الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب [في الغصب]
(المتن)
بَابٌ الْغَصْبُ: أَخْذُ مَالٍ قَهْرًا تَعَدِّيًا، بِلا حِرَابَةٍ، وَأُدِّبَ ممَيّزٌ، كَمُدَّعِيهِ عَلَى صَالِحٍ، وَفِي حَلِفِ الْمَجْهُولِ قَوْلانِ، وَضَمِنَ بِالاِسْتِيلاءِ، وَإِلَّا فَتَرَدُّدٌ. كَأَنْ مَاتَ، أَوْ قُتِلَ عَبْدٌ قِصَاصًا، أَوْ رَكِبَ، أَوْ ذَبَحَ، أَوْ جَحَدَ وَدِيعَةً، أَوْ أكلَ بِلا عِلْمٍ، أَوْ أَكرَهَ غَيْرَهُ عَلَى التَّلَفِ، أَوْ حَفَرَ بِئْرًا تَعَدِّيًا. وَقدِّمَ عَلَيْهِ الْمُرْدِي، إِلَّا لِمُعَيَّنٍ فَسِيَّانِ،
(الشرح)
(الْغَصْبُ: أَخْذُ مَالٍ، قَهْرًا تَعَدِّيًا بِلا حِرَابَةٍ (1)) قوله: (أخذ مال) كالجنس، (وقهرًا (2)) فصل (3) يخرج به ما لا (4) يؤخذ لا على سبيل (5) القهر كأخذ الشخص متاعه من مودع أو غيره، وأخذ المشتري المبيع من بائعه، وأخذ البائع الثمن منه، وأخذه ماله من وكيله ونحو ذلك، واحترز بقوله:(تَعَدِّيًا) مما يستخلصه الشخص من ماله الذي في يد الغاصب أو متعدو (6) ما يأخذه الإمام من الزكاة من الممتنع من إخراجها، ولما كانت هذه القيود كلها تشمل (7) الحرابة وتنطبق (8) عليها، قال (بِلا حِرَابَةِ) ليخرجها.
قوله: (وَأُدِّبَ مُمَيِّزٌ) يريد: بعد أخذ ما غصبه إن كان باقيًا بيده قال في المقدمات: وإن كان الغاصب صغيرًا لم يبلغ الحلم سقط عنه الأدب الواجب لحق الله تعالى، وقيل: إن الإمام يؤدبه كما يؤدب الصغير في المكتب (9). ولم يحك في البالغ خلافًا أن الإمام يؤدبه ويسجنه بحسب اجتهاده.
قوله: (كَمُدَّعِيهِ عَلَى صَالِحٍ) أي: كمدعي الغصب على رجل صالح، فإنه يؤدب،
(1) قوله: (تَعَدِّيًا بِلا حِرَابَةٍ) ساقط من (ن 3).
(2)
في (ن): (قوله قهرا).
(3)
في (ن 3): (فهل).
(4)
قوله: (لا) ساقط من (ن) و (ن 4).
(5)
في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (عن سبيل).
(6)
في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (أو).
(7)
في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (تشتمل).
(8)
في (ن) و (ن 3) و (ن 4): (وتطلق).
(9)
انظر: المقدمات الممهدات: 2/ 142.
ومراده بالصالح الذي لا يتهم، وهكذا نص عليه ابن القاسم في المدونة (1).
قوله: (وَفي حَلِفِ الْمَجْهُولِ قَوْلانِ) أي: فإن كان المدعي عليه الغصب مجهول الحال فاختلف هل يلزم باليمين أنه ما غصبه أم لا، وهو الظاهر، وقاله أشهب (2).
قوله: (وَضَمِنَ بِالاسْتِيلاءِ) أي: وضمن الغاصب المميز (3) أي: إما (4) بالمباشرة كالقتل والأكل والإحراق ونحو ذلك، أو بإثبات اليد العادية كالنقل (5) في الحيوان والعروض ووضع اليد على الدور والأرضين، ولا خلاف في ذلك عندنا.
قوله: (وَإِلا فتَرَدُّدٌ) أي: وإن لم يحصل شيء من ذلك فتردد الأشياخ في الضمان هل يجب أم لا (6)؟
قوله: (كَأنْ مَاتَ، أَوْ قُتِلَ عَبْدٌ قِصَاصًا) قال في النوادر عن مالك فيمن غصب عبدًا فمات من ساعته بغير تباعد فهو ضامن له حين أخذه بغير حق تعديًا، ومثله الدابة والدار تنهدم قبل سكناها من ساعة الغصب (7)، ومثل هذا ما إذا قتل العبد شخصًا فاقتص له منه وهو معنى قوله:(أَوْ قُتِلَ عَبْدٌ قِصَاصًا).
قوله: (أَوْ رَكِبَ) أي: ركب الدابة بعد أن غصبها فعطبت فإنه يضمنها ولو بأمر من الله تعالى.
قوله: (أَوْ ذَبَحَ) أي: غصب شاة أو بعيرًا أو نحو ذلك فذبحه ولا إشكال في تضمينه.
قوله: (أَوْ جَحَدَ وَدِيعَةً) وإنما ضمنه هنا لأنه حالة الجحود متعدٍّ، وقد تقدم ذلك في باب الوديعة.
قوله: (أَوْ أَكَلَ بِلا عِلْمٍ) كما إذا غصب إنسان طعامًا ثم أضاف شخصًا فقدم له
(1) انظر: المدونة: 4/ 184.
(2)
انظر: النوادر والزيادات: 10/ 358.
(3)
زاد بعده في (ن 4): (أي: وضمن الغاصب المميز).
(4)
قوله: (إما) ساقط من (ن).
(5)
في (ن 4): (كالقتل).
(6)
قوله: (قوله: "وَإِلا فَتَرَدُّدٌ" أي
…
في الضمان هل يجب أم لا؟ ) ساقط من (ن 3).
(7)
انظر: النوادر والزيادات: 10/ 315.
ذلك الطعام فأكله عند الغاصب فإن الآكل يضمنه.
قوله: (أَوْ أَكْرَهَ غَيْرَهُ عَلَى التَّلَفِ) أي: وهكذا يضمن من أكره غيره على إتلاف مال غيره، وقال سحنون: إن شاء أخذ به الآمر أو المأمور (1)، ونحوه لابن دينار.
قوله: (أَوْ حَفَرَ بِئْرًا تَعَدِّيًا) أي: وكذلك يضمن من حفر بئرًا تعديًا (2) إما في ملك غيره أو في طريق المسلمين أو قصد الإهلاك لشخص، ونبه بالتعدي على أنه لو حفرها في ملكه لمصلحة (3) أنه لا شيء عليه فيما تلف فيها.
قوله: (وَقُدِّمَ عَلَيْهِ الْمُرْدِي) يريد: أن المردي وهو الذي يدفع من وقف على حافة البئر فيها يقدم على الحافر لأن المباشر عندنا يقدم على المتسبب وليس المسبب (4) هنا قويًّا حتى يضمنا معًا (5) كالإكراه، ولهذا إذا قوي السبب تعادلا وتساويا في الضمان، كما إذا حفرها لشخص معين فوقف له (6) على شفيرها فرداه آخر، وإليه أشار بقوله:(إِلا لمُعَيَّن (7) فَسِيَّانِ) أي: في الضمان.
(المتن)
أَوْ فَتَحَ قَيْدَ عَبْدٍ ليلا فَأَبَقَ أَوْ عَلَى غَيرِ عَاقِلٍ، إِلَّا بِمُصَاحَبَةِ رَبّهِ، أَوْ حِرزًا الْمِثْلِيٍّ، وَلَوْ بِغَلاءٍ بِمِثْلِهِ وَصَبَرَ لِوُجُودِهِ، وَلِبَلَدِهِ وَلَوْ صَاحَبَهُ، وَمُنِعَ مِنْهُ لِلتَّوَثُّقِ وَلا رَدَّ لَهُ، كَإجَازَتِهِ بَيْعَهُ مَعِيبًا زَالَ، وَقَالَ: أَجَزْتُ لِظَنِّ بَقَائِهِ، كَنُقْرَةٍ صِيغَتْ، وَطِينٍ لُبِنَ، وَقَمْحٍ طُحِنَ، وَبَذْرٍ زُرعَ، وَبَيْضٍ أُفْرِخَ، لا مَا بَاضَ إِنْ حَضَنَ، وَعَصِيرٍ تَخَمَّرَ، وَإِنْ تَخَلَّلَ خُيّرَ، كَتَخَلُّلِهَا لِذِمّيٍّ، وَتَعَيَّنَ لِغَيرِهِ، وَإِنْ غصب، كَغَزْلٍ وَحَلْيٍّ وَغَيْرِ مِثْلِيّ فَقِيمَتُهُ يَوْمَ غَصْبِهِ،
(الشرح)
قوله: (أَوْ فتَحَ قَيْدَ عَبْدٍ ليلا فَأَبَقَ) هكذا في الجواهر عن (8) ابن القاسم قال ولو فتح
(1) انظر: النوادر والزيادات: 10/ 374.
(2)
قوله: (أي: وكذلك يضمن من حفر بئرًا تعديًا) ساقط من (ن) و (ن 4).
(3)
في (ن): (لمصلحته).
(4)
في (ن 3): (السبب)، وقوله:(المتسبب وليس المسبب) يقابله في (ن): (المسبب وليس السبب).
(5)
في (ن): (جميعا).
(6)
قوله: (له) زيادة من (ن 5).
(7)
في (ن 4): (المعين).
(8)
في (ن 5): (وعن).
قفصا لغيره بغير إذنه فطار حتى لم يقدر أو حل دابة من ربطها فهربت أو عبدا مقيدا خوف الهروب فهرب ضمن في جميع ذلك لأنه فعل سببا للإتلاف وقوله لئلا يأبق أي قيد خوف الإباق فلو قيد لا لذلك فهرب لم يضمن (1) إلا أنه لم يقيده بالليل (2) ولا غيره، قال (3): وسواء كان الهروب عقب (4) الفتح أو بعد مهلة (5).
قوله: (أَوْ عَلَى غيرِ عَاقِلٍ، إِلا بِمُصَاحَبَةِ رَبِّهِ (6)، أَوْ حِرْزًا) أي: أو فتح بابًا على غير عاقل من بهيمة (7) أو غيرها (8)، ابن شاس: وأما من فتح باب دار فيها دواب (9) فذهبت فإن لم يكن فيها أربابها ضمن، أو كانوا فيها لم يضمن، وقال أشهب: إن كانت الدواب التي فيها مسرحة (10) ضمن وإن كان رب الدار فيها (11) واختاره جماعة، والأول مذهب ابن القاسم في المدونة، وشبهه بالسارق يدع الباب مفتوحا وأهل الدار فيها نيام أو غير نيام (12)، فإنه لا ضمان فيها على السارق فيما ذهب منها، وأما إن لم يكونوا فيها فإنه يضمن (13)، وإليه أشار بقوله:(أَوْ حِرْزًا) أي: وكذا يضمن إن فتح حرزًا فذهب منه شيءٌ مما فيه.
