المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب [في أحكام الإجارة] - تحبير المختصر وهو الشرح الوسط لبهرام على مختصر خليل - جـ ٤

[بهرام الدميري]

الفصل: ‌باب [في أحكام الإجارة]

‌باب [في أحكام الإجارة]

(المتن)

بَابٌ صِحَّةُ الإِجَارَةِ بِعَاقِدٍ، وَأَجْرٍ كَالْبَيْعِ. وَعُجِّلَ إِنْ عُيِّنَ، أَوْ بِشَرْطٍ، أَوْ عَادَةٍ، أَوْ فِي مَضْمُونَةٍ لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا؛ إِلَّا كراء حَجٍّ فَالْيَسِيرَ، وَإِلَّا فَمُيَاوَمَةً. وَفَسَدَتْ إِنِ انْتَفَى عُرْفُ تَعْجِيلِ الْمعَيَّنِ، كَمَعَ جُعْلٍ لا بَيْعٍ، وَكَجِلْدٍ لِسَلَّاخٍ، أَوْ نُخَالَةٍ لِطَحَّانٍ، وَجُزْءِ ثَوْبٍ لِنَسَّاجٍ، أَوْ رَضِيعٍ وَإِنْ مِنَ الآنَ، وَبِمَا سَقَطَ أَوْ خَرَجَ من نَفْضِ زَيْتُونٍ، أَوْ عَصْرِهِ، كَاحْصُدْ وَادْرُسْ وَلَكَ نِصْفُهُ، وَكرَاءِ أَرْضٍ بطَعَامٍ، أَوْ بِمَا تُنْبِتُهُ إِلَّا كَخَشَبٍ، وَحَمْلِ طَعَامٍ لِبَلَدٍ بِنِصْفِهِ، إِلَّا أَنْ يكون يَقْبِضَهُ الآنَ، وَكَإِنْ خطه الْيَوْمَ بِكَذَا وَإِلَّا فَبِكَذَا، وَاعْمَلْ عَلَى دَابَّتِي فَمَا حَصَلَ فَلَكَ نِصْفُهُ، وَهُوَ لِلْعَامِلِ، وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهَا، عَكْسُ لِتُكْرِيهَا. وَكَبَيْعِهِ نِصْفًا بِانْ يَبِيعَ نِصْفًا، إِلَّا بِالْبَلَدِ، إِنْ أَجَّلا وَلَمْ يَكُنِ الثَّمَنُ مِثْلِيًّا.

(الشرح)

(صحة الإجارة بعاقد، وأجر كالبيع) أشار به إلى أن الإجارة لها أركان لا تصح بدونها، الأول: العاقد، والمراد به المستأجِر، والمؤجِّر (1)، وشرطهما: التمييز، وقيل: إلا السكران، والتكليف شرط اللزوم، والإسلام شرط في المصحف (2) والمسلم، كما في البيع. الركن الثاني: الأجرة. وقوله: كالبيع راجع إلى العاقد وإلى الأجرة، أي: أنه يشترط في المستأجر والمؤجر ما يشترط في عاقدي البيع، من التمييز وغيره كما تقدم، وفي الأجرة ما في الثمن في البيع، من كونه طاهرًا، منتفعًا به، مقدورًا على تسليمه، معلومًا ومثل ذلك يشترط في الإجارة عند الجمهور يعني أن يكون المستأجر معلوما قال في المدونة: ومن اكترى دارا (3) بإفريقية وهو بمصر جاز ذلك كالشراء (4)، يعني لا بد من تقديم رؤية أو وصفها له وإلا لم يجز (5).

قوله: (وعجل إن عين) أي: وعجل الأجر إذا عين، أي: كما إذا أستأجر بثوب

(1) في (ن 5): (المستأجَر).

(2)

قوله: (في المصحف) يقابله في (ن 5): (في الصحة).

(3)

قوله: (دارا) ساقط من (ن).

(4)

انظر: المدونة: 3/ 524، وتهذيب المدونة: 3/ 480.

(5)

قوله: (ومثل ذلك يشترط

وإلا لم يجز) ساقط من (ن 3).

ص: 550

معين؛ لئلا يؤدى إلى بيع معين يتأخر قبضه، ومثل ذلك أن تكون الأجرة طعامًا. الشيخ: رطبًا كان أو يابسًا (1)، وخصه ابن شاس (2) بالرطب (3). وكذا إذا اشترط تعجيلها، أو كانت العادة ذلك، أو كانت الإجارة مضمونة، وإليه أشار بقوله:(أو بشرط، أو عادة، أو في مضمونة) وقيده في الموازية في المضمونة بأن لا يشرع فيها. وأما إذا شرع (4) في الركوب، فإن التأخير يجوز، وقاله عبد الوهاب (5)، وإلى هذا أشار بقوله:(لم يشرع (6) فيها). واختلف قول مالك في الكراء المضمون إلى الحج ونحوه للضرورة، فعنه في الموازية: لا يجوز تأخير النقد ولو كان في غير إبان الحج، ولكن يعجل الدينارين ونحوهما، وكان يقول: لا (7) ينبغي إلا أن ينقد مثل ثلثي الكراء، ثم رجع فقال: قد اقتطع الأكرياء (8) أموال الناس، فلا بأس أن يؤخروهم (9) بالنقد، ويعربنوهم الدينار وشبهه (10)، وإليه أشار بقوله:(إلا كراء (11) حج فاليسير) أي: فيعجل فيه اليسير.

قوله: (وإلا فمياومة) أي: وإن لم يكن ثَم شرط ولا عادة، والأجر غير معين، فلا يجب تعجيل شيء من الأجرة إلا بالتمكين من استيفاء ما يقابله من المنفعة، فكلما استوفى منفعة يوم استحق أجرته، وقاله (12) ابن القصار (13).

(1) انظر: التوضيح: 7/ 142.

(2)

قوله: (وخصه ابن شاس) يقابله في (ن): (وخصصه ابن رشد).

(3)

انظر: البيان والتحصيل: 12/ 145.

(4)

قوله: (وأما إذا شرع) ساقط من (ن 3).

(5)

انظر: التوضيح: 7/ 141.

(6)

في (ن 3): (يشرعا).

(7)

قوله: (لا) ساقط من (ن 3).

(8)

في (ن 3) و (ن 4): (الإكراء).

(9)

في (ن): (يؤجروهم).

(10)

انظر: التوضيح: 7/ 142.

(11)

في (ن 3): (كري).

(12)

في (ن): (وقال).

(13)

انظر: التوضيح: 7/ 142.

ص: 551

قوله: (وفسدت إن انتفى عرف تعجيل المعين) يعني: وفسدت الإجارة إذا كان الأجر معينًا، وفقد عند المتعاقدين عرف تعجيله، وكلامه يشمل صورتين: وهو ما إذا كان العرف التأخير، أو لم يكن عرف بل كانا يتعاوضان بالوجهين معًا؛ لصدق (1) انتفاء عرف التعجيل مع ذلك، ومذهب ابن القاسم في الصورتين الفساد، إلا أن يشترط النقد. وقال ابن الماجشون، وابن حبيب: لا أثر للعرف الفاسد، ويصح معه العقد (2).

قوله: (كمع جعل) أي: وكذلك تفسد الإجارة إذا وقعت مع جعل صفقة واحدة، وهو المشهور؛ لما بينهما من التنافر، إذ يجوز في الجعل الغرر، ولا يلزم بالعقد، ولا يجوز فيه الأجل، وليس كذلك الإجارة.

قوله: (لا بيع) أي: لا مع بيع، أي: فإنها لا تفسد، كما إذا باعه جلودًا على أن يخرزها (3) له نعالًا، ومنع ذلك سحنون (4).

قوله: (وكجلدٍ لسلاخ) أي: وهكذا تفسد الإجارة إذا استأجر السلاخ بجلد الشاة أو الناقة؛ لأنه لا يستحقه إلا بعد الفراغ، وهو قد يخرج صحيحًا، أو مقطعًا.

قوله: (ونخالة لطحان) أي: وكذا تفسد الإجارة إذا جعل أجرة الطحن النخالة؛ إذ هو مجهول القدر.

قوله: (وجزء ثوب لنساج، أو رضيع وإن من الآن) أي: وهكذا تفسد الإجارة إذا وقعت على أن ينسج الثوب بجزء منه، أو ترضع له الصبي المملوك بجزء منه، ولو ملكها ذلك الجزء من الآن، وقد نص في المدونة على منع المسألة الأولى للغرر؛ إذ لا يدرى كيف يخرج. وأما مسألة الرضيع، وهو أن يكون لك مملوك رضيع، فتدفعه لمن ترضعه، على أن يكون لها نصفه أو ثلثه أو نحو ذلك، فإنه لا يجوز، ولو كان على أن تقبضا .. الآن.

قوله: (وبما سقط أو خرج من نفض زيتون، أو عصره) أي: وكذلك يمتنع أن يستأجره بجزء مما يسقط من نفض زيتون، أو بجزء مما يخرج من عصيره، فلا يصح أن

(1) قوله: (معًا؛ لصدق) يقابله في (ن 3): (مما يصدق)، وفي (ن 4):(معا لقصد).

(2)

في (ن): (القود).

(3)

في (ن): (يحرزها).

(4)

انظر: التوضيح: 7/ 154.

ص: 552

يقول له: انقض (1) زيتونى فما سقط فلك نصفه، أو أعصره فما خرج فلك نصفه، أو غير ذلك من الأجزاء؛ للجهل بمقدار العوض في الأولى، وبكيفيته في الثانية.

قوله: (كاحصد وادرس ولك نصفه) أي: وهكذا تفسد الإجارة إذا قال له: احصد هذا الزرع وادرسه ولك نصفه، وقاله في المدونة، وزاد فيها: لأنه استأجره بنصف الحب، وهو لا يدرى كم يخرج، ولا كيف يخرج (2)؟ .

قوله: (وكراء أرض بطعام، أو بما تنبته إلا كخشب) هذا هو المشهور: وقال (3): (بطعام)، أي: كان مما تنبته، أم لا، وقوله:(أو بما تنبته)، أي: من غير الطعام، كالقطن والكتان والعصفر والزيتون (4) والزعفران، وأما الخشب ونحوه من العود الهندي والحطب وما أشبهه (5)، فيجوز (6)؛ لأن ذلك مما يطول مكثه ووقته، وقاله سحنون (7)، وأجاز في الموازية كراؤها بالخضر، وقيل: تجوز بالماء، وروى يحيى بن يحيى وبه قال، وهو قول (8) ابن مزين، وابن كنانة: لا تكرى بشيء إن أعيد فيها نبت، وتكرى بما سواه، أي: ولو طعاما. وقال ابن نافع: تكرى بكل شيء إذا أيزرع فيها، إلا الحنطة والشعير والسلت، وقال الأصيلي وغيره: تكرى بكل شيء (9)، وعن ابن الماجشون (10): يجوز أن تكرى بالقطن والزعفران في أرض لا تنبتها (11).

قوله: (وحمل طعام لبلد بنصفه، إلا أن يكون يقبضه الآن) أي: ومما لا (12) يجوز أن

(1) في (ن): (انفض).

(2)

انظر: المدونة: 3/ 470.

(3)

في (ن): (وقوله).

(4)

قوله: (والزيتون) زيادة من (ن).

(5)

في (ن): (أشبه).

(6)

في (ن): (فلا يجوز).

(7)

انظر: الذخيرة: 5/ 392.

(8)

قوله: (وهو قول) يقابله في (ن): (وبه قال).

(9)

قوله: (إذا لم يزرع

تكرى بكل شيء) ساقط من (ن 4).

(10)

في (ن 3): (ابن القاسم).

(11)

في (ن): (تنبتهما). انظر تفصيل هذه الأقوال في التوضيح: 7/ 158.

(12)

قوله: (لا) ساقط من (ن 5).

ص: 553

يستأجره على حمل طعام إلى بلد كذا بنصفه، إلا أن يدفع له نصفه الآن، وقاله في المدونة (1).

قوله: (وكإن خطه (2) اليوم بكذا، وإلا فبكذا) أي: وكذا تفسد الإجارة إذا دفع له ثوبا على أنه إن خاطه اليوم -مثلا- فله درهم، وإلا فله نصف درهم، قال في المدونة: ولا يجوز ذلك عند مالك (3).

