المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل حكمة عدة الطلاق] - إعلام الموقعين عن رب العالمين - ط العلمية - جـ ٢

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصَلِّ بَيْعَ الْمَعْدُومِ فِي الْقِيَاس]

- ‌[فَصَلِّ بَيْعُ الْمَقَاثِي وَالْمَبَاطِخِ وَنَحْوِهِمَا]

- ‌[فَصَلِّ ضَمَانُ الْحَدَائِقِ وَالْبَسَاتِينِ]

- ‌[فَصَلِّ إجَارَةُ الظِّئْرِ عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ الصَّحِيحِ]

- ‌[فَصَلِّ حَمْلُ الْعَاقِلَةِ الدِّيَةَ عَنْ الْجَانِي طِبْقَ الْقِيَاسِ]

- ‌[فَصَلِّ الْمُصَرَّاةَ عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ]

- ‌[فَصَلِّ الرَّهْنُ مَرْكُوبٌ وَمَحْلُوبٌ وَعَلَى مَنْ يَرْكَبُ وَيَحْلِبُ النَّفَقَةُ]

- ‌[فَصَلِّ رَجُلٍ وَقَعَ عَلَى جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ مُوَافِقٌ لِلْقِيَاسِ]

- ‌[فَصَلِّ الْمُضِيُّ فِي الْحَجِّ الْفَاسِدِ لَا يُخَالِفُ الْقِيَاسَ]

- ‌[فَصَلِّ الْعُذْرُ بِالنِّسْيَانِ عَلَى خِلَاف الْقِيَاس]

- ‌[فَصَلِّ الْحُكْمُ فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ]

- ‌[فَصَلِّ مَسْأَلَةُ الزُّبْيَةِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحُكْمُ فِي بَصِيرٍ يَقُودُ أَعْمَى فَيَخُرَّانِ مَعًا وَفْقَ الْقِيَاسِ]

- ‌[فَصَلِّ حُكْمُ عَلِيٍّ فِي جَمَاعَةٍ وَقَعُوا عَلَى امْرَأَةٍ وَفْقَ الْقِيَاسِ]

- ‌[فَصَلِّ لَيْسَ فِي الشَّرِيعَةِ شَيْءٌ يُخَالِفُ الْقِيَاسَ]

- ‌[شُبُهَاتٌ لِنُفَاتِ الْقِيَاسِ وَأَمْثِلَةٌ لَهَا]

- ‌[أجوبة مُفَصَّلَة عَمَّا ذَكَرَهُ نفاة الْقِيَاس]

- ‌[فَصَلِّ غَسْلُ الثَّوْبِ مِنْ بَوْلِ الصَّبِيَّةِ وَنَضْحُهُ مِنْ بَوْلِ الصَّبِيِّ]

- ‌[فَصَلِّ الْفَرْقُ بَيْنَ الصَّلَاةِ الرُّبَاعِيَّةِ وَغَيْرِهَا]

- ‌[فَصَلِّ إيجَابُ الصَّوْمِ عَلَى الْحَائِضِ دُونَ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصَلِّ حُكْمُ النَّظَرِ إلَى الْحُرَّةِ وَإِلَى الْأَمَةِ]

- ‌[فَصَلِّ الْفَرْقُ بَيْنَ السَّارِقِ وَالْمُنْتَهِبِ]

- ‌[فَصَلِّ الْفَرْقُ بَيْنَ الْيَدِ فِي الدِّيَةِ وَفِي السَّرِقَةِ]

- ‌[فَصَلِّ حِكْمَةُ جَعْلِ نِصَابِ السَّرِقَةِ رُبُعَ دِينَارٍ]

- ‌[فَصَلِّ حِكْمَةُ حَدِّ الْقَذْفِ بِالزِّنَا دُونَ الْكُفْرِ]

- ‌[فَصَلِّ حِكْمَةُ الِاكْتِفَاءِ فِي الْقَتْلِ بِشَاهِدَيْنِ دُونَ الزِّنَا]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي جَلْدِ قَاذِفِ الْحُرِّ دُونَ الْعَبْدِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ عِدَّةِ الْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ]

- ‌[فَصَلِّ حِكْمَةُ عِدَّةِ الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصَلِّ حِكْمَةُ تَحْرِيمِ الْمَرْأَةِ بَعْدَ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي غَسْلِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ]

- ‌[فَصَلِّ تَوْبَةُ الْمُحَارِبِ]

- ‌[فَصَلِّ قَبُولُ رِوَايَةِ الْعَبْدِ دُونَ شَهَادَتِهِ]

- ‌[فَصَلِّ صَدَقَةُ السَّائِمَةِ وَإِسْقَاطُهَا عَنْ الْعَوَامِلِ]

- ‌[فَصَلِّ حِكْمَةُ اللَّهِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ فِي تَحْصِينِ الرَّجُلِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ بِمَسِّ ذَكَرِهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَعْضَاءِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي إيجَابِ الْحَدِّ بِشُرْبِ قَطْرَةٍ مِنْ الْخَمْرِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي قَصْرِ الزَّوْجَاتِ عَلَى أَرْبَعٍ دُونَ السَّرِيَّاتِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي إبَاحَةِ التَّعَدُّدِ لِلرَّجُلِ دُونَ الْمَرْأَةِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي جَوَازِ اسْتِمْتَاعِ السَّيِّدِ بِأَمَتِهِ دُونَ الْعَبْدِ بِسَيِّدَتِهِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْكَلْبِ الْأَسْوَدِ وَغَيْرِهِ فِي قَطْعِ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الرِّيحِ وَالْجُشَاءِ فِي الْوُضُوء]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ فِي الزَّكَاةِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ بَعْضِ مَقَادِيرِ الزَّكَاةِ]

