الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصعق الشبلي وخر مغشياً عليه فلما أفاق وجد القيود مطروحة ولم ير الأسود. وعن علي ابن سعيد العطار قل مررت بعبادان بمكفوف مجذوم فإذا الزنبور يقع عليه فيقطع لحمه فقلت الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاه وفتح من عيني ما أغلق من عينيه قال فبينما أنا أردد الحمد إذ صرع فبينما هو يتخبط نظرت إليه فإذا هو مقعد فقلت مكفوف يصرع مقعد مجذوم قال فما استتممت كلامي حتى صاح بي فقال ما دخولك فيما بيني وبين ربي دعه يفعل بي ما يشاء ثم قال وعزتك وجلالك لو قطعتني إرباً إرباً أو صببت علي العذاب صباً ما ازددت لك إلا حباً وللشبلي رضي الله عنه.
إن المحبين أحياء ولو دفنوا
…
في الترب أو غرقوا في الماء أو حرقوا
أو يقتلوا بسيوف وسط معركة
…
أو حتف أنف وإن أضناهم الغرق
لو يسمعون منادي الحب صاح بهم
…
يوماً للباه من بالحب يحترق
وعن أحمد بن عيسى الجزار قال دعتني امرأة إلى غسل ولدها فلما جردته قبض علي يدي فقلت سبحان الله أحياه بعد موت فقال إن المحبين لله أحياء وإن ماتوا. ودعا عبد الواحد يوماً جماعة من الصوفية فأولمهم وكان فيهم عتبة الغلام فقام لخدمتهم ولم يأكل فلما انصرفوا قال له عبد الواحد لم لا تأكل قال ذكرت أهل الجنة واجتماعهم على الموائد وقيام الخدم على رؤوسهم فاشتقت إلى ذلك فأبت نفسي الطعام فبكى عبد الواحد وتفرقا متعاهدين على أن لا يولما ولا يشبعا من نوم ولا طعام. وقيل إن عتبة عاهد الله على أن لا ينام إلا مغلوباً وقرأ غلام يوماً بين يدي صالح المزي بالمعجمة نسبه إلى قرية بدمشق وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع فقال كيف يكون لهم حميم وشفيع مطاع والمطالب لهم رب العالمين والملائكة تسوقهم بمقامع الحديد يسحبون تارة على الوجوه ويمشون أخرى ما بين باك ومناد بالويل ثم صاح يا ويلتاه ويا سوء منظراه. وبكى وبكت الناس فقام فيه تأنث فقال أوكل ذلك في القيامة يا أبا بشر فقال وأكثر من ذلك لقد بلغني أنهم يصرخون إلى أن تنقطع أصواتهم فقال الشاب إنا لله وإنا إليه راجعون ثم بكى وخر ميتاً بعد أن استقبل ودعا بالتوبة فرؤي بعد قليل في النوم فقيل له ما فعل الله بك فقال أدخلني الجنة ببركة مجلس صالح ودعا صالح يوماً فمر به مخنث وهو يقول في دعائه اللهم أغفر لأقسانا قلباً واجمدنا عيناً واقربنا بالذنوب عهداً، فسمع المخنث فمات فرؤي في المنام فقال كما قال الشاب.
وقال عبد الوارث نظرت إلى رباح القيسي يقبل غلاماً من أهله فقلت تحبه قال نعم قلت ما كنت أظن أن في قلبك بقية لأحد فخر مغشياً عليه فلما أفاق مسح وجهه وقال إنما هي رحمة منه ألقاها في قلوب العباد.
وحكى ابن سعيد التيمي قال نظرت إلى جارية سوداء تسف الخوص وهي تقول:
لك علم بما يجنّ فؤادي
…
فارحمن ذل ذلتي وانفرادي
فقلت لها ما علامة الحب وكان إلى جانبها يصرع فقال يا بطال الحب أن تقول لهذا المجنون قم فيقوم ورمقته فقام والجني يقول ويحك لا عدت إليه أبداً فهذا ملخص ما ناسب ترجمة الباب وقد ذكر في الأصل ما لا علاقة له إذا أمعن النظر بهذا المحل وربما يأتي بعضه حيث نجد له محلاً.
