الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: (وَلا يَلْزَمُ دَفْعُهُ بِغَيْرِ مَحَلِّهِ وَلَوْ خَفَّ حَمْلُهُ) أي: ولا يلزم المسلم إليه أن يدفع المسلم فيه بغير (1) موضعه، ويأخذ أجرة حمله (2) ولو خف حمله، ونص عليه في الموازية وغيرها.
فصل [في أحكام القراض]
(المتن)
فَصْلٌ يَجُوزُ قَرْضُ مَا يُسْلَمُ فِيهِ فَقَطْ، إِلَّا جَارَيةً تَحِلُّ لِلْمُسْتَقْرِضِ. وَرُدَّتْ، إِلَّا أَنْ تَفُوتَ بِمُفَوِّتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، فَالْقِيمَةُ، كَفَاسِدِهِ. وَحَرُمَ هَدِيَّتُهُ إِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ مِثْلُهَا، أَوْ يَحْدُثْ مُوجِبٌ كَرَبِّ الْقِرَاضِ وَعَامِلِهِ، وَلَوْ بَعْدَ شَغْلِ الْمَالِ عَلَى الأَرْجَحِ، وَذِي الْجَاهِ وَالْقَاضِي، وَمُبَايَعَتُهُ مُسَامَحَةً، أَوْ جَرُّ مَنْفَعَةٍ: كَشَرْطِ العَفِنٍ بسَالِمٍ، وَدَقِيقٍ أَوْ كَعْكٍ بِبَلَدٍ، أَوْ خُبْزِ فُرْنٍ بِمَلَّةٍ، أَوْ عَيْنٍ عَظُمَ حَمْلُهَا كَسَفْتَجَةٍ إِلَّا أَنْ يَعُمَّ الْخَوْفُ، وَكَعَيْنٍ كُرِهَتْ إِقَامَتُهَا إِلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى أَن الْقَصْدَ نَفْعُ الْمُقْتَرِضِ فَقَطْ فِي الْجَمِيعِ، كَفَدَّانٍ مُسْتَحْصَدٍ، خَفَّتْ مُؤْنَتُهُ عَلَيهِ، يَحْصُدُهُ وَيَدْرُسُهُ، وَيَرُدَّ مَكِيلَتَهُ وَمُلِكَ، وَلَمْ يَلْزَمْ رَدُّهُ إِلَّا بِشَرْطٍ أَوْ عَادَةٍ، كَأَخْذِهِ بِغَيْرِ مَحَلِّهِ إِلَّا الْعَيْن.
(الشرح)
(يَجُوزُ قَرْضُ مَا يُسْلَمُ فِيهِ) ابن شاس: وكل ما يجوز أن يثبت في الذمة سلمًا يجوز قرضه (3)، وهو معنى قوله:(ما يسلم فيه) يريد كالعروض، والحيوان، ونحوهما وأشار بقوله:(فقط) إلى أن كل ما لا يجوز أن يسلم فيه كالدور والأرضين وتراب المعادن وتراب الصواغين والجواهر النفيسة، والجزاف إلا ما قال (4) ونحو ذلك لا يجوز قرضه، ولما كان كلامه شاملًا للجواري وغيرهن؛ لأن السلم فيهن جائز أخرجهن بقوله:(إِلا جَارِيَةً) وإنما (5) منع قرضهن لأنه مؤدٍّ (6) إلى عارية الفروج وخصص ابن عبد الحكم
(1) في (ن 4): (بغير) و (ن): (قبل).
(2)
قوله: (ويأخذ أجرة حمله) ساقط من (ن 5).
(3)
انظر: عقد الجواهر: 2/ 738.
(4)
في (ن 5): (قل).
(5)
في (ن 5): (وأمة)، وفي (ن 3):(أي أمة).