- ‌[فَصَلِّ حِكْمَةُ قَطْعِ يَدِ السَّارِقِ دُونَ لِسَانِ الْقَاذِفِ]

- ‌[فَصَلِّ اشْتِرَاطُ الْحُجَّةِ لِإِيقَاعِ الْعُقُوبَةِ]

- ‌[السِّرُّ فِي أَنَّ الْعُقُوبَاتِ لَمْ يَطَّرِدْ جَعْلُهَا مِنْ جِنْسِ الذُّنُوبِ]

- ‌[الْحِكْمَةُ فِي حَدِّ السَّرِقَةِ]

- ‌[الْحِكْمَةُ فِي حَدِّ الزِّنَا وَتَنْوِيعِهِ]

- ‌[إتْلَافُ النَّفْسِ عُقُوبَةُ أَفْظَعِ أَنْوَاعِ الْجَرَائِمِ]

- ‌[تَرْتِيبُ الْحَدِّ تَبَعًا لِتَرْتِيبِ الْجَرَائِمِ]

- ‌[فَصَلِّ سَوَّى اللَّهُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْحُرِّ فِي أَحْكَامٍ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي أُخْرَى]

- ‌[فَصَلِّ حِكْمَةُ شَرْعِ اللِّعَانِ فِي حَقِّ الزَّوْجَةِ دُونَ غَيْرِهَا]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي تَخْصِيصِ الْمُسَافِرِ بِالرُّخَصِ]

- ‌[فَصَلِّ الْفَرْقُ بَيْنَ نَذْرِ الطَّاعَةِ وَالْحَلِفِ بِهَا]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الضَّبُعِ وَغَيْرِهِ مِنْ ذِي النَّابِ]

- ‌[فَصَلِّ سِرُّ تَخْصِيصِ خُزَيْمَةَ بِقَبُولِ شَهَادَتِهِ وَحْدَهُ]

- ‌[فَصَلِّ سِرُّ تَخْصِيصِ أَبِي بُرْدَةَ بِإِجْزَاءِ تَضْحِيَتِهِ بِعِنَاقٍ]

- ‌[فَصَلِّ سِرُّ التَّفْرِقَةِ فِي الْوَصْفِ بَيْنَ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَصَلَاةِ النَّهَارِ]

- ‌[فَصَلِّ سِرّ تَقْدِيمِ الْعَصَبَةِ الْبُعَدَاءِ عَنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ فِي الْمِيرَاث]

- ‌[فَصَلِّ الْفَرْقُ بَيْنَ الشُّفْعَةِ وَأَخْذِ مَالِ الْغَيْرِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ بَعْضِ الْأَيَّامِ وَبَعْضِهَا الْآخَرِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ بِنْتِ الْأَخِ وَبِنْتِ الْعَمِّ وَنَحْوِهَا فِي النِّكَاح]

- ‌[فَصَلِّ حَمْلُ الْعَاقِلَةِ جِنَايَةَ الْخَطَأِ عَلَى النُّفُوسِ دُونَ الْأَمْوَالِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُسْتَحَاضَةِ وَالْحَائِضِ فِي الْوَطْء]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ وَاخْتِلَافِهِ فِي تَحْرِيمِ الرِّبَا]

- ‌[فَصَلِّ رِبَا الْفَضْلِ]

- ‌[فَصَلِّ حِكْمَةُ تَحْرِيمِ رِبَا النَّسَاءِ فِي الْمَطْعُومِ]

- ‌[فَصَلِّ حِكْمَةُ إبَاحَةِ الْعَرَايَا وَنَحْوِهَا]

- ‌[بَيْع اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي وُجُوبِ إحْدَادِ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا أَكْثَرَ مِمَّا تَحُدُّ عَلَى أَبِيهَا]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي مُسَاوَاةِ الْمَرْأَةِ لِلرَّجُلِ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ دُونَ بَعْضٍ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ زَمَانٍ وَزَمَانٍ وَمَكَانٍ وَمَكَانٍ فِي الْفَضْل]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْمُخْتَلِفَاتِ فِي الْحُكْمِ مَتَى اتَّفَقَتْ فِي مُوجِبِهِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي أَنَّ الْفَأْرَةَ كَالْهِرَّةِ فِي الطَّهَارَةِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي جَعْلِ ذَبِيحَةِ غَيْرِ الْكِتَابِيِّ مِثْلَ الْمَيْتَةِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ فِي حُكْمِ التَّطْهِيرِ]

- ‌[ذَمُّ الْغَضَبِ وَتَنْفِيذِ الْحَقِّ وَالصَّبْرُ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصَلِّ إخْلَاصُ النِّيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى]

- ‌[فَصَلِّ الْمُتَزَيِّنُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ وَعُقُوبَتُهُ]

- ‌[فَصَلِّ أَعْمَالُ الْعِبَادِ]

- ‌[فَصَلِّ جَزَاءُ الْمُخْلِصِ]

- ‌[الْإِفْتَاءِ فِي دِينِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ]

- ‌[الْقَوْلِ فِي التَّقْلِيدِ وَانْقِسَامِهِ]

- ‌[أَنْوَاعُ مَا يَحْرُمُ الْقَوْلُ بِهِ]

- ‌[مَضَارُّ زَلَّةِ الْعَالِمِ]

- ‌[التَّقْلِيدُ وَالِاتِّبَاعُ فِي الدِّين]

- ‌[فَصَلِّ عَقْدِ مَجْلِسِ مُنَاظَرَةٍ بَيْنَ مُقَلِّدٍ وَبَيْنَ صَاحِبِ حُجَّةٍ]

- ‌[طَرَفٌ مِنْ تَخَبُّطِ الْمُقَلِّدِينَ فِي الْأَخْذِ بِبَعْضِ السُّنَّةِ وَتَرْكِ بَعْضِهَا الْآخَرِ]

