المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌صحة الوكالة في قابل النيابة - تحبير المختصر وهو الشرح الوسط لبهرام على مختصر خليل - جـ ٤

[بهرام الدميري]

الفصل: ‌صحة الوكالة في قابل النيابة

‌باب [في الوكالة]

‌صحَّةُ الْوَكالَةِ في قَابل النِّيَابةِ

(المتن)

بَابٌ صِحَّةُ الْوَكَالَةِ فِي قَابِلِ النِّيَابةِ مِنْ عَقْدٍ، وَفَسْخٍ، وَقَبْضِ حَقٍّ، وَعُقُوبَةٍ، وَحوَالَةٍ، وَإِبْرَاءٍ -وإنْ جَهِلَهُ الثَّلاثَة- وَحَجٍّ، وَوَاحِدٍ فِي خصُومَةٍ، وَإِنْ كَرِهَ خَصْمهُ، لا إِنْ قَاعَدَ خَصْمَهُ: كَثَلاثٍ، إِلَّا لِعُذْرٍ. وَحَلَفَ فِي: كَسَفَرٍ، وَلَيْس لَهُ حِينئذٍ عَزْلُهُ، وَلا لَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ، وَلا الإِقْرار، إِنْ لَمْ يُفَوِّضْ لَهُ، أَوْ يَجعَلْ لَهُ وَلِخَصْمِهِ اضْطِرَارُهُ إِلَيْهِ، وإنْ قَالَ أَمِرَّ عَنِّي لفلان بِألْفٍ، فَإِقْرَارٌ، لا فِي كَيَمِينٍ، وَمَعْصِيَةٍ كَظِهَارٍ.

(الشرح)

هذا معنى ما قاله صاحب التلقين أن كل حق جازت فيه النيابة جازت فيه الوكالة (1)، ونحوها (2) قول اللخمي: الوكالة جائزة في الحقوق التي تصح النيابة فيها كالبيع والشراء والإجارة والجعالة واقتضاء الديون (3) وقضائها وعقد النكاح والطلاق وإقامة الحدود وبعض القرب (4)، ومراده أن ما لا يقبل النيابة لا تصح فيه الوكالة كالعبادات البدنية كالصوم والصلاة ونحوهما.

قوله: (مِنْ عَقْدٍ وَفَسْخٍ، وَقَبْضِ حَقٍّ وَعقُوبَةٍ، وَحوَالَةٍ) هذا (5) بيان لما تصح فيه النيابة، وشمل قوله:(مِن عَقْدٍ) عقد البيع والشراء والإجارة والجعالة والنكاح والطلاق، ومراده بالفسخ أنه يجوز له (6) أن يوكل من يفسخ عنه ما يجوز له فسخه من العقود، مثل قبض الحق وقضاؤه (7)، ودخل في العقوبة الحدود والتعزيرات،

(1) انظر: التلقين: 2/ 175.

(2)

في (ن): (نحوه).

(3)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (الدين).

(4)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:4621.

(5)

في (ن): (هو).

(6)

قوله: (له) ساقط من (ن).

(7)

قوله: (مثل قبض الحق وقضاؤه) يقابله في (ن 3): (وشمل قبض الحق قضاؤه).

ص: 278

ويجوز له (1) أن يوكل من يحيل غريمه على مدينه أو يأخذ له حميلًا أو يتحمل عنه في حق وجب عليه.

قوله: (وإبْرَاءٍ وإنْ جَهِلَهُ الثَّلاثَةُ) أي وكذا يجوز أن يوكل في الإبراء عنه من دين له، ولو جهله الثلاثة، الوكيل والموكل، ومن عليه الدين؛ لأنه هبة، وهبة المجهول عندنا جائزة.

قوله: (وَحَجٍّ) أي وكذا تجوز الوكالة في الحج، وفيه خلاف تقدم.

قوله: (وَوَاحِدٍ في خُصُومَةٍ، وَإِنْ كَرِه خَصْمُهُ) أي: فلا يجوز توكيل اثنين فأكثر (2) في خصومة، بلا خلاف، وله أن يوكل قبل الشروع في الخصومة، وإن كره خصمه ذلك، ويدل على هذا قوله:(لا إِنْ قَاعَدَ خَصْمَهُ كَثَلاثٍ، إِلا لِعُذْر) أي: فليس له حينئذ توكيل غيره ولا عزله (3)، قال في المقدمات: ليس له عزله إذا قاعد خصمه المرتين والثلاث إلا من عذر، وهذا هو المشهور في المذهب (4)، وفي التبصرة والجواهر: إذا شرع في الخصومة ليس له عزله (5).

قوله: (وَحَلَفَ في كَسَفَرٍ) يريد: أن الخصم (6) إذا قاعد خصمه ثلاث مرات ثم أراد أن يسافر فإنه يحلف ما قصد السفر ليوكل (7)، وإن نكل فليس له توكيل حينئذ (8) إلا برضى خصمه، وقال ابن الفخار: ليس عليه يمين.

قوله: (وَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ عَزْلُهُ، وَلا لَهُ عزْلَ نَفْسِهِ) أي: وليس للموكل عزل وكيله بعد ثلاث كما تقدم.

ابن رشد: إذا لم يكن له عزله فليس له هو (9) عزل نفسه (10)، وهو الأصح، وعلى

(1) قوله: (له) ساقط من (ن).

(2)

قوله: (فأكثر) ساقط من (ن 5).

(3)

قوله: (ولا عزله) زيادة من (ن 5).

(4)

انظر: المقدمات الممهدات: 2/ 222.

(5)

انظر: التبصرة، للخمي، ص: 5024، وانظر: عقد الجواهر الثمينة، لابن شاس: 2/ 831.

(6)

في (ن) و (ن 5): (الغريم).

(7)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (التوكيل).

(8)

قوله: (حينئذ) ساقط من (ن 5).

(9)

قوله: (هو) ساقط من (ن).

(10)

انظر: عقد الجواهر: 2/ 831.

ص: 279

قول أصبغ له عزل نفسه (1) ما لم يشرف على الخصومة (2)، أو ما (3) لم يشرف على حجته.

قوله: (وَلا الإِقْرَارُ، إِنْ لَمْ يُفوِّضْ لَهُ، أَوْ يَجْعَلْ لَهُ) أي: وليس للوكيل الإقرار على موكله وهو متفق عليه إن نهاه عن ذلك وهذا هو المعروف إن أطلق الوكالة ولم (4) يجعل له ذلك ولا فوض إليه فيه، ولو أقر لم يلزمه، وقيل: يلزمه، وعلى الأول فقال ابن العطار وغيره: إن من حق الخصم ألا يخاصم الوكيل حتى يجعل له الإقرار (5)، وإليه أشار بقوله (وَلخصْمِهِ اضْطِرَارُهُ إِلَيْهِ) أي: اضطرار الوكيل إلى الإقرار، واختلف أصحاب الشافعي إذا قال لوكيله: أقر عني لفلان (6) بألف هل يكون إقرارا بالألف لفلان أم لا؟ ، واختار المازري انه اقرار (7)، وإليه أشار بقوله:(وَإِنْ قَالَ أَقِرَّ عَنِّي لفلان بِألْفٍ، فَإِقْرَارٌ).

قوله (8): (لا في كَيَمِينٍ) أي: فلا يجوز له أن يوكل على يمينٍ (9) من يحلف عنه؛ لأن اليمين لا تقبل النيابة؛ لأنها من الأعمال البدنية، ومثل ذلك الإيلاء واللعان.

قوله (10): (وَمَعْصِيَةٍ) أي: وكذا لا يجوز أن يوكل في المعصية كالسرقة والغصب والقتل العدوان (11) وغير ذلك.

قوله (12): (كَظِهَارٍ) أي: فلا يجوز له أيضا أن يوكل من يظاهر عنه؛ لأنه يمين منكر من القول وزور، ولهذا جعله من المعاصي، ولم يكتف بذكر اليمين.

(1) قوله: (وهو الأصح، وعلى قول أصبغ له عزل نفسه) ساقط من (ن 5).

(2)

قوله: (الخصومة) يقابله في (ن): (تمام الخصام).

(3)

قوله: (ما) ساقط من (ن).

(4)

في (ن) و (ن 5): (أو لم).

(5)

انظر: التوضيح: 6/ 382.

(6)

قوله: (لفلان) ساقط من (ن 3).

(7)

انظر: التوضيح: 6/ 382.

(8)

قوله: (قوله) ساقط من (ن 5).

(9)

قوله: (على يمين) ساقط من (ن) و (ن 5).

(10)

قوله: (قوله) ساقط من (ن 5).

(11)

في (ن 5): (والعدوان).

(12)

قوله: (قوله) ساقط من (ن 5).

ص: 280

(المتن)

بِمَا يَدُلُّ عُرْفًا، لا بِمُجَرَّدِ وَكَّلْتُكَ، بَلْ حَتى يُفَوِّضَ فَيَمْضِي النَّظَرُ، إِلَّا أَنْ يَقُولَ وَغَيْرُ نَظَرِ، إِلَّا الطَّلاقَ، وِإنْكَاحَ بِكْرِهِ، وَبَيْعَ دَارِ سُكْنَاهُ، وَعَبْدِهِ، أَوْ يُعَيِّنَ بِنَصٍّ، أَوْ قَرِينَةٍ. وَتَخَصَّصَ وَتَقَيَّدَ بِالْعُرْفِ، فَلا يَعْدُهُ إِلَّا عَلَى بَيْعٍ، فَلَهُ طَلَبُ الثَّمَنِ وَقَبْضُهُ أَوِ اشْتِرَاءٍ فَلَهُ قَبْضُ الْمَبِيعِ وَرَدُّ الْمَعِيبِ، إِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ مُوَكِّلُهُ، وَطُولِبَ بِثَمَنٍ وَمُثْمَنٍ، مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالْبَرَاءَةِ كَبَعَثَنِي فُلانٌ لِتَبِيعَهُ، لا لِأَشْتَرِيَ مِنْكَ، وَبِالْعُهْدَةِ مَا لَمْ يَعْلَمْ. وَتَعَيَّنَ فِي الْمُطْلَقِ نَقْدُ الْبَلَدِ وَلائِقٌ بِهِ، إِلَّا أَنْ يُسَمِّيَ الثَّمَنَ فَتَرَدُّدٌ.

(الشرح)

قوله: (بِما يَدُلُّ عُرْفًا) يريد: أن صحة الوكالة مشروطة بأن يقترن بلفظ الموكل ما يدل على بيان الشيء الموكل فيه (1) عرفًا، أو يكون (2) معلومًا بالنص أو بالعادة، وللوكالة حالتان: تفويض وتخصيص، والوكيل المخصوص إذا تصرف في غير ما أذن له فيه فيكون متعديًا.

قوله: (لا بمُجَرَّدِ (3) وَكَّلْتُكَ، بَلْ حَتَّى يُفَوِّضَ) أي: فلا يفيد (4) مجرد قول الموكل للوكيل: وكلتك لعدم حصول الشرط (5)، وهو معرفة (6) ما يدخل (7) عليه من تفويض أو من تخصيص (8)، ولهذا قال:(بَلْ حَتَّى يُفَوِّضَ) يريد: أو يقيد بأمر مخصوص.

قوله: (فيمْضِي النَّظَرُ، إِلا أَنْ يَقُولَ وَغَيْرُ نَظَرٍ) أي: فإذا نصَّ له على التقييد (9) أو التفويض وتصرف فإنه يمضي منه ما كان على وجه النظر؛ لأنه معزول عن غيره بالعادة، إلا أن يقول له نظر وغير نظرٍ.

(1) قوله (فيه) ساقط من (ن 4).

(2)

في (ن): (ويكون).

(3)

في (ن): (مجرد).

(4)

في (ن 5): (يقبل).

(5)

في (ن 3): (الشيء).

(6)

قوله: (وهو معرفة) يقابله في (ن 4): (وهو عدم معرفة).

(7)

في (ن) و (ن 3): (يدل).

(8)

قوله (أو من تخصيص) يقابله في (ن): (أو أمر مخصوص).

(9)

قوله (التقييد) ساقط من (ن).

ص: 281

قوله: (إِلا الطَّلاقَ، وَإنكَاحَ بِكره، وَبَيْعَ دَارِ سُكْنَاهُ وَعَبْدِهِ)(1) يريد: أن الوكيل (2) المفوض وإن كان تصرفه كتصرف المالك، إلا أن ذلك مقيد بما عدا هذه الأشياء الأربعة، إلا أن ينص له عليها، وقد نص على إخراجها من عموم التفويض إلا بالتنصيص عليها كما هنا ابن رشد وابن شاس وغيرهما.

قوله: (أَوْ يُعَيِّنَ بِنَصٍّ أَوْ قَرِينَةٍ) هو قسيم لقوله: (حَتَّى يُفَوِّضَ) أي: أو يعين له الموكل ما يتصرف فيه إما بنص كقوله: لا تفعل إلا الشيء الفلاني، أو افعله فقط، أو تقوم قرينة على فعله أو على غيره، فلا يتصرف إلا كما أذن له.

ابن شاس: ولو قال له: بع من زيد لم يبع من غيره، ولو خص زمانًا تعين أو سوقًا تتفاوت فيه الأغراض لتخصص (3).

قوله: (وَتَخَصَّصَ وَتَقَيَّدَ بِالْعُرْفِ) يريد: كما إذا كان عرف الناس أن ذلك لا يباع إلا في السوق الفلاني أو في زمان كذا أو أنه لا يباع إلا بالنقد أو النسيئة، وكذا لو وكله على شراء جارية أو زواج امرأة فإنه لا يشتري له أو يزوجه إلا ما يليق (4) به.

قوله: (فَلا يَعْدُهُ) أي: فلا يتعداه إلى غيره كما تقدم.

قوله: (إِلا عَلَى بَيْعٍ، فَلَهُ طَلَبُ الثَّمَنِ وَقَبْضُهُ، أَوِ اشْتِرَاءٍ فَلَهُ قَبْضُ المَبِيعِ وَرَدُّ المَعِيبِ) لما ذكر أن الوكيل لا يتعدى الأمر المأذون له فيه خشي أن يتوهم أنه لا يطالب (5) بثمن سلعة باعها لموكله أو قبضه، وأنه لا يقبض المبيع الذي (6) اشتراه للموكل أو يرده بعيب (7) وجد فيه ونحوه، فنبه على أن الوكالة على (8) البيع تستلزم الوكالة بقبض الثمن والمطالبة به، وعلى الشراء تستلزم الوكالة على قبض المبيع ورده بعيب، ولهذا (9) قال ابن

(1) في (ن): (وعتق عبده).

(2)

في (ن 5): (الموكل).

(3)

انظر: عقد الجواهر: 2/ 829.

(4)

قوله: (ما يليق) يقابله في (ن): (من تليق).

(5)

في (ن): (يطلب).

(6)

في (ن): (إذا).

(7)

زاد بعده في (ن): (إن).

(8)

في (ن): (في).

(9)

في (ن 5): (هكذا).

ص: 282

الهندي: كل ما نصّ له في الوكالة على شيء (1) فلا يتعداه إلا هنا، نعم لو نص له على عدم قبض الثمن أو المبيع أو ردّه بعيب فليس له ذلك.

قوله: (إِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ مُوَكِّلُهُ) أي: إلا المفوض له، يريد: أن رده المبيع على بائعه بعيب مقيد بألا يكون موكله قد عين ذلك للمشتري (2)، أما إذا قال له اشتر هذا الشيء وعينه له، فإنه لا كلام له حينئذ، والخيار للآمر وحده، وهذا في الوكيل المخصوص، وأما المفوض له فله أن يرد ولو عين له الآمر المبيع، نص عليه في المدونة.

قوله: (وَطُولِبَ بِثَمَنٍ وَمَثْمُونِ، مَا لم يُصَرِّحْ بِالْبَرَاءَةِ) يريد: أن الوكيل على الشراء يطالب بالثمن، وعلى البيع يطالب بالمثمون، وهو البيع، ولا يخلصه من ذلك علم البائع في الأولى (3) والمشتري في الثانية أنه وكيل، ولو صرح بذلك حتى يصرح أنه لا (4) شيء عليه من دفع ثمن ولا مثمون، وإنما يدفعه موكله، وحينئذ لا يطالب بشيء من ذلك.

قوله: (كَبَعَثَنِي فُلانٌ لِتَبِيعَهُ، لا لأَشْتَرِيَ مِنْكَ) هكذا قال في الموازية (5): فجعله كالشرط، ولا يتبع إلا فلانًا، فإن أنكر فلان غرم الرسول رأس المال، واحترز بقوله:(لا لأَشْتَرِي مِنْكَ) مما إذا قال له: بعثني لأشتري منك، فإنه لا يبرأ، ويكون الثمن عليه دون الآمر، وقاله أشهب.

قوله: (وَبِالْعُهْدَةِ، مَا لَمْ يَعْلَمْ) أي: ويطالب الوكيل بتباعة (6) المبيع من عيب أو استحقاق وشبهه، وهو مراده بالعهدة إلا أن يصرح بأنه (7) وكيل أو يعلم بذلك المشتري، فحينئذ يكون المطلوب بذلك الموكل، وقاله في المدونة.

قوله: (وَتَعَين فِي المُطْلَقِ نَقْدُ الْبَلَدِ) يريد: إذا قال له: بع واشتر ولم يقيد عليه بعرض

(1) قوله: (على شيء) زيادة من (ن 5).

(2)

في (ن 3): (المشتري).

(3)

في (ن): (الأولى بالموكل).

(4)

قوله: (علم البائع في الأول

حتى يصرح أنه لا) ساقط من (ن 5).

(5)

في (ن) و (ن 5): (المدونة).

(6)

قوله: (بتباعة) ساقط من (ن 5).

(7)

في (ن 5): (به).

ص: 283

ولا نقد فإنه يتعين (1) في ذلك نقد البلد الذي صدر فيه التوكيل، وفعل (2) على وفقه، فإن خالف ضمن لتعديه، قال في المدونة: إلا أن يجيز الآمر فعله، ويأخذ ما باع به (3)، وقال غيره: إن باع بعرض (4) ولم يفت فلا ضمان عليه، وخير الآمر في (5) أخذ ما بيعت به أو نقض البيع وأخذ سلعته، وإن فات خير فيما بيع به، أو يضمن الوكيل قيمتها. عياض: وهو وفاق.

قوله: (وَلائِقٌ بِهِ، إِلا أَنْ يُسَمِّيَ الثَّمَنَ، فَتَرَدُّدٌ) أي: وكذا يتعين في المطلق ما يليق بالموكل، فإذا وكله مثلًا على شراء جارية أو ثوب أو عبد فاشترى ما لا يليق به لم يلزمه، وله أن يرده إن شاء (6)، قاله ابن القاسم في المدونة، وقال أشهب: يلزمه، وقيّد بعض القرويين الأول (7) بما إذا لم يسمّ له الثمن، أما إذا (8) سماه فاشترى له به فإنه يلزمه، وقال غيره: ينبغي ألا يلزمه إذا اشترى له ما لا يليق به (9)، وإن سمى الثمن. قلت: وهو الظاهر عندي، فقد يكون ثمن ما يليق به مساويًا لما لا يليق به (10).

(المتن)

وَثَمَنُ الْمِثْلِ وَإِلَّا خُيِّرَ كَفُلُوسٍ، إِلَّا مَا شَأنُهُ ذَلِكَ لِخِفَّتِهِ، وَكصَرفِ ذَهَب بفِضَةٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الشَأنُ، وَكَمُخَالَفَتِهِ مُشْتَرًى عُيِّنَ، أَوْ شوق أَوْ زَمَان أَوْ بَيْعَهُ بأقَل، أَوِ باشْتِرَائِهِ بِأكْثَرَ كَثِيرًا، إِلَّا كَدِينَارَيْنِ فِي أَرْبَعِينَ، وَصُدِّقَ فِي دَفْعِهِمَا وِإنْ سَلَّمَ مَا لَمْ يَطُلْ، وَحَيْث خَالَفَ فِي اشْتِرَاءٍ لَزِمَهُ، إِنْ لَمْ يَرضَة مُوَكِلُهُ، كَذِي عَيْب، إِلَّا أَنْ يَقِلَّ، وَهُوَ فرْصَةٌ، أَوْ فِي بَيْعٍ فَيُخَيرُ فوَكِّلُهُ وَلَوْ رِبَوِيًّا بِمِثْلِه؛ إِنْ لَمْ يَلْتَزِم الْوَكِيل

(1) في (ن 5): (ينظر).

(2)

قوله: (وفعل) ساقط من (ن 5).

(3)

في (ن 4): (له)، وانظر: تهذيب المدونة: 2/ 69.

(4)

في (ن 4): (بعض).

(5)

قوله: (وخير الآمر في) يقابله في (ن 3): (وجبر الآمر على).

(6)

انظر: التفريع: 2/ 374.

(7)

قوله: (الأول) ساقط من (ن 5).

(8)

قوله: (إذا) ساقط من (ن).

(9)

قوله: (يلزمه إذا اشترى له ما لا يليق به) يقابله في (ن 5): (يلزمه إلا إذا اشترى له ما يليق به).

(10)

قوله: (به) ساقط من (ن).

ص: 284

الزَّائِدَ عَلَى الأَحْسَنِ، لا إِنْ زَادَ فِي بَيْعٍ، أَوْ نَقَصَ فِي اشْتِرَاءٍ

(الشرح)

قوله: (وَثَمَنُ المثْلِ) وكذا يتعين في المطلق ثمن المثل في البيع والشراء، فإن تعداه في الشراء أو نقص في البيع لم يلزم الآمر، يريد: إلا شيئًا لا (1) يتغابن الناس بمثله، ونحوه في المدونة (2)، وفي الجواهر مثله في الوكالة على البيع.

قوله: (وإلا خُيِّرَ) أي: وإن خالف ثمن المثل خير الآمر بين الرد والإجازة، فإن ردّ ذلك لزم الوكيل، وقاله في المدونة.

قوله: (كَفُلُوسٍ، إِلا مَا شَأنُهُ (3) ذَلِكَ لِخِفَّتِهِ) أي: وهكذا إذا باع بفلوس، فإن الآمر يخير (4) إلا أن تكون سلعة خفيفة الثمن، إنما تباع بالفلوس ونحو ذلك، فإن الفلوس فيها كالعين، وقاله في المدونة.

قوله: (وَكَصَرْفِ ذَهَبٍ بِفِضَّةٍ إِلا أَنْ يَكُونَ الشَّأنُ) يشير به إلى قوله في المدونة: وإذا دفعت إليه دنانير يسلمها لك في طعام أو غيره، فلم يسلمها حتى صرفها، فإن كان هو الشأن في تلك السلعة لأنه يسلم بها ثلث دينار (5) دراهم أو نصف دينار دراهم أو نحوه (6)، وكان ذلك نظرًا لأن الدراهم فيما يسلم فيه أفضل فذلك جائز، وإلا كان متعديًا، وضمن الدينار (7) ولزمه الطعام، ثم قال: ولا يجوز أن يتراضيا على أن يكون الطعام لك (8)، إلا أن يكون قبضه الوكيل، فأنت مخير في أخذه أو أخذ دنانيرك منه.

قوله: (وَكَمُخَالَفَةِ مُشْتَرًى عُيِّنَ، أَوْ سُوق، أَوْ زَمَان) قد تقدم أن الوكيل لا يتصرف إلا على الوجه المأذون له فيه، فليس له أن يشتري إلا الشيء الذي أذن له فيه، ولا يبيع

(1) قوله: (لا) ساقط من (ن).

