المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل حكمة قطع يد السارق دون لسان القاذف] - إعلام الموقعين عن رب العالمين - ط العلمية - جـ ٢

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصَلِّ بَيْعَ الْمَعْدُومِ فِي الْقِيَاس]

- ‌[فَصَلِّ بَيْعُ الْمَقَاثِي وَالْمَبَاطِخِ وَنَحْوِهِمَا]

- ‌[فَصَلِّ ضَمَانُ الْحَدَائِقِ وَالْبَسَاتِينِ]

- ‌[فَصَلِّ إجَارَةُ الظِّئْرِ عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ الصَّحِيحِ]

- ‌[فَصَلِّ حَمْلُ الْعَاقِلَةِ الدِّيَةَ عَنْ الْجَانِي طِبْقَ الْقِيَاسِ]

- ‌[فَصَلِّ الْمُصَرَّاةَ عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ]

- ‌[فَصَلِّ الرَّهْنُ مَرْكُوبٌ وَمَحْلُوبٌ وَعَلَى مَنْ يَرْكَبُ وَيَحْلِبُ النَّفَقَةُ]

- ‌[فَصَلِّ رَجُلٍ وَقَعَ عَلَى جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ مُوَافِقٌ لِلْقِيَاسِ]

- ‌[فَصَلِّ الْمُضِيُّ فِي الْحَجِّ الْفَاسِدِ لَا يُخَالِفُ الْقِيَاسَ]

- ‌[فَصَلِّ الْعُذْرُ بِالنِّسْيَانِ عَلَى خِلَاف الْقِيَاس]

- ‌[فَصَلِّ الْحُكْمُ فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ]

- ‌[فَصَلِّ مَسْأَلَةُ الزُّبْيَةِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحُكْمُ فِي بَصِيرٍ يَقُودُ أَعْمَى فَيَخُرَّانِ مَعًا وَفْقَ الْقِيَاسِ]

- ‌[فَصَلِّ حُكْمُ عَلِيٍّ فِي جَمَاعَةٍ وَقَعُوا عَلَى امْرَأَةٍ وَفْقَ الْقِيَاسِ]

- ‌[فَصَلِّ لَيْسَ فِي الشَّرِيعَةِ شَيْءٌ يُخَالِفُ الْقِيَاسَ]

- ‌[شُبُهَاتٌ لِنُفَاتِ الْقِيَاسِ وَأَمْثِلَةٌ لَهَا]

- ‌[أجوبة مُفَصَّلَة عَمَّا ذَكَرَهُ نفاة الْقِيَاس]

- ‌[فَصَلِّ غَسْلُ الثَّوْبِ مِنْ بَوْلِ الصَّبِيَّةِ وَنَضْحُهُ مِنْ بَوْلِ الصَّبِيِّ]

- ‌[فَصَلِّ الْفَرْقُ بَيْنَ الصَّلَاةِ الرُّبَاعِيَّةِ وَغَيْرِهَا]

- ‌[فَصَلِّ إيجَابُ الصَّوْمِ عَلَى الْحَائِضِ دُونَ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصَلِّ حُكْمُ النَّظَرِ إلَى الْحُرَّةِ وَإِلَى الْأَمَةِ]

- ‌[فَصَلِّ الْفَرْقُ بَيْنَ السَّارِقِ وَالْمُنْتَهِبِ]

- ‌[فَصَلِّ الْفَرْقُ بَيْنَ الْيَدِ فِي الدِّيَةِ وَفِي السَّرِقَةِ]

- ‌[فَصَلِّ حِكْمَةُ جَعْلِ نِصَابِ السَّرِقَةِ رُبُعَ دِينَارٍ]

- ‌[فَصَلِّ حِكْمَةُ حَدِّ الْقَذْفِ بِالزِّنَا دُونَ الْكُفْرِ]

- ‌[فَصَلِّ حِكْمَةُ الِاكْتِفَاءِ فِي الْقَتْلِ بِشَاهِدَيْنِ دُونَ الزِّنَا]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي جَلْدِ قَاذِفِ الْحُرِّ دُونَ الْعَبْدِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ عِدَّةِ الْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ]

- ‌[فَصَلِّ حِكْمَةُ عِدَّةِ الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصَلِّ حِكْمَةُ تَحْرِيمِ الْمَرْأَةِ بَعْدَ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي غَسْلِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ]

- ‌[فَصَلِّ تَوْبَةُ الْمُحَارِبِ]

- ‌[فَصَلِّ قَبُولُ رِوَايَةِ الْعَبْدِ دُونَ شَهَادَتِهِ]

- ‌[فَصَلِّ صَدَقَةُ السَّائِمَةِ وَإِسْقَاطُهَا عَنْ الْعَوَامِلِ]

- ‌[فَصَلِّ حِكْمَةُ اللَّهِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ فِي تَحْصِينِ الرَّجُلِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ بِمَسِّ ذَكَرِهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَعْضَاءِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي إيجَابِ الْحَدِّ بِشُرْبِ قَطْرَةٍ مِنْ الْخَمْرِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي قَصْرِ الزَّوْجَاتِ عَلَى أَرْبَعٍ دُونَ السَّرِيَّاتِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي إبَاحَةِ التَّعَدُّدِ لِلرَّجُلِ دُونَ الْمَرْأَةِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي جَوَازِ اسْتِمْتَاعِ السَّيِّدِ بِأَمَتِهِ دُونَ الْعَبْدِ بِسَيِّدَتِهِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْكَلْبِ الْأَسْوَدِ وَغَيْرِهِ فِي قَطْعِ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الرِّيحِ وَالْجُشَاءِ فِي الْوُضُوء]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ فِي الزَّكَاةِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ بَعْضِ مَقَادِيرِ الزَّكَاةِ]

