المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وما جاء في فضلها من البراعة والعبارة وتفنن العشاق في فضل زيارة الحبيب - تزيين الأسواق في أخبار العشاق

[داود الأنطاكي]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الأول

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم

- ‌المقدمة

- ‌فيما جاء فيه الكتاب من الأحاديث والآثار وفي حده ومراتبه

- ‌فصل في الترغيب في العشق والحث عليه

- ‌فصل في رسومه وحدوده

- ‌وما جاء عن الحكماء وغيرهم في ذلك

- ‌فصل في بيان مراتبه

- ‌فصل فيما ذكر له من العلامات

- ‌الباب الأول

- ‌فيمن استشهد من المحبين شوقاً إلى حضرة رب العالمين

- ‌فصل من الباب

- ‌في ذكر من فارقت روحه من الأحباب

- ‌الباب الثاني

- ‌في أحوال عشاق الجواري والكواعب

- ‌وذكر ما صدر لهم من العجائب

- ‌أخبار كثير عزة

- ‌أخبار قيس ولبنى

- ‌أخبار المجنون وصاحبته ليلى

- ‌أخبار عروة بن حزام وصاحبته عفرا

- ‌أخبار عبد الله بن عجلان وصاحبته هند

- ‌أخبار ذي الرمة وصاحبته مي

- ‌أخبار مالك وصاحبته جنوب

- ‌أخبار عبد الله بن علقمة وصاحبته حبيش

- ‌أخبار نصيب وصاحبته زينب

- ‌أخبار عتبة بن الحباب وصاحبته ريا

- ‌أخبار الصمة وصاحبته ريا

- ‌أخبار كعب وصاحبته ميلاء

- ‌القسم الثاني

- ‌فيمن جهل اسمه أو اسم محبوبته أو شيء من سيرته أو مآل حقيقته

- ‌فمنهم

- ‌سامة بن لؤي بن غالب القرشي مشهور

- ‌ومنهم

- ‌عمرو بن عوف وبيا

- ‌‌‌ومنهم

- ‌ومنهم

- ‌بشير الشهير بالاشتر وجيداء

- ‌مسعدة بن واثلة الصارمي

- ‌ومنهم

- ‌زرعة بن خالد العذري

- ‌ومنهم شخص

- ‌ومنهم غلام

- ‌ومنهم قيس بن منقذ بن مالك الكناني المشهور

- ‌ابن الحدادية

- ‌ومنهم

- ‌توبة بن حمير بن أسيد الخفاجي

- ‌ومنهم

- ‌عامر بن سعيد بن راشد

- ‌ومنهم ما حكى الأصمعي

- ‌ومنهم فتى أسدي

- ‌ومنهم عمرو بن كعب بن النعمان ابن المنذر بن ماء السماء ملك العرب

- ‌ومنهم ما حكاه الأصمعي

- ‌ومنهم ما أخرج الحافظ عن ابن دريد عن عبيد النعالي غلام أبي الهذيل

- ‌‌‌ومنهمما حكاه الكاتب

- ‌ومنهم

- ‌ومنهم ما حكاه في منازل الأحباب

- ‌ومنهم ما حكاه ابن الجوزي

- ‌ومنهم الحرث المشهور بابن الفرند من خزاعة

- ‌عياش الكناني

- ‌و‌‌منهمما رواه أعرابي أو هو جبلة بن الأسود

- ‌منهم

- ‌كامل بن الرضين

- ‌ومنهم

- ‌مرة النهدي

- ‌ومنهم رجل من ولد عبد الرحمن بن عوف

- ‌فمنهم ما أخرجه مغلطاي عن الأديب

- ‌ومبهم ما ذكره ابن المرزباني في الذهول والنحول عن سعيد بن ميسرة

- ‌ومنهم ما حكاه الوراق عن الصوفي

- ‌ومنهم ما حكاه السامري

- ‌ومنهم ما حكاه الأسدي عن أبيه

- ‌ومنهم ما حكاه ابن غنيم

- ‌ومنهم ما حكاه أبو الحسن المؤدب

- ‌ومنهم للفويرك وهو من المشاهير في عقلاء المجانين

- ‌ومنهم خالد بن يزيد

- ‌فصل في ذكر من جرع كأس الضنى وصبر على مكابدة العنا واتصف بذلك كله من