فصل من الباب
في ذكر من فارقت روحه من الأحباب
قال عبد الرحمن الصوفي مررت في أسواق بغداد بسوق النخاسين فرأيت جمعاً كبيراً على شاب مطروح فقلت ما باله قالوا سمع قارئاً يقرأ ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله فسقط مغشياً عليه قال فلما سمع الكلام انتبه وهو يقول:
ألم يأن للهجران أن يتصرما
…
وللغصن غصن البان أن يتبسما
وللعاشق الصب الذي مات وانحنى
…
أما آن أن يبكي عليه ويرحما
كتبت بماء الشوق بين جوانحي
…
كتاباً على نقش الوشاة منمنما
ثم صاح وخر مغشياً عليه.
وروى عن الحواري مثل ذلك إلا أنه زاد. وللغصن غصن البان أن يتكلما. وفي البيت الأخير كتاباً حكى نقش الوشاة. وقام أبو زهير في مجلس المزي فقال له اقرأ فقرأ صالح وقدمنا إلى ما عملوا من عمل إلى قوله وأحسن مقيلاً فقال له أعدها فلم يزل يكررها حتى سقط ميتاً.
وفي رواية الحافظ مغلطاي عن أبي القاسم في الأمالي وابن أبي الدنيا في كتاب الخائفين عن صالح ومحمد بن واسع وحبيب وثابت البنالي ومالك بن دينار أنهم قالوا أتينا أبا زهير الضرير المذكور وقت الظهيرة للزيارة فخرج إلينا وكأنه نشر من قبر فصلى وجلس كالمهموم فسلمنا عليه فقال لصالح اقرأ فقرأ الآية المذكورة فخر ميتاً فقلنا هل له من أحد فقال الحاضرون نعرف امرأة تأتيه من هنا ببعض حاجاته فاستحضرناها بالقصة فقالت لعل فيكم صالحاً قلنا وما يدريك به قالت كثيراً ما كان يقول لي أن أقرأ علي صالح قتلني فجهزناه رحمه الله تعالى.
أخبرنا أبو الطيب وكان صوفياً من أهل سر من رأى مدينة بالعراق قال حضرنا يوماً في مجلس ومعنا رجل صوفي يقال له أبو الفتح فقرأ قارىء ولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر فقال الرجل بلى وخر مغشياً عليه فلم يفق إلى أن ذهب النهار ثم مضى فبلغني بعد أيام أنه حضر بالكرخ مجلساً فأنشدت فيه جارية الأبيات المنسوبة إلى عبد الصمد المغربي الاشبيلي المعروف بالمعدل:
يا بديع الدل والغنج
…
لك سلطان على المهج
إن بيتاً أنت ساكنه
…
غير محتاج إلى السرج
وجهك المعشوق حجتنا
…
يوم تأتي الناس بالحجج
فاعتراه اضراب شديد وأقبل يقول للصبية كيف قلت فلما بلغت البيت خر ميتاً وأخرج في الأمالي عن عبد المؤمن القصة إلا أن البيت الأخير. وجهك المأمول حجتنا. قلت ولعل الذي مات من سماعه الرجل هو هذا لأن العارفين إذا سمعوا ما يدل على صاحب البقاء كان أكثر أخذاً من نفوسهم ولا شبهة في أن المأمول أبلغ.
وحكى أبو الفرج الصوفي قال كنا نجتمع للخدمة وكان بالقرب منا رجل اسمه القاسم الشركي يرعى عنيزات وكلما دعوناه إلى السماع أبى فمر به صبي يوماً يغني:
إنّ هواك الذي بقلبي
…
صيرني سامعاً مطيعاً
أخذت قلبي وغمض عيني
…
سلبتني العقل والهجوعا
فدع فؤادي وخذ رقادي
…
فقال لابل هما جميعا
فراح مني بحاجتيه
…
وبت تحت الهوى صريعا
فاعتراه اضطراب شديد وأقبل يقول للصبي كيف قلت فخاف الصبي منه ومضى فجعل يقول له لا بأس عليك كيف قلت فلم يجبه وانصرف فرجع هائماً إلى رجل هناك بطبرية يقال لها حامد الفاخوري وكان عارفاً بالأشعار فجعل يردد الأبيات عليه ثلاثة أيام وهو يضطرب حتى مات.