- ‌[أَقْوَالَ الْعُلَمَاءِ وَآرَاءَهُمْ لَا تَنْضَبِطُ وَلَا تَنْحَصِرُ]

- ‌[عِلَّةُ إيثَارِ قَوْلٍ عَلَى قَوْلٍ]

- ‌[تَقْلِيد الصَّحَابَةُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا]

- ‌[طَاعَةُ أُولِي الْأَمْرِ]

- ‌[فَصَلِّ أَمَرَ عُمَرُ شُرَيْحًا بِتَقْدِيمِ الْكِتَابِ ثُمَّ السُّنَّةِ]

- ‌[فَصَلِّ فَتْوَى الصَّحَابَةِ وَالرَّسُولُ حَيٌّ]

- ‌[إنْذَارِ مَنْ نَفَرَ لِلتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ]

- ‌[لَيْسَ قَبُولُ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ تَقْلِيدًا]

- ‌[لَيْسَ مِنْ التَّقْلِيدِ قَبُولُ قَوْلِ الْقَائِفِ وَنَحْوِهِ]

- ‌[هَلْ كُلِّفَ النَّاسُ كُلُّهُمْ الِاجْتِهَادَ]

- ‌[أُمُورٌ قِيلَ هِيَ تَقْلِيدٌ وَلَيْسَتْ بِهِ]

- ‌[الرَّدُّ عَلَى دَعْوَى أَنَّ الْأَئِمَّةَ قَالُوا بِجَوَازِ التَّقْلِيدِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ حَالِ الْأَئِمَّةِ وَحَالِ الْمُقَلِّدِينَ]

- ‌[تَقْلِيدِ الْأُسْتَاذِينَ لَا يَسْتَلْزِمُ جَوَازَ التَّقْلِيدِ فِي الدِّينِ]

- ‌[تَفَاوُتُ الِاسْتِعْدَادِ لَا يَسْتَلْزِمُ التَّقْلِيدَ فِي كُلِّ حُكْمٍ]

- ‌[الْفَرْق بَيْنَ الْمُقَلِّدِ وَالْمَأْمُومِ]

- ‌[الصَّحَابَةُ كَانُوا يُبَلِّغُونَ النَّاسَ حُكْمَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ]

- ‌[لَيْسَ التَّقْلِيدُ مِنْ لَوَازِمِ الشَّرْعِ]

- ‌[الرِّوَايَةُ غَيْرُ التَّقْلِيدِ]

- ‌[ادِّعَاءِ أَنَّ التَّقْلِيدَ أَسْلَمُ مِنْ طَلَبِ الْحُجَّةِ]

- ‌[مَجِيءُ رِوَايَتَيْنِ عَنْ أَحَدِ الْأَئِمَّةِ كَمَجِيءِ قَوْلَيْنِ لِإِمَامَيْنِ]

- ‌[فَصَلِّ الْإِفْتَاءِ وَالْحُكْمِ فِي دِينِ اللَّهِ بِمَا يُخَالِفُ النُّصُوصَ]

- ‌[يُصَارُ إلَى الِاجْتِهَادِ وَإِلَى الْقِيَاسِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ]

- ‌[أَمْثِلَةٌ لِمَنْ أَبْطَلَ السُّنَنَ بِظَاهِرٍ مِنْ الْقُرْآنِ]

- ‌[رَدَّ النُّصُوص الْمُحْكَمَةَ فِي قُدْرَةِ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ]

- ‌[رَدَّ النُّصُوصَ الْمَحْكَمَةَ فِي إثْبَاتِ كَوْنِ الْعَبْدِ قَادِرًا مُخْتَارًا فَاعِلًا بِمَشِيئَتِهِ]

- ‌[رَدَّ النُّصُوصَ الْمُحْكَمَةَ فِي ثُبُوتِ الشَّفَاعَةِ لِلْعُصَاةِ وَخُرُوجِهِمْ مِنْ النَّارِ]

- ‌[رَدَّ النُّصُوصَ الْمُحْكَمَةَ فِي رُؤْيَةِ الْمُؤْمِنِينَ رَبَّهُمْ فِي عَرَصَاتِ الْقِيَامَةِ وَفِي الْجَنَّةِ]

- ‌[رَدَّ النُّصُوصِ الصَّرِيحَةِ الَّتِي تَفُوتُ الْعَدَدَ عَلَى ثُبُوتِ الْأَفْعَالِ الِاخْتِيَارِيَّةِ لِلرَّبِّ سُبْحَانَهُ وَقِيَامِهَا بِهِ]

- ‌[رَدُّ النُّصُوصِ الْمُحْكَمَةِ عَلَى أَنَّ الرَّبَّ سُبْحَانَهُ إنَّمَا يَفْعَلُ مَا يَفْعَلُهُ لِحِكْمَةٍ وَغَايَةٍ مَحْمُودَةٍ]

- ‌[رَدُّ النُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى ثُبُوتِ الْأَسْبَابِ]

- ‌[رَدُّ النُّصُوصَ الْمُحْكَمَةَ الَّتِي تَفُوتُ الْعَدَّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ تَكَلَّمَ وَيَتَكَلَّمُ]

- ‌[رَدُّ مُحْكَمَ قَوْلِهِ أَلَّا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ]

- ‌[رَدُّ النُّصُوصَ الْمُتَنَوِّعَةَ الْمُحْكَمَةَ عَلَى عُلُوِّ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ وَكَوْنِهِ فَوْقَ عِبَادِهِ]

- ‌[رَدُّ النُّصُوصِ فِي مَدْحِ الصَّحَابَةِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ]