- ‌القسم الثالث

- ‌فيمن خالسته عيون الاماء فأسلمته إلى الفناء وكادت أن تقضي عليه لولا

- ‌القسم الرابع

- ‌في ذكرى من حظى بالتلاق بعد تجرع كأس الفراق

- ‌ومنهم ما حكاه معبد المغني

- ‌ومنهم

- ‌محمد بن صالح العلوي

- ‌ومنهم

- ‌جعد بن مهجع العذري

- ‌ومنهم ما حكاه أسدي وهي من العجائب المستلطفة

- ‌القسم الخامس

- ‌في ذكر من وسموا بالفساق من العشاق

- ‌الصنف الأول في ذكر من حمله هواه على أذية من يهواه وهؤلاء أم نساء أو

- ‌الصنف الثاني في ذكر من اشتدت به الغيرة إلى أن خامرته الحيرة فجرته إلى

- ‌الصنف الثالث في ذكر من عانده الزمان في مطلوبه حتى شورك في محبوبه فصنع

- ‌الصنف الرابع في ذكر من عوقب بالفسق ولم يشتهر بالعشق

- ‌ومنهم أعرابي من أسد

- ‌ومنهم ما حكى عن عبد الله بن سيرة

- ‌ومنهم ما حكى عن جويرية بن أسماء عن عمه

- ‌القسم السادس

- ‌في ذكر من حل عقد المحبة وخالف سنن الأحبة

- ‌الصنف الأول في كر من تاب عن الخلاف ورجع إلى حسن الائتلاف وكان محبوبه

- ‌ومنهم ما حكاه في النزهة ونقله هنا مجهولاً

- ‌الصنف الثاني في ذكر من تمادى على نقض العهد ومات على اخلاف الوعد

- ‌الصنف الثالث في ذكر من أشبه العشاق في محبته وشاكلهم في مودته فتعاهدا

- ‌فمنهم صخر بن عمرو

- ‌ومنهم هدية بن الخشرم

- ‌‌‌‌‌ومنهم

- ‌‌‌ومنهم

- ‌ومنهم

- ‌حمزة بن عبد الله بن الزبير

- ‌الحسن بن الحسن

- ‌غسان بن جهضم

- ‌ومثل هذا ما حكاه عن موسى الهادي

- ‌ الجزء الثاني

- ‌ الباب الثالث

- ‌في ذكر عشاق الغلمان

- ‌وأحوال من عدل إلى الذكور عن النسوان وتفصيل ما جرى عليهم من تصاريف

- ‌القسم الأول

- ‌فيمن استلب الهوى والعشق نفسه حتى أسلمه رمسه

- ‌أخبار محمد بن داود وصاحبه محمد الصيدلاني

- ‌أخبار القاضي شمس الدين بن خلكان وصاحبه المظفري

- ‌أخبار أحمد بن كليب وصاحبه أسلم

- ‌أخبار مدرك وصاحبه عمرو

- ‌النوع الثاني في

- ‌ذكر من جهل حاله

- ‌وكان إلى الموت في الحب مآله وقد رأينا أن نبدأ منهم بعشاق النصارى تبعاً

- ‌فمنهم

- ‌سعد الوراق

- ‌القسم الثاني

- ‌فيمن اشتهر في العشق حاله ولم يدر مآله

- ‌القسم الثالث

- ‌في ذكر من ساعده الزمان في المراد حتى بلغه ما أراد

- ‌القسم الرابع

- ‌في ذكر من منعه الزهد والعبادة أن يقضي من محبوبه مراده

- ‌النوع الثاني في ذكر من بغله زهده الأمان فعصمه عن الغلمان

- ‌خاتمة في ذكر ما عولج به العشق من الدوا

- ‌وقصد به السلو عن الهوى

- ‌ومن السلو عن الهوى استعمال الحساب والخوض في المشاجرات ونحو ذلك مما سبق

- ‌الباب الرابع

- ‌في ذكر ما سوى البشر وما القوا من العبر

- ‌الأول في الجنة

- ‌أسند المصنف عن الحافظ ابن حجر العسقلاني يرفعه إلى البيهقي، أنه قال

- ‌النوع الثاني

- ‌في ذكر من كلف وهو غير مكلف

- ‌وأوهن العشق قواه حتى تلف أو كاد أن يتلف

- ‌الصنف الثاني في ذكر بعض ما وقع للحيوان من أمور العشق في اختلاف الأزمان