وأخرج مغلطاي عن ابن أبي الدنيا والمنذري آخر الترغيب في فضل الخوف عن ابن عمر وصححه الحاكم أن رجلاً حبشياً أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله فضلتم علينا بالألوان والنبوة أفرأيت إن آمنت بما آمنت به وعملت بما عملت أكون معك في الجنة قال نعم ثم قال صلى الله عليه وسلم من قال لا إله إلا الله كان له بها عهد عند الله ومن قال سبحانا لله كتب له بها مائة ألف حسنة فقال رجل يا رسول الله كيف يهلك بعد هذا فقال النبي صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده أن الرجل ليجيء يوم القيامة بعمل لو وضع على جبل لأثقله فتقوم النعمة من نعم الله فتكاد تستنفد ذلك كله لولا ما يتفضل الله من رحمته ثم نزلت هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً إلى قوله وملكاً كبيراً فقال الحبشي يا رسول الله وهل ترى عيني في الجنة مثل ما ترى عينك فقال نعم فبكى الحبشي حتى فاضت نفسه رضي الله عنه.
قال ابن عمر رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدليه في حرفته بيده رواه الطبراني عن أيوب عن عتبة. وأخرج مغلطاي عن ابن أبي الدنيا كتاب الخوف باسناده إلى عاصم البصري قال كنت إماماً بمسجد ابن جراد وكان يتردد إلي رجل فسألني يوماً مصحفاً ينظر فيه فأعطيته إياه فخرج وهو يقول فسيكون لي ولهذا المصحف نبأ عظيم واختفى فلم أره بقية اليوم يحضر الصلاة فلما كان الصباح دخلت عليه فوجدته ميتاً والمصحف على صدره فخرجت متفكراً في أي شيء أكفنه وإذا أنا بجماعة من العباد منهم حسان وحبيب وابن واسع ومع كل كفن وحنوط فقالوا أتعرف هنا رجلاً مات فقلت لا أعرف إلا رجلاً غريباً كان يصلي هنا فقالوا أنت أشقى من أن تعرف ثم دخلوا عليه وجعلوا يتنافسون في تجهيزه ثم صلوا عليه ودفنوه ورأيت هذه الحكاية في أنيس الجليس إلا أنه زاد ورأيت المصحف مفتوحاً وأول سطر فيه الله نزل أحسن الحديث الآية.
وفي الحلية عن ابن السماك قال دخلت البصرة على رجل أعرفه فسألته أن يدلني على رجل من العباد فدخلنا على رجل منكس الرأس كثير الصمت لابس الشعر فلم يكلمنا وخرجنا فقال لي أتدخل على ابن العجوز فدخلنا على شخص يشبه الأول وعنده أم له عجوز فقالت لا تذكروا لولدي ناراً ولا جنة فتفجعوني فيه فلما جلنا عنده رفع رأسه فقال أما للعباد موقف يقفون فيه فقلنا بين يدي من خلقهم فشهق شهقة فارق الدنيا.
وفيه قال دخل جماعة على أبي سعيد القطان فقرأ رجل منهم سورة الدخان فلما انتهى إلى قوله أن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين جعل يضرب ويعلو صدره حتى غشي عليه وأصاب صدره فأدماه وجاءت النساء وخرجنا إلى الباب فلما سكنت الغوغاء دخلنا عليه فإذا هو على فراشه يردد الآية حتى قضى عليه.