- ‌[رَدُّ الْمُحْكَمِ مِنْ النُّصُوصِ فِي وُجُوبِ الطُّمَأْنِينَةِ وَتَوَقُّفِ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ وَصِحَّتِهَا عَلَيْهِ]

- ‌[رَدُّ الْمُحْكَمِ الصَّرِيحِ فِي النُّصُوص مِنْ تَعْيِينِ التَّكْبِيرِ لِلدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[رَدُّ النُّصُوصِ الْمُحْكَمَةِ فِي تَعْيِينِ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[رَدُّ الْمُحْكَمِ الصَّرِيحِ مِنْ تَوَقُّفِ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى التَّسْلِيمِ]

- ‌[زِيَادَةُ السُّنَّةِ عَلَى الْقُرْآنِ]

- ‌[السُّنَّةُ مَعَ الْقُرْآنِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ]

- ‌[أَنْوَاعُ دَلَالَةِ السُّنَّةِ الزَّائِدَةِ عَنْ الْقُرْآنِ]

- ‌[بَيَانُ الرَّسُولِ عَلَى أَنْوَاعٍ]

- ‌[تَخْصِيصُ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ]

- ‌[رَدُّ الْمُحْكَمِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَرَّاةِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي الْعَرَايَا]

- ‌[رَدُّ حَدِيثِ الْقَسَامَةِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الْمُحْكَمَةِ فِي النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ]

- ‌[رَدُّ الْمُحْكَمِ مِنْ السُّنَّةِ بِالْإِقْرَاعِ بَيْنَ الْأَعْبُدِ السِّتَّةِ الْمُوصَى بِعِتْقِهِمْ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الْمَحْكَمَةِ فِي تَحْرِيمِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الْمُحْكَمَةِ فِي الْقَضَاءِ بِالْقَافَةِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ فِي دَفْعِ اللُّقَطَةِ إلَى مَنْ وَصَفَ عِفَاصَهَا وَوِعَاءَهَا وَوِكَاءَهَا]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ الْمُحْكَمَةِ فِي صَلَاةِ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهَا جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الْمُحْكَمَةِ فِي اشْتِرَاطِ الْبَائِعِ مَنْفَعَةَ الْمَبِيعِ مُدَّةً مَعْلُومَةً]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي تَخْيِيرِ الْوَلَدَ بَيْنَ أَبَوَيْهِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ فِي رَجْمِ الزَّانِيَيْنِ الْكِتَابِيَّيْنِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي وُجُوبِ الْوَفَاءِ بِالشُّرُوطِ فِي النِّكَاحِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي دَفْعِ الْأَرْضِ بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ مُزَارَعَةً]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي صَيْدُ الْمَدِينَةِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي تَقْدِيرِ نِصَابِ الْمُعَشَّرَاتِ]

- ‌[رَدُّ السَّنَةِ الصَّحِيحَةِ فِي جَوَازِ النِّكَاحِ بِمَا قَلَّ مِنْ الْمَهْرِ]

- ‌[رَدُّ السَّنَةِ الصَّحِيحَةِ فِيمَنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أُخْتَانِ]

- ‌[رَدُّ السَّنَةِ الصَّحِيحَةِ فِي التَّفْرِيقُ بَيْنَ الَّذِي يُسْلِمُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ]

- ‌[رَدُّ السَّنَةِ الصَّحِيحَةِ بِأَنَّ ذَكَاةَ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ]

- ‌[رَدُّ السَّنَةِ الصَّحِيحَةِ فِي إشْعَارِ الْهَدْيِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي مَنْ اطَّلَعَ عَلَى قَوْمٍ فَأَتْلَفُوا عَيْنَهُ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي وَضْعِ الْجَوَائِحِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي الْإِعَادَةِ عَلَى مَنْ صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي الْأَذَانِ لِلْفَجْرِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي الْجُلُوسِ عَلَى فِرَاشِ الْحَرِيرِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي خَرْصِ الثِّمَارِ فِي الزَّكَاةِ وَالْعَرَايَا وَغَيْرِهَا إذَا بَدَا صَلَاحُهَا]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي صِفَةِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي الْجَهْرِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالنَّضْحِ فِي بَوْلِ الْغُلَامِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي الْوِتْرِ بِوَاحِدَةٍ مَفْصُولَةٍ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي التَّنَفُّلُ إذَا أُقِيمَتْ صَلَاةُ الْفَرْضِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي صَلَاةِ النِّسَاءِ جَمَاعَةً]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي التَّسْلِيمُ مِنْ الصَّلَاةِ مَرَّةً أَوَمَرَّتَيْنِ]

- ‌[عَمَل أَهْل الْمَدِينَة]

- ‌[أَنْوَاعُ السُّنَنِ]

- ‌[فَصَلِّ الْعَمَلُ الَّذِي طَرِيقُهُ الِاجْتِهَادُ وَالِاسْتِدْلَالُ]

- ‌[تَرْكُ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي الْجَهْرِ بِآمِينَ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[تُرِكَ الْقَوْلُ بِالسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي الصَّلَاةِ الْوُسْطَى]

- ‌[تَرْكُ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ]

- ‌[رد السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي إشَارَةِ الْمُصَلِّي فِي التَّشَهُّدِ بِأُصْبُعِهِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَة فِي شَعْرِ الْمَرْأَةِ الْمَيِّتَةِ]

- ‌[تَرْكُ السُّنَّةِ الصَّحِيحَة فِي وَضْعُ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الْمُحْكَمَةِ فِي تَعْجِيلِ الْفَجْرِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي تَخْلِيلِ الْخَمْرِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي تَسْبِيحِ الْمُصَلِّي إذَا نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ فِي سَجَدَاتِ الْمُفَصَّلِ وَسَجْدَةِ الْحَجِّ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي سُجُودِ الشُّكْرِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ بجواز انْتِفَاع الْمُرْتَهِنِ بِالْمَرْهُونِ]