- ‌[فَصَلِّ حِكْمَةُ قَطْعِ يَدِ السَّارِقِ دُونَ لِسَانِ الْقَاذِفِ]

- ‌[فَصَلِّ اشْتِرَاطُ الْحُجَّةِ لِإِيقَاعِ الْعُقُوبَةِ]

- ‌[السِّرُّ فِي أَنَّ الْعُقُوبَاتِ لَمْ يَطَّرِدْ جَعْلُهَا مِنْ جِنْسِ الذُّنُوبِ]

- ‌[الْحِكْمَةُ فِي حَدِّ السَّرِقَةِ]

- ‌[الْحِكْمَةُ فِي حَدِّ الزِّنَا وَتَنْوِيعِهِ]

- ‌[إتْلَافُ النَّفْسِ عُقُوبَةُ أَفْظَعِ أَنْوَاعِ الْجَرَائِمِ]

- ‌[تَرْتِيبُ الْحَدِّ تَبَعًا لِتَرْتِيبِ الْجَرَائِمِ]

- ‌[فَصَلِّ سَوَّى اللَّهُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْحُرِّ فِي أَحْكَامٍ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي أُخْرَى]

- ‌[فَصَلِّ حِكْمَةُ شَرْعِ اللِّعَانِ فِي حَقِّ الزَّوْجَةِ دُونَ غَيْرِهَا]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي تَخْصِيصِ الْمُسَافِرِ بِالرُّخَصِ]

- ‌[فَصَلِّ الْفَرْقُ بَيْنَ نَذْرِ الطَّاعَةِ وَالْحَلِفِ بِهَا]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الضَّبُعِ وَغَيْرِهِ مِنْ ذِي النَّابِ]

- ‌[فَصَلِّ سِرُّ تَخْصِيصِ خُزَيْمَةَ بِقَبُولِ شَهَادَتِهِ وَحْدَهُ]

- ‌[فَصَلِّ سِرُّ تَخْصِيصِ أَبِي بُرْدَةَ بِإِجْزَاءِ تَضْحِيَتِهِ بِعِنَاقٍ]

- ‌[فَصَلِّ سِرُّ التَّفْرِقَةِ فِي الْوَصْفِ بَيْنَ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَصَلَاةِ النَّهَارِ]

- ‌[فَصَلِّ سِرّ تَقْدِيمِ الْعَصَبَةِ الْبُعَدَاءِ عَنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ فِي الْمِيرَاث]

- ‌[فَصَلِّ الْفَرْقُ بَيْنَ الشُّفْعَةِ وَأَخْذِ مَالِ الْغَيْرِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ بَعْضِ الْأَيَّامِ وَبَعْضِهَا الْآخَرِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ بِنْتِ الْأَخِ وَبِنْتِ الْعَمِّ وَنَحْوِهَا فِي النِّكَاح]

- ‌[فَصَلِّ حَمْلُ الْعَاقِلَةِ جِنَايَةَ الْخَطَأِ عَلَى النُّفُوسِ دُونَ الْأَمْوَالِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُسْتَحَاضَةِ وَالْحَائِضِ فِي الْوَطْء]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ وَاخْتِلَافِهِ فِي تَحْرِيمِ الرِّبَا]

- ‌[فَصَلِّ رِبَا الْفَضْلِ]

- ‌[فَصَلِّ حِكْمَةُ تَحْرِيمِ رِبَا النَّسَاءِ فِي الْمَطْعُومِ]

- ‌[فَصَلِّ حِكْمَةُ إبَاحَةِ الْعَرَايَا وَنَحْوِهَا]

- ‌[بَيْع اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي وُجُوبِ إحْدَادِ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا أَكْثَرَ مِمَّا تَحُدُّ عَلَى أَبِيهَا]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي مُسَاوَاةِ الْمَرْأَةِ لِلرَّجُلِ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ دُونَ بَعْضٍ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ زَمَانٍ وَزَمَانٍ وَمَكَانٍ وَمَكَانٍ فِي الْفَضْل]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْمُخْتَلِفَاتِ فِي الْحُكْمِ مَتَى اتَّفَقَتْ فِي مُوجِبِهِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي أَنَّ الْفَأْرَةَ كَالْهِرَّةِ فِي الطَّهَارَةِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي جَعْلِ ذَبِيحَةِ غَيْرِ الْكِتَابِيِّ مِثْلَ الْمَيْتَةِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ فِي حُكْمِ التَّطْهِيرِ]

- ‌[ذَمُّ الْغَضَبِ وَتَنْفِيذِ الْحَقِّ وَالصَّبْرُ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصَلِّ إخْلَاصُ النِّيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى]

- ‌[فَصَلِّ الْمُتَزَيِّنُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ وَعُقُوبَتُهُ]

- ‌[فَصَلِّ أَعْمَالُ الْعِبَادِ]

- ‌[فَصَلِّ جَزَاءُ الْمُخْلِصِ]

- ‌[الْإِفْتَاءِ فِي دِينِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ]

- ‌[الْقَوْلِ فِي التَّقْلِيدِ وَانْقِسَامِهِ]

- ‌[أَنْوَاعُ مَا يَحْرُمُ الْقَوْلُ بِهِ]

- ‌[مَضَارُّ زَلَّةِ الْعَالِمِ]

- ‌[التَّقْلِيدُ وَالِاتِّبَاعُ فِي الدِّين]

- ‌[فَصَلِّ عَقْدِ مَجْلِسِ مُنَاظَرَةٍ بَيْنَ مُقَلِّدٍ وَبَيْنَ صَاحِبِ حُجَّةٍ]

