المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل أمر عمر شريحا بتقديم الكتاب ثم السنة] - إعلام الموقعين عن رب العالمين - ط العلمية - جـ ٢

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصَلِّ بَيْعَ الْمَعْدُومِ فِي الْقِيَاس]

- ‌[فَصَلِّ بَيْعُ الْمَقَاثِي وَالْمَبَاطِخِ وَنَحْوِهِمَا]

- ‌[فَصَلِّ ضَمَانُ الْحَدَائِقِ وَالْبَسَاتِينِ]

- ‌[فَصَلِّ إجَارَةُ الظِّئْرِ عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ الصَّحِيحِ]

- ‌[فَصَلِّ حَمْلُ الْعَاقِلَةِ الدِّيَةَ عَنْ الْجَانِي طِبْقَ الْقِيَاسِ]

- ‌[فَصَلِّ الْمُصَرَّاةَ عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ]

- ‌[فَصَلِّ الرَّهْنُ مَرْكُوبٌ وَمَحْلُوبٌ وَعَلَى مَنْ يَرْكَبُ وَيَحْلِبُ النَّفَقَةُ]

- ‌[فَصَلِّ رَجُلٍ وَقَعَ عَلَى جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ مُوَافِقٌ لِلْقِيَاسِ]

- ‌[فَصَلِّ الْمُضِيُّ فِي الْحَجِّ الْفَاسِدِ لَا يُخَالِفُ الْقِيَاسَ]

- ‌[فَصَلِّ الْعُذْرُ بِالنِّسْيَانِ عَلَى خِلَاف الْقِيَاس]

- ‌[فَصَلِّ الْحُكْمُ فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ]

- ‌[فَصَلِّ مَسْأَلَةُ الزُّبْيَةِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحُكْمُ فِي بَصِيرٍ يَقُودُ أَعْمَى فَيَخُرَّانِ مَعًا وَفْقَ الْقِيَاسِ]

- ‌[فَصَلِّ حُكْمُ عَلِيٍّ فِي جَمَاعَةٍ وَقَعُوا عَلَى امْرَأَةٍ وَفْقَ الْقِيَاسِ]

- ‌[فَصَلِّ لَيْسَ فِي الشَّرِيعَةِ شَيْءٌ يُخَالِفُ الْقِيَاسَ]

- ‌[شُبُهَاتٌ لِنُفَاتِ الْقِيَاسِ وَأَمْثِلَةٌ لَهَا]

- ‌[أجوبة مُفَصَّلَة عَمَّا ذَكَرَهُ نفاة الْقِيَاس]

- ‌[فَصَلِّ غَسْلُ الثَّوْبِ مِنْ بَوْلِ الصَّبِيَّةِ وَنَضْحُهُ مِنْ بَوْلِ الصَّبِيِّ]

- ‌[فَصَلِّ الْفَرْقُ بَيْنَ الصَّلَاةِ الرُّبَاعِيَّةِ وَغَيْرِهَا]

- ‌[فَصَلِّ إيجَابُ الصَّوْمِ عَلَى الْحَائِضِ دُونَ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصَلِّ حُكْمُ النَّظَرِ إلَى الْحُرَّةِ وَإِلَى الْأَمَةِ]

- ‌[فَصَلِّ الْفَرْقُ بَيْنَ السَّارِقِ وَالْمُنْتَهِبِ]

- ‌[فَصَلِّ الْفَرْقُ بَيْنَ الْيَدِ فِي الدِّيَةِ وَفِي السَّرِقَةِ]

- ‌[فَصَلِّ حِكْمَةُ جَعْلِ نِصَابِ السَّرِقَةِ رُبُعَ دِينَارٍ]

- ‌[فَصَلِّ حِكْمَةُ حَدِّ الْقَذْفِ بِالزِّنَا دُونَ الْكُفْرِ]

- ‌[فَصَلِّ حِكْمَةُ الِاكْتِفَاءِ فِي الْقَتْلِ بِشَاهِدَيْنِ دُونَ الزِّنَا]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي جَلْدِ قَاذِفِ الْحُرِّ دُونَ الْعَبْدِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ عِدَّةِ الْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ]

- ‌[فَصَلِّ حِكْمَةُ عِدَّةِ الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصَلِّ حِكْمَةُ تَحْرِيمِ الْمَرْأَةِ بَعْدَ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي غَسْلِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ]

- ‌[فَصَلِّ تَوْبَةُ الْمُحَارِبِ]

- ‌[فَصَلِّ قَبُولُ رِوَايَةِ الْعَبْدِ دُونَ شَهَادَتِهِ]

- ‌[فَصَلِّ صَدَقَةُ السَّائِمَةِ وَإِسْقَاطُهَا عَنْ الْعَوَامِلِ]

- ‌[فَصَلِّ حِكْمَةُ اللَّهِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ فِي تَحْصِينِ الرَّجُلِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ بِمَسِّ ذَكَرِهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَعْضَاءِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي إيجَابِ الْحَدِّ بِشُرْبِ قَطْرَةٍ مِنْ الْخَمْرِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي قَصْرِ الزَّوْجَاتِ عَلَى أَرْبَعٍ دُونَ السَّرِيَّاتِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي إبَاحَةِ التَّعَدُّدِ لِلرَّجُلِ دُونَ الْمَرْأَةِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي جَوَازِ اسْتِمْتَاعِ السَّيِّدِ بِأَمَتِهِ دُونَ الْعَبْدِ بِسَيِّدَتِهِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْكَلْبِ الْأَسْوَدِ وَغَيْرِهِ فِي قَطْعِ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الرِّيحِ وَالْجُشَاءِ فِي الْوُضُوء]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ فِي الزَّكَاةِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ بَعْضِ مَقَادِيرِ الزَّكَاةِ]

- ‌[فَصَلِّ حِكْمَةُ قَطْعِ يَدِ السَّارِقِ دُونَ لِسَانِ الْقَاذِفِ]

- ‌[فَصَلِّ اشْتِرَاطُ الْحُجَّةِ لِإِيقَاعِ الْعُقُوبَةِ]

- ‌[السِّرُّ فِي أَنَّ الْعُقُوبَاتِ لَمْ يَطَّرِدْ جَعْلُهَا مِنْ جِنْسِ الذُّنُوبِ]

- ‌[الْحِكْمَةُ فِي حَدِّ السَّرِقَةِ]

- ‌[الْحِكْمَةُ فِي حَدِّ الزِّنَا وَتَنْوِيعِهِ]

- ‌[إتْلَافُ النَّفْسِ عُقُوبَةُ أَفْظَعِ أَنْوَاعِ الْجَرَائِمِ]

- ‌[تَرْتِيبُ الْحَدِّ تَبَعًا لِتَرْتِيبِ الْجَرَائِمِ]

- ‌[فَصَلِّ سَوَّى اللَّهُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْحُرِّ فِي أَحْكَامٍ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي أُخْرَى]

- ‌[فَصَلِّ حِكْمَةُ شَرْعِ اللِّعَانِ فِي حَقِّ الزَّوْجَةِ دُونَ غَيْرِهَا]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي تَخْصِيصِ الْمُسَافِرِ بِالرُّخَصِ]

- ‌[فَصَلِّ الْفَرْقُ بَيْنَ نَذْرِ الطَّاعَةِ وَالْحَلِفِ بِهَا]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الضَّبُعِ وَغَيْرِهِ مِنْ ذِي النَّابِ]

- ‌[فَصَلِّ سِرُّ تَخْصِيصِ خُزَيْمَةَ بِقَبُولِ شَهَادَتِهِ وَحْدَهُ]

- ‌[فَصَلِّ سِرُّ تَخْصِيصِ أَبِي بُرْدَةَ بِإِجْزَاءِ تَضْحِيَتِهِ بِعِنَاقٍ]

- ‌[فَصَلِّ سِرُّ التَّفْرِقَةِ فِي الْوَصْفِ بَيْنَ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَصَلَاةِ النَّهَارِ]

- ‌[فَصَلِّ سِرّ تَقْدِيمِ الْعَصَبَةِ الْبُعَدَاءِ عَنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ فِي الْمِيرَاث]

- ‌[فَصَلِّ الْفَرْقُ بَيْنَ الشُّفْعَةِ وَأَخْذِ مَالِ الْغَيْرِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ بَعْضِ الْأَيَّامِ وَبَعْضِهَا الْآخَرِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ بِنْتِ الْأَخِ وَبِنْتِ الْعَمِّ وَنَحْوِهَا فِي النِّكَاح]

- ‌[فَصَلِّ حَمْلُ الْعَاقِلَةِ جِنَايَةَ الْخَطَأِ عَلَى النُّفُوسِ دُونَ الْأَمْوَالِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُسْتَحَاضَةِ وَالْحَائِضِ فِي الْوَطْء]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ وَاخْتِلَافِهِ فِي تَحْرِيمِ الرِّبَا]

- ‌[فَصَلِّ رِبَا الْفَضْلِ]

- ‌[فَصَلِّ حِكْمَةُ تَحْرِيمِ رِبَا النَّسَاءِ فِي الْمَطْعُومِ]

- ‌[فَصَلِّ حِكْمَةُ إبَاحَةِ الْعَرَايَا وَنَحْوِهَا]

- ‌[بَيْع اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي وُجُوبِ إحْدَادِ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا أَكْثَرَ مِمَّا تَحُدُّ عَلَى أَبِيهَا]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي مُسَاوَاةِ الْمَرْأَةِ لِلرَّجُلِ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ دُونَ بَعْضٍ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ زَمَانٍ وَزَمَانٍ وَمَكَانٍ وَمَكَانٍ فِي الْفَضْل]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْمُخْتَلِفَاتِ فِي الْحُكْمِ مَتَى اتَّفَقَتْ فِي مُوجِبِهِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي أَنَّ الْفَأْرَةَ كَالْهِرَّةِ فِي الطَّهَارَةِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي جَعْلِ ذَبِيحَةِ غَيْرِ الْكِتَابِيِّ مِثْلَ الْمَيْتَةِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ فِي حُكْمِ التَّطْهِيرِ]

- ‌[ذَمُّ الْغَضَبِ وَتَنْفِيذِ الْحَقِّ وَالصَّبْرُ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصَلِّ إخْلَاصُ النِّيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى]

- ‌[فَصَلِّ الْمُتَزَيِّنُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ وَعُقُوبَتُهُ]

- ‌[فَصَلِّ أَعْمَالُ الْعِبَادِ]

- ‌[فَصَلِّ جَزَاءُ الْمُخْلِصِ]

- ‌[الْإِفْتَاءِ فِي دِينِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ]

- ‌[الْقَوْلِ فِي التَّقْلِيدِ وَانْقِسَامِهِ]

- ‌[أَنْوَاعُ مَا يَحْرُمُ الْقَوْلُ بِهِ]

- ‌[مَضَارُّ زَلَّةِ الْعَالِمِ]

- ‌[التَّقْلِيدُ وَالِاتِّبَاعُ فِي الدِّين]

- ‌[فَصَلِّ عَقْدِ مَجْلِسِ مُنَاظَرَةٍ بَيْنَ مُقَلِّدٍ وَبَيْنَ صَاحِبِ حُجَّةٍ]

- ‌[طَرَفٌ مِنْ تَخَبُّطِ الْمُقَلِّدِينَ فِي الْأَخْذِ بِبَعْضِ السُّنَّةِ وَتَرْكِ بَعْضِهَا الْآخَرِ]

- ‌[أَقْوَالَ الْعُلَمَاءِ وَآرَاءَهُمْ لَا تَنْضَبِطُ وَلَا تَنْحَصِرُ]

- ‌[عِلَّةُ إيثَارِ قَوْلٍ عَلَى قَوْلٍ]

- ‌[تَقْلِيد الصَّحَابَةُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا]

- ‌[طَاعَةُ أُولِي الْأَمْرِ]

- ‌[فَصَلِّ أَمَرَ عُمَرُ شُرَيْحًا بِتَقْدِيمِ الْكِتَابِ ثُمَّ السُّنَّةِ]

- ‌[فَصَلِّ فَتْوَى الصَّحَابَةِ وَالرَّسُولُ حَيٌّ]

- ‌[إنْذَارِ مَنْ نَفَرَ لِلتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ]

- ‌[لَيْسَ قَبُولُ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ تَقْلِيدًا]

- ‌[لَيْسَ مِنْ التَّقْلِيدِ قَبُولُ قَوْلِ الْقَائِفِ وَنَحْوِهِ]

- ‌[هَلْ كُلِّفَ النَّاسُ كُلُّهُمْ الِاجْتِهَادَ]

- ‌[أُمُورٌ قِيلَ هِيَ تَقْلِيدٌ وَلَيْسَتْ بِهِ]

- ‌[الرَّدُّ عَلَى دَعْوَى أَنَّ الْأَئِمَّةَ قَالُوا بِجَوَازِ التَّقْلِيدِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ حَالِ الْأَئِمَّةِ وَحَالِ الْمُقَلِّدِينَ]

- ‌[تَقْلِيدِ الْأُسْتَاذِينَ لَا يَسْتَلْزِمُ جَوَازَ التَّقْلِيدِ فِي الدِّينِ]

- ‌[تَفَاوُتُ الِاسْتِعْدَادِ لَا يَسْتَلْزِمُ التَّقْلِيدَ فِي كُلِّ حُكْمٍ]

- ‌[الْفَرْق بَيْنَ الْمُقَلِّدِ وَالْمَأْمُومِ]

- ‌[الصَّحَابَةُ كَانُوا يُبَلِّغُونَ النَّاسَ حُكْمَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ]

- ‌[لَيْسَ التَّقْلِيدُ مِنْ لَوَازِمِ الشَّرْعِ]

- ‌[الرِّوَايَةُ غَيْرُ التَّقْلِيدِ]

- ‌[ادِّعَاءِ أَنَّ التَّقْلِيدَ أَسْلَمُ مِنْ طَلَبِ الْحُجَّةِ]

- ‌[مَجِيءُ رِوَايَتَيْنِ عَنْ أَحَدِ الْأَئِمَّةِ كَمَجِيءِ قَوْلَيْنِ لِإِمَامَيْنِ]

- ‌[فَصَلِّ الْإِفْتَاءِ وَالْحُكْمِ فِي دِينِ اللَّهِ بِمَا يُخَالِفُ النُّصُوصَ]

- ‌[يُصَارُ إلَى الِاجْتِهَادِ وَإِلَى الْقِيَاسِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ]

- ‌[أَمْثِلَةٌ لِمَنْ أَبْطَلَ السُّنَنَ بِظَاهِرٍ مِنْ الْقُرْآنِ]

- ‌[رَدَّ النُّصُوص الْمُحْكَمَةَ فِي قُدْرَةِ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ]

- ‌[رَدَّ النُّصُوصَ الْمَحْكَمَةَ فِي إثْبَاتِ كَوْنِ الْعَبْدِ قَادِرًا مُخْتَارًا فَاعِلًا بِمَشِيئَتِهِ]

- ‌[رَدَّ النُّصُوصَ الْمُحْكَمَةَ فِي ثُبُوتِ الشَّفَاعَةِ لِلْعُصَاةِ وَخُرُوجِهِمْ مِنْ النَّارِ]

- ‌[رَدَّ النُّصُوصَ الْمُحْكَمَةَ فِي رُؤْيَةِ الْمُؤْمِنِينَ رَبَّهُمْ فِي عَرَصَاتِ الْقِيَامَةِ وَفِي الْجَنَّةِ]

- ‌[رَدَّ النُّصُوصِ الصَّرِيحَةِ الَّتِي تَفُوتُ الْعَدَدَ عَلَى ثُبُوتِ الْأَفْعَالِ الِاخْتِيَارِيَّةِ لِلرَّبِّ سُبْحَانَهُ وَقِيَامِهَا بِهِ]

- ‌[رَدُّ النُّصُوصِ الْمُحْكَمَةِ عَلَى أَنَّ الرَّبَّ سُبْحَانَهُ إنَّمَا يَفْعَلُ مَا يَفْعَلُهُ لِحِكْمَةٍ وَغَايَةٍ مَحْمُودَةٍ]

- ‌[رَدُّ النُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى ثُبُوتِ الْأَسْبَابِ]

- ‌[رَدُّ النُّصُوصَ الْمُحْكَمَةَ الَّتِي تَفُوتُ الْعَدَّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ تَكَلَّمَ وَيَتَكَلَّمُ]

- ‌[رَدُّ مُحْكَمَ قَوْلِهِ أَلَّا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ]

- ‌[رَدُّ النُّصُوصَ الْمُتَنَوِّعَةَ الْمُحْكَمَةَ عَلَى عُلُوِّ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ وَكَوْنِهِ فَوْقَ عِبَادِهِ]

- ‌[رَدُّ النُّصُوصِ فِي مَدْحِ الصَّحَابَةِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ]

- ‌[رَدُّ الْمُحْكَمِ مِنْ النُّصُوصِ فِي وُجُوبِ الطُّمَأْنِينَةِ وَتَوَقُّفِ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ وَصِحَّتِهَا عَلَيْهِ]

- ‌[رَدُّ الْمُحْكَمِ الصَّرِيحِ فِي النُّصُوص مِنْ تَعْيِينِ التَّكْبِيرِ لِلدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[رَدُّ النُّصُوصِ الْمُحْكَمَةِ فِي تَعْيِينِ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[رَدُّ الْمُحْكَمِ الصَّرِيحِ مِنْ تَوَقُّفِ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى التَّسْلِيمِ]

- ‌[زِيَادَةُ السُّنَّةِ عَلَى الْقُرْآنِ]

- ‌[السُّنَّةُ مَعَ الْقُرْآنِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ]

- ‌[أَنْوَاعُ دَلَالَةِ السُّنَّةِ الزَّائِدَةِ عَنْ الْقُرْآنِ]

- ‌[بَيَانُ الرَّسُولِ عَلَى أَنْوَاعٍ]

- ‌[تَخْصِيصُ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ]

- ‌[رَدُّ الْمُحْكَمِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَرَّاةِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي الْعَرَايَا]

- ‌[رَدُّ حَدِيثِ الْقَسَامَةِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الْمُحْكَمَةِ فِي النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ]

- ‌[رَدُّ الْمُحْكَمِ مِنْ السُّنَّةِ بِالْإِقْرَاعِ بَيْنَ الْأَعْبُدِ السِّتَّةِ الْمُوصَى بِعِتْقِهِمْ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الْمَحْكَمَةِ فِي تَحْرِيمِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الْمُحْكَمَةِ فِي الْقَضَاءِ بِالْقَافَةِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ فِي دَفْعِ اللُّقَطَةِ إلَى مَنْ وَصَفَ عِفَاصَهَا وَوِعَاءَهَا وَوِكَاءَهَا]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ الْمُحْكَمَةِ فِي صَلَاةِ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهَا جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الْمُحْكَمَةِ فِي اشْتِرَاطِ الْبَائِعِ مَنْفَعَةَ الْمَبِيعِ مُدَّةً مَعْلُومَةً]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي تَخْيِيرِ الْوَلَدَ بَيْنَ أَبَوَيْهِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ فِي رَجْمِ الزَّانِيَيْنِ الْكِتَابِيَّيْنِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي وُجُوبِ الْوَفَاءِ بِالشُّرُوطِ فِي النِّكَاحِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي دَفْعِ الْأَرْضِ بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ مُزَارَعَةً]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي صَيْدُ الْمَدِينَةِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي تَقْدِيرِ نِصَابِ الْمُعَشَّرَاتِ]

- ‌[رَدُّ السَّنَةِ الصَّحِيحَةِ فِي جَوَازِ النِّكَاحِ بِمَا قَلَّ مِنْ الْمَهْرِ]

- ‌[رَدُّ السَّنَةِ الصَّحِيحَةِ فِيمَنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أُخْتَانِ]

- ‌[رَدُّ السَّنَةِ الصَّحِيحَةِ فِي التَّفْرِيقُ بَيْنَ الَّذِي يُسْلِمُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ]

- ‌[رَدُّ السَّنَةِ الصَّحِيحَةِ بِأَنَّ ذَكَاةَ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ]

- ‌[رَدُّ السَّنَةِ الصَّحِيحَةِ فِي إشْعَارِ الْهَدْيِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي مَنْ اطَّلَعَ عَلَى قَوْمٍ فَأَتْلَفُوا عَيْنَهُ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي وَضْعِ الْجَوَائِحِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي الْإِعَادَةِ عَلَى مَنْ صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي الْأَذَانِ لِلْفَجْرِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي الْجُلُوسِ عَلَى فِرَاشِ الْحَرِيرِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي خَرْصِ الثِّمَارِ فِي الزَّكَاةِ وَالْعَرَايَا وَغَيْرِهَا إذَا بَدَا صَلَاحُهَا]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي صِفَةِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي الْجَهْرِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالنَّضْحِ فِي بَوْلِ الْغُلَامِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي الْوِتْرِ بِوَاحِدَةٍ مَفْصُولَةٍ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي التَّنَفُّلُ إذَا أُقِيمَتْ صَلَاةُ الْفَرْضِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي صَلَاةِ النِّسَاءِ جَمَاعَةً]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي التَّسْلِيمُ مِنْ الصَّلَاةِ مَرَّةً أَوَمَرَّتَيْنِ]

- ‌[عَمَل أَهْل الْمَدِينَة]

- ‌[أَنْوَاعُ السُّنَنِ]

- ‌[فَصَلِّ الْعَمَلُ الَّذِي طَرِيقُهُ الِاجْتِهَادُ وَالِاسْتِدْلَالُ]

- ‌[تَرْكُ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي الْجَهْرِ بِآمِينَ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[تُرِكَ الْقَوْلُ بِالسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي الصَّلَاةِ الْوُسْطَى]

- ‌[تَرْكُ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ]

- ‌[رد السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي إشَارَةِ الْمُصَلِّي فِي التَّشَهُّدِ بِأُصْبُعِهِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَة فِي شَعْرِ الْمَرْأَةِ الْمَيِّتَةِ]

- ‌[تَرْكُ السُّنَّةِ الصَّحِيحَة فِي وَضْعُ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الْمُحْكَمَةِ فِي تَعْجِيلِ الْفَجْرِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي تَخْلِيلِ الْخَمْرِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي تَسْبِيحِ الْمُصَلِّي إذَا نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ فِي سَجَدَاتِ الْمُفَصَّلِ وَسَجْدَةِ الْحَجِّ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي سُجُودِ الشُّكْرِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ بجواز انْتِفَاع الْمُرْتَهِنِ بِالْمَرْهُونِ]

- ‌[الْعُرْفُ يَجْرِي مَجْرَى النُّطْقِ]

الفصل: ‌[فصل أمر عمر شريحا بتقديم الكتاب ثم السنة]

عِنْدَ كَثْرَةِ الِاخْتِلَافِ بِسُنَّتِهِ وَسُنَّةِ خُلَفَائِهِ، وَأَمَرْتُمْ أَنْتُمْ بِرَأْيِ فُلَانٍ وَمَذْهَبِ فُلَانٍ.

الثَّانِي: أَنَّهُ حَذَّرَ مِنْ مُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، وَأَخْبَرَ أَنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ التَّقْلِيدِ الَّذِي تُرِكَ لَهُ كِتَابُ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ وَيُعْرَضُ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ عَلَيْهِ وَيُجْعَلُ مِعْيَارًا عَلَيْهِمَا مِنْ أَعْظَمِ الْمُحْدَثَاتِ وَالْبِدَعِ الَّتِي بَرَّأَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْقُرُونَ الَّتِي فَضَلَّهَا وَخَيَّرَهَا عَلَى غَيْرِهَا.

وَبِالْجُمْلَةِ فَمَا سَنَّهُ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ أَوْ أَحَدُهُمْ لِلْأُمَّةِ فَهُوَ حُجَّةٌ لَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْهَا، فَأَيْنَ هَذَا مِنْ قَوْلِ فِرْقَةِ التَّقْلِيدِ: لَيْسَتْ سُنَّتُهُمْ حُجَّةً، وَلَا يَجُوزُ تَقْلِيدُهُمْ فِيهَا؟ .

[أَخْبَرَ الرَّسُولُ أَنَّهُ سَيَحْدُثُ اخْتِلَافُ كَثِيرٌ]

يُوَضِّحُهُ الْوَجْهُ الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ: أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي نَفْسِ هَذَا الْحَدِيثِ: «فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا» وَهَذَا ذَمٌّ لِلْمُخْتَلِفِينَ، وَتَحْذِيرٌ مِنْ سُلُوكِ سَبِيلِهِمْ، وَإِنَّمَا كَثُرَ الِاخْتِلَافُ وَتَفَاقَمَ أَمْرُهُ بِسَبَبِ التَّقْلِيدِ وَأَهْلِهِ، وَهُمْ الَّذِينَ فَرَّقُوا الدِّينَ وَصَيَّرُوا أَهْلَهُ شِيَعًا، كُلُّ فِرْقَةٍ تَنْصُرُ مَتْبُوعَهَا، وَتَدْعُو إلَيْهِ، وَتَذُمُّ مَنْ خَالَفَهَا، وَلَا يَرَوْنَ الْعَمَلَ بِقَوْلِهِمْ حَتَّى كَأَنَّهُمْ مِلَّةٌ أُخْرَى سِوَاهُمْ، يَدْأَبُونَ وَيَكْدَحُونَ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ، وَيَقُولُونَ: كُتُبُهُمْ، وَكُتُبُنَا وَأَئِمَّتُهُمْ وَأَئِمَّتُنَا، وَمَذْهَبُهُمْ وَمَذْهَبُنَا.

هَذَا وَالنَّبِيُّ وَاحِدٌ وَالْقُرْآنُ وَاحِدٌ وَالدِّينُ وَاحِدٌ وَالرَّبُّ وَاحِدٌ؛ فَالْوَاجِبُ عَلَى الْجَمِيعِ أَنْ يَنْقَادُوا إلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَهُمْ كُلِّهِمْ، وَأَنْ لَا يُطِيعُوا إلَّا الرَّسُولَ، وَلَا يَجْعَلُوا مَعَهُ مَنْ يَكُونُ أَقْوَالُهُ كَنُصُوصِهِ، وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ؛ فَلَوْ اتَّفَقَتْ كَلِمَتُهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَانْقَادَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِمَنْ دَعَاهُ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَحَاكَمُوا كُلُّهُمْ إلَى السُّنَّةِ وَآثَارِ الصَّحَابَةِ لَقَلَّ الِاخْتِلَافُ وَإِنْ لَمْ يَعْدَمْ مِنْ الْأَرْضِ؛ وَلِهَذَا تَجِدُ أَقَلَّ النَّاسِ اخْتِلَافًا أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ؛ فَلَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ طَائِفَةٌ أَكْثَرَ اتِّفَاقًا وَأَقَلَّ اخْتِلَافًا مِنْهُمْ لِمَا بَنَوْا عَلَى هَذَا الْأَصْلِ، وَكُلَّمَا كَانَتْ الْفُرْقَةُ عَنْ الْحَدِيثِ أَبْعَدَ كَانَ اخْتِلَافُهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ أَشَدَّ وَأَكْثَرَ، فَإِنَّ مَنْ رَدَّ الْحَقَّ مَرَجَ عَلَيْهِ أَمْرُهُ وَاخْتَلَطَ عَلَيْهِ وَالْتَبَسَ عَلَيْهِ وَجْهُ الصَّوَابِ فَلَمْ يَدْرِ أَيْنَ يَذْهَبُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} [ق: 5] .

[فَصَلِّ أَمَرَ عُمَرُ شُرَيْحًا بِتَقْدِيمِ الْكِتَابِ ثُمَّ السُّنَّةِ]

[أَمَرَ عُمَرُ شُرَيْحًا بِتَقْدِيمِ الْكِتَابِ ثُمَّ السُّنَّةِ]

الْوَجْهُ الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ: قَوْلُكُمْ إنَّ عُمَرَ كَتَبَ إلَى شُرَيْحٍ: " أَنْ اقْضِ بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَبِمَا فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ فَبِمَا قَضَى بِهِ الصَّالِحُونَ " فَهَذَا مِنْ أَظْهَرِ الْحُجَجِ عَلَيْكُمْ عَلَى بُطْلَانِ التَّقْلِيدِ؛ فَإِنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يُقَدِّمَ

ص: 173

الْحُكْمَ بِالْكِتَابِ عَلَى كُلِّ مَا سِوَاهُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فِي الْكِتَابِ وَوَجَدَهُ فِي السُّنَّةِ لَمْ يَلْتَفِتْ إلَى غَيْرِهَا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فِي السُّنَّةِ قَضَى بِمَا قَضَى بِهِ الصَّحَابَةُ.

وَنَحْنُ نُنَاشِدُ اللَّهَ فِرْقَةَ التَّقْلِيدِ: هَلْ هُمْ كَذَلِكَ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ؟ وَهَلْ إذَا نَزَلَتْ بِهِمْ نَازِلَةٌ حَدَّثَ أَحَدٌ مِنْهُمْ نَفْسَهُ أَنْ يَأْخُذَ حُكْمَهَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ثُمَّ يُنَفِّذُهُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ أَخَذَهَا مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهَا فِي السُّنَّةِ أَفْتَى فِيهَا بِمَا أَفْتَى بِهِ الصَّحَابَةُ؟ وَاَللَّهُ يَشْهَدُ عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ وَهُمْ شَاهِدُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَأْخُذُونَ حُكْمَهَا مِنْ قَوْلِ مَنْ قَلَّدُوهُ، وَإِنْ اسْتَبَانَ لَهُمْ فِي الْكِتَابِ أَوْ السُّنَّةِ أَوْ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ خِلَافُ ذَلِكَ لَمْ يَلْتَفِتُوا إلَيْهِ، وَلَمْ يَأْخُذُوا بِشَيْءٍ مِنْهُ إلَّا بِقَوْلِ مَنْ قَلَّدُوهُ؛ فَكِتَابُ عُمَرَ مِنْ أَبْطَلْ الْأَشْيَاءِ وَأَكْسَرِهَا لِقَوْلِهِمْ، وَهَذَا كَانَ سَيْرَ السَّلَفِ الْمُسْتَقِيمَ وَهَدْيَهُمْ الْقَوِيمَ.

[طَرِيقُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي أَخْذِ الْأَحْكَامِ]

فَلَمَّا انْتَهَتْ النَّوْبَةُ إلَى الْمُتَأَخِّرِينَ سَارُوا عَكْسَ هَذَا السَّيْرِ، وَقَالُوا: إذَا نَزَلَتْ النَّازِلَةُ بِالْمُفْتِي أَوْ الْحَاكِمِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَنْظُرَ أَوَّلًا: هَلْ فِيهَا اخْتِلَافٌ أَمْ لَا؟ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا اخْتِلَافٌ لَمْ يَنْظُرْ فِي كِتَابٍ وَلَا فِي سُنَّةٍ، بَلْ يُفْتِي وَيَقْضِي فِيهَا بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا اخْتِلَافٌ اجْتَهَدَ فِي أَقْرَبِ الْأَقْوَالِ إلَى الدَّلِيلِ فَأَفْتَى بِهِ وَحَكَمَ بِهِ.

وَهَذَا خِلَافُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ مُعَاذٍ وَكِتَابُ عُمَرَ وَأَقْوَالُ الصَّحَابَةِ. وَاَلَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَأَقْوَالُ الصَّحَابَةِ أَوْلَى فَإِنَّهُ مَقْدُورٌ مَأْمُورٌ، فَإِنْ عِلْمَ الْمُجْتَهِدُ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ أَسْهَلُ عَلَيْهِ بِكَثِيرٍ مِنْ عِلْمِهِ بِاتِّفَاقِ النَّاسِ فِي شَرْقِ الْأَرْضِ وَغَرْبِهَا عَلَى الْحُكْمِ.

وَهَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ مُتَعَذِّرًا فَهُوَ أَصْعُبُ شَيْءٍ وَأَشَقُّهُ إلَّا فِيمَا هُوَ مِنْ لَوَازِمِ الْإِسْلَامِ، فَكَيْفَ يُحِيلُنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ عَلَى مَا لَا وُصُولَ لَنَا إلَيْهِ وَيُتْرَكُ الْحَوَالَةَ عَلَى كِتَابِهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ اللَّذَيْنِ هَدَانَا بِهِمَا، وَيَسَّرَهُمَا لَنَا، وَجَعَلَ لَنَا إلَى مَعْرِفَتِهِمَا طَرِيقًا سَهْلَةَ التَّنَاوُلِ مِنْ قُرْبٍ؟ ثُمَّ مَا يُدْرِيهِ فَلَعَلَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، وَلَيْسَ عَدَمُ الْعِلْمِ بِالنِّزَاعِ عِلْمًا بِعَدَمِهِ، فَكَيْفَ يُقَدِّمُ عَدَمَ الْعِلْمِ عَلَى أَصْلِ الْعِلْمِ كُلِّهِ؟ ثُمَّ كَيْفَ يَسُوغُ لَهُ تَرْكُ الْحَقِّ الْمَعْلُومِ إلَى أَمْرٍ لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ وَغَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ مَوْهُومًا، وَأَحْسَنُ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ مَشْكُوكًا فِيهِ شَكًّا مُتَسَاوِيًا أَوْ رَاجِحًا؟ ثُمَّ كَيْفَ يَسْتَقِيمُ هَذَا عَلَى رَأْيِ مَنْ يَقُولُ: انْقِرَاضُ عَصْرِ الْمُجْمِعِينَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْإِجْمَاعِ؟ فَمَا لَمْ يَنْقَرِضْ عَصْرُهُمْ فَلِمَنْ نَشَأَ فِي زَمَنِهِمْ أَنْ يُخَالِفَهُمْ، فَصَاحِبُ هَذَا السُّلُوكِ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَحْتَجَّ بِالْإِجْمَاعِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ الْعَصْرَ انْقَرَضَ وَلَمْ يَنْشَأْ فِيهِ مُخَالِفٌ لِأَهْلِهِ؟ وَهَلْ أَحَالَ اللَّهُ الْأُمَّةَ فِي الِاهْتِدَاءِ بِكِتَابِهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ عَلَى مَا لَا سَبِيلَ لَهُمْ إلَيْهِ وَلَا اطِّلَاعَ لِأَفْرَادِهِمْ عَلَيْهِ؟ وَتَرْكِ إحَالَتِهِمْ عَلَى مَا هُوَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ بَاقِيَةٌ إلَى آخِرِ الدَّهْرِ مُتَمَكِّنُونَ مِنْ الِاهْتِدَاءِ بِهِ وَمَعْرِفَةِ الْحَقِّ مِنْهُ، وَهَذَا مِنْ أَمْحَلْ الْمُحَالِ،

ص: 174

وَحِينَ نَشَأَتْ هَذِهِ الطَّرِيقَةُ تَوَلَّدَ عَنْهَا مُعَارَضَةُ النُّصُوصِ بِالْإِجْمَاعِ الْمَجْهُولِ، وَانْفَتَحَ بَابُ دَعْوَاهُ، وَصَارَ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ الْخِلَافَ مِنْ الْمُقَلِّدِينَ إذَا احْتَجَّ عَلَيْهِ بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ قَالَ: هَذَا خِلَافُ الْإِجْمَاعِ.

وَهَذَا هُوَ الَّذِي أَنْكَرَهُ أَئِمَّةُ الْإِسْلَامِ، وَعَابُوا مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ عَلَى مَنْ ارْتَكَبَهُ، وَكَذَّبُوا مَنْ ادَّعَاهُ؛ فَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ: مَنْ ادَّعَى الْإِجْمَاعَ فَهُوَ كَاذِبٌ، لَعَلَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا، هَذِهِ دَعْوَى بِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ وَالْأَصَمِّ، وَلَكِنْ يَقُولُ: لَا نَعْلَمُ النَّاسَ اخْتَلَفُوا، أَوْ لَمْ يَبْلُغْنَا.

وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْمَرْوَزِيِّ: كَيْفَ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَقُولَ: " أَجْمَعُوا؟ " إذَا سَمِعْتهمْ يَقُولُونَ: " أَجْمَعُوا " فَاتَّهِمْهُمْ، لَوْ قَالَ:" إنِّي لَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا " كَانَ.

وَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ: هَذَا كَذِبٌ، مَا عِلْمُهُ أَنَّ النَّاسَ مُجْمِعُونَ؟ وَلَكِنْ يَقُولُ:" مَا أَعْلَمُ فِيهِ اخْتِلَافًا " فَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِهِ: إجْمَاعُ النَّاسِ.

وَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ: لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَدَّعِيَ الْإِجْمَاعَ، لَعَلَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا.

[أَئِمَّةُ الْإِسْلَامِ يُقَدِّمُونَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ]

وَلَمْ يَزُلْ أَئِمَّةُ الْإِسْلَامِ عَلَى تَقْدِيمِ الْكِتَابِ عَلَى السُّنَّةِ، وَالسُّنَّةِ عَلَى الْإِجْمَاعِ وَجَعْلِ الْإِجْمَاعِ فِي الْمَرْتَبَةِ الثَّالِثَةِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: الْحُجَّةُ كِتَابُ اللَّهِ وَسُنَّةُ رَسُولِهِ وَاتِّفَاقُ الْأَئِمَّةُ.

وَقَالَ فِي كِتَابِ اخْتِلَافِهِ مَعَ مَالِكٍ: وَالْعِلْمُ طَبَقَاتٌ، الْأُولَى: الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ الثَّابِتَةُ، ثُمَّ الْإِجْمَاعُ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ كِتَابٌ وَلَا سُنَّةٌ، الثَّالِثَةُ: أَنْ يَقُولَ الصَّحَابِيُّ: فَلَا يُعْلَمُ لَهُ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، الرَّابِعَةُ: اخْتِلَافُ الصَّحَابَةِ، وَالْخَامِسَةُ: الْقِيَاسُ؛ فَقَدَّمَ النَّظَرَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى الْإِجْمَاعِ، ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ إنَّمَا يُصَارُ إلَى الْإِجْمَاعِ فِيمَا لَمْ يُعْلَمْ فِيهِ كِتَابًا وَلَا سُنَّةً، وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ.

وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيّ: الْعِلْمُ عِنْدَنَا مَا كَانَ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ كِتَابٍ نَاطِقٍ نَاسِخٍ غَيْرِ مَنْسُوخٍ، وَمَا صَحَّتْ بِهِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا لَا مُعَارِضَ لَهُ، وَمَا جَاءَ عَنْ الْأَلِبَّاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ مَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ، فَإِذَا اخْتَلَفُوا لَمْ يُخْرِجْ مِنْ اخْتِلَافِهِمْ، فَإِذَا خَفِيَ ذَلِكَ وَلَمْ يُفْهَمْ فَعَنْ التَّابِعِينَ، فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ عَنْ التَّابِعِينَ فَعَنْ أَئِمَّةِ الْهُدَى مِنْ أَتْبَاعِهِمْ، مِثْلِ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ وَحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَسُفْيَانَ وَمَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، ثُمَّ مَا لَمْ يُوجَدْ عَنْ أَمْثَالِهِمْ فَعَنْ مِثْلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ إدْرِيسَ وَيَحْيَى بْنِ آدَمَ وَابْنِ عُيَيْنَةَ وَوَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ مُحَمَّدِ بْنِ إدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ وَيَزِيدَ بْنِ هَارُونَ وَالْحُمَيْدِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيِّ وَأَبِي عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنِ سَلَّامٍ

ص: 175

انْتَهَى.

فَهَذَا طَرِيقُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَأَئِمَّةِ الدِّينِ، جَعَلَ أَقْوَالَ هَؤُلَاءِ بَدَلًا عَنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَأَقْوَالَ الصَّحَابَةِ بِمَنْزِلَةِ التَّيَمُّمِ إنَّمَا يُصَارُ إلَيْهِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ؛ فَعَدَلَ هَؤُلَاءِ الْمُتَأَخِّرُونَ الْمُقَلِّدُونَ إلَى التَّيَمُّمِ وَالْمَاءُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ أَسْهَلُ مِنْ التَّيَمُّمِ بِكَثِيرٍ.

ثُمَّ حَدَثَتْ بَعْدَ هَؤُلَاءِ فِرْقَةٌ هُمْ أَعْدَاءُ الْعِلْمِ وَأَهْلِهِ فَقَالُوا: إذَا نَزَلَتْ بِالْمُفْتِي أَوْ الْحَاكِمِ نَازِلَةٌ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَنْظُرَ فِيهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا سُنَّةِ رَسُولِهِ وَلَا أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ بَلْ إلَى مَا قَالَهُ مُقَلَّدُهُ وَمَتْبُوعُهُ وَمَنْ جَعَلَهُ عِيَارًا عَلَى الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ؛ فَمَا وَافَقَ قَوْلَهُ أَفْتَى بِهِ وَحَكَمَ بِهِ، وَمَا خَالَفَهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُفْتِيَ بِهِ وَلَا يَقْضِيَ بِهِ، وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ تَعَرَّضَ لِعَزْلِهِ عَنْ مَنْصِبِ الْفَتْوَى وَالْحُكْمِ، وَاسْتَفْتَى لَهُ: مَا تَقُولُ السَّادَةُ وَالْفُقَهَاءُ فِيمَنْ يُنْتَسَبُ إلَى مَذْهَبِ إمَامٍ مُعَيَّنٍ يُقَلِّدُهُ دُونَ غَيْرِهِ، ثُمَّ يُفْتِي أَوْ يَحْكُمُ بِخِلَافِ مَذْهَبِهِ، هَلْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يَقْدَحُ ذَلِكَ فِيهِ أَمْ لَا؟ فَيُنْغِضُ الْمُقَلِّدُونَ رُءُوسَهُمْ، وَيَقُولُونَ لَهُ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ، وَيَقْدَحُ فِيهِ.

وَلَعَلَّ الْقَوْلَ الَّذِي عَدَلَ إلَيْهِ هُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيُّ بْنِ كَعْبٍ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَأَمْثَالِهِمْ؛ فَيُجِيبُ هَذَا الَّذِي انْتَصَبَ لِلتَّوْقِيعِ عَنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ مُخَالَفَةُ قَوْلِ مَتْبُوعِهِ لِأَقْوَالِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ مَعَ أَقْوَالِهِمْ كِتَابُ اللَّهِ وَسُنَّةُ رَسُولِهِ، وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ جِنَايَاتِ فِرْقَةِ التَّقْلِيدِ عَلَى الدِّينِ، وَلَوْ أَنَّهُمْ لَزِمُوا حَدَّهُمْ وَمَرْتَبَتَهُمْ وَأَخْبَرُوا إخْبَارًا مُجَرَّدًا عَمَّا وَجَدُوهُ مِنْ السَّوَادِ فِي الْبَيَاضِ مِنْ أَقْوَالٍ لَا عِلْمَ لَهُمْ بِصَحِيحِهَا مِنْ بَاطِلِهَا لَكَانَ لَهُمْ عُذْرٌ مَا عِنْدَ اللَّهِ، وَلَكِنْ هَذَا مَبْلَغُهُمْ مِنْ الْعِلْمِ، وَهَذِهِ مُعَادَاتُهُمْ لِأَهْلِهِ وَلِلْقَائِمِينَ لِلَّهِ بِحُجَجِهِ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

[هَلْ قَلَّدَ الصَّحَابَةُ عُمَرَ؟]

الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَالْخَمْسُونَ: قَوْلُكُمْ: " مَنَعَ عُمَرُ مِنْ بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَتَبِعَهُ الصَّحَابَةُ وَأَلْزَمَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ وَتَبِعُوهُ أَيْضًا " جَوَابُهُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُمْ لَمْ يَتَّبِعُوهُ تَقْلِيدًا لَهُ، بَلْ أَدَّاهُمْ اجْتِهَادُهُمْ فِي ذَلِكَ إلَى مَا أَدَّاهُ إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ قَطُّ: إنِّي رَأَيْت ذَلِكَ تَقْلِيدًا لِعُمَرَ.

الثَّانِي: أَنَّهُمْ لَمْ يَتَّبِعُوهُ كُلُّهُمْ فَهَذَا ابْنُ مَسْعُودٍ يُخَالِفُهُ فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ، وَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ يُخَالِفُهُ فِي الْإِلْزَامِ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ، وَإِذَا اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ وَغَيْرُهُمْ فَالْحَاكِمُ هُوَ الْحُجَّةُ.

الثَّالِثُ: أَنَّهُ لَيْسَ فِي اتِّبَاعِ قَوْلِ عُمَرَ رضي الله عنه فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَتَقْلِيدُ الصَّحَابَةِ لَوْ فُرِضَ لَهُ فِي ذَلِكَ مَا يُسَوِّغُ تَقْلِيدُ مَنْ هُوَ دُونَهُ بِكَثِيرٍ فِي كُلِّ مَا يَقُولُهُ وَتَرْكِ قَوْلِ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ وَمَنْ هُوَ فَوْقَهُ وَأَعْلَمُ مِنْهُ، فَهَذَا مِنْ أَبْطَلْ الِاسْتِدْلَالِ، وَهُوَ تَعَلُّقٌ بِبَيْتِ الْعَنْكَبُوتِ فَقَلِّدُوا عُمَرَ وَاتْرُكُوا تَقْلِيدَ فُلَانٍ وَفُلَانٍ، فَأَمَّا وَأَنْتُمْ تُصَرِّحُونَ بِأَنَّ عُمَرَ لَا يُقَلَّدُ وَأَبُو حَنِيفَةَ

ص: 176