الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أي هو ذو محاسن متعددة فلما وصف هذه المعاني المتداخلة التي تدل على شيء واحد بأوصاف متباينة صار ذلك إطنابا ولم يكن تكريرا.
وقد اشتملت هذه الآية «وأوحينا الى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين» على أمرين وهما «أرضعيه، فألقيه» ونهيين وهما «لا تخافي، ولا تحزني» وخبرين وهما: «إنا رادوه إليك، وجاعلوه من المرسلين» وبشارتين في ضمن الخبرين وهما رده إليها وجعله من المرسلين.
2- الكناية:
وذلك في قوله «وأصبح فؤاد أم موسى فارغا» فإن ذلك كناية عن فقدان العقل وطيش اللب والمعنى أنها حين سمعت بوقوعه في يد فرعون طاش صوابها وطار عقلها لما انتابها من فرط الجزع والدهش ومثله قوله تعالى «وأفئدتهم هواء» أي جوف لا عقول فيها ومنه بيت حسان:
ألا أبلغ أبا سفيان عني
…
فأنت مجوّف نخب هواء
وهذا البيت من قصيدة مطولة لحسان بن ثابت يهجو بها أبا سفيان قبل إسلامه وبعده:
بأن سيوفنا تركت عبيدا
…
وعبد الدار سادتها الإماء
هجوت محمدا فأجبت عنه
…
وعند الله في ذاك الجزاء
أتهجوه ولست له بكفء
…
فشرّ كما لخير كما الفداء
أمن يهجو رسول الله منكم
…
ويمدحه وينصره
سواء فإن أبي ووالده وعرضي
…
لعرض محمد منكم وقاء
وألا أداة للتنبيه والاستفتاح والمأمور بالإبلاغ غير معين، ثم التفت ليثير غيظ أبي سفيان، وكان مقتضى السياق أن يقول «فإنه» أي أبا سفيان لكن مخاطبته ومشافهته بالذم أمض للنفس وأقذع في الهجاء، والمجوف والنخب والهواء خالي الجوف أو فارغ القلب من العقل والشجاعة واسناد الترك للسيوف مجاز عقلي لأنها آلة للفعل وعبيد بالتصغير قبيلة وكذلك عبد الدار سادتها مبتدأ والإماء خبره والجملة في محل المفعول الثاني لتركت أي صيرت عبيدا لا سادة لها إلا النساء وصيرت عبد الدار كذلك وأتهجوه الاستفهام إنكاري توبيخي والواو بعده للحال أي لا ينبغي لك ذلك وشر وخير اسما تفضيل واختصا بحذف همزتهما تخفيفا لكثرة استعمالهما لكن المراد بهما هنا أصل الوصف لا الزيادة فيه والشر أبو سفيان وجملة فشر كما لخير كما الفداء دعائية دعا عليه أن يكون فداء لرسول الله وأبرزه في صورة الإبهام لأجل الانصاف في الكلام ولذلك لما سمعه الحاضرون قالوا هذا أنصف بيت قالته العرب وأمن يهجو استفهام انكاري أي ليس من يهجوه منكم ومن يمدحه وينصره منا مستويين ويحتمل أن الهمزة للتنبيه أو للنداء والمنادى محذوف أي يا قوم أبي سفيان إن الذي يهجو رسول الله منكم والذي يمدحه وينصره منكم مستويان في عدم الاكتراث بهما والوقاء ما يتوقى به المكروه وزان الحزام والرباط فهو إما بمعنى اسم مفعول أو اسم آلة.