قوله: (واعمل على دابتي، فما حصل فلك نصفه) أي: ومما يفسد الإجارة أيضا، قوله: اعمل على دابتي هذه، قما حصل من شيء فلك نصفه؛ لعدم العلم بقدر العوض، وقاله في المدونة (4).

قوله: (وهو للعامل، وعليه أجرتها) أي: وما حصل من أجرتها، أو ما احتطب عليها فهو للعامل، وعليه لصاحبها أجرة مثلها وقيل: ما حصل فهو لربها، وعليه للعامل أجرة مثله.

قوله: (عكس لتكريها) يريد: أن هذا الفرع عكس الذي فوقه (5)؛ أي: فيما يحصل، وأما في الفساد فهما سواء، فإذا دفع إليه دابة على أن يكريها وله نصف الكراء، لم يجز، إلا أنه ها هنا يكون ما حصل من ذلك لرب الدابة، وعليه للعامل أجرة مثله، وفي الأول ذلك للعامل، وعليه لصاحب الدابة أجرة مثلها، وكذلك ما قال في المدونة، قال فيها (6): وكأنه اكترى كراء فاسدا، والأول آجر (7) نفسه إجارة فاسدة، فافترقا (8).

قوله: (وكبيعه نصفا بأن يبيع نصفا (9) أي: وهكذا تفسد الإجارة إذا باعه نصف سلعة على أن يبيع له نصفها الآخر، أي: يجعل ثمن النصف الأول جعالة في بيع

(1) انظر: المدونهَ: 3/ 422.

(2)

في (ن) والمطبوع من مختصر خليل: (خِطْتَهُ).

(3)

انظر: المدونة: 3/ 419.

(4)

انظر: المدونة: 3/ 420.

(5)

في (ن): (قبله).

(6)

قوله: (قال فيها) ساقط من (ن 3).

(7)

في (ن 3): (أجاز).

(8)

قوله: (فافترقا) ساقط من (ن 5). وانظر: المدونة: 3/ 420.

(9)

قوله: (بأن يبيع نصفا) ساقط من (ن 5).

ص: 554

النصف الثاني (1)، وهذا هو المشهور، وهو مذهب المدونة (2).

وقوله: (إلا بالبلد إن أجلا)، يريد: أن الفساد مشروط بما إذا لم يكن البيع مؤجلا بالبلد، فإن كان بالبلد وأجل جاز، قال في المدونة: ما خلا الطعام، فإنه لا يجوز (3). قال سحنون: لأنه قبض أجرته، وهي طعام لا يعرف بعينه، وقد يبيع في نصف الأجل فيرد حصة ذلك، فتصير إجارة وسلفا، ابن يونس: يريد وكذلك كل ما لا يعرف بعينه، وإليه أشار بقوله:(ولم يكن الثمن مثليا) أي: فإن كان كذلك لم يجز، وأجاز ذلك في كتاب محمد، وقيل: إن ذلك لا يجوز، سواء كان البيع بالبلد أم لا، مؤجلا، أم لا (4)، وقيل: يجوز مطلقا، وفيها: قول عكس المشهور، وفي مختصر ما ليس في المختصر: إن ضربا أجلا فمكروه، وإن لم يضربا فلا بأس به (5).

(المتن)

وَجَازَ بِنِصْفِ مَا يَحْتَطِبُ عَلَيْهَا، وَصَاعِ دَقِيقٍ مِنْهُ، أَوْ مِنْ زَيْتٍ لَمْ يَخْتَلِفْ، وَاسْتِئْجَارُ الْمَالِكِ مِنْهُ، وَتَعْلِيمُهُ بِعَمَلِهِ سَنَةً مِنْ أَخْذِهِ، وَاحْصُدْ هَذَا وَلَكَ نِصْفُهُ، وَمَا حَصَدْتَ فَلَكَ نِصْفُهُ، وإجارة دَابَّةٍ لِكَذَا عَلَى إِنِ اسْتَغْنَى فِيهَا حَاسَبَ، وَاسْتِئْجَارُ مُؤَجَّرٍ، أَوْ مُسْتَثْنًى مَنْفَعَتُهُ، وَالنَّقْدُ فِيهِ إِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ غَالِبًا، وَعَدَمُ التَّسْمِيَةِ لِكُلِّ سَنَةٍ، وَكِرَاءُ أَرْضٍ لِتُتَّخَذَ مَسْجِدًا مُدَّةً، وَالنُّقْضُ لِرَبِّهِ إِذَا انْقَضَتْ، وَعَلَى طَرْحِ مَيْتَةٍ، وَالْقِصَاصِ، وَالأَدَبِ، وَعَبْدٍ خَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا ويوْمٍ، أَوْ خِيَاطَةِ ثَوْبٍ مَثَلًا، وَهَلْ تَفْسُدُ إِنْ جَمَعَهُمَا وَتَسَاوَيَا؟ أَوْ مُطْلَقًا؟ خِلَافٌ.

(الشرح)

قوله: (وجاز بنصف ما يحتطب عليها) أي: وجاز أن يدفع دابته لمن يحتطب عليها بنصف ما يحصل من الحطب؛ لأن الأجرة فيه معلومة.

(1) قوله: (الثاني) زيادة من (ن).

(2)

انظر: المدونة: 3/ 415.

(3)

هذا لفظ التهذيب، انظر: تهذيب المدونة: 3/ 342، وأما لفظ المدونة: 3/ 415، قلت: فإن قال أبيعك نصف هذه الأشياء التي سألتك عنها على أن تبيع لي نصفها في موضع حيث بعته السلعة؟ قال: قال مالك: لا بأس بذلك. قال سحنون: ما خلا الطعام فإنه لا يجوز فأما غير الطعام إذا ضربت لذلك أجلا على أن تبيع لي نصفها إلى شهر فلا بأس به، فإن لم يضرب لذلك أجلا فلا خير في ذلك.

(4)

قوله: (مؤجلا، أم لا) ساقط من (ن 5).

(5)

قوله: (وإن لم يضربا فلا بأس به) ساقط من (ن).

ص: 555

قوله: (وصاع دقيق منه، أو من زيت لم يختلف (1) أي: وجاز أيضا الاستئجار على طحن قمح معين بصاع دقيق منه، أو بصاع زيت من زيتون قبل عصره، بشرط أن لا يختلف خروجه، وقاله ابن القاسم في المدونة، وابن حبيب في غيرها. ولابن القاسم في الواضحة: قول بالمنع، وقاله أيضا ابن المواز (2). وعلى هذا، فالذي ذكره (3) مسألة واحدة، وأن صاع الدقيق، وصاع الزيت أجرة الطحن، وهو ظاهر المدونة (4)، ويحتمل أن يكون أشار بقوله:(أو من زيت)، إلى مسألة أخرى، وهو أنه يجوز عصر الزيتون بصاع من زيته كما قال غيره، ويكون قد ذكر مسألتين: مسألة الطحن بصاع من الدقيق، ومسألة العصر بصاع من الزيت.

قوله: (واستئجار المالك منه) يريد: أنه يجوز لمالك (5) الرقبة استئجارها ممن استأجرها منه، وهو واضح (6).

قوله: (وتعليمه بعمله سنة من أخذه) يريد: أنه يجوز أن يدفع غلامه لمن يعلمه صنعة معلومة بعمل الغلام سنة (7)، وقاله في المدونة، قال يحيى: والسنة محسوبة من يوم أخذه (8).

قوله: (واحصد هذا ولك نصفه) أي: وكذا يجوز للرجل أن يقول لصاحبه: احصد زرعي هذا ولك نصفه، وقاله في المدونة (9). ابن حبيب: والعمل في ذلك -أي: من الدرس والتذرية، وغير ذلك- بينهما (10)، ابن يونس: يريد ولو شرط في الزرع قسمه حبا، لم يجز.

(1) قوله: (لم يختلف) ساقط من (ن 5).

(2)

انظر: التوضيح: 7/ 145.

(3)

في (ن 3): (ذكر في).

(4)

انظر: المدونة: 3/ 418.

(5)

في (ن 3) و (ن 4): (الملك).

(6)

في (ن): (أصح).

(7)

انظر: المدونة: 3/ 431.

(8)

انظر: عقد الجواهر: 3/ 926.

(9)

انظر: المدونة: 3/ 469.

(10)

انظر: المدونة: 3/ 927.

ص: 556

قوله: (وما حصدت فلك نصفه) هذه أيضا مسألة (1) المدونة، قال فيها: ولو قال فما حصدت فلك نصفه جاز، وله الترك متى شاء (2).

قوله: (وإجارة دابة لكذا، على إن استغنى فيها حاسب) أي: وجاز له أن يؤاجر دابته إلى موضع كذا بأجرة معلومة، على أن الكترى إن استغنى فيها، أو وجد حاجته دون الغاية حاسبه، وقاله مالك في العتبية والموازية (3).

قوله: (واستئجار مؤجر، أو مستثنى منفعته) مؤجر -بفتح الجيم-، وهو أعم من العبد والأمة والدابة والدار (4) وغيى ذلك، ومراده: أن ذلك تجوز إجارته ولو كان مستأجرا أو مستثنى منفعته، بأن يبيعه صاحبه (5) ويستثنى منفعته لنفسه مدة معينة، وسواء في ذلك استأجره من هو بيده (6) أو غيره ليقبض ذلك بعد مدة (7) الإجارة أو المنفعة، وهو المشهور، ومنع غيى ابن القاسم ذلك. ويحتمل أن يكون مراد الشيخ: أن المستأجر ومالك المنفعة يجوز لكل منهما أن يؤجر الشيء للغير (8) في تلك المدة التي يملكها منه، كما قال في المدونة عن ابن القاسم: ومن اكترى دارا فله أن يكريها من مثله (9).

قوله: (والنقد فيه، إن لم يتغير غالبا) أي: ويجوز النقد في ذلك الشيء المؤجر أو المستثنى منفعته، إذا كان لا يتغير في المدة غالبا، ويحتمل أن يكون مراده أعم من ذلك، ويكون المعنى: أنه يجوز إجارة الشيء المستأجر (10) والنقد فيه إن كان لا يتغير غالبا، والأول ظاهر كلام غير واحد من الأشياخ.

(1) في (ن): (من مسائل).

(2)

انظر: المدونة: 3/ 469.

(3)

انظر: النوادر والزيادات: 7/ 102.

(4)

قوله: (والدار) زيادة من (ن 3).

(5)

قوله: (صاحبه) ساقط من (ن 3).

(6)

قوله: (من هو بيده) يقابله في (ن 3): (وهو في يده).

(7)

قوله: (معينة، وسواء

ذلك بعد مدة) ساقط من (ن 5).

(8)

في (ن 5): (المعين).

(9)

انظر: تهذيب المدونة: 3/ 477.

(10)

قوله: (المستأجر) زيادة من (ن).

ص: 557

قوله: (وعدم التسمية لكل سنة) يعني: أنه يجوز أن يعقد الإجارة سنين بكذا، وإن لم يسم لكل سنة ما يخصها من الكراء، كما يجوز له أن يستأجر منه سنة بكذا، وإن لم يعين لكل شهر ما يخصه من ذلك، أو شهرا بكذا، وإن لم يسم لكل يوم ما يخصه.

قوله: (وكراء أرض لتتخذ مسجدا مدة (1) أي: وكذا يجوز له أن يكري أرضه لمن يتخذها مسجدا مدة معلومة، وقاله في المدونة، وزاد: فإن انقضت المدة، كان النقض للذي بناه، ورجعت لرجها (2)، وإليه أشار بقوله:(والنقض لربه إذا (3) انقضت).

قوله: (وعلى طرح ميتة) أي: وكذا تجوز الإجارة على طرح الميتة، وقاله: في المدونة وزاد: كذلك العذرة والدم (4).

قوله: (والقصاص، والأدب) يعني: أنه يجوز أيضا الإجارة على قتل قصاص أو قطع ونحوه، أو على ضرب عبدك وولدك للأدب، وقاله في المدونة (5).

قوله: (وعبد خمسة عشر عاما) قال في المدونة: ولا بأس بإجارة العبد عشر سنين وخمس عشرة سنة، وجواز ذلك في الدور أبين (6). وقال غيره لا تجوز إجارة الحيوان السنين الكثيرة؛ لما في الحيوان من سرعة التغير، ابن يونس: ونحا إليه سحنون (7).