- ‌[طَرَفٌ مِنْ تَخَبُّطِ الْمُقَلِّدِينَ فِي الْأَخْذِ بِبَعْضِ السُّنَّةِ وَتَرْكِ بَعْضِهَا الْآخَرِ]

- ‌[أَقْوَالَ الْعُلَمَاءِ وَآرَاءَهُمْ لَا تَنْضَبِطُ وَلَا تَنْحَصِرُ]

- ‌[عِلَّةُ إيثَارِ قَوْلٍ عَلَى قَوْلٍ]

- ‌[تَقْلِيد الصَّحَابَةُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا]

- ‌[طَاعَةُ أُولِي الْأَمْرِ]

- ‌[فَصَلِّ أَمَرَ عُمَرُ شُرَيْحًا بِتَقْدِيمِ الْكِتَابِ ثُمَّ السُّنَّةِ]

- ‌[فَصَلِّ فَتْوَى الصَّحَابَةِ وَالرَّسُولُ حَيٌّ]

- ‌[إنْذَارِ مَنْ نَفَرَ لِلتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ]

- ‌[لَيْسَ قَبُولُ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ تَقْلِيدًا]

- ‌[لَيْسَ مِنْ التَّقْلِيدِ قَبُولُ قَوْلِ الْقَائِفِ وَنَحْوِهِ]

- ‌[هَلْ كُلِّفَ النَّاسُ كُلُّهُمْ الِاجْتِهَادَ]

- ‌[أُمُورٌ قِيلَ هِيَ تَقْلِيدٌ وَلَيْسَتْ بِهِ]

- ‌[الرَّدُّ عَلَى دَعْوَى أَنَّ الْأَئِمَّةَ قَالُوا بِجَوَازِ التَّقْلِيدِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ حَالِ الْأَئِمَّةِ وَحَالِ الْمُقَلِّدِينَ]

- ‌[تَقْلِيدِ الْأُسْتَاذِينَ لَا يَسْتَلْزِمُ جَوَازَ التَّقْلِيدِ فِي الدِّينِ]

- ‌[تَفَاوُتُ الِاسْتِعْدَادِ لَا يَسْتَلْزِمُ التَّقْلِيدَ فِي كُلِّ حُكْمٍ]

- ‌[الْفَرْق بَيْنَ الْمُقَلِّدِ وَالْمَأْمُومِ]

- ‌[الصَّحَابَةُ كَانُوا يُبَلِّغُونَ النَّاسَ حُكْمَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ]

- ‌[لَيْسَ التَّقْلِيدُ مِنْ لَوَازِمِ الشَّرْعِ]

- ‌[الرِّوَايَةُ غَيْرُ التَّقْلِيدِ]

- ‌[ادِّعَاءِ أَنَّ التَّقْلِيدَ أَسْلَمُ مِنْ طَلَبِ الْحُجَّةِ]

- ‌[مَجِيءُ رِوَايَتَيْنِ عَنْ أَحَدِ الْأَئِمَّةِ كَمَجِيءِ قَوْلَيْنِ لِإِمَامَيْنِ]

- ‌[فَصَلِّ الْإِفْتَاءِ وَالْحُكْمِ فِي دِينِ اللَّهِ بِمَا يُخَالِفُ النُّصُوصَ]

- ‌[يُصَارُ إلَى الِاجْتِهَادِ وَإِلَى الْقِيَاسِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ]

- ‌[أَمْثِلَةٌ لِمَنْ أَبْطَلَ السُّنَنَ بِظَاهِرٍ مِنْ الْقُرْآنِ]

- ‌[رَدَّ النُّصُوص الْمُحْكَمَةَ فِي قُدْرَةِ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ]

- ‌[رَدَّ النُّصُوصَ الْمَحْكَمَةَ فِي إثْبَاتِ كَوْنِ الْعَبْدِ قَادِرًا مُخْتَارًا فَاعِلًا بِمَشِيئَتِهِ]

- ‌[رَدَّ النُّصُوصَ الْمُحْكَمَةَ فِي ثُبُوتِ الشَّفَاعَةِ لِلْعُصَاةِ وَخُرُوجِهِمْ مِنْ النَّارِ]

- ‌[رَدَّ النُّصُوصَ الْمُحْكَمَةَ فِي رُؤْيَةِ الْمُؤْمِنِينَ رَبَّهُمْ فِي عَرَصَاتِ الْقِيَامَةِ وَفِي الْجَنَّةِ]

- ‌[رَدَّ النُّصُوصِ الصَّرِيحَةِ الَّتِي تَفُوتُ الْعَدَدَ عَلَى ثُبُوتِ الْأَفْعَالِ الِاخْتِيَارِيَّةِ لِلرَّبِّ سُبْحَانَهُ وَقِيَامِهَا بِهِ]

- ‌[رَدُّ النُّصُوصِ الْمُحْكَمَةِ عَلَى أَنَّ الرَّبَّ سُبْحَانَهُ إنَّمَا يَفْعَلُ مَا يَفْعَلُهُ لِحِكْمَةٍ وَغَايَةٍ مَحْمُودَةٍ]

- ‌[رَدُّ النُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى ثُبُوتِ الْأَسْبَابِ]

- ‌[رَدُّ النُّصُوصَ الْمُحْكَمَةَ الَّتِي تَفُوتُ الْعَدَّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ تَكَلَّمَ وَيَتَكَلَّمُ]

- ‌[رَدُّ مُحْكَمَ قَوْلِهِ أَلَّا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ]

- ‌[رَدُّ النُّصُوصَ الْمُتَنَوِّعَةَ الْمُحْكَمَةَ عَلَى عُلُوِّ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ وَكَوْنِهِ فَوْقَ عِبَادِهِ]

