الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البلاغة:
1-
سر التنكير في قوله «الى معاد» للتفخيم كأن هذا المعاد قد أعد لك دون غيرك من البشر، قيل المراد به مكة وهو يوم الفتح فمعاد الرجل بلده لأنه ينصرف منه فيعود اليه فالمعاد على هذا اسم مكان، روي أنه صلى الله عليه وسلم لما خرج من الغار ليلا سار في غير الطريق مخافة الطلب فلما رجع الى الطريق ونزل بالجحفة بين مكة والمدينة وعرف الطريق الى مكة تنزى الحنين في صدره وهاجه الشوق الى موطنه وحنّ الى مولده ومولد آبائه فنزلت عليه تطمينا لقلبه، وفيها يتجلى مقدار الحنين الى الأوطان، وقد رمق الشعراء جميعا سماء هذا المعنى فقال ابن الرومي:
بلد صحبت به الشبيبة والصبا
…
ولبست ثوب العيش وهو جديد
فإذا تمثل في الضمير رأيته
…
وعليه أغصان الشباب تميد
وقال أبو تمام:
نقل فؤادك حيث شئت من الهوى
…
ما الحب إلا للحبيب الأول
كم منزل في الأرض يألفه الفتى
…
وحنينه أبدا لأول منزل
والقول في حب الأوطان كثير، ومما يؤكد ما قلناه في حب الأوطان قول الله عز وجل «ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم» فسوّى بين قتل أنفسهم وبين الخروج من ديارهم، وقال تعالى:«وما لنا أن لا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا» .
وقال بعضهم «من أمارات العاقل بره لإخوانه، وحنينه لأوطانه، ومداراته لأهل زمانه» .
وقيل لأعرابي: كيف تصنع في البادية إذا اشتد القيظ وانتعل كل شيء ظله؟ قال: وهل العيش إلا ذاك، يمشي أحدنا ميلا فيرفضّ عرقا ثم ينصب عصاه ويلقي عليه كساءه ويجلس في فيئه يكتال الريح فكأنه في إيوان كسرى.
وقال يحيى بن طالب الحنفي من شعراء الدولة العباسية:
ألا هل إلى شم الخزامى ونظرة
…
إلى قرقرى قبل الممات سبيل
فأشرب من ماء الحجيلاء شربه
…
يداوى بها قبل الممات عليل
فيا أثلات القاع قلبي موكل
…
بكن وجدوى خيركنّ قليل
ويا أثلات القاع قد مل صحبتي
…
مسيري فهل في ظلكنّ مقيل
أريد انحدارا نحوها فيردّني
…
ويمنعني دين عليّ ثقيل
أحدث نفسي عنك إذ لست راجعا
…
إليك فحزني في الفؤاد دخيل
والأبيات المشهورة للصمة القشيري:
تمتع من شميم عرار نجد
…
فما بعد العشية من عرار
ألا يا حبذا نفحات نجد
…
وريا روضة بعد القطار
وعيشك إذ يحل الحي نجدا
…
وأنت على زمانك غير زار
شهور ينقضين وما شعرنا
…
بأنصاف لهن ولا سرار
فأما ليلهن فخير ليل
…
وأقصر ما يكون من النهار
وحسبنا ما قدمناه الآن.
2-
المجاز المرسل:
في قوله تعالى «كل شيء هالك إلا وجهه» أي إلا إياه، من ذكر البعض وإرادة الكل، وقد جرت عادة العرب في التعبير بالأشرف عن الجملة.