قوله: (ويوم، أو خياطة ثوب -مثلا-، وهل تفسد إن جمعهما وتساويا (8)، أو مطلقا؟ خلاف (9) أي: وهكذا يجوز تقييد الإجارة بالزمن كاليوم ونحوه، أو بمحل (10) العمل كخياطة ثوب أو جبة أو نحوه، ولا إشكال في ذلك. واختلف هل تفسد الإجارة إذا جمع الأمرين في عقد واحد، كقوله: خط لي هذا الثوب في هذا اليوم؟ ففي الجواهر،

(1) قوله: (مدة) ساقط من (ن) و (ن 4).

(2)

انظر: تهذيب المدونة: 3/ 360.

(3)

في (ن) والمطبوع من مختصر خليل: (إن).

(4)

انظر: المدونة: 3/ 437.

(5)

انظر: المدونة: 3/ 433.

(6)

انظر: المدونة: 4/ 370.

(7)

انظر: منتخب الاحكام: 2/ 936.

(8)

في (ن 4): (أو تساويا).

(9)

في (ن 3): (خلاله).

(10)

قوله: (أو بمحل) ساقط من (ن 4)، وفي (ن 3):(بحضور).

ص: 558

وغيرها: أنها تفسد، ولم يفرق بين أن يمكن انقضاء الأجل قبل تمام العمل، أم لا، وعلله بأنه ربما تم العمل في اليوم أو بعده (1). وقال التونسي، وابن رشد: إذا كان محتملا، فلا خلاف في عدم الجواز (2). وقال اللخمي: إن لم يدر هل يفرغ في المدة أم لا؟ لم يجز، واختلف إذا كان الغالب أنه يعمله فيه، فقيل: إن ذلك جائز، وقيل: لا يجوز (3). وفي البيان: إذا كان العمل يمكن إتمامه قبل انقضاء الأجل (4)، فالمشهور أنه لا يجوز. وقيل: يجوز (5). وقيل: إن كان الزمن أوسع من العمل بكثير، فالجواز بلا خلاف، وإن كان أضيق بالعادة، فالمنع بلا خلاف، وإن تساويا، فقولان. ابن عبد السلام: نعم اختلف الشيوخ في تعيين المشهور، فمنهم من عينه بالمنع (6)، ومنهم من أشار إلى الإباحة (7)، وإلى هذا الاختلاف أشار بما ذكر.

(المتن)

وَبَيْعُ دَارٍ لِتُقْبَضَ بَعْدَ عَامٍ، أَوْ أَرْضٍ لِعَشْرٍ، وَاسْتِرْضَاعٌ، وَالْعُرْفُ فِي كَغَسْلِ خِرَقَةٍ، وَلِزَوْجِهَا فَسْخُهُ إِنْ لَمْ يَأْذَنْ؛ كَأَهْل الطِّفْلِ إِذَا حَمَلَتْ، وَمَوْتِ إِحْدَى الظِّئْرَيْنِ، وَمَوْتِ أَبيهِ، وَلَمْ تَقْبِضْ أُجْرَةً، إِلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ بِهَا مُتَطَوِّعٌ، وَكَظُهُورِ مُسْتَأْجَرٍ أُوجِرَ بِأَكلِهِ كُوَلًا، وَمُنِعَ زَوْجٌ رَضِيَ مِنْ وَطْءٍ، وَلَوْ لَمْ يَضُرَّ وَسَفَرٍ كَأَنْ تُرْضِعَ مَعَهُ، وَلَا يَسْتَتْبعُ حَضَانَةً كَعَكْسِهِ، وَبَيْعُهُ سِلْعَةً عَلَى أَنْ يتَّجِرَ بِثَمَنِهَا سَنَةً إِنْ شَرَطَ الْخُلْفَ، كَغَنَمٍ عُيِّنَتْ، وَإِلَّا فَلَهُ الْخُلْفُ عَلَى آجِرِهِ، كَرَاكِبٍ وَحَافَّتَي نَهَرِكَ لِيَبْنِيَ بَيْتًا، وَطَرِيقٍ فِي دَارٍ وَمَسِيلِ مَصَبّ مِرْحَاضٍ، لا مِيزَابٍ، إِلَّا لميزابك فِي أَرْضِهِ.

(الشرح)

قوله: (وبيع دار لتقبض بعد عام، أو أرض لعشر)(8) هذه المسألة ليست من (9) باب

(1) انظر: عقد الجواهر: 3/ 931.

(2)

انظر: البيان والتحصيل: 8/ 411.

(3)

انظر: التبصرة، للخمي، ص: 4936 و 4937.

(4)

في (ن): (الأمد).

(5)

انظر: البيان والتحصيل: 8/ 411.

(6)

قوله: (بالمنع) ساقط من (ن 3).

(7)

قوله: (من أشار إلى الإباحة) يقابله في (ن 3): (من لم يعينه).

(8)

قوله: (ليس) زيادة من (ن 3).

(9)

قوله: (هذه المسألة ليست من) يقابله في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (هذه المسألة ليست في).

ص: 559

الإجارة، وحقها أن تذكر في البيوع، ومعنى ذلك: أنه يجوز أن يبيع داره على أن تكون له منفعتها سنة، ثم بعدها يقبضها المبتاع، وهو مذهب ابن القاسم، ولم يجز أكثر من ذلك، وأجاز ابن حبيب السنتين (1)، وعن سحنون: ثلاث سنين (2)، ولابن القاسم في الموازية: عشر (3) سنين (4). وأما الأرض فمذهب ابن القاسم أيضا ما ذكره؛ لقوة الأمن فيها، وأجاز المغيرة السنين الكثيرة (5).

قوله: (واسترضاع) أي: وجاز الاسترضاع، ولا إشكال فيه، وإنما ذكره ليرتب عليه ما بعده.

قوله: (وَالعُرْفُ فِي كَغَسْل خِرْقَةٍ (6)) أي: وحملا على العرف في غسل خرق الطفل ودهنه وحميمه (7) ودق ريحانه وطيبه ونحوه، أي: وجاز حملهما في ذلك على العرف، ابن حبيب: فإن لم يكن ثم عرف، فليس عليها إلا إرضاعه، إلا أن يشترط ذلك عليها (8).

قوله: (ولزوجها فسخه إن لم يأذن) يريد: أن المرأة إذا اجرت نفسها لإرضاع طفل من غير إذن زوجها، فإن له فسخ العقد، وقاله في المدونة (9).

قوله: (كأهل الطفل إذا حملت) أي: وكذلك لأهل الطفل فسخ عقد الإجارة إذا حملت الظئر (10)، يريد: وخيف على الولد.

قوله: (وموت إحدى الظئرين) أي: وكذلك تنفسخ الإجارة إذا كان ولى الطفل قد آجر له (11) امرأتين، فماتت واحدة منهما، يريد: إلا أن ترضى الباقية بالرضاع وحدها

(1) انظر: النوادر والزيادات: 7/ 132.

(2)

انظر: شرح الموطأ: 6/ 433.

(3)

في (ن 3): (خمس).

(4)

انظر: التوضيح: 7/ 169.

(5)

انظر: البيان والتحصيل: 7/ 202.

(6)

في (ن 5): (لخرقه).

(7)

في (ن 3): (وحمله).

(8)

انظر: التوضيح: 7/ 177.

(9)

انظر: المدونة، دار صادر: 11/ 441.

(10)

قوله: (الظئر) ساقط من (ن 3).

(11)

قوله: (آجر له) يقابله في (ن): (أجره).

ص: 560

فإن لها ذلك، ونحوه في المدونة (1).

قوله: (وموت أبيه ولم تقبض أجرة) أي: وهكذا تفسخ الإجارة بموت أبى الطفل، إذا لم تكن قبضت أجرة. ابن يونس: ولو قبضت أجرتها، ولم يدع الأب شيئا، لم يكن للورثة أن يفسخوا الإجارة ويأخذوا منها حصة باقي المدة (2).

قال في المدونة: ولو تطوع رجل بأدائها، لم تفسخ (3)، وإلى هذا أشار بقوله:(إلا أن يتطوع بها متطوع) إذ لا حجة للظئر مع ذلك.

قوله: (وكظهور مستأجَر أوجر بأكله أكولا) أي: وكذلك تنفسخ الإجارة إذا استأجر الرجل غيره بأكله، فظهر أكولا، وهو بخلاف ما إذا ظهرت المرأة أكولة، فإن النكاح لا ينفسخ، وهي مصيبة نزلت بالزوج؛ لأن النكاح مبني على المكارمة (4)، والإجارة من باب البيع، وهو مبني على المشاحة. وفي المبسوط: أَنَّ للأجير أن يفسخ الإجارة عن نفسه؛ لأنه عيب، إلا أن يرضى الأجير بمؤنة وسط (5).

قوله: (ومنع زوج رضي من وطء، ولو لم يضر) يريد: أن الرجل إذا أذن لزوجته أن تؤجر نفسها للإرضاع، فإنه يمنع من وطئها، وقاله في المدونة (6)، وظاهرها (7) كما هنا سواء أضر، أم لا. وقال أصبغ: لا يمنع، إلا أن يشترط عليه ذلك، وكذلك إن تبين ضرر الصبي (8).

قوله: (وسفر) أي: وهكذا يمنع من السفر بها إذا أذن لها في الإجارة، وهو قول محمد بن عبد الحكم (9).

قوله: (كان ترضع معه) هذا كقوله في المدونة: ولو آجرها على رضاع صبي، لم يكن

(1) انظر: المدونة: 11/ 444.

(2)

قوله: (ويأخذوا منها حصة باقي المدة) ساقط من (ن 3).

(3)

في (ن): (تنفسخ). وانظر: المدونة: 3/ 456.

(4)

في (ن): (المكرامة).

(5)

انظر: التوضيح: 5/ 128.

(6)

انظر: المدونة، دار صادر: 11/ 441.

(7)

في (ن 3): (فظاهره).

(8)

انظر: عقد الجواهر: 3/ 930.

(9)

انظر: التوضيح: 7/ 164.

ص: 561

لها أن ترضع معه غيره (1)، بجض الأشياخ: وظاهره اشترط عليها أن لا ترضع معه غيره، أم لا؛ لأنه اشترى جميع اللبن.

قوله: (ولا يستتبع حضانة كعكسه) فاعل يستتبع ضمير يعود على الاسترضاع السابق في صدر كلامه، والمعنى: أن الإرضاع لا يستتبع الحضانة، ولا الحضانة تستتبع (2) الإرضاع، وقال (3) في الجواهر. فإذا استأجرها للرضاع لا تندرج تحته الحضانة، ولا العكس (4).

قوله: (وبيعه سلعة على أن يتجر بثمنها سنة، إن شرط الخلف) أي: وهكذا يجوز أن يبيع له سلعة على أن يبيع تلك السلعة ويتجر في ثمنها سنة، يريد: أو نحوها، إن شرط في العقد أن المال إن تلف أخلفه البائع حتى يتم عمله تلك المدة، وقاله في المدونة، قال: وإن لم يشترط ذلك لم يجز (5). بعض الأشياخ: وجواز ذلك مشروط بكون الثمن حاضرا، معلوما، إلى أجل معلوم (6)، وتعيين (7) النوع الذي يتجر فيه، ووجوده في جميع السنة، وكون العامل مديرا لا محتكزا (8)، وأن يشترط الخلف، ولا يشترط عليه أن يتجر له بالربح. قال في المدونة (9): وإن آجره يرعى له غنما بعينها سنة، واشترط عليه في العقد أن ما هلك منها أو باعه أو ضاع أخلفه، جاز ذلك، وإلا لم يجز (10)، قال ابن القاسم: ولو وآجره على رعاية مائة شاة غير، معينة جاز وإن لم يشترط (11) خلف ما مات منها،

(1) انظر: المدونة، دار صادر: 11/ 444، وتهذيب المدونة: 3/ 377.

(2)

في (ن 3): (لا تستتبع).

(3)

في (ن) و (ن 4): (وقاله).

(4)

انظر: عقد الجواهر: 3/ 933.

(5)

انظر: المدونة: 3/ 414، وتهذيب المدونة: 3/ 341.

(6)

قوله: (معلوم) ساقط من (ن 4).

(7)

في (ن 5): (ويعيين)، وفي (ن):(ويتعيين).

(8)

قوله: (لا محتكرا) يقابله في (ن 4) ت (أو محتكرا).

(9)

في (ن 4): (الموازية).

(10)

انظر: المدونة: 3/ 414، وتهذيب المدونة: 3/ 341.

(11)

قوله: ("ذلك، وإلا لم يجز"

وإن لم يشترط) ساقط من (ن 4).