- ‌[رَدُّ النُّصُوصِ فِي مَدْحِ الصَّحَابَةِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ]

- ‌[رَدُّ الْمُحْكَمِ مِنْ النُّصُوصِ فِي وُجُوبِ الطُّمَأْنِينَةِ وَتَوَقُّفِ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ وَصِحَّتِهَا عَلَيْهِ]

- ‌[رَدُّ الْمُحْكَمِ الصَّرِيحِ فِي النُّصُوص مِنْ تَعْيِينِ التَّكْبِيرِ لِلدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[رَدُّ النُّصُوصِ الْمُحْكَمَةِ فِي تَعْيِينِ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[رَدُّ الْمُحْكَمِ الصَّرِيحِ مِنْ تَوَقُّفِ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى التَّسْلِيمِ]

- ‌[زِيَادَةُ السُّنَّةِ عَلَى الْقُرْآنِ]

- ‌[السُّنَّةُ مَعَ الْقُرْآنِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ]

- ‌[أَنْوَاعُ دَلَالَةِ السُّنَّةِ الزَّائِدَةِ عَنْ الْقُرْآنِ]

- ‌[بَيَانُ الرَّسُولِ عَلَى أَنْوَاعٍ]

- ‌[تَخْصِيصُ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ]

- ‌[رَدُّ الْمُحْكَمِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَرَّاةِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي الْعَرَايَا]

- ‌[رَدُّ حَدِيثِ الْقَسَامَةِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الْمُحْكَمَةِ فِي النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ]

- ‌[رَدُّ الْمُحْكَمِ مِنْ السُّنَّةِ بِالْإِقْرَاعِ بَيْنَ الْأَعْبُدِ السِّتَّةِ الْمُوصَى بِعِتْقِهِمْ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الْمَحْكَمَةِ فِي تَحْرِيمِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الْمُحْكَمَةِ فِي الْقَضَاءِ بِالْقَافَةِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ فِي دَفْعِ اللُّقَطَةِ إلَى مَنْ وَصَفَ عِفَاصَهَا وَوِعَاءَهَا وَوِكَاءَهَا]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ الْمُحْكَمَةِ فِي صَلَاةِ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهَا جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الْمُحْكَمَةِ فِي اشْتِرَاطِ الْبَائِعِ مَنْفَعَةَ الْمَبِيعِ مُدَّةً مَعْلُومَةً]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي تَخْيِيرِ الْوَلَدَ بَيْنَ أَبَوَيْهِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ فِي رَجْمِ الزَّانِيَيْنِ الْكِتَابِيَّيْنِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي وُجُوبِ الْوَفَاءِ بِالشُّرُوطِ فِي النِّكَاحِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي دَفْعِ الْأَرْضِ بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ مُزَارَعَةً]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي صَيْدُ الْمَدِينَةِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي تَقْدِيرِ نِصَابِ الْمُعَشَّرَاتِ]

- ‌[رَدُّ السَّنَةِ الصَّحِيحَةِ فِي جَوَازِ النِّكَاحِ بِمَا قَلَّ مِنْ الْمَهْرِ]

- ‌[رَدُّ السَّنَةِ الصَّحِيحَةِ فِيمَنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أُخْتَانِ]

- ‌[رَدُّ السَّنَةِ الصَّحِيحَةِ فِي التَّفْرِيقُ بَيْنَ الَّذِي يُسْلِمُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ]

- ‌[رَدُّ السَّنَةِ الصَّحِيحَةِ بِأَنَّ ذَكَاةَ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ]

- ‌[رَدُّ السَّنَةِ الصَّحِيحَةِ فِي إشْعَارِ الْهَدْيِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي مَنْ اطَّلَعَ عَلَى قَوْمٍ فَأَتْلَفُوا عَيْنَهُ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي وَضْعِ الْجَوَائِحِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي الْإِعَادَةِ عَلَى مَنْ صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي الْأَذَانِ لِلْفَجْرِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي الْجُلُوسِ عَلَى فِرَاشِ الْحَرِيرِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي خَرْصِ الثِّمَارِ فِي الزَّكَاةِ وَالْعَرَايَا وَغَيْرِهَا إذَا بَدَا صَلَاحُهَا]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي صِفَةِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي الْجَهْرِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالنَّضْحِ فِي بَوْلِ الْغُلَامِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي الْوِتْرِ بِوَاحِدَةٍ مَفْصُولَةٍ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي التَّنَفُّلُ إذَا أُقِيمَتْ صَلَاةُ الْفَرْضِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي صَلَاةِ النِّسَاءِ جَمَاعَةً]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي التَّسْلِيمُ مِنْ الصَّلَاةِ مَرَّةً أَوَمَرَّتَيْنِ]

- ‌[عَمَل أَهْل الْمَدِينَة]

- ‌[أَنْوَاعُ السُّنَنِ]

- ‌[فَصَلِّ الْعَمَلُ الَّذِي طَرِيقُهُ الِاجْتِهَادُ وَالِاسْتِدْلَالُ]

- ‌[تَرْكُ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي الْجَهْرِ بِآمِينَ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[تُرِكَ الْقَوْلُ بِالسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي الصَّلَاةِ الْوُسْطَى]

- ‌[تَرْكُ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ]

- ‌[رد السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي إشَارَةِ الْمُصَلِّي فِي التَّشَهُّدِ بِأُصْبُعِهِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَة فِي شَعْرِ الْمَرْأَةِ الْمَيِّتَةِ]