قوله: (المِثْلِيّ (14) وَلَوْ بِغَلَاءٍ بِمِثْلِهِ) هذا (15) معمول لقوله: (وضمن)
(1) قوله: (قال ولو فتح قفصا لغيره
…
لا لذلك فهرب لم يضمن) زيادة من (ن).
(2)
في (ن): (بليل).
(3)
زاد بعده في (ن 4): (قال).
(4)
في (ن): (عقيب).
(5)
انظر: عقد الجواهر: 3/ 864.
(6)
قوله: (رَبِّهِ) ساقط من (ن).
(7)
قوله: (أو بعد مهلة. قوله
…
أي: أو فتح بابا على غير عاقل من بهيمة) ساقط من (ن 5).
(8)
قوله: ("أَوْ حِرْزًا" أي
…
من بهيمة أو غيرها) ساقط من (ن 3).
(9)
في (ن 5): (مسرجة دواب).
(10)
في (ن 5): (مسرجة).
(11)
انظر: عقد الجواهر: 3/ 864.
(12)
قوله: (نيام أو غير نيام) يقابله في (ن): (قيام أو غير قيام).
(13)
انظر: المدونة: 4/ 459 و 460.
(14)
في المطبوع من مختصر خليل: (لمثلي).
(15)
في (ن): (هو).
أي: وضمن المثلي بمثله، والمعني أن المثلي وهو (1) المكيل والموزون والمعدود إذا غصبه فتعيب عنده أو تلف فإنه يضمن مثله (2) لربه، ولو أتلفه في زمان الغلاء ثم حكم عليه في زمان الرخاء، وهو المشهور، وقيل: يضمن قيمته يوم الغلاء، قيل: وهو مخرج على أن الغاصب يضمن أعلى القيم.
قوله (وَصَبَرَ لِوُجُودِهِ) أي: وحيث حُكم عليه بالمثل فإن وجده فلا كلام، وإلا صبر حتى يوجد وقاله ابن القاسم. اللخمي (3)، وقال أشهب: ربه بالخيار بين أن يصبر حتى يوجد المثلي أو يأخذه بالقيمة (4) الآن (5).
قوله: (وَلِبَلَدِهِ) هو معطوف على قوله: (وَصَبَرَ (6) لِوُجُودِهِ) أي: وكذا يصبر لبلده، ومراده أن الغاصب إذا وجد المغصوب منه في غير (7) بلد (8) الغصب (9) فإنه يصبر حتى يرجع إلى بلده فيأخذ منه ذلك، وكذلك لو وجد معه ذلك المثلي بعينه ببلد آخر لم يكن له إلا المثل في بلد الغصب وليس له أخذه وهو قول ابن القاسم في المدونة (10)، وإليه أشار بقوله:(وَلَوْ صَاحَبَهُ) أي: ولو كان المثلي بصحبة (11) الغاصب في غير البلد، وروى محمد وأصبغ عن أشهب أن ربه مخير بين أخذه أو أخذ الغاصب به في مكان الغصب (12)، وقال أصبغ: إن كان البلد (13) بعيدًا فكما قال ابن القاسم: وإن كان قريبًا
(1) في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (هو).
(2)
قوله: (والمعني أن المثلي هو المكيل
…
فإنه يضمن مثله) ساقط من (ن 3).
(3)
في (ن): (واللخمي).
(4)
قوله: (يأخذه بالقيمة) يقابله في (ن): (يأخذ القيمة).
(5)
انظر: التبصرة، للخمي، ص: 5782، والنوادر والزيادات: 10/ 331.
(6)
قوله: (وصبر) ساقط من (ن 3).
(7)
قوله: (غير) ساقط من (ن 4).
(8)
في (ن): (بلده).
(9)
قوله: (الغصب) ساقط من (ن).
(10)
انظر: المدونة: 4/ 178.
(11)
في (ن): (يصحبه).
(12)
في (ن 3): (الغاصب). وانظر: النوادر والزيادات: 10/ 318.
(13)
في (ن): (المكان).
أخذه ويحمل على الظالم بعض الحمل (1) وهو استحسان.
قوله: (وَمُنِعَ مِنْهُ لِلتَّوَثُّقِ) أي: ومنع الغاصب من المثلىِ حتى يتوثق رب الحق منه، إما برهن أو حميل، ولا خلاف فيه.
قوله: (وَلا رَدَّ لَهُ) يحتمل أن يريد أن المغصوب منه (2) إذا حكم له (3) بالقيمة لعدم المثل (4) على القول بذلك، ثم وجد المثل (5) أنه لا يرد (6) له لأنه حكم مضى، ويحتمل أن يريد أنه ليس له أن يلزم الغاصب أن يرد المثل إلى بلد الغصب إذا وجد معه في غيره، وإنما يلزمه مثله في بلد الغصب كما تقدم، ويحتمل غير ذلك.
قوله: (كَإِجَازَتهِ (7) بَيْعَهُ مَعِيبًا زَالَ، وَقَالَ أَجَزْتُ لِظَنِّ بَقَائِهِ) أي: وكذلك ليس له الرد فيما أجازه مما باعه الغاصب معيبًا ثم زال (8) عيبه عند المبتاع، ولا حجة له إن قال: إنما أجزت ظنًا مني أن ذلك العيب لا يزول وهو كقوله في المدونة: ومن غصب أمة في عينها بياض فباعها ثم ذهب البياض عند المبتاع فأجاز ربها البيع ثم علم بذهاب البياض فقال: إنما أجزت البيع ظنا أن ذلك العيب لا يزول (9)، ولا أعلم بذهاب البياض، وأما الآن فلا أجيز البيع (10)، لم يلتفت إلى قوله ولزمه البيع (11).
قوله: (كَنُقْرَةٍ صِيغَتْ) يريد: أن الغاصب إذا صاغ الفضة التي غصبها حليا أو ضربها دراهم أو نحو ذلك فليس لربها أخذ ذلك مصوغا وإنما له مثله وزنًا وصفة،
(1) قوله: (بعض الحمل) ساقط من (ن 4). وانظر: النوادر والزيادات: 10/ 319.
(2)
قوله: (منه) زيادة من (ن 3).
(3)
في (ن) و (ن 4) و (ن 5): (عليه).
(4)
في (ن): (المثلية).
(5)
في (ن): (المثلية).
(6)
في (ن): (رد).
(7)
في (ن): (كإجازة).
(8)
قوله: ("وَقَالَ أَجَزْتُ لِظَنِّ بَقَائِهِ "
…
فيما باعه الغاصب معيبا ثم زال) ساقط من (ن 3).
(9)
قوله: (ظنا أن ذلك العيب لا يزول) زيادة من (ن 3).
(10)
قوله: (البيع) ساقط من (ن).
(11)
انظر: المدونة، دار صادر: 14/ 348.
وإليه ذهب ابن القاسم (1) وأشهب (2)، وحكي ابن حبيب: عن ابن الماجشون أن ربها مخير إن شاء أخذ ذلك، أو ضمنه القيمة، ولا حجة له بالصنعة (3) لقوله عليه السلام:"ليس لعرق ظالم حق"(4).
قوله: (وَطِينٍ لُبِنَ) هو معطوف على قوله: (كَنُقْرَةٍ) وقوله: (لُبِنَ) أي: ضرب لبنا، ومراده أن من غصب طينا فضربه لبنا فليس عليه إلا مثله، يعني: إن كان معلوم القدر وإلا فقيمته، ولا يبعد على قول ابن الماجشون أن يأخذ اللبن إن شاء قياسًا على النقرة إذا صاغها.
قوله: (وَقَمْحٍ طُحِنَ) أي: وكذلك إذا طحن الغاصب القمح فليس لربه إلا أخذ مثله، وقاله ابن القاسم في المدونة (5)، وقال أشهب: فربه مخير إن شاء أخذ المثلي أو أخذه مطحونا بلا غرامة (6)، واختاره جماعة، والقولان لمالك (7).
قوله: (وبَذْرٍ زُرعَ) لا خلاف أن الغاصب إذا غصب البذر فزرعه أن عليه مثله من سائر الحبوب والمزروعات.
قوله: (وَبَيْضٍ أُفْرِخَ) هذا كقول أشهب: ومن غصب بيضة فحضنها تحت دجاجة فخرج منها فرخ فعليه بيضة مثلها، والفرخ للغاصب، وقال سحنون: والفرخ لرب البيضة، وعليه قدر كراء ما حضنته دجاجته (8).
قوله: (لا (9) مَا بَاضَ، إِنْ حَضَنَ) أي: فإن الفراخ تكون (10) لربه لا للغاصب، وهو
(1) انظر: المدونة: 4/ 187.
(2)
انظر: النوادر والزيادات: 10/ 324.
(3)
في (ن 4): (بالصياغة).
(4)
انظر: النوادر والزيادات: 10/ 324.
(5)
انظر: المدونة: 4/ 185.
(6)
انظر: النوادر والزيادات: 10/ 324 و 410.
(7)
انظر: المدونة: 4/ 185.
(8)
انظر: النوادر والزيادات: 10/ 348.
(9)
في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (إلا).
(10)
في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (يكون).
كقول أشهب في المجموعة والموازية (1): ولو غصب دجاجة فباضت عنده وحضنت بيضها فما خرج (2) من الفراخ فلربها أخذه كالولادة (3)، وفهم من قوله:(إِنْ حَضَنَ) أنه لو حضن بيضها تحت غيرها فلا تكون الفراخ للمغصوب منه، وهو كذلك، وقاله في النوادر وغيرها عن المجموعة والموازية (4)، انظر الكبير.
قوله: (وَعَصِيرٍ تَخَمَّرَ) أي: فإن غصب عصيرًا فصار عنده خمرًا لزمه مثل العصير، لأنه انقلب إلى ما لا يجوز تملكه، وهذا إذا كان العصير (5) معلوم القدر، وإلا فعليه قيمته.
قوله: (وَإِنْ تخلَّلَ خُيِّرَ) أي: وإن صار العصير خلًّا عند الغاصب فإن ربه مخير، إن شاء أخذ مثله وإن شاء أخذه بعينه لأنه لم يتغير في ذاته، وإنما انتقل من صفة إلى صفة.
قوله: (كَتَخَلُّلِهَا لِذِمِّيٍّ) أي: كتخلل الخمر المغصوبة من الذمي، فإن الذمي يخير في أخذ (6) الخل وتركه (7)، وظاهره أنه يخير في أخذ المثل (8) وليس كذلك، وإنما يخير في أخذ الخل أو قيمة الخمر وهو الأشهر، وبه قال أشهب (9)، وقال عبد الملك: يتعين الخل كما لو كانت لمسلم، وإذا قلنا بالقيمة، فقال ابن القاسم: يقومها من يعرف القيمة من المسلمين (10)، وبه أخذ سحنون، وعن ابن القاسم أيضًا: يقومها (11) أهل دينه (12)، ولا خلاف أن الخمر لو كانت لمسلم فغصبت فتخللت أن الخل يتعين، وإليه أشار بقوله:
(1) في (ن 4): (المدونة).