ص: 562

وله خلف ما مات منها (1) بالقضاء (2)، وإن كانت معينة، فلا بد من الشرط فيها (3)، وإلى هذا أشار بقوله:(كغنم عينت (4)، وإلا فله الخلف على آجره).

قوله: (كراكب) أي: فإن له الخلف (5) على الكري (6).

قوله: (وحافتي نهرك ليبني بيتا، وطريق في دار ومسيل مصب مرحاض، لا ميزاب) هذا نحو قول ابن القاسم في المدونة: ولا بأس أن تؤاجر حافتي نهرك ممن يبني عليه بيتا، أو ينصب عليه رحًا، أو تستأجر (7) طريقا في دار رجل، أو مسيل مصب مرحاض، وأما إجارة مسيل ماء ميزاب (8) المطر من دار رجل فلا يعجبني؛ لأن المطر يقل ويكثر، ويكون ولا يكون (9). قال عبد الحق عن بعض القرويين: إنما افترق جوابه في المسألتين لاختلاف السؤال، وأما إذا اتفق (10) السؤال فلا فرق بين ذلك (11)، وذلك أن الذي استأجر مسيل مصب مرحاض إنما استأجر مسيل المرحاض من داره إلى دار صاحبه، فذلك كطريق استأجرها يدخل منها (12) إلى دار رجل، وأما مسيل ماء الميازيب، فإنما اشترى الماء الذي يسيل منها (13)، وأما إن قال له: أعطيك (14) شيئا على أن تجرى ميزابي إلى دارك كمستأجر مصب المرحاض؛ لكان كطريق استأجرها، وإلى هذا أشار بقوله:

(1) قوله: (وله خلف ما مات منها) ساقط من (ن 5).

(2)

في (ن 5): (بالفضاء).

(3)

انظر: المدونة؛ دار صادر: 11/ 463.

(4)

في (ن) و (ن 5): (لم تعين).

(5)

قوله: (الخلف) ساقط من (ن 3).

(6)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (الكراء).

(7)

في (ن): (يستأجر).

(8)

قوله: (ماء ميزاب) يقابله في (ن 3): (مصب ميزاب)، وفي (ن 5):(قنا وقت)، وقوله:(ميزاب): في (ن): (ميازيب).

(9)

انظر: المدونة، دار صادر: 11/ 413.

(10)

في (ن 5): (أفترق).

(11)

انظر: النكت والفروق: 2/ 90.

(12)

في (ن 5): (فيها).

(13)

زاد بعده في (ن 4): (وإليه أشار بقوله: "لا ميزاب").

(14)

من هنا يبدأ سقط بمقدار لوحه من (ن 5).

ص: 563

(إلا لميزابك (1) في أرضه) أي: فإن ذلك يجوز.

(المتن)

وَكِرَاءُ رَحَى مَاءٍ بِطَعَامٍ، وَغَيرِهِ، وَعَلَى تَعْلِيمِ قُرْآنٍ مُشَاهَرَةً، أَوْ عَلَى الْحِذَاقِ. وَأَخَذَهَا وَإِنْ لَمْ تُشْتَرَطْ، وَإِجَارَةُ مَاعُونٍ: كقصعة، وَقِدْرٍ، وَعَلَى حَفْرِ بِئْرٍ إِجَارَةً، وَجَعَالَةً، وَيُكْرَهُ حَلْيٌ، كَإِيجَارِ مُسْتَأْجِرِ دَابَّةٍ لِمِثْلِهِ، أَوْ ثَوْبًا، وَتَعْلِيمِ فِقْهٍ وَفَرَائِضَ، كَبَيْعِ كُتُبِهِ، وَقِرَاءَةٌ بِلَحْنٍ، وَكِرَاءُ دُفٍّ وَمِعْزَفٍ لِعُرْسٍ، وَكِرَاءُ عَبْدٍ لِكَافِرٍ، وَبِنَاءُ مَسْجِدٍ لِلْكِرَاءِ، أَوْ سُكْنَى فَوْقَهُ. بِمَنْفَعَةٍ تَتَقَوَّمُ قُدِرَ عَلَى تَسْلِيمِهَا، بِلَا اسْتِيفَاءِ عَيْنٍ قَصْدًا، وَلا حَظْرٍ، وَتَعَيُّنٍ، وَلَوْ مُصْحَفًا، وَأَرْضًا غَمَرَ مَاؤُهَا، وَنَدَرَ انْكِشَافُهُ، وَشَجَرًا لِتَجْفِيفٍ عَلَيهَا عَلَى الأَحْسَنِ، لَا لِأَخْذِ ثَمَرَتِهِ، أَوْ شَاةٍ لِلَبَنِهَا.

(الشرح)

قوله: (وكراء رحا ماء بطعام وغيره) أي: وكذا تجوز إجارة رحا ماء بطعام وغيره، وقاله في المدونة (2).

قوله: (وعلى تعليم قرآن مشاهرة، أو على الحذاق) هكذا قال في المدونة، وغيرها، وقد قال عليه الصلاة والسلام:"إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله تعالى"، وقال مالك: لم يبلغني أن أحدا كره تعليم القرآن والكتابة بأجر (3).

والمساناة (4) ونحوها كالمشاهرة. ابن الجلاب: وقيل لا تجوز إلا مشاهرة (5). والمراد بالحذاق: حفظ جميع (6) القرآن أو بعضه، كالنصف والثلث والربع والسدس (7)، ونحو ذلك من الأجزاء.

قوله: (وأخذها وإن لم تشترط) أي: وأخذ المعلم الحذقة (8)، يريد: إذا كان عرفهم جاريا بها.

(1) في (ن 4): (إلا أن ينزل)، وفي (ن):(إلا لمنزلك).

(2)

انظر: تهذيب المدونة: 3/ 350.

(3)

انظر: النوادر والزيادات: 7/ 58.

(4)

في (ن): (والسانهة).

(5)

انظر: التوضيح: 7/ 172.

(6)

قوله: (جميع) ساقط من (ن 4).

(7)

قوله: (والسدس) ساقط من (ن) و (ن 4).

(8)

في (ن): (الإحذاقة).

ص: 564

قوله: (وإجارة ماعون كقصعة وقدر) أي: وجاز إجارة ماعون البيت كالقصعة (1) والقدر والجفنة والقصرية، ونحو ذلك مما يحصل به النفع للمستأجر.

قوله: (وعلى حفر بئر) أي: وكذلك تجوز الإجارة على حفر بئر.

قوله: (إجارة وجعالة) يريد: فإن عين صفة البئر، ومقدار الحفر، فذلك إجارة، قال في المدونة: فإن انهدمت وقد حفر تصفها، فله بقدر ما عمل، وبعد فراغها أخذ جميع الأجر (2)، قال:(إلا أن يكون بمعنى الجعل، فلا شيء له (3) إن انهدمت قبل فراغه)، فنص على جواز الأمرين كما قال هنا.

قوله: (ويكره حلي) أي: وتكره (4) إجارة الحلي وفي المدونة: عن مالك وابن القاسم جواز ذلك، ثم استثقله مالك (5)، وهو معنى الكراهة.

قوله: (كإيجار مستأجر دابة لمثله أو ثوبا) قال في المدونة وإن استأجرت ثوبا لتلبسه يوما إلى الليل فلا تعطه غير نفسك (6) لاختلاف اللبس والأمانة (7) فمثله الدابة (8) يريد: إذا اكتراها لركوبه ففي المدونة عن مالك: ومن اكترى دابة ليركبها بنفسه، فليس له أن يكريها من غيره، وإن كان مثك حاله وخفته؛ لأنه قد يجد من هو مثله في الأمانة والحال والخفة، ولا يكون مثله في الرفق، وفيها أيضًا: وكره مالك لمكترى الدابة لركوبه (9) كراءها لغيره، وإن كان أخف منه أو مثله (10).

قوله: (وتعليم فقه وفرائض، كبيع كتبه) قال ابن القاسم في المدونة: أكره الإجارة

(1) في (ن) و (ن 4): (كالصحفة).

(2)

انظر: المدونة: 3/ 459.

(3)

قوله: (له) ساقط من (ن 4).

(4)

قوله: ("حلي" أي: وتكره) ساقط من (ن 4).

(5)

انظر: المدونة: 3/ 428.

(6)

قوله: (غير نفسك) يقابله في (ن): (غيرك ليلبسه).

(7)

انظر: تهذيب المدونة: 3/ 353.

(8)

قوله: ("أو ثوبا"

والأمانة فمثله الدابة) ساقط من (ن 3).

(9)

قوله: (لركوبه) ساقط من (ن 3).

(10)

انظر: تهذيب المدونة: 3/ 353.

ص: 565

على تعليم الفقه والفرائض؛ لأن مالكًا كره بيع كتب الفقه (1). ابن يونس: وأجاز غيره بيع كتب الفقه والفرائض وغيرها، وكذلك الإجارة على تعلميه جائزة، قال: وهو الصواب. وفرق لابن القاسم بين الإجارة على تعليمه، والإجارة على تعليم (2) القرآن: أن (3) الفقه فيه حق وباطل، والقرآن حق لا شك فيه؛ ولأن تعليم الفقه بأجرة ليس عليه العمل، بخلاف تعليم القرآن.

قوله: (وقراءة بلحن) أي: وكذا تكره قراءة القرآن بالألحان، وقاله في المدونة (4)، والألحان: التطريب، ونص في الرسالة على أن ذلك لا يحل، وما لا يحل ممنوع (5).

قوله: (وكراء دف ومعزف لعرس) أي: وكذا يكره كراء الدف والعزف للعرس (6)، والدف: هو المدور المغشي من جهة شبيه الغربال، فإن غشي من جهتين وكان مربعًا فهو المزهر، والعزف: -بكسر الميم- شيء من أنواع العيدان، قال في التهذيب، وكتاب ابن يونس: ولا ينبغي إجارة الدف والعزف (7) في العرس، وكره مالك ذلك وضعفه (8).

قوله: (وكراء عبد لكافر (9) هكذا وجد بخط الشيخ، والأحسن أن يقرأ كافرًا بالنصب على نزع الخافض، ويكون المعنى وكره كراء عبد كافرا (10)، أي: عبد مسلم، وأحرى (11) الحر المسلم للكافر (12)، وهذا إذا كان يستعمله فيما يجوز للمسلم أن يعمله

(1) انظر: المدونة: 3/ 430.

(2)

قوله: (جائزة، قال

والإجارة على تعليم) ساقط من (ن 3).

(3)

في (ن): (فإن).

(4)

انظر: المدونة: 3/ 432.

(5)

قوله: (قوله: (وقراءة بلحن)

يحل ممنوع) ساقط من (ن 4).

(6)

قوله: (أي: وكذا يكره كراء الدف والعزف للعرس) ساقط من (ن).

(7)

في (ن 3): (المعازيف).

(8)

انظر: تهذيب المدونة: 3/ 357.

(9)

في (ن 3): (كافر).

(10)

في (ن 3): (الكافر).

(11)

في (ن 3): (يؤاجر).

(12)

قوله: (للكافر) ساقط من (ن 4)، وهنا انتهى السقط من (ن 5).

ص: 566

من بناء أو خياطة، وأما ما لا يجوز له أن يعمله فلا يحل له ذلك، قال في المدونة: وأكره للمسلم أن يؤاجر نفسه من الذمي لحرث أو بناء أو لحراسة، أو غير ذلك (1)، وفيها: ولا يجوز لمسلم أن يؤاجر نفسه (2) أو عبده أو دابته في عمل الخمر، أو داره أو حانوته أو شيئًا مما يملكه في أمر الخمر (3).

قوله: (وبناء مسجد للكراء، أو سكنى فوقه) يشير به إلى قوله في المدونة: ولا يصلح لأحد أن يبني مسجدًا ليكريه ممن يصلى فيه (4)، ثم قال: وكره مالك السكنى بالأهل فوق ظهر المسجد (5). ولا بد أن يقيد قول الشيخ: (أو سكنى)، أي: سكنى الأهل، كما في المدونة، وأما إن كان وحده فلا. ابن يونس: وإنما كره ذلك بالأهل؛ لأنها إذا كانت معه صار يطؤها على ظهر المسجد، وذلك مكروه.