(2)

انظر: المدونة: 3/ 273.

(3)

في (ن): (شابه).

(4)

في (ن): (مخير).

(5)

قوله: (ثلث دينار) يقابله في (ن): (ثلاثة دنانير).

(6)

قوله: (يسلم بها ثلث دينار دراهم أو نصف دينار دراهم أو نحوه) يقابله في (ن 5): (لا يسلم الثلاثة دنانير دراهم ونصفًا ونحوه)، وفي (ن 3):(يسلم للثمن دينارًا أو دراهم ونصفًا ونحوه).

(7)

في (ن): (الدنانير).

(8)

زاد بعده في (ن 4): (لأنه دين بدين، وفيه بيع الطعام قبل قبضه).

ص: 285

إلا بالسوق الذي ذكره له، والزمان الذي عين له، والشخص الذي نص له عليه أن يبيع له السلعة.

قوله: (أَوْ بيعَهُ بِأقَل، أَوِ باشْتِرَائه بِأكثَرَ كَثِيرًا) أي: وكذا يخير الموكل (1) إذا خالفه الوكيل في بيعه بأقل مما سمى له واشترائه (2) بأكثر مما سمى له بالشيء الكثير، كما لو قال له: بعها بعشرة، فباعها بثمانية، أو قال له (3): اشتر سلعة فلان بعشرة فاشتراها بخمسة عشر (4) إلى غير ذلك، وإنما قيّد جهة الشراء بالزيادة الكثيرة، لأن الزيادة اليسيرة تستخفّ عند تحصيل الغرض (5)، ولا يغتفر ذلك في البيع لأن الشأن في البيع طلب الزيادة (6) وإلى هذا التفصيل ذهب عبد الحق واللخمي (7) وابن يونس والمتيطي وابن شاس وغيرهم، وأشار بعض المتأخرين إلى أنه لا فرق بين البيع والشراء (8)، وأن الوكيل على البيع ينبغي أن يسامح في النقص اليسير.

المازري: والتحقيق أنه لا يغتفر له يسير (9) في بيع ولا شراء، ولا يكون له إلا ما حده له (10).

قوله: (إلا (11) كَدِينَارينِ في أَرْبَعِينَ) أي: فإن ذلك يسير مغتفر، وقاله في المدونة.

قوله: (وَصُدِّقَ في دَفْعِهِما وإنْ سَلَّمَ، مَا لَمْ يَطُلْ) أي: وصُدق في دفع الدينارين إذا ادعى دفعهما من ماله، وإن سلم ما اشتراه من موكله إن قرب ذلك، ولا يصدق إن طال ذلك، قاله في الجواهر.

(1)(في (ن 5): (الوكيل).

(2)

قوله: (واشترائه) يقابله في (ن) و (ن 3) و (ن 4): (أو اشترى به).

(3)

قوله: (له) ساقط من (ن 3).

(4)

قوله: (بعشرة فاشتراها بخمسة عشر) يقابله في (ن): (بثمانية فاشتراها بعشرة).

(5)

قوله: (تستخفّ عند تحصيل الغرض) يقابله في (ن): (مغتفرة فيه)، وفي (ن 3):(مغتفرة في الشراء).

(6)

قوله: (ولا يغتفر ذلك في البيع لأن الشأن في البيع طلب الزيادة) ساقط من (ن 4).

(7)

نظر: التبصرة، للخمي، ص:4639.

(8)

زاد بعده في (ن 4): (بين البيع والشراء).

(9)

في (ن): (بيسير).

(10)

قوله: (له) ساقط من (ن).

(11)

قوله: (إلا) ساقط من (ن 4).

ص: 286

قوله: (وَحَيْثُ خَالَفَ في اشْتِرَاءٍ لَزِمَهُ، إِنْ لَمْ يَرْضَه مُوَكِّلُهُ (1) يريد: أن الوكيل إذا زاد في الشراء زيادة كثيرة أو اشترى غير لائق بالموكل أو غير ما نص له عليه لفظًا أو عرفًا، فإن ذلك يلزمه إن لم يرض به (2) الموكل ونحوه في المدونة.

قوله (3): (كَذِي عَيْبٍ، إِلا أَنْ يَقِلَّ، وَهُوَ فُرْصَةٌ) أي وكذا يلزم الوكيل ما ابتاعه معيبًا (4)، يريد: عيبًا فاسدًا (5) وهو عالم به إذا (6) لم يرض موكله إلا أن يكون شراء ذلك فرصة، والعيب خفيف فإنه يلزم الموكل، وقاله في المدونة.

قوله: (أَوْ في بَيع) أي: وهكذا يلزم الوكيل (7) النقص إذا خالف في البيع بأن باع (8) بأقل مما سمى له الموكل.

قوله: (فَيُخيَّرُ مُوَكِّلُهُ) أي: في إمضاء فعله أو ردّه، وإنما كرره مع قوله:(إِنْ لَمْ يَرْضَهُ مُوَكِّلُهُ) ليرتب عليه. قوله (9): (وَلَو رِبَوِيًّا بِمِثْلِهِ) ومعناه: أن الموكل له إمضاء ذلك، ولو كان ربويًا كما قال، مثل أن يأمره أن يبيع بحنطة فيبيع بفول أو نحوه، أو يبيع بدنانير فباع بدراهم أو العكس، والمشهور ما قال، وقيل: يفسخ، ولا خيار له، والقولان متأولان على المدونة، وبناهما بعضهم على الخلاف، هل الخيار الحكمي كالشرطي أم لا؟

قوله: (إِنْ لَمْ يَلْتَزِمِ الوكيل (10) الزَّائِدَ عَلَى الأَحْسَنِ) يريد: أن الوكيل إذا خالف بأن زاد في الشراء زيادة كثيرة أو نقص في البيع، فإن ذلك لا يلزم الموكل (11) إلا أن يلتزم

(1) قوله: (مُوَكِّلُهُ) ساقط من (ن).

(2)

قوله: (به) ساقط من (ن).

(3)

قوله: (قوله) ساقط من (ن).

(4)

في (ن 5): (معينًا).

(5)

في (ن 5): (فاحشًا).

(6)

في (ن): (إن).

(7)

قوله: (يلزم الوكيل) يقابله في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (يلزمه).

(8)

قوله: (بأن باع) زيادة من (ن 5).

(9)

قوله: (قوله) ساقط من (ن 5).

(10)

قوله: (الوكيل) ساقط من (ن 4).

(11)

قوله: (لا يلزم الموكل) يقابله في (ن 3) و (ن 5)(لا يلزمه).

ص: 287

الوكيل (1) الزائد على الثمن الذي باع به أو الزائد على ما سمى له في الشراء، فحينئذ يلزم ذلك موكله، ولا كلام له لحصول مقصوده، وإليه ذهب بعضهم، وقال غيره: في البيع له الخيار لتعدي الوكيل أو (2) للمنة (3) التي تلزم (4) الموكل، ابن عبد السلام: والأول أقرب، وإليه أشار بقوله:(على الأحسن)، ونظيرتها إذا قال له: زوجني بألف، فزوجه بألفين، وقال: أنا أغرم الزائد.

قوله: (لا إِنْ زَادَ في بَيْعٍ، أَوْ نَقَصَ في اشِترَاءِ) كما إذا قال له: بع هذه السلعة بعشرة فباعها باثني عشر أو اشترها بعشرة فاشتراها بثمانية، وإنما لم يكن للموكل الكلام، وإن حصلت المخالفة؛ لأن ذلك (5) مما يرغب الموكل فيه، ونحوه في المدونة.

(المتن)

أَوِ اشْتَرِ بِهَا فَاشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ، وَنَقَدَهَا وَعَكْسُهُ، أَوْ شَاةً بِدِينَارٍ فَاشْتَرَى بهِ اثْنَتَيْنِ لَم يُمْكِنْ إِفْرَادُهُمَا وَإِلَّا خيِّرَ فِي الثَّانِيَةِ، أَوْ أَخَذَ فِي سَلَمِكَ حَمِيلًا أوْ رَهْنًا، وَضَمِنَهُ قَبْلَ عِلْمِكَ بِهِ، وَرِضَاكَ. وَفِي ذَهَبٍ بع بِدَرَاهِمَ وَعَكْسِهِ قَوْلانِ، وَحَنِثَ بِفِعْلِهِ فِي لا أَفْعَلُهُ إِلَّا بِنِيَّةٍ. وَمُنِعَ ذِمِيٌّ فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ تَقَاضٍ مِنْ مُسْلِمٍ، وَعَدُوٌّ عَلَى عَدُوِّهِ وَالرِّضَا بِمُخَالِفَتِهِ فِي سَلَمٍ؛ إِنْ دَفَعَ لَهُ الثمَنَ، وَبَيْعُهُ لِنَفْسِهِ وَمَحْجُورِهِ بِخِلافِ زَوْجَتِهِ وَرَقِيقِهِ، إِنْ لَمْ يُحَابِ وَاشْتِرَاؤهُ مَنْ يَعْتَق عَلَيْهِ إِنْ عَلِمَ وَلَمْ يعَيِّنْه مُوَكِّلُهُ وَعَتَقَ عَلَيْهِ؛ وَإِلَّا فَعَلَى آمِرِهِ،

(الشرح)

قوله: (أَوِ اشْتَرِ بها (6) فَاشْتَرَى في الذمَّةِ وَنَقَدَهَا وَعَكْسُهُ) أي: وكذا لا كلام للموكل إذا دفع للوكيل مائة درهم مثلًا، وقال له: اشترِ بها سلعة كذا، فاشتراها بمائة في ذمته، ونقد المائة التي دفعها له موكله، وكذا عكسه إذا قال له: اشترها بمائة في ذمتي فاشترا ها بعينها (7)

(1) في (ن 3) و (ن 4): (الموكل).

(2)

قوله: (أو) ساقط من (ن).

(3)

في (ن 4): (أو لمنازعة).

(4)

في (ن) و (ن 5): (تلحق).

(5)

قوله: (لأن ذلك) ساقط من (ن).

(6)

قوله: (اشْتَرِي بها) يقابله في (ن 4): (أو اشترها بنقد).

(7)

قوله: (فاشتراها بعينها) يقابله في (ن 5): (فاشترى بها في عينها).

ص: 288

ونقدها، وإنما (1) لم يكن له مقال لاستواء الحال في ذلك.

قوله: (أَوْ شَاةً بِدِينَارٍ فَاشْتَرَى بهِ اثْنتثيْنِ لم يمكنْ إِفْرَادُهُمَا) أي: وهكذا لا كلام للموكل إذا دفع للوكيل دينارًا على أَن يشتري له به شاة، فاشترى به شاتين، وهو غير قادر على إفراد أحدهما عن الآخر، وذلك لازم للموكل.

قوله: (وإلا خُيِّرَ في الثَّانِيَةِ) أي: وإن كان قادرًا على الإفراد خير موكله.

ابن شاس: فإن اشتراهما واحدة بعد أخرى، فالثانية له إن لم يجز الموكل عقده، ويسترجع منه حصتها من الثمن، وقال ابن الماجشون: إنما يخير (2) في قبولهما، وردهما، وقال أصبغ: يلزمان الموكل ولم يقيد جوابه، وهذه طريقة (3)، وقال اللخمي: أنه لا يختلف المذهب (4) في اللزوم إذا لم يُمكن الإفراد، وهي طريقة ثانية.

قوله: (أَوْ أَخَذَ في سَلَمِكَ حَمِيلًا أو رَهْنًا (5)) أي: وكذا لا كلام للموكل إذا أمره أن يسلم له في طعام ففعل، وأخذ رهنًا أو حميلًا بذلك؛ لأنه زيادة توثق، وقاله في المدونة، وقال اللخمي: إن نقص لأجل الحميل أو الرهن فالموكل بالخيار (6).

قوله: (وَضَمِنَهُ قَبْلَ عِلْمِكَ بِهِ وَرِضَاكَ) أي فإن هلك الرهن قبل علم الآمر ضمنه الوكيل، قال في المدونة:(7) فإن هلك بعد علمك ورضاك به فهو منك (8).

قوله: (وَفي ذَهَبٍ بع بِدَرَاهِمَ، وَعَكْسِهِ، قَوْلانِ) يريد: أن الآمر إذا قال لوكيله: بعْ بذهب فباع بدراهم أو عكسه، وهو قوله:(بع بدراهم) فباع بذهب قولان: أحدهما لزومه للآمر؛ لأن الغرض (9) فيهما سواء والثاني لا يلزمه.

قوله: (وَحَنِثَ بِفِعْلِهِ في لا أَفْعَلُهُ إِلا بِنيَّةٍ) يريد: أن الآمر إذا حلف لا أفعل كذا

(1) في (ن 4): (وإلا).

(2)

في (ن 4): (يؤخر).

(3)

انظر: التفريع: 2/ 830.

(4)

قوله: (المذهب) ساقط من (ن).

(5)

قوله: (حَمِيلًا أو رَهْنًا) يقابله في (ن 5): (رهنًا بذلك أو حميلًا).

(6)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:4652.

(7)

زاد بعده في (ن): (وقال اللخمي).

(8)

انظر: تهذيب المدونة: 3/ 59.

(9)

في (ن 5): (الفرض).

ص: 289

فوكل غيره في فعله ففعله، فهو حانث إلا أن يكون نوى ألا يفعله بنفسه، وقاله في المقدمات.

قوله: (وَمُنِعَ ذِمِّيٌّ في بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أو تَقَاضٍ مِنْ مُسْلِمٍ) يريد: أن الذمي يمنع توكيله في البيع والشراء، يريد: لأنه لا يتحرز (1) في معاملته، وكذا يمنع توكيله في تقاضي الديون إن كانت على مسلم، وقاله في المدونة.

قوله: (وَعَدَوٌّ عَلى عَدُوِّهِ) أي: وكذا يمتنع توكيل عدو على عدوه، وهو واضح؛ لأنه يجد بذلك السبيل إلى مضرّته.

قوله: (وَالرِّضَا بِمُخَالَفَتِهِ فِي سلمٍ، إِنْ دَفَعَ لَهُ الثَّمَنَ) قال ابن القاسم في المدونة (2): وإن دفعت إليه دراهم ليسلمها لك في ثوب هروي، فأسلمها (3) في بساط شعر أو ليشتري لك بها ثوبًا فأسلمها في طعام أو في غير ما أمرته به فليس لك أن تجيز فعله (4)، وتطالب بما أسلم فيه من عرض أو طعام (5).

واحترز بقوله: (إن دفع (6) الثمن) مما إذا لم يدفع ذلك، لأن الرضى به لا يمتنع، وقاله في المدونة.

قوله: (وَبَيْعُهُ لِنَفْسِهِ ومحجوره (7)) أي: وكذا يمتنع للوكيل أن يبيع لنفسه ما وكل عليه أعني: (8) على بيعه، أو يبيع لمحجوره أو لولده الصغير (9) أو يتيمه، وهذا هو المشهور والمعروف من المذهب، فإن فعل خير الآمر بين الرد والإمضاء، وقيل: له أن يبيع من نفسه ومحجوره.

قوله: (بِخِلافِ زَوْجَتِهِ وَرَقيقِهِ إِن لَم يُجابِ) أي: فلا يمتنع من البيع من زوجته أو

(1) في (ن 5): (يتحرى).

(2)

قوله: (في المدونة) ساقط من (ن 5).

(3)

زاد بعده في (ن): (فأسلمها لك).

(4)

زاد هنا في (ن 3): (قوله).

(5)

انظر: تهذيب المدونة: 2/ 70.

(6)

زاد بعده في (ن): (له).

(7)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (أو محجوره).

(8)

قوله: (عليه أعني) ساقط من (ن).

(9)

قوله: (أو لولده الصغير) يقابله لا (ن 5): (كولده الصغير).

ص: 290

رقيقه إلا أن يحابي فيمتنع ذلك، وقاله في المدونة، وقال يحيى بن عمر: لا يجوز أن يسلم لعبده المأذون (1).

قوله: (وَاشْتِرَاؤُه مَنْ يَعْتَقَ عَلَيْهِ إِنْ عَلِمَ وَلم يُعَيِّنْهُ مُوَكلُهُ وَعَتَقَ عَلَيْهِ) أي: ومنع اشتراء الوكيل من يعتق على موكله إن علم الوكيل بأنه أبوه مثلًا، ولم يعين الموكل له ذلك الذي يشتريه وعتق على الوكيل إن اشتراه، والذي يعتق على الموكل الأبوان والولد.

قوله: (وَإِلا فَعَلَى آمِرِهِ) أي: وإن لم يعلم الوكيل بأن الذي اشتراه من يعتق على موكله بل جهل ذلك أو عينه له الموكل إما باسمه أو بالإشارة، فإنه يعتق على الآمر دون الوكيل.

(المتن)

وَتَوْكِيلُهُ إِلَّا أَلا يَلِيقَ بِهِ أَوْ يَكْثُرَ فَلا يَنْعَزِلُ الثانِي بِعَزْلِ الأَوَّلِ. وَفِيِ رِضَاهُ إِنْ تَعَدَّى بِهِ تَأوِيلانِ. وَرِضَاهُ بِمُخَالَفَتِهِ فِي سلَم إِنْ دَفَعَ الثمَنَ بمُسَمَّاهُ أوْ بِدَيْنٍ إِنْ فَاتَ، وَبِيعَ؛ فَإنْ وَفَّى بالْقِيمَةِ أَو التَّسْمِيَةِ، وَإِلَّا غُرِمَ. وَإِنْ سَألَ غُرمَ التَّسْمِيَةِ، وَيَصْبِرَ لِيَقْبِضَهَا وَبَدْفَعَ الْبَاقِيَ جَازَ إِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلِهَا فَأقَلَّ، وَإِنْ أَمَرَ بِبَيْعِ سِلْعَةٍ فَأسْلَمَهَا فِي طَعَام، أُغْرِمَ التسْمِيَةَ أَوِ الْقِيمَةَ وَاسْتُؤْنِيَ بِالطَّعَامِ لِأَجَلِهِ فَبِيعَ، وَغَرِمَ النَّقْصَ، وَالزِّيَادَةُ لَكَ.

(الشرح)

قوله: (وَتَوْكيلُهُ إِلا أَلا يَليقَ بِهِ أوْ يَكْثُرَ) أي: ومما يمتنع توكيل الوكيل فيما وكل فيه؛ إذ لم يرض الموكل بغيره، ولو أراد ذلك لاستناب غيره من غير واسطة، اللَّهم إلا أن يكون الوكيل لا يليق به أن يتولى ما وكله عليه بنفسه كالرجل الشريف المعروف بالوجاهة بين الناس يدفع له (2) الدابة ليبيعها أو ثوبًا أو نحو ذلك؛ لأن العرف قاض بأنه لا ينادي على ذلك بنفسه في الأسواق، وإنما يتولاه أربابه من النخاسين والسماسرة، فيجوز له أن يستنيب غيره للعرف، وكذلك إذا وكله على شيء كثير لا يمكنه أن يستقل (3) به، والعادة قاضية في ذلك بالمساعدة، فله أن يستنيب من يباشر (4) ذلك معه،

(1) انظر: 6/ 396.

(2)

قوله: (له) زيادة من (ن 5)، وفي (ن):(إليه).

(3)

في (ن 5): (يشتغل).

(4)

قوله: (من يباشر) ساقط من (ن 4).

ص: 291

لأنه يوكله في جميع ذلك.

قوله: (فَلا يَنْعَزِلُ الثَّانِي بعَزْلِ الأَوَّلِ) أي: وبسبب كون الوكيل له أن يوكل في الموضعين المذكورين لا ينعزلَ الثاني بعزل الأول.

قوله: (وَفي رِضَاهُ إِنْ تَعَدَّى بِهِ تَأوِيلانِ) أي: إذا تعدى الوكيل فوكل غيره فيما ليس له فيه توكيل، ونص في المدونة على عدم (1) جواز ذلك، وحمله بعض الأشياخ على أن معنى ذلك أن للآمر فسخه وإجازته، وهو نص رواية ابن القاسم، وأنكره أصبغ وجماعة من أصحاب مالك، وحمله ابن يونس على معنى أنه لم يجز رضاه بما يعمل وكيله (2)، إذ بتعديه يصير الثمن دينًا عليه، فلا يفسخ في سلم الوكيل الثاني إلا أن يكون قد حل وقبضه، فإنه يجوز، وإلى هذا أشار بالتأويلين، ولأصبغ وغيره أن الوكيل الثاني إذا فعل مثل الأول في النظر والصحة لزم، وإلا لم يلزم.

قوله: (وَرِضَاهُ بِمُخَالَفَتِهِ في سَلَمٍ إِنْ دَفَعَ الثَّمَنَ بمُسَمَّاهُ (3)) هذا معطوف على قوله (وَمُنِعَ ذِمِّيٌّ) و (بمسماه) تتعلق بمخالفته (4) والمعنى ومنع رضى الموكل بما خالفه فيه وكيله بسبب تجاوزه في السلم القدر الذي سمى له الموكل، يريد: زيادة كثيرة لا يزاد مثلها، ونحوه في المدونة.

قوله: (أَوْ بِدَيْنٍ إِنْ فَاتَ) هو معطوف على قوله: (بمُسَمَّاهُ (5)) أي: ومما يمتنع أيضًا للموكل أن يرضى بما خالف فيه وكيله (6) وباعه بالدين وفات (7)، واختلف هل له مطالبة الوكيل بالتسمية إن سمى له ثمنًا أو قيمة المبيع إن لم يسم له (8) أو له (9) أن يجيز

(1) قوله: (عدم) ساقط من (ن).

(2)

قوله: (أنه لم يجز رضاه بما يعمل وكيله) يقابله في (ن 3): (أنه لم يرض صاحبه بما فعل وكيله)، وفي (ن) و (ن 4):(أنه لم يرض بما يعمل وكيل وكيله).

(3)

في (ن) و (ن 4): (أو بِمُسَمَّاهُ).

(4)

قوله: (و"بمسماه" تتعلق بمخالفته) زيادة من (ن 5).

(5)

في (ن 3) و (ن 4): (أو بمسماة).

(6)

قوله: (خالف فيه وكيله) يقابله في (ن): (خالفه فيه الوكيل).

(7)

في (ن) و (ن 5): (إن فات).

(8)

قوله: (يسم له) يقابله في (ن 5): (يسلم).

(9)

قوله: (أو له) ساقط من (ن).

ص: 292

تعديه ويرضى بالثمن المؤجل المشهور المنع فيهما، كما قال هنا، وظاهر الواضحة أن له ذلك، وعلى المشهور فلا بد من بيع الدين، فإن بيع بمثل التسمية أو القيمة فلا كلام وإلى هذا أشار بقوله:(وبيع فإن وفى بالقيمة أو التسمية) أي فلا كلام (1) للموكل.

قوله: (وَإِلا غَرِمَ) أي: وإن لم يوف بذلك بل بيع بأقل من ذلك غرم الوكيل تمام القيمة أو التسمية، وإن بيع بأكثر أخذه الموكل؛ إذ لا ربح للوكيل.

