الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والفصح بالمهملة وبعدها معجمة العيد الأكبر وهو ختام الصوم الكبير المعروف في مصر بالخماسين. والقداس هو المولود يأخذه القسيس حين يولد فيقدسه في المعمودية يعني يحطه في الماء، ومن هنا إلى عند ما تقدم مقدم. والاقنوم لفظة رومية ويراد بها المعنى وعندهم الأقانيم ثلاثة الله والمسيح ومريم ويعنون بها الآلهة وهو اصطلاح كازردشت عند المجوس وخاخان عند اليهود وأزدان عن الثنوية وآل شلع عند الصابئة إلى غير ذلك مما استقصيناه في الفرق والذي قمص بعد الموت المسيح كما سبق، والذين حلقوا الرؤوس وتشمعلوا يعني اتبعوا شمعون وهم لوقا ويوحنا وامليخا وجرجس وروبيل وبنيائيل وبولس ولهم قصة طويلة ذكرناها في الفرق وحاصلها أنهم تعاهدوا على مدارسة الانجيل والانفراد في رؤوس الجبال بالعبادة، ولقد رأيت بعض بيعهم بالدير الكبير في الجبل البحري بالقرب من أنطاكية وللنصارى فيهم أقوال عجيبة لا يساعها هذا المحل، وما بعد ذلك أسماء أنبياء من بني إسرائيل.
والدواء الذي في قلة الميرون هو دهن البلسان وغسالة أرجل البتاركة في القمامة ليلة الغطاس يجمعها البترك ويجعلها في الزجاجات عند أهل القلل فيبرىء به المصروع والمبرسم وصاحب الماليخوليا فإن صح ذلك، فلما فيها من دهن البلسان وكذلك عدم تغيره مدة الدهر ولقد قلت للبترك يوماً أنا أغسل رجلي بالماء وأرفعه فلا يتغير أبداً فتبطل مزيتكم، ثم ذكرت له العلة فاعترف والمأثور عن شمعون من الخوص والزيتون. هو أن شمعون دخل الكنيسة يوم أحد خامس من يوم الصوم الأكبر ومعه غصن من شجرة الزيتون وشيء من خوص النخل. فلما فرغ من الصلاة وعنده جماعة منكرون في الباطن رفع إليهم من ذلك شيئاً وأمرهم بادخاره فبقي رطباً إلى القابل فدانوا للملة العيسوية فاتخذ ذلك سنة فيهم يأتون به الآن في اليوم المذكور، ويطرح في الكنائس، فإذا فرغت الصلاة توزعوه فيكون عندهم إلى القابل ولو عرف المخمس لقال وخالص الكندر والمقر يعني الميعة بلسانهم فإنهم يأخذون من الكندر والميعة وورق الزيتون ويعجنون الكل بخور للكنائس وغيرها، ويداوون به أمراضاً كثيرة كالحميات، نعم يأخذون ورق الزيتون ليلة عيد الصليب فيدفنونه في الأرض أسبوعاً ثم يخرجونه فإن وجد أخضر حكموا أن السنة مخصبة وإن كان غير هذا فالبعكس وله أحكام طويلة ذكرناها في كتاب الفلاحة.
وعيد الصليب معروف، وعيد اشمونا عاشر نيسان، وعيد الشعانين هو الذي يأتي في الصوم الكبير ويعقبه عيد الفطر السعيد وعيد مارماري هو الذي يأتي بعد صوم بولس وقد سبق، وعيد شعياء يكون في صوم الميلادة بشباط يعني أمشير والأرمن تسمى عيد الشعانين عيد شعياء.
واليعاقبه تسمى يوم الزيتون أيضاً كذلك، والعمدة على كلام الروم، والهياكل والأماكن التي فيها قبور مثل البتاركة والمطارنه والدخن المراد بها حصى اللبان الذكر، والسبعين من العباد هم المختارون من القوم الذين أكلوا المائدة والاثنا عشر من الامم المراد بهم السبعه السابقة، وشمعون وسمعان وبطرس ودانيال ويحيى وهؤلاء حواريون واتباع افترقوا للدعوة لما اختصوا به وعملوه ولسبب خروجهم أحكام ليس هذا محلها وبسطناها في الفرق.
ومر عيبد عابده كان بدير سمعان وشعياء ونسطورون شيخا التفسير أول من حل الانجيل، ولهما كتاب ذكرا فيه الصحف المنزلة على الأنبياء وعددها مائة وثمانية عشر وجمعا بين أحكامها وأحكام الانجيل والزبور والتوراة، ومواعظ وجعلاه قسمين وهو كتاب عزيز الوجود وقفت عليه وطالعته إلى هنا انتهى الغرض منه.
النوع الثاني في
ذكر من جهل حاله
وكان إلى الموت في الحب مآله وقد رأينا أن نبدأ منهم بعشاق النصارى تبعاً
للقصة المشهورة
فمنهم
سعد الوراق
وكان بالرها يبيع الورق، يجلس إليه الشعراء وأهل الأدب فيتحدثون عنده في الشعر كالصنوبري والمعري وغيرهما فلازمهم غلام نصراني اسمه عيسى يكتب ما عندهم من الأدب فعلقه سعيد وزاد به وجده فأنشد يوماً:
اجعل فؤادي دواة والمداد دمي
…
وهاك فابري عظامي موضع القلم
وصير اللوح وجهي وامحه بيدي
…
فإن ذلك لي برء من السقم
ترى المعلم لا يدري بمن كلفي
…
وأنت أشهر في الصبيان من علم
ثم اشتهر أمرهما، فلما شب الغلام طلب الترهب فأجابه أهله بعد جهد إلى دير زنكي وأقام به، وكان سعيد يأتيه ويجلس معه فكره الرهبان ذلك وتوعدوا الغلام بالخروج من الدير فمنعة، أي صارت الرهبان تغلب باب الدير في وجه سعيد إذا أتى.