(2)
في (ن): (فرخ).
(3)
انظر: النوادر والزيادات: 10/ 349.
(4)
قوله: (والموازية) زيادة من (ن). وانظر: النوادر والزيادات: 10/ 349
(5)
قوله: (العصير) ساقط من (ن).
(6)
قوله: (أخذ) زيادة من (ن).
(7)
في (ن 3): (أو الخمر).
(8)
في (ن): (المثلي).
(9)
انظر: النوادر والزيادات: 10/ 326.
(10)
انظر: تهذيب المدونة: 4/ 99.
(11)
قوله: (يقومها) ساقط من (ن).
(12)
انظر: المدونة، دار صادر: 14/ 369.
(وَتَعَيَّنَ لِغَيْرِهِ) أي: تعين الخل (1) لغير الذمي إلا أنه يتناول الحربي والمعاهد ونحوهما ممن ليس من أهل الذمة وليس كذلك (2) بل (3) حكمهما في ذلك حكم الذمي، ولهذا لو قال: كتخللها لكافر وتعين لغيره لكان أحسن.
قوله: (وَإِنْ غصب (4) كَغَزْلٍ وَحَلْيٍ وَغَيْرِ مِثْلِيٍّ فَقِيمَتُهُ يَوْمَ غَصْبِهِ) لما فرغ من الكلام على المثلي شرع في الكلام على المقوم، وذكر أن الواجب فيه القيمة، وهو المعروف من المذهب، وفي المنتقى رواية عن مالك أنه يضمن فيه (5) المثل كالمثلي (6)، المازري (7): وهو وهم منه أو من الرواة الذين ذكروا ذلك عنه (8)، والمشهور أن القيمة يوم الغصب كما قال، ولأشهب وعبد الملك وابن وهب فيما حكاه عنهم غير واحد أنه يضمن أعلى القيم لأنه في كل وقت غاصب فلرب المغصوب أن يدفع عنه حكم العداء (9) في زمن ويأخذه به في زمن آخر، وما ذكره من أن الحلي يضمن قيمته، هو قول ابن القاسم كما قال في الغزل، وقال أشهب: لا يضمن فيهما إلا المثل، ولما كان حكم هاتين المسألتين حكم ذوات القيم أضافهما (10) إلى ذلك ومثلهما أيضا، المثلي (11) الجزاف إذا تلف (12) فإنه يقضى فيه بالقيمة (13).
(1) قوله: (الخل) ساقط من (ن 3).
(2)
قوله: (وليس كذلك) ساقط من (ن 4).
(3)
في (ن): (فإن).
(4)
في (ن) و (ن 3): (صنع)، وفي (ن 5):(ضيع).
(5)
في (ن 5): (قيمة).
(6)
قوله: (كالمثلي) ساقط من (ن 4).
(7)
في (ن)، و (ن 3) و (ن 4):(اللخمي).
(8)
انظر: شرح التلقين، للمازري: 3 (1) / 53.
(9)
في (ن 5): (الغلاء).
(10)
في (ن): (أضافها).
(11)
قوله: (المثلي) ساقط من (ن)، وفي (ن 5):(للمثلي).
(12)
قوله: (إذا تلف) ساقط من (ن 4).
(13)
قوله: (يقضي فيه بالقيمة) يقابله في (ن 4): (يضمن في ذلك القيمة).
(المتن)
وَإِنْ جِلْدَ مَيْتَةٍ لَمْ يُدْبَغْ، أَوْ كَلْبًا وَلَوْ قَتَلَهُ تَعَدِّيًا، وَخُيِّرَ فِي الأَجْنَبِيّ فَإِنْ تَبِعَة تَبِعَ هوَ الْجَانِي، فَإِنْ أخَذَ رَبُّهُ أَقَلَّ فَلَهُ الزَّائِدُ مِنَ الْغَاصِبِ فَقَطْ، وَلَهُ هَدْمُ بِنَاءٍ عَلَيْهِ، وَغَلَّةُ مُسْتَعْمَلٍ، وَصَيْدُ عَبْدٍ، وَجَارِحٍ، وَكِرَاءُ أَرْضٍ بُنِيَتْ، كَمَرْكَب نخِرٍ، وَأَخَذَ مَا لا عَيْنَ لَهُ قَائِمَةٌ، وله صَيْدَ شَبَكَةٍ، وَمَا أَنْفَقَ فِي الْغَلَّةِ، وَهَل إِنْ أَعْطَاهُ فِيهِ مُتَعَدِّدٌ عَطَاءً فَبِهِ؟ أَوْ بِالأكثَرِ مِنْهُ وَمِنَ الْقِيمَةِ؟ تَرَدُّدٌ.
(الشرح)
قوله: (وإنْ جِلْدَ مَيْتَةِ لَمْ يُدْبَغْ أَوْ كَلْبًا وَلَوْ قتَلَهُ تَعَدِّيًا) يشير إلى قوله في المدونة عن ابن القاسم: ومن غصب جلد ميتة غير مدبوغ فعليه إن أتلفه قيمته ما بلغت كما لا يباع (1) كلب ماشية أو زرع أو ضرع وعلي قاتله قيمته ما بلغت أي ولو قتله تعديا (2)، وروى أبو (3) الفرج البغدادي عن مالك أنه لا شيء (4) في جلد الميتة، وقال إسماعيل إلا أن يكون لمجوسي (5).
قوله: (وَخيِّرَ فِي الأَجْنَبِيِّ) يريد: أن الأجنبي إذا أتلف المغصوب فإن ربه يخير بين أن يأخذ القيمة من الجاني يوم (6) الجناية وبين أخذ الغاصب بذلك يوم الغصب بخلاف ما إذا كان الجاني هو الغاصب نفسه فإن المغصوب منه ليس له إلا قيمته يوم الغصب (7) وهو قول ابن القاسم وأشهب (8)، وعن ابن القاسم أيضًا أن (9) له أخذه بالقيمة يوم القتل (10) كالأجنبي.
قوله: (فَإنْ تَبِعَهُ تَبِعَ هُوَ الجْانِيَ) أي: فإن اختار المغصوب منه اتباع الغاصب
(1) زاد في (ن 4): (من الكلاب).
(2)
انظر: المدونة، دار صادر: 14/ 366.
(3)
في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (ابن).
(4)
زاد بعده في (ن): (عليه).
(5)
انظر: النوادر والزيادات: 10/ 355.
(6)
قوله: (الجاني يوم) ساقط من (ن 5).
(7)
قوله: (بخلاف ما إذا كان الجاني
…
إلا قيمته يوم الغصب) ساقط من (ن 4).
(8)
انظر: تهذيب المدونة: 4/ 81، والنوادر والزيادات: 10/ 376.
(9)
قوله: (أن) ساقط من (ن).
(10)
في (ن 3): (الجناية). وانظر: تهذيب المدونة: 4/ 82.
وتبعه (1) وأخذ منه القيمة فإنه له حينئذ أن يتبع الجاني بقيمة المغصوب يوم الجناية إذا تساوت القيمتان، فإن اختلفتا فما أشار إليه بقوله:(فَإِنْ أَخَذَ رَبُّهُ أَقَلَّ فَلَهُ الزائِدُ مِنَ الْغَاصِبِ فَقَطْ) هذا كقول غير واحد من الأشياخ أن المغصوب منه إذا أخذ من الجاني القيمة يوم الجناية وكانت أقل من القيمة يوم الغصب فإنه يرجع على الغاصب بذلك الزائد، وإن أخذ القيمة أولًا من الغاصب فليس له رجوع على الجاني، يريد: ولا على (2) الغاصب وهو المشهور، وهو قول ابن المواز (3) وتأوله بعضهم على قول ابن القاسم في المدونة (4)، وظاهر ما حكاه محمد عن أشهب أنه يرجع بالزائد على الغاصب إن كان قد أخذ القيمة أولًا من الجاني وعلي الجاني (5) إن كان قد أخذها أولًا من الغاصب، وظاهر كلام سحنون أنه (6) لا يرجع مطلقًا (7).
قوله: (وَلَهُ هَدْمُ بِنَاءٍ عَلَيْهِ) قال ابن القاسم في المدونة: ومن غصب خشبة أو حجرًا فبنى عليها (8) فلربها (9) أخذها وهدم البناء (10).
أبو محمد: والهدم على الغاصب، قيل: وليس للمغصوب منه أخذها إذا كان في ذلك خراب بنيان الغاصب، لأن الذي يدخل عليه في خراب بنيانه أعظم مما يدخل عليه فيها إذا عملها تابوتا، فإذا كان لا يأخذها بذلك فأحرى ألا يأخذها بهذا، وحكي (11) هذا القول (12) ابن حارث عن أشهب.
(1) قوله: (وتبعه) زيادة من (ن 3).
(2)
قوله: (على) زيادة من (ن).
(3)
في (ن 3): (ابن القاسم).
(4)
انظر: تهذيب المدونة: 4/ 80.
(5)
قوله: (وعلى الجاني) ساقط من (ن 4).
(6)
في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (لأنه).
(7)
انظر: النوادر والزيادات: 10/ 329.
(8)
في (ن): (عليهما).
(9)
في (ن): (فلربهما).
(10)
انظر: المدونة، دار صادر: 14/ 364.
(11)
في (ن): (وحكاه).
(12)
قوله: (هذا القول) ساقط من (ن).
قوله: (وَغَلَّةُ مستعمل) أي: وله (1) غلة ما استعمل (2)، واحترز به (3) مما إذا عطل (4) ولم يستعمل ولا استغل (5) كالدار يغلقها والدابة يحبسها والأرض يبورها فإنه لا شيء عليه عند ابن القاسم (6)، وقال مطرف وابن الماجشون وابن عبد الحكم (7) وأصبغ وابن حبيب: يضمن (8)، وصوبه بعض (9) الأشياخ أن عليه غلة المستعمل والمعطل (10)، وما ذكره من أن المستغل والمستعمل (11) يضمن دون ما عطل (12) هو المشهور، وقيل: يضمن غلة الرباع والغنم والبقر والإبل دون العبيد والدواب، وهو مذهب المدونة في باب الغصب، وعن مالك عدم الضمان مطلقًا، وعنه أيضًا من رواية أبي الفرج: إن تولى استخدام الرقيق واستعمال الدواب بنفسه لم يضمن بخلاف ما أكراه من غيره، وللأشياخ في تحصيل المذهب في هذه المسألة طرق انظرها في الكبير.