قوله: (وَإِنْ سَأل غُرْمَ التَّسْمِيَةِ، وَيصْبِرَ ليقَبِضَهَا، وَيدْفَعَ الْبَاقِي جَازَ، إِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ (2) مِثْلَهَا فَأقَلَّ) وإن سأل الوكيل إغرام (3) التسمية، وقال: إنما أرضى بذلك وأؤخر بيع الدين حتى يحل الأجل (4)، فآخذ ما دفعت (5) وأعطي الموكل ما زاد، فإن كانت قيمة الدين الآن أقل مما دفع أو مثله جاز؛ إذ ليس للوكيل نفع في ذلك، وإنما هو أحسن للآمر، ومنعه أشهب إذا كانت تساوي أقل من التسمية، واختاره التونسي وغيره؛ إذ يلزم منه السلف بزيادة، فكأنه قال له: لا تبع ذلك لتغرمني وأنا (6) أدفع لك ما سميت من الثمن، فقد أسلفه ذلك ليتخلص من الغرامة، واحترز بقوله:(إِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ إلى آخره)، مما إذا كانت أكثر منها، فإنه لا يجوز إذ يصير كأنه فسخ ما زاد على التسمية في الباقي، وحكى بعضهم جوازه، فإن لم يسم له الثمن فللآمر أن يرضى بالثمن المؤجل إن كانت سلعته قائمة.

قوله: (وإنْ أَمَرَ بِبَيْعِ سِلْعَةٍ فَأَسْلَمَهَا في طَعَامٍ أُغْرِمَ التَّسْمِيَةَ أَوِ الْقِيمَةِ، واسْتُؤْنِيَ بِالطَّعَامِ لأَجْلِهِ فَبِيعَ وَغَرِمَ النَّقْصَ، وَالزيَادَةُ لَكَ (7)) هذا كقوله في كتاب السلم من المدونة: وإن أمرته أن يبيع لك سلعة فأسلمها لك (8) في طعام أغرمته الآن التسمية

(1) قوله: (وإلى هذا أشار بقوله

أي فلا كلام) ساقط من (ن 4).

(2)

في (ن 5): (قيمتها).

(3)

في (ن) و (ن 4): (أغرم).

(4)

قوله: (الأجل) ساقط من (ن) و (ن 5).

(5)

قوله: (فآخذ ما دفعت وأعطي) يقابله في (ن 3): (فأخذ ما بعثه به وأعطي)، وفي (ن 5):(فآخذ ما دفعه وأعط).

(6)

في (ن 5): (وإلا)، وفي (ن 3):(وإنما).

(7)

قوله: (وَغَرِمَ النَقْصَ، وَالزِّيَادَةُ لَكَ) يقابله في (ن 5): (يغرم النقص والزيادة).

(8)

قوله: (لك) ساقط من (ن).

ص: 293

أو القيمة إن لم تسم له ثمنًا، ثم استؤني بالطعام، فإذا حل أجله (1) استوفى ثم بيع فكانت الزيادة لك، والنقص عليه.

(المتن)

وَضَمِنَ إِنْ أَقْبَضَى الدَّيْنَ وَلَمْ يُشْهِدْ وَجَحَدَهُ رَبُّ الدَّيْنِ، أَوْ بَاعَ كَطَعَامٍ نَقْدًا مَا لا يُبَاعُ بِهِ وَادَّعَى الأِذْنَ فَنُوزع، أَوْ أَنْكَرَ الْقَبْضَ فَقَامَتِ الْبَيَنَةُ، فَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بالتَّلَفِ كَالْمِدْيَانِ. وَلَوْ قَالَ غَيْرُ الْمُفَوَّضِ: قَبَضْتُ وَتَلِفَ بَرِئَ، وَلَمْ يَبْرَإِ الْغَرِيمُ إِلَّا بِبَينَةٍ، وَلَزِمَ الْمُوَكِّلَ غُرمُ الثَّمَنِ إِلَى أَنْ يَصِلَ لِرَبِّهِ إِنْ لَمْ يَدْفَعْهُ لَهُ، وَصُدَقَ فِي الرَّدِّ كَالْمُودَع فَلا يُؤَخَّرُ للِإشْهَادِ، وَلِأَحَدِ الْوَكِيلَينِ الاِسْتِبْدَادُ إِلَّا لِشَرْطٍ، وإنْ بِعْتَ وَبَاعَ فَالَأَوَّلُ، إِلَّا لِقَبْضٍ، وَلَكَ قَبْضُ سَلَمِهِ لَكَ إِنْ ثَبَتَ بِبَيّنَةٍ، وَالْقَوْلُ لَكَ إِنِ ادَّعَى الأِذْنَ، أَوْ صِفَةً لَهُ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ بِالثمَنِ فَزَعَمْتَ أَنَّكَ أمَرتَهُ بِغَيْرِهِ وَحَلَفَ،

(الشرح)

قوله: (وَضَمِنَ إِنْ أَقْبَضي الدَّيْنَ، وَلم يُشْهِدْ وَجَحَدَهُ رَبُّ الدَّيْنِ (2)) يريد: أن الوكيل إذا أقبض رب (3) الدين عن موكله ولم يُشهد على إقباضه (4) فإنه يضمنه أي إن جحده القابض وقيل لا يضمن وذكره غير واحد وأشار بعضهم (5) إلى أنه لا يختلف في سقوط الضمان إذا (6) كانت العادة ترك الإشهاد، وإنما يختلف إذا كانت العادة جارية بالإشهاد وعدمه أو (7) لم تكن عادة، ومثل هذه المسألة في الحكم ما إذا أقبض (8) المبيع ولم يشهد فجحد المشتري أصل البيع، وقاله في المدونة: وهذا كله ما لم يكن الدفع (9) بحضرة الموكل، وأما إذا كان ذلك (10) بحضرته فلا ضمان، وقاله في المدونة (11)، ولو أسقط هنا

(1) في (ن): (أجل الطعام).

(2)

قوله: (وَجَحَدَهُ رَبُّ الدَّيْنِ) ساقط من (ن).

(3)

قوله: (رب) زيادة من (ن 5).

(4)

في (ن) و (ن 4) و (ن 5): (قابضة).

(5)

قوله: (فإنه يضمنه أي إن جحده

وأشار بعضهم) ساقط من (ن 5).

(6)

في (ن): (إن).

(7)

في (ن 5): (إن).

(8)

في (ن): (إذا قبض).

(9)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (الدافع).

(10)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (به).

(11)

قوله: (وهذا كله ما لم يكن

وقاله في المدونة) ساقط من (ن 3).

ص: 294

لفظ الدين لتضمن كلامه المسألتين.

قوله: (أَوْ بَاعَ بِكَطَعَامٍ نَقْدًا مَا لا يُبَاعُ بِهِ وَادَّعَى الإذْنَ، فَنُوزَعَ) هذا معطوف على قوله: (وَضَمِنَ، إِنْ أَقْبَضَ الذيْنَ وَلم يُشْهِدْ) أي: وكذلك يضمن الوكيل إن باع بطعام ونحوه ما لا يباع به، قال في المدونة: وإذا باع سلعة بطعام أو عرض نقدًا وقال بذلك أمرتني، وأنكر الآمر، فإن كانت مما لا يباع بذلك ضمن، وقال غيره: إن كانت السلعة قائمة لم يضمن المأمور (1)، وخير الآمر بين إجازة المبيع وأخذ ما بيعت به أو ينقض البيع ويأخذ سلعته، وإن فاتت خير في أخذ ما بيعت به أو يضمن الوكيل قيمتها ويسلم ذلك إليه (2).

قوله: (أَوْ أَنكرَ الْقَبْضَ، فَقَامَتِ الْبَيِّنَةُ، فَشَهِدَتْ بَينة بالتَّلَفِ فكَالمدْيَانِ (3)) هو معطوف أيضًا على ما قبله؛ أي: وكذا يضمن الوكيل الثمنَ إذا قبضه وأنكره فقامت عليه البينة بقبضه، فقال: تلف مني (4) وأقام بينة شهدت له بذلك، لأنه قد أكذب بينته بقوله أولًا لم أقبضه وهو الصحيح، وقيل: تقبل عليه (5) بينته ومثله المديان يطالب (6) بالدين فينكره، فيقيم المدعي بينة على صحة دعواه، فيقول المدين (7) دفعته له، ويقيم بينة تشهد له بذلك، فإنها لا تسمع أيضًا؛ لأنه أكذبها، وقيل: تسمع، ولعل المراد هنا: إذا جحد المدين (8) أصل الدين، وأما إذا قال: ليس له قبلي شيء، ثم أقام البينة على أنه دفع ذلك لربه، فليس فيه تكاذب.

قوله (وَلَو قَالَ غيرُ المَفوَّضِ: قَبَضْتُ وَتَلِفَ بَرِئَ وَلم يَبْرَإِ الْغَرِيمُ، إلا بِبَيِّنةٍ) يريد: أن الوكيل المخصوص إذا قال: قبضت ثمن ما بعته وتلف، فإنه يبرأ لأنه أمين، وأما الغريم فلا يبرأ إلا ببينة تشهد له بمعاينة الدفع، وأما المفوض فإن الغريم يبرأ بتصديقه.

(1) قوله: (المأمور) زيادة من (ن 5).

(2)

انظر: تهذيب المدونة: 3/ 218.

(3)

في (ن 5): (كالمديان).

(4)

قوله: (مني) ساقط من (ن).

(5)

قوله: (عليه) ساقط من (ن).

(6)

في (ن) و (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (يطلب).

(7)

في (ن 3): (المدعى عليه).

(8)

في (ن): (المديان).

ص: 295

قوله: (وَلَزِمَ المُوَكِّلَ غُرْمُ الثَّمَنِ إِلى أَنْ يَصِلَ لِرَبِّهِ، إِنْ لَمْ يَدْفَعْه لَهُ) هكذا قال في المدونة: ونصه: وإن وكلت رجلًا بشراء سلعة، ولم تدفع له ثمنًا فاشتراها بما أمرته به، ثم أخذ منك الثمن يدفعه فيها فضاع منه، فعليك غرمه ثانية، قال ابن القاسم: وإن ضاع مرارًا حتى يصل إلى البائع، قال: ولو كنت دفعت إليه الثمن قبل الشراء فضاع منه بعد الشراء لم يلزمك غرم المال إن أبيت ثانية (1)؛ لأنه مال بعينه ذهب بخلاف الأول، يريد: لأن الأول إنما اشترى على ذمتك فالثمن في ذمتك (2) حتى يصل إلى البائع، والثاني: إنما اشترى على مال بعينه، فإذا ذهب لم يلزمك غرمه (3)، وقيل: لا يلزم الآمر غرم الثمن ثانية في الوجهين، وقيل: يلزمه في الوجهين (4)، وهو قول المغيرة، وحكى هذه الأقوال الثلاثة (5) ابن يونس وغيره، قال: والقول بالفرق بينهما (6)، لابن القاسم (7). وقال ابن عبد السلام: والأقرب عندي قول المغيرة، لأن الثمن في ذمة الموكل، والوكيل أمين له. بعض الأشياخ: والخلاف إنما هو عند الإطلاق، وأما لو قال له (8): اشترِ على الذمة أو بهذه على التعيين لاتبع الشرط اتفاقًا.

قوله: (وَصُدِّقَ فِي الرَّدِّ كَالمُودَعِ، فَلا يُؤَخِّرُ لِلإِشْهَادِ) يريد: أن الوكيل إذا ادعى رد الثمن أو المثمون بموكله (9) فإنه يصدق، أي: مع يمينه، ومثله المودع يدعي رد الوديعة لربها، ولكونهما مصدقين ليس لهما أن يؤخرا (10) الرد لتعذر الإشهاد؛ إذ لا يحصل لهما به (11) نفع.

(1) قوله: (ثانية) ساقط من (ن) و (ن 5).

(2)

قوله: (فالثمن في ذمتك) ساقط من (ن).

(3)

انظر: تهذيب المدونة: 3/ 57.

(4)

قوله: وقيل: (يلزمه في الوجهين) ساقط من (ن).

(5)

قوله: (الثلاثة) ساقط من (ن).

(6)

في (ن 3): (أبينها)، وفي (ن 5):(أبينهما).

(7)

قوله: (لابن القاسم) زيادة من (ن 3).

(8)

قوله: (له) ساقط من (ن).

(9)

قوله: (بموكله) ساقط من (ن).

(10)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (يؤخر).

(11)

في (ن): (فيه).

ص: 296

بعض الأشياخ: ولو قيل: إن ذلك لهما لئلا يتوجه عليهما اليمين لكان حسنًا، وما ذكره في مسألة الوكيل هو مذهب المدونة والعتبية، وعن مالك: يصدق الموكل إن (1) قرب بالأيام اليسيرة، وعلى الوكيل البينة، ويصدق الوكيل في الشهر ونحوه مع يمينه، وإن طال جدًّا صدق بلا يمين، وقيل: يصدق مع يمينه في الأيام اليسيرة، وإن طال صدق بلا يمين، وقيل: إن وكل على شيء بعينه ضمن إلا أن يقيم البينة، ولو طال الأمر، وإن كان مفوضًا صُدق في القرب مع يمينه وفي البعد بلا يمين، نقل ذلك في البيان.

قوله: (وَلأَحَدِ الوَكِيليْنِ الاسْتِبْدَادُ، إِلا لِشَرْطٍ) أي: إلا أن يقول لهما الموكل: لا تتصرفا إلا مجتمعين، وظاهر كلامه أن لكل (2) منهما أن يستبد ولو لم ينص له على ذلك الموكل، ومثله في الجواهر، وتبعه ابن الحاجب عليه (3)، وفي المدونة ما يخالف ذلك، قال فيها: وإذا مَلَّك أمر امرأته لرجلين لم يجز طلاق أحدهما دون الآخر إلا أن يكونا رسولين كالوكيلين، في البيع والشراء أي لم يجز طلاق أحدهما دون الآخر (4) كالوكيلين (5) وقاله أبو الحسن الصغير ونحوه في النوادر، وفي باب العتق من المدونة إذا قال لهما: أعتقا عني لم يكن لأحدهما العتق (6)، ونص اللخمي على أنه لو وكلهما يبيعان له سلعة فباع أحدهما أن البيع لا يلزم الموكل (7) فانظر هذا مع ما هنا.

والعجب أن الشيخ اعترض كلام ابن الحاجب بما ذكرنا ولم يحترز منه هنا.

قوله: (وإنْ بِعْتَ وَبَاعَ، فَالأَوَّلُ، إِلا لِقَبْضٍ) يريد: أنك إذا وكلت رجلًا على بيع سلعة فباعها الوكيل وبعتها أنت فأول البيعتين أحق، إلا أن يقبض الثاني السلعة فيكون أحق، ونص عليه في المدونة، ونظيرتها (8) مسألة نكاح الوليين.

(1) في (ن): (إذا).

(2)

زاد بعده في (ن): (واحد).

(3)

انظر: الجامع بين الأمهات، لابن الحاجب، ص:599.

(4)

قوله: (إلا أن يكونا رسولين

أحدهما دون الآخر) ساقط من (ن 4).

(5)

قوله: (كالوكيلين) ساقط من (ن).

(6)

انظر: التوضيح: 6/ 414.

(7)

قوله: (لا يلزم الموكل) يقابله في (ن): (لا يلزمه).

(8)

في (ن): (ونظيرها).

ص: 297

قوله: (وَلَكَ قَبْضُ سَلَمِهِ لَكَ (1)، إِنْ ثَبَتَ بِبَيِّنةٍ) قال في المدونة: ولك قبض ما أسلم فيه وكيلك بغير حضرته، ويبرأ دافعه إليك إن كانت لك بينة أنه أسلمه لك، وإن لم تكن لك على ذلك بيّنة، فالوكيل أولى بقبضه.

قوله: (وَالْقَوْلُ لَكَ إِنِ ادَّعى الإذْنَ) أي: والقول قولك (2) إذا قال الوكيل إنك أذنت له (3) في بيع السلعة أو في اشترائها، وقلت أنت: لم آمرك بذلك لأنه مدع.

قوله: (أَوْ صِفَةً لَهُ) مثل أن يقول: أمرتني ببيعها، وتقول أنت: إنما أمرتك برهنها أو اختلفتما في جنس الثمن أو قدره أو حلوله ونحو ذلك.

قوله: (إِلا أَنْ يَشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ، فزَعَمْتَ أَنَّكَ أَمَرْتَهُ بِغَيرهِ، وَحَلَفَ) يريد: أن الوكيل مصدق، قال في المدونة: وإذا دفعت إليه دراهم فاشترى بذلك تمرًا (4)، وقال: بذلك أمرتني، وقلت أنت: ما أمرتك إلا بحنطة، فالمأمور مصدق مع يمينه. اين القاسم: لأن الثمن (5) مستهلك كفوات السلعة (6) وقال أصبغ: القول قول الآمر.

(المتن)

كقَوْلِهِ: أَمَرتَ بِبَيْعِهِ بِعَشَرَةٍ، وَأَشْبَهَتْ، وَقُلْتَ بِأكْثَرَ، وَفَاتَ المَبِيعُ بِزَوَالِ عَينِهِ أَوْ لَمْ يَفُتْ وَلَمْ يَحْلِفْ. وَإنْ وَكَّلْتَهُ عَلَى أَخْذِ جَارِيةٍ فَبَعَثَ بِهَا فَوُطِئَتْ ثُمَّ قَدِمَ الوكيل بِأُخْرَى فَقَالَ هَذِهِ لَكَ وَالأُولَى وَدِيعَةٌ، فَإنْ لَمْ يُبَيِّنْ وَحَلَفَ أَخَذَهَا، إِلَّا أَنْ تَفُوت بِكَوَلَدٍ أَوْ تَدْبِيبر، إِلَّا لِبَيّنَةٍ، وَلَزِمَتْكَ الأُخْرَى، وَإنْ أَمَرتَهُ بمِائَةٍ فَقَالَ: أَخَذْتُهَا بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ، فَإنْ لَمْ تَفتْ خُيِّر فِي أَخْذِهَا بِمَا قَالَ، وَإلَّا لَمْ يَلْزَمْكَ إِلَّا الْمِائَةُ، وَإنْ زِدْتَ دَرَاهِمَكَ لِزَيْفٍ، فَإنْ عَرَفَهَا مَأمُورُكَ لَزِمَتْك. وهَلْ وَإِنْ قَبَضْتَ؟ تَأوِيلانِ.

(الشرح)

قوله: (كقوله أمَرْتَ بِبَيْعِهِ بِعَشَرَةٍ، وَأَشْبَهَتْ، وَقُلْتَ بِأَكثَرَ، وَفَاتَ المَبِيعُ بِزَوَالِ عَيْنِهِ)

(1) قوله: (لَكَ) ساقط من (ن).

(2)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (لك).

(3)

في (ن 3) و (ن 4): (لي).

(4)

في (ن): (ثمرًا).

(5)

في (ن 5): (التمر).

(6)

انظر: تهذيب المدونة: 3/ 57.

ص: 298

أي: وهكذا يصدق الوكيل إذا باع السلعة بعشرة، وقال: بذلك أمرتني وأشبه ما قال، وقلت أنت: إنما أمرتك باثني عشر، وفاتت السلعة بذهاب عينها، قال في المدونة: وإن لم تفت حلف الآمر وأخذها، أي: لأن الأصل بقاؤها على ملكه، والوكيل مدع كما إذا ادعى بيعها بما لا يشبه.

قوله: (أَوْ لم يَفُتْ، وَلم يحْلِفْ) أي: وهكذا يصدق الوكيل إن لم يفت المبيع ولم يحلف الموكل، وقاله ابن المواز، قال: وله عشرة بغير يمين، وقال ابن ميسر: إذا نكل حلف المأمور ومضى البيع بعشرة، أبو محمد: يريد، فإن نكل غرم تمام الاثني عشر التي قال الآمر، قال: ولو لم أغرمه لم أحلفه، وقال غيره: لا غرم عليه.

قوله: (وإنْ وَكَّلْتَهُ على أخذ (1) جَارِيةٍ فبعَثَ بهَا فَوُطِئَتْ، ثُمَّ قَدِمَ الوكيل (2) بأُخْرَى، فَقَالَ هَذه لَكَ، وَالأُولى وَدِيعَةٌ، فَإنْ لم يُبَيِّن وَحَلَفَ أَخَذَهَا، إِلا أَنْ تَفُوتَ بِكَوَلَدٍ أَوْ تَدْبِيرٍ، إِلا لِبَيِّنةٍ، وَلَزِمَتْكَ الأُخْرَى) وهذه مسألة كتاب الوكالة من المدونة، قال فيها: ومن وكل رجلًا يشتري له جارية بربرية فبعث بها إليه فوطئها ثم قدم الوكيل بأخرى، فقال: هذه لك، والأولى وديعة، ولم يكن الوكيل بَيّن ذلك حين بعث بها إليه، فإن لم تفت حلف وأخذها ودفع إليه ثمن (3) الثانية، وإن فاتت الأولى بولد منه أو عتق أو تدبير أو كتابة لم يصدق المأمور إلا أن يقيم بينة فيأخذها ويأخذ قيمة ولدها، وتلزم الآمر الجارية الأخرى، وثبت عند (4) ولم يثبت عند ابن يونس من قول ابن القاسم (5)، : ويأخذ قيمة ولدها (6)، وإنما هي في غير المدونة عن سحنون، قال في الموازية: وإن لم يبينه لم يقبل قوله، ولو كان زاد في ثمنها من عنده لم يكن له في الزيادة شيء، والآمر مخير في الجارية التي قدم جها إن شاء أخذها أو تركها.

قوله: (وَإِنْ أَمَرْتَهُ بِمائَةٍ، فَقَالَ: أَخَذْتُهَا بِمائَةٍ وَخَمْسِينَ، فَإنْ لم تَفُتْ خُيِّر في أخْذِهَا بِما

(1) في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (بأخذ).

(2)

قوله: (الوكيل) ساقط من (ن) و (ن 5).

(3)

قوله: (ثمن) زيادة من (ن 3).

(4)

زاد بعده في (ن): (ابن سحنون من قول).

(5)

في (ن) و (ن 3) و (ن 4): (وثبت عند ابن القاسم)

(6)

انظر: المدونة: 3/ 274.

ص: 299

قَالَ، وإلا لَمْ يَلْزَمْكَ إِلا المائَةُ) أي: وإن أمرته بشراء الجارية بمائة إلى آخره، وهكذا نص عليه في المدونة إثر المسألة التي فرغنا منها، ومراده هنا بفواتها بالاستيلاد ونحوه مما تقدم، ونقلها ابن يونس، فإن حملت لم تلزمك إلا المائة، قال: وقال سحنون: إلا أن يثبت قول المأمور ببينة (1)، فيلزم الآمر إن حملت منه قيمتها إلا أن تكون القيمة أكثر من مائة وخمسين، فلا يزاد عليها أو تنقص عن المائة فلا ينقص عنها (2).

قوله: (وإنْ زِدتَ (3) دَرَاهِمَكَ لِزَيْفٍ، فَإنْ عَرَفَهَا مَأْمُورُكَ لَزِمَتْكَ) قال في المدونة: لأنه أمينك، ابن يونس: قيل: معناه أن الآمر لم يقبض السلم، وأما لو قبضه لم يقبل عليه، قول الوكيل وذلك عندي سواء قبض الآمر السلم أم لا؛ لأنه أمينه، وإليه أشار بقوله:(وَهَلْ إِن قيضت (4)؟ تَأوِيلانِ) ثم قال في المدونة: وإن لم يعرفها المأمور وقبلها حلف (5) الآمر أنه ما يعرفها من دراهمه، وأنه ما أعطاه إلا جيادًا في علمه، وبرئ وأبدلها المأمور لقبوله إياها وإن أيقبلها المأمور ولا عرفها حلف الآمر (6) أنه ما أعطاه إلا جيادًا في علمه وبرئ وللبائع أن يحلف الآمر أنه ما يعرفها من دراهمه وما أعطاه إلا جيادًا في علمه وتلزم البائع (7).