- ‌[الْعُرْفُ يَجْرِي مَجْرَى النُّطْقِ]

الفصل: ‌[فصل حكمة عدة الطلاق]

حَرِيمٌ لِانْقِضَاءِ النِّكَاحِ لَمَّا كَمُلَ، وَلِهَذَا تَجِدُ فِيهَا رِعَايَةً لِحَقِّ الزَّوْجِ وَحُرْمَةً لَهُ، أَلَا تَرَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ مِنْ احْتِرَامِهِ وَرِعَايَةِ حُقُوقِهِ تَحْرِيمُ نِسَائِهِ بَعْدَهُ، وَلَمَّا كَانَتْ نِسَاؤُهُ فِي الدُّنْيَا هُنَّ نِسَاؤُهُ فِي الْآخِرَةِ قَطْعًا، لَمْ يَحِلَّ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهِنَّ بَعْدَهُ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ؛ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ مَعْلُومًا فِي حَقِّهِ، فَلَوْ حُرِّمَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى غَيْرِهِ لَتَضَرَّرَتْ ضَرَرًا مُحَقَّقًا بِغَيْرِ نَفْعٍ مَعْلُومٍ، وَلَكِنْ لَوْ تَأَيَّمَتْ عَلَى أَوْلَادِهَا كَانَتْ مَحْمُودَةً عَلَى ذَلِكَ.

وَقَدْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُبَالِغُونَ فِي احْتِرَامِ حَقِّ الزَّوْجِ وَتَعْظِيمِ حَرِيمِ هَذَا الْعَقْدِ غَايَةَ الْمُبَالَغَةِ مِنْ تَرَبُّصِ سَنَةٍ فِي شَرِّ ثِيَابِهَا وَحَفْشِ بَيْتِهَا، فَخَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُمْ ذَلِكَ بِشَرِيعَتِهِ الَّتِي جَعَلَهَا رَحْمَةً وَحِكْمَةً وَمَصْلَحَةً وَنِعْمَةً، بَلْ هِيَ مِنْ أَجْلِ نِعَمِهِ عَلَيْهِمْ عَلَى الْإِطْلَاقِ، فَلَهُ الْحَمْدُ كَمَا هُوَ أَهْلُهُ.

وَكَانَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا عَلَى وَفْقِ الْحِكْمَةِ وَالْمَصْلَحَةِ؛ إذْ لَا بُدَّ مِنْ مُدَّةٍ مَضْرُوبَةٍ لَهَا، وَأَوْلَى الْمُدَدِ بِذَلِكَ الْمُدَّةُ الَّتِي يُعْلَمُ فِيهَا بِوُجُودِ الْوَلَدِ وَعَدَمِهِ؛ فَإِنَّهُ يَكُونُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَةً، ثُمَّ أَرْبَعِينَ عَلَقَةً، ثُمَّ أَرْبَعِينَ مُضْغَةً فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ فِي الطَّوْرِ الرَّابِعِ، فَقُدِّرَ بِعَشَرَةِ أَيَّامٍ لِتَظْهَرَ حَيَاتُهُ بِالْحَرَكَةِ إنْ كَانَ ثَمَّ حَمْلٌ. .

[فَصَلِّ حِكْمَةُ عِدَّةِ الطَّلَاقِ]

وَأَمَّا عِدَّةُ الطَّلَاقِ فَلَا يُمْكِنُ تَعْلِيلُهَا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ بَعْدَ الْمَسِيسِ بِالِاتِّفَاقِ، وَلَا بِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِحَيْضَةٍ كَالِاسْتِبْرَاءِ، وَإِنْ كَانَ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ بَعْضَ مَقَاصِدِهَا.

وَلَا يُقَالُ: " هِيَ تَعَبُّدٌ " لِمَا تَقَدَّمَ، وَإِنَّمَا يَتَبَيَّنُ حُكْمُهَا إذَا عُرِفَ مَا فِيهَا مِنْ الْحُقُوقِ؛ فَفِيهَا حَقُّ اللَّهِ، وَهُوَ امْتِثَالُ أَمْرِهِ وَطَلَبُ مَرْضَاتِهِ، وَحَقٌّ لِلزَّوْجِ الْمُطَلِّقِ وَهُوَ اتِّسَاعُ زَمَنِ الرَّجْعَةِ لَهُ، وَحَقٌّ لِلزَّوْجَةِ، وَهُوَ اسْتِحْقَاقُهَا لِلنَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ، وَحَقٌّ لِلْوَلَدِ، وَهُوَ الِاحْتِيَاطُ فِي ثُبُوتِ نَسَبِهِ وَأَنْ لَا يَخْتَلِطَ بِغَيْرِهِ، وَحَقٌّ لِلزَّوْجِ الثَّانِي، وَهُوَ أَنْ لَا يَسْقِيَ مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ، وَرَتَّبَ الشَّارِعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْحُقُوقِ مَا يُنَاسِبُهُ مِنْ الْأَحْكَامِ؛ فَرُتِّبَ عَلَى رِعَايَةِ حَقِّهِ هُوَ لُزُومُ الْمَنْزِلِ وَأَنَّهَا لَا تَخْرُجُ وَلَا تُخْرَجُ، هَذَا مُوجِبُ الْقُرْآنِ وَمَنْصُوصُ إمَامِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَإِمَامِ أَهْلِ الرَّأْيِ.

وَرُتِّبَ عَلَى حَقِّ الْمُطَلِّقِ تَمْكِينُهُ مِنْ الرَّجْعَةِ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ، وَعَلَى حَقِّهَا اسْتِحْقَاقُ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى، وَعَلَى حَقِّ الْوَلَدِ ثُبُوتُ نَسَبِهِ وَإِلْحَاقُهُ بِأَبِيهِ دُونَ غَيْرِهِ، وَعَلَى حَقِّ الزَّوْجِ الثَّانِي دُخُولُهُ عَلَى بَصِيرَةٍ وَرَحِمٍ بَرِيءٍ غَيْرِ مَشْغُولٍ بِوَلَدٍ لِغَيْرِهِ؛ فَكَانَ فِي جَعْلِهَا

ص: 52

ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ رِعَايَةٌ لِهَذِهِ الْحُقُوقِ، وَتَكْمِيلٌ لَهَا، وَقَدْ دَلَّ الْقُرْآنُ عَلَى أَنَّ الْعِدَّةَ حَقٌّ لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: 49] فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعِدَّةَ لِلرَّجُلِ عَلَى الْمَرْأَةِ بَعْدَ الْمَسِيسِ، وَقَالَ تَعَالَى:{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا} [البقرة: 228] فَجَعَلَ الزَّوْجَ أَحَقَّ بِرَدِّهَا فِي الْعِدَّةِ؛ فَإِذَا كَانَتْ الْعِدَّةُ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ أَوْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ طَالَتْ مُدَّةُ التَّرَبُّصِ لِيَنْظُرَ فِي أَمْرِهَا هَلْ يُمْسِكُهَا بِمَعْرُوفٍ أَوْ يُسَرِّحُهَا بِإِحْسَانٍ، كَمَا جَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِلْمُولِي تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لِيَنْظُرَ فِي أَمْرِهِ هَلْ يَفِيءُ أَوْ يُطَلِّقُ، وَكَمَا جَعَلَ مُدَّةَ تَسْيِيرِ الْكُفَّارِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ لِيَنْظُرُوا فِي أَمْرِهِمْ وَيَخْتَارُوا لِأَنْفُسِهِمْ.

فَإِنْ قِيلَ: هَذِهِ الْعِلَّةُ بَاطِلَةٌ؛ فَإِنَّ الْمُخْتَلِعَةَ وَالْمَفْسُوخَ نِكَاحُهَا بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ وَالْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا وَالْمَوْطُوءَةَ بِشُبْهَةٍ وَالْمَزْنِيَّ بِهَا تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ، وَلَا رَجْعَةَ هُنَاكَ، فَقَدْ وُجِدَ الْحُكْمُ بِدُونِ عِلَّتِهِ، وَهَذَا يُبْطِلُ كَوْنَهَا عِلَّةً.

[عِدَّةُ الْمُخْتَلِعَةِ]

قِيلَ: شَرْطُ النَّقْضِ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِي صُورَةٍ ثَابِتًا بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ، وَأَمَّا كَوْنُهُ قَوْلًا لِبَعْضِ الْعُلَمَاءِ فَلَا يَكْفِي فِي النَّقْضِ بِهِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي عِدَّةِ الْمُخْتَلِعَةِ؛ فَذَهَبَ إِسْحَاقُ وَأَحْمَدُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ دَلِيلًا أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِحَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَقَدْ حَكَى إجْمَاعَ الصَّحَابَةِ وَلَا يُعْلَمُ لَهُمَا مُخَالِفٌ، وَقَدْ دَلَّتْ عَلَيْهِ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصَّحِيحَةُ دَلَالَةً صَرِيحَةً، وَعُذْرُ مَنْ خَالَفَهَا أَنَّهَا لَمْ تَبْلُغْهُ، أَوْ لَمْ تَصِحَّ عِنْدَهُ، أَوْ ظَنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى خِلَافِ مُوجِبِهَا، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الرَّاجِحُ فِي الْأَثَرِ وَالنَّظَرِ: أَمَّا رُجْحَانُهُ أَثَرًا فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَأْمُرْ الْمُخْتَلِعَةَ قَطُّ أَنْ تَعْتَدَّ بِثَلَاثِ حِيَضٍ، بَلْ قَدْ رَوَى أَهْلُ السُّنَنِ عَنْهُ مِنْ «حَدِيثِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ أَنَّ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ ضَرَبَ امْرَأَةً فَكَسَرَ يَدَهَا، وَهِيَ جَمِيلَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ، فَأَتَى أَخُوهَا يَشْتَكِي إلَى رَسُولِ اللَّهِ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى ثَابِتٍ، فَقَالَ: خُذْ الَّذِي لَهَا عَلَيْك وَخَلِّ سَبِيلَهَا قَالَ: نَعَمْ، فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَتَرَبَّصَ حَيْضَةً وَاحِدَةً وَتَلْحَقَ بِأَهْلِهَا» ؛ وَذَكَرَ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا، فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَوْ أُمِرَتْ أَنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَةٍ» ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: الصَّحِيحُ أَنَّهَا أُمِرَتْ أَنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَةٍ، وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ لَهَا طُرُقٌ يُصَدِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَأُعِلَّ الْحَدِيثُ بِعِلَّتَيْنِ: أَحَدُهُمَا: إرْسَالُهُ، وَالثَّانِيَةُ: أَنَّ الصَّحِيحَ فِيهِ " أُمِرَتْ " بِحَذْفِ الْفَاعِلِ، وَالْعِلَّتَانِ غَيْرُ مُؤَثِّرَتَيْنِ؛ فَإِنَّهُ قَدْ رُوِيَ مِنْ وُجُوهٍ مُتَّصِلَةٍ، وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ

ص: 53

أُمِرَتْ وَأَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ إذْ مِنْ الْمُحَالِ أَنْ يَكُونَ الْآمِرُ لَهَا بِذَلِكَ غَيْرَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَيَاتِهِ، وَإِذَا كَانَ الْحَدِيثُ قَدْ رُوِيَ بِلَفْظٍ مُحْتَمَلٍ وَلَفْظٍ صَرِيحٍ يُفَسِّرُ الْمُحْتَمَلَ وَيُبَيِّنُهُ، فَكَيْفَ يُجْعَلُ الْمُحْتَمَلُ مُعَارِضًا لِلْمُفَسِّرِ بَلْ مُقَدَّمًا عَلَيْهِ؟ ثُمَّ يَكْفِي فِي ذَلِكَ فَتَاوَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ فِي كِتَابِ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ: هُوَ إجْمَاعٌ مِنْ الصَّحَابَةِ.