(6)
قوله: (قرضهن لأنه مؤدٍّ) في (ن 3): (قرضها لأنها مؤدي)، وقوله:("وَأَمَةً" منع قرضهن لأنه مؤدٍّ) في =
المنع من قرضهن لغير ذي محرم منهن. ابن بشير وأكثر الأشياخ على أنه ليس بخلاف (1)، قال (2): وهكذا أجروا الحكم في استقراض النساء لهذا الصنف والصغير يقترض له وليه، والصغيرة التي لا تشتهى تقترض (3) وإلى كون كلام ابن عبد الحكم تقييدًا أشار بقوله:(تَحِلُّ لِلْمُسْتَقْرِضِ) أي فلو كانت لا تحل كما في الصور المذكورة جاز قرضها. إذ ليس فيه عارية الفروج.
قوله: (وَردَّت) أي فإن أقرضها (4) في الموضع الذي لا يجوز له ردت يريد إن لم يطأها المقترض (5).
قوله: (إِلا أَنْ تَفُوتَ بِمُفَوِّتِ الْبَيعْ الْفَاسِدِ، فَالْقِيمَةُ كَفَسَادِهِ) أي: فإن حصل ما فوتها من وطء أو غيره فلا رد ووجبت عليه القيمة على المنصوص، وقد اختلف المتأخرون فيما يلزم في فساد القرض (6)، فأكثرهم على رده إلى البيوع الفاسدة، فتجب القيمة فيما له قيمة، والمثل فيما له المثل، ورأى (7) ابن محرز أن لا يؤخذ المقترض إلا بما دخل عليه فيغرم (8) المثل ثم يباع للمقرض (9) ويعطى له، إن كان مساويًا للقيمة أو ناقصًا عنها (10)، واختاره المازري.
قوله: (وحرم هديته إِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ مِثْلُهَا) يريد أن هدية المديان حرام على رب الدين، لأنها زريعة إلى التأخير بزيادة بعض المتأخرين: وهذا إذا لم تجر بين المتعاملين هدية، فإن كانت العادة جريانها بينهما (11) قبل المداينة جازت ولهذا قال:(إِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ مِثْلُهَا) وأما إن
= (ن 5): (وإنما منع لأن قرضهن يؤدي).
(1)
انظر: عقد الجواهر: 2/ 758.
(2)
قوله: (قال) زيادة من (ن 5).
(3)
في (ن 5): (تقرض). وانظر: عقد الجواهر: 2/ 758.
(4)
في (ن 4): (اقترضها).
(5)
في (ن 5): (المقرض).
(6)
قوله: (فساد القرض) يقابله في (ن 4): (فساده العرض).
(7)
في (ن 4): (ورده).
(8)
في (ن 4): (فيقوم).
(9)
في (ن 5): (المقترض).
(10)
انظر: التوضيح: 6/ 64.
(11)
قوله: (بينهما) ساقط من (ن 5).
زادت لم تجز، وأما قوله:(أَوْ يَحْدُثْ مُوجِبٌ) فيعني به أن الهدية إذا لم تكن جارية بينهما لكن حصل ما يوجبها كالمصاهرة ونحوها، فإنها لا تحرم حينئذ، وألحق المتأخرون بذلك أن يهدي رب المال لمن قارضه ليديم العمل فيصير سلفًا جر منفعة وإليه أشار بقوله:(كَرَبِّ الْقِرَاضِ) وأما هدية العامل لرب المال فإن لم يشتغل بالمال فهي ممنوعة بلا خلاف، وإن شغله فقولان للمتأخرين: نظرا إلى الحال وإلى المآل وإلى المنع أشار بقوله: (وَعامِلِهِ، وَلَوْ بَعْدَ شَغْلِ الْمَالِ).
قوله: (1): (عَلَى الأَرْجَحِ) إشارة إلى أن ابن يونس رجح القول به.
قوله: (وَذِي الْجَاهِ وَالْقَاضِي) هو معطوف على قوله: (كرب القراض) إلى آخره (2) ومعناه أن هدية الشخص لصاحب الجاه حرام لأنها من أكل المال بالباطل، ونحوه ف شرح البخاري لابن بطال، وقاله الغزالي وألحق به الهدية للقاضي، وسيأتي ذلك في باب الأقضية.