(المتن)

وإلَّا فَإنْ قَبلَهَا حَلَفْتَ وَهَلْ مُطْلَقًا، أَوْ لِعُدْمِ الْمَأمُورِ مَا دَفَعْتَ إِلَّا جِيَادًا فِي عِلْمِكَ وَلَزِمَتْهُ؟ تَأوِيلانَ، وإلَّا حَلَفَ كَذَلِكَ، وَحَلفَ الْبَائِعُ، وَفِي المبدّى به تَأوِيلانِ. وَانْعَزَلَ بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ إِنْ عَلِمَ، وإلَّا فَتَأوِيلانِ. وَفِي عَزْلِهِ بِعَزْلِهِ، وَلَمْ يَعْلَمْ خِلافٌ. وَهَلْ لا تَلْزَمُ، أَوْ إِنْ وَقَعَتْ بِأجْرَةٍ أَوْ بجُعْلٍ فَكَهُمَا، وإلَّا لَمْ تَلْزَمْ؟ تَرَدُّدٌ.

(الشرح)

فقوله: (وَإِلا فَإنْ قَبِلَهَا، حَلَفتَ) أي: فإن لم يعرف المأمور الدراهم وقبلها حلفتَ ما دفعتَ إلا جيادًا في علمك ولزمته، أي: المأمور.

(1) قوله: (ببينة) ساقط من (ن 3).

(2)

في (ن) و (ن 3) و (ن 4): (منها).

(3)

في (ن): (ردت).

(4)

في (ن): (قبضته).

(5)

قوله: (حلف) ساقط من (ن 5).

(6)

في (ن 5): (المأمور).

(7)

انظر: المدونة: 3/ 271.

ص: 300

قوله: (وَهَلْ مُطْلَقًا؟ أَوْ لِعُدْمِ المأمُورِ مَا دَفَعْتَ إِلا جِيَادًا فِي عِلْمِكَ وَلَزِمَتْهُ؟ تَأْوِيلانِ) واختلف (1) هل تتوجه اليمين على الآمر فقيل (2) على أحد القولين في هذه المسألة، وأيمان التهم والاستظهارات، وقيل: إن (3) وجد المأمور عديمًا ولو كان موسرًا لم يكن للبائع على الآمر شيء (4)، وإليه نحا أبو عمران، وقد علمت أن في هذه تقديمًا وتأخيرًا، وتقديره ما تقدم.

قوله: (وإلا حَلَفَ كَذَلِكَ) أي: وإن لم يقبل المأمور الدراهم ولا عرفها حلف (5) كذلك، أي حلف المأمور أنه ما أعطاه إلا جيادًا في علمه (6) كما حلف الآمر وبرئ.

قوله: (وَحَلفَ البائع (7)) أي: حَلَفَ البائع الآمر أنه ما يعرفها من دراهمه، وما أعطاه إلا جيادًا في علمه، كما قال في المدونة: ثم تلزم (8) حينئذ البائع.

قوله: (وَفي المُبدّى به (9) تَأْوِيلانِ) ابن يونس: ألزمه بعض أصحابنا أن يُبدأ بيمين الآمر، قال: والمسألة في كتاب ابن المواز مثل ما في المدونة أنه يبدأ بيمين المأمور. ابن يونس: وله (10) عندي أن يبدأ بيمين من شاء منهما.

قوله: (وَانْعَزَلَ بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ، إِن عَلِمَ) إنما انعزل الوكيل بموت الموكل إذا علم؛ لأنه كان نائبًا عنه في ماله، وقد صار إلى غيره، ولا يتصرف أحد (11) في مال غيره إلا بإذنه، والورثة حينئذ لم يعلم منهم إذن، وهذا هو المشهور، وسواء كان مفوضًا أم لا، وقال مطرف وعبد الملك: لا ينعزل المفوض إلا بعزل الورثة.

(1) قوله: (واختلف) يقابله في (ن): (أي اختلف).

(2)

في (ن) و (ن 4): (فيقبل).

(3)

في (ن 5) و (و (ن): (بل).

(4)

في (ن) و (ن 5): (سبيل).

(5)

قوله: (حلف) ساقط من (ن).

(6)

قوله: (في علمه) ساقط من (ن).

(7)

في (ن 3): (الدافع).

(8)

في (ن): (وتلزم).

(9)

قوله: (به) ساقط من (ن) و (ن 4).

(10)

في (ن 4): (البداية).

(11)

قوله (أحد) زيادة من (ن).

ص: 301

قوله: (وإلا فتأوِيلانِ) أي: وإن لم يعلم الوكيل بموت الموكل، فهل ينعزل بذلك أو حتى يبلغه الموت، تأويلان على المدونة، وعامة الأشياخ حملوها على إجازة فعله بعد الموت إذا لم يُعلم به، وحكى أبو محمد أن تصرفه بعد الموت مردود.

قوله: (وَفي عَزْلِهِ بِعَزْلِهِ، وَلم يَعْلَمْ خِلافٌ) يريد: أنه اختلف إذا عزل الموكل وكيله وهو غائب ولم يعلم بذلك هل ينعزل بذلك (1) بحيث إن ما تصرف فيه لا يلزم الموكل أو يلزمه ذلك لأنه معذور.

قوله: (وَهَلْ لا تَلْزَمُ، أَوْ إِن وَقَعَتْ بِأُجْرَةٍ أَوْ بجُعْلٍ، فكَهُما، وَإلا لم تَلْزَمْ؟ ترَدُّدٌ) يريد: أنه اختلف في عقد الوكالة، هل لا يلزم، وإن لكل واحد منهما له الانفصال أو يكون حكمها إذا وقعت بأجرة أو بجعل (2) كحكمها، وإن وقعت بغير شيء من ذلك لم تلزم تردد في ذلك الأشياخ، قال ابن غالب (3) في الوجيز (4): المشهور عدم اللزوم، وفي الجواهر: وحكم الوكالة الجواز من الجانبين إن كانت بغير أجرة وهو مقتضى قول القاضي أبي الحسن أن للوكيل عزل نفسه الآن، واللزوم في قول بعض المتأخرين من جانب الوكيل بناء على لزوم الهبة، وإن لم تقبض، وإن كانت الوكالة بأجرة على سبيل الإجارة فهي لازمة من الطرفين، وإن كان على سبيل الجعالة، فحكى ابن بشير فيها ثلاثة أقوال، اللزوم من الطرفين (5) والجواز منهما، واللزوم من جهة الجاعل دون المجعول له (6).

* * *

(1) قوله: (هل ينعزل بذلك) ساقط من (ن 4).

(2)

في (ن): (جعل).

(3)

في (ن 5). (ابن غلاب).

(4)

في (ن 4)، و (ن):(الوجهين).

(5)

قوله: (وإن كان على سبيل الجعالة

اللزوم من الطرفين) ساقط من (ن 5).

(6)

انظر: عقد الجواهر: 2/ 832.

ص: 302

باب (1)[في الإقرار]

(المتن)

بَابٌ يُؤَاخَذُ الْمُكَلَّفُ، بِلا حَجْرٍ بِإِقْرَارِهِ لِأَهْلٍ لَمْ يُكَذِّبْهُ، وَلَمْ يُتَّهَمْ كَالْعَبْدِ فِي غَيْرِ الْمَالِ، وَأَخْرَسَ، وَمَرِيضٍ إِنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ لِأَبْعَدَ أَوْ لِمُلاطِفِهِ، أَوْ لِمَنْ لَمْ يَرِثْهُ، أَوْ لِمَجْهُولٍ حَالُهُ كَزَوْجٍ عُلِمَ بُغْضُهُ لَهَا أَوْ جُهِلَ، وَوَرِثَهُ ابْنٌ، أَوْ بَنُونَ، إِلَّا أَنْ تَنْفَرِدَ بِالصَّغِيرِ، وَمَعَ الإنَاثِ وَالْعَصَبَةِ قَوْلانِ، كَإقْرَارِهِ لِلْوَلَدِ الْعَاق، أَوْ لِأُمّهِ، أَوْ لِأَنَّ مَنْ لَم يُقِرَّ لَهُ أبْعَدُ وَأَقْرَبُ، لا الْمُسَاوِي وَالأَقْرَبِ، كَأخِّرْنِي لِسَنَةٍ وَأَنَا أُقِرُّ، وَرَجَعَ لِخُصُومَتِهِ.

(الشرح)

(يُؤَاخَذُ المُكلَّفُ، بِلا حَجْرٍ بِإِقْرَاره لأَهْلٍ لَم يُكَذَّبْهُ، وَلَمْ يُتَّهَمْ) احترز بالمكلف من الصبي والمجنون ونحوهما، وبلا حجر من الرقيق والسفيه والمريض والزوجة في زائد الثلث، وبالأهل مما إذا قال مثلًا: لهذا الحجر على ألف ونحوه بخلاف الإقرار لحمل فلانة ونحوه فإنه يدخل في الأهل، والمتهم (2) كالمريض يقر لوارثه أو صديق ملاطف ونحوه مما سيأتي، والباء في قوله:(بِلا حَجْرٍ) متعلقة بمكلف (3)، وفي قوله:(بِإقْرَارهِ) بـ (يؤاخذ)، أي: يؤاخذ غير المولى عليه بما أقر به لمن هو أهل التمليك (4) إن لم يتهم في ذلك، ولم يكذبه به (5) المقر له إذ لا يصح دخول مال في ملك الغير جَبْرًا (6) إلا في الميراث، فإن رجع المقر فله ذلك، بخلاف المقر له إلا أن يعود المقر إلى الإقرار فيكون للمقر له حينئذ التصديق والأخذ.

قوله: (كَالْعَبْدِ فِي غيرِ المالِ) وفيه إن أذن (7)، أي: مثل أن يقر بموجب عقوبة كقتل

(1) في (ن): (فصل).

(2)

قوله: (والمتهم) يقابله في (ن): (وبقوله ولم يتهم).

(3)

في (ن 4): (بتكلف).

(4)

في (ن): اللتمليك).

(5)

قوله: (به) ساقط من (ن).

(6)

في (ن): (خبرا).

(7)

قوله: (وفيه إن أذن) ساقط من (ن) و (ن 5).

ص: 303

أو قطع أو قود (1) عين عمدًا مما يترتب به (2) عليه القصاص فإنه يؤاخذ به ولم يؤثر إقراره في وجوب (3) المال عليه. ابن شاس: إلا في (4) المأذون فيلزمه الغرم، فإن أقر بمال وكذبه السيد لزمه إن عتق، وإن أقر المأذون بدين معاملة تعلق بما (5) بيده، ولا يؤديه (6) من كسبه (7)، وعلى هذا فينبغي (8) أن يقيد كلام الشيخ هنا بغير المأذون.

قوله: (وَأَخْرَسَ) أي: وكذا (9) يجوز إقراره بدين وغيره، وإنما ذكر هذا (10) لئلا يتوهم أنه لا يلزمه الإقرار لأنه (11) مسلوب العبارة، فلا يقبل إقراره (12) ويتوصل إلى معرفة ذلك بما يفهم من إشارة ونحوها.

قوله: (وَمَرِيضٍ، إِنْ وَرِثَهُ (13) وَلَدٌ لأَبْعَدَ) أي: وكذا يقبل إقرار المريض، أي: للذي (14) لا يتهم عليه إن لم يكن المقر له وارثًا (15).

واعلم أن إقراره لغير زوجه (16) على خمسة أوجه، إما لوارث (17) له أو لقريب غير

(1) في (ن) و (ن 3): (فقد).

(2)

قوله: (به) ساقط من (ن).

(3)

في (ن 3): (موجب).

(4)

قوله: (في) ساقط من (ن).

(5)

زاد بعده في (ن): (في).

(6)

في (ن 3): (ويؤدي).

(7)

انظر: عقد الجواهر: 2/ 835.

(8)

في (ن): (ينبغي).

(9)

في (ن): (وكذلك).

(10)

قوله: (ذكر هذا) يقابله في (ن): (ذكرها).

(11)

قوله: (لا يلزمه الإقرار لأنه) زيادة من (ن 3).

(12)

قوله: (فلا يقبل إقراره) زيادة من (ن 5)، وفي (ن):(التي يقبل إقراره).

(13)

في (ن 3) و (ن 4): (لم يرثه).

(14)

في (ن): (لمن).

(15)

قوله: (للمقر له وارثًا) يقابله في (ن): (المقر له وراثا).

(16)

في (ن): (زوج).

(17)

في (ن): (الوارث).

ص: 304

وارث (1) لصديق ملاطف أو لأجنبي أو لمجهول، فإن أقر لوارثه وكان أبعد ممن لم (2) يقر له فلا خلاف في الجواز وإليه أشار بقوله:(لأَبْعَدَ) ودل كلامه هذا على أمرين: الأول: أن الإقرار غير جائز (3) لوارث بدليل قوله: (لأَبْعَدَ).

وقوله بعده (أَوْ لمنْ لَمْ (4) يَرِثْهُ) الثاني: أنه لو كان المقر له أقرب ممن لم يقر له لم يجز الإقرار له بلا خلاف، كما لو ورثه (5) بنات وعصبة، فأقر للبنات أو لإحداهن، ابن رشد: وكذلك إذا كان المقر له في القرب بمنزلة غير المقر له، وسيأتي هذا من كلامه، وإن أقر لقريب غير وارث أو لصديق ملاطف فالمشهور جوازه إن لم يورث كلالة، ابن رشد: وقيل: يجوز مطلقًا، وهما قائمان من المدونة (6)، وقيل: إن ورث بولد جاز من رأس المال، وإن ورث كلالة فمن الثلث (7).

فقوله: (أَوْ لملاطِفِهِ، أَوْ لمنْ لَمْ يَرِثْهُ أو لمجهول حاله (8)) أشار (9) إلى المشهور، ويدخل في قوله:(أَوْ لمنْ لَمْ يَرِثْهُ) الأجنبي، فإن أقر له جاز (10) بلا خلاف، وللخمي (11) أن الإقرار للصديق الملاطف يجوز بشرط ألا يكون على المقر دين لأجنبي، وأن يورث بولد ذكر أو ذكور وإناث، انظر كلامه في التبصرة (12)، ثم قال ابن رشد: وأما إن أقر لمن لا يعرف (13) فإن ورث بولد (14) جاز من رأس المال إن أوصى أن يتصدق به أو

(1) زاد بعده في (ن): (أو).

(2)

قوله: (لم) ساقط من (ن 5).

(3)

قوله: (غير جائز) زيادة من (ن 3).

(4)

قوله: (لم) ساقط من (ن 5)، وفي (ن):(لا).

(5)

في (ن): (ورثته).

(6)

انظر: المدونة: 4/ 116.

(7)

انظر: البيان والتحصيل: 10/ 370.

(8)

قوله: (أو لمجهول حاله) زيادة من (ن 5).

(9)

في (ن): (إشارة).

(10)

قوله: (أقر له جاز) يقابله في (ن): (إقراره له جائز).

(11)

في (ن): (اللخمي).

(12)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:5562.

(13)

في (ن): (يعرفه).

(14)

قوله: (بولد) ساقط من (ن 3).

ص: 305

يوقف (1) لهم (2)، وقول (3) ابن رشد هنا: إن ورث بكلالة قيد في المسائل الثلاثة (4)، مسألة الصديق الملاطف وغير الوارث، والمجهول الحال كما هنا (5).

قوله: (كَزَوْجٍ عُلِمَ بُغْضُهُ لها أَوْ جُهِلَ وورثه ابن أو بنون (6)) أي: وكذلك يؤاخذ الزوج (7) بما أقر به لزوجته إذا (8) علم بغضه لها، فإن علم منه الميل لها لم يجز إقراره لها إلا أن يجيزه الورثة، وإن جهل حاله معها نُظر (9)، فإن كان (10) ورث (11) كلالة لم يجز إقراره لها، وهو مفهوم من قوله:(وورثه ابْنٌ أَوْ بَنُونَ) لأن "الواو" فيه واو الحال، فإن ورثه ولد (12) ذكر وحده أو بنون (13) فإن إقراره لها جائز، إلا أن يكون بعضهم صغيرًا منها، وبعضهم كبيرًا منها أو من غيرها، فإن إقراره لها لا يجوز، وإليه أشار بقوله:(إِلا أَنْ تَنْفَرِدَ بِالصَّغِيرِ) أما إن كان الأولاد (14) كلهم صغارًا منها (15) فلا يجوز (16) إقراره لها باتفاق.

قوله: (وَمَعَ الإِنَاثِ وَالْعَصَبَةِ، قَوْلانِ) أي: فإن كان الولد إناثًا يرثنه (17) مع العصبة

(1) قوله: (به أو يوقف) يقابله في (ن): (به عنهم أو وقف ويوقف).

(2)

انظر: البيان والتحصيل: 10/ 370 و 371.

(3)

في (ن 3) و (ن 4): (قال).

(4)

في (ن): (الثلاث).

(5)

انظر: البيان والتحصيل: 10/ 370.

(6)

قوله: (وورثه ابن أو بنون) ساقط من (ن 4).

(7)

في (ن): (الزوج).

(8)

في (ن): (إن).

(9)

في (ن) و (ن 3): (أنظر).

(10)

قوله: (كان) ساقط من (ن).

(11)

قوله: (كان ورث) يقابله في (ن 5): (ورثت).

(12)

قوله: (ورثه ولد) يقابله في (ن): (ورث بولد).

(13)

في (ن): (بنين).

(14)

في (ن): (الولد).

(15)

قوله: (منها) ساقط من (ن 3).

(16)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (لم يجز).

(17)

في (ن 3) و (ن 4): (ورثته).

ص: 306

أي: سواء كن واحدة أو عددًا صغارًا أو كبارًا منها أو من غيرها (1) فإن في إقراره لها قولين بالجواز وعدمه.

قوله: (كَإقْرَاره لِلْوَلَدِ الْعَاق أَوْ لأُمِّهِ) أي (2): أن إقرار الشخص للولد العاق له أو لأمه جائز لعدم التهمة، وقيل: لا يجوز، ولما كان فيها قولان كالتي قبلها شبهها بها.

قوله: (أَوْ لأَن مَنْ لم يُقَرَّ لَهُ أَبْعَدُ وَأَقْرَبُ) أي: وهكذا يختلف إذا كان بعض من لم يقر له من المقر له أبعد وبعضهم بمنزلته أو كان بعضهم أقرب إليه، وبعضهم أبعد منه على قولين.

قوله: (لا المُسَاوِي وَالأَقْرَب) أي: فإن إقراره لهما لا يجوز، وهو مما لا خلاف فيه، قاله ابن رشد (3).

قوله: (كَأَخِّرْنِي لِسَنَةٍ، وَأَنَا أُقِرُّ، وَرَجَعَ لِخُصُومَتِهِ) أي: وكذا (4) اختلف فيمن طالب شخصًا بحق فأنكره، ثم قال له: أخرني سنة، وأنا أقر لك هل يكون إقرارًا معمولًا به أم لا؟ ويرجع لخصومته حينئذ.

(المتن)

وَلَزِمَ لِحَمْلٍ إِنْ وُطِئَتْ، وَوُضِعَ لِأَقَلّهِ، وإلَّا فَلِأكثَرِهِ، وَسُوّيَ بَيْنَ تَوْأَمَيهِ، إِلَّا لِبَيَانِ الْفَضْلِ. بعَلَيَّ، أَوْ فِي ذِمَّتِي، أَوْ عِنْدِي، أَوْ أَخَذْتُ مِنْكَ، وَلَوْ زَادَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، أَوْ قَضَى، أَوْ وَهَبْتَهُ لِي، أَوْ بِعْتَهُ لي، أَوْ وَفَّيْتَهُ، أَوْ أليس أَقْرَضْتَنِي، أَوْ أَمَا أَقْرَضْتَنِي، أَوْ أَلَم تُقْرِضْنِي، أَوْ سَاهِلْنِي، أَوِ اتَّزِنْهَا مِنِّي، أَوْ لأَقْضِيَنَّكَ الْيَوْمَ، أَوْ نَعَمْ، أَوْ بَلَى، أَوْ أجَلْ، جَوَابًا لِأَلَيْسَ لِي عِنْدَكَ، أَو لَيْسَتْ لِي مَيْسَرَةٌ، لا أُقِرُّ، أَوْ عَلَيَّ، أَوْ عَلَى فُلانٍ، أَوْ مِنْ أَيِّ ضَربٍ تَأخُذُهَا مَا أَبْعَدَكَ مِنْهَا.

(الشرح)

قوله: (وَلَزِمَ لحَمْلٍ، إِنْ وُطِئَتْ، وَوُضِعَ لأقَلِّهِ) أي: ولزم الإقرار للحمل إن وضع لأقل أمد (5) الحمل وهو ستة أشهر إن وطئت الأم بعد (6) الإقرار.

(1) قوله: (من غيرها) ساقط من (ن 4).

(2)

في (ن): (يريد).

(3)

انظر: البيان والتحصيل: 10/ 369.

(4)

في (ن): (وكذلك).

(5)

قوله: (لأقل أمد) يقابله في (ن) و (ن 5): (لأقل من أمد).

(6)

في (ن 5): (قبل).

ص: 307

قوله: (وَإِلا فَلأكثَرِهِ) أي: فإن كانت الأم غير موطوءة فإن الإقرار يلزم لخمس سنين وهو المراد بأكثره، أي: أكثر (1) أمد الحمل، وهذا هو الجاري على المشهور، والمنصوص في كتاب ابن سحنون: إنما يلزم لأربع سنين، فإذا جاوزها فلا (2)، وعلى القول أن أمده (3) سبع سنين يلزم إليه، فإن زادت على ذلك فلا (4).

قوله: (وَسُوِّيَ بَيْنَ تَوْأَمَيْهِ، إِلا لِبَيَانِ الْفَضْلِ) أي: فإن وضعت من ذلك الحمل اثنين سوى بينهما فيما أقر لهما به، يريد: إذا خرجا حيين، وإلا فهو للحي منهما، وهذا (5) ظاهر إذا كانا ذكرين أو أنثيين، وأما إن كان ذكرًا وأنثى فلا يخلو إما أن يبين (6) الفضل أم لا، فإن بَيّن ما يقتضي الفضل كقوله "لحمل فلانة عندي ألف (7) من دين لأبيه" فهو بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين، وإلا سوى بينهما، قاله ابن (8) سحنون (9).

قوله: (بِعَليَّ، أَوْ في ذِمَّتِي أَوْ عِنْدِي، أَوْ أَخَذْتُ مِنْكَ) يريد: أن صيغة الإقرار بعليّ إلى آخره، أي: فيؤاخذ المكلف إذا قال عليّ كذا أو عندي كذا أو في ذمتي أو أخذت منك. ابن شاس: وكذلك (10) أعطيتني (11).

قوله: (وَلَو زَادَ إِنْ شَاءَ اللهُ، أَوْ قَضى الله (12)) أي: أن ذلك يلزم ولو قال: إن شاء الله أو قضى الله أو تجرد على (13) المشيئة، ونقله ابن سحنون عن جميع الأصحاب في

(1) في (ن): (بأكثر).

(2)

انظر: النوادر والزيادات: 1/ 323، والتوضيح: 6/ 421.

(3)

قوله: (أن أمده) يقابله في (ن): (بأن مراده).

(4)

زاد بعده في (ن): (كما لو ولدت ميتا).

(5)

في (ن): (وهو).

(6)

في (ن): (يتبين).

(7)

قوله: (ألف) زيادة من (ن 3).

(8)

قوله: (ابن) ساقط من (ن 3).

(9)

انظر: النوادر والزيادات: 1/ 323، والتوضيح: 6/ 421.

(10)

في (ن): (وكذا).

(11)

انظر: عقد الجواهر: 2/ 837.

(12)

لفظ الجلالة ساقط من (ن).

(13)

في (ن): (عن).

ص: 308

المشيئة، وأما إن قضى أو رضي الله، أو يبين الله ذلك (1) فألزمه ذلك ابن سحنون (2)، وإليه أشار بقوله:(أَوْ قَضَى الله) أو تجرد على المشيئة، ونقله ابن سحنون عن جميع الأصحاب في المشيئة، وأما إن قضى أو رضي الله أو يسر الله ذلك فألزمه ذلك، ابن (3) سحنون (4): وإليه أشار بقوله: (أَوْ قَضى الله)(5) يريد: وما أشبه ذلك، وقال ابن المواز: لا يلزم به شيء (6).

قوله: (أَوْ وَهَبْتَهُ لِي، أَوْ بِعْتَهُ لي) أي: وهكذا (7) يلزم المقر ما أقر به بقوله: (وهبته لي أو بعته لي) لأنه إقرار له أولًا بالملك وادعى خروجه عنه فلا يصدق ويحلف المقر له أنه لم يبعه له (8) بلا خلاف، وهل يحلف في الهبة أم (9) لا؟ على القولين.

قوله: (أو وَفَّيْتَهُ) يريد: أن الطالب إذا طلب دينه فقال المطلوب: "وفيته له"، فإنه يلزمه ذلك لأنه إقرار له بما ادعى به عليه أولًا، فلا (10) يسمع قوله "وَفَيْتَهُ لك (11) " بعد ذلك.

قوله: (أَوْ أليس (12) أَقْرَضْتَنِي، أَوْ أَمَا أَقْرَضْتَنِي أَوْ أَلمْ (13) تُقْرِضْنِي) يشير بهذا إلى قول ابن سحنون أن من قال لرجل: أليس قد أقرضتني أمس ألف درهم (14)، فقال

(1) قوله: (رضى الله، أو يبين الله ذلك) يقابله في (ن): (أو رضى أو يسر الله ذلك).

(2)

انظر: النوادر والزيادات: 9/ 199.

(3)

لفظ الجلالة ساقط من (ن 5).

(4)

انظر: النوادر والزيادات: 9/ 199.

(5)

في (ن 4) و (ن 5): (أَوْ قَضى).

(6)

انظر: النوادر والزيادات: 9/ 199.

(7)

في (ن): (وكذلك).

(8)

قوله: (لم يبعه له) يقابله في (ن 3): (لم يبلغه).

(9)

في (ن): (أو).

(10)

قوله: (فلا) ساقط من (ن 3).

(11)

في (ن): (أوفيت له).

(12)

قوله: (أليس) زيادة من (ن 3).

(13)

قوله: (أَمَا أَقْرَضْتَنِي أَوْ أَلَمْ) يقابله في (ن): (ما أقرضتني أو لم).

(14)

في (ن): (دينار).

ص: 309

الطالب (1): بلى (2) أو نعم، فجحد المقر فالمال يلزمه، قال: وكذلك لو قال: أو ما (3) أقرضتني أو ألم تقرضني فهو سواء يلزمه إن ادعى الطالب المال، وقال (4) ابن عبد الحكم: يحلف المقر، ولا يلزمه شيء (5).

قوله: (أَوْ سَاهِلْني أَوِ اتَّزِنهَا مِنِّي أَوْ لأَقضِيَنَّكَ (6) اليَوْمَ أَوْ نَعَمْ، أَوْ بَلى، أَوْ أَجَلْ جَوَابًا لألَيْسَ لي (7) عِنْدَكَ) يريد: أن هذه الألفاظ كلها إذا وقعت جوابًا يلزم بها الإقرار. ابن عبد الحكم، وإذا قال: أليس لي عندك ألف، فقال: ساهلني فيها فإقرار، وكذلك إن (8) قال: أتزنها مني، ولو قال: والله لأقضينكها اليوم (9) أو لأعطينكها (10) أو لأتزنها (11) لك أو لا تأخذها مني اليوم فإقرار (12)، وأما إذا قال: أليس لي عندك ألف، فقال: بك، فقال: هو ظاهر (13) في الإقرار لأن بك توجب النفي، وأما نعم فإنما (14) يلزم بها الإقرار نظرًا لعرف (15) الناس، لا على مقتضى اللغة، وأما أجل بفتح الهمزة والجيم المخففة واللام، فإنها من حروف الجواب، كنعم، وبلى وصدقت (16).

قوله: (جَوَابًا إلى آخره)، هو قيد في جميع ما تقدم.

(1) قوله: (الطالب) ساقط من (ن 3).

(2)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (بلا).

(3)

قوله: (أو ما) يقابله في (ن): (أما).

(4)

في (ن): (وقد قال).

(5)

انظر: النوادر والزيادات: 9/ 187.

(6)

في (ن 4): (لأقبضتك)، وفي (ن 5):(لأقضينكها).

(7)

قوله: (لي) زيادة من (ن 3).

(8)

في (ن): (إذا).

(9)

قوله: (أَوْ نَعَمْ، أَوْ بَلى

والله لا أقضيتكها اليوم) ساقط من (ق 5).

(10)

قوله: (لأعطينكها) ساقط م (ن 4)، وفي (ن)(لأعطيكها).

(11)

في (ن): (لأزنها).

(12)

انظر: النوادر والزيادات: 9/ 181.

(13)

قوله: (فقال: هو ظاهر) يقابله في (ن): (فظاهر).

(14)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (فإنه).

(15)

في (ن): (إلى عرف).

(16)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (وصدقتك).

ص: 310

قوله: (لألَيْسَ لي عِنْدَكَ) فلا يلزمه (1) بذلك شيء (2).

قوله: (أَوْ لَيْسَت لِي مَيْسَرَةٌ) هو ظاهر في لزوم الإقرار لأنه لما قال له: "لي عندك (3) كذا" كأنه قال: "نعم"، وطلب منه الصبر لعدم الوجدان، أو لغير ذلك، ومثله "أنا معسر"، و (4)"أنظرني بها"، "أو لست منكرًا" أو "أرسل رسولك يقبضها".

قوله (5)(لا أُقِرُّ) أي فإنه (6) لا يلزمه شيء بذلك، لأنه وعد وليس بإقرار.

قوله: (أَوْ عليَّ، أَوْ عَلى فُلانٍ) أي: (7) وكذلك (8) لا يلزمه شيء (9) إذا ردد (10) في الإقرار بأن قال: عليّ أو على فلان، ونقله في النوادر، عن ابن المواز ومحمد (11) ابن عبد الحكم، وزاد عنهما ويحلف (12).

ابن المواز: إن كان فلان صبيًا أو عبدًا إلا أن يكون الصبي ابن شهر فيلزمه وحده، كقوله (13) على أو على هذا الحجر (14) ثم قال: وأصل سحنون أن يلزمه ذلك دون فلان (15).

قوله: (أَوْ مِنْ أَيِّ ضَرْبٍ تَأخُذُهَا مَا أَبْعَدَكَ مِنْهَا) هكذا قال في كتاب ابن سحنون،

(1) في (ن): (فلا يلزم).

(2)

قوله: (قوله: "لا ألَيْسَ لي عِنْدَكَ" فلا يلزمه بذلك شيء) زيادة من (ن) و (ن 4).

(3)

في (ن): (عليك).

(4)

في (ن): (أو).

(5)

قوله: (قوله) ساقط من (ن 5).

(6)

قوله: (أي فإنه) يقابله في (ن): (أو على: أي فلا).

(7)

قوله (أو عَلَيَّ، أَوْ عَلىَ فُلانٍ" أي) ساقط من (ن 3).

(8)

في (ن): (وهكذا).

(9)

قوله: (لا يلزم شيء) ساقط من (ن 3).

(10)

في (ن 3): (رد)، وفي (ن):(تردد).

(11)

قوله: (محمد) زيادة من (ن 5).

(12)

انظر: النوادر والزيادات: 9/ 168.

(13)

في (ن): (وكقوله).

(14)

في (ن): (الجحد). وانظر: النوادر والزيادات: 9/ 168.

(15)

انظر: النوادر والزيادات: 9/ 169.

ص: 311

ونصه: إذا قال: اقعني (1) العشرة التي عليك، فقال: من أي ضرب تأخذها ما أبعدك منها (2)، فليس ذلك (3) بإقرار (4)، وهو ظاهر إذا أجاب بمجموع الأمرين، فيكون قوله:(مِنْ أَيّ ضَرْبٍ تَأْخُذُهَا (5)) إنكار، وكذلك إذا أجاب بما أبعدك منها، وأما لو (6) أجاب بمن أي ضرب تأخذها وحده، فقال ابن عبد السلام: الأقرب إنه إقرار (7) إلا أن يحلف أنه لم يرد إلا الإنكار والتهكم وشبه ذلك (8).

(المتن)

وَفِي حَتَّى يَأتِيَ وَكِيلِي وَشِبْهِهِ، أَوِ اتَّزِنْ، أَوْ خُذْ، قَوْلانِ. كَلَكَ عَلَيَّ أَلْفٌ فِيمَا أَعْلَمُ، أَوْ أَظُنُّ، أَوْ عِلْمِي، وَلَزِمَ إِنْ نُوكِرَ فِي أَلْفٍ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ، أَوْ عَبْدٍ، وَلَمْ أَقْبِضْهُ كَدَعْوَاهُ الرِّبَا، وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ رَابَاهُ فِي أَلْفٍ، لا إِنْ أَقَامَهَا عَلَى إِقْرَارِ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَمْ يَقَع بَيْنَهُمَا إِلَّا الرّبَا، أَوِ اشْتَرَيْتُ خَمْرًا بِألفٍ، أَوِ اشْتَرَيْتُ عَبْدًا بِأَلْفٍ وَلَم أَقْبِضْهُ، أوْ أَقْرَرْتُ بِكَذَا وَأَنَا صَبِيٌّ، كَانَا مُبَرسَمٌ إِنْ عُلِمَ تَقَدُّمُهُ، أَوْ أَقَرَّ اعْتِذَارًا، أوْ بِقَرْضٍ شُكْرًا أو ذمًا عَلَى الأَصَحّ.

(الشرح)

قوله: (وَفي حتَّى يَأْتِيَ وَكِيلي وَشِبْهِهِ، أَوِ اتَّزِنْ، أَوْ خُذْ قَوْلانِ) يعني: أنه اختلف على قولين إذا قال له اقعني العشرة، فقال له: حتى يأتي (9) وكيلي أو اتزن أو خذ فقال في كتاب ابن سحنون إنه إقرار قال: وكذا إذا قال اتزنها أوانتقدها أو أقعد فأقبضها أو اتزن أو انتقد أو حتى يقدم غلامي أو حتى يقضني (10) غريمي ونحوه (11)،

(1) في (ن): (اقض).

(2)

في (ن 5): (من ذلك).

(3)

قوله: (ذلك) ساقط من (ن).

(4)

انظر: النوادر والزيادات: 9/ 180.

(5)

قوله: (تأْخُذُهَا) ساقط من (ن).

(6)

قوله: (وأما لو) يقابله في (ن): (وحده وأما إن).

(7)

في (ن) و (ن 3) و (ن 5): (أنه ليس بإقرار).

(8)

انظر: التوضيح شرح الجامع بين الأمهات: 6/ 424.

(9)

في (ن): (يقدم).

(10)

في (ن): (يقضي).

(11)

انظر: النوادر والزيادات: 9/ 180 و 181.

ص: 312

وقال ابن عبد الحكم: إذا قال حتى يأتي وكيلي يزن لك (1) فليس بإقرار، ويحلف، وكذلك (2) عنده (3) زن أو خذ أو اجلس فخذها (4)، أو فاتزنها أو اتزن أو انتقد لأنه لم ينسب ذلك إلى أنه الذي يدفعها إليه (5)، قال (6): ولو قال: اتزنها مني لزمته لأنه نسب ذلك إلى نفسه (7)، حكاه ابن شاس (8).

قوله: (كَلَكَ عَلَيَّ أَلْفٌ فِيما أَعْلَمُ، أَوْ أَظُنُّ، أَوْ عِلْمِي) أي: وكذلك القولان إذا قال لك عليّ ألف (9) فيما أعلم إلى آخره، ابن شاس عن ابن سحنون، إذا قال فيما أظن فهو إقرار، وكذلك لك (10) فيما ظننت أو فيما حسبت أو فيما أحسب (11) أو فيما رأيت أو فيما (12) أرى (13). قلت: وكذلك عنده (14) فيما أعلم أو في علمي من باب أولى (15).

ابن شاس (16)، وقال محمد بن المواز وابن عبد الحكم: إذا قال فيما أعلم أو فيما يحضرني أو في علمي فهو شك، ولا يلزمه (17) شيء (18). قلت: وكذا عندهما فيما أظن،

(1) قوله: (يزن لك) ساقط من (ن 5).

(2)

في (ن): (وكذا).

(3)

قوله: (عنده) ساقط من (ن 4).

(4)

في (ن 3) و (ن 4): (فانقدها).

(5)

انظر: التوضيح: 6/ 424.

(6)

قوله: (قال) ساقط من (ن 3).

(7)

انظر: النوادر والزيادات: 9/ 179.

(8)

انظر: عقد الجواهر: 2/ 837.

(9)

قوله: (ألف) ساقط من (ن 4).

(10)

قوله: (لك) زيادة من (ن 5).

(11)

قوله: (أو فيما أحسب) زيادة من (ن 5).

(12)

في (ن): (في).

(13)

انظر: عقد الجواهر: 2/ 844.

(14)

في (ن 4): (عندي).

(15)

في (ن): (الأولى).

(16)

زاد في (ن 4): (عن سحنون).

(17)

في (ن): (ولا يلزم منه).

(18)

انظر: عقد الجواهر: 2/ 844.

ص: 313

أو في ظني ونحوه من باب أولى، ولهذا حسن (1) منه (2) هنا إجراء القولين في هذه الألفاظ.

قوله: (وَلَزِمَ إِنْ نُكرَ في أَلْفٍ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ) يريد: أن المقر (3) إذا تعقب إقراره بما يوهم أنه رافع (4) لحكمه فلا يقبل منه ذلك كقوله: له (5) على ألف من ثمن خمر إذا نوكر لأن قوله: عليّ ألف مقتضي للزوم ذلك عليه، فإذا قال بعد ذلك من ثمن خمر أو خنزير أو ميتة أو دم مما لا يجوز بيعه عُد نادمًا، فلهذا إذا أكذبه المقر له يلزمه ما أقر به، وهو الألف.

قوله: (أَوْ عَبْدٍ، وَلَمْ أَقْبِضْهُ) أي: وكذا (6) تلزمه الألف إذا قال: هي (7) على من ثمن عبد ولم أقبضه، لأن قوله: ولم أقبضه يعد نادمًا، وهو قول ابن القاسم (8) وابن سحنون (9)، وغيرهما، وقيل: القول قوله، وعلى البائع البينة أنه أسلم (10) إليه العبد.

قوله: (كَدَعْوَاهُ الرِّبَا، وَأَقَامَ بَيِّنةً أنّه رَاباهُ في أَلْفٍ) هذه المسألة على ثلاثة أوجه: إن لم تكن (11) إلا دعواه أنه رباه (12) لم يصدق باتفاق، وإن ادعى (13) الألف الذي له عليه من ربا، وأقام بينة تشهد أن الطالب أقر أن له عنده ألفًا من ربا لم يصدق، ويلزمه كما قال هنا، وهو الأصح خلافًا لسحنون (14)، وإن أقام بينة على إقرار الطالب

(1) في (ن 3): (أحس).

(2)

في (ن): (عنه).

(3)

قوله: (أن المقر) ساقط من (ن 3).

(4)

في (ن): (رفع).

(5)

قوله: (له) ساقط من (ن).

(6)

في (ن): (وكذا).

(7)

في (ن): (هو).

(8)

انظر: المدونة: 4/ 42

(9)

انظر: النوادر والزيادات: 9/ 247.

(10)

في (ن): (سلم).

(11)

في (ن): (يكن).

(12)

في (ن): (راباه).

(13)

زاد بعده في (ن): (أن).

(14)

في (ن): (لابن سحنون). وانظر: عقد الجواهر: 2/ 843، والنوادر والزيادات: 9/ 106.

ص: 314

أن (1) التبايع لم يقع بينهما إلا على الربا الذي ادعاه المقر فإنه يصدق قولًا واحدًا، وإليه أشار بقوله:(لا إِنْ أَقَامَهَا عَلَى إِقْرَارِ المُدَّعِي أنّه لَمْ يَقِعْ بَيْنَهمَا إِلا الرِّبَا).

قوله: (أَوِ اشْتَريتُ خَمْرًا بألْفٍ، أَوِ اشْتَريتُ عَبْدًا بِأَلْفٍ وَلَمْ أَقْبِضْهُ) هذا معطوف على قوله: (لا إِنْ أَقَامَهَا) أي: وَهكذا (2) لا يلزمه شيء إذا (3) قال: اشتريت خمرًا منك (4) بألف، لأنه لم يقر بشيء يترتب في الذمة، وكذلك قوله:(اشْتَرَيْتُ (5) عَبْدًا بِالْفٍ وَلَم أَقْبِضْهُ) لأن قوله اشتريت لا يوجب عمارة الذمة إلا بشرط القبض، ولم يحصل إذ (6) لم يقربه.

قوله: (أَوْ أَقْرَرْتُ بِكَذَا وَأَنَا صَبِيٌّ كَأَنَا مُبَرْسَمٌ إِنْ عُلِمَ تَقَدُّمهُ) يريد: أن من ادعى على رجل حقًّا وأقام بينة على إقراره، فقال: إنما أقررت (7) وأنا صبي أو (8) أنا مُبرسم، وعلم أن ذلك قد حصل فيما تقدم فلا يلزمه شيء.

قوله: (أَوْ أَقَرَّ اعْتِذَارًا) يريد: كقوله: وقد طلب منه شيئًا معه، هذا لفلان على سبيل الاعتذار، وحكاه في النوادر عن ابن القاسم، وأشهب وجماعة من أصحابنا (9)، قال: ولا يكون ذلك للمقر له إلا ببينة تشهد له بذلك قبل الاعتذار (10).

قوله: (أَوْ بقَرْضٍ شُكْرًا أو ذمًا (11) على الأصح (12))، كقوله: جزى الله فلانًا خيرًا، أَسلفني وقضيته (13)، قال في المدونة: ولا يلزمه في هذا شيء

(1) في (ن): (بأن).

(2)

في (ن): (وكذلك).

(3)

في (ن): (إن).

(4)

في (ن): (منك خمرا).

(5)

قوله: (خمرًا منك بألف

وكذلك قوله: "اشْتَرَيْتُ") ساقط من (ن 5).

(6)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (إذا).

(7)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (أقرت).

(8)

في (ن): (و).

(9)

في (ن 3): (أصحاب مالك).

(10)

في (ن 3): (الإعذار)، وفي (ن) و (ن 5):(الإقرار). وانظر: النوادر والزيادات: 1/ 187.

(11)

قوله: (ذمًا) زيادة من (ن 3).

(12)

قوله: (شُكْرًا أو ذمًا على الأصح) يقابله في (ن): (شكرا على الأصح أو ذما على الأرجح).

(13)

في (ن): (قبضته).

ص: 315

مما أقر به (1). ابن يونس: وكذلك إذا قال: له عليّ بمعنى (2) الذم، كقوله (3): أساء معاملتي، وضيق عليّ حتى قضيته، وقيل: إن كان على معنى الذم فإنه يغرم (4)، وأشار بعض القرويين إلى لزوم الإقرار، هان كان على وجه الشكر، ولعله مقابل الأصح.

(المتن)

وَقُبِلَ أَجَلُ مِثْلِهِ فِي بَيْعٍ، لا قَرْضٍ، وَتَفْسِيرُ أَلْفٍ فِي كَألْفٍ وَدِرْهَمٍ، وَخَاتَمٍ فصه لِي نَسَقًا، إِلَّا فِي غَصْبٍ، فَقَوْلانِ. لا بِجِذْعٍ وَبَابٍ فِي لَهُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ، أَوِ الأَرْضِ، كَفِي عَلَى الأَحْسَنِ، وَمَالٌ نِصَابٌ وَالأَحْسَنُ تَفْسِيرُهُ كَشَيءٍ وَكَذَا، وَسُجِنَ لَهُ. وَكَعَشَرَةٍ وَنَيِّفٍ، وَسَقَطَ فِي كَمِائَةٍ وَشَيءٍ، وَكَذَا دِرْهَمًا عِشْرُونَ، وَكَذَا وَكَذَا إحَدى وَعِشْرُونَ، وَكَذَا كَذَا أَحَدَ عَشَرَ، وَبِضْعٌ أَوْ دَرَاهِمَ ثَلاثَةٌ، وَكَثِيرَةٌ، أَوْ لا كَثِيرَةٌ وَلا قَلِيلَةٌ أَرْبَعَةٌ، وَدِرْهَمٌ: الْمُتَعَارَفُ، وإلَّا فَالشَّرْعيُّ، وَقُبِلَ غِشُّهُ وَنَقصُهُ إِنْ وَصَلَ، وَدِرْهَمٌ مَعَ دِرْهَمِ، أَوْ تَحْتَهُ، أَوْ فَوْقَهُ، أَوْ عَلَيْهِ، أَوْ قَبْلَهُ، أَوْ بَعْدَهُ، أَوْ فَدِرْهَمٌ، أَوْ ثُمَّ دِرْهَمَانِ، دِرْهَمَانِ.

(الشرح)

قوله: (وَقُبِلَ أَجَلُ مِثْلِهِ في بَيع) أي: إذا قال: عليّ ألف مؤجلة وادعى أجلًا مُشبِهًا وكان ذلك في بيع فإنه يصدق (5)، ولا يلزمه إلا ما أقر به من التأجيل، وصحح هذا ابن الحاجب (6)، وحكى ابن شعبان أن المقر له يحلف، ولأخذ ذلك حالًا، لأنه (7) أقر به وادعى التأجيل، وإن ادعى أجلًا منكرًا لم يقبل قوله، وحلف المقر له وأخذها الآن (8).

قوله: (لا قَرْضٍ) أي فإنه لا يصدق في دعواه تأجيله، لأن الأصل فيه الحلول، وحلف المقر له إن أنكر الأجل وأخذه حالًا.

(1) في (ن 3): (أصحاب مالك). وانظر: المدونة: 4/ 34.

(2)

قوله: (له عليّ بمعنى) يقابله في (ن): (على معنى).

(3)

قوله: (كقوله) ساقط من (ن).

(4)

في (ن): (يلزمه).

(5)

في (ن 5): (يصح).

(6)

انظر: الجامع بين الأمهات، لابن الحاجب، ص:603.

(7)

في (ن 3): (أو).

(8)

قوله: (وأخذها الآن) يقابله في (ن): (وأخذ بها الآن).

ص: 316

قوله: (وَتَفْسِيرُ أَلْفٍ في كأَلْفٍ، وَدِرْهَم) أي: وهكذا (1) يقبل تفسيره الألف إذا ذكرها مبهمة، ثم عطف عليه عددًا مفسرًا كقوله: له عندي ألف ودرهم، أو ألف ووصيف، فلو قال: أردت بالألف ألف بيضة أو ألف جوزة ونحوه صدق ولم يلزمه غير ذلك، وهو قول ابن القصار، وقيل: لا يقبل تفسيره ويكون المعطوف مفسرًا للمعطوف عليه، ويلزمه الألف من جنس المعطوف عنه (2) ويلزمه الألف من جنس المعطوف عنه (3) وحكاه ابن الحاجب (4)، وفي كتاب ابن سحنون: إن فسره بما جرت به العادة نحو ألف ودرهم أو ألف وجوزة أو بيضة فالمعطوف مفسر، ولا يقبل تفسيره بغيره، وإن فسره بما لم تجر به العادة قبل قوله (5) كقوله: ألف ووصيف أو ورأس (6) من الخيل أو من الإبل ونحوه، وقيل: إن قال: ألف ودينار، وفسر الألف بالدراهم (7) لم يُقبل وإلا قُبل.

قوله: (وَخَاتَمٍ (8) فَصَّهُ لِي نَسَقًا) أي: وكذلك يُقبل إذا قال له (9): عندي خاتم فصه لي نسقًا، أي: من غير مهلة، ولا يلزمه إلا الخاتم، فلو كان بين الإقرار بالخاتم وبين قوله:"فصه (10) لي" مهلة لم يصدق، ويلزمه الفص أيضًا.

قوله: (إِلا في غَصْبٍ، فقَوْلانِ) أي: إذا (11) قال: هذا الخاتم غصبته من فلان وفصه لي فإنه اختلف في قُبوله على قولين، فلأشهب وابن سحنون (12) أنه كالإقرار، لا يلزمه

(1) في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (وهكذا).

(2)

قوله: (عنه) ساقط من (ن).

(3)

قوله: (ويلزمه الألف من جنس المعطوف عنه) زيادة من (ن 4).

(4)

انظر: الجامع بين الأمهات، لابن الحاجب، ص:602.

(5)

قوله: (قبل قوله) زيادة من (ن 5)، وفي (ن):(قبل تفسيره).

(6)

في (ن): (أو رأس).

(7)

في (ن 3) و (ن 4): (الدرهم).

(8)

في (ن): (وكخاتم).

(9)

قوله: (له) ساقط من (ن 3).

(10)

قوله: (فصه) ساقط من (ن 5).

(11)

في (ن): (فإن).

(12)

في (ن 4): (ابن محرز). وانظر: النوادر والزيادات: 1/ 206.

ص: 317

إلا الخاتم، وقال ابن عبد الحكم: الفص والخاتم للمقر له ويحلف (1).

قوله: (لا بِجِذْعٍ، وَبَابٍ في لَهُ مِنْ هَذه الدَّارِ، أَوِ الأَرْضِ كَفِي عَلى الأَحْسَنِ) اختلف إذا قال له: من هذه الدار حق أو الأرض أو الحائط، أو في هذه الدار أو الأرض أو الحائط، هل يُقبل تفسيره بجذع (2) أو باب أو نحوه (3) مما ليس بجزء من الدار أو لا يقبل تفسيره (4) أو يفرق بين "من" و"في"، فقال سحنون مرة: يقبل تفسيره في جميع ذلك، ثم رجع فقال: لا يقبل منه (5)، وقد أثبت له حقًّا في الأصل (6)، وهذا القول هو الذي ذكره هنا، ولهذا قال: لا بجذع إلى آخره، أي: فلا يقبل قوله: أردت جذعًا أو بابًا أو (7) نحوهما، قوله (8): كفي على الأحسن، يريد: أنه لا فرق على الأحسن بين "من هذه (9) "أو" في هذه"، وفيه (10) إشارة إلى مذهب (11) ابن عبد الحكم، فإنه قال إن قال:"من هذه الدار" لم يقبل منه، وإن قال:"في" قُبل منه (12) لأن "من" للتبعيض فالحق معها من الدار، وفي للظرفية، فالحق "في الدار" لا" من الدار"(13).

قوله: (وَمَالٌ نِصَابٌ) أي: فإن قال له: على مال حمل على أنه نصاب، وهو عشرون دينارًا أو مائتا درهم، وهو الأشهر في المذهب، ونسب لابن وهب (14)، وقال ابن

(1) انظر: النوادر والزيادات: 9/ 213.

(2)

في (ن): (بكجذع).

(3)

في (ن): (نحوهما).

(4)

قوله: (أو لا يقبل تفسيره) زيادة من (ن 4).

(5)

انظر: النوادر والزيادات: 1/ 125.

(6)

انظر: النوادر والزيادات: 9/ 124.

(7)

في (ن): (و).

(8)

قوله: (قوله) ساقط من (ن 4).

(9)

في (ن): (من في هذه).

(10)

قوله: (وفيه) ساقط من (ن).

(11)

في (ن 5): (قول).

(12)

قوله: (منه) ساقط من (ن).

(13)

انظر: النوادر والزيادات: 9/ 125.

(14)

انظر: النوادر والزيادات: 9/ 119.

ص: 318

القصار: لا نص عن مالك في ذلك، والذي يوجبه النظر على مذهبه أن يلزمه (1) ربع دينار أو ثلاثة دراهم، وقيل: يقبل تفسيره في ذلك، ولهذا قال:(وَالأَحْسَنُ تَفْسِيرُهُ) أي: ولو فسره بقيراط أو حبة، وهذا القول حكاه سحنون (2)، واختاره الأبهري (3)، وزاد: ويحلف.

قوله: (كَشَيْءٍ، وَكَذَا) يعني: أنه يقبل تفسيره في ذلك فإن (4) قال له: عندي شيء، فإنه يقبل تفسيره، وإن بأقل الأشياء، لأنه (5) أنكر النكرات، فإن خالف (6) المقر له حلف على ردّ دعواه، وأما كذا فيقبل فيها (7) تفسيره أيضًا لكن بواحد كامل (8).

قوله: (وَسُجِنَ لَهُ) أي: فإن أبى المقر أن يفسر ذلك فإنه يسجن له، أي: للتفسير، يريد: وإن طال.

قوله: (وَكعَشَرَةٍ وَنَيِّفَ) ابن شاس: وإن قال له على عشرة دراهم ونيف لكان القول قوله في النيف قل أو كثر، وله أن يجعله أقل من درهم (9)، فإن شاء قال: دانق فضة، وكذلك (10) في نيف وخمسين، وهذا قول ابن شعبان، وقال بعض أصحابنا: إذا قال له عشرون ونيف إن النيف ثلثها، وكذلك مائة ونيف أو درهم (11) ونيف (12) إن النيف ثلث المعطوف عليه، واختار أبو إسحاق أن يكون القول في ذلك قول المقر مع

(1) في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (يلزم).

(2)

في (ن) و (ن 5): (ابن سحنون).

(3)

انظر: شرح التلقين: 1/ 68، وعقد الجواهر: 2/ 839.

(4)

في (ن): (فإذا).

(5)

في (ن): (لأنها).

(6)

في (ن) و (ن 5): (خالفه).

(7)

قوله: (فيها) ساقط من (ن 3).

(8)

في (ن 4): (كمالٍ). وزاد بعده في (ن): (بالتفسير فإن أبى نكل بالسجن وإن طال سجنه وإليه أشار بقوله).

(9)

في (ن): (دراهم).

(10)

في (ن): (وكذا).

(11)

في (ن): (دراهم).

(12)

قوله: (ونيف أو درهم ونيف) زيادة من (ن 5).

ص: 319

يمينه (1)، وذكر ابن شعبان أنه لا يقبل في النيف إلا ثلاثة دراهم.

قوله: (وَسَقَطَ فِي كِمائَةٍ وَشَيْءٍ) أي: وسقط الزائد على الجملة، وهو شيء، وحكاه ابن شاس عن عبد الملك (2).

قوله: (وكَذَا، دِرْهَمًا عِشْرُونَ) يريد: أنه إذا قال لفلان: على كذا درهم، فإنه يلزمه عشرون، لأن المميز بالواحد المنصوب من العدد (3) غير المركب عشرون، وثلاثون وأربعون إلى تسعين، ولما كان الأصل براءة الذمة أثبت المحقق وهو العشرون، وألغى غيره إلا أنه يحلف إن ادعى عليه الطالب أكثر من ذلك.

قوله: (وَكَذَا، كَذَا (4) إحَدى (5) وَعِشْرُونَ) أي: فإن قال له على كذا وكذا درهما لزمه أحد وعشرون، لأن المعطوف من (6) العدد من أحد وعشرين (7) إلى تسعة وتسعين.

قوله: (وَكَذَا، كَذَا أَحَدَ عَشرَ) لأن "كذا كذا" كناية عن العدد المركب وهو من أحد عشر إلى تسعة عشر، فيلزمه المحقق لأن الأصل يراءة الذمة، وهذا الذي قاله في هذه المسائل الثلاث، هو قول ابن عبد الحكم، وقاله غير واحد من النحويين، وقال سحنون: لا أعرف هذا (8)، ويقبل تفسيره.

قوله: (وَبِضْعٌ أَوْ دَرَاهِمَ ثَلاثَةٌ) أي: إذا قال له: على بضع أو له عليّ دراهم لزمه ثلاثة دراهم، ابن شاس: لأن البضع من الثلاثة إلى التسعة (9)، أي: فالمحقق ثلاثة، وإنما يلزمه (10) في دراهم ثلاثة، لأنه أقل الجمع وهو قول مالك، وقال عبد الملك (11): يلزمه

(1) انظر: عقد الجواهر: 2/ 840.

(2)

انظر: عقد الجواهر: 2/ 505.

(3)

قوله: (من العدد) زيادة من (ن 5).

(4)

في (ن) و (ن 4): (وكذا) بزيادة "واو".

(5)

في (ن) و (ن 4): (أحد).

(6)

في (ن): (في).

(7)

قوله: (أي: فإن قال له على كذا وكذا

من العدد من أحد وعشرين) ساقط من (ن 5).

(8)

انظر: الذخيرة: 9/ 291، والتوضيح: 6/ 428.

(9)

انظر: عقد الجواهر: 2/ 841.

(10)

في (ن): (لزمه).

(11)

: (ابن عبد الحكم).

ص: 320

درهمان بناء على أن أقل الجمع اثنان (1).

قوله: (وَكَثِيرَةٌ، أَوْ لا كَثِيرَةٌ وَلا قَلِيلَةٌ أَرْبَعَةٌ) أي: فلو قال له: عليّ دراهم كثيرة لزمه (2) أربعة منها، وكذلك في قوله له: عليّ دراهم لا كثيرة ولا قليلة، وهو قول ابن عبد الحكم (3) في المسألتين، لأن بقوله:(دَرَاهِمَ) يلزمه (4) ثلاثة كما تقدم (5) فيزاد لقوله: (كَثيرَةٌ) واحد لأنه المحقق، وما زاد عليه مشكوك فيه، هذا بالنسبة إلى الأولى، ومذهبه في الثانية لا يوافقه هذا التوجيه، وقيل: يلزمه في الأولى تسعة، لأنه تضعيف لأقل الجمع ثلاث مرات، وقيل: يلزمه مائتا (6) درهم، وقيل: خمسة دراهم، وقال في المعونة (7): ثلاثة، لأنها أقل الجمع (8)، وهي كثيرة بالنسبة إلى اثنين (9)، ولا شك في مخالفة بعض هذه الأقوال للغة (10)، فإن شهد عرف قوم بشيء (11) منها قُبل وإلا فَلا.

قوله: (وَدِرْهَمٌ المُتعَارَفُ) أي: فإن قال: عليّ درهم حمل على الدرهم الجاري بين الناس في عرفهم.

قوله: (وَإِلا فَالشَّرْعِيُّ) أي: فإن لم يكن لهم (12) عرف حمل على الدرهم الشرعي وهو زنة سبعة (13) أعشار المثقال (14) من الفضة، وينبغي إذا كان في البلد دراهم

(1) انظر: المعونة: 2/ 212 و 552، والإشراف على مسائل الخلاف: 2/ 614، والذخيرة: 1/ 94.

(2)

في (ن): (يلزمه).

(3)

في (ن 4): (ابن عبد الملك).

(4)

في (ن): (تلزمه).

(5)

قوله: (كما تقدم) ساقط من (ن).

(6)

في (ن 3): (مائة).

(7)

في (ن 3): (المدونة).

(8)

انظر: المعونة: 2/ 213.

(9)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (الاثنين).

(10)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (اللغة).

(11)

في (ن): (لشيء).

(12)

في (ن): (له).

(13)

قوله: (سبعة) ساقط من (ن 4).

(14)

في (ن): (مثقال).

ص: 321

مختلفة (1) أن يحمل على أقلها وزنًا أو صفة، لأن الأصل براءة الذمة، فيلزمه المحقق دون المشكوك.

قوله: (وَقُبِلَ غِشُّهُ وَنَقْصُهُ إِنْ وَصَلَ) أي: فإن قال له: عليّ درهم مغشوش أو ناقص ووصل ذلك بكلامه قُبل ولا يلزمه إلا ما أقر به، وإن لم يصل كلامه لم يُقبل منه ذلك، وأخذ بما أقر به أولًا، وقاله ابن المواز، أما لو قال: درهم حديد أو نحاس (2) ونحوهما مما لا يشبه فلا يُقبل منه، وكذا لو فسر بالفلوس، قال (3) في الجواهر: وقيل: يُقبل قوله (4).

قوله: (وَدِرْهَمٌ مَعَ دِرْهَمٍ، أَوْ تَحْتَهُ، أَوْ فَوْقَهُ، أَوْ عَلَيْهِ، أَوْ قَبْلَهُ، أَوْ بَعْدَهُ، أَوْ فَدِرْهَمٌ أَوْ ثُمَّ دِرْهَمَانِ، دِرْهَمَانِ) الأظهر أن يكون قوله: (دِرْهَمَانِ) فاعلا بفعل محذوف دل عليه ما تقدم، وجميع الضمائر راجعة إلى الدرهم، ومعنى كلامه: أن من قال لفلان عندي درهم مع درهم أو درهم تحت درهم أو درهم فوق درهم أو درهم قبله (5) درهم أو درهم بعده (6) درهم أو درهم عليه درهم أو درهم ودرهم أو درهم (7) ثم درهم، لزمه درهمان، وقد نص ابن شاس على أكثر (8) ذلك، ولم يحك فيه خلافًا إلا في قوله:(درهم على درهم) فحكى فيه قولًا آخر بلزوم (9) درهم واحد، ولزوم الدرهمين في جميعها ظاهر (10).

(1) في (ن): (مختلف).

(2)

في (ن) و (ن 5): (رصاص).

(3)

في (ن 5): (قاله).

(4)

قوله: (قوله) ساقط من (ن) و (ن 5).

(5)

في (ن 3): (قبل).

(6)

في (ن 3): (بعد).

(7)

قوله: (أو درهم قبله درهم

أو درهم ودرهم أو درهم) يقابله في (ن 4): (إلى قوله).

(8)

زاد في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (من).

(9)

في (ن): (يلزمه).

(10)

انظر: عقد الجواهر: 2/ 842.

ص: 322

(المتن)

وَسَقَطَ فِي لا بَلْ دِينَارَانِ، وَدِرْهَمٌ دِرْهَمٌ، أَوْ بِدِرْهَمٍ دِرْهَمٌ، وَحَلَفَ مَا أَرَادَهُمَا، كَإِشْهَادٍ فِي ذكْرٍ بمِائَةٍ، وَفِي آخَرَ بِمِائَةٍ، وَبِمِائَتَيْنِ الأكثَرُ، وَجُلُّ الْمِائَةِ، أَوْ قُربُهَا، ونَحْوَهَا، الثُّلُثَانِ فأكثَرُ بِالاِجْتِهَادِ. وَهَلْ يَلْزَمُهُ عَشَرَة فِي عَشَرَةٍ عِشْرُونَ أَوْ مِائَةٌ؟ قَوْلانِ. وَثَوْبٌ فِي صُنْدُوقٍ، أَوْ زَيْتٌ فِي جَرَّةٍ، وَفِي لُزُومِ ظَرفِهِ قَوْلانِ.

(الشرح)

قوله: (وَسَقَطَ في، لا بَلْ دِينَاران) أي: وسقط الدرهم في له على درهم (1)، لا بل ديناران، وقاله سحنون (2).

قوله: (وَدِرْهَمٌ دِرْهَمٌ أَوْ بِدِرْهَمٍ دِرْهَمٌ) أي: فإن قال له (3) عليّ درهم درهم (4) أو له درهم بدرهم لزمه درهم واحد، قال في الجواهر، وللطالب أن يحلف (5) ما أراد درهمين (6)، وإليه أشار بقوله:(وَحَلَفَ مَا أَرَادَهُمَا).

قوله (7)(كَإشْهَادٍ في ذكْرٍ بِمائَةٍ وَفي آخَرَ بِمائَةٍ) أي: فلا يلزمه إلا مائة واحدة منهما كما لا يلزمه إلا درهم واحد في قوله: له (8) عليّ درهم درهم، أو درهم بدرهم، ومراده بالذكر الوثيقة التي يكتب فيها الحق، وقيل: تلزمه المائتان، ابن سحنون: وقد اختلف قول مالك (9) في هذا، وآخر (10) قوليه، وبه أقول أن يحلف المقر ما ذلك (11) إلا مال واحد، ولا تلزمه (12) إلا مائة (13). ونحوه لابن عبد الحكم، محمد: ولو اختلف الإقرار

(1) في (ن 4): (ألف درهم).

(2)

في (ن 5): (ابن سحنون).

(3)

قوله: (له) ساقط من (ن).

(4)

قوله: (درهم) ساقط من (ن).

(5)

في (ن): (يحلفه).

(6)

انظر: عقد الجواهر: 2/ 842.

(7)

قوله: (قوله) ساقط من (ن 5).

(8)

قوله: (له) ساقط من (ن).

(9)

انظر: المدونة: 3/ 327.

(10)

في (ن 3): (وأحسن).

(11)

في (ن): (ذاك).

(12)

في (ن): (يلزمه).

(13)

انظر: النوادر والزيادات: 9/ 116.

ص: 323

فأقر له في موطن بمائة وأشهد، وفي موطن بمائتين لزمه ثلاث مائة (1)، وقال أصبغ: إن كان الإقرار بالأكثر أولًا فهما مالان (2)، وإلا صدق المطلوب، أن الأقل دخل في الأكثر (3)، وعن مالك: أن المقر يحلف ما ذاك إلا مال واحد، ولا يلزمه إلا المائتان (4)، واقتصر الشيخ هنا على قول أصبغ، ولهذا قال:(وبمائتين (5) الأكثر)، والمعنى وإن أشهد (6) في ذكر بمائة وفي آخر بمائتين لزمه الأكثر، وهو المائتان.

قوله: (وَجُلُّ المِائَةِ أوْ قُرْبُهَا، ونَحْوَهَا (7) الثُّلثَانِ، فَأكْثَرُ بِالاجْتِهَادِ) أي: ولو أقر بجل المائة (8) أو قرب مائة أو نحو مائة (9) لزمه ثلثاها فأكثر باجتهاد الحاكم. ابن سحنون: وقاله أكثر أصحابنا، وقيل: يلزمه ثلثاها (10) فقط، وقال قوم: يلزمه نصفها، وشيء وهو أحد وخمسون (11).

قوله: (وَهَلْ يَلْزَمُهُ (12) عشرة (13) فِي عَشَرَةِ عِشْرُونَ، أَوْ مِائَةٍ، قَوْلانِ) يريد: أنه اختلف هل يلزم القائل لفلان (14) على عشرة في عشرة عشرون (15) أو تلزمه (16) مائة، والأول أقرب إلى عرف العامة، وهو المعمول به (17)، لأنهم إنما يريدون بذلك الجمع لا

(1) انظر: النوادر والزيادات: 9/ 116.

(2)

في (ن 3): (له).

(3)

انظر: النوادر والزيادات: 9/ 116.

(4)

انظر: المدونة: 4/ 34.

(5)

قوله: (وبمائتين) في المطبوع من مختصر خليل: (وبمائة ومائتين).

(6)

قوله: (وإن أشهد) يقابله في (ن): (أن من أشهد).

(7)

في (ن): (أو نحوها).

(8)

في (ن): (مائة).

(9)

قوله: (أو نحو مائة) ساقط من (ن 4).

(10)

في (ن 4): (ثلثه).

(11)

انظر: النوادر والزيادات: 9/ 120.

(12)

في (ن): (تلزمه في).

(13)

قوله: (عشرة) ساقط من (ن 3).

(14)

زاد في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (لك).

(15)

قوله: (عشرون) ساقط من (ن 4) و (ن 5).

(16)

في (ن): (يلزمه).

(17)

في (ن) و (ن 5): (المعول عليه).

ص: 324

الضرب (1) الذي هو تضعيف أحد العددين بقدر ما في الآخر (2) من الآحاد. والقول الثاني لسحنون (3)، وهو الجاري على عرف أهل الحساب، ولهذا ينبغي أن ينظر إلى المقر من أي القبيلين هو (4).

قوله: (وَثَوْبٌ في صُنْدُوقٍ، أَوْ زيتٌ في جَرَّةٍ و (5) فِي لُزُومِ ظَرْفِهِ، قَوْلانِ) لا خلاف أن الثوب والزيت يلزمانه إذا قال له: عندي ثوب في صندوق أو زيت في جرة، واختلف هل يلزمه الظرف، أي: الوعاء وهو الصندوق والجرة أو لا يلزم، وظاهر كلامه هنا أن الخلاف فيهما واحد، وهو صحيح، وكلام ابن شاس (6) وابن الحاجب (7) يدل على أن جرة الزيت لا خلاف في لزومها لعدم استغناء الزيت عن وعائه، وليس كذلك الثوب (8) فقد نقل عن (9) ابن عبد السلام وغيره عن سحنون وابن عبد الحكم أنهما اختلف فيما إذا قال له عندي مائة رطل سمن في زق، قال: والأصل قول ابن عبد الحكم أنه لا يلزمه سوى السمن دون الزق (10)، والمتبادر إلى الذهن عرفًا (11) قول سحنون.

(المتن)

لا دَابَّةٌ فِي إصْطَبْلٍ، وَأَلْفٌ إِنِ اسْتَحَلَّ أَوْ أَعَارَنِي، لَمْ يَلْزَمْ كَأَنْ حَلَفَ فِي غَيْرِ الدَّعْوَى، أَوْ شَهِدَ فُلانٌ غَيْرُ الْعَدْلِ، وَهَذِهِ الشَاةُ أَوْ هَذِه النَّاقَةُ، لَزِمَتْهُ الشَّاةُ، وَحَلَفَ عَلَيْهَا، وَغَصَبْتُهُ مِنْ فُلانٍ، لا بَلْ مِنْ آخَرَ، فَهُوَ لِلأَوَّلِ، وَقُضِيَ لِلثَّانِي

(1) في (ن 5): (الظرف).

(2)

في (ن): (الثالث).

(3)

انظر: عقد الجواهر: 2/ 842.

(4)

قوله: (هو) ساقط من (ن).

(5)

قوله: (و) ساقط من (ن).

(6)

انظر: عقد الجواهر: 2/ 842.

(7)

انظر: الجامع بين الأمهات، لابن الحاجب، ص:602.

(8)

قوله: (الثوب) ساقط من (ن) و (ن 4).

(9)

قوله: (عن) زيادة من (ن 5).

(10)

انظر: النوادر والزيادات: 9/ 218.

(11)

قوله: (إلى الذهن عرفًا) يقابله في (ن): (عرفا إلى الذهن).

ص: 325

بِقِيمَتِهِ، وَلَكَ أَحَدُ ثَوْبَيْهِ عَيَّنَ، وَإِلَّا فَإِنْ عَيَّنَ الْمُقَرُّ لَهُ أَجْوَدَهُمَا حَلَفَ، وَإِنْ قَالَ لَا أَدْرِي حَلَفَا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، وَاشْتَرَكَا، وَالاسْتِثْنَاءُ هُنَا كَغَيْرِهِ.

(الشرح)

قوله (1): (لا دَابَّةٌ في إصْطَبْلٍ) أي: فإن الإصطبل لا يلزمه باتفاق.

قوله: (وَأَلْفٌ، إِنِ اسْتَحَلَّ اوْ أَعَارَنِي، لَمْ يَلْزَمْ (2)) يريد: أن من علق إقراره بشرط استحلال (3) المقر له ما ادعاه في جهته أو بشرط (4) أن يعيره دابته أو عبده أو نحو ذلك، فوقع ذلك الشرط لا يلزمه ذلك إن أنكر صحة ما ادعاه المدعي، لأنه يقول ظننت أنه لا يستحل ذلك، وأنه لا يعيرني، وهكذا نص عليه ابن عبد الحكم (5).

قوله: (كَأَنْ حَلَفَ فِي غَيْرِ الدَّعْوَى) أي: وهكذا الحكم إذا قال له (6) عليّ ألف (7) ان حلف فحلف فلا يلزمه شيء؛ لأنه يقول ظننت أنه لا يحلف باطلًا، ابن سحنون: ولا يؤاخذ بذلك في إجماعنا ونحوه لابن عبد الحكم (8)، وأشار بقوله:(في غير الدعوى) إلى أن عدم اللزوم مقيد بما إذا كان ذلك في غير الدعوى (9) وكذا إذا قال (10) ابتداء له على كذا إن حلف، وأما إن ادعى عليه بذلك، فقال: احلف وخذه فحلف فهذا يلزمه ولا رجوع له، قاله ابن يونس.

قوله: (أَوْ شَهِدَ فُلانٌ غَيْرُ الْعَدْلِ) أي: وكذا لا يلزمه شيء إذا قال: "لك عليّ كذا" إن شهد به فلان ونص عليه مالك، وقيده ابن القاسم (11) كما أشار إليه هنا

(1) قوله: (قوله) ساقط من (ن 5).

(2)

قوله: (لَمْ يَلْزَمْ) ساقط من (ن 3).

(3)

قوله: (بشرط استحلال) يقابله في (ن): (باستحلال).

(4)

في (ن): (اشترط).

(5)

انظر: النوادر والزيادات: 9/ 241، وعقد الجواهر: 2/ 844، والذخيرة: 9/ 304.

(6)

قوله: (له) ساقط من (ن).

(7)

قوله: (عليّ ألف) يقابله في (ن 4): (على ألفان وألف).

(8)

انظر: النوادر والزيادات: 9/ 241.

(9)

قوله: (وأشار بقوله: "في غير الدعوى"

غير الدعوى) زيادة من (ن 5).

(10)

زاد بعده في (ن): (له).

(11)

في (ن): (ابن عبد الحكم).

ص: 326

بغير العدل (1).

قال (2): وأما العدل فيقبل عليه، وفي البيان ما معناه إن قال ذلك تزكية (3) وإبراء للشاهد لم يلزمه باتفاق (4)، وإن لم يقله (5) تزكية (6) فثلاثة أقوال عدم اللزوم مطلقًا لابن القاسم (7) وابن الماجشون وأصبغ وعيسى إلا أن يحكم (8) به عليه مع شاهد آخر (9) ومع (10) يمين الطالب (11).

ولمطرف: اللزوم مطلقًا دون يمين ولابن كنانة وابن دينار، واختاره سحنون (12): الفرق بين أن يحقق ما نازعه فيه خصمه، فلا يلزمه وإلا لزمه.

قوله: (وَهَذِهِ الشَّاةُ أَوْ هَذِهِ النَّاقَةُ، لَزِمَتْهُ الشَّاةُ، وَحَلَفَ عَلَيْهَا) أي: على الناقة (13) والمعنى أن من قال: لفلان عليّ هذه الشاة أو هذه الناقة، فإنما قبل حرف الشك يلزمه وهو الشاة، ويحلف على الناقة أنها ليست للمقر له، وقاله سحنون (14).

قوله: (وَغَصَبْتُهُ مِنْ فُلانٍ، لا بِلْ مِنْ آخَرَ، فَهُوَ لِلأَوَّلِ، وَقُضِىَ لِلثَّانِي بِقِيمَتِهِ) أي: وإن (15) قال لشيء بيده غصبته من زيد ثم أضرب عنه، وقال:"بل من عمرو" فإنه يقضى بذلك لزيد لأنه أقر له به أو لا، ويتهم (16) في إخراجه عنه ثانيًا، ويقضى لعمرو

(1) انظر: المدونة: 4/ 4.

(2)

قوله: (قال) ساقط من (ن 3).

(3)

في (ن 3): (تبكيتًا)، وفي (ن 5):(تبكية).

(4)

في (ن): (اتفاقا).

(5)

في (ن): (يقبله).

(6)

في (ن 3) و (ن 5): (تبكيتًا).

(7)

في (ن 3): (لابن عبد الحكم).

(8)

في (ن): (حكم).

(9)

في (ن 3): (المقر).

(10)

في (ن): (أو مع).

(11)

انظر: البيان والتحصيل: 9/ 435.

(12)

انظر: التوضيح: 6/ 438.

(13)

قوله: (أي: على الناقة) ساقط من (ن 3).

(14)

انظر: النوادر والزيادات: 9/ 154.

(15)

في (ن): (فإن).

(16)

في (ن 4) و (ن 5): (ولا يتهم).

ص: 327

بقيمته (1) يريد: إذا (2) كان من ذوات القيم، وإلا قضى بمثله ونص عليه ابن سحنون (3) وغيره، وهذا الذي ذكره هو المعروف من المذهب.

ابن القاسم: ولا يمين عليهما (4) إلا أن يدعيه الثاني فله حينئذ اليمين على الأول، فإن حلف فكما تقدم، وإن نكل الأول حلف الثاني وأخذ المقر به ولم يكن على المقر شيء (5).

قوله: (وَلَكَ أَحَدُ ثَوْبَيْهِ (6) عَيَّنَ (7) أي: فإن قال لك أحد هذين الثوبين ونحو ذلك أمر بتعيين المقر به، فإن عيّن الأعلى أو الأدنى ووافقه المُقَرُّ له (8) فلا كلام، وإن خالفه حلف المقر ودفع له ذلك، وإن (9) نكل حلف الطالب وأخذ الأعلى، ويبقى له الأدنى بتسلم المقر له.

قوله: (وَإِلا فَإِنْ عَيَّن الْمُقَرُّ لَهُ أَجْوَدَهُمَا حَلَفَ) أي: فإن (10) لم يعين المقرُ واحدًا منهما بل قال: لا أدري ونحوه، فإن الطالب إن عيّن أدناهما أخذه بغير يمين لبُعد التهمة، وإن عيّن أجودهما حلف وأخذه.

قوله: (وَإِنْ قَالَ لا أَدْرِي حَلَفَا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَاشْتَرَكَا) أي: وإن (11) قال المقر له أيضًا: لا أدري (12) حلف (13) على نفي العلم به (14) فيحلف المقر أولًا ثم المقر له ثانيًا،

(1) زاد في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (و).

(2)

في (ن): (إن).

(3)

انظر: شرح التلقين: 1/ 28، والتوضيح: 6/ 440.

(4)

زاد بعده في (ن): (وقال عيسى).

(5)

انظر: البيان والتحصيل: 14/ 168.

(6)

في (ن): (ثوبين).

(7)

قوله: (عَيَّنَ) ساقط من (ن 5).

(8)

قوله: (له) ساقط من (ن).

(9)

في (ن): (فإن).

(10)

في (ن): (وإن).

(11)

في (ن): (فإن).

(12)

زاد بعده في (ن): (أي بعد أن قال المقر لا أدري).

(13)

في (ن): (حلفا).

(14)

في (ن) و (ن 4): (المعرفة).

ص: 328

ويكونان (1) شريكين، وقاله ابن القاسم في العتبية، قال (2): وكذلك (3) الحكم إذا حلف المقر له دون المقر (4).

قوله: (وَالاسْتِثْنَاءُ هُنَا كَغَيْرِهِ) يريد: أن الاستثناء في هذا الباب كغيره من الأبواب التي يستثنى فيها بالأدوات كالطلاق والعتق (5)، ونبه بقوله:(كَغَيْرِهِ) على أنه يصح فيه استثناء الأكثر خلافًا لعبد الملك (6).

(المتن)

وَصَحَّ لَهُ الدَّارُ وَالْبَيْتُ لِي، وَبِغَيْرِ الْجِنْسِ كَأَلْفٌ إِلَّا عَبْدًا، وَسَقَطَتْ قِيمَتُهُ، وَإِنْ أَبْرَأ فُلَانًا مِمَّا لَهُ قِبَلَهُ، أَوْ مِنْ كُلِّ حَقٍّ، أَوْ أَبْرَأَهُ بَرِئَ مُطْلَقًا. وَمِنَ الْقَذْفِ وَالسَّرِقَةِ، فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ وَإِنْ بِصَكٍّ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ بَعْدَهُ. وَإِنْ أَبْرَأَهُ مِمَّا مَعَهُ بَرِئَ مِنَ الأَمَانَةِ، لَا الدَّيْنِ.

(الشرح)

قوله: (وَصَحَّ لَهُ الدَّارُ وَالْبَيْتُ لِي) يريد: أنه كما يصح الاستثناء الاصطلاحي بأدواته كذلك يصح ما يؤدي إليه عرفًا، ولو خالف اللغة ابن سحنون: ومن في يده دار فأقر أنها لفلان إلا بيتًا معلومًا (7) فإنه لي فإقراره جائز على ما استثنى في إجماعنا (8)، وكذلك (9) إلا ثلثها أو تسعة أعشارها فإنه لي، فهو كما قال، ومثله لابن المواز، وقال أشهب وسحنون: إن (10) قال هذه الدار لفلان والبيت لي، فإن جميع الدار لفلان (11)،

(1) في (ن): (ويكونا).

(2)

قوله: (قال) ساقط من (ن 5).

(3)

في (ن): (وكذا).

(4)

قوله: (المقر له دون المقر) يقابله في (ن 3): (المقر ثانيا). وانظر: البيان والتحصيل: 14/ 151 - 152.

(5)

في (ن): (العتاق).

(6)

انظر: الذخيرة: 9/ 295، والمعونة: 1/ 212، والتوضيح: 5/ 560.

(7)

زاد في (ن 3): (قال).

(8)

في (ن): (إجماعهم).

(9)

في (ن): (وكذا).

(10)

في (ن): (إذا).

(11)

قوله: (والبيت لي، فإن جميع الدار لفلان) ساقط من (ن 3).

ص: 329

ولا يصدق في البيت إلا أن يكون الكلام (1) نسقًا (2).

قوله: (وَبِغَيْرِ الْجنْسِ كَأَلْفٍ، إِلا عَبْدًا، وَسَقَطَتْ قِيمَتُهُ) يريد: أن الاستثناء من غير الجنس يصح أيضًا، ابن شاس: كقوله: له على ألف درهم إلا ثوبًا أو عبدًا أو دابة، وقيل: استثناؤه باطل، ويلزمه ما أقرّ به كاملًا (3)، وعك الأول فقال ابن شاس: يقال له: اذكر قيمة الثوب أو العبد الذي استثنيته (4)، ثم تكون مقرًا بما فضل من الألف عن (5) قدر قيمته (6)، وإليه أشار بقوله:(وَسَقَطَتْ قِيمَتُهُ) أي: قيمة المستثنى أي: ما لم يذكر قيمة (7) تستغرق الألف، فإن الاستثناء يبطل قاله (8) في الجواهر (9).

قوله: (وَإِنْ أَبْرَأَ فُلانًا مِمَّا لَهُ قَبِلَهُ. أَوْ مِنْ كُلِّ حَقٍّ، أَوْ أَبْرَأَهُ. بَرِئَ مُطْلَقًا) يريد: أن من أبرأ شخصًا معينا مما اله قبله من الدين أو مما يدعيه (10) قبله (11) أو أبرأه (12) من كل حق له عليه أو قال: أبرأت ذمته فقط، فإنه يبرأ منه (13) مطلقًا، وليس له بعد ذلك مطالبته (14) بوجه من الوجوه.

قوله: (وَمِنَ الْقَذْفِ وَالسِّرِقَةِ) يريد: ما لم يبلغ الإمام، فإن (15) بلغه فليس له حينئذ

(1) قوله: . (الكلام) زيادة من (ن 5).

(2)

انظر: النوادر والزيادات: 9/ 210.

(3)

انظر: عقد الجواهر، : 2/ 846.

(4)

في (ن): (استثنيت).

(5)

في (ن): (من).

(6)

انظر: عقد الجواهر: 2/ 846.

(7)

قوله: (قيمة) ساقط من (ن).

(8)

في (ن): (وقاله).

(9)

انظر: عقد الجواهر: 2/ 846.

(10)

في (ن): (يدع).

(11)

قوله: (أو مما يدعه قبله) ساقط من (ن 4).

(12)

في (ن): (أبرأ).

(13)

قوله: (منه) ساقط من (ن).

(14)

في (ن): (مطالبة).

(15)

في (ن): (فإذا).

ص: 330

إسقاطه إلا أن (1) يريد سترًا على نفسه، ومراده بالبراءة من السرقة، أي: إبراء (2) ذمته من المطالبة بالمسروق، لا أنه أبرأه من الحد، فإنه حق لله تعالى فليس (3) لأحد إسقاطه.

قوله: (فَلا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ (4)، وَإِنْ بِصَكٍّ، إِلا بِبَيِّنَةٍ، أنّه بَعْدَهُ) أي: فبسبب (5) أن الغريم يبرأ مما له قبله فلا تقبل دعوى الطالب بعد ذلك فيما ادعاه قبله من سائر الحقوق، وإن أخرج على ذلك مكتوبًا، وهو المراد بالصك إلا أن يقيم بينة، أن الصك إنما (6) كتب بعد الإبراء.

قوله: (وَإِنْ أَبْرَأَهُ مِمَّا معه (7) بَرِئَ مِنَ الأَمَانَةِ لا الدَّينِ) يريد: أن (8) من أبرأ ذمة شخص مما له معه (9) فإنه يبرأ من الأمانة، أي: من (10) الوديعة والقراض والإبضاع ونحو ذلك، ولا يبرأ مما عليه من الدين. قلت: ولعل ذلك (11) إذا كان العرف كذلك، وأما إذا كان العرف مساواة الدين بغيره (12) فلا، والجاري عندنا الآن أنه إذا قال: ليس لي معه شيء يتناول الدين وغيره، وأما إذا لم يكن له (13) عنده وديعة ولا غيرها من الأمانات (14)، وله عنده دين حال (15)، فقال: أبرأت ذمته مما لي معه فلا ينبغي أن

(1) زاد بعده في (ن): (يكون).

(2)

قوله: (أي: إبراء) يقابله في (ن): (براءة).

(3)

في (ن): (ليس).

(4)

في (ن): (دعوى).

(5)

قوله: (فبسبب) زيادة من (ن 5).

(6)

في (ن): (قد).

(7)

قوله: (مما معه) يقابله في (ن 4): (له قبله).

(8)

قوله: (أن) ساقط من (ن).

(9)

في (ن 5): (له قبله).

(10)

قوله: (من) ساقط من (ن).

(11)

في (ن): (هذا).

(12)

قوله: (بغيره) ساقط من (ن 3).

(13)

قول: (له) زيادة من (ن).

(14)

في (ن): (الأمانة).

(15)

قوله: (حال) زيادة من (ن 3).

ص: 331

يختلف (1) في إسقاط الدين.

فصل (2)[في أحكام الاستلحاق]

(المتن)

فَصْلٌ إِنَّمَا يَسْتَلْحِقُ الأَبُ مَجْهُولَ النَّسَبِ، إِنْ لَمْ يُكَذِّبْهُ العَقْلُ لِصِغَرِهِ، أَوِ الْعَادَةُ، إنْ لَمْ يَكُنْ رِقًّا لِمُكَذِّبِهِ، أَوْ مَوْلًى؛ فإنه لا يُلْحَقُ بِهِ، وَفِيهَا أَيْضًا يُصَدَّقُ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ مُشْتَرِيهِ إِنْ لَمْ يُسْتَدَلَّ عَلَى كَذِبِهِ، وِإِنْ كَبِرَ أَوْ مَاتَ وَوَرِثَهُ، إِنْ وَرِثَهُ ابْنٌ، أَوْ بَاعَهُ، وَنُقِضَ وَرَجَعَ بِنَفَقَتِهِ، إِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ خِدْمَةٌ عَلَى الأَرْجَحِ، وَإِنِ ادَّعَى اسْتِيلَادَهَا بسَابِقٍ، فَقَوْلَانِ. فِيهَا وَإِنْ بَاعَهَا فَوَلَدَتْ فَاسْتَلْحَقَهُ لَحِقَ وَلَمْ يُصَدِّقْ فِيهَا، إِنِ اتُّهِمَ بِمَحَبَّةٍ، أَوْ عَدَمِ ثَمَنٍ، أَوْ وَجَاهَةٍ، وَرَدَّ ثَمَنَهَا، وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ مُطْلَقًا،

(الشرح)

(إِنَّمَا يَسْتَلْحِقُ الأَبُ مَجْهُولَ النَّسَبِ) المشهور أنه لا يستلحق من الأقارب إلا الأب، ولهذا ذكره بصيغة الحصر، وقال أشهب: يصح استلحاق الجد (3). بعض الأشياخ: والمذهب أن الورثة إذا اجتمعوا على ذلك لم يستلحقوا، ومذهب بعضهم ثبوت النسب، وفي كلام ابن القصار ما ظاهره كذلك (4)، قال في الجواهر: فلو استحلق مجهول النسب لحق به عند ابن القاسم (5)، وقال سحنون: لا يلحق به إذا لم يتقدم له نكاح ولا ملك يمين على أمة لجواز أن يكون منه (6).

قوله: (إِنْ لَمْ يُكَذِّبْهُ الْعَقْلُ لِصِغَرِهِ، أَوِ الْعَادَةُ) يعني: أن الأب يجوز له ذلك ما لم يكذبه العقل (7) بأن يقول هذا ابني لشخص أكبر منه سنًا (8) أو العادة. ابن شاس: مثل أن

(1) في (ن 3): (يبرأ)، وفي (ن) و (ن 5):(يمتري).

(2)

في (ن): (باب).

(3)

انظر: النوادر والزيادات: 13/ 190.

(4)

في (ن): (ذلك).

(5)

انظر: المدونة: 4/ 12.

(6)

انظر: النوادر والزيادات: 9/ 403.

(7)

في (ن) و (ن 5): (الحس).

(8)

قوله: (منه سنًا) يقابله في (ن): (سنا منه).

ص: 332

يستيقن (1) الناس أنه ليس بولده مثل (2) إذا كان الغلام هنديًا والرجل فارسيًا (3).

قوله: (وَلَمْ يَكُنْ رِقًّا لِمُكَذِّبِهِ أَوْ مَوْلًى فإنه (4) لا يلحقُ (5) بِهِ) أي: وكذا (6) يشترط في استلحاق الأب ألا يكون مَن استلحقه رقًا لغيره، وهو واضح لأنه يتهم على خلاص رقبته من الرق، والسيد يكذبه، أما لو صدقه على ذلك لحق به، قال في المدونة: ومن استلحق صبيًا في ملك الغير (7) أو بعد أن أعتقه غيره أيصدق إذا أكذبه (8) الحائز لرقبته أو ولائه، ولا يرثه إلا ببينة ثبتت (9)، ثم أشار بقوله:(وَفِيهَا أَيْضًا، يُصَدَّقُ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ مُشْتَرِيهِ إِنْ لَمْ يُسْتَدَلَّ عَلَى كَذِبِهِ) إلى قوله في المدونة: قيل لابن القاسم في باب آخر: أرأيت من باع صبيًا ولد عند (10) فأعتقه المبتاع ثم استلحقه البائع أتقبل (11) دعواه وينقض البيع فيه والعتق، قال: إن لم يتبين كذبه فالقول قوله. سحنون: وهذه المسألة أعدل قوله في هذا الأصل (12).

قوله: (وَإِنْ كَبِرَ أَوْ مَاتَ) يريد: أن الاستلحاق يصح ولو كان المقر به كبيرًا وليس له مقال في ذلك لأنه لا يقبل (13) دعوى القر إلا بنفي العلم لا بالتحقيق (14) ونبه به على

(1) في (ن 4): (يشهد).

(2)

في (ن): (كما).

(3)

انظر: عقد الجواهر: 2/ 846.

(4)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (لكنه).

(5)

في (ن) و (ن 4) و (ن 5): (لَكِنَّهُ يُلْحَقُ).

(6)

في (ن): (وكذلك).

(7)

في (ن): (غيره).

(8)

في (ن): (كذبه).

(9)

في (ن): (تثبت). وانظر: المدونة، دار صادر: 8/ 332

(10)

في (ن): (عنده)، وقوله:(ولد عنده) يقابله في (ن 3): (وهو عبده).

(11)

في (ن): (أيقبل).

(12)

انظر: المدونة: 3/ 543. (2/ 548).

(13)

في (ن): (يقابل).

(14)

زاد بعده في (ن 4): (ابن عبد السلام: فإن ادعى التحقيق لم يلتفت إليه إلا بالبينة على شيء من القيود التي تقدمت).

ص: 333

أن الصغير لا كلام له من باب الأولى (1)، قال في النوادر: ولا يلتفت إلى تصديق الولد ولا إلى تكذيبه، وفي الكافي يشترط (2) في الولد الكبير أن يكون حيًا (3)، ولو استلحق ولدًا كبيرًا ميتًا فلا يجوز (4) لأن ذلك يحتاج إلى تصديقه، وهو قد عَلم بموته بخلاف الصغير فإنه يستلحقه ويلحق به ولو مات (5)، وعلى هذا فقوله:(أو (6) مات) أي: صغيرًا، وعلى قول ابن أبي زيد وغيره: لا يحتاج إلى هذا القيد ويلحقه وإن مات كبيرًا، وكلامه محتمل للتقييد وعدمه.

قوله: (وَوَرِثَهُ إِنْ وَرِثَهُ ابْنٌ) أي: وورث الأب الولد الميت إن كان للميت ابن يرثه، وهذا نحو قوله في اللعان من المدونة: ومن نفى ولدًا بلعانه ثم ادعاه بعد أن مات الولد عن مال، فإن كان لولده ولد ضرب الحد وألحق (7) به، وإن لم يترك ولدًا لم يقبل قوله؛ لأنه يتهم في ميراثه، ويحد ولا يرثه (8)، وحكى عن أشهب أنه لا شيء له، واختاره ابن القصار (9).

قوله: (أَوْ بَاعَهُ وَنُقِضَ وَرَجَعَ بِنَفَقَتِهِ إِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ خِدْمَةٌ عَلَى الأَرْجَحِ) هو عطف على (كبر). (10) قال مالك في المدونة فيمن باع صبيًا ولد عنده (11)، ثم أقر بعد ذلك أنه

(1) في (ن): (أولى).

(2)

زاد بعده في (ن): (التصديق).

(3)

قوله: (في الولد الكبير أن يكون حيًا) يقابله في (ن 5): (تصديق الولد الكبير قال)، قوله:(أن يكون حيًا) ساقط من (ن).

(4)

في (ن): (يلحق).

(5)

انظر: التوضيح: 6/ 446.

(6)

في (ن 3) و (ن 4): (ولو).

(7)

في (ن): (ولحق).

(8)

قوله: (ويحد ولا يرثه) ساقط من (ن 3). وانظر: المدونة: 2/ 361.

(9)

انظر: التوضيح: 4/ 580.

(10)

قوله: ("وَنُقِضَ وَرَجَعَ بِنَفَقَتِهِ"

هو عطف على "كبر") يقابله في (ن): (معطوف على قوله وإن كبر أو مات ونقض ورجع بنفقته إن لم تكن له خدمة على الأرجح)، وقوله:(هو عطف على "كبر") زيادة من (ن 5).

(11)

قوله: (ولد عنده) يقابله في (ن 3): (ولو عبده)، وفي (ن 5):(ولد عنه).

ص: 334

ابن له لحق به، ورد الثمن إلا أن يتبين كذبه، وقد نزلت بالمدينة فقضى فيها (1) بعد خمس عشرة سنة (2). ابن يونس: واختلف فقهاؤنا (3) القرويون هل يرجع المشتري على البائع بنفقة الولد (4) يوم استلحاقه (5)، فحكى عن أبي بكر بن عبد الرحمن أنه يرجع بها، وقال غيره: لا يرجع، وقال غيرهما: إن كان فيه خدمة وأقر المبتاع بخدمته أو ثبت أنه خدمه فلا نفقة له، والنفقة بالخدمة، وإن كان صغيرًا لا خدمة فيه رجع بالنفقة. ابن يونس: وهذا أعدلها (6)، لأنه اشتراه للخدمة والنفقة عليه، وقد حصل له غرضه ولا (7) تباعة له، ومثله عن سحنون: وهذا معنى قوله: (وَرَجَعَ بِنَفَقَتِهِ. إلى آخره).

قوله: (وَإِنِ ادَّعَى اسْتِيلادَهَا بِسَابِقٍ) أي بملك سابق (8) - (فَقَوْلانِ فيها) أي وإن ادعى المستلحق استيلاد الأمة التيَ باعها بسابق أي: بملك سابق فقولان فيها، أي: في الأمة، واحترز به من الولد فإنه يلحق به (9) على كل حال كما سيذكره.

قوله: (وَإِنْ بَاعَهَا فَوَلَدَتْ فَاسْتَلْحَقَهُ لَحِقَ) أي: إذا (10) باع الأمة وهي حامل فولدت عند المبتاع ثم استلحق ولدها لحقَ به، وقاله في المدونة، قال فيها: وله أخذ الأم إن لم يتهم فيها لزيادتها، وردّ الثمن (11)، وإليه أشار بقوله:(وَلَمْ يُصَدِّقْ فِيهَا، إِنِ اتُّهِمَ بِمَحَبَّة (12)، أَوْ عَدَمِ ثَمَنٍ، أَوْ وجاهة (13)، وَرَدَّ ثَمَنَهَا) ثم قال (14)(وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ مُطْلَقًا)

(1) في (ن 3): (بها).

(2)

انظر: المدونة: 2/ 543.

(3)

في (ن): (فيها).

(4)

زاد بعده في (ن): (إلى).

(5)

في (ن 5): (استحقاقه).

(6)

في (ن): (أعدلهما).

(7)

في (ن): (فلا).

(8)

قوله: (أي: بملك سابق) زيادة من (ن 4).

(9)

في (ن): (يلحقه).

(10)

في (ن): (وإذا).

(11)

انظر: المدونة: 2/ 531.

(12)

في (ن 4): (بمحبته).

(13)

في (ن): (واجهة).

(14)

قوله: (ثم قال) ساقط من (ن 3).

ص: 335

أي: على كل حال، وهو ظاهر التصور.

(المتن)

وَإِنِ اشْتَرَى مُسْتَلْحَقَةً وَالْمِلْكُ لِغَيْرِهِ عَتَقَ، كَشَاهِدٍ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ، وَإِنِ اسْتَلْحَقَ غَيْرَ وَلَدٍ لَمْ يَرِثْهُ إِنْ لم يكن له وَارِثٌ، وَإِلَّا فَخِلَافٌ. وَخَصَّهُ الْمُخْتَارُ بِمَا إِذَا لَمْ يَطُلِ الإِقْرَارُ، وَإِنْ قَالَ لِأَوْلَادِ أَمَتِهِ: أَحَدُهُمْ وَلَدِي عَتَقَ الأَصْغَرُ، وَثُلُثَا الأَوْسَطِ، وَثُلُثُ الأَكْبَرِ. وَإِنِ افْتَرَقَتْ أُمَّهَاتُهُمْ فَوَاحِدٌ بِالْقُرْعَةِ، وَإِذَا وَلَدَتْ زَوْجَة رَجُلٍ وَأَمَةُ آخَرَ وَاخْتَلَطَا عَيَّنَتْهُ الْقَافَةُ، وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ وَجَدَتْ مَعَ ابْنَتِهَا أُخْرَى لَا تُلْحَقُ بِهِ وَاحِدَةٌ.

(الشرح)

قوله: (وَإِنِ اشْتَرَى مُسْتَلْحَقَةً (1) وَالْمِلْكُ لِغَيْرِهِ عَتَقَ) والواوفي قوله: (وَالْمِلْكُ لِغَيْرِهِ) واو الحال، والمعنى: أن من استلحق ابن أمة غيره أو ادعى نكاحها (2) ثم اشتراه فإنه يعتق عليه، قال في المدونة: كمن ردت شهادته في عتقه ثم ابتاعه (3)، وإليه (4) أشار بقوله:(كَشَاهِدِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ) أي: كشاهد شهد على غيره بعتق عبده، ثم فلم (5) تقبل شهادته ثم ابتاعه من سيده فإنه يعتق عليه؛ لأنه معترف بحريته فلا يجوز له استرقاقه.

قوله: (وإِنِ اسْتَلْحَقَ غَيْرَ وَلَدٍ لَمْ يَرِثْهُ إِنْ لم يكن له (6) وَارِثٌ) (7) أي: فإن كان المقر به غير ولد (8) كالأخ وابن العم وابن الأخ ونحوهم فإنه لا يأخذ شيئًا من ميراثه إن لم يكن له وارث (9). ابن شاس: ولا يثبت له بذلك نسب (10) أيضا، لأنه إقرار على الغير (11).

قوله: (وَإِلا فَخِلافٌ) أي: وإن كان له وارث فاختلف هل يرثه معه أم لا؟ هذا

(1) في (ن): (مستلحقه).

(2)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (وادعى إنكاحها).

(3)

انظر: المدونة: 2/ 449.

(4)

في (ن): (وإلى هذا).

(5)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (عبد، ثم أنه لم).

(6)

قوله: (له) زيادة من (ن 3).

(7)

في (ن): (وارثًا).

(8)

في (ن): (ولدك).

(9)

قوله: (إن لم يكن له وارث) في المطبوع من مختصر خليل: (إن كان وارث).

(10)

قوله: (نسب) ساقط من (ن).

(11)

انظر: عقد الجواهر: 2/ 848.

ص: 336

معنى كلامه، وأنت إذا تأملت (1) وجدته على العكس مما عليه أصحابنا، وهو أن الخلاف المشار إليه إنما هو مع عدم الوارث، وأما مع وجوده فلا، ونص ما في الجواهر: إذا (2) أقر بولد ولد (3) أو بإخوة أو بعمومة (4) أو غير ذلك فهو إقرار على الغير بالنسب، فلا يقبل، ولا يثبت له بذلك نسب، ثم إن كان له وارث معروف فلا يرث هذا منه شيئًا، وإن لم يكن له وارث معروف ولا موالي (5) غير هذا الذي أقر به، فإنه يرثه بذلك الإقرار، وسواء كان ذلك في الصحة أو في المرض إلا أن يأتي وارث معروف ببينة فيكون أحق بالميراث، وقال سحنون: ورواه (6) عن المغيرة: إنه لا يرثه، وإن لم يكن له وارث معروف (7) لأن المسلمين يرثونه، فذلك كالوارث المعروف (8)، فلم يحك (9) الخلاف إلا مع عدم الوارث ونحوه لابن الحاجب، ومشاه الشيخ وغيره من الشراح (10)، ولم يعترضوه (11) وما أظن هذا الذي وقع منه هنا إلا سهوًا فانظره. واختلف في تعيين المشهور من القولين، فقال الباجي الذي عليه مالك وجمهور أصحابنا قبول إقراره، ويرثه المقر به ولا يثبت نسبه بذلك (12)، وقاله أصبغ وسحنون، (13) ثم قال سحنون: لا يرثه لأن المسلمين يرثونه (14)، وقاله أشهب (15)،

(1) في (ن): (تأملته).

(2)

في (ن): (وإذا).

(3)

قوله: (ولد) ساقط من (ن 4).

(4)

في (ن): (عمومة).

(5)

في (ن): (مولى).

(6)

زاد بعده في (ن 4): (غيره).

(7)

قوله: (ولا موالي غير هذا الذي أقر به. وارث معروف) ساقط من (ن 3).

(8)

انظر: عقد الجواهر: 2/ 848.

(9)

في (ن 3): (يدخله).

(10)

في (ن 4): (الأشياخ).

(11)

في (ن 4): (يفترضوه).

(12)

انظر: المنتقى: 7/ 338.

(13)

قوله: (وسحنون) ساقط من (ن).

(14)

انظر: النوادر والزيادات: 13/ 188.

(15)

انظر: النوادر والزيادات: 13/ 189.

ص: 337

وأنكر ابن يونس نسبة الأول إلى المذهب (1) إلا على قول شاذ لابن القاسم، والثاني: عنده هو المذهب، وخص اللخمي الخلاف بما إذا لم يطل أمد إقراره وأما إذا طال فلا، لأن قرينة الحال مع الطول تدل على صدقه فيما قال غالبًا، وإليه أشار بقوله:(وَخَصَّهُ الْمُخْتَارُ (2) بِمَا إِذَا لَمْ يَطُلِ الإقْرَارُ).

قوله: (وَإِنْ قَالَ لأَوْلادِ أَمَتِهِ: أَحَدُكمْ (3) وَلَدِي عَتَقَ الأَصْغَرُ وثلثا الأوسط وثلث (4) الأكبر) يريد: ومات المقر ولم يُعلم المقر به منهم (5) وإنما عتق الأصغر منهم (6) كله لأنه حر على كل تقدير، لأن المقر به إن كان الأكبر فكلهم أحرار، وإن كان الأوسط فهو والأصغر حران، وإن كان الصغير وحده فهو حر، وعتق ثلثا الأوسط؛ لأنه على تقديرين حر، وعلى تقدير واحد رقيق، والأكبر على تقديرين رقيق، وعلى تقدير واحد حر فلهذا عتق ثلثه فقط، ونُقل هذا عن المغيرة (7)، ونُقل عن (8) سحنون أن الصغير وحده حر، وقال ابن عبد الحكم يعتق الجميع الصغير على كل حال، والآخران بالشك (9)، وقيل: ويُقرع بينهم. ابن رشد (10): ومعناه بين الأكبر والأوسط لأن الصغير حر على كل حال (11). ابن رشد: ولا خلاف أنه لا إرث لأحدهم (12).

قوله: (وَإِنِ افْتَرَقَتْ أُمَّهَاتُهُمْ فَوَاحِدٌ بِالْقُرْعَةٍ) يريد: أن ما تقدم إنما هو إذا كان

(1) قوله: (إلى المذهب) يقابله في (ن): (للمذهب).

(2)

في (ن): (بالمختار).

(3)

في (ن): (أحدهم).

(4)

قوله: (الأوسط وثلث) ساقط من (ن 3).

(5)

قوله: (المقر به منهم) ساقط من (ن).

(6)

قوله: (وثلثا الأوسط

عتق الأصغر منهم) ساقط من (ن 4)، وقوله:(منهم) ساقط من (ن).

(7)

هاهنا انتهت نسخة (ز 3).

(8)

قوله: (عن) ساقط من (ن).

(9)

انظر: النوادر والزيادات: 13/ 198.

(10)

في (ن 4): (ابن شاس). وانظر: البيان والتحصيل: 14/ 269.

(11)

انظر: البيان والتحصيل: 14/ 270.

(12)

قوله: (ابن رشد: ولا خلاف أنه لا إرث لأحدهم) زيادة من (ن 5). وانظر: البيان والتحصيل: 14/ 270.

ص: 338

الأولاد الثلاثة من أم (1) واحدة، وأما إن كان كل واحد من أم، فإنه يقرع بينهم في أيهم يخرج حرًّا، قال (2) في العتبية: كمن قال أحد عبيدي حر (3)، وقال المخزومي: يعتق ثلث كل واحد ويرق ثلثاه.

قوله: (وَإِذَا وَلَدَتْ زَوْجَةُ رَجُلٍ وَأَمَةُ آخَرَ وَاخْتَلَطَا عَيَّنَتْهُ الْقَافّةُ) وهو ظاهر التصور. قوله: (وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ وَجَدَتْ مَعَ ابْنَتِهَا أُخْرَى لا تُلْحَقُ بِهِ وَاحِدَةٌ) وإنما ذكر هذا الفرع عقب (4) الذي قبله لأن ظاهرهما التعارض (5) إذا عملوا (6) القافة في الأول (7)، ولم ير ذلك ابن القاسم في الثاني، ولا فرق، وبهذا قال ابن المواز وقال (8) سحنون: تدعى لهما القافة أيضا (9).

(المتن)

وَإِنَّمَا تَعْتَمِدُ الْقَافَةُ عَلَى أَبٍ لَمْ يُدفَنْ، وَإِنْ أَقَرَّ عَدْلَانِ بِثَالِثٍ ثَبَتَ النَّسَبُ، وَعَدْلٌ يَحْلِفُ مَعَهُ وَيَرِثُ، وَلَا نَسَبَ وَإِلَّا فَحِصَّةُ الْمُقِرِّ كَالْمَالِ. وَهَذَا أَخِي بَلْ هَذَا؛ فَلِلأَوَّلِ نِصْفُ إِرْثِ أَبِيهِ، وَللثَّانِي نِصْفُ مَا بَقِيَ، وَإنْ تَرَكَ أُمًّا وَأَخًا، فَأَقَرَّتْ بِأَخٍ فَلَهُ مِنْهَا السُّدُسُ، وَإِنْ أَقَرَّ مَيِّتٌ بِأَّنَّ فُلَانَةَ جَارِيَتَهُ وَلَدَتْ مِنْهُ فُلَانَةَ ابنته وَلَهَا ابْنَتَانِ أيْضًا وَنَسِيَتْهَا الْوَرَثَةُ وَالْبَيِّنَةُ، فَإِنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ الْوَرَثَةُ فَهُنَّ أَحْرَارٌ. وَلَهُنَّ مِيرَاثُ بِنْتٍ، وَإِلَّا لَمْ يَعْتَقْ شَيْءٌ وَإِنِ اسْتَلْحَقَ وَلَدًا ثُمَّ أَنْكَرَهُ، ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ فَلَا يَرِثُهُ، وَوُقِفَ مَالُهُ، فَإِنْ مَاتَ فَلِوَرَثَتِهِ. وَقُضِيَ بِهِ دَيْنُهُ، وَإِنْ قَامَ غُرَمَاؤُهُ وَهُوَ حَيٌّ أَخَذُوهُ.

(الشرح)

قوله: (وَإِنَّمَا تَعْتَمِدُ الْقَافَةُ عَلَى أَبٍ لَمْ يُدْفَنْ) يريد: أنها لا تعتمد في الإلحاق إلا على الأب

(1) في (ن 3): (أمة).

(2)

في (ن): (وقال).

(3)

انظر: البيان والتحصيل: 6/ 135.

(4)

في (ن): (عقيب).

(5)

في (ن 5): (التعاوض).

(6)

في (ن 3): (علموا).

(7)

في (ن): (الأولى).

(8)

قوله: (وقال) ساقط من (ن).

(9)

انظر: النوادر والزيادات: 13/ 201.

ص: 339

الحي أو مات ولم يدفن، وقال سحنون: تعتمد على شبه العصبة في موت الأب (1).

قوله: (وَإِنْ أَقَرَّ عَدْلانِ بِثَالِثٍ. ثَبَتَ النَّسَبُ) يريد: سواء كانا (2) ولدين فأقرا بثالث أو عمين أو أخوين فأقر بآخر.

قوله: (وَعَدْلٌ يَحْلِفُ مَعَهُ وَيَرِثُ وَلا نَسَبَ) أي: فإن كان المقر عدلًا واحدًا حلف المقر له وورث، ولا يثبت له بذلك نسب.

قوله: (وَإِلا فَحِصَّةُ المُقِرِّ كَالْمَالِ) أي: فإن لم يكن القر عدلًا (3) فإن القر له (4) لا يرث إلا من حصة (5) المقر فقط، وهكذا نقل ابن شاس (6) وتبعه صاحب الذخيرة (7) وابن الحاجب ونحوه للباجي (8)، والمذهب على ما نقله العلماء من أصحابنا أنه لا فرق بين العدل وغيره في ذلك، وأن المقر به إنما يشارك المقر، وحده على ما علمت، ولهذا وَهَم بعض الأشياخ. ابن الحاجب وغيره فيما ذكروه (9)، والمشهور أن المقر له يأخذ من المقر ما زاد على تقدير دخوله مع الورثة، فإذا أقر أحد الولدين بثالث ولم يصدقه أخوه أخذ المنكر النصف من التركة، والمقر الثلث لأنه القدر الذي يخصه على تقدير ثبوت (10) المقر به، ويدفع السدس، وقال ابن كنانة: بل يساوي المقر إن كانت التركة عينًا (11)، انظر الكبير.

قوله: (وَهَذَا أَخِي، بِلْ هَذَا، فَلِلأَوَّلِ نِصْفُ إِرْثِ أَبِيهِ، وَلِلثَّانِي (12) نِصْفُ مَا بَقِيَ)

(1) انظر: النوادر والزيادات: 13/ 201.

(2)

قوله: (سواء كانا) يقابله في (ن): (كانوا).

(3)

قوله: (واحدًا حلف المقر له وورث

المقر عدلًا) ساقط من (ن 3).

(4)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (به).

(5)

في (ن 5): (جهة).

(6)

انظر: عقد الجواهر: 2/ 849.

(7)

انظر: الذخيرة: 7/ 179.

(8)

انظر: المنتقى: 7/ 338.

(9)

في (ن): (ذكره).

(10)

زاد بعده في (ن 4): (نسب).

(11)

انظر: التوضيح: 6/ 451.

(12)

في (ن): (والثاني).

ص: 340

يريد: أن من (1) مات وترك ولدًا فقال لشخص (2): هذا أخي، ثم قال: لا، بل هذا، فإن الأول يأخذ نصف ما ترك (3) الأب، لأن أخاه اعترف له بذلك، ولا يضره قوله ثانيًا: لا بل هذا، وإنما يتناول الضرر المقر وحده، ولهذا يأخذ منه الثاني نصف ما بيده. وقال سحنون: إنما يدفع له ثلث ما بيده خاصة (4)، قوله:(وَإِنْ ترَكَ أُمًّا وَأَخًا، فَأَقَرَّتْ بِأَخٍ فَلَهُ مِنْهَا السُّدُسُ) أي: فإن مات شخص وترك أمًا وأخًا فأقرت الأم بأخ آخر وأنكره الأخ، فإن المقر له يأخذ منها السدس ويترك (5) السدس لاعترافها بأنها لا تستحق غيره، إذ هو (6) فرضها مع وجود (7) الأخوين فصاعدًا، ولا شيء للمنكر من السدس المقر به لاعترافه أن الأم ترث معه الثلث، وأنه لا يرث غير الثلثين، وهو مذهب الموطأ، وعليه العمل، وروي أن المنكر يقاسم القر به (8) في السدس، لأن الأم أقرت به لهما، وقيل: يوقف نصيب المنكر من السدس، فإن صدق الأم أخذه ودفع لأخيه نصف السدس (9)، وقيل: إن صدقها أخذ السدس، وكان بقية التركة بينهما، فإن كذبها كان السدس للمقر به، وإن قال: لا أدري قسم السدس بينهما.

قوله: (وَإِنْ أَقَرَّ مَيِّتٌ بِأَنَ فُلانَةَ جَارِيَتَهُ وَلَدَتْ مِنْهُ فُلانَةَ ابنته (10) وَلَهَا ابْنَتَانِ أَيْضًا (11) وَنَسِيَتْهَا الْوَرَثَةُ، وَالْبَيِّنَةُ (12) فإن أقر بذلك الورثة، فهن أحرار، ولهن ميراث بنت وإلا لم يعتق شيء).

(1) قوله: (أن من) يقابله في (ن): (إن).

(2)

في (ن): (للشخص).

(3)

في (ن): (تركه).

(4)

انظر: الذخيرة: 13/ 106.

(5)

زاد في: (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (لها).

(6)

في (ن 4): (هي).

(7)

قوله: (وجود) ساقط من (ن).

(8)

في (ن): (له).

(9)

في (ن) و (ن 4): (الثلثين).

(10)

قوله: (فُلانَةَ ابنته) يقابله في (ن): (وأن ابنتها فلانة ابنته).

(11)

زاد بعده في (ن): (ثم مات).

(12)

زاد بعده في (ن): (أي اسمها).

ص: 341

قوله: (أَقَرَّ مَيِّتٌ) أي: عند موته، وكلامه مختصر من قول ابن شاس: وإذا أقر عند موته أن فلانة جاريته ولدت منه، وأن ابنتها فلانة ابنته، وللأمة ابنتان أخريان ونسيت البينة والورثة اسمها (1) وأقر بذلك الورثة، فهن كلهن أحرار ولهن الميراث (2)، ميراث واحدة من البنات يقسم بينهن، ولا يلحق به نسب واحدة منهن، وإن لم يقر الورثة بذلك ونسيت البينة اسمها فلا تعتق واحدة منهن (3).

قوله: (وَإِنِ اسْتَلْحَقَ وَلَدًا ثُمَّ أَنْكَرَهُ (4)، ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ فَلا يَرِثُهُ (5)) أي: ثم مات الولد عن مال، وقوله (6)(فَلا يَرِثُ) أي فلا يرث (7) الأب الولد.

قوله: (وَوقِفَ مَالُهُ فَإِنْ مَاتَ فَلِوَرَثَتِهِ وَقُضِيَ (8) به دَيْنُهُ وَإِنْ قَامَ غُرَمَاؤُهُ وهو حي أَخَذُوه (9) أي فإن مات الأب أخذ ورثته المال الموقوف وإن كان عليه (10) ديون قضيت منه وإن قام غرمائه (11) في حال حياته أخذوا المال أي: إن كان قدر دينهم فأقل، وإلا أخذوا مقدار دينهم وتركوا الفضل موقوفًا على حاله، وقاله في الجواهر.

* * *

(1) في (اسمهما): (ن 4).

(2)

قوله: (الميراث) ساقط من (ن).

(3)

انظر: عقد الجواهر: 2/ 847.

(4)

في (ن): (أنكر).

(5)

قوله: (فَلا يَرِثُهُ) ساقط من (ن).

(6)

قوله: (عن مال، وقوله) ساقط من (ر 3).

(7)

قوله: (أي فلا يرث) زيادة من (ن).

(8)

في (ن): (وقضى).

(9)

في (ن): (أخذه).

(10)

زاد بعده في (ن): (ديون).

(11)

قوله: ("وهو حي أَخَذُوه"

وإن قام غرمائه) ساقط من (ن 4).

ص: 342