قوله: (بمنفعة) قد سبق أن الإجارة يشترط في صحتها وقوعها من عاقد يصح منه البيع، بأجرة يصح بيْعُهَا (6)، ولما كان ذلك الأجر لا يبذل إلا فيما ينتفع به المستأجر، أشار إليه بقوله:(بمنفعة)، والباء سببيه، أي: أن صحة الإجارة بعاقد يدفع إليه أجرًا (7) بسبب منفعة، ثم أشار إلى أن تلك المنفعة لا بد فيها من خمسة شروط: أن تكون مقومة، مقدورًا على تسلميها، بلا استيفاء عين قصدًا، ولا حظر فيها، ولم تكن معينة (8) على المستأجر (9) وإلى هذا أشار بقوله:(تَتَقَوَّمُ قدر على تسليمها من استفاء عين قصدا ولا حظر وتعين (10))، فاحترز بكونها تتقوم، مما إذا لم تتقوم منفعة (11)، ككراء الأشجار

(1) انظر: تهذيب المدونة: 3/ 363.

(2)

قوله: (من الذمي لحرث

يؤاجر نفسه) ساقط من (ن 4).

(3)

انظر: المدونة: 3/ 436، وتهذيب المدونة: 3/ 362.

(4)

انظر: المدونة: 3/ 434، وتهذيب المدونة: 3/ 359.

(5)

انظر: المدونة: 3/ 434، وتهذيب المدونة: 3/ 360.

(6)

في (ن 5): (بيها).

(7)

قوله: (يدفع أجرًا) يقابله في (ن 3): (تدفع إليه).

(8)

في (ن): (متعينة).

(9)

قوله: (فيها، ولم تكن معينة على المستأجر) يقابله في (ن 4): (وتعين).

(10)

قوله: (وإلى هذا أشار بقوله: "تتقوم قدر على

ولا حظر وتعين) زيادة من (ن) و (ن 3).

(11)

قوله: (منفعة) زيادة من (ن)، وفي (ن 4):(منفعتة).

ص: 567

لتجفيف الثياب ونحوها، فإن ذلك لا يصح على أحد القولين. وبكونها مقدورًا على تسليمها، مما إذا لم يقدر على ذلك، كإجارة أرض الزارعة إذا كان ماؤها غامرًا وانكشافه لا يمكن، فإن كان انكشافه نادرًا (1) فهو جائز، وقاله في المدونة. واحترز بقوله:(بلا استيفاء عين)، من إجارة الأشجار لأخذ ثمارها، وكذلك الشاة للنتاج أو اللبن أو الصوف. ابن شاس: لأنه بيع عين قبل الوجود (2).

وقال: (قصدًا)، ليخرج بذلك إجارة الثياب ونحوها، فإن بعضها وإن ذهب بالاستعمال، إلا أنه بحكم التبع ولم يقصد، بخلاف الثمرة والنتاج واحترز بالحظر، من نحو إجارة الحائض (3) على كنس المسجد، أو الكافر على القيام به، ونحو ذلك مما هو محظور. وكذا يشترط في المنفعة أن لا تكون متعينة على المستأجر (4) كالوتر وركعتي الفجر، بخلاف غسل الميت والأذان ونحوهما من العبادات التي لا تتعين، وسيذكر ذلك كله (5).

قوله: (ولو مصحفًا) هذا هو المشهور، وهو مذهب المدونة (6). وقال ابن حبيب: لا تجوز إجارته، قال: وقد كره إجارته من لقيت من أصحاب مالك، واختلف فيه قول ابن القاسم (7).

قوله: (وأرضًا غمر ماؤها وندر انكشافه) قد تقدم أن هذا مذهب المدونة، لكن بشرط عدم انتقاد (8) الأجرة.

قوله: (وشجرًا لتجفيف عليها، على الأحسن) الأحسن هو اختيار ابن عبد السلام،

(1) في (ن) و (ن 3) و (ن 5): (قادرا).

(2)

قوله: (ابن شاس: لأنه بيع عين قبل الوجود) زيادة من (ن) و (ن 4). وانظر: عقد الجواهر: 3/ 928.

(3)

في (ن 5): (الحائط).

(4)

زاد بعده في (ن 4): (ابن شاس: فلا يصح الاستئجار على العبادة التي لا تجزئ النيابة فيها كالصلاة والصيام ونحوهما).

(5)

انظر: عقد الجواهر: 3/ 930.

(6)

انظر: المدونة: 3/ 429، وتهذيب المدونة: 3/ 354.

(7)

انظر: النوادر والزيادات: 7/ 61.

(8)

في (ن 3): (انتفاء) و (ن 4): (إنقاد).

ص: 568

قال: لأن الأشجار تتأثر بالانتفاع (1) بها على هذا الوجه، وينقص منها منفعة كثيرة (2).

وحكى ابن شاس في ذلك قولين، ولم يعزهما (3).

قوله: (لا لأخذ ثمرته، أو شاة للبنها) أي: فإن ذلك لا يجوز كما تقدم؛ لأن فيه بيع الثمرة قبل بدو صلاحها. وقال بعض الأشياخ في مسألة اللبن: أنه لا يمتنع مطلقًا، وإنما ينظر فيه، فإن بيع جزافًا جاز، بشرط أن تتعدد شياه، وتكثر، وأن تكون في الإبان (4)، وأن يعرفا وجه حلابها، وإن يكون إلى أجل لا ينقص اللبن قبله، وأن يشرع في ذلك يومه أو في أيام يسيرة، وأن تسلم إلى ربها، وعلى هذا فالمنع في كلامه مقيد بما إذا كان ذلك في غير الإبان (5).

(المتن)

وَاغْتُفِرَ مَا فِي الأَرْضِ، مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى الثُّلُثِ بِالتَّقْوِيمِ، وَلا تَعْلِيمِ غِنَاءٍ، أَوْ دُخُولِ حَائِضٍ لِمَسْجِدٍ، أَوْ دَارٍ لِتُتَّخَذَ كَنِيسَةً، كَبَيعِهَا لِذَلِكَ، وَتُصِدَّقَ بِالْكِرَاءِ، وَبِفَضْلَةِ الثَّمَنِ عَلَى الأَرْجَحِ، وَلَا مُتَعَيّنٍ كَرَكْعَتَي الْفَجْرِ، بِخِلَافِ الْكِفَايَةِ. وَعُيِّنَ مُتَعَلِّمٌ، وَرَضِيعٌ، وَدَارٌ، وَحَانُوتٌ، وَبِنَاءٌ عَلَى الْجِدَار، وَمَحْمِلٌ؛ إِنْ لَمْ يُوصَفْ، وَدَابَّةٌ لِرُكُوبٍ. وَإِنْ ضُمِنَتْ فَجِنْسٌ، وَنَوْعٌ، وَذُكُورَةٌ، وَلَيْسَ لِرَاعٍ رَعْيُ أُخْرَى إِنْ لَمْ يَقُوَ إِلَّا بِمُشَارِكٍ، أَوْ تَقِلَّ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ خِلافَهُ، وَإلَّا فَأَجْرُهُ لِمُسْتَأْجِرِهِ، كَأَجِيرٍ لِخِدْمَةٍ آجَرَ نَفْسَهُ، ولم يلزمه رَعْيُ الْوَلَدِ إِلَّا لِعُرْفٍ.

(الشرح)

قوله: (واغتفر ما في الأرض، ما لم يزد على الثلث) يريد: أن من استأجر دارًا أو أرضًا وفيها شجرة لا ثمر فيها، أو فيها ثمر لم يبد صلاحه، فإن ذلك يغتفر، بشرط أن يكون ذلك ثلثًا فأدنى، وقاله في المدونة، وفي سؤال ابن القاسم لم يبلغ به الثلث (6)، وعليه اختصر ابن يونس.

(1) قوله: (تتأثر بالانتفاع) يقابله في (ن): (يتأتى الانتفاع).

(2)

انظر: التوضيح: 7/ 160.

(3)

انظر: عقد الجواهر: 3/ 928.

(4)

في (ن): (الألبان).

(5)

في (ن): (الألبان).

(6)

انظر: المدونة: 3/ 511، وتهذيب المدونة: 3/ 471.

ص: 569

وقال اللخمي: يجوز ذلك بشروط أربعة: أن يكون تبعًا للسكنى في القيمة، وأن يشترط (1) جملتها، وأن يكون طيبها (2) قبل انقضاء أمد الكراء، وأن يقصد باشترائها رفع المضرة في التصرف إليها، فمتى اختل من هذه شرط لم يجز (3)، ولم يذكر هنا من هذه الشروط غير كونها تبعًا.

قوله: (بالتقويم) يشير به إلى قوله في المدونة: ومعرفة ذلك أن يقوم كراء الأرض أو (4) الدار بغير شرط الثمرة (5)، فإن قيل عشرة، قيل ما قيمة الثمرة بما يعرف مما تطعم كل عام بعد طرح قيمة المؤنة والعمل؟ فيعْمَلُ بالوسط من ذلك (6) فإن قيل: خمسة فأقل، جاز ذلك (7). ابن يونس: وإنما يجوز هذا التقويم إذا لم يكن في الشجر ثمرة (8)، وأما إن كان فيها ثمرة مأبورة قد صح عقدها، فإنما تقوم يوم عقد الكراء إذا طابت، فينظر قيمتها بعد إلغاء ما بقي من مؤنتها، فإن كانت تبعًا لكراء الأرض والدار بغير شرط الثمرة جاز، وإلا لم يجز.

قوله: (ولا تعليم غناء) أي: وكذلك لا تجوز الإجارة على تعليم الغناء، وفي الأمهات: أكان مالك يكره الغناء (9)؟ فقال: كره مالك قراءة القرآن بالألحان، فكيف بالغناء (10)؟ ! .

قوله: (أو دخول حائض لمسجد) قد تقدم هذا.

قوله: (أو دار لتتخذ كنيسة، كبيعها لذلك) قال في المدونة: ولا يجوز لمسلم أن يكري داراه، أو يبيعها ممن يتخذها كنيسة أو بيت نار، كان في مدينة أو قرية،

(1) في (ن 4): (يشتري).

(2)

قوله: (طيبها) ساقط من (ن 3).

(3)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:5027.

(4)

في (ن 3): (في)، وفي (ن) و (ن 4):(و).

(5)

قوله: (الثمرة) ساقط من (ن 3)، وفي (ن 4):(النخلة).

(6)

قوله: (فيعلم بالوسط من ذلك) زيادة من (ن).

(7)

انظر: تهذيب المدونة: 3/ 471.

(8)

زاد بعده في (ن 4): (مأبورة).

(9)

قوله: (يكره الغناء) يقابله في (ن): (يكرهه).

(10)

انظر: المدونة: 3/ 432.

ص: 570

لأهل الذمة (1).

واختلف الأشياخ إذا نزل ذلك، فقال بعضهم: يتصدق بالثمن وبالكراء، وقال بعضهم: يتصدق بفضلة الكراء، أو بفضلة الثمن (2)، وقال بعضهم: أما في البيع فيتصدق بالفضلة، وأما في الكراء فبالجميع، ابن يونس: وبه أقول، وإلى هذا أشار بقوله:(وتصدق بالكراء، وبفضلة الثمن على الأرجح).

قوله: (ولا متعين كركعتي الفجر) أي: وكذلك لا تجوز الإجارة على ركعتي الفجر (3)، والوتر، والصلوات الخمس، ونحوها.

قوله: (بخلاف الكفاية) كصلاة الجنازة، وغسل الميت، وحمله، وحفر قبره، فإن الإجارة عليه جائزة.

قوله: (وَعُيّنَ متعلم، ورضيع، ودار، وحانوت، وبناء على الجدار، ومحمل؛ إن لم يوصف) يريد: أن ذلك يلزم تعيينه حال العقد، وإلا فسد، فأما تعيين المتعلم والرضيع فلاختلاف حال المتعلم بالذكاء والبلادة، وحال الرضيع بكثرة الرضاع وقلته، وكذا يلزم تعيين الدار المكتراة والحانوت، ولا يصح أن يكونا مضمونين في الذمة؛ إذ لا بد من ذكر موضعهما وحدودهما، ونحو ذلك مما تختلف به الأجرة، وكذا إذا أكرى جدارًا ليبني عليه بناء، فلا بد من تعيين قدر البناء وصفته، وكونه بالطوب أو الحجارة، أو غير ذلك، ويلزم أيضًا تعيين المحمل إذا أكراه ليركب فيه إن لم يوصف، فإن وصف ولا يلزم التعين وإن الوصف يكفي (4).

قوله: (ودابة لركوب) أي: إذا لم تكن مضمونة، فإن كانت مضمونة فلا بد من ذكر الجنس، وهل هو من الإبل أو الخيل أو البغال، أو نحوها، وتعين النوع، ككونها من البخت أو العراب، وكون الفرس من العربيات أو حواشي الخيل، وتعين الذكورة والأنوثة، وإليه أشار بقوله:(وإن ضمنت فجنس، ونوع، وذكورة).

(1) انظر: المدونة: 3/ 435.

(2)

قوله: (بفضلة الكراء، أو بفضلة الثمن) يقابله في (ن 4): (بالثمن وبالكراء وقال بعضهم يتصدق بالفضلة من الكراء ومن البيع).

(3)

قوله: (لا تجوز الإجارة على ركعتي الفجر) زيادة من (ن 3).

(4)

قوله: (فلا يلزم التعين وإن الوصف يكفي) ساقط من (ن) و (ن 3) و (ن 5).

ص: 571

قوله: (وليس لراع رعي أخرى إن لم يقو، إلا بمشارك، أو تقل، ولم يشترط خلافه؛ وإلا فأجره لمستأجره، كأجير لخدمة آجَرَ نفسه) قال في المدونة: ومن استؤجر على رعاية غنم كثيرة لا يقوى على أكثر منها، فليس له أن يرعى معها غيرها، إلا أن يكون معه راع يقوى به، إلا أن تكون غنما يسيرة فذلك له، إلا أن يشترط عليه ربها أن لا يرعى معها غيرها، فيجوز ويلزمه (1)، ثم قال: فإن رعى غنما غيرها بعد ذلك الشرط، فالأجر لرب الأولى، وكذلك أجيرك للخدمة يؤاجر نفسه من غيرك يومًا أو أكثر، فلك أخذ الأجر، أو تركه وإسقاط حصة ذلك اليوم من الأجر عنك. وقال غيره: إن لم يدخل برعاية الثانية على الأولى تقصيرًا في الرعاية، فأجر الثانية للراعي، وليس للراعي أن يأتي بغيره يرعى مكانه ولو رضي بذلك رب الغنم (2). ابن يونس: والأول أحسن؛ لأنه لما اشترط أن لا يرعى معها غيرها، فقد ملك جميع خدمته، وزاد للشرط على أجرته، فوجب أن يكون له أجر ما رعى مع غمنه، وإن لم يكن شرط، فلا خلاف أن أجر الثانية للراعي.

قوله: (ولم يلزمه رعي الولد، إلا لعرف) يعني: أنه في المسألة المذكورة لا يلزمه أن يرعى ما ولدته الغنم، إلا أن يكون عرفهم ذلك، وقاله في المدونة (3).

(المتن)

وَعُمِلَ بِهِ فِي الْخَيْطِ وَنَقْشِ الرَّحَى، وَآلَةِ بِنَاءٍ، وَإِلَّا فَعَلَى رَبِّهِ عَكْسُ إِكَافٍ، وَشِبْهِهِ وَفِي السَّيْرِ وَالْمَنَازِلِ، وَالْمَعَالِيقِ، وَالزَّامِلَةِ، وَوِطَائِهِ بِمَحْمِلٍ، وَبَدَلِ الطَّعَامِ الْمَحْمُولِ، وَتَوْفِيرِهِ: كَنَزْعِ الطَّيْلَسَانِ قَائِلَةً، وَهُوَ أَمِينٌ، فَلا ضَمَانَ وَلَوْ شُرِطَ إِثْبَاتُهُ، إِنْ لَمْ يَأْتِ بِسِمَةِ الْمَيِّتِ، أَوْ عَثَرَ بِدُهْنٍ، أَوْ طَعَامٍ أَوْ بِآنِيَةٍ فَانْكَسَرَتْ، وَلَمْ يَتَعَدَّ، أَوِ انْقَطَعَ الْحَبْلُ، وَلَمْ يَغُرَّ بِفِعْلٍ، كَحَارِسٍ، وَلَوْ حَمَّامِيًّا، وَأَجِيرٍ لِصَانِعٍ وَسِمْسَارٍ، إِنْ ظَهَرَ خَيْرُهُ عَلَى الأَظْهَرِ، وَنُوتِيّ غَرِقَتْ سَفِينَتُهُ بِفِعْلٍ سَائِغٍ، لَا إِنْ خَالَفَ مَرْعًى شُرِطَ، أَوْ أَنْزَى بِلَا إِذْنٍ، أَوْ غَرَّ بِفِعْلٍ، فَقِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ، أَوْ صَانِعٍ فِي مَصْنُوعِهِ، لَا غَيرِهِ وَلَوْ مُحْتَاجًا لَهُ عَمَلٌ، وِإنْ بِبَيْتِهِ أَوْ بِلَا

(1) انظر: تهذيب المدونة: 3/ 372.

(2)

قوله: (وليس للراعي أن

رضي بذلك رب الغنم) زيادة من (ن).

(3)

انظر: تهذيب المدونة: 3/ 373.

ص: 572

أَجْرٍ، إِنْ نَصَبَ نَفْسَهُ وَغَابَ عَلَيْهَا، فَبِقِيمَتِهِ يَوْمَ دَفْعِهِ وَلَوْ شَرَطَ نَفْيَهُ، أَوْ دَعَا لِأَخْذِهِ، إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ فَتَسْقُطُ الأُجْرَةُ، وَإِلَّا أَنْ يُحْضِرَهُ لربه بِشَرْطِهِ.

(الشرح)

قوله: (وعمل به في الخيط، ونقش الرحا، وآلة بناء (1)) أي: وعمل بالعرف في جميع ذلك، فإن كان عرف الناس أن الخيط على الخياط، وآلة البناء على البناء، ونقش الرحا على المستأجر؛ قضى بذلك عند التنازع، وإن كان على أربابه قضى به، وإن لم يكن لهم عرف فذلك على ربه، وإليه أشار بقوله:(وإلا فعلى ربه) وهو ظاهر كلام ابن رشد وغيره في الخيط، وقال في المدونة: ومن وآجْرَتُه علي بناء، فالآلة والفئوس (2) والقفاف والدلاء على ما تعارف الناس أنه عليه، وكذلك حثيان التراب على حافر القبر، ونقش الرحى وشبهه (3)، فإن لم تكن لهم سنة، فآلة البناء على رب الدار، ونقش الرحا على ربه (4).

قوله: (عكس إكاف وشبهه) أي: فإن كان فيه عرف اتبع، وإلا فهو على المكتري، وهو مفهوم كلام ابن الحاجب (5)، ومفهوم كلامه في المدونة أنه عند عدم العرف يكون على رب الدابة، وشبه الإكاف البرذعة والمقود السرج واللجام والحزام، ونحو ذلك.

قوله: (وفي السير والمنازل والمعاليق) أي: وكذلك يعمل بالعرف في هذه الأمور وما بعدها، وقاله ابن شاس وغيره (6)، ونحوه في المدونة.

قوله (والزاملة)(7) أي: الخرج ونحوه، فإن كان في حمله عرف صير إليه، وإلا لم يلزم المكري حمل (8) ذلك (9).

(1) قوله: (وآلة بناء) ساقط من (ن 5).

(2)

في (ن 5): (والقوس).

(3)

قوله: (ونقش الرحى وشبهه) ساقط من (ن 3).

(4)

انظر: تهذيب المدونة: 3/ 381.

(5)

انظر: الجامع بين الأمهات: 1/ 646.

(6)

انظر: عقد الجواهر: 3/ 933.

(7)

قوله: (قوله (والزاملة) ساقط من (ن 3).

(8)

قوله: (حمل) ساقط من (ن).

(9)

قوله: (المكري حمل ذلك) يقابله في (ن 4): (الكراء على ذلك).

ص: 573

قوله: (ووطائه بمحمل، وبدل الطعام المحمول، وتوفيره) أي: وهكذا يرجع فيما يجعل تحت المكتري في المحمل إلى العرف، وكذلك إذا نقص الطعام المحمول بأكل أو بيع ونحوه، فأراد صاحبه أن يجعل بدله، أو وفره من الأكل والبيع، وأراد المكتري تخفيف ذلك؛ فإنه يرجع في جميع ذلك إلى العرف، وهو كقوله في المدونة: وإذا نقصت زاملة الحاج، أو نفدت، فأراد تمامها، وأبى الحمال، حملا على ما تعارفه الناس (1).

قوله: (كنزع الطيلسان قائلة) أي: لأن العادة جارية أن الشخص لا يلبس الطيلسان في ذلك الزمن، إلا من ضرورة.

قوله: (وهو أمين فلا ضمان) يريد: أن من استأجر شيئًا فادعى ضياعه أو تلفه، فإنه يصدق ولا يَضْمَنه؛ لأنه أمين على الأصح، كان مما يغاب عليه أم لا، وفي كتاب ابن سحنون: قول بضمانه.

قوله: (ولو شرط إثباته إن لم يأت بسمة الميت) يريد: أن الضمان ساقط عنه ولو اشترط عليه ذلك، وقاله في المدونة في الراعي إذا هلك من الغنم شيء أو ضاع، قال ابن القاسم بعد أن ذكر صدر المسألة: وكذلك إن شرطوا عليه إن لم يأت بسمة ما مات منها ضمن، فلا يضمن وإلم يأت (2) بها، وله أجر مثله ممن لا ضمان عليه (3).

قوله: (أو عثر بدهن أو طعام، أو بآنية فانكسرت، ولم يتعد أو انقطع الحبل) يريد: أن من استأجر شخصًا لحمل دهن أو طعام على ظهره أو دابته، فعثر هو أو الدابة، أو انقطع الحبل، فتلف متاعه فإن المكرى (4) لا يضمن من ذلك شيئًا، أي: إذا لم يتعد، أو يغر من ضعف الحبل، أو نحو ذلك، وهذا مثل ما قال في المدونة: إلا أن يغر من عثار دابة، أو ضعف الحبل (5) عن حمل ذلك (6)، فيضمن حينئذ (7).

(1) انظر: المدونة: 11/ 499، وتهذيب المدونة: 3/ 457.

(2)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (إن يأت).

(3)

انظر: المدونة: 11/ 440.

(4)

في (ن) و (ن 3): (المكتري).

(5)

في (ن): (أحبل).

(6)

قوله: (وهذا مثل ما قال

عن حمل ذلك) ساقط من (ن 4).

(7)

انظر: تهذيب المدونة: 3/ 379.

ص: 574

وأشار بقوله: (ولم يغر بفعل) إلى أن الغرور (1) بالقول لا أثر له، ولا ضمان فيه، وهو ظاهر المذهب.

قوله: (كحارس ولو حماميًا) أي: وهكذا لا ضمان على الحارس ولو كان حماميًا، قال في المدونة: لأنه أجير (2). أي: لأنه أمين. ابن المواز: ولا يضمن جميع الحراس إلا أن يتعدوا، كان ما يحرسونه مما يغاب عليه، أو لا، طعامًا أو غيره (3). وقال اللخمي: اختلف في تضمين صاحب الحمام، فقال مالك في المدونة: لا ضمان عليه (4)، وقال محمد: يضمن إلا أن يأتي بحارس، فإذا أتى به سقط عنه الضمان (5)، وبقي الخلاف في الحارس، ففي المدونة وكتاب محمد: لا شيء عليه (6)، وقال ابن حبيب: يضمن؛ لأنه أجير مشترك (7).

قوله: (وأجير لصانع) أي: وهكذا لا يضمن الأجير الذي تحت يد الصانع ما تلف منه؛ لأنه أمين، وظاهره سواء غاب عليه أم لا وعن أشهب: في الغسال (8) تكثر عنده الثياب فيؤاجر آخر، ثم يبعثه للبحر بشيء منها يغسله، فيدعي تلفه، إنه ضامن (9)، وقال ابن ميسر: . هذا إذا آجره على عمل (10) أثواب مقاطعة كل ثوب بكذا، وأما إن كان آجره يومًا أو شهرًا أو سنة، فدفع إليه شيئًا يعمله في داره وغاب عليه، فلا ضمان عليه (11).

قوله: (وسمسار إن ظهر خيره، على الأظهر) اختلف في تضمين السمسار، فقال ابن

(1) في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (الغرر).

(2)

انظر: المدونة: 3/ 457.

(3)

انظر: النوادر والزيادات: 7/ 87.

(4)

انظر: المدونة: 3/ 457.

(5)

انظر: الذخيرة: 5/ 513.

(6)

انظر: البيان والتحصيل: 4/ 224.

(7)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:4995.

(8)

من هنا يبدأ سقط بمقدار لوحتين من (ن 3)

(9)

انظر: النوادر والزيادات: 7/ 68.

(10)

في (ن) و (ن 4): (غسل).

(11)

انظر: التوضيح: 7/ 225.

ص: 575

رشد: الذي أفتى به تضمينه، إلا أن يكون مشهورًا بالخير فلا ضمان عليه (1)، وإليه أشار (على الأظهر). وقال ابن راشد (2): رأيت بعض قضاة الإسكندرية ضمن السمسار، وكأنه ذهب إلى أن ذلك من مصالح العامة؛ لفساد الزمان (3).

قوله: (ونوتي غرقت سفينته بفعل سائغ) أي: وكذلك لا ضمان على النوتي إذا غرقت سفينته بسبب فعل سائغ فعله فيها من علاج أو موج أو ريح، قال في المدونة: أو من مد النواتية، فإن تعدى فأخرق في مد أو علاج؛ ضمن ما هلك فيها من الحمولة والناس، وقاله في المدونة (4).

قوله: (لا إن خالف مرعى شرط) أي: فإنه يضمن لتعديه، مثل أن يقول له: لا ترعى في الموضع الفلاني، فيرعى فيه فيهلك بعض الماشية لأجل ذلك. قال في المدونة: فإنه يضمن قيمة ذلك يوم تعديه.

قوله: (أو أنزى بلا إذن) أي: وهكذا يضمن إذا أنزى على الماشية بغير إذن أهلها، فعطبت تحت الفحل، وقاله في المدونة (5)، وقال غيره فيها:(لا يضمن). والإنزاء: إطلاق الفحل على الأنثى للطرق.

قوله: (أو غر بفعل) قد سبق أن الغار بالفعل يضمن ما هلك بسبب غروره، بخلاف الغرور بالقول على ظاهر المذهب.

قوله: (فبقميته يوم التلف) هو معنى قوله في المدونة: يوم تعدية، فإنه يوم التلف.

قوله: (أو صانع في مصنوعه، لا غيره) يريد: أن الصانع لا يضمن إلا ما كان له فيه صنعة، فلا يضمن الكِتَّابَ (6) إذا دفعه المنسوخ (7) له لينسخ له منه؛ إذ لا صنعة له فيه، وكذا إذا دفع له سيفًا يصوغ له على نصله ودفع معه الجفن فضاع،

(1) انظر: التوضيح: 7/ 230.

(2)

في (ن 4): (ابن رشد).

(3)

انظر: التوضيح: 7/ 230.

(4)

انظر: المدونة، دار صادر: 11/ 494.

(5)

انظر: المدونة: 4/ 443.

(6)

في (ن 4): (الكاتب).

(7)

في (ن 5): (الناسخ).

ص: 576

فإنه لا يضمن، وكذلك ظرف القمح إذا ضاع من عند الطحان، ونحو ذلك مما هو محتاج إليه؛ ولهذا قال:(ولو محتاجًا له عمل) وأما ما لا يحتاج إليه فأحرى في عدم الضمان (1)، كأحد الخفين تحتاج إلى الإصلاح، فيدفع الفردتين إلى الصانع، فتضيع التي لا صنعة له فيها، وفي جميع ذلك ثلاثة أقوال: قول سحنون: أنه لا يضمن إلا ما له فيه عمل وإن احتاج إليه، وقول ابن حبيب: أنه يضمن فيهما، وقيل: لا يضمن ما ليس له فيه عمل وإن احتاج إليه الشيء المعمول، إلا أن يحتاج إليه في عمله، فالذي ذكره هنا هو قول سحنون (2).

قوله: (وإن ببيته أو بلا أجر) هذا مبالغة في ضمان الصانع، يعني: أنه يضمن ما تلف مما له فيه صنعة منفعة (3) وإن صنع ذلك في بيته أو حانوته، وسواء عمله بأجر أو لا، يريد: وسواء تلف بصنعته أو بغيره صِنْعَته (4)، ما لم يكن في ذلك تغرير، كنقش الفصوص، وثقب اللؤلؤ، ووضع الثوب في قدر الصباغ، إلا أن يتعدى فيها. وحكى بعض الأشياخ قولين فيما إذا لم ينصب نفسه للصنعة، أحدهما: أنه يضمن مطلقًا، والثاني: أنه لا يضمن إلا إذا تناول لذلك أجرًا، وحكى بعضهم الاتفاق على الثاني.

قوله: (إن نصب نفسه) أي: للصنعة، واحترز به عما إذا لم ينصب نفسه، وإنما كان أجيرًا لشخص بخصوصيته، أو صانعًا لرجل كذلك، فلا يضمن، وصوب ابن يونس ضمان من لم ينصب نفسه ولو عمل بلا أجر، قال: وهي رواية للمتقدمين.

قوله: (وغاب عليها) أي: على السلعة، احترازًا مما إذا لم يغب عليها، بأن يعملها بحضرة ربها، فإنه لا ضمان عليه في تلفها؛ لأنه مع ربها يشبه الأجير الخاص، وفي كتاب ابن حبيب أنه يضمن.

قوله: (فبقيمته يوم دفعه) أي: فإذا ضمنا الصانع، فإنا نضمنه ذلك الشيء الذي تلف عنده بقيمته يوم دفعه (5) ربه إليه، قال في الموازية والواضحة: وليس لربه أن يقول

(1) قوله: (عدم الضمان) يقابله في (ن 5): (ضمان الضامن).

(2)

انظر: البيان والتحصيل: 4/ 231.

(3)

قوله: (منفعة) زيادة من (ن 5).

(4)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (بغيره صنعة).

(5)

قوله: (أي: فإذا ضمنا

بقيمته يوم دفعه) ساقط من (ن 5).

ص: 577

أنا أدفع الأجرة وآخذ قيمته معمولًا. ابن رشد: إلا أن يقر الصانع أنه تلف بعد العمل (1).

قوله: (ولو شرط نفيه) يريد: أن الضمان ثابت على الصانع ولو شرط نفيه عنه، وقاله ابن القاسم، قال في الجواهر: وروى أشهب أنه ينفعه (2)، وحكاه قولًا عنه في النوادر (3).

قوله: (أو دعا (4) لأخذه) يشير به إلى قوله في المدونة: وإذا فرغ الصانع من عمل ما في يده، ثم دعا ربه فقال له خذ متاعك، فلم يأت حتى ضاع المتاع عند الصانع، فهو ضامن على حاله (5)، وقيده اللخمي بما إذا لم يحضره (6)، كما سيذكره.

قوله: (إلا أن تقوم بينة، فتسقط الأجرة) يعني: أن تعلق الضمان بالصانع مقيد بعدم قيام البينة على التلف (7)، وأما مع قيامها على ذلك من غير تفريط من الصانع ولا تعدٍّ فلا ضمان عليه، وحينئذ تسقط أجرته عن رب المتاع، وهو قول ابن القاسم وروايته عن مالك، خلافًا لأشهب في ثبوت الضمان، ولمحمد في عدم إسقاط الأجرة. وقيل: إن شهدت البينة بالتلف بعد العمل لم تسقط الأجرة، وإلا سقطت. وقيل: لا تسقط مطلقًا.

قوله: (إلا أن يحضره لربه بشرطه) هكذا قيد اللخمي الضمان على الصانع بما إذا لم يحضر المصنوع، قال: وأما إن أحضره ورآه صاحبه (8) مصنوعا على صفة ما شارطه، وكان قد دفع الأجرة، ثم تركه عنده وادعى ضياعه، لصدق؛ لأنه خارج عن حكم الإجارة إلى حكم الإيداع (9)، أبو الحسن الصغير: وهو وفاق للمذهب.

(1) انظر: المقدمات الممهدات: 1/ 490.

(2)

زاد بعده في (ن 4): (شرطه). وانظر: عقد الجواهر: 3/ 937.

(3)

انظر: النوادر والزيادات: 7/ 68.

(4)

في (ن 5): (ادعى).

(5)

انظر: المدونة: 3/ 400.

(6)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:4879.

(7)

في (ن): (الخلف).

(8)

قوله: (صاحبه) ساقط من (ن 4).

(9)

انظر: التبصرة، للخمي، ص: 4879 و 4880.

ص: 578

قوله: (بشرطه)، أي: على الصفة المشترطة بينهما.

(المتن)

وَصُدِّقَ إِنِ ادَّعَى خَوْفَ مَوْتٍ فَنَحَرَ أَوْ سَرِقَةَ مَنْحُورِهِ، أَوْ قَلْعَ ضِرْسٍ أَوْ صِبْغًا فَنُوزعَ فيه. وَفُسِخَتْ بِتَلَفِ مَا يسْتَوْفَى مِنْهُ، لا بِهِ إِلَّا صَبِي تَعَلُّمٍ ورضيع، وَفَرَسِ نَزْوٍ، وَرَوْضٍ وَسِن لِقَلْعٍ فَسَكَنَتْ. كَعَفْوِ الْقِصَاصِ، وَبغَصْبِ الدَّارِ، وَغَصْبِ مَنْفَعَتِهَا، وَأَمْرِ السُّلْطَانِ بِإِغْلاقِ الْحَوَانِيتِ، وَحَمْلِ ظِئْرٍ، أَوْ مَرَضٍ لا تَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى رَضَاع، وَمَرَضِ عَبْدٍ وَهَرَبِهِ لِكَعَدُوٍّ، إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ فِي بَقِيَّتِهِ، بِخِلافِ مَرَضِ دَابَّةٍ بِسَفَرٍ ثمَّ تَصِحُّ. وَخُيّرَ، إِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ سَارِقٌ.

(الشرح)

قوله: (وصدق إن ادعى خوف موت فنحر، أو سرقة منحوره) قال في المدونة: وإذا خاف الراعي موت شاة فذبحها، لم يضمن، ويصدق إذا جاء بها مذبوحة، وقال غيره يضمن ما ينحر (1). وقال: ابن القاسم: والراعي مصدق فيما هلك أو سرق، ولو قال ذبحتها ثم سرقت، صدق (2)، وقال غيره: يضمن بالذبح.

قوله: (أو قلع ضرس) هو كقوله في المدونة: وإذا قلع الحجام ضرس رجل بأجر، فقال: لم آمرك إلا بقلع الذي يليه، فلا شيء له عليه؛ لأنه علم به حين قلعه، وله الأجرة، إلا أن يصدقه الحجام فلا أجرة له (3). ابن يونس: ويكون عليه العقل في الخطأ، والقصاص في العمد، وقال غيره: الحجام مدّع.

قوله: (أو صبغًا) أي: وهكذا يصدق الصباغ إذا ادعى أنه (4) صبغ الثوب بعشرة دراهم عصفرًا (5) -مثلا-، وادعى أن ربه بذلك أمره، وقال ربه: إنما أمرته أن يجعل فيه بخمسة فقط، وقاله في المدونة، وزاد: مع يمين الصانع، إن أشبه أن يكون فيه بعشرة، وإن أتى بما لا يشبه صدق رب الثوب، فإن أتيا جميعا بما لا يشبه (6) فله أجر مثله (7).

(1) انظر: تهذيب المدونة: 3/ 374.

(2)

انظر: المدونة: 11/ 440.

(3)

انظر: المدونة: 3/ 462.

(4)

قوله: (ادعى أنه) ساقط من (ن).

(5)

قوله: (عصفرًا) ساقط من (ن 4).

(6)

قوله: (صدق رب

بما لا يشبه) ساقط من (ن 5).

(7)

انظر: المدونة: 3/ 463.

ص: 579

قوله: (فنوزع فيه) هو راجع إلى المسائل الأربع، وهي: ما إذا ادعى أنه خاف على الشاة الموت فنحرها، أو سرقت بعد نحرها، أو أنه قلع الضرس المألوم (1) به، أو أنه صبغ الثوب بكذا.