وحكى مغلطاي عن ابن أبي الدنيا قال كرر ابن خليد قوله عز وجل كل نفس ذائقة الموت فناداه مناد كم تكرر هذه الآية فقد قتلت بها أربعة نفر من الجن لا يرفعون رؤوسهم حتى يموتوا ورأيت في أنيس الجليس القصة وزاد فيه أن رجلاً قصد الحاج فعدل عن الطريق تائهاً أثر نوم فإذا هو في أرض لا يعهد مثلها وإذا بقوم قد أقبلوا إلى ماء هناك فتوضئوا ودعوه إلى الصلاة بهم فصلى وقرأ الآية فخروا إلى الأرض وحركوا فوجدوا أمواتاً وقائل يقول له يا عبد الله أن هؤلاء قوم من الجن قد اعتزلوا ههنا للعبادة وإن الخوف لم يترك فيهم بقية وأنت إن أردت الحاج فامض أمامك فستظفر بأصحابك طلوع الفجر قال الرجل فكان كذلك.
وعنه عن محمد بن صالح قال خرجنا ومعنا قارىء يقرأ فسمعته امرأة من أهل البصرة على سطح فاضطربت حتى غشي عليها واحتملت إلى بيتها فلم نبرح حتى قضت نحبها وكان لها مشهد عظيم.
وعن محمد عن منصور بن عمار قال مررنا في جوف الليل فإذا بشاب قائم يصلي وهو يقول في مناجاته إلهي ما أردت بمعصيتي مخالفتك ولقد عصيتك إذ عصيتك وما أنا بناكلك جاهل ولكن خطيئة عرضت وأعانني عليها شقائي وغرني سترك المرخي وقد عصيتك بجهدي وخالفتك بجهلي فالآن من عذابك من يستنقذني وبحبل من أتصل إن أنت قطعت حبلك مني واشباباه واشباباه فلما فرغ تلوت آية من كتاب الله وهي فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا الآية فسمعت دكدكة وانقطع الصوت فلما أصبحنا رجعنا على الأثر وإذا بجنازة وعجوز قد أخذ منها الكبر فسألناها فقالت مر قارىء بولدي فقرأ آية فتفرطت مرارته ومات.
وعنه من طريق آخر الحكاية زاد فيها بعد قوله إن قطعت حبلك عني واسوأتاه إذا قيل للمخففين جوزوا وللمثقلين حطوا فيا ليت شعري أمع المثقلين نحط أو مع المخفين نجوز ويحي كلما طال عمري كثرت ذنوبي ويحي كلما كبر سني كبرت خطاياي فيا ويلي كم أتوب وكم أعود ولا استحي من ربي قال منصور فلما سمعت كلام الشاب وضعت فمي على باب داره وقرأت الآية المذكورة وعلمت الباب فلما رجعت الحكاية إلا أنه ذكر عن العجوز أن الشاب كان يصنع الخوص ويبيعه ويقسمه بين القوت والصدقة وشراء الخوص.
وعن ذي النون المصري قال بينما أنا أسير على جانب البحر في الليل وإذا أنا بجارية عليها أطمار شعر وهي ناحلة ذابلة فدنوت منها لسماع ما تقول وإذا هي متصلة الأحزان بالأشجان وقد عصفت الرياح واضطربت الأمواج وظهرت الحيتان فصرخت وسقطت إلى الأرض فأفاقت وهي تقول سيدي لك تقترب المتقربون في الخلوات ولعظمتك سبحت الحيتان في البحار الزاخرات ولجلال قدسك تصافقت الأمواج المتلاطمات أنت الذي سجد لك سواد الليل وضوء النهار والفلك الدوار والبحر الزخار والقمر النوار والنجم الزهار وكل شيء عندك بمقدار لأنك العلي القهار وأنشدت:
أحبك حبين حب الوداد
…
وحباً لأنك أهل لذاك
فأما الذي هو حب الهوى
…
فحب شغلت به عن سواك
وأما الذي أنت أهل له
…
فكشفك للحجب حتى أراك
فما الحمد في ذا ولا ذاك لي
…
ولكن لك الحمد في ذا وذاك
ثم شهقت شهقة فارقت الدنيا فوقفت متعجباً وإذا بنسوة على أحسن ما يكون من الحالات قد أقبلن فاحتملنها ثم غبن وأقبلن بها قد جهزت فقدمنني للصلاة وهن ورائي فلما فرغت مضين بها.