- ‌الصنف الثالث في ذكر ما جرى من القوة العاشقية والمعشوقية بين الأنفس

- ‌الصنف الرابع فيما بث من الأسرار بين أصناف الأحجار

- ‌الصنف الخامس فيما بث من الأسرار الملكية بين الأجسام والأجرام الفلكية

- ‌الباب الخامس

- ‌في تتمات يفتقر إليها الناظر في هذا الكتاب

- ‌ويحسن موقعها عند أولي الألباب

- ‌فصل

- ‌في تحقيق معنى الحسن والجمال

- ‌وما استلطاف في ذلك من الأقوال

- ‌فصل

- ‌في خفقان القلب والتلوين عند اجتماع المحبين

- ‌فصل

- ‌في مراتب الغيرة وما توقعه بالمحب من الحيرة

- ‌فصل

- ‌في أحكام أسرار المحبة

- ‌وما فيها من اختلاف آراء الأحبة

- ‌فصل

- ‌في ذكر المغالطة والاستعطاف

- ‌واستدراك ما صدر عن المحبوب من الانحراف

- ‌فصل

- ‌في ذكر الرسل والرسائل

- ‌وتلطف الأحباب بالوسائل

- ‌فصل

- ‌في ذكر الاحتيال على طيف الخيال

- ‌فصل في أحكام الليل والنهار وذم قصرهما عند الوصل وطولهما عند الهجر

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌في أحكام الزيارة

- ‌وما جاء في فضلها من البراعة والعبارة وتفنن العشاق في فضل زيارة الحبيب

- ‌فصل

- ‌مما يلحق بالعتاب

- ‌ويصلح أن يكون معه في باب

- ‌القسم الأول

- ‌هجر الدلال

- ‌القسم الثاني

- ‌هجر الملال

- ‌القسم الثالث

- ‌الهجر المعروف بهجر الجزاء والمعاقبة

- ‌الهجر الرابع

- ‌الهجر الخلقي

- ‌فصل

- ‌فصل في ذكر مكابدة الأمور الصعاب عند طلب رضا الأحباب وخوض الأهوال

- ‌تتمة

- ‌ومما يلحق بهذا الفصل التلميح

- ‌خاتمة

- ‌فصل في النوادر والحكم

- ‌نادرة

- ‌لطيفة ووصية

- ‌عجيبة

- ‌فائدة

- ‌‌‌‌‌لطيفةو‌‌وصية

- ‌‌‌لطيفة

- ‌لطيفة

- ‌وصية

- ‌نادرة

- ‌أخرى

- ‌نادرة

- ‌فصل في المجون

- ‌فصل في ذكر نبذة من لطائف الأشعار ملتقطة مما ختم به الكتاب

الفصل: ‌وما جاء في فضلها من البراعة والعبارة وتفنن العشاق في فضل زيارة الحبيب

إذا طلبت وصله

قال كفى بالدمع شاهدا

وقال الوداعي

يا لأثمي في هواه

أفرطت في اللوم جهلا

ما يعلم الشوق إلا

ولا الصبابة إلا

وقال البها زهير

وظبي حكى ريم الفلا في نفاره

فما باله لم يحكه في التلفت

يدافعني عن وصله بتهجم

فيا ليته لو كان يدفع بالتي

وقال شيخ الشيوخ بحماة

أبغض العشاق منه أنني

لم أبع في حبه رشدي بغيّ

قلت قد أضنيت جسمي قال قد

قلت كي تذهب روحي قال كي

وقال أيضاً

إليكم هجرتي وقصدي

وفيكم الموت والحياة

أمنت أن توحشوا فؤادي

فآنسوا مقلتي ولاتو حشوا

وقال ابن مطروح

والله ما خطر السلو بخاطري

ما دمت في قيد الحياة ولا إذا

وقال آخر

لو رأى وجه جبيني عاذلي

لتفارقنا على وجه جميل

وقال آخر

قل للعذول أطلت اللوم في قمر

يزيد في كل يوم حسنه نورا

إن كنت تزعم ما في حسنه عجب

قم فانظر الورد في خديه منشورا

وقال محيي الدين البغدادي

إن لامني من لا رآه فقد

جار على الغائب بالحكم

وإن نهاني من رآه فقد

أضله الله على علم

