحمل).

(1)

انظر: البيان والتحصيل: 12/ 245.

(2)

فوله: (فسخه قبل العمل، أي) ساقط من (ن).

(3)

قوله: (وقيل: هو لازم بالعقد) ساقط من (ن 3).

(4)

في المطبوع من مختصر خليل: (كلربه).

(5)

في (ن): (وإن).

(6)

قوله: (لهما) ساقط من (ن 4).

ص: 531

قوله: (وإن استنضه فالحاكم) أي: وإن استنض رب المال، أي: طلب من العامل نضوض المال (1) بعد أن اشترى به سلعا يريد: ولم يوا فقه على ذلك، فإن الحاكم ينظر في ذلك، فإن رأى (2) تأخيره مصلحة لسوق يرجوه و (3) نحوه أخره، وإلا أمره ببيعه.

قوله: (وإن مات فلوارثه الأمين أن يكمله (4)، وإلا أتى بأمين كالأول، وإلا سلموا هدرًا) أي: فإن مات العامل قبل نضوض المال وله وارث أمين عمل فيه، فإن لم يكن أمينًا أتى بأمين كالميت، فإن لم يجد أمينًا سلّم المال لربه هدرًا، أي: بلا ربح.

قوله: (والقول للعامل في تلفه وخسره ورده إِلى رَبِّهِ إن قبض بلا بينة (5)) يريد: أن العامل مصدق في تلف المال وخسارته؛ لأنه أمين، وقيد اللخمي قبوله (6) في الخسارة بما إذا أتى بما يشبه (7)، ويحلف المتهم على المشهور.

وقوله: (بلا بينة) قيد في دعوى الرد، ومعناه: أن العامل يصدق أيضا إذا قال: رددت المال، إذا كان (8) قبضه بغير بينة (9)، يريد: مع يمينه، ولا خلاف فيه. واختلف هل يصدق إذا قبضه ببينة أيضا، أو لا؟ وهو المشهور، وقاله في المدونة (10).

قوله: (أو قال: قراض، وربه: بضاعة بأجر، وعكسه) أي: وكذلك يصدق العامل، يريد: مع يمينه إذا قال: المال الذى بيدى قراض، وقال ربه: بضاعة بأجر، أو بالعكس بأن قال العامل: هو بضاعة بأجر، وقال ربه هو (11) قراض، فالقول قول العامل (12)

(1) قوله: (نضوض المال) ساقط من (ن).

(2)

زاد بعده في (ن): (في).

(3)

في (ن): (أو).

(4)

في (ن): (يعمل).

(5)

زاد بعده في (ن): (أو قال: قراض، وربه: بضاعة بأجر، وعكسه).

(6)

في (ن): (قوله).

(7)

قوله: (بما يشبه) يقابله في (ن 5): (بما لا يشبه)، انظر: التبصرة، للخمي، ص:5305.

(8)

قوله: (كان) ساقط من (ن).

(9)

قوله: (يريد:

قبضه بغير بينة) ساقط من (ن 4).

(10)

انظر: المدونة: 4/ 436.

(11)

قوله: (هو) ساقط من (ن).

(12)

قوله: (فالقول قول العامل) زيادة من (ن 3).

ص: 532

وإنما صدق (1) العامل لأن اختلافهما إنما هو في جزء الربح فقط (2)، ولهذا لو كانت الأجرة مثل جزء القراض (3) فلا يمين، لأنهما اتفقا في المعنى. أما لو قال رب المال: بضاعة بغير أجر، فإنه يصدق مع يمينه، وعليه حمل أكثرهم المدونة وعليه أجرة مثله، وإن نكل صدق العامل مع يمينه إذا كان يستعمل مثله في القراض.

قوله: (أو ادعى عليه الغصب) يريد: أن رب المال إذا قال للعامل: قد غصبت المال مني، أي: وقال العامل: هو قراض، فإن العامل يصدق، إذ الأصل عدم الغصب، وهو مذهب المدونة (4).

قوله: (أو قال: أنفقت من غيره) أي: وكذا يصدق العامل إذا قال: أنفقت من غير مال القراض، قال في المدونة: وسواء ربح أم خسر، ورجع بذلك في المال إن أشبه ذلك نفقة مثله، وهذا إذا قال ذلك قبل المفاصلة، وإلا لم يصدق (5).

قوله: (وفى جزء الربح إن ادعى مشبها، والمال بيده أو وديعة وإن لربه) أي: وكذا يصدق العامل إذا خالفه رب المال في مقدار جزء الربح إن (6) ادعى ما يشبه، يريد: مع يمينه فإن نكل حلف رب المال وصدق، فإن نكل صدق مدعى الأشبه منهما، وسواء كان المال كله بيد العامل (7)، أو بيد نائبه، أو وديعة عند رب المال، أما لو أسلمه (8) إليه ليأخذ منه رأس ماله وحصته من الربح؛ فإن القول قول ربه (9).

قوله: (ولربه إن ادعى الأشبه (10) فقط) أي: والقول لرب المال إن ادعى وحده ما يشبه.

(1) في (ن 4): (قصد).

(2)

قوله: (فقط) ساقط من (ن).

(3)

قوله: (جزء القراض) يقابله في (ن 4): (جزء ربح للقراض).

(4)

انظر: المدونة: 3/ 661.

(5)

انظر: المدونة: 3/ 636.

(6)

في (ن): (أو).

(7)

زاد في (ن) و (ن 3) و (ن 5): (أو جميع ربحه).

(8)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (سلمه).

(9)

قوله: (القول قول ربه) يقابله في (ن 3): (القول قوله).

(10)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (المشبه).

ص: 533

قوله: (أو قال: قرض، في قراض أو وديعة) أي: وهكذا يصدق رب المال إذا قال: هو قرض، وقال العامل: بل هو قراض أو وديعة، يريد: مع يمين رب المال (1)، وسواء كان تنازعهما قبل العمل، أو بعده، وقال أشهب: العامل مصدق (2)، وقيل: يصدق بعد العمل، لا قبله (3).

قوله: (أو في جزء قبل العمل مطلقًا) أي: وكذا يصدق رب المال إذا خالفه العامل في جزء الربح قبل العمل، سواء ادعى مشبها، أم لا، وهو مراده هنا بالإطلاق، ويرد المال إلا أن يرضى العامل بقول ربه، قاله بعضهم يريد: لانحلال عقد القراض.

(المتن)

وَإِنْ قَالَ وَدِيعَةً ضَمِنَهُ الْعَامِلُ إِنْ عَمِلَ، وَلِمُدَّعِي الصِّحَّةِ وَمَنْ هَلَكَ وَقِبَلَهُ كَقِرَاضٍ أُخِذَ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ وَحَاصَّ غُرَمَاءَهُ، وَتَعَيَّنَ بِوَصِيَّةٍ، وَقُدِّمَ صَاحِبُهُ فِي الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ. وَلا يَنْبَغِي لِعَامِلٍ هِبَةٌ، وَتَوْلِيَةٌ. وَوَسَّعَ أَنْ يَأْتِيَ بِطَعَامٍ كَغَيْرِهِ، إِنْ لَمْ يَقْصِدِ التَّفَضُّلَ، وَإِلَّا فَلْيَتَحَلَّلْهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُكَافِئْهُ.

(الشرح)

قوله: (وإن قال: وديعة، ضمنه العامل إن عمل) أي: وإن قال رب المال: هو عندك وديعة، وقال العامل: بل هو قراض، فإنه يضمنه بعد العمل؛ لأنه مدع على ربه أنه أذن له في تحريكه والأصل عدمه، فإن ضاع قبل العمل فلا ضمان عليه؛ لأنه أمين على الدعوتين (4) جميعا (5).

قوله: (ولمدعى الصحة) أي: والقول لمدعى الصحة منهما، كما إذا قال أحدهما: لي من الربح مائة درهم ونصف الربح أو ثلثه، وقال الآخر: بل إن له النصف أو الثلث من (6) الجميع، فإنه يصدق، وقاله في المدونة.

قوله: (ومن هلك وقبله كقراض، أخذ وإن لم يوجد، وحاص غرماءه)

(1) قوله: (يمين رب المال) يقابله في (ن 4): (مع يمينه).

(2)

قوله: (العامل مصدق) يقابله في (ن): (قبل العمل يصدق).

(3)

قوله: (يصدف بعد العمل، لا قبله) يقابله في (ن 3): (يصدق قبله لا بعده).

(4)

في (ن): (الدعويين).

(5)

قوله: (لأنه أمين على الدعوتين جميعا) ساقط من (ن 3).

(6)

قوله: (الثلث من) ساقط من (ن 4).

ص: 534

يريد: أن من هلك وعنده لغيره قراض أو وديعة، فإن ذلك يؤخذ من ماله وإن لم يوجد؛ لاحتمال أن يكون أنفقه، أو ضاع من تفريطه، أو نحو ذلك؛ ولهذا كان لمن له ذلك أن يحاص به غرماء الميت.

قوله: (وتعين بوصية، وقدم صَاحِبُهُ في الصحة والمرض) أي: فإن عين ذلك الميت في وصيته فقال: هذا قراض فلان، أو وديعته، فإنه يتعين ويقدم على الغرماء، سواء كان إقراره في الصحة أو في المرض، كانت ديونهم ببينة أم لا، ونحوه في المدونة (1).

قوله: (ولا ينبغي لعامل هبة أو تولية) هكذا قال في المدونة بلفظ: لا ينبغي، وفي كلام ابن يونس: ليس له

إلى آخره، وظاهره المنع، والأول يحتمل للمنع والكراهة، والمراد بالتولية: أن يشترى السلعة للقراض فيوليها لغيره بثمنها.

قوله: (ووسع (2) أن يأتي بطعام كغيره، إن لم يقصد التفضل) أي: ووسع للعامل أن يأتي بطعام إلى قوم ويأتون بطعام مثله، إذا لم يقصد بذلك أن يتفضل عليهم، وقاله في المدونة.

قوله: (وإلا فليتحلله، فإن أبى فليكافئه) أي: فإن قصد التفضل عليهم، فليطلب من رب المال أن يحلله، فإن فعل فلا كلام، وإن أبى فليكافئه بمقدار (3) ما يخصه مما تصرف فيه بغير إذنه (4)، وقاله في المدونة، وزاد (5): إن كان ذلك شيئا له مكافأة أي: له قدر وبال.

(1) انظر: المدونة: 3/ 664.

(2)

في (ن): (وواسع).

(3)

في (ن 5): (وإن قصد).

(4)

في (ن 5): (بغير إذن ربه).

(5)

قوله: (وزاد) ساقط من (ن 3).

ص: 535