- ‌[تَرْكُ السُّنَّةِ الصَّحِيحَة فِي وَضْعُ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الْمُحْكَمَةِ فِي تَعْجِيلِ الْفَجْرِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي تَخْلِيلِ الْخَمْرِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي تَسْبِيحِ الْمُصَلِّي إذَا نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ فِي سَجَدَاتِ الْمُفَصَّلِ وَسَجْدَةِ الْحَجِّ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي سُجُودِ الشُّكْرِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ بجواز انْتِفَاع الْمُرْتَهِنِ بِالْمَرْهُونِ]

- ‌[الْعُرْفُ يَجْرِي مَجْرَى النُّطْقِ]

الفصل: ‌[فصل حكمة قطع يد السارق دون لسان القاذف]

وَإِذَا تَأَمَّلَ الْعَاقِلُ مِقْدَارَ مَا أَوْجَبَهُ الشَّارِعُ فِي الزَّكَاةِ وَجَدَهُ مِمَّا لَا يَضُرُّ الْمُخْرِجَ فَقْدُهُ، وَيَنْفَعُ الْفَقِيرَ أَخْذُهُ، وَرَآهُ قَدْ رَاعَى فِي حَالِ صَاحِبِ الْمَالِ وَجَانِبِهِ حَقَّ الرِّعَايَةِ، وَنَفَعَ الْآخِذَ بِهِ، وَقَصَدَ إلَى كُلِّ جِنْسٍ مِنْ أَجْنَاسِ الْأَمْوَالِ فَأَوْجَبَ الزَّكَاةَ فِي أَعْلَاهُ وَأَشْرَفِهِ؛ فَأَوْجَبَ زَكَاةَ الْعَيْنِ فِي الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ دُونَ الْحَدِيدِ وَالرَّصَاصِ وَالنُّحَاسِ وَنَحْوِهَا، وَأَوْجَبَ زَكَاةَ السَّائِمَةِ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ دُونَ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ دُونَ مَا يَقِلُّ اقْتِنَاؤُهُ كَالصَّيُودِ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا وَدُونَ الطَّيْرِ كُلِّهِ، وَأَوْجَبَ زَكَاةَ الْخَارِجِ مِنْ الْأَرْضِ فِي أَشْرَفَهُ وَهُوَ الْحُبُوبُ وَالثِّمَارُ دُونَ الْبُقُولِ وَالْفَوَاكِهِ وَالْمَقَاثِي وَالْمَبَاطِخِ وَالْأَنْوَارِ.

وَغَيْرُ خَافٍ تَمَيُّزُ مَا أَوْجَبَ فِيهِ الزَّكَاةَ عَمَّا لَمْ يُوجِبْهَا فِي جِنْسِهِ وَوَصْفِهِ وَنَفْعِهِ وَشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ وَكَثْرَةِ وُجُودِهِ، وَأَنَّهُ جَارٍ مَجْرَى الْأَمْوَالِ لِمَا عَدَاهُ مِنْ أَجْنَاسِ الْأَمْوَالِ، بِحَيْثُ لَوْ فُقِدَ لَأَضَرَّ فَقْدُهُ بِالنَّاسِ، وَتَعَطَّلَ عَلَيْهِمْ كَثِيرٌ مِنْ مَصَالِحِهِمْ، بِخِلَافِ مَا لَمْ يُوجِبْ فِيهِ الزَّكَاةَ فَإِنَّهُ جَارٍ مَجْرَى الْفَضَلَاتِ وَالتَّتِمَّاتِ الَّتِي لَوْ فُقِدَتْ لَمْ يَعْظُمْ الضَّرَرُ بِفَقْدِهَا، وَكَذَلِكَ رَاعَى فِي الْمُسْتَحَقِّينَ لَهَا أَمْرَيْنِ مُهِمَّيْنِ:

أَحَدَهُمَا: حَاجَةُ الْأَخْذِ.

وَالثَّانِي: نَفْعُهُ؛ فَجَعَلَ الْمُسْتَحَقِّينَ لَهَا نَوْعَيْنِ: نَوْعًا يَأْخُذُ لِحَاجَتِهِ، وَنَوْعًا يَأْخُذُ لِنَفْعِهِ، وَحَرَّمَهَا عَلَى مَنْ عَدَاهُمَا.

[فَصَلِّ حِكْمَةُ قَطْعِ يَدِ السَّارِقِ دُونَ لِسَانِ الْقَاذِفِ]

ِ مَثَلًا]

وَأَمَّا قَوْلُهُ: " وَقَطَعَ يَدَ السَّارِقِ الَّتِي بَاشَرَ بِهَا الْجِنَايَةَ، وَلَمْ يَقْطَعْ فَرْجَ الزَّانِي وَقَدْ بَاشَرَ بِهِ الْجِنَايَةَ، وَلَا لِسَانَ الْقَاذِفِ وَقَدْ بَاشَرَ بِهِ الْقَذْفَ " فَجَوَابُهُ أَنَّ هَذَا مِنْ أَدَلِّ الدَّلَائِلِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الشَّرِيعَةَ مُنَزَّلَةٌ مِنْ عِنْدِ أَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ وَأَرْحَمِ الرَّاحِمِينَ.

وَنَحْنُ نَذْكُرُ فَصْلًا نَافِعًا فِي الْحُدُودِ وَمَقَادِيرِهَا، وَكَمَالِ رُتَبِهَا عَلَى أَسْبَابِهَا، وَاقْتِضَاءِ كُلِّ جِنَايَةٍ لِمَا رُتِّبَ عَلَيْهَا دُونَ غَيْرِهَا، وَأَنَّهُ لَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ لِلْعُقُولِ اقْتِرَاحٌ، وَنُورِدُ أَسْئِلَةً لَمْ يُورِدْهَا هَذَا السَّائِلُ، وَنَنْفَصِلُ عَنْهَا بِحَوْلِ اللَّهِ وَقُوَّتِهِ أَحْسَنَ انْفِصَالٍ، وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ.

إنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ لَمَّا خَلَقَ الْعِبَادَ وَخَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ وَجَعَلَ مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِيَبْلُوَ عِبَادَهُ وَيَخْتَبِرَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا لَمْ يَكُنْ فِي حِكْمَتِهِ بُدٌّ مِنْ تَهْيِئَةِ أَسْبَابِ الِابْتِلَاءِ فِي أَنْفُسِهِمْ وَخَارِجًا عَنْهَا، فَجَعَلَ فِي أَنْفُسِهِمْ الْعُقُولَ الصَّحِيحَةَ وَالْأَسْمَاعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْإِرَادَةَ وَالشَّهَوَاتِ وَالْقُوَى وَالطَّبَائِعَ وَالْحُبَّ وَالْبُغْضَ وَالْمَيْلَ وَالنُّفُورَ وَالْأَخْلَاقَ

ص: 71

الْمُتَضَادَّةَ الْمُقْتَضِيَةَ لِآثَارِهَا اقْتِضَاءَ السَّبَبِ لِمُسَبِّبِهِ وَاَلَّتِي فِي الْخَارِجِ الْأَسْبَابُ الَّتِي تَطْلُبُ النُّفُوسُ حُصُولَهَا فَتُنَافِسُ فِيهِ، وَتَكْرَهُ حُصُولَهُ فَتَدْفَعُهُ عَنْهَا، ثُمَّ أَكَّدَ أَسْبَابَ هَذَا الِابْتِلَاءِ بِأَنْ وَكَّلَ بِهَا قُرَنَاءَ مِنْ الْأَرْوَاحِ الشِّرِّيرَةِ الظَّالِمَةِ الْخَبِيثَةِ وَقُرَنَاءَ مِنْ الْأَرْوَاحِ الْخَيِّرَةِ الْعَادِلَةِ الطَّيِّبَةِ، وَجَعَلَ دَوَاعِيَ الْقَلْبِ وَمُيُولَهُ مُتَرَدِّدَةً بَيْنَهُمَا؛ فَهُوَ إلَى دَاعِي الْخَيْرِ مَرَّةً وَإِلَى دَاعِي الشَّرِّ مَرَّةً، لِيَتِمَّ الِابْتِلَاءُ فِي دَارِ الِامْتِحَانِ، وَتَظْهَرَ حِكْمَةُ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ فِي دَارِ الْجَزَاءِ، وَكِلَاهُمَا مِنْ الْحَقِّ الَّذِي خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِهِ وَمِنْ أَجْلِهِ، وَهُمَا مُقْتَضَى مُلْكِ الرَّبِّ وَحَمْدِهِ؛ فَلَا بُدَّ أَنْ يَظْهَرَ مُلْكُهُ وَحَمْدُهُ فِيهِمَا كَمَا ظَهَرَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا، وَأَوْجَبَ ذَلِكَ فِي حِكْمَتِهِ وَرَحْمَتِهِ وَعَدْلِهِ بِحُكْمِ إيجَابِهِ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ أَرْسَلَ رُسُلَهُ وَأَنْزَلَ كُتُبَهُ وَشَرَعَ شَرَائِعَهُ لِيُتِمَّ مَا اقْتَضَتْهُ حِكْمَتُهُ فِي خَلْقِهِ وَأَمْرِهِ، وَأَقَامَ سُوقَ الْجِهَادِ لِمَا حَصَلَ مِنْ الْمُعَادَاةِ وَالْمُنَافَرَةِ بَيْنَ هَذِهِ الْأَخْلَاقِ وَالْأَعْمَالِ وَالْإِرَادَاتِ كَمَا حَصَلَ بَيْنَ مَنْ قَامَتْ بِهِ.

فَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ حُصُولِ مُقْتَضَى الطِّبَاعِ الْبَشَرِيَّةِ وَمَا قَارَنَهَا مِنْ الْأَسْبَابِ مِنْ التَّنَافُسِ وَالتَّحَاسُدِ وَالِانْقِيَادِ لِدَوَاعِي الشَّهْوَةِ وَالْغَضَبِ وَتَعَدِّي مَا حُدَّ لَهُ وَالتَّقْصِيرُ عَنْ كَثِيرٍ مِمَّا تُعُبِّدَ بِهِ، وَسَهَّلَ ذَلِكَ عَلَيْهَا اغْتِرَارُهَا بِمَوَارِدِ الْمَعْصِيَةِ مَعَ الْإِعْرَاضِ مِنْ مَصَادِرِهَا، وَإِيثَارِهَا مَا تَتَعَجَّلُهُ مِنْ يَسِيرِ اللَّذَّةِ فِي دُنْيَاهَا عَلَى مَا تَتَأَجَّلُهُ مِنْ عَظِيمِ اللَّذَّةِ فِي أُخْرَاهَا، وَنُزُولِهَا عَلَى الْحَاضِرِ الْمُشَاهَدِ، وَتَجَافِيهَا عَنْ الْغَائِبِ الْمَوْعُودِ وَذَلِكَ مُوجِبُ مَا جُبِلَتْ عَلَيْهِ مِنْ جَهْلِهَا وَظُلْمِهَا؛ فَاقْتَضَتْ أَسْمَاءُ الرَّبِّ الْحُسْنَى وَصِفَاتُهُ الْعُلْيَا وَحِكْمَتُهُ الْبَالِغَةُ وَنِعْمَتُهُ السَّابِغَةُ وَرَحْمَتُهُ الشَّامِلَةُ وَجُودُهُ الْوَاسِعُ أَنْ لَا يَضْرِبَ عَنْ عِبَادِهِ الذِّكْرَ صَفْحًا، وَأَنْ لَا يَتْرُكَهُمْ سُدًى، وَلَا يُخَلِّيَهُمْ وَدَوَاعِيَ أَنْفُسِهِمْ وَطَبَائِعِهِمْ، بَلْ رَكَّبَ فِي فِطَرِهِمْ وَعُقُولِهِمْ مَعْرِفَةَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَالنَّافِعِ وَالضَّارِّ وَالْأَلَمِ وَاللَّذَّةِ وَمَعْرِفَةِ أَسْبَابِهَا، وَلَمْ يَكْتَفِ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ حَتَّى عَرَّفَهُمْ بِهِ مُفَصَّلًا عَلَى أَلْسِنَةِ رُسُلِهِ، وَقَطَعَ مَعَاذِيرَهُمْ بِأَنْ أَقَامَ عَلَى صِدْقِهِمْ مِنْ الْأَدِلَّةِ وَالْبَرَاهِينِ مَا لَا يَبْقَى مَعَهُ لَهُمْ عَلَيْهِ حُجَّةٌ، لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ، وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ، وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ، وَصَرَفَ لَهُمْ طُرُقَ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ وَالتَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ، وَضَرَبَ لَهُمْ الْأَمْثَالَ وَأَزَالَ عَنْهُمْ كُلَّ إشْكَالٍ، وَمَكَّنَهُمْ مِنْ الْقِيَامِ بِمَا أَمَرَهُمْ بِهِ وَتَرْكِ مَا نَهَاهُمْ عَنْهُ غَايَةَ التَّمْكِينِ، وَأَعَانَهُمْ عَلَيْهِ بِكُلِّ سَبَبٍ، وَسَلَّطَهُمْ عَلَى قَهْرِ طِبَاعِهِمْ بِمَا يَجُرُّهُمْ إلَى إيثَارِ الْعَوَاقِبِ عَلَى الْمُبَادِي وَرَفْضِ الْيَسِيرِ الْفَانِي مِنْ اللَّذَّةِ إلَى الْعَظِيمِ الْبَاقِي مِنْهَا، وَأَرْشَدَهُمْ إلَى التَّفْكِيرِ وَالتَّدَبُّرِ وَإِيثَارِ مَا تَقْضِي بِهِ عُقُولُهُمْ وَأَخْلَاقُهُمْ مِنْ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ، وَأَكْمَلَ لَهُمْ دِينَهُمْ، وَأَتَمَّ عَلَيْهِمْ نِعْمَتَهُ بِمَا أَوْصَلَهُ إلَيْهِمْ عَلَى أَلْسِنَةِ رُسُلِهِ مِنْ أَسْبَابِ الْعُقُوبَةِ وَالْمَثُوبَةِ وَالْبِشَارَةِ وَالنِّذَارَةِ وَالرَّغْبَةِ وَالرَّهْبَةِ، وَتَحْقِيقِ ذَلِكَ بِالتَّعْجِيلِ لِبَعْضِهِ فِي دَارِ الْمِحْنَةِ لِيَكُونَ عَلَمًا وَإِمَارَةً لِتَحْقِيقِ مَا أَخَّرَهُ عَنْهُمْ فِي دَارِ الْجَزَاءِ

ص: 72

وَالْمَثُوبَةِ، وَيَكُونُ الْعَاجِلُ مُذَكِّرًا بِالْآجِلِ، وَالْقَلِيلُ الْمُنْقَطِعُ بِالْكَثِيرِ الْمُتَّصِلِ، وَالْحَاضِرُ الْفَائِتُ مُؤْذِنًا بِالْغَائِبِ الدَّائِمِ، فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَأَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ وَأَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، وَسُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَظُنُّهُ بِهِ مَنْ لَمْ يُقَدِّرْهُ مِمَّنْ أَنْكَرَ أَسْمَاءَهُ وَصِفَاتِهِ وَأَمْرَهُ وَنَهْيَهُ وَوَعْدَهُ وَوَعِيدَهُ، وَظَنَّ بِهِ ظَنَّ السَّوْءِ فَأَرْدَاهُ ظَنُّهُ فَأَصْبَحَ مِنْ الْخَاسِرِينَ.

[مِنْ حِكْمَةِ اللَّهِ شَرْعُ الْحُدُودِ]

فَكَانَ مِنْ بَعْضِ حِكْمَتِهِ سُبْحَانَهُ وَرَحْمَتِهِ أَنْ شَرَعَ الْعُقُوبَاتِ فِي الْجِنَايَاتِ الْوَاقِعَةِ بَيْنَ النَّاسِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، فِي الرُّءُوسِ وَالْأَبْدَانِ وَالْأَعْرَاضِ وَالْأَمْوَالِ، كَالْقَتْلِ وَالْجِرَاحِ وَالْقَذْفِ وَالسَّرِقَةِ؛ فَأَحْكَمَ سُبْحَانَهُ وُجُوهَ الزَّجْرِ الرَّادِعَةَ عَنْ هَذِهِ الْجِنَايَاتِ غَايَةَ الْإِحْكَامِ، وَشَرَعَهَا عَلَى أَكْمَلِ الْوُجُوهِ الْمُتَضَمِّنَةِ لِمَصْلَحَةِ الرَّدْعِ وَالزَّجْرِ، مَعَ عَدَمِ الْمُجَاوَزَةِ لِمَا يَسْتَحِقُّهُ الْجَانِي مِنْ الرَّدْعِ؛ فَلَمْ يَشْرَعْ فِي الْكَذِبِ قَطْعَ اللِّسَانِ وَلَا الْقَتْلَ، وَلَا فِي الزِّنَا الْخِصَاءَ، وَلَا فِي السَّرِقَةِ إعْدَامَ النَّفْسِ.