وَأَمَّا اقْتِضَاءُ النَّظَرِ لَهُ فَإِنَّ الْمُخْتَلِعَةَ لَمْ تَبْقَ لِزَوْجِهَا عَلَيْهَا عِدَّةٌ، وَقَدْ مَلَكَتْ نَفْسَهَا وَصَارَتْ أَحَقَّ بِبُضْعِهَا، فَلَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بَعْدَ بَرَاءَةِ رَحِمِهَا، فَصَارَتْ الْعِدَّةُ فِي حَقِّهَا بِمُجَرَّدِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ، وَقَدْ رَأَيْنَا الشَّرِيعَةَ جَاءَتْ فِي هَذَا النَّوْعِ بِحَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا جَاءَتْ بِذَلِكَ فِي الْمَسْبِيَّةِ وَالْمَمْلُوكَةِ بِعَقْدِ مُعَاوَضَةٍ أَوْ تَبَرُّعٍ وَالْمُهَاجِرَةِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ، وَلَا رَيْبَ أَنَّهَا جَاءَتْ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ فِي الرَّجْعِيَّةِ، وَالْمُخْتَلِعَةُ فَرْعٌ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ؛ فَيَنْبَغِي إلْحَاقُهَا بِأَشْبَهِهِمَا بِهَا؛ فَنَظَرْنَا فَإِذَا هِيَ بِذَوَاتِ الْحَيْضَةِ أَشْبَهُ.

وَمِمَّا يُبَيِّنُ حِكْمَةَ الشَّرِيعَةِ فِي ذَلِكَ أَنَّ الشَّارِعَ قَسَّمَ النِّسَاءَ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا: الْمُفَارَقَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ؛ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَلَا رَجْعَةَ لِزَوْجِهَا فِيهَا.

الثَّانِي: الْمُفَارَقَةُ بَعْدَ الدُّخُولِ إذَا كَانَ لِزَوْجِهَا عَلَيْهَا رَجْعَةٌ، فَجَعَلَ عِدَّتَهَا ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ سُبْحَانَهُ الْعِدَّةَ بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ إلَّا فِي هَذَا الْقِسْمِ، كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الْقُرْآنِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا} [البقرة: 228] وَكَذَا فِي سُورَةِ الطَّلَاقِ لَمَّا ذَكَرَ الِاعْتِدَادَ بِالْأَشْهُرِ الثَّلَاثَةِ فِي حَقِّ مَنْ إذَا بَلَغَتْ أَجَلَهَا خُيِّرَ زَوْجُهَا بَيْنَ إمْسَاكٍ بِمَعْرُوفٍ أَوْ مُفَارَقَتِهَا بِإِحْسَانٍ، وَهِيَ الرَّجْعِيَّةُ قَطْعًا، فَلَمْ يَذْكُرْ الْأَقْرَاءَ أَوْ بَدَلَهَا فِي حَقِّ بَائِنٍ أَلْبَتَّةَ.

الْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَنْ بَانَتْ عَنْ زَوْجِهَا وَانْقَطَعَ حَقُّهُ عَنْهَا بِسَبْيٍ أَوْ هِجْرَةٍ أَوْ خُلْعٍ؛ فَجَعَلَ عِدَّتَهَا حَيْضَةً لِلِاسْتِبْرَاءِ، وَلَمْ يَجْعَلْهَا ثَلَاثًا؛ إذْ لَا رَجْعَةَ لِلزَّوْجِ، وَهَذَا فِي غَايَةِ الظُّهُورِ وَالْمُنَاسَبَةِ؛ وَأَمَّا الزَّانِيَةُ وَالْمَوْطُوءَةُ، بِشُبْهَةٍ فَمُوجِبُ الدَّلِيلِ أَنَّهَا تُسْتَبْرَأُ بِحَيْضَةٍ فَقَطْ، وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي الزَّانِيَةِ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا فِي الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ، وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَقِيَاسُهُمَا عَلَى الْمُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ مِنْ أَبْعَدِ الْقِيَاسِ وَأَفْسَدِهِ.

فَإِنْ قِيلَ: فَهَبْ أَنَّ هَذَا قَدْ سَلِمَ لَكُمْ فِيمَا ذَكَرْتُمْ مِنْ الصُّوَرِ، فَإِنَّهُ لَا يَسْلَمُ مَعَكُمْ فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا؛ فَإِنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى اعْتِدَادِهَا بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ مَعَ انْقِطَاعِ حَقِّ زَوْجِهَا مِنْ الرَّجْعَةِ، وَالْقَصْدُ مُجَرَّدُ اسْتِبْرَاءِ رَحِمِهَا. [حِكْمَةُ عِدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا]

قِيلَ: نَعَمْ هَذَا سُؤَالٌ وَارِدٌ، وَجَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي عِدَّتِهَا:

ص: 54

هَلْ هِيَ بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ أَوْ بِقُرْءٍ وَاحِدٍ؟ فَالْجُمْهُورُ - بَلْ الَّذِي لَا يَعْرِفُ النَّاسُ سِوَاهُ - أَنَّهَا ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ، وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ وَجْهُهُ أَنَّ الطَّلْقَةَ الثَّالِثَةَ لَمَّا كَانَتْ مِنْ جِنْسِ الْأُولَيَيْنِ أُعْطِيت حُكْمُهُمَا؛ لِيَكُونَ بَابُ الطَّلَاقِ كُلُّهُ بَابًا وَاحِدًا، فَلَا يَخْتَلِفُ حُكْمُهُ، وَالشَّارِعُ إذَا عَلَّقَ الْحُكْمَ بِوَصْفٍ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ لَمْ يَكُنْ تَخَلُّفُ تِلْكَ الْمَصْلَحَةِ وَالْحِكْمَةِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ مَانِعًا مِنْ تَرَتُّبِ الْحُكْمِ، بَلْ هَذِهِ قَاعِدَةُ الشَّرِيعَةِ وَتَصَرُّفُهَا فِي مَصَادِرِهَا وَمَوَارِدِهَا.

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الشَّارِعَ حَرَّمَهَا عَلَيْهِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، عُقُوبَةً لَهُ، وَلَعَنَ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ لِمُنَاقَضَتِهِمَا مَا قَصَدَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مِنْ عُقُوبَتِهِ؛ وَكَانَ مِنْ تَمَامِ هَذِهِ الْعُقُوبَةِ أَنَّ طُولَ مُدَّةِ تَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ؛ فَكَانَ ذَلِكَ أَبْلَغَ فِيمَا قَصَدَهُ الشَّارِعُ مِنْ الْعُقُوبَةِ، فَإِنَّهُ إذَا عَلِمَ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَعْتَدَّ بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ، ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا آخَرُ بِنِكَاحِ رَغْبَةٍ مَقْصُودٍ لَا تَحْلِيلٍ مُوجِبٍ لِلَّعْنَةِ، وَيُفَارِقُهَا، وَتَعْتَدُّ مِنْ فِرَاقِهِ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ أُخَرَ، طَالَ عَلَيْهِ الِانْتِظَارُ، وَعِيلَ صَبْرُهُ، فَأَمْسَكَ عَنْ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ، وَهَذَا وَاقِعٌ عَلَى وَفْقِ الْحِكْمَةِ وَالْمَصْلَحَةِ وَالزَّجْرِ؛ فَكَانَ التَّرَبُّصُ بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ فِي الرَّجْعِيَّةِ نَظَرًا لِلزَّوْجِ وَمُرَاعَاةً لِمَصْلَحَتِهِ لَمَّا لَمْ يُوقِعْ الثَّالِثَةَ الْمُحَرِّمَةَ لَهَا، وَهَا هُنَا كَانَ تَرَبُّصُهَا عُقُوبَةً لَهُ وَزَجْرًا لَمَّا أَوْقَعَ الطَّلَاقَ الْمُحَرِّمَ لِمَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ، وَأُكِّدَتْ هَذِهِ الْعُقُوبَةُ بِتَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ وَإِصَابَةٍ وَتَرَبُّصٍ ثَانٍ.

وَقِيلَ: بَلْ عِدَّتُهَا حَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ اخْتِيَارُ أَبِي الْحُسَيْنِ بْنِ اللَّبَّانِ؛ فَإِنْ كَانَ مَسْبُوقًا بِالْإِجْمَاعِ فَالصَّوَابُ اتِّبَاعُ الْإِجْمَاعِ، وَأَنْ لَا يُلْتَفَتَ إلَى قَوْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَسْأَلَةِ إجْمَاعٌ فَقَوْلُهُ قَوِيٌّ ظَاهِرٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[عِدَّةُ الْمُخَيَّرَةِ وَحِكْمَتُهَا]

فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ جَاءَتْ السُّنَّةُ بِأَنَّ الْمُخَيَّرَةَ تَعْتَدُّ ثَلَاثَ حِيَضٍ، كَمَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ «عَائِشَةَ قَالَتْ: أُمِرَتْ بَرِيرَةَ أَنْ تَعْتَدَّ ثَلَاثَ حِيَضٍ» .

قِيلَ: مَا أَصَرْحَهُ مِنْ حَدِيثٍ لَوْ ثَبَتَ، وَلَكِنَّهُ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ بِإِسْنَادٍ مَشْهُورٍ، وَكَيْفَ يَكُونُ عِنْدَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا الْحَدِيثُ وَهِيَ تَقُولُ الْأَقْرَاءُ الْأَطْهَارُ؟ فَإِنْ صَحَّ الْحَدِيثُ وَجَبَ الْقَوْلُ بِهِ، وَلَمْ تُسْعِ مُخَالَفَتُهُ، وَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا فِي اعْتِدَادِهَا بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ وَلَا رَجْعَةَ لِزَوْجِهَا عَلَيْهَا؛ فَإِنَّ الشَّارِعَ يُخَصِّصُ بَعْضَ الْأَعْيَانِ وَالْأَفْعَالِ وَالْأَزْمَانِ وَالْأَمَاكِنِ بِبَعْضِ الْأَحْكَامِ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَنَا مُوجِبُ التَّخْصِيصِ، فَكَيْفَ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي مَسْأَلَةِ الْمُخَيَّرَةِ، فَإِنَّهَا لَوْ جُعِلَتْ عِدَّتُهَا حَيْضَةً وَاحِدَةً لَبَادَرَتْ إلَى التَّزَوُّجِ بَعْدَهَا، وَأَيِسَ مِنْهَا زَوْجُهَا؟ فَإِذَا جُعِلَتْ ثَلَاثَ حِيَضٍ طَالَ زَمَنُ انْتِظَارِهَا وَحَبَسَهَا عَنْ الْأَزْوَاجِ، وَلَعَلَّهَا تَتَذَكَّرُ زَوْجَهَا فِيهَا وَتَرْغَبُ فِي

ص: 55