قوله: (وَصَيْدُ عَبْدٍ، وَجَارحٍ) يريد: أن من غصب عبدًا أو جارحًا فاصطاد (13) به صيدًا فإنه يكون لرب العبد أو الجارح ولا خلاف في ذلك فيما صاده العبد، واختلف في الجوارح كالبازي والكلب على قولين: الأول: أنه كالعبد والثاني: أنه للغاصب إلحاقًا للجوارح بآلات الصيد التي لا تصرف لها كالشباك والسيوف والحبال (14) والرماح،
(1) في (ن 3): (وعليه).
(2)
في (ن): (مستعمل).
(3)
في (ن): (بقوله).
(4)
في (ن 4): (عضل).
(5)
في (ن 5): (ولا اشتغل).
(6)
انظر: المدونة: 14/ 356.
(7)
في (ن): (ابن عبد الملك).
(8)
في (ن 4): (عليه).
(9)
قوله: (بعض) زيادة من (ن).
(10)
زاد بعده في (ن 4): (أن عليه غلة المستعمل والمعضل).
(11)
قوله: (والمستعمل) ساقط من (ن 3).
(12)
في (ن) و (ن 3) و (ن 4): (عضل).
(13)
في الأصل (فأصاد).
(14)
قوله: (الحبال) زيادة من (ن 3).
ويكون على الغاصب فيها أجرة (1) المثل فيما انتفع به، ولا خلاف أن ما صاده بآلة كالشبكة، وما ذكر بعدها يكون له، وعليه الأجرة، وألحقوا بذلك الفرس إذا غصبه واصطاد عليه.
قوله: (وَكِرَاءُ أَرْضٍ بُنِيَتْ) يريد أن من غصب أرضًا فبناها دارًا أو نحوها ثم استغلها أو سكنها (2) فإن لربها أن يأخذ منه كراءها (3) قوله: (كَمَرْكَبٍ نخر) اختلف إذا غصب مركبًا نخرا (4) فأصلحه واغتله فقال أشهب وأصبغ: يكون للمالك كراء ذلك الأصل، وما زاد فللغاصب. اللخمي: وهو أبين (5)، وقال محمد: جميع الغلة للمغصوب منه، وله أخذ ذلك مصلحًا (6) ولا شيء عليه إلا قيمة ما لو نزعه كانت (7) له قيمة، ورأى (8) أن ما أخرجه من قَلْفَطَةٍ (9) أو زِفْتٍ أن (10) لربها أخذه، وإليه أشار بقوله:(وَأَخَذَ مَا لا عَيْنَ لَهُ قَائِمَةٌ) واحترز بذلك من (11) مثل الصواري والقلوع والحبال ونحوها، فإن الغاصب يأخذها، فإن كان ذلك بموضع لا غناء له عنه، إذ لا يجد صاريًا ولا حبالًا إلا بهذا (12)، أو يجد ذلك (13) بموضع لا ينال حمله إليه إلا بمشقة ومؤنة عظيمة، وهو مما لا بد منه مما يجري به (14) المركب حتى يرده إلى موضعه (15)، فربه مخير
(1) قوله: (فيها أجرة) يقابله في (ن 5): (قيمة أخذه).
(2)
قوله: (أو سكنها) ساقط من (ن).
(3)
قوله: (يريد أن من غصب أو سكنها
…
يأخذ منه كراءها) زيادة من (ن 5).
(4)
في (ن 3) و (ن 4): (خربا).
(5)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:5792.
(6)
في (ن 4): (صلحًا).
(7)
في (ن): (لكانت).
(8)
في (ن 4): (روى).
(9)
في (ن): (قلفطة).
(10)
قوله: (أن) ساقط من (ن).
(11)
في (ن): (عن).
(12)
في (ن): (هذه).
(13)
في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (أو لا يوجد).
(14)
قوله: (به) ساقط من (ن).
(15)
قوله: (يرده إلى موضعه) يقابله في (ن 4): (يؤدى إلى ربه بموضع).
بين أن يعطيه قيمة ذلك بموضعه كيف كان أو يسلمه إليه.
قوله: (وله (1) صيد شبكة) أي للغاصب (2) وعليه لربها أجرة ما انتفع به وهو مما لا خلاف فيه كالسيف والرمح والحبل ونحوه (3) قوله: (وَمَا أَنْفَقَ فِي الْغَلَّةِ) يريد: أن الغاصب إذا حُكم عليه بالغلة كان له أن يطلب بما أنفق على المغصوب كمؤنة العبد وكسوته وعلف الدابة وسقي الأرض وعلاجها (4) ونحوه مما لا بد للمغصوب منه فيحاسب المالك بذلك ويسقطه (5) من الغلة، فإن زادت النفقة لى الغلة لم يرجع على المالك بشيء، ولهذا قال في الغلة أي (6): إنما تكون النفقة في الغلة لا في غيرها، وقاله في المدونة، وقاله ابن القاسم في كتاب محمد، ثم رجع عنه، وقال: لا شيء للغاصب، واختاره محمد (7)، والأول أظهر.
قوله: (وَهَلْ إِنْ أَعْطَاهُ (8) فِيهِ مُتَعَدِّدٌ عَطَاءَ فَبِهِ (9)؟ أَوْ بِالأَكثَرِ مِنْهُ وَمِنَ الْقِيمَةِ تَرَدُّدٌ) يريد: أنه اختلف فيمن أتلف لرجل سلعة وقفت على ثمن دفعه فيها غير واحد، هل يلزمه ذلك الثمن أو القيمة، أو الأكثر من الثمن والقيمة (10) تردد في ذلك الأشياخ، ففي العتبية عن مالك من رواية ابن القاسم أنه يضمن الثمن ولا ينظر إلى القيمة، وقال سحنون: يضمن القيمة، وقال عيسى: يضمن الأكثر من الثمن (11) أو القيمة (12)،
(1) قوله: (وله) ساقط من (ن)، وفي (ن 3):(وللغاصب).
(2)
قوله: (وللغاصب) زيادة من (ن 3).
(3)
قوله: (قوله: "وله صيد شبكة "
…
فيه كالسيف والرمح والحبل ونحوه) ساقط من (ن 4).
(4)
في (ن 3) و (ن 4): (علاجه)، وقوله:("وسقي الأرض وعلاجها") ساقط من (ن 5).
(5)
في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (يسقط).
(6)
قوله: (في الغلة أي) يقابله في (ن 3): (في العتبية).
(7)
انظر: النوادر والزيادات: 10/ 345.
(8)
في (ن): (أعطى).
(9)
في (ن): (فيه).
(10)
قوله: (أو الأكثر من الثمن والقيمة) ساقط من (ن 4).
(11)
قوله: (والقيمة تردد في ذلك الأشياخ
…
يضمن الأكثر من الثمن) ساقط من (ن 3).
(12)
انظر: النوادر والزيادات: 10/ 372.
وجعله في البيان تفسيرًا لقول مالك، قال: وهو كذا (1) منصوص لمالك، وليس فيه عنده إلا قولان (2)، وهي عند غيره ثلاثة أقوال على ظاهرها.
(المتن)
فَإِنْ وَجَدَ غَاصِبَهُ بِغَيْرِهِ وَغَيْرِ مَحَلِّهِ فَلَهُ تَضْمِينُهُ، وَمَعَهُ أَخَذَهُ إِنْ لَمْ يَحْتَجْ لِكَبِيرِ حَمْلٍ، لا إِنْ هَزِلَتْ جَارِيةٌ، أَوْ نَسِيَ عَبْدٌ صَنْعَةً ثُمَّ عَادَ أَوْ خَصَاهُ فَلَمْ يَنْقُصْ أَوْ جَلَسَ عَلَى ثَوْبِ غَيْرِهِ فِي صَلاةٍ، أَوْ دَلَّ لِصًّا، أَوْ أعَادَ مَصُوغًا عَلَى حَالِهِ، وَعَلَى غَيْرِهَا فَقِيمَتُهُ، كَكَسْرِهِ، أَوْ غَصَبَ مَنْفَعَةً فَتَلِفَتِ الذَّاتُ أَوْ أكَلَهُ مَالِكُهُ ضِيَافَةً، أَوْ نَقَصَتْ لِلسُّوقِ، أَوْ رَجَعَ بِهَا مِنْ سَفَرٍ وَلَوْ بَعُدَ كَسَارِقٍ،
(الشرح)
قوله: (فإِنْ وَجَدَ غَاصِبَهُ بِغَيرهِ وَغَيْرِ مَحِلِّهِ فَلَهُ تَضْمِينُهُ) يريد: أن المغصوب منه إذا وجد غاصب المقوم في غير محل الغصب وليس معه ذلك المقوم فإن له تضمينه قيمته وهذا مما لا خلاف فيه وله أن يصبر حتى يأخذه في محل الغصب (3) كالمثلي ويطلب حينئذ الغاصب إلى (4) الخروج معه أو مع وكيله ليقبض منه ذلك. (5)
قوله: (وَمَعَهُ أَخْذَهُ إِنْ لَمْ يَحْتَجْ لِكَبِيرِ حَمْلٍ) أي: فإن وجد الغاصب في غير محل الغصب لكن وجد معه ذلك المغصوب المقوم فإنه يأخذه بالشرط المذكور، وحكي في هذه المسألة في المقدمات ثلاثة أقوال: أحدها: أن النقل (6) فوت فيخير المالك بين أخذ متاعه أو يضمن الغاصب قيمته يوم الغصب (7) وهو قول أصبغ (8)، وحكاه ابن يونس
(1) قوله: (كذا) زيادة من (ن 3).
(2)
انظر: البيان والتحصيل: 11/ 231 و 232.
(3)
قوله: (وليس معه ذلك المقوم
…
يأخذه في محل الغصب) ساقط من (ن 3).
(4)
قوله: (إلى) زيادة من (ن 5).
(5)
قوله: (ذلك المقوم فإن له تضمينه
…
أو مع وكيله ليقبض منه ذلك) يقابله في (ن): (الشيء المغصوب فله تضمينه القيمة لتعذر أخذ عين شيئه في الحال وله الصبر إلى بلد الغصب كالمثلي ويكلف حينئذ الغاصب الخروج معه أو مع وكيله ليقبض منه ذلك).
(6)
في (ن): (النقد).
(7)
قوله: (قيمته يوم الغصب) ساقط من (ن).
(8)
انظر: المقدمات الممهدات: 2/ 143.
