الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عود الى الآيات:
ونعود فنقول إنما كرر القرآن هذه الآيات في أول كل قصة وآخرها لأن هذه القصص قرعت بها آذان أصابها وقر وقلوب غلف، فلم يكن بد من مراجعتها بالترديد والتكرير لعل ذلك يفتح مغالقها ويجلو ما تحيفها من صدأ. وسيأتي من التكرير في القرآن ما يسكر النفوس ويخلب الألباب.
[سورة الشعراء (26) : الآيات 192 الى 203]
وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195) وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ (196)
أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ (197) وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (198) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ (199) كَذلِكَ سَلَكْناهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (200) لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ (201)
فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (202) فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ (203)
اللغة:
(الْأَعْجَمِينَ) : قال الزمخشري: الأعجم الذي لا يفصح وفي نسانه عجمة واستعجام والاعجمي مثله إلا أن فيه لزيادة ياء النسبة زيادة تأكيد، وقرأ الحسن: الأعجميين، ولما كان من يتكلم بلسان غير
لسانهم لا يفقهون كلامه قالوا له أعجم وأعجمي شبهوه بمن لا يفصح ولا يبين، وقالوا لكل ذي صوت من البهائم والطيور وغيرها أعجم قال حميد:
ولا عربيا شاقه صوت أعجما قلت: وهذا عجز بيت وصدره:
«ولم أر مثلي شاقه صوت مثلها» والبيت من أبيات لحميد بن ثور وقد رحلت صاحبته ومنها:
وما هاج هذا الشوق إلا حمامة
…
دعت ساق حر ترحة وتندما
عجبت لها أنّى يكون غناؤها
…
فصيحا ولم تفغر بسنطقها فما
ولم أر مثلي شاقه صوت مثلها
…
ولا عربيا شاقه صوت أعجما
وساق حر مركب إضافي وهو ذكر الحمام مطلقا يقول: وما حرك هذا الشوق وبعثه فتوقد في قلبي إلا حمامة دعت ذكرها، والترحة:
الحزن ضد الفرحة، والتندم: التأسف على ما فات، ويروى وترنما وهو تحسين الصوت وهما نصب على الحالية أي حزينة ومتأسفة أو ذات ترحة وذات تندم، وأنى اسم استفهام بمعنى كيف والاستفهام معناه هنا التعجب وفغر فاه يفغره من باب نفع فتحه أي والحال أنها لم تفتح فمها بنطقها وانما يخرج صوتها من صدرها، وشاقه تسبب له في الشوق، والعربي المفصح والأعجم الذي لا يفصح من الحيوان نقلته العرب لمن لا يفهمون كلامه ولا يفقهون مراده وربما ألحقوه ياء النسب للمبالغة في شدة العجمة، وبينه وبين عربي طباق التضاد.