فلما أيس مضى فأحرق داره وثيابه وخرج عارياً ينشد الأشعار ويطوف بالدير ويبيت في ظله وأن الصنوبري أتاه يوماً وقد طال شعره وتشوهت خلقته فعنفه. فقال يا أبا بكر ألا ترى إلى هذا الطائر الذي على شرفة الدير قلت نعم. قال لي اسأله حمل رسالتي إلى عيسى فأبى ثم قال هل عندك لوح قلت نعم، فدفعته إليه فكتب:
بدينك يا حمامة دير زنكي
…
وبالانجيل عندك والصليب
قفي وتحملي مني سلاماً
…
إلى قمر على غصن رطيب
حماه جماعة الرهبان عني
…
فقلي ما يقرّ من الوجيب
وقالوا رابنا إلمام سعد
…
ولا والله ما أنا بالمريب
وقولي سعدك المسكين يشكو
…
لهيب جوى أحر من اللهيب
فصله بنظرة لك من بعيد
…
إذا ما كنت تمنع من قريب
وإن أك مت فاكتب حول قبري
…
محب مات من هجر الحبيب
رقيب واحد تنغيص عيش
…
فكيف بمن له الفا رقيب
ولم يزل كذلك حتى وجد عند الدير ميتاً فأراد العامل يومئذ وهو العباس بن وكيع البطش بالرهبان وحرق الغلام فافتدوه بمائة ألف درهم وصار الغلام إذا دخل المدينة لزيارة أهله تضربه الصبيان بالأحجار ويقولون له يا قاتل سعيد فانتقل إلى دير سمعان.
ومنهم شرف العلاء علق غلاماً نصرانياً فلبس المسوح لأجله وتبعه إلى الكنائس والبيع، وهام به فبلغ ذلك الظاهر بن أيوب فاستحضره، فلما دخل عليه تلقاه بقدح من خمر فشربه وأنشد:
جمعت بالكأس شملي
…
الله يجمع شملك
بحق رأسك دعني
…
حتى أقبل نعلك
وصار على ذلك هائماً حتى مات.
ومنهم ما أخرجه ابن الجوزي عن سعيد قال كنت بخان التجار بالبصرة إذا بغلام يصيح وفي يده مدية فاجتمع الناس إليه فأنشد:
يوم الفراق من القيامة أطول
…
والموت من ألم التفرق أجمل
قالوا الرحيل فقلت لست براحل
…
لكن مهجتي التي تترحل
ثم بقر بطن بمديته فسألته عنه، فقيل عشق غلاماً لبعض الملوك فحجب عنه يوماً واحداً ففعل هذا.
ومنهم ما حكاه الثوري في روضة القلوب قال كان بحمص مؤدب يقال له ابن الجوزي عشق غلاماً وكلف به، فلما علم أبوه بذلك نقله إلى مؤدب آخر عدو له فضعف واشتد غمه، فكتب إلى أبي الغلام يستعطفه فأجابه بأنه إن لم يرجع رفع أمره إلى الحاكم فتغير من وقته وتقايى الدم، وحمل إلى بيته وجاءه الطبيب فأخبر أن كبده تفطرت فمات في الرابع.
ومنهم ما حكاه في ديوان الصبابة وهو نظير العشق المسلسل السابق في الباب الثاني قال عشق شاب بدمشق غلاماً، فلما اشتد به وجده قتله فحمل إلى الحاكم فأنكر فهدد بالضرب، فجاء شاب كان يعشقه فقال إن هذا لم يقتل الغلام وإنما أنا قتلته فكتبوا عليه ذلك وخرجوا ليقتلوه فحدث الحاكم بباطن القصة وكان متأدباً فأمسك عن قتله وحبسه لينظر فعزل بعد أيام وكان أول ما حكم الحاكم الجديد أن شنق الشاب المذكور وقال شهاب الدين الحاجبي، كان شاباً لطيفاً جيد القريحه ذا نثر ونظم من العجائب الدالة على أن له اليد الطولى في الأدب، وكان من أولاد الجند عشق شاباً من أولاد الحسينية وأفرط في حبه حتى كان لا يصبر عنه ساعة، فمرض الشاب وانقطع فمرض الحاجبي لمرضه فدخل أصحابه عليه ليعودوه، فقال أريد من يوصل هذه الدراهم إلى فلان يعني صاحبه فقيل له قد مات فتغير من وقته واختلط عقله وجعل يقول قد مات، ثم قال احملوني من هنا وألح عليهم فأخذوه من حارة بهاء الدين إلى قناطر السباع فمات بها من يومه والتقت جنازته وجنازة محبوبه فصلى عليهما معاً، ومن شعره:
ملأت فؤادي من محبة شادن
…
أميل إليه وهو كالظبي رائع
وقلت لقلبي قم لنعشق شادناً
…
سواه فقال القلب ما أنا صانع
ومنها:
إن السيوف كلها
…
قاطعة إذا انجلت
إلا سيوف لحظه
…
إذا تصدّت قتلت
ومنها: