الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجملة أولئك يئسوا خبر الذين. (وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) وأولئك الواو عاطفة وأولئك مبتدأ ولهم خبر مقدم وعذاب مبتدأ مؤخر وأليم صفة لعذاب وجملة لهم عذاب أليم خبر أولئك.
البلاغة:
1-
نكر الرزق في قوله (لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً) ثم عرفه بقوله «فابتغوا عند الله الرزق» لأن الأول مقصور عليهم فاستوجب أن يكون ضئيلا قليلا فنكره تدليلا على قلته وضآلته، ولما كان الثاني مبتغى عند الله استوجب أن يكون كثيرا لأنه كله عند الله فعرفه تدليلا على كثرته وجسامته.
2-
الإضمار والإظهار:
في قوله «أولم يروا كيف يبدىء الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشىء النشأة الآخرة» فن قل من يتفطّن اليه لأنه دقيق للغاية ولا يجنح إليه الكاتب أو الشاعر إلا لفائدة تربو على البداهة وهي تعظيم شأن الأمر. ألا ترى أنه صرح باسمه تعالى في قوله «ثم الله ينشىء النشأة الآخرة» مع إيقاعه مبتدأ، وقد كان القياس أن يقول:
كيف بدأ الله الخلق ثم ينشىء النشأة الآخرة فأفصح باسمه بعد إضماره والفائدة في ذلك أنه لما كانت الإعادة عندهم من الأمور العظيمة وكان صدر الكلام واقعا معهم في الإبداء وقرر لهم أن ذلك من الله احتج عليهم بأن الاعادة إنشاء مثل الإبداء وإذا كان الله الذي لا يعجزه شيء هو الذي لا يعجزه الإبداء فوجب أن لا تعجزه الإعادة
فللدلالة وللتنبيه على عظم هذا الأمر الذي هو الاعادة أبرز اسمه تعالى وأوقعه مبتدأ، والأصل في الكلام الأظهار ثم الإضمار ويليه لقصد التفخيم الإظهار بعد الإظهار ويليه وهو أفخم الثلاثة الإظهار بعد الإضمار كما في الآية.
وعلى هذا يقاس ما ورد من كلامهم كقول بعضهم يصف لقاء مع بني تميم قال: «ولما تلاقينا وبنو تميم أقبلوا نحونا يركضون فرأينا منهم أسودا ثكلا تسابق الأسنة الى الورود، ولا ترتد على أعقابها إذا ارتدت أمثالها من الأسود وتناجد بنو تميم علينا بجملة فلذنا بالفرار واستبقنا الى تولية الإدبار» فإنه إنما قيل «وتناجد بنو تميم» مصرحا باسمهم ولم يقل وتناجدوا كما قيل «أقبلوا» للدلالة على التعجب من إقدامهم عند الحملة وثباتهم عند الصدمة لا سيما وقد أردف ذلك بقوله «لذنا بالفرار، واستبقنا الى تولية الأدبار» كأنه قال: وتناجد أولئك الفرسان المشاهير، والفرسان الكماة المناكير وحملوا علينا حملة واحدة فولينا مدبرين منهزمين.
ولقد أشار الامام الرازي الى هذه النكتة ولكنه أوردها موردا آخر ولذلك ننقل عبارته بنصها: «أبرز اسم الله في الآية الأولى عند البدء حيث قال: كيف يبدىء الله الخلق وأضمره عند الإعادة، وفي هذه الآية أضمره عند البدء وأبرزه عند الإعادة حيث قال: ثم الله ينشىء النشأة لأنه في الآية الأولى لم يسبق ذكر الله بفعل حتى يسند اليه البدء فقال يبدىء الله ثم قال: ثم يعيده وفي الآية الثانية كان ذكر البدء مسندا الى الله تعالى فاكتفى به وأما إظهاره عند الإنشاء ثانيا حيث قال: ثم الله ينشىء النشأة، فليقع في ذهن السامع كمال قدرته