قوله: (وفسخت بتلف ما يستوفى منه، لا به) أشار بهذا إلى قول أهل المذهب: أن كل عين تستوفى منه المنفعة فبهلاكها تنفسخ الإجارة، كموت الدابة المعينة، وانهدام الدار، وكل عين تستوفى بها المنفعة فبهلاكها لا تنفسخ الإجارة على الأصح، إلا في أربع مسائل: صبيان وفرسان، صبيا التعليم والرضاعة، وفرسا النزو والرياضة، وإلى ذلك أشار بقوله:(إلا صبى تعليم ورضيع (2)، وفرس نزو وروض) وزاد المازري على هذه الأربعة: ما إذا استأجره على أن يحصد زرعه الذي في أرضه وليس له غيرها، أو يبنى له حائطًا في داره، ثم حصل مانع من ذلك، وزاد غيره: الخياط يدفع له الثوب يخيطه للباس لا لتجارة وليس لربه غيره، وزاد الباجي: مسألة العليل يشارطه (3) الطبيب على برئه فيموت قبل ذلك (4)، وزاد غيره: من استؤجر على أن يصنع في الجواهر النفسية صنعة ثم هلك (5).

قوله: (وسن لقلع فسكنت، كعفو القصاص) أي: وكذا تنفسخ الإجارة في هاتين المسألتين، وهما: إذا استؤجر على قلع سن أو ضرس فسكن ألمها، أو على أن يقتص من شخص فيعفو عنه من له القصاص؛ لتعذر الخلف فيهما.

قوله: (وبغصب الدار وغصب منفعتها) أي: وكذلك تنفسخ الإجارة إذا غصبت الدار المستأجرة أو منفعتها (6)، وهو المشهور، وعن سحنون: أن المصيبة من المكتري (7)، وعن ابن حارث: إن غصبت الرقبة فالمصيبة من المكتري (8)، وإن غصبت

(1) في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (الأمور).

(2)

في (ن 4): (ورضاع).

(3)

في (ن): (يشارط).

(4)

انظر: المنتقى: 6/ 557.

(5)

في (ن): (تهلك).

(6)

في (ن 3) و (ن 4): (ومنفعتها).

(7)

انظر: البيان والتحصيل: 11/ 252.

(8)

في (ن 5): (المكري).

ص: 580

المنفعة فالمصيبة من المالك (1).

قوله: (وأمر السلطان بإغلاق الحوانيت) أي: وكذا تنفسخ إجارة الحانوت إذا أمر السلطان بإغلاق الحوانيت، ولم يتمكن المكترى من المنفعة، وهو المشهور، ولسحنون مثل ما تقدم، أن المصيبة من المكتري (2).

قوله: (وحمل ظئر، أو مرض لا تقدر معه على رضاع) أي: وكذا تنفسخ الإجارة إذا حملت الظئر، أو مرضت مرضًا لا تقدر معه على الرضاع، وظاهره خيف على الصبي من إرضاع الحامل أم لا، وفي المدونة: ليس له الفسخ، إلا إذا خيف على الولد (3).

قوله: (ومرض عبد وهربه لكعدو، إلا أن يرجع في بقيته (4) أي: وكذا تنفسخ الإجارة في هذه الأماكن؛ لأن المستأجر لا يمكنه الانتفاع مع شيء من ذلك، وظاهره كان (5) المرض بينًا أم لا، وفي المدونة: وإذا مرض العبد المستأجر مرضًا بينًا، أو أبق، أو هرب إلى بلد الحرب، فإن الإجارة تنفسخ، ولو رجع من هروب (6) أو أفاق (7) في بقية المدة لزمه تمامها. وقال غيره: إلا أن يكون فسخ ذلك (8)، وفي (9) موضع آخر: إلا أن يتفاسخا قبل ذلك.

وقوله: (في بقيته)، أي: بقية أمد الإجارة، وكان الأحسن أن يزيد بعد قوله:(أن يرجع) لفظه أو يصح، ويكون قوله:(في بقيته) راجعًا إلى المسألتين، ويحتمل أن يكون لما رأى أن الحكم فيهما واحد، اكتفى بذكر إحداهما عن الأخرى.

(1) انظر: الذخيرة: 5/ 538، بلفظ: إن غصب الدار فالجائحة من المكري فهو نافع أو السكنى فمن المكتري لبقاء ما استوفى منه المنفعة.

(2)

انظر: البيان والتحصيل: 11/ 252.

(3)

انظر: تهذيب المدونة: 3/ 376.

(4)

قوله: (في بقيته) ساقط من (ن 4).

(5)

هنا انتهى السقط من (ن 3)

(6)

قوله: (من هروب) ساقط من (ن).

(7)

قوله: (أو أفاق) ساقط من (ن 3).

(8)

انظر: تهذيب المدونة: 3/ 371.

(9)

في (ن 4): (في) بإسقاط الواو.

ص: 581

قوله: (بخلاف مرض دابة بسفر ثم تصح) أي: فإن الكراء ينفسخ ولا يعود إن صحت، وقاله في المدونة، قال: لأنها قد لا تحلقه، أو يكون قد اكترى غيرها (1). بعض الشيوخ: وإنما فرق بين العبد والدابة لاختلاف السؤال؛ لأن العبد في الحضر والدابة في السفر، ولو كان العبد في السفر والدابة في الحضر لكان الحكم فيهما سواء ونحوه في النكت.

قوله: (وخير إن تبين (2) أنه سارق) أي: وخير المستأجر في فسخ الإجارة إذا ظهر أن العبد المؤجر سارقًا، وهو ظاهر المدونة (3).

(المتن)

وَبِرُشْدِ صَغِيرٍ عَقَدَ عَلَيهِ، أَوْ عَلَى سِلَعِهِ وَلِيٌ، إِلَّا لِظَنِّ عَدَمِ بُلُوغِهِ، وَبَقيَ كَالشَّهْرِ، كَسَفِيهٍ ثَلاثَ سِنِينَ، وَبِمَوْتِ مُستَحِق وَقْفٍ آجَرَ، وَمَاتَ قَبْلَ تَقَضِّيهَا عَلَى الأَصَحِّ، لا بِإقْرَارِ الْمَالِكِ، أَوْ خُلْفِ رَبِّ دَابَّةِ فِي غَيْرِ مُعَيَّن، وَحَجٍّ وَإِنْ فَاتَ مَقْصدُهُ، أَوْ فِسْقِ مُسْتَأْجِرٍ. وَآجَرَ الْحَاكمُ، إِنْ لَمْ يَكُفَّ، أوْ بِعِتْقِ عَبْدٍ وَحُكْمُهُ عَلَى الرِّقِ، وَأُجْرَتُهُ لِسَيّدِهِ، إِنْ أَرَادَ أَنَّهُ حُرٌّ بَعْدَهَا.

(الشرح)

قوله: (وبرشد صغير عقد عليه، أو على سلعه (4) ولي، إلا لظن عدم بلوغه) أي: وكذا تنفسخ الإجارة برشد الصبي إذا آجره وليه، أو آجر سلعه، أو داره (5) أو دوابه أو رقيقه ونحو ذلك، إلا أن يظن عدم بلوغه قبل انقضاء المدة، قال ابن القاسم في المدونة: ومن آجر يتيمًا في حجره ثلاث سنين (6)، فاحتلم بعد سنة ولم يظن ذلك به، فلا يلزمه باقي (7) المدة، إلا أن يبقى كالشهر ويسير الأيام (8)، وإليه أشار بقوله: (وبقى

(1) انظر: المدونة: 3/ 445.

(2)

في (ن 4): (ثبت).

(3)

قوله: (وهو ظاهر المدونة) ساقط من (ن 3). وانظر: المدونة: 3/ 447

(4)

في (ن 4): (سلعة).

(5)

قوله: (أو داره) يقابله في (ن): (كداره).

(6)

قوله: (ثلاث سنين) ساقط من (ن 3).

(7)

في (ن 3) و (ن 5): (في).

(8)

انظر: المدونة: 3/ 465.

ص: 582

كالشهر (1)) أي: أو نحوه.

ثم أشار إلى أن السفيه يزاد له في المدة، بقوله:(كسفيه ثلاث سنين) أي: فيبقى فيها على حكم الإجارة؛ لأن الولي عقد معه ما يجوز له، لأن زوال السفه أمر لا يدرك، بخلاف البلوغ، قال في المدونة: وإذا وآجَرَ عليه ولي أو سلطان ربعه أو رقيقه سنتين أو ثلاثًا، ثم انتقل إلى حال الرشد، فذلك يلزمه؛ لأن الولي عقد يومئذ ما يجوز له (2). وقال غيره: إنما يجوز لولي هذا أن يكري عليه هذه الأشياء بالسنة ونحوها؛ لأنه جل كراء الناس، وأما ما كثر فله فسخه.

قوله: (وبموت مستحق وقف آجر ومات قبل تقضيها، على الأصح (3) أي: وكذلك تنفسخ الإجارة بموت مستحق الوقف إذا آجره سنين، ثم مات قبل انقضائها، قال ابن شاس: لأنه تناول بالإجارة ما لا حق له فيه، وقيل: إذا أكرى مدة يجوز له الكراء إليها لزم باقيها (4). ابن رشد وغيره (5): والأول أصح (6).

قوله: (لا بإقرار المالك) أي: فلا تنفسخ الإجارة بقول الأجير (7): الدار أو العبد أو الدابة هي لغيري (8)، وإنه كان اشترى ذلك مني قبل عقد الإجارة؛ لأنه يتهم على نقض الإجارة، وهذا هو المعروف.

قوله: (أو خلف رب دابة في غير معين وحج، وإن فات مقصده) أي: وكذا لا تنفسخ الإجارة إذا تخلف المكري عن الإتيان بالدابة في الوقت الذي واعد المكتري أن يأتي له بها فيه، وإن فات ما يقصده ويرومه من تشييع شخص أو تلقي رجل، وقاله في المدونة (9)، وقوله:(في غير معين وحج) أي: فأما إن اكتراها منه يومًا بعينه، أو شهرًا

(1) قوله: (ويسير الأيام، وإليه أشار بقوله: "وبقى كالشهر") ساقط من (ن 5).

(2)

انظر: المدونة: 3/ 465.

(3)

في (ن 4): (الأرجح).

(4)

انظر: عقد الجواهر: 3/ 941.

(5)

انظر: المقدمات الممهدات: 1/ 469.

(6)

في (ن 3): (واضح)، وزاد بعده في (ن 4):(وإليه أشار بقوله: (على الأرجح).

(7)

قوله: (بقول الأجير) يقابله في (ن 3): (بقوله)، وقوله:(الأجير) يقابله في (ن): (آجر).

(8)

قوله: (هي لغيري) يقابله في (ن 3) و (ن 5): (لغيره).

(9)

انظر: المدونة: 3/ 507.

ص: 583

ونحوه، أو ليحج عليها، فلم يأت بها حتى انقضى ذلك المعين، أو فات وقت الحج؛ فإن الكراء ينفسخ. قال ابن المواز: لأن أيام الحج متعينة (1). وحكى اللخمي في مسألة الحج إذا تغيب الجمال يوم الخروج (2) قولين: بالفسخ كما تقدم، وبعدمه، وهو مذهب الموازية، قال: وقال غيره في غير الحج لا تنفسخ، والفسخ في كلا الموضعين أحسن (3).

قوله: (أو فسق مستأجر، وآجر الحاكم إن لم يكف) يريد: أن الإجارة لا تنفسخ بظهور المستأجر فاسقًا يشرب فيها الخمر أو يزني ونحو ذلك، إلا أن الحاكم يأمره بالكف عن ذلك، فإن لم ينته آجرها عليه وأخرجه منها، اللخمي: وأرى أن (4) يخرجه منها (5) إن لم يتيسر (6) كراؤها من يومه وما قارب ذلك حتى يأتي من يكتريها، لم يجد مكتريًا حتى خرج الشهر الذي أكراها، لم يسقط عنه الكراء (7).

قوله: (أو بعتق عبد) أي: وهكذا لا تنفسخ الإجارة بعتق العبد المستأجر؛ لتعلق حق الغير بمنفعته، كما لو باعه أو وهبه.

قوله: (وحكمه على الرق) أي: في شهادته وقصاصه ونحو ذلك، إلا أنه لا يطؤها إن كانت أمة.

قوله: (وأجرته لسيده، إن أراد أنه حر بعدها) يريد: أن السيد إذا أراد بعتق العبد أنه حر بعد مدة الإجارة، فإن الأجرة تكون له، أما إن أراد أنه حر من حين العتق (8)، فإن الأجرة تكون للعبد من حينئذٍ.

* * *

(1) انظر: التوضيح: 7/ 206.

(2)

في (ن 3): (النحر).

(3)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:5211.

(4)

في (ن 5): (ألا).

(5)

قوله: (وأرى أن يخرجه منها) ساقط من (ن 3).

(6)

في (ن 3): (تبين).

(7)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:5065.

(8)

في (ن 3): (العقد).

ص: 584