والباجي عن أشهب (1)، وهو اختيار محمد، إلا أنه قيده بما بَعُد عن محل الغصب، ابن رشد (2): والقول الثاني: أن ذلك ليس بفوت فليس للمغصوب منه إلا أن يأخذ متاعه وهو قول سحنون (3)، والثالث: الفرق بين الحيوان والعروض، فتفوت العروض (4) فيكون المغصوب منه بالخيار بين الأخذ أو تضمين القيمة يوم الغصب في البلد الذي غصبها فيه، ولا يفوت الحيوان فيأخذه حيث وجده (5)، وليس له أن يضمن الغاصب قيمته (6)، قال: وهذا في الحيوان الذي لا يحتاج إلى كراء عليه (7)، كالدواب (8) والوحش من الرقيق، وأما الرقيق (9) الذي يحتاج إلى كراء عليه (10) من بلد إلى بلد فحكمه حكم العروض (11)، وإلى هذا التقييد أشار بقوله هنا بما ذكر، وحكي ابن الحاجب عن ابن القاسم أنه في الحيوان يلزمه أخذه، وفي غيره يخير بين أخذه وبين قيمته في موضعه (12)، وهكذا هو في ابن يونس (13)، وقال ابن عبد السلام: إنما هو رواية سحنون عن ابن القاسم عن مالك في المجموعة (14)، وظاهره أنه قول رابع، وحكى ابن زرقون عن ابن القاسم أن نقل الحيوان والعروض فوت يوجب له قيمة ذلك حيث وجده (15).
(1) قوله: (عن أشهب) ساقط من (ن 3). وانظر: النوادر والزيادات: 10/ 329.
(2)
في (ن 4): (ابن شاس).
(3)
انظر: المقدمات الممهدات: 2/ 143.
(4)
قوله: (فتفوت العروض) ساقط من (ن 5).
(5)
قوله: (فيأخذه حيث وجده) يقابله في (ن): (فيأخذها حيث وجدها).
(6)
في (ن): (قيمتها).
(7)
في (ن): (عليهم).
(8)
في (ن 5): (وكالدواب).
(9)
قوله: (الرقيق) ساقط من (ن 4).
(10)
في (ن): (عليهم).
(11)
انظر: المقدمات الممهدات: 2/ 143.
(12)
انظر: الجامع بين الأمهات، لابن الحاجب، ص:613.
(13)
في (ن): (ابن شاس).
(14)
انظر: التوضيح: 6/ 518.
(15)
انظر: التوضيح: 6/ 518.
قوله: (لا إِنْ هَزِلَتْ جَارَيةٌ، أَوْ نَسِيَ عَبْد صَنْعَةً ثُمَّ عَادَ) أي: فليس للمالك غير ذلك.
قوله: (ثُمَّ عَادَ) قيد في المسألتين، أي (1): غصب الجارية فهزلت عنده، ثم عادت لهيئتها والعبد نسي الصنعة ثم عاد إليها، ونبه بهذا على أنه لا فرق بين التغير الحسي والمعنوي.
قوله: (أَوْ خَصَاهُ فَلَمْ يَنْقُصْ) أي: فلا يكون لمالكه غيره، وأحرى إذا زادت قيمته بذلك، وقاله في الجواهر، قال: وإن خصاه فنقص ضمن النقص (2).
قوله: (أَوْ جَلَسَ عَلَى ثَوْبِ غَيْرِهِ فِي صَلاةٍ) يريد: أن من جلس على ثوب غيره في الصلاة فقام صاحب الثوب؛ فانقطع الثوب فإن الجالس لا شيء عليه، ولا بد للناس من هذا في مصلاهم ومجالسهم، وقاله عبد الملك وأصبغ.
قوله: (أَوْ دَلَّ لِصًّا) أي: دله على مال غيره فأخذه فإن الدال لا شيء عليه، ونقله أبو محمد عن بعضهم، قال: وقال بعض متأخري أصحابنا يضمن (3).
قوله: (أَوْ أَعَادَ مَصُوغًا عَلَى حَالِهِ) يريد: أن من غصب حليًا فكسره، ثم رده على حاله الأول فإنه لا ضمان عليه، وقاله ابن القاسم وأشهب، وقال محمد: يضمن القيمة لأنه بمجرد كسره ضمنه، وهو الظاهر (4).
قوله: (وَعَلى غَيْرِهَا فَقِيمَتُهُ) أي: وإن أعاده على غير حالته الأولى فعليه قيمته.
قوله: (كَكَسْرِهِ) ظاهره أن الغاصب يأخذ ذلك الحلي الذي كسره ويغرم قيمته لربه وهو الذي رجع إليه في الخلخالين إذا كسرهما وكان أولًا يقول: إنما عليه ما نقصت الصياغة (5)، وقال في باب الغصب والرهن: عليه (6) قيمة الصياغة (7)، يريد: لأن (8)
(1) في (ن 5): (إن).
(2)
انظر: عقد الجواهر: 3/ 13.
(3)
انظر: النوادر والزيادات: 10/ 371.
(4)
قوله: (وهو الظاهر) ساقط من (ن 3). وانظر: النوادر والزيادات: 10/ 335.
(5)
انظر: المدونة، دار صادر: 14/ 319.
(6)
قوله: (عليه) ساقط من (ن).
(7)
انظر: المدونة، دار صادر: 14/ 319 و 364.
(8)
في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (أن).
الصياغة (1) كسلعة (2) مضافة إلى عين (3) الذهب والفضة، وجعل أبو عمران قيمة الصياغة وما نقصته الصياغة سواء، وإنما يعني بذلك ما بين قيمتهما صحيحين. ابن عبد السلام (4): ويحتمل أن يكون المراد بما نقصه، ما نقصه (5) فساد الصياغة من قيمة الجميع مصوغًا، وهو ظاهر كلامه، فيكون في المسألة ثلاثة أقوال (6).
قوله: (أَوْ غَصَبَ مَنْفَعَةً فتَلِفَتِ الذات (7)) (معطوف على قوله: "لا إن هزلت" أي فإنه)(8) أي فلا شيء عليه في تلك الذات، وإنما يضمن المنفعة التي استولى عليها (9) كما إذا (10) غصب منفعة دار أو حانوت فسكنه ثم انهدم فإنما عليه كراؤه، لأنه الذي تعدى عليه.
قوله: (أَوْ أَكَلَهُ مَالِكُهُ ضِيَافَةً) أي: فإن الغاصب لا شيء عليه لأنه متسبب وربه (11) مباشر، والمباشر مقدم.
وقوله: (ضِيَافَةً) أي: أن الغاصب قدم الطعام المغصوب لربه فأكله عنده على سبيل الضيافة، يريد: وسواء علم مالكه أنه طعام أم لا.
قوله: (أَوْ نَقَصَتْ لِلسُّوقِ) أي: فإن غصب سلعة (12) فنقص سوقها عنده لم يضمن لربها شيئًا ويأخذ سلعته فقط، وهذا هو المشهور، وروى أنه كنقص الدار (13) يخير ربها
(1) قوله: (يريد: أن الصياغة) ساقط من (ن 3).
(2)
في (ن 3): (كسكة).
(3)
في (ن 3) و (ن 4): (غير).
(4)
قوله: (وإنما يعني بذلك ما بين قيمتهما صحيحين ابن عبد السلام) زيادة من (ن 5).
(5)
زاد بعده في (ن 4): (ما نقصه).
(6)
انظر: التوضيح: 6/ 513.
(7)
في (ن 4): (الدار).
(8)
قوله: (معطوف على قوله لا إن هزلت أي فإنه) زيادة من (ن).
(9)
قوله: (أي فلا شيء عليه
…
عليها) يقابله في (ن 4): (أي معطوف على قوله: (لا إن هزلت).
(10)
قوله: (كما إذا) يقابله في (ن): (كمن).
(11)
في (ن): (المالك).
(12)
في (ن 5): (صنعة).
(13)
في (ن): (الذات)، وفي (ن 4):(الدابة).
بين أخذها أو أخذ قيمتها، ورجحه ابن يونس وغيره.
قوله: (أَوْ رَجَعَ بِهَا مِنْ سَفَرٍ وَلَوْ بَعُدَ كَسَارِقٍ) أي: وكذا (1) لا ضمان على من غصب دابته فسافر عليها ثم رجع بها من سفره على حالها لم تتغير، وسواء كان السفر قريبًا أو بعيدًا وهو المشهور، وقيل: يخير ربها بين أخذها أو (2) أخذ قيمتها، وكذلك حكم السارق.
(المتن)
وَلَهُ فِي تَعَدِّي كَمُسْتَأْجِرٍ، كِرَاءُ الزَّائِدِ إِنْ سَلِمَتْ، وَإلَّا خُيِّرَ فِيهِ وَفِي قِيمَتِهَا وَقْتَهُ وَإِنْ تَعَيَّبَ، وَإِنْ قَلَّ كَكَسْرِ نَهْدَيْهَا أَوْ جَنَى هُوَ أَوْ أَجْنَبِيٌّ خُيِّرَ فِيهِ، كَصَبْغِهِ فِي قِيمَتِهِ وَأَخْذِ ثَوْبِهِ، وَدَفْعِ قِيمَةِ الصَّبْغِ، أَوْ فِي بِنَائِهِ فِي أَخْذِهِ، وَدَفْعِ قِيمَةِ نُقْضِهِ بَعْدَ سُقُوطِ كُلْفَةٍ لَمْ يتَوَلَّهَا. وَمَنْفَعَةَ الْبُضْعِ وَالْحُرِّ بِالتَّفْوِيتِ، كَحُرٍّ بَاعَهُ وَتَعَذَّرَ رُجُوعُهُ، وَغَيْرِهِمَا بِالْفَوَاتِ.
(الشرح)
قوله: (وَلَهُ فِي تَعَدِّي (3) كَمُسْتَأْجِرٍ كِرَاءُ الزَّائِدِ، إِنْ سَلِمَتْ) يريد: أن المستأجر والمستعير ونحوهما إذا تعديا على الدابة بزيادة في المسافة أو قدر في (4) المحمول، فإنهما يغرمان كراء الزائد إن رجعت الدابة سالمة وهو المشهور، وقيل (5): ليس له (6) إلا أخذها فقط، ولا ضمان عليي المتعدي فيها من قيمة أو غيرها، والفرق على المشهور بين هذه ومسألة الغاصب أن المستأجر والمستعير إنما تعديا على المنفعة فيلزمهما ما تعديا عليه، والغاصب إنما تعدى على الذات، وقد رجعت بحالها فلا شيء عليه غيرها (7).
قوله: (وَإِلا خُيِّرَ فِيهِ، وَفِي قِيمَتِهَا وَقْتَهُ) أي: فإن لم ترجع سالمة بل حصل فيها عيب ينقصها فإن ربها مخير بين أخذ الكراء مع الدابة أو أخذ قيمتها وقت التعدي.
(1) قوله: (كذا) ساقط من (ن).
(2)
في (ن): (و).
(3)
في (4): (متعد).
(4)
قوله: (في) ساقط من (ن).
(5)
في (ن 5): (وقيس).
(6)
في (ن 3): (لربها).
(7)
في (ن 4): (في غيرها).
قوله: (وَإِنْ تَعَيَّبَ، وَإِنْ قَلَّ ككَسْرِ نَهْدَيْهَا، أَوْ جَنَى هُوَ أَوْ أَجْنَبِيٌّ خُيِّرَ (1) فِيهِ) أي: المعيب فإذا تعيب المغصوب (2) بأمر سماوي فالمغصوب منه مخير في أخذه بغير شيء أو تضمينه القيمة يوم الغصب، فإن تعيب بجناية الغاصب فيخير أيضًا في أخذ قيمته يوم الغصب بحكم الغصب أو أخذ المعيب مع ما نقصه بحكم التعدي، وإن كان بجناية الأجنبي فيخير أيضا في أخذه مع ما نقصه العيب من الجاني أو يأخذ قيمة المغصوب من غاصبه ثم يتبع الغاصب الجاني فيه (3) أي: وإن تعيب المغصوب بأمر سماوي أو بجناية الغاصب أو أجنبي (4) فإن ربه يخير فيه كما إذا غصب أمة قائمة النهدين فانكسرا عنده، والمشهور أن العيب (5) القليل كالكثير، وهو مذهب المدونة، وقيل: لا يضمن ذلك في العيب القليل، نقله ابن (6) الجلاب (7)، وهو (8) مذهب أشهب أن انكسار النهدين يوجب الضمان كما ذكر هنا (9)، ومذهب المدونة أنه لا فرق بين جناية الغاصب والأجنبي (10)، وقال أشهب: ليس لربها إذا جني عليها الغاصب إلا أخذها على حالها بغير أرش جناية أو أخذ قيمتها يوم الغصب (11)، واختاره محمد وسحنون.
قوله: (كَصِبْغِهِ في قِيمَتِهِ وَأَخْذِ ثَوْبِهِ، وَدَفْعِ قِيمَةِ الصَّبغ) أي (في قِيمَتِهِ) متعلق بـ (خُيِّرَ) ومراده أن من تعدى على ثوب غيره فصبغه فإن ربه مخير بين أخذ قيمة ثوبه (12) أو أخذه
(1) قوله: (خير) ساقط من (ن 4).
(2)
قوله: (المغصوب) زيادة من (ن).
(3)
في (ن): (منه) وزاد بعده في (ن 4): (أي: المعيب فإذا
…
ثم يتبع الغاصب الجاني فيه).
(4)
قوله: (أي: وإن تعيب
…
بجناية الغاصب أو أجنبي) سقط من (ن 3).
(5)
في (ن): (التعيب).
(6)
في (ن): (في).
(7)
انظر: التفريع: 2/ 298.
(8)
قوله: (وهو) زيادة من (ن 3).
(9)
انظر: النوادر والزيادات: 10/ 317.
(10)
انظر: المدونة، دار صادر: 14/ 354.
(11)
قوله: (وقال أشهب: ليس
…
قيمتها يوم الغصب) ساقط من (ن 3).
(12)
في (ن 3) و (ن 4): (قيمتها).
ودفع قيمة الصبغ (1) للمتعدي، يريد: إن لم يكن الصبغ قد نقصه وما ذكره هو مذهب المدونة (2)، وقال أشهب: يخير ربه بين أخذ قيمة الثوب أو أخذه بلا غرم ونحوه لعبد الملك (3)، وعنه أيضا التفرقة، فإن صبغه صبغًا (4) يسيرًا فكذلك، وإلا فلا يأخذه ربه إلا بعد دفع قيمة الصبغ أو يضمن الغاصب ما نقصه (5) أو يكونان شريكين، ونص ابن القاسم على نفي الشركة (6)، أما لو نقص الثوب بالصبغ فلا شيء عليه إن أخذه، ولا شيء له على الغاصب.
قوله: (أو (7) في بِنَائِهِ في أَخْذِهِ، وَدَفْعِ قِيمَةِ نقْصِهِ بَعْدَ سُقُوطِ كُلْفَةٍ لَمْ يَتَوَلَّهَا) أي: وفي بناء الغاصب يخير رب المغصوب في أخذه، ودفع قيمة نقصه (8) بعد أن يسقط من ذلك كلفة من يتولى فعله إن لم يكن هو (9) يتولى ذلك بنفسه أو بعبده.
قوله (وَمَنْفَعَةَ الْبُضْعِ والحر بِالتَّفْوِيتِ) أي: وضمن الغاصب منفعة البضع ومنفعة الحر بالتفويت، وهكذا قال ابن شاس (10) وغيره.
قوله: (كَحُرٍّ بَاعَهُ وَتَعَذَّرَ رُجُوعُهُ) قال مالك في الواضحة فيمن غصب حرًّا فباعه إنه يكلف طلبه، فإن أيس (11) منه ودّى ديته إلى أهله.
قوله: (وَغيرِهِمَا بِالْفَوَاتِ) أي: وأما غير البضع والحر فيضمنه بالفوات، وفيه إشعار باختيار قول غير ابن القاسم، وأنه يضمن بمجرد فوات المنافع، وإن لم يستغل ولا
(1) قوله: ("فِي قِيمَتِهِ" متعلق بـ "خُيِّرَ"
…
قيمة الصبغ) ساقط من (ن 3).
(2)
انظر: المدونة، دار صادر: 14/ 363.
(3)
انظر: النوادر والزيادات: 10/ 324.
(4)
قوله: (صبغه صبغًا) يقابله في (ن 3): (غصبه شيئا)، وفي (ن 5):(صبغه شيئًا).
(5)
في (ن) و (ن 4) و (ن 5): (غصب).
(6)
انظر: المدونة: 14/ 371.
(7)
في (ن): (و).
(8)
في (ن): (نقضه).
(9)
في (ن 4): (الغاصب)، وفي (ن):(الغاصب هو).
(10)
انظر: عقد الجواهر: 3/ 866.
(11)
في (ن): (يأس).
استعمل، وهو قول مطرف وعبد الملك وابن عبد الحكم (1) وأصبغ وابن حبيب وصوبه بعض الأشياخ، لكن المشهور أنه لا ضمان عليه.
(المتن)
وَهَلْ يَضْمَنُ شَاكِيهِ لِمُغَرّمٍ زَائِدًا عَلَى قَدْرِ الرَّسُولِ إِنْ ظَلَمَ؟ أَوِ الْجَمِيعَ؟ أَوْ لا؟ أَقْوَالٌ. وَمَلَكَهُ إِنِ اشْتَرَاهُ، وَلَوْ غَابَ أَوْ غَرِمَ قِيمَتَهُ إِنْ لَمْ يُمَوِّهْ وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِفَضْلَةٍ أَخْفَاهَا، وَالْقَوْلُ لَهُ فِي تَلَفِهِ وَنَعْتِهِ وَقَدْرِهِ وَحَلَفَ. كَمُشْتَرٍ مِنْهُ، ثُمَّ غَرِمَ لآخِرِ رُؤْيَةٍ. وَلِرَبِّهِ إِمْضَاءُ بَيْعِهِ، وَنَقْضُ عِتْقِ الْمُشْتَرِي، وَإِجَازَتُهُ. وَضَمِنَ مُشْتَرٍ لَمْ يَعْلَمْ فِي عَمْدٍ، لا سَمَاوِيٍّ، وَغَلَّةٍ، وَهَلِ الْخَطَأُ كَالْعَمْدِ؟ تَأْوِيلانِ. وَوَارِثُهُ، وَمَوْهُوبُهُ إِنْ عَلِمَا كَهُوَ، وَإِلَّا بُدِئَ بِالْغَاصِبِ.
(الشرح)
قوله: (وَهَلْ يَضْمَنُ شَاكِيهِ لِمُغَرِّمِ زَائِدًا عَلَى قَدْرِ الرَّسُولِ إِنْ ظَلَمَ أَوِ الجمِيعَ أَوْ لا؟ أَقْوَالٌ) ابن يونس فيمن تعدى على رجل وقدمه للسلطان، وهو يعلم أنه إذا قدمه إليه (2) تجاوز في ظلمه فأغرمه ما لا يجب عليه، اختلف في تضمينه، فقال كثير منهم: عليه الأدب، وقد أثم ولا غرم عليه (3)، وكان (4) بعض شيوخنا: يفتي أنه (5) إن كان الشاكي ظالمًا في شكواه يضمن ما أغرمه بغير حق، وإن كان مظلومًا ولم يقدر أن ينتصف ممن ظلمه إلا بالسلطان فلا شيء على الشاكي، لأن الناس يلجؤون من المظلمة (6) إلى السلطان (7) وكذلك ما أغرمه الرسول (8) للمشكو، وهو مثل ما أغرمه السلطان يفرق فيه بين ظلم الشاكي وعدم ظلمه، كان بعض أصحابنا يفتي بأن ينظر القدر الذي لو استأجر الشاكي رجلًا إلى المسير في إحضار المشكو به فذلك على
(1) قوله: (وابن عبد الحكم) ساقط من (ن 3).
(2)
في (ن): (له).
(3)
زاد بعده في (ن 4): (ولا غرم عليه).
(4)
في (ن 3) و (ن 5): (وقال).
(5)
في (ن): (إن).
(6)
في (ن): (الظلمة).
(7)
زاد بعده في (ن): (قال).
(8)
قوله: (ما أغرمه الرسول) ساقط من (ن 4).
الشاكي على كل حال، وما زاد على ذلك مما أغرمه الرسول (1) فيفرق فيه بين الظالم والمظلوم حسبما تقدم.
قوله: (وَهَلْ يَضْمَنُ شَاكِيهِ (2)
…
إلي آخره (3)، إشارة إلى ما أفتى به بعض (4) الأصحاب (5).
قوله: (أَوِ الجمِيعَ) إشارة إلى ما كان يفتي به بعض الشيوخ أنه يضمن له جميع ما أغرمه له بغير حق.
قوله: (أَوْ لا) أي: أو لا ضمان عليه وهو إشارة إلي قول من قال بالأدب فقط.
قوله: (وَمَلَكَهُ إِنِ اشْتَرَاهُ، وَلَوْ غَابَ) يريد: أن من غصب شيئًا ثم اشتراه من ربه فإنه يملكه بذلك، وسواء كان ذلك الشيء حاضرًا أو ادعي الغاصب غيبته، وكذلك إذا حكم على الغاصب بغرم القيمة لعدم وجود المغصوب كالعبد يدعي أنه أبق أو ضلت الدابة أو شبه ذلك فإنه أيضا يملكه إن (6) لم يتبين كذبه بأن يكون أظهر خلاف ما في نفس الأمر، وإلى هذا أشار بقوله:(أَو (7) غَرِمَ قِيمَتَهُ إِنْ لَمْ يُمَوِّهْ) أي: فإن موه فإن لربه الرجوع، وله أن يبقي على أخذ القيمة، وقيل: له الرجوع، وإن لم يموه، والمشهور لا رجوع له مع عدم التمويه، قال في المدونة: إلا أن يظهر أفضل من تلك الصفة بأمر بين، فلربها الرجوع بتمام القيمة، وكأن الغاصب لزمته القيمة فجحد بعضها (8)، وقاله أشهب (9)، وإليه أشار بقوله:(وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِفَضْلَةِ أَخْفَاهَا) أشهب (10): ومن قال: إن
(1) في (ن 3): (المرسل).