قوله: (وَمُبَايَعَتِه مُسَامَحَة) يعني وكذلك تحرم مبايعة الديان لرب الدين إذا كان فيها مسامحة، وذلك خشية أن يتذارعا إلى هدية (3) المديان، أو فسخ دين في دين وقاله اللخمي (4).
قوله: (أَوْ جَرُّ مَنْفَعَةٍ) يحتمل أن يكون عطفًا على (مسامحة) أي: وحرم مبايعة الديان لرب الدين إذا حصل فيها مسامحة أو جر منفعة ويحتمل أن يعود على القرض والمعنى: وحرم القرض إن جر منفعة، لكن ليس هذا من مواضع العطف بـ (أو)، وانظر الكبير.
قوله: (كَشَرْطِ العَفِن بِسَالِمٍ) هذا مما يجر منفعة للمقرض (5) وهو أن يدفع طعامًا عفنًا بشرط أن يأخذ سالمًا. ابن شاس: أو يدفع مسوسًا (6) أو مبلولًا أو رطبًا قديمًا ليأخذ سليمًا جديدًا (7) يابسًا (8) قال: فإن لم تكن مسغبة منع بلا خلاف، وإن كانت وتمحضت
(1) قوله: (قوله) ساقط من (ن 5).
(2)
قوله: (إلى آخره) ساقط من (ن).
(3)
في (ن 4): (هيئة).
(4)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:4210.
(5)
في (ن 3): (المقترض).
(6)
في (ن 5): (يابسًا).
(7)
في (ن 3): (جيد).
(8)
انظر: عقد الجواهر: 2/ 759.
المنفعة للقابض فقد أجازه في الواضحة، وإن كان للدافع بعض منفعة فهي كمسألة السفاتج وفيها روايتان المشهور منهما المنع، وروى أبو الفرج الجواز، وقيد اللخمي المشهور بما إذا لم يقم دليل على إرادة نفع المستسلف وأما لو قام فيجوز وهو تفسير، ونص ابن حبيب على المنع ولو اختص النفع (1) للمستسلف (2)، وليس بظاهر (3).
قوله: (وَدَقِيقٍ أَوْ كَعْكٍ بِبَلَدٍ) يشير إلى قول ابن شاس ومما يمنع (4) سلف الحاج الدقيق أو الكعك يحتاج إليه ويقول للدافع أوفيكه في موضع كذا لبلد آخر وهو المشهور، وعن سحنون جوازه قال: لكن على المشهور يتسلف ولا يشترط، ولهذا كان قوله:(وَدَقِيقٍ) معطوفًا على قوله: (كشرط عفن بسالم) أي: وكذا يمتنع اشتراط دفع دقيق أو كعك بموضع ليأخذ ذلك منه في بلد آخر.
قوله: (أَوْ خُبْزِ فُرْنٍ بِمَلَّةٍ)(5) أي: وكذا يمتنع أيضًا دفع خبز فرن بشرط أن يأخذ منه خبز ملة (6) إذ هو سلف يجر منفعة.
قوله: (أَوْ عَيْنٍ عَظُمَ حَمْلُهَا كَسَفْتَجَةٍ) أي: ومما يمتنع أيضًا دفع ما عظم حمله من العين بموضع ليأخذ عوضه بموضع آخر، ومثَّل ذلك بالسفتجة بـ"السين المهملة" و"الفاء" و"التاء المثناة" من فوق على وزن مخمصة، وهي: واحدة "السفاتج" والمراد بها: كتاب صاحب المال لوكيله في بلد آخر ليدفع إلى حامله مقدار ما تسلف منه ليدفع بذلك غرر الطريق ومؤنة الحمل، وهذا هو المشهور وهو مذهب المدونة وقيده عبد الوهاب واللخمي بما إذا لم يكن قطع الطريق غالبًا، فإن غلب استخف ذلك صيانة للأموال (7)، وإليه أشار بقوله:(إِلا أَنْ يَعُمَّ الْخَوْفُ).
قوله: (وَكَعَيْنٍ كُرِهَتْ إِقَامَتُهَا) أي: لأنه مما يؤدي إلى سلف جر منفعة.
(1) في (ن 3): (المنع).
(2)
انظر: التوضيح: 6/ 65.
(3)
قوله: (للمستسلف، وليس بظاهر) ساقط من (ن).
(4)
في (ن 5): (ينتفع).
(5)
قوله: (أي: وكذا يمتنع .... قوله: "أَوْ خُبْزِ فُرْنٍ بِمَلَّةٍ") ساقط من (ن 4).
(6)
في (ن 4): (مثله).
(7)
انظر: التبصرة، للخمي، ص: 4207، التوضيح: 6/ 65.
قوله: (إِلا أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقَصْدَ نَفْعُ الْمُقْتَرِضِ فَقَطْ فِي الْجَمِيعِ) أي فيجوز ذلك (1)، ونبه بقوله:(فقط) على أنهما لو قصدا نفعهما (2) معًا امتنع، وأحرى إذا كان القصد نفع المسلف وحده، ومراده بالجميع أي: جميع المسائل المتقدمة.
قوله: (كَفَدَّانٍ مُسْتَحْصِدٍ خَفَّتْ مُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ يَحْصُدُهُ وَيَدْرُسُهُ وَيَرُدُّ مَكِيلَتَهُ) هذه مسألة المدونة ونصها: "وإن أقرضك فدانًا (3) مزروعًا (4) تحصده أنت وتدرسه لحاجتك؛ وترد عليه مثل كيل ما فيه فإن فعل ذلك رفقًا ونفعًا لك دونه؛ جاز إذا كان ليس فيما كفيته منه كبير مؤنة، لقلة (5) ذلك في كثرة ذرعه، ثم قال: ولو قصد (6) بذلك نفع نفسه بكفايتك إياه لم يجز".
قوله: (وَمُلِكَ، وَلَمْ يَلْزَمْ رَدُّهُ، إِلا بِشَرْطٍ، أَوْ عَادَةٍ) يريد أن القرض يُملك بنفس الدفع للمقترض فيصير حينئذ مالًا من أمواله ولا يلزم رده إلا بعد المدة المشترطة وهو مما لا خلاف عندنا فيه، واختلف إذا لم يكن بينهما شرط بمدة هل يرجع فيه إلى العادة؟ وهو ظاهر المدونة (7). قال (8) ابن محرز وغيره: وليس له رجوع قبلها. وقال أبو عمران: إذا اتفقا على أن القرض وقع على الإطلاق من غير تقييد لزمن (9) يرده بعده فإنه يقضى بالحلول ويأخذ ذلك ربه إن طلبه.
وقال ابن أبي زمنين (10): يقضى بالأجل. وقال ابن القابسي (11): لا يجوز ذلك، يعني (12) حتى يمضي مقدار ما يقرض إليه، وإن قال المقرض: هو على الحلول، وقال
(1) قوله: (ذلك) ساقط من (ن 3).
(2)
قوله: (قصدا نفعهما) في (ن 3): (قصدهما).
(3)
قوله: (فدانًا) ساقط من (ن 4).
(4)
قوله: (مزروعًا) يقابله في (ن): (من زرع مستحصدا).
(5)
في (ن 5): (لغلة).
(6)
في (ن 5): (اغتذى)، وفي (ن 3) و (ن 4):(اعتدى).
(7)
في (ن): (المذهب).
(8)
في (ن) و (ن 5): (قاله).
(9)
في (ن 3): (لزم).
(10)
في (ن): (ابن أبي زيد).
(11)
في (ن 4): (ابن القاسم).
(12)
قوله: (يعني) ساقط من (ن 5).