قال المختصر عن مغلطاي رأيت غير ما مرة شيخاً مغربياً يحمل على ظهره الخضر من باب زويلة إلى الكتبيين ويكثر من إنشاد شعر بلا وزن مضمونه أن الحاكم أخذ ماله المتروك عن والده وأوراقاً كثيرة منها هذا الشعر وأنه استمع ليلة المحدث في سيرة البطال وقد ذكر أن جماعة قتلوا في الجهاد فقال المغربي للمحدث وفيم قتل هؤلاء قال في سبيل الله قال المغربي وأنا أيضاً أموت في سبيل الله فقال له المحدث افعل فتمدد إلى جانبهم فحرك فإذا هو ميت.
وعن أبي الحسين أحمد بن أبي الحواري قال مررت في الشام بقبة وإذا أنا بامرأة تدق الحائط فقلت لها ما بالك فقالت امرأة ضالة دلني على الطريق فقلت أي الطريق تريدين قالت طريق النجاة قلت هيهات أن بيننا وبينه عقبات لا تقطع إلا بسير حثيث ونصح المعاملة وقطع العلائق الشاغله من أمور الدنيا والآخرة فقالت سبحان من أمسك عليك جوارحك فلم تنقطع وحفظ عليك فؤادك فلم ينصدع ثم خرت مغشياً عليها فقلت للنساء حركنها فإذا هي ميتة ووصيتها إلى جانبها أن كفنوني في أثوابي وخلوا ما بيني وبينه فإن كان لي عنده خير فهو أسعد لي وإلا فبعد النفسي.
وفي الأصل قيل كان بالموصل رجل نصراني يكنى أبا اسمعيل وأنه سمع يوماً قارئاً يقرأ وله أسلم في السموات والأرض طوعاً وكرهاً وإليه ترجعون فبكى حتى غشي عليه ثم أسلم وصحب فنجا الموصلي فحدث عنه أنه نظر يوماً إلى الدخان يفور من المدينة فبكى وقال قد قرب الناس قربانهم فليت شعري ما قرباني وجعل يبكي حتى فارق الدنيا.
هذا ما قرره من أول الباب إلى هنا وفي كل نظر وذلك أنه عقد الباب كله لعشاق الله ثم ذكر فصلاً لمن مات بذلك على أنه قد ذكر قبل الفصل من مات وبعده من لم يمت بآخر وقال أنه لعشاق الحور العين وقد أمطنا ما يتوقف فيه النظر حيث لم نذكر إلا ما يظهر فيه ظرف المناسبة ومن هنا إلى آخر الباب لم يخالف أوله فلا فائدة في الفصل فتأمل.
عن منصور بن عمار قال بينا أنا في السياحة إذ مررت بخدم وقصر ملكي لأتمكن الإحاطة بوصفه فهممت أن أدخله فانتهروني فلم أبالي بهم ودخلت فإذا أنا بشاب في أرفع طبقات الجمال والملابس وقد استحضر صبية تناسبه فلما رآني هم بقتلي فقلت أنا طبيب وقد رأيت فيك داء فقال وما هو قلت ميلك إلى الفاني وحبك ما لا يبقى وغفلتك عما عند الله ثم وصفت له الجنة والنار وما فيهما فتجرد من وقته وكان ملك البصرة فلما خرجنا وقد زال ما في القصر من البهجة تعلقت به الصبية وقالت على من تتركني ثم تجردت وخرجا هائمين فلما كان بعد عام وأنا في الطواف إذا أنابه يتضرع وقد أخلقته العبادة حتى لم أعرفه إلى أن قال لي أما تعرفني يا طبيب ثم ذكرني بالحالة ثم قال لي هل لك أن تنظر إلى نسوان يعني الصبية قلت نعم فأخذ بيدي حتى أوقفني عليها فلما رأتني قالت مرحباً أيها الطبيب ثم شهقت شهقة فارقت الدنيا فقال الرجل إني على أثرها فلا تبرح ثم نظر إليها وخر ميتاً.