المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فيما جاء فيه الكتاب من الأحاديث والآثار وفي حده ومراتبه - تزيين الأسواق في أخبار العشاق

[داود الأنطاكي]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الأول

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم

- ‌المقدمة

- ‌فيما جاء فيه الكتاب من الأحاديث والآثار وفي حده ومراتبه

- ‌فصل في الترغيب في العشق والحث عليه

- ‌فصل في رسومه وحدوده

- ‌وما جاء عن الحكماء وغيرهم في ذلك

- ‌فصل في بيان مراتبه

- ‌فصل فيما ذكر له من العلامات

- ‌الباب الأول

- ‌فيمن استشهد من المحبين شوقاً إلى حضرة رب العالمين

- ‌فصل من الباب

- ‌في ذكر من فارقت روحه من الأحباب

- ‌الباب الثاني

- ‌في أحوال عشاق الجواري والكواعب

- ‌وذكر ما صدر لهم من العجائب

- ‌أخبار كثير عزة

- ‌أخبار قيس ولبنى

- ‌أخبار المجنون وصاحبته ليلى

- ‌أخبار عروة بن حزام وصاحبته عفرا

- ‌أخبار عبد الله بن عجلان وصاحبته هند

- ‌أخبار ذي الرمة وصاحبته مي

- ‌أخبار مالك وصاحبته جنوب

- ‌أخبار عبد الله بن علقمة وصاحبته حبيش

- ‌أخبار نصيب وصاحبته زينب

- ‌أخبار عتبة بن الحباب وصاحبته ريا

- ‌أخبار الصمة وصاحبته ريا

- ‌أخبار كعب وصاحبته ميلاء

- ‌القسم الثاني

- ‌فيمن جهل اسمه أو اسم محبوبته أو شيء من سيرته أو مآل حقيقته

- ‌فمنهم

- ‌سامة بن لؤي بن غالب القرشي مشهور

- ‌ومنهم

- ‌عمرو بن عوف وبيا

- ‌‌‌ومنهم

- ‌ومنهم

- ‌بشير الشهير بالاشتر وجيداء

- ‌مسعدة بن واثلة الصارمي

- ‌ومنهم

- ‌زرعة بن خالد العذري

- ‌ومنهم شخص

- ‌ومنهم غلام

- ‌ومنهم قيس بن منقذ بن مالك الكناني المشهور

- ‌ابن الحدادية

- ‌ومنهم

- ‌توبة بن حمير بن أسيد الخفاجي

- ‌ومنهم

- ‌عامر بن سعيد بن راشد

- ‌ومنهم ما حكى الأصمعي

- ‌ومنهم فتى أسدي

- ‌ومنهم عمرو بن كعب بن النعمان ابن المنذر بن ماء السماء ملك العرب

- ‌ومنهم ما حكاه الأصمعي

- ‌ومنهم ما أخرج الحافظ عن ابن دريد عن عبيد النعالي غلام أبي الهذيل

- ‌‌‌ومنهمما حكاه الكاتب

- ‌ومنهم

- ‌ومنهم ما حكاه في منازل الأحباب

- ‌ومنهم ما حكاه ابن الجوزي

- ‌ومنهم الحرث المشهور بابن الفرند من خزاعة

- ‌عياش الكناني

- ‌و‌‌منهمما رواه أعرابي أو هو جبلة بن الأسود

- ‌منهم

- ‌كامل بن الرضين

- ‌ومنهم

- ‌مرة النهدي

- ‌ومنهم رجل من ولد عبد الرحمن بن عوف

- ‌فمنهم ما أخرجه مغلطاي عن الأديب

- ‌ومبهم ما ذكره ابن المرزباني في الذهول والنحول عن سعيد بن ميسرة

- ‌ومنهم ما حكاه الوراق عن الصوفي

- ‌ومنهم ما حكاه السامري

- ‌ومنهم ما حكاه الأسدي عن أبيه

- ‌ومنهم ما حكاه ابن غنيم

- ‌ومنهم ما حكاه أبو الحسن المؤدب

- ‌ومنهم للفويرك وهو من المشاهير في عقلاء المجانين

- ‌ومنهم خالد بن يزيد

- ‌فصل في ذكر من جرع كأس الضنى وصبر على مكابدة العنا واتصف بذلك كله من

- ‌القسم الثالث

- ‌فيمن خالسته عيون الاماء فأسلمته إلى الفناء وكادت أن تقضي عليه لولا

- ‌القسم الرابع

- ‌في ذكرى من حظى بالتلاق بعد تجرع كأس الفراق

- ‌ومنهم ما حكاه معبد المغني

- ‌ومنهم

- ‌محمد بن صالح العلوي

- ‌ومنهم

- ‌جعد بن مهجع العذري

- ‌ومنهم ما حكاه أسدي وهي من العجائب المستلطفة

- ‌القسم الخامس

- ‌في ذكر من وسموا بالفساق من العشاق

- ‌الصنف الأول في ذكر من حمله هواه على أذية من يهواه وهؤلاء أم نساء أو

- ‌الصنف الثاني في ذكر من اشتدت به الغيرة إلى أن خامرته الحيرة فجرته إلى

- ‌الصنف الثالث في ذكر من عانده الزمان في مطلوبه حتى شورك في محبوبه فصنع

- ‌الصنف الرابع في ذكر من عوقب بالفسق ولم يشتهر بالعشق

- ‌ومنهم أعرابي من أسد

- ‌ومنهم ما حكى عن عبد الله بن سيرة

- ‌ومنهم ما حكى عن جويرية بن أسماء عن عمه

- ‌القسم السادس

- ‌في ذكر من حل عقد المحبة وخالف سنن الأحبة

- ‌الصنف الأول في كر من تاب عن الخلاف ورجع إلى حسن الائتلاف وكان محبوبه

- ‌ومنهم ما حكاه في النزهة ونقله هنا مجهولاً

- ‌الصنف الثاني في ذكر من تمادى على نقض العهد ومات على اخلاف الوعد

- ‌الصنف الثالث في ذكر من أشبه العشاق في محبته وشاكلهم في مودته فتعاهدا

- ‌فمنهم صخر بن عمرو

- ‌ومنهم هدية بن الخشرم

- ‌‌‌‌‌ومنهم

- ‌‌‌ومنهم

- ‌ومنهم

- ‌حمزة بن عبد الله بن الزبير

- ‌الحسن بن الحسن

- ‌غسان بن جهضم

- ‌ومثل هذا ما حكاه عن موسى الهادي

- ‌ الجزء الثاني

- ‌ الباب الثالث

- ‌في ذكر عشاق الغلمان

- ‌وأحوال من عدل إلى الذكور عن النسوان وتفصيل ما جرى عليهم من تصاريف

- ‌القسم الأول

- ‌فيمن استلب الهوى والعشق نفسه حتى أسلمه رمسه

- ‌أخبار محمد بن داود وصاحبه محمد الصيدلاني

- ‌أخبار القاضي شمس الدين بن خلكان وصاحبه المظفري

- ‌أخبار أحمد بن كليب وصاحبه أسلم

- ‌أخبار مدرك وصاحبه عمرو

- ‌النوع الثاني في

- ‌ذكر من جهل حاله

- ‌وكان إلى الموت في الحب مآله وقد رأينا أن نبدأ منهم بعشاق النصارى تبعاً

- ‌فمنهم

- ‌سعد الوراق

- ‌القسم الثاني

- ‌فيمن اشتهر في العشق حاله ولم يدر مآله

- ‌القسم الثالث

- ‌في ذكر من ساعده الزمان في المراد حتى بلغه ما أراد

- ‌القسم الرابع

- ‌في ذكر من منعه الزهد والعبادة أن يقضي من محبوبه مراده

- ‌النوع الثاني في ذكر من بغله زهده الأمان فعصمه عن الغلمان

- ‌خاتمة في ذكر ما عولج به العشق من الدوا

- ‌وقصد به السلو عن الهوى

- ‌ومن السلو عن الهوى استعمال الحساب والخوض في المشاجرات ونحو ذلك مما سبق

- ‌الباب الرابع

- ‌في ذكر ما سوى البشر وما القوا من العبر

- ‌الأول في الجنة

- ‌أسند المصنف عن الحافظ ابن حجر العسقلاني يرفعه إلى البيهقي، أنه قال

- ‌النوع الثاني

- ‌في ذكر من كلف وهو غير مكلف

- ‌وأوهن العشق قواه حتى تلف أو كاد أن يتلف

- ‌الصنف الثاني في ذكر بعض ما وقع للحيوان من أمور العشق في اختلاف الأزمان

- ‌الصنف الثالث في ذكر ما جرى من القوة العاشقية والمعشوقية بين الأنفس

- ‌الصنف الرابع فيما بث من الأسرار بين أصناف الأحجار

- ‌الصنف الخامس فيما بث من الأسرار الملكية بين الأجسام والأجرام الفلكية

- ‌الباب الخامس

- ‌في تتمات يفتقر إليها الناظر في هذا الكتاب

- ‌ويحسن موقعها عند أولي الألباب

- ‌فصل

- ‌في تحقيق معنى الحسن والجمال

- ‌وما استلطاف في ذلك من الأقوال

- ‌فصل

- ‌في خفقان القلب والتلوين عند اجتماع المحبين

- ‌فصل

- ‌في مراتب الغيرة وما توقعه بالمحب من الحيرة

- ‌فصل

- ‌في أحكام أسرار المحبة

- ‌وما فيها من اختلاف آراء الأحبة

- ‌فصل

- ‌في ذكر المغالطة والاستعطاف

- ‌واستدراك ما صدر عن المحبوب من الانحراف

- ‌فصل

- ‌في ذكر الرسل والرسائل

- ‌وتلطف الأحباب بالوسائل

- ‌فصل

- ‌في ذكر الاحتيال على طيف الخيال

- ‌فصل في أحكام الليل والنهار وذم قصرهما عند الوصل وطولهما عند الهجر

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌في أحكام الزيارة

- ‌وما جاء في فضلها من البراعة والعبارة وتفنن العشاق في فضل زيارة الحبيب

- ‌فصل

- ‌مما يلحق بالعتاب

- ‌ويصلح أن يكون معه في باب

- ‌القسم الأول

- ‌هجر الدلال

- ‌القسم الثاني

- ‌هجر الملال

- ‌القسم الثالث

- ‌الهجر المعروف بهجر الجزاء والمعاقبة

- ‌الهجر الرابع

- ‌الهجر الخلقي

- ‌فصل

- ‌فصل في ذكر مكابدة الأمور الصعاب عند طلب رضا الأحباب وخوض الأهوال

- ‌تتمة

- ‌ومما يلحق بهذا الفصل التلميح

- ‌خاتمة

- ‌فصل في النوادر والحكم

- ‌نادرة

- ‌لطيفة ووصية

- ‌عجيبة

- ‌فائدة

- ‌‌‌‌‌لطيفةو‌‌وصية

- ‌‌‌لطيفة

- ‌لطيفة

- ‌وصية

- ‌نادرة

- ‌أخرى

- ‌نادرة

- ‌فصل في المجون

- ‌فصل في ذكر نبذة من لطائف الأشعار ملتقطة مما ختم به الكتاب

الفصل: ‌فيما جاء فيه الكتاب من الأحاديث والآثار وفي حده ومراتبه

والباب الثالث في عشاق الغلمان وهو أربعة أقسام الأول فيمن استلب الهوى نفسه الثاني فيمن جهل حاله الثالث فيمن ظفر بمطلوبه الرابع فيمن منعه الزهد والعبادة أن يقضي مراده وألحقت ذلك بخاتمة تشتمل على ذكر دوا للسلو عن الهوى.

والباب الرابع في ذكر دخول العشق فيما سوى البشر وهو نوعان الأول في الجن والثاني في الحيوان والنبات والمعدن والعناصر والأفلاك.

والباب الخامس قد اشتمل على فصول كل فصل منها قد احتوى على النكت والعجائب واللطائف والغرائب من أصول هذه الصناعة وقد ألزمت نفسي أن أفتح كل فصل منه بكلام استاذ الحقيقة ورئيس أهل الطريقة مسكت كل لافظ ومبين ما في الطريق من القواطع والعوارض سيدي عمر بن الفارض غمرنا الله تعالى ببركاته وطيبنا بنفحاته متبعاً ذلك بما تيسر من حل ألفاظه حسب ما سنح في الذهن ثم أقول بعد انتهاء متعلق الطريقة رجع إلى كلام المترسمين من أهل الظاهر واختم الفصل بما سمعت به القريحة الفاترة والفكرة القاصرة من لطائف النظم المناسب لما ذكر عن أهل الصناعة هنالك واتبعت الفصول بتتمة في لطائف الغزل الخاص والعام وتقسيم ذلك.

وأما الخاتمة ففي لطائف ونكت متفرقة لا التزم تعلقها بالعشق وبها يتم الكتاب.

‌المقدمة

‌فيما جاء فيه الكتاب من الأحاديث والآثار وفي حده ومراتبه

ص: 3

أعلم أن واهب الصور لما صدر عنه العقل كان أعظم صادر لقربه من الكمال الذاتي فالعود إليه وطلب القرب منه واجب على كل ذي نفس قدسية ومن تطابقت الأدوار شاهدة بذلك ويدل له عموم فقال له أقبل الحديث وعنه النفس الكلية ثم قسما الأجسام الفلكية والعنصرية كما هو في محله إلى أن كان أشرف النفوس وأرفعها على الاطلاق النفس الانسانية ولشبه الشيء بأصوله كما هو واضح مقرر في محله بالبراهين انقسمت هذه النفس باعتبار أصولها إلى ثلاثة أقسام أحدها النفوس المعدنية وهي الجامدة التي لا تعقل ما يراد منها ولا نعرف إلا ما تقوم به بنيتها ويصدر عنها وذلك أما بالخاصية أو بأمر أودعها صانعها فيها لمصالح يعلمها ويشهد لذلك ما يشاهد من صور في الجبال والطن ونحوهما وثانيهما النباتية وهي أرفع من الأولى باعتبار الذبول والتحلل الظاهر وثالثها الحيوانية وتفصل السابقة بالحركة الارادية والحساسية ونحوهما من العوارض ثم كل واحدة من هذه الثلاث تنقسم باعتهار ما تشابهه من النوع كانقسامه في نفسه وذلك كانقسام الأولى إلى ما يكون صافي الجوهر جيده كالياقوت والذهب والثانية إلى ما هو كثير النفع طيب الطعم والرائحة كالعنبر والعود والثالثة إلى ما هو صالح للنفع والزينة كالخيل وإلى شجاع كالأسد وخبيث كالنمر وحافظ للعهد كالكلب وقوام على حفظ ما يستحفظ كالقرد ونظائر ذلك ولما كانت النفس الانسانية زبدة الكائنات وخاتمة طرفي سلسلة العلل والمعلولات لا جرم كانت مقتدرة على أن تتبع شهوات الجسم وعوارض الكثيف فتكون حيوانية بحتة أو تعمل في خلاص النفس من ظلمة الطبيعة وقفص الجسم فتحلق بعالمها الأصلي وهي النفس الملكية المقرة بالمبدأ والمعاد المخلصة من محض الكثافة المنتظمة في سلك محض اللطافة أو تجمع بين الأمرين وتؤلف بين الطريقين وهذه هي الانسان المطلق والأولى الحيواني والثانية الملكي فقد بان لك أن الإنسان منقسم كأصله ومميز بفعله ثم لا شبهة في انقسام كل كالمنتسب إليه ويكون كماله منزلاً عليه فالحكيم محتاج في اصلاح الأولى إلى ما يكون بمجرد حسن اللفظ والسياسة كالطيور أو بالضرب والاهانة كالدب والحمار وباطعام الطعام كالخيل والكلاب أو بالارسال والجدب والتحفظ من غدرها كالأسود والجمال والثانية وإن تفاوتت مراتبها غنية عن الاصلاح إلا من قبل مبدعها والثالثة هي المحتاجة إلى العلاج وملاطفة الزاج والعشق الحقيقي لها غالباً لأنه تابع للأمزجة ولأن عشق الملكي والحيواني بسيط إذ الأول يكون لمحض ذات واجب الوجود ومبدع الفيض والجود والثاني لمحض قضاء شهوات الجسم الفاسدة الناشئة عن الفكر الجامدة إذا تقرر هذا فاعلم أن العشق بعد أن سمعت ما سمعت يختلف باختلاف المزاج على أنحاء أربعة سريع التعلق والزوال كما في الصفراويين وعكسه كما في السوداويين وسريع التعلق بطيء الزوال كما في الدمويين وعكسه كما في البلغميين ومثل هذه مراتب الحفظ والنسيان وأما المعتدل فيكون العشق فيه كذلك فعلى هذا يكون قولهم لكل أحد صبوة الأمل جفت خلقته أو نقصت بنيته أو خرجت عن الاعتدال أمزجته محمولاً على الاعتدال النسبي الذي إذا حصل لشخص كان به على ما ينبغي أن يكون عليه لا الحقيقي لعزة وجوده ولزوم ندور العشق حينئذ والواقع خلافه ثم هو متى وقع على ما وصفناه أمكن حصول المزايا المذكورة فيه فقد قال الاستاذ أن أقل مزاياه تعليم الكرم والشجاعة والنظافة وحسن الأخلاق وذلك أن غاية مراد العاشق رضا معشوقه ورضا المعشوق يكون بانصاف العاشق بما يوجب المدح ويحسن المرتبة في القلب فعلى ثبوت هاتين المقدمتين ينتج ما قلناه واللازم واقع فكذا الملزوم وبيان الملازمة ظاهر وايضاحه أن العاشق وإن بخل جداً فلا يمكن بخله على المعشوق ومنه يتطرق الحال إلى من يعلم أنه متى بخل عليه أوصل الأمر إلى معشوقه وهكذا فيؤدي الحال إلى مطلق الكرم وكذا باقي السجايا المذكورة ولذلك جاء الناموس الشرعي بمطابقة القانون الحكمي كما هو شأن الشارع في غير هذا أيضاً ليكون التطابق بين الحكمة والشرع في كل شيء ولا عبرة بكلام بعض الأغبياء عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم من عشق فعف فمات دخل الجنة زاد الخطيب عن فظفر ثم أبدل قوله دخل الجنة بقوله مات شهيداً وفي أخرى وكتم والحديث بسائر ما ذكر صححه مغلطاي وأمحله البيهقي

ص: 4

والجرجاني والحاكم في التاريخ بضعف سويد وتفرده به ورواه ابن الجوزي مرفوعاً وأبو محمد بن الحسين موقوفاً وأخرج الخطيب عن عائشة رفعه أيضاً وحاصل الأمر ما صحته أو حسنه والجواب عن تفرد سويد المنع بوروده عن غيره وحكايته تحديثاً وكونه قبل عماه فلا تدليس وإذ قد ثبت فهو شاهد بما قلناه لأن غاية الغايات دخول الجنة وهو مستلزم لرضا الله الذي لا مطلب أعلى منه وقد جعلت مقدمة هذا المطلب العالي العفة وهي مذهب الحكماء بل أساس الحكمة وهي كما صرح به المعلم ثمرة الأصل الطاهر لأن أعلى الخلق الرضا والمزاج المعتدل ومنا الكتم وهي ثمرة المروأة والشهامة وكلاهما مستلزم علو النفس وصحة المزاج فقد اتضح ما قلناه. وعن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله ليعجب من شاب لا صبوة له ووجهه الاعجاب القدرة على حكم زمام النفس وزجرها مع تركيب الشهية وتوفر الدواعي وما تكلفه في الأصل من أن المواد بالإعجاب أثره واضح لا يحتاج إليه لأنه وما شاكله من الرحمة التي هي رقة القلب لا تكون إلا لذي المزاج ولما علم بالضرورة تنزهه عن الأجسام والأعراض علم برؤه من لوازمها فما وقع مما يوهم شيئاً فالمراد لازمه ولصحة هذا الحديث واشتهاره بين الأكابر جاء تضمينه في أشعارهم كثيراً فمن ألطف ما قيل في ذلك قول ابن الصائغ: والحاكم في التاريخ بضعف سويد وتفرده به ورواه ابن الجوزي مرفوعاً وأبو محمد بن الحسين موقوفاً وأخرج الخطيب عن عائشة رفعه أيضاً وحاصل الأمر ما صحته أو حسنه والجواب عن تفرد سويد المنع بوروده عن غيره وحكايته تحديثاً وكونه قبل عماه فلا تدليس وإذ قد ثبت فهو شاهد بما قلناه لأن غاية الغايات دخول الجنة وهو مستلزم لرضا الله الذي لا مطلب أعلى منه وقد جعلت مقدمة هذا المطلب العالي العفة وهي مذهب الحكماء بل أساس الحكمة وهي كما صرح به المعلم ثمرة الأصل الطاهر لأن أعلى الخلق الرضا والمزاج المعتدل ومنا الكتم وهي ثمرة المروأة والشهامة وكلاهما مستلزم علو النفس وصحة المزاج فقد اتضح ما قلناه. وعن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله ليعجب من شاب لا صبوة له ووجهه الاعجاب القدرة على حكم زمام النفس وزجرها مع تركيب الشهية وتوفر الدواعي وما تكلفه في الأصل من أن المواد بالإعجاب أثره واضح لا يحتاج إليه لأنه وما شاكله من الرحمة التي هي رقة القلب لا تكون إلا لذي المزاج ولما علم بالضرورة تنزهه عن الأجسام والأعراض علم برؤه من لوازمها فما وقع مما يوهم شيئاً فالمراد لازمه ولصحة هذا الحديث واشتهاره بين الأكابر جاء تضمينه في أشعارهم كثيراً فمن ألطف ما قيل في ذلك قول ابن الصائغ:

سأكتم ما ألقاه يا نور ناظري

من الأجر كيلا يذهب الأجر باطلا

فقد جاءنا عن سيد الخلق أحمد

ومن كان براً بالعباد وواصلا

بأن الذي في الحب يكتم وجده

يموت شهيداً في الفراديس نازلا

رواه سويد عن علي بن مسهر

فما فيه من شك لمن كان عاقلاً

وماذا كثيراً للذي مات مغرماً

سقيماً عليلاً بالهوى متشاغلا

وألطف من ذلك ما حكاه التاج السبكي في الطبقات الكبرى عن أبي نواس قال مضيت إلى باب أزهر والمحدثون ينتظرون خروجه فما كان إلا أن خرج وجعل يعظهم واحداً بعد واحد حتى التفت إلي فقال ما حاجتك فقلت:

ولقد كنت رويتم

عن سعيد عن قتادة

عن سعيد بن المسيب

أن سعد بن عباده

قال من مات محباً

فله أجر شهاده

فقال أزهر نعم وذكر الحديث ولأبي نواس أيضاً:

حدثنا الخفاف عن وائل

وخالد الحذاء عن جابر

ومسعر عن بعض أصحابه

يرفعه الشيخ إلى عامر

وابن جريج عن سعيد وعن

قتادة الماضي وعن غابر

قالوا جميعاً أيما طفلة

علقها ذو خلق طاهر

فواصلته ثم دامت له

على وصال الحافظ الذاكر

كانت لها الجنة مبذولة

تمرح في مرتعها الزاهر

وأي معشوق جفا عاشقاً

بعد وصال ناعم ناضر

ففي عذاب الله مثوى له

بعداً له من ظالم غادر

ص: 5

وفي رستاق الاتفاق في ملح شعراء الآفاق لابن المبارك الامام:

حدثنا سفيان عن جابر

عن خالد عن سهل الساعدي

يرفعه من مات عشقاً فقد

استوجب الأجر من الماجد

وأما الآثار فكثيرة لا تكاد تحصى ولكن نورد ألطفها كم هو شأننا فمن ذلك ما روى عن المهدي قال: أشتهي أن أصلي على جنازة عاشق مات في الحب وكان شريح يكثر الجلوس في الطرقات ويقول لعلي أرى صورة حسنة وكان ابن الليث قاضي مصر يكتب في فتياً فسمع جارية تقول:

ترى في الحكومة يا سيدي

على من تعشق أن يقتلا

فرمى القلم من يده وهو يقول: لا. وعن ابن عباس الهوى إله معبود فقيل له أتقول ذلك فقال نعم أليس الله تعالى يقول أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وقال العباس بن الأحنف:

ويح المحبين ما أشقى جدودهم

إن كان مثلي الذي بي للمحبينا

يشقون في هذه الدنيا بعشقهم

لا يدركون بها دنيا ولا دينا

يرق قلبي لأهل العشق إنهم

إذا رأوني وما ألقى يرقونا

وله أيضاً:

أيها النادب قوماً هلكوا

صارت الأرض عليهم طبقا

أندب العشاق لا غيرهم

إنما الهالك من قد عشقا

وأخرج ابن الحسين الجاذري عن معن بن عيسى قال دخل ابن سجنون على مالك فقال يا إمام اجعلني في حل من أبيات قلتها فيك فقال وقد ظن أنه هجاه أنت في خل من ذلك فأنشد الأبيات بين يديه وهي:

سلوا مالك المفتي عن اللهو والغنا

وحب الحسان المعجبات الفوارك

ينبئكم إني مصاب وإنما

أسلي هموم النفس عني بذلك

فهل في محب يكتم الحب والهوى

أثام وهل في ضمة المتهالك

فضحك وقال لا إن شاء الله وأظرف من ذلك ما أخرجه أبو نعيم في الحلية عن الربيع بن سليمان قال دخل شاب على الشافعي برقعة فوقع فيها بعدما نظر وناوله إياها فتبعته على أنها فتياً أكتبها فإذا هي:

سل العالم المكي هل في تزاوره

وضم المشتاق الفؤاد جناح

فكتب تحته:

أقول معاذ الله أن يذهب التقي

تلاصق أكباد بهن جراح

فأنكرت كتابته مثل هذا الشاب وذكرته له فقال أنه هاشمي وقد دخل بعرسه في هذا الشهر يعني رمضان فسأل عن الضم والتقبيل هل يفسدان الصوم فقلت له لا قال الربيع فعاودته فإذا الأمر كذلك فعجبت من فراسته وحكى في الأصل عن ابن حجر قال أخرج أبو نعيم أيضاً عن ابن سيرين أنهم كانوا يعشون بلا ريبة وفي الطبقات الكبرى لابن السبكي وحكاه في الأصل متردداً قال كتب جلال الدولة إلى أبي الطيب الطبري سؤالاً صورته:

يا أيها العالم ماذا ترى

في عاشق ذاب من الوجد

من حب ظبي أهيف أغيد

سهل المحيا حسن القد

فهل ترى تقبيله جائزاً

في النحر والعينين والخد

من غير ما فحش ولا ريبة

بل بعناق جائز الحد

إن أنت لم تفت فإني إذاً

أصيح من وجدي واستعدي

فأجابه:

يا أيها السائل إني أرى

تقبيلك العين مع الخد

يفضي إلى ما بعده فاجتنب

قبلته بالجد والجهد

فإن من يرتع في روضة

لا بد أن يجني من الورد

وإن من تحسبه ناسكاً

لا بد أن يغلب بالوجد

فاستشعر العفة وأعصى الهوى

يسلم لك الدين مع الود

تغنيك عنه كاعب ناهد

تضمها بالملك والعقد

تملك منها كلمة تشتهي

من غير ما فحش ولا رد

هذا جوابي لقتيل الهوى

فلا تكن بالحق تستعدي

وأخرج الخطيب البغدادي عن الغزي قال رأيت عاشقين اجتمعا فتحدثا من أول الليل إلى الغداة ثم قاما إلى الصلاة وفي معناه أنشد العلامة محمود لنفسه وهو من لزوم ما لا يلزم

لله وقفة عاشقين تلاقيا

من بعد طول نوى وبعد مزار

يتعاطيان من الغرام مدامة

زاتهما بعداً من الأوزار

ص: 6

صدقا الغرام فلم يمل طرف إلى

فحش ولا كف لحل ازار

فتلاقيا وتفرقا وكلاهما

لم يخش مطعن عائب أوزاري

ومنه ما حكى عن بعضهم قال حكت لي امرأة عن شخص هويها وهويته أنه قال لها يوماً ها لك أن نحقق ما قيل فينا فقالت معاذ الله أن أفعل ذلك وأنا أقرأ الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين وقيل لأعرابي ليلة تزويج محبوبته أيسرك أن تظفر بها قال نعم قيل فما كنت تصنع بها قال أطيع الحب في لثمها وأعصي الشيطان في اثمها.

وعن الأصمعي قيل لأعرابي ما تصنع إن ظفرت بمحبوبتك قال امتع عيني من وجهها وسمعي من حديثها واستر منها ما يحرم كشفه إلا عند حله وأنشد ابن القاسم في المعنى وإن كان فيه بعد لأنك تعتبر الحياء من الايمان اللازم للعفة وخوف الله تعالى

كم قد خلوت بمن أهوى فيمنعني

منه الحياء وقد أودى بمعقولي

يأبى الحياء وشيبي أن ألم به

وخشية اللوم من قال ومن قيل

وأصرح منه في المقصود ما أنشده إبراهيم بن عرفة

كم قد ظفرت بمن أهوى فيمنعني

منه الحياء وخوف الله والحذر

وكم خلوت بمن أهوى فيقنعني

منه الفكاهة والتحديث والنظر

أهوى الحسان وأهوى أن أجالسهم

وليس لي في حرام منهم وطر

كذلك الحب لا اتيان معصية

لا خير في لذة من بعدها سقر

وأخرج صاحب الأصل عن سعيد بن عقبة الهمذاني قال لأعرابي حضر مجلسه ممن الرجل قال من قوم إذا عشقوا ماتوا فقال عذري ورب الكعبة ثم سأله علة ذلك فقال لأن في نسائنا صباحة وفي فتياتنا عفة وأخرجه في الخليفيات أيضاً وفي معناه أنشد حرب

ما أن دعاني الهوى لفاحشة

ألا عصاني الحياء والكرم

فلا إلى محرم مددت يدي

ولا مشت بي لزلة قدم

هذا ما جاء في الآثار من العشق مع العفة وأما ما يدل على كثرة وقوعه واختصاص قوم بمزيد منه فكثير. فمن ذلك ما أخرجه التنوخي عن عروة بن الزبير قال قلت لعذري أنكم أرق الناس قلوباً يريد أصباهم إلى الحب فقال نعم لقد تركت ثلاثين شاباً خامرهم السل ما بهم داء إلا الحب وقيل لشخص منهم مثله فقال كقوله وزاد لكن غلبتنا بنو عامر بمجونها وفي منازل الأحباب للشهاب محمود ليس حي أصدق في الحب من بني عذرة ولا نضرب الأمثال فيه إلا بهم وقال قلت يوماً أتعدون موتكم في الحب مزية وهو من ضعف البنية وهن العقدة وضيق الرئة فقال أما والله لو رأيتم المحاجر البلج ترشق بالعيون الدعج من تحت الحواجب الزج والشفاه السمر تبسم عن الثنايا الغر كأنها شذر الدر لجعلتموها اللات والعزى وتركتم الإسلام وراء ظهوركم وعن أبي عمرو بن العلاء قال استنطقت إعرابياً عند الكعبة واستنسبته لماذا هو فصيح عذري فسألته هل علقه الحب فأنبأ عن شدة ولوع فسألته ما قال في ذلك فأنشد

تتبعن مرمى الوحش حتى رميتنا

من النبل لا بالطائشات المخاطف

ضعائف يقتلن الرجال بلا دم

فيا عجباً للقاتلات الضعائف

وللعين ملهى في البلاد ولم يقد

هوى النفس شيء كاقتياد الظرائف

وقال بعض حكماء الهند ما علق العشق بأحد عندنا إلا وعزينا أهله فيه. وحكى الحافظ مغلطاي أن العشق يختلف باختلاف أصحابه قال الغرام أشد ما يكون مع الفراغ وتكرار التردد إلى المعشوق والعجز عن الوصول إليه فعلى هذا يكون أخف الناس عشقاً الملوك ثم من دونهم لاشتغالهم بتدبير الملك وقدرتهم على مرادهم ولكن قد يتذللون للمحبوب لما في ذلك من مزيد اللذة كقول الحكم بن هشام

ظل من فرط حبه مملوكاً

ولقد كان قبل ذاك مليكا

تركته جآذر القصر صباً

مستهاماً على الصعيد تريكا

يجعل الخد واضعاً تحت ترب

للذي يجعل الحرير أريكا

هكذا يحسن التذلل بالحرّ

إذا كان في الهوى مملوكا

وقول الرشيد أيضاً

ملك الثلاث الآنسات عناني

وحللن من قلبي بكل مكان

ما لي تطاوعني البرية كلها

وأطعيهن وهن في عصياني

ما ذاك إلا أن سلطان الهوى

وبه قوين أعز من سلطاني

ص: 7