(2)
في (ن 5): (لشاكيه).
(3)
قوله: (إلى آخره) يقابله في (ن): (إلى قوله إن ظلم).
(4)
قوله: (بعض) ساقط من (ن 5).
(5)
في (ن 3): (أصحابنا).
(6)
في (ن): (ما).
(7)
في (ن 5): (إن غرم).
(8)
انظر: تهذيب المدونة: 4/ 86.
(9)
انظر: النوادر والزيادات: 10/ 358.
(10)
قوله: (أشهب) ساقط من (ن 3).
أخذ السلعة فقد أخطأ (1).
وحكى اللخمي عن ابن القاسم أن للمغصوب منه ردّ (2) القيمة وأخذ السلعة إذا ظهر أن صفتها على خلاف ما حلف (3) عليه (4)، وفي ابن يونس عن بعضهم ينبغي إذا أقر الغاصب بغير ما غصب كقوله:"غصبت عبدًا" فيقول (5) المغصوب منه بل جارية، ثم تبين أنه جارية أن يرجع فيها كمن أخفي ذلك إذا لم يغرم من قيمة الصفة شيئًا بخلاف ما إذا اتفقا على العبد واختلفا في صفته.
قوله: (وَالْقَوْلُ لَهُ في تَلَفِهِ وَنَعْتِهِ وَقَدْرِهِ) يريد: أن الغاصب إذا ادعي تلف المغصوب وأنكر ذلك ربه فإن الغاصب يصدق، وكذلك إذا اختلفا في قدره أو نعته، أي: في صفته فإنه يصدق لأنه غارم، يريد: مع يمينه وهو مقيد بما إذا أتى بما يشبه، فإن أتى بما لا يشبه صدق المغصوب منه مع يمينه، قاله في المدونة (6) والعتبية، وقال أشهب: القول قول الغاصب مع يمينه وإن أتى بما لا يشبه مثل أن يقول: هي بكماء صماء (7).
قوله: (وَحَلَفَ) أي: الغاصب في دعوى التلف والقدر والصفة، وقاله في المدونة (8)، وقد تقدم (9).
قوله (10): (كَمُشْتَرٍ مِنْهُ) أي: كما يحلف من اشترى المتاع المغصوب من الغاصب إذا قام عليه ربه فادعى (11) أنه تلف أو نحو ذلك وقاله في العتبية.
(1) انظر: النوادر والزيادات: 10/ 358.
(2)
في (ن 3): (أداء).
(3)
قوله: (حلف) ساقط من (ن).
(4)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:5806.
(5)
في (ن): (أو يقول).
(6)
انظر: تهذيب المدونة: 4/ 86.
(7)
انظر: النوادر والزيادات: 10/ 358.
(8)
انظر: تهذيب المدونة: 4/ 86.
(9)
قوله: (قوله: "وَحَلَفَ" أي: الغاصب
…
، وقد تقدم) ساقط من (ن 3).
(10)
قوله: (قوله) ساقط من (ن 5).
(11)
في (ن): (فادعوا).
قوله: (ثُم غَرِمَ لآخِرِ رُؤْيَةٍ (1)) هكذا حكي ابن يونس عن غيره، فقال: الأشبه إذا رؤي الثوب عنده بعد شهر من يوم اشترائه (2) وادعى ضياعه أنه إنما يضمن قيمته يوم رؤي.
قوله: (وَلرَبِّهِ إمْضَاءُ بَيْعِهِ) يريد: أن لرب المغصوب إمضاء بيع غاصبه لأن حاصله أنه بيع فضولي، وقد نص على جواز إمضاء بيعه في المدونة (3).
قوله: (وَنَقْضُ عِتْقِ الْمُشْتَرِي وَإِجَازَتُهُ) أي: ولرب الجارية أو العبد نقض عتق المشتري وإجازته (4)، قال في المدونة: ومن غصب أمة فباعها ثم علم (5) ربها، وقد أعتقها المبتاع فلربها أخذها ونقض عتق المشتري وله أن يجيز البيع، ويتم العتق بالعقد الأول (6).
قوله (7)(وَضَمِنَ مُشْتَرٍ لَم يَعْلَمْ فِي عَمْدٍ) يريد: أن المشتري من الغاصب إذا لم يعلم بالغصب يضمن المغصوب إذا تعمد تلفه كالطعام يأكله والثوب يلبسه والدار يهدمها ونحو ذلك فيغرم قيمة المقوم، ومثل المثلي يوم وضع يده عبي ذلك، لأنه لا علم عنده بالغصب أما لو علم، فإن حكمه في ذلك حكم الغاصب.
قوله: (لا سَمَاوِيٍّ (8)) أي: فإن هلك المغصوب بأمر من الله تعالى وهو المراد بالسماوي فلا ضمان على المشتري فيه، قال في البيان باتفاق.
قوله: (وَغَلَّةٍ) أي: وكذلك لا شيء على المشتري غير العالم بالغصب في شيء من الغلة.
قوله: (وَهَلِ الخطَأُ كَالْعَمْدِ؟ تَأْوِيلانِ) يريد: أنه اختلف فيما إذا جنى المشتري
(1) قوله: (لآخِرِ رُؤْيَةٍ) يقابله في (ن 3): (لآخر رؤيته)، وفي (ن 5):(الآخر رؤية).
(2)
في (ن): (اشتراه).
(3)
انظر: تهذيب المدونة: 4/ 83.
(4)
قوله: (أي: ولرب الجارية
…
عتق المشتري وإجازته) ساقط من (ن 3).
(5)
في (ن): (قام).
(6)
انظر: تهذيب المدونة: 4/ 85.
(7)
قوله: (قوله) ساقط من (ن 5).
(8)
في (ن): (بسماوي).
على ذلك خطأ هل يلحق بالعمد، وإليه ذهب أشهب في المجموعة (1) أو بالسماوي، وإليه ذهب ابن القاسم في العتبية، وجعله في البيان تفسيرًا لما في المدونة (2)، وقال أبو الحسن الصغير: ظاهرها مساواة العمد والخطأ. ابن عبد السلام: وربما تأول على المدونة، وإليهما (3) أشار بالتأويلين، وقول (4) أشهب هو القياس، لأن الخطأ كالعمد في أموال الناس.
قوله: (وَوارِثُهُ وَمَوْهُوبُهُ إِنْ عَلِما كَهُوَ) أي: قوله كهو أي الغاصب في لزوم الغلات والضمان وغير ذلك (5) يريد: أن وارث الغاصب ومن وهب (6) ذلك الشيء المغصوب يتنزلان منزلة الغاصب (7) إن علما بالغصب فيتبع المغصوب منه الغاصب أو الواهب إن شاء، وإن شاء اتبع الموهوب له (8)، ويرجع على الوارث والموهوب له بالغلة لأنهما لما (9) علما خوطبا بالرد، فلما (10) لم يفعلا ترتب عليهما بسبب ذلك حكم التعدي.
قوله: (وَإِلا بُدِئَ بِالْغَاصِب) أي: وإن لم يعلم الموهوب له بالغصب بدئ بالغاصب، لأنه المسلط له على المَال فيرجع عليه بقيمة الموهوب وغلته، وهذا هو المشهور، وقاله ابن القاسم في المدونة (11)، وفي كتاب الاستحقاق منها أنه يرجع أولًا على الموهوب له لأنه الذي باشر الإتلاف (12). ابن رشد: فإن وجده عديمًا رجع على الغاصب (13)، ولأشهب ثالث أنه (14) يرجع على أيهما شاء.
(1) انظر: النوادر والزيادات: 10/ 353.
(2)
انظر: البيان والتحصيل: 11/ 250.
(3)
في (ن): (وإليها).
(4)
في (ن 4): (قال).
(5)
قوله: (أي قوله كهو أي
…
والضمان وغير ذلك) زيادة من (ن).
(6)
زاد بعده في (ن): (له).
(7)
قوله: (منزلة الغاصب) يقابله في (ن 4): (منزلته).
(8)
قوله: (له) ساقط من (ن).
(9)
في (ن): (إذا).
(10)
في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (فما).
(11)
انظر: تهذيب المدونة: 4/ 109.
(12)
انظر: تهذيب المدونة: 4/ 109.
(13)
انظر: المقدمات المهدات: 2/ 152.
(14)
قوله: (الذي باشر
…
ولأشهب ثالث أنه) ساقط من (ن 5).
(المتن)
وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِغَلَّةِ مَوْهُوبِهِ، فَإِنْ أَعْسَرَ فَعَلَى الْمَوْهُوبِ، وَلُفِّقَ شَاهِدٌ بِالْغَصْب لآخَرَ عَلَى إِقْرَارِهِ بِالْغَصْبِ، كَشَاهِدٍ بِمِلْكِ لِثَانٍ بِغَصْبِكَ، وَجُعِلْتَ حَائِزًا، لَا مَالِكًا، إِلَّا أَنْ تَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِ الْمِلْكِ، وَيَمِينَ الْقَضَاءِ. وَإِنِ ادَّعَتِ اسْتِكْرَاهًا عَلَى غَيْرِ لائِقٍ بِلا تَعَلُّقٍ حُدَّتْ لَهُ، وَالْمُتَعَدِّي جَانٍ عَلَى بَعْضٍ غَالِبًا، فَإنْ أَفَاتَ الْمَقْصُودَ: كَقَطْعِ ذَنَبِ دَابَّةِ ذِي هَيْئَةٍ، أَوْ أُذُنِهَا، أَوْ طَيْلَسَانِهِ، أَوْ لَبَنِ شَاةٍ هُوَ الْمَقْصُودُ، أَوْ قَلْعِ عَيْنَي عَندٍ أَوْ يَدَيْهِ فَلَهُ أَخْذُهُ وَنَقْصُهُ، أَوْ قِيمَتُهُ، وَإِنْ لَمْ يُفِتْهُ فَنَقْصُهُ كَلَبَنِ بَقَرَةٍ، أَوْ يَدِ عَبْدٍ أَوْ عَيْنِهِ. وَعَتَقَ عَلَيْهِ إِنْ قُوِّمَ، وَلا مَنْعَ لِصَاحِبهِ فِي الْفَاحِشِ عَلَى الأَرْجَحِ. وَرَفَا الثَّوْبَ مُطْلَقًا، وَفِي أُجْرَةِ الطَّبِيبِ قَوْلانِ.
(الشرح)
قوله: (وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِغَلَّةِ مَوْهُوبِهِ، فَإِنْ أَعْسَرَ فَعَلَى الْمَوْهُوبِ) أي: ورجع على الغاصب بالغلة التي أخذها موهوبه، فإن أعسر الغاصب رجع على الموهوب له فأخذ منه ذلك.