وقال البها زهير

أنت الحبيب الأوّل

ولك الهنا المستقبل

عندي لك الودّ الذي

هو ما عهدت وأكمل

القلب فيك مقيد

والدمع فيك مسلسل

يا من يهدد بالصّدود

نعم تقول وتفعل

قد صح عذرك في الهوى

لكنني أتعلل

قل للعذول لقد أطلت

لمن تقول وتعذل

عاتبت من لا يرعوى

وعذلت من لا يقبل

غضب العذول أخف من

غضب الحبيب وأسهل

وقال ابن أبي حجلة

وعاذل بالغ في عذله

وقال لما هاج بلبالي

بعارض المحبوب ما تنتهي

قلت ولا بالشبب والوالي

وقال آخر

وشادن مبتسم عن شنب

مورّد الخدّ مليح الشنب

يلومني العاذل في حبي له

وما درى شعبان أني رجب

المراد بشعبان العاذل ورجب الأصم وهي أسماء كانت مشهورة في الجاهلية.

وقال السراج الوراق

قلت إذ جرد لحظا

حده يدنى الأجل

يا عذولي كف عني

سبق السيف العذل

هذا مثل سائر أصله أن سعداً وسعيداً ابني ضبة خرجا لحاجة فرجع سعدون أخيه فكانت العرب إذا عاد الرجل منهم من سفر يقولون له سعد أم سعيد فيقول سعد أن رجع بفرصة وإن عاد بدون فرصة يقول سعيد وإن أباهما خرج مع رجل حتى بلغا موضعاً فقال له الرجل قد قتلت هنا رجلاً وأخذت منه هذا السيف وناوله ضبة فعرفه فجرده وضرب الرجل فعذل فقال ضبة سبق السيف العذل.

وقال شيخ الشيوخ بحماة

أعاذلي ليس مثلي من تفنده

وليس منك مأموناً على عذل

ما دمت خلواً فما تنفك متهماً

أعشق فقولك مقبول عليّ ولي

وقلت

لقد ضلت العشاق عن سننن الهوى

للومهم العذال وهو عجيب

أما عذر المجنون مع ذى جهالة

لدى الشرع حتى يرعوى ويتوب

وما عاقل ذاق الهوى فيذمه

ويعذل صبا أن جفاء حبيب

‌فصل

‌في أحكام الزيارة

‌وما جاء في فضلها من البراعة والعبارة وتفنن العشاق في فضل زيارة الحبيب

وايثار أنفاسه على نفائس الطيب

قيل كان الشافعي رضي الله عنه يكثر من زيارة أحمد وكان أحمد يقل من زيارته هيبة له فقيل للشافعي أنك لتزوره أكثر وهو المحتاج إليك فأنشد:

قالوا يزورك أحمد وتزوره

قلت الفضائل لا تفارق منزله

إن زارني فبفضله أو زرته

فلفضله فالفضل في الحالين له

وقد أبدع لسان الحقيقة وواسطة عقد الطريقة سيدي عمر بن الفارض أفاض الله علينا من مدده في هذا الباب حيث يقول:

ولما توافينا عشاء وضمنا

سواء سبيلي دارها وخيامي

ص: 163

فرشت لها خدي وطاء على الثرى

فقالت لك البشرى بلثم لثامي

جعل الزيارة تفضلاً منها ثم أشار إلى أخذه في إسباب السعي إليها بل شروعه في ذلك رفعاً لجانبها عن التكليف الكلي كأنه يقول أنه ليس أهلاً لها ثم فرش خده في مقابلة السعي ولم يقل لها فقط بل أطلق في جعله على الثرى المحتمل أنها وطئته وأنها لم تطأه وفي ذلك غاية رفع شأنها لمن يتأمل فلذلك عقبه أيضاً بغاية رفع شأنه منها بأكثر مما كان يؤمله ولذلك لم تسمح نفسه بما سمحت له به غيرة كما صرح به هضماً لجانبه عن هذا المقام كما أشار إليه ولما أعطى المقام حقه ونقلته العنايات إلى محل الكرامات والحظوة بنيل المرادات أشار إلى ذلك بقوله بعد البيت الذي تضمن ما ذكرنا.