قوله: (وَلُفِّقَ شَاهِدٌ بِالْغَصْبِ لآخَرَ عَلَى إِقْرَارِهِ بِالْغَصْبِ كَشَاهِدِ بِمِلْكِ لثانٍ بِغَصْبِكَ (1)) قال في المدونة عن ابن القاسم (2): دمان أقمت شاهدًا أن فلانًا غصبك هذه الأمة وشاهدًا آخر على إقراره بالغصب (3) أنه غصبكها تمت الشهادة، ولو شهد أحدهما أنه غصبكها وشهد الآخر أنها لك فقد اجتمعا على إيجاب ملكك لها، فيقضى لك بها (4). ابن يونس: يريد بعد أن تحلف أنك ما بعت ولا وهبت (5) وقال بعض الفقهاء: شهادتهما مختلفة، فإذا لم تفت (6) حلف مع أي الشاهدين شاء، فإن حلف مع شاهد الملك حلف أن شاهده شهد بحق وأنه ما باع ولا وهب، دمان حلف مع شاهد الغصب حلف لقد شهد شاهده بحق وردت إلى يده بالحيازة فقط، وإليه أشار بقوله: (وَجُعِلْتَ
(1) قوله: (لثانٍ بِغَصْبِكَ) يقابله في (ن 3): (لآخر بغصب كأنه لك لثان).
(2)
قوله: (عن ابن القاسم) ساقط من (ن 4).
(3)
قوله: (إقراره بالغصب) يقابله في (ن): (إقرار الغاصب).
(4)
انظر: تهذيب المدونة: 4/ 83 و 84.
(5)
قوله: (يريد بعد أن تحلف أنك ما بعت ولا وهبت) زيادة من (ن 5).
(6)
قوله: (لم تفت) يقابله في (ن): (تمت)، وفي (ن 3):(لم يصنف الحكم).
حَائِزًا (1)، لا مَالِكًا، إِلا أَنْ تَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِ الملْكِ، وَيَمِينَ الْقَضَاءِ (2) ابن يونس: لأن شاهد الغصب لم يثبت له (3) ملكًا وشاهد الملك لم يثبت له (4) غصبًا، فلم يجتمعا في ملك ولا في غصب.
قوله: (وَيَمِينَ الْقَضَاءِ) أي: أن (5) يحلف أنه ما باع ولا وهب ولا تصدق ولا خرجت من (6) ملكه بوجه من الوجوه.
قوله: (وإِنِ ادَّعَتِ اسْتِكْرَاهًا عَلَى غَيْرِ لائِقٍ بِلا تَعَلُّقٍ، حُدَّتْ لَهُ)(7).
قوله: (وَالْمُتعَدِّي جَانٍ عَلَى بَعْضٍ غَالِبًا) هذا إشارة منه إلي أن المتعدي يفارق الغاصب وهو مذهب المدونة وغيرها، وذكر من الوجوه التي فرق بينهما بها وجهًا واحدًا وهو أن المتعدي (8) جانٍ على بعض السلعة كالمستعير والمستأجر يتعديان المسافة المشترطة، والغاصب جار على مجموع الذات ونحوه في المدونة، وقيل: لأن المتعدي لا يضمن إلا بالفساد الكثير، والغاصب يضمن مطلقًا ونحوه لابن المواز (9)، وقيل: إن (10) المتعدي ضامن لها من يوم التعدي، لأن يده كانت عليها قبل ذلك بإذن ربها كالمستأجر والمستعير، وقيل: غير ذلك، واحترز بقوله غالبًا من مثل مسألة المستأجر والمستعير فإنهما قد تعديا على مجموع السلعة لا على بعضها، ومع ذلك يجعلونهما (11) متعديين لا غاصبين.
(1) في (ن): (ذائد).
(2)
قوله: (وَيَمِينَ الْقَضَاءِ) ساقط من (ن).
(3)
في (ن 3): (لك).
(4)
في (ن 3): (لك).
(5)
قوله: (أن) ساقط من (ن).
(6)
في (ن): (عن).
(7)
قوله: (قوله: "وإِنِ ادَّعَتِ اسْتِكْرَاهًا عَلى غَيْرِ لائِقٍ بِلا تَعَلُّقِ، حُدَّتْ لَهُ ") ساقط من (ن) و (ن 4).
(8)
زاد في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (وغيرها).
(9)
انظر: النوادر والزيادات: 10/ 333.
(10)
في (ن): (لأن).
(11)
في (ن): (جعلوهما).
قوله: (فَإِنْ أفَاتَ الْمَقْصُودَ بقَطع (1) ذَنَبِ دَابَّةِ ذِي هَيْئَةٍ، أَوْ أُذُنِهَا، أَوْ طَيْلَسَانِهِ) يريد: أن الفساد الكثير هو الذي يفيت المقصود من الذات (2)، وإن كان في الصورة يسيرًا مثل أن يقطع ذنب دابة ذي هيئة كقاض ونحوه ممن لا يليق بحاله ركوبها على تلك الهيئة، وكذلك قطع أذنها وهو مروي عن عبد الملك (3) وأصبغ. ابن شاس: وهي الرواية المشهورة عن مالك، وعنه أيضا: أنه يضمن (4) في الأذن دون الذنب، ومثل ذلك قطع طيلسان ذي هيئة وقلنسوته ونحوهما، لأنه لا يلبس ذلك على هذه الحالة (5).
قوله: (أَوْ (6) لَبَنِ شَاةٍ هُوَ الْمَقْصُودُ) أي: إذا تعدى عليها بأمر يفيت الغرض المقصود منها (7) فأذهب لبنها أو بعضه لذلك (8) فإنه يضمن قيمتها إن شاء ربها إن كان اللبن هو المقصود الأعظم منها. مطرف وعبد الملك وأصبغ: إن لم تكن غزيرة اللبن فعليه ما نقصها (9).
قوله: (أَوْ قَلْعِ (10) عَيْنَيْ عَبْدٍ أَوْ يَدَيْهِ) أي: لأن قلع (11) عيني العبد أو الجارية يفيت الغرض (12) منهما، وكذلك قطع اليدين.
قوله: (فَلَهُ أَخْذُهُ وَنَقْصُهُ، أَوْ قِيمَتُه) أي: فإن حصلت الإفاتة خُير المالك بين أخذ ذلك وما نقصه العداء (13)، وبين أن يأخذ قيمته كاملة ويتركه للمتعدي، وإلى هذا رجع مالك،
(1) في (ن): (كقطع).
(2)
في (ن 4): (الدواب).
(3)
في (ن): (عبد الحكم).
(4)
في (ن 3): (لا يضمن).
(5)
انظر: عقد الجواهر: 3/ 875.
(6)
في (ن): (و).
(7)
زاد بعده في (ن 4): (يفيت الغرض المقصود منها).
(8)
قوله: (لذلك) ساقط من (ن).
(9)
انظر: النوادر والزيادات: 10/ 337.
(10)
قوله: (أَوْ قَلْعِ) يقابله في (ن): (وقطع).
(11)
في (ن): (قطع).
(12)
زاد بعده في (ن): (المقصود).
(13)
في (ن 3): (العيب).
وكان يقول: يأخذه وما نقص كما في اليسير، وليس له أن يضمنه قيمته، وإذا اختار أخذه فله أرش نقصه كما قال، وهو مذهب المدونة، وإليه رجع ابن القاسم، وله مثل قول (1) أشهب أنه إذا اختار أخذه فلا شيء له (2) من نقصه وإلا تركه وأخذ قيمته.
قوله: (وَإِنْ لَمْ يُفِتْهُ فَنَقْصُهُ) أي: فإن تعدى على ذلك بأمر لا يفيت الغرض المقصود منه فليس عليه إلا نقصه وهو مما لاخلاف فيه.
قوله: (كَلَبَنِ بَقَرَةٍ أو يَدِ عَبْدٍ أَوْ عَيْنِهِ) يريد: لأن البقرة تراد لغير اللبن، وكذلك الناقة، فإذا تعدى عليها فأذهب لبنها (3) أو نقصه فليس عليه إلا ما نقص، وكذلك إذا قطع للعبد يدًا واحدة أو فقأ له عينًا واحدة إذ لم يعطل على سيده منافعه جملة، بخلاف اليدين أو العينين معا (4).
قوله: (وَعَتَقَ عَلَيْهِ إِنْ قُوِّمَ) أي: وعتق العبد المجني عليه جناية غير مفيتة للمقصود كقطع يد أو عين إن رضي سيده بالقيمة على الجاني فإن لم يرض فله أخذه وما نقصه سيده مخير في أحدهما وأما المجني عليه جناية أفاتت المقصود منه فلا منع لسيده فيه من العتق على الجاني ولا تخيير له وهذا اختيار ابن يونس في المسألة، يريد فإن (5) تعدى على عبد غيره تعديًا فَاحشًا وحكم عليه بقيمته فإنه يعتق عليه، وقاله في كتاب الغصب والديات من المدونة. وعن مطرف وعبد الملك أنه يغرم قيمته ولا يعتق عليه. وقيل: إنما يغرم من قيمته ويعتق عليه إذا طلب ذلك سيده، وأما إذا امتنع من ذلك فله أخذ العبد وما نقصه. ابن يونس: والصواب من هذا والذي أختاره أنه إذا أفسده هكذا أن يغرم الجاني قيمته، ويعتق عليه على ما أحبه السيد أم كره، لأن قيمته عوضه فهو مضار في ترك قيمته صحيحًا وأخذ ما لا ينتفع به، وإحرام (6) العبد العتق وإلى هذا أشار بقوله:(وَلا مَنْعَ لِصَاحِبِهِ فِي الْفَاحِشِ عَلَى الأَرْجَحِ) قوله: (وَرَفَا الثَّوْبَ مُطْلَقًا) لا
(1) في (ن 3): (فعل).
(2)
في (ن): (عليه).
(3)
في (ن): (لبنهما).
(4)
في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (والعينين).
(5)
قوله: (وعتق العبد المجني عليه
…
ابن يونس في المسألة، يريد فإن) زيادة من (ن 5).
(6)
في (ن): (وأحرم).
خلاف أنه إذا أفسد الثوب فسادًا يسيرًا فأخذه ربه وما نقصه أنه يرفوه له، وقال بعضهم: لا فرق بين اليسير والكثير، وإليه أشار بقوله:(مُطْلَقا) ابن يونس: وهو ظاهر (1).
قوله: (وَفي أُجْرَةِ الطبِيبِ قَوْلانِ) يعني أنه اختلف هل يغرم الجاني أجرة المداواة مع ما نقص أو ليس عليه إلا ما نقص. اللخمي: والأحسن من القولين أنه على الجاني كالرفو (2)، وقال ابن يونس عن بعضهم: ليس عليه ذلك بخلاف الرفو، لأن ما ينفق على المداواة غير معلوم، ولا يعلم هل يرجع ذلك إلى ما كان عليه أم لا، وأما الرفو فمعلوم ما ينفق عليه، ويرجع كما كان.
* * *
(1) في (ن) و (ن 4) و (ن 5): (وهو خلاف ظاهر قوله).
(2)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:5759.