عتبت ولم تعتب كأن لم يكن قلى

وما كان إلا أن أشرت وأومت

فانظر إلى هذا الانتقال وصريح هذا المقال بعد ما قال:

ومنت وما ضنت عليّ بوقفة

تعادل عندي بالمعرّف وقفتي

حيث عد زيارتها منة عليه لئلا يتوهم مما يأتي هضم جانبها ثم نفى عنها البخل ثم عتب بعد ذلك فأين هذا مما سبق فسبحان واهب الفضل لمن أحسن في خدمته وقام بحقوق محبته ومن ألطف ما قيل في الزيارة والعجلة قول العكوك.

بأبي من زارني مكتتما

خائفاً من كل شيء فزعا

زائر نمّ عليه عرفه

كيف يخفى الليل بدراً طلعا

رصد الغفلة حتى أمكنت

ورعى الساهر حتى هجعا

ركب الأخطار في زورته

ثم ما سلم حتى ودّعا

وقال ابن المعتز

زارني والدجى أحم الحواشي

والثريا في الغرب كالعنقود

وكان الهلال طوق عروس

بات يجلى عن غلائل سود

ليلة الوصل ساعدينا بطول

طوّل الله فيك غيظ الحسود

وقال آخر

زارت على غفلة الرقيب

كظبية روّعت بطيب

وكان وقت الوصال منها

أقصر من جلسة الخطيب

وقال عبد العزيز ويقال أنه أصدق ما قالت الأواخر.

يقولون لي بالله ما أنت فاعل

إذا زارك المحبوب قلت أنيكه

وقال ابن النبيه

قلت لليل إذ حباني حبيبي

بعتاب يسبي النهي وعقارا

أنت يا ليل حاجبي فامنع الص

بح وكن أنت يا دجى برد دارا

وقال أن العفيف

ومليح كالبدر زار بليل

فجلى حسنه الدجى إذ تجلى

ما درى منزلي ولكن قلبي

بلهيب الجرى هواء ودلا

وعجيب منه فقيه ذكي

بمحل النزاع كيف استدلا

وقال بشار

يا أطيب الناس ريقاً غير مختبر

ألا شهادة أطراف المساويك

قد زرتنا زورة في الدهر واحدة

عودي ولا تجعليها بيضة الديك

إنما قال ذلك لأنه قد اشتهر أن الديك يبيض في عمره مرة ولم يذكر الطبيعيون ذلك وأقول أن القياس لا يأباه لما تقرر في الطبيعة من أن البيض الربحي فضلات غليضة هيأتها الحرارة والذكور يتوفر فيها ذلك على نحو المني الفاضل ولولا الحرارة الحلالة لكثر ذلك فيهم والممنوع بيض يولد النوع لعدم الزرع النامي ومن له يد في الفلسفة سهل عليه علم هذا وقال ابن أبي حجلة.

زار الحبيب ووجه الورد خجلان

فأصفرّ حين تثنى قدّه البان

قد كان ما كان من هجرانه زمناً

وقد وفى الآن فالعذال لا كانوا

ما ضرني ضيق عيشي حين واصلني

سم الخياط مع الأحباب ميدان

وقال ابن سكرة

أهلاً وسهلاً بمن زارت بلا عدة

تحت الظلام ولم تحذر من الحرس

تسترت بالدجى عمداً فما استترت

وناب إشراقها ليلاً عن القبس

ولو طواها الدجى عنا لأظهرها

برق الثنايا وضوء البرق في الغلس

ومما تدرجوا إليه من ذكر زيارة الحبيب وصف ممره بالطيب قال ابن النبيه.

إن جاء من يبغي لهم منزلاً

فقل له يمشي ويستنشق

وقال الطغرائي

فسربنا في ظلام الليل معتسفاً

فنفحة الطيب تهدينا إلى الحلل

وقال آخر

ص: 164

لو كان يوجد ريح مسك فائحاً

لوجدته منهم على أميال

وقال المتنبي

ويفوح من طيب الثناء روائح

لهم بكل مكانة تستنشق

ومما ينخرط في سلك الزيارة وينتظم في عقد الاشارة ذكر العيادة وما ينجز إلى المحب فيها من الافادة وهي في الحقيقة زيارة بحيلة تستعطف بها النفوس البخيلة قال الطغرائي:

خبروها أني مرضت فقالت

أضنى طارقاً شكا أم تليدا

وأشاروا بأن تعود وسادي

فأبت وهي تشتهي أن تعودا

وأتتني في خفية وهي تشكو

ألم الشوق والمزار البعيدا

ورأتني كذا فلم تتمالك

إن أمالت عليّ عطفاً وجيدا

وقال الشيخ جمال الدين بن نباتة

وملولة في الحب لما أن رأت

أثر السقام بعظمي المنهاض

قالت تعيرنا فقلت لها نعم

أنا بالسقام وأنت بالأعراض

وقال آخر

لا تهجروا من لا تعوّد هجركم

وهو الذي بلبان وصلكم غذي

ورفعتموا مقداره بالابتداء

حاشاكم أن تقطعوا صله الذي

وعلى ذكر الذي والصلة قيل كتب ابن عنين وقد مرض إلى الملك المعظم:

أنظر إلي بعين مولى لم يزل

يولي الندى وتلاف قبل تلافي

أنا كالذي أحتاج ما يحتاجه

فاغنم ثوابي والثناء الوافي

فحضر إليه وصحبته ثلثمائة دينار فقال أنت الذي وهذه الصلة وأنا العائد وما ألطف قول البهاء زهير في المعنى

يقولون لي أنت الذي شاع ذكره

فمن صادر يثني عليه ووارد

فقلت له هبني الذي ذكرته

فأين صلاتي منكم وعوائدي

وقال ابن عباد

مرضت فأشفقت الزيارة عامداً

وما عن قلى أمسكتها لا ولا هجر

ولكنني أشفقت من أن أزوركم

فأبصر آثار الكسوف على البدر

الشهاب محمود

رأتني وقال نال مني النحول

وفاضت دموعي على الخد فيضا

فقالت بعيني هذا السقام

فقلت صدقت وبالخصر أيضا

وقال الأرجاني

غالطتني إذا كسا جسمي الضنى

كسوة أعرت من اللحم العظاما

ثم قالت أنت عندي في الهوى

مثل عيني صدقت لكن سقاما

ابن أبي حجلة

شكوت إلى الحبيبة سوء حظي

وما قاسيت من ألم البعاد

فقالت أنت حظك مثل عيني

فقلت نعم ولكن في السواد

ابن النقيب

وما بي سوى عين نظرت لحسنها

وذاك لجهلي بالعيون وغرّتي

وقالوا به في الحب عين ونظرة

فقلت نعم عين الحبيب ونظرتي

والكل مأخوذ من قوله

وجاؤا إليه بالتعاويذ والرقي

وصبوا عليه الماء من ألم النكس

وقالوا به من أعين الجنّ نظرة

ولو عقلوا قالوا به نظرة الأنس

شمس الدين بن العفيف

اسم حبيبي وما يعاني

قد حير خاطري ولبي

قالوا عليّ فقلت قدراً

قالوا كوافي فقلت قلبي

ابن الوكيل

وبي من قسا قلباً ولان معاطفاً

إذا قلت أدناني يضاعف تبعيدي

أقرّ برق إذ أقول أنا له

وكم قالها أيضاً ولكن لتهديدي

ومما أورده صاحب الدمية له

عذيري من شاطر أغضبوه

فجرّد لي مرهفاً فاتكاً

وقال أنا لك يا ابن الوكيل

وهل لي رجاء سوى ذلكا

وتشبيهاته في نوع الزيارة كثيرة ذكرنا منها ما سمعت إلا لا يمكن استيعاب ذلك.

وقلت في أصل الزيارة

زارت وقد أخفى نهار جبينها

ليل الشعور مخافة الرقباء

فوثبت إجلالاً أقبل نعلها

بل تر به للبرء من أدوائي

قالت لك البشرى فطب نفساً بما

أوليت من نعم وحسن وفاء

بتنا وكل جوارحي تشكو لها

شوقي وما صنع الهوى بحشائي

فسكرت من ألفاظها ورضابها

مع لينها ومحاسن الحسناء

ونسيم أنفاس لقلبي أرسلت

سحراً فأحيا ميت الأحياء

لله من وطر قضيت مؤازراً

معها بثوبي عفة وحياء

ص: 165

يا ليلة غلط الزمان بها ولو

عوّضتها بالعمر كان منائي

وقلت أيضاً

أفدي التي زارت بلا موعد

في غفلة الواشين والجاني

والوجه منها روضة أينعت

ما لمستها راحة الجاني

قمت لأجني الورد من خدها

وهي بسيف اللحظ ترعاني

فقلت ما هذا وقد راعني

قالت حديد يمنع الجاني

وأما كلام سيدي عمر بن الفارض في وصف طيب الحبيب فغاية لا يدركها اللبيب وذلك قوله:

ولو عبقت في الشرق أنفاس طيبها

وفي الغرب مزكوم لعادله الشم

فإنه مع ذكر البعد فيما بين الجهتين مرصع بلطائف لا يهتدى إليها إلا من خص بالعناية ألا ترى إلى وصفه الشام بالزكام المانع من الشم عادة وجعله في الغرب الذي يكثر الهواء منه لا إليه كما في القرينة الثانية وجعل المحبوبة في القطر الحار الذي تفنى فيه الرائحة إذا عبقت لشدة تحليل الشمس لما يحمله الهواء من تصعيد البخار ومع ذلك يشم ومنه أخذت فقلت:

لو اشتاقها في الغرب فاقد شمه

وكانت بأقصى الشرق شم نسيمها

وقلت في العيادة

أقول لها هل تسعفي بعيادة

مريضاً كواه البين بالهجر والسقم

فقالت إذا ما فارق الروح زرته

لأن محال جمع روحين في جسم

ومما يتخرج على الزيارة تخريج الفروع على الأصول ويهتدي إلى الحاقه بها أهل العقول ما جرى على ألسنة الأحباب من أحوال العتاب وانقسام الناس فيه إلى مادح له لتأكيده المحبة وذام له بين الأحبة والصحيح إنما كذب الناقل وميز الحق من الباطل وأكد الصحبة بعد النفور وبين للحبيب الزور فهو أحق بأن ينصر ومنه يستكثر قال في إحياء علوم الدين ما معناه إن العتاب شأن أولي الألباب وقاطع لقطيعة الإخلاء والأصحاب وكان الرجل إذا وقع في نفسه من أخيه شيء لم يهجره حتى يوضح له ذلك فإن انتهى وإلا هجره وأما عتاب يفضي إلى المقاطعة ويحدث الهجر والممانعة فتقريع يجب اجتنابه عقلاً ونقلاً وتركه فصلاً ووصلاً وفيه قيل من سوء الآداب كثرة العتاب ومن أمثالهم في الأول العتاب مفتاح الوصال قاطع للهجر والملال وإلى سلوك الطريقة الحسنة فيه أشار من أمر بقتله وهو سعيد الكاتب بقوله:

أقلل عتابك فالبقاء قليل

والدهر يعدل تارة ويميل

ولعل أيام الحياة قصيرة

فعلام تكثر عتبنا وتطيل

وقال آخر

وبعض العتاب إذا ما رفقت

يباعد هجر أو يدني وصالا

فعاتب أخاك ولا تجفه

فإن لكل مقام مقالا

وإلى مكثر التقاطع أشار بالترك من قال

لا تقر عن سماع من

تهوى بتعداد الذنوب

ما ناقش الأحباب إلا

من يعيش بلا حبيب

وإلى تأييد الأول أشار من قال

فلا عيش كوصل بعد هجر

ولا شيء ألذ من العتاب

فلا هذا يمل حديث هذا

ولا هذا يمل من الجواب

وقال آخر

وأحسن أيام الهوى يومك الذي

تروّع بالهجران فيه وبالعتب

إذا لم يكن في الحب سخط ولا رضا

فأين حلاوات الرسائل والكتب

ابن سنا الملك

وأملي عتاباً يستطاب فليتني

أطلت ذنوبي كي يطول عتابه

ومن غرتي ذكر العذيب وبارق

وما هو إلا ثغره ورضا به

أبو نواس

أساء فزادته الإساءة خطوة

حبيب على ما كان منه حبيب

تعد عليّ الواشيات ذنوبه

ومن أين الموجه المليح ذنوب

الحكم بن قنبر

كأنما الشمس في أعطافه طبعت

حسناً أو البدر من أزراره طلعا

مستقبل بالذي يهوي وإن عظمت

منه الإساءة معذور بما صنعا

في وجهه شافع يمحو إساءته

من القلوب وجيه حيثما شفعا

أبو فراس

قل لإحبابنا الجناة علينا

درجونا على احتمال الملال

أحسنوا في عتابكم أو أسيئوا

لاعدمناكم على كل حال

وقال آخر

إذا مرضنا أتيانكم نعودكم

وتذنبون فنأتيكم فنعتذر

وقال آخر

حججي عليك إذا خلوت كثيرة

وإذا حضرت فإنني مخصوم

ص: 166