وَإِنَّمَا شَرَعَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ مَا هُوَ مُوجِبُ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ مِنْ حِكْمَتِهِ وَرَحْمَتِهِ وَلُطْفِهِ وَإِحْسَانِهِ وَعَدْلِهِ لِتَزُولَ النَّوَائِبُ، وَتَنْقَطِعَ الْأَطْمَاعُ عَنْ التَّظَالُمِ وَالْعُدْوَانِ، وَيَقْتَنِعَ كُلُّ إنْسَانٍ بِمَا آتَاهُ مَالِكُهُ وَخَالِقُهُ؛ فَلَا يَطْمَعُ فِي اسْتِلَابِ غَيْرِهِ حَقَّهُ.

[تَفَاوَتَتْ الْجِنَايَاتُ فَتَفَاوَتَتْ الْعُقُوبَاتُ]

وَمَعْلُومٌ أَنَّ لِهَذِهِ الْجِنَايَاتِ الْأَرْبَعِ مَرَاتِبَ مُتَبَايِنَةً فِي الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ، وَدَرَجَاتٍ مُتَفَاوِتَةٍ فِي شِدَّةِ الضَّرَرِ وَخِفَّتِهِ، كَتَفَاوُتِ سَائِرِ الْمَعَاصِي فِي الْكِبَرِ وَالصِّغَرِ وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ.

وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ النَّظْرَةَ الْمُحَرَّمَةَ لَا يَصْلُحُ إلْحَاقُهَا فِي الْعُقُوبَةِ بِعُقُوبَةِ مُرْتَكِبِ الْفَاحِشَةِ، وَلَا الْخَدْشَةِ بِالْعُودِ بِالضَّرْبَةِ بِالسَّيْفِ، وَلَا الشَّتْمِ الْخَفِيفِ بِالْقَذْفِ بِالزِّنَا وَالْقَدَحِ فِي الْأَنْسَابِ؛ وَلَا سَرِقَةِ اللُّقْمَةِ وَالْفَلْسِ بِسَرِقَةِ الْمَالِ الْخَطِيرِ الْعَظِيمِ، فَلَمَّا تَفَاوَتَتْ مَرَاتِبُ الْجِنَايَاتِ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ تَفَاوُتِ مَرَاتِبِ الْعُقُوبَاتِ، وَكَانَ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ النَّاسَ لَوْ وُكِّلُوا إلَى عُقُولِهِمْ فِي مَعْرِفَةِ ذَلِكَ وَتَرْتِيبِ كُلِّ عُقُوبَةٍ عَلَى مَا يُنَاسِبُهَا مِنْ الْجِنَايَةِ جِنْسًا وَوَصْفًا وَقَدْرًا لَذَهَبَتْ بِهِمْ الْآرَاءُ كُلَّ مَذْهَبٍ، وَتَشَعَّبَتْ بِهِمْ الطُّرُقُ كُلَّ مُشَعَّبٍ، وَلَعَظُمَ الِاخْتِلَافُ وَاشْتَدَّ الْخَطْبُ، فَكَفَاهُمْ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ وَأَحْكُمُ الْحَاكِمِينَ مُؤْنَةَ ذَلِكَ، وَأَزَالَ عَنْهُمْ كُلْفَتَهُ، وَتَوَلَّى بِحِكْمَتِهِ وَعِلْمِهِ وَرَحْمَتِهِ تَقْدِيرَهُ نَوْعًا وَقَدْرًا، وَرَتَّبَ عَلَى كُلِّ جِنَايَةٍ مَا يُنَاسِبُهَا مِنْ الْعُقُوبَةِ وَيَلِيقُ بِهَا مِنْ النَّكَالِ، ثُمَّ بَلَغَ مِنْ سَعَةِ رَحْمَتِهِ وَجُودِهِ أَنْ جَعَلَ تِلْكَ الْعُقُوبَاتِ كَفَّارَاتٍ لِأَهْلِهَا، وَطُهْرَةً تُزِيلُ عَنْهُمْ الْمُؤَاخَذَةَ بِالْجِنَايَاتِ إذَا قَدِمُوا عَلَيْهِ، وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ مِنْهُمْ بَعْدَهَا التَّوْبَةُ النَّصُوحُ وَالْإِنَابَةُ؛ فَرَحِمَهُمْ بِهَذِهِ الْعُقُوبَاتِ أَنْوَاعًا مِنْ الرَّحْمَةِ فِي الدُّنْيَا

ص: 73

وَالْآخِرَةِ، وَجَعَلَ هَذِهِ الْعُقُوبَاتِ دَائِرَةً عَلَى سِتَّةِ أُصُولٍ: قَتْلٍ، وَقَطْعٍ، وَجَلْدٍ، وَنَفْيٍ، وَتَغْرِيمِ مَالٍ، وَتَعْزِيرٍ.

[الْقَتْلُ وَمُوجِبُهُ]

فَأَمَّا الْقَتْلُ فَجَعَلَهُ عُقُوبَةَ أَعْظَمِ الْجِنَايَاتِ، كَالْجِنَايَةِ عَلَى الْأَنْفُسِ؛ فَكَانَتْ عُقُوبَتُهُ مِنْ جِنْسِهِ، وَكَالْجِنَايَةِ عَلَى الدِّينِ بِالطَّعْنِ فِيهِ وَالِارْتِدَادِ عَنْهُ، وَهَذِهِ الْجِنَايَةُ أَوْلَى بِالْقَتْلِ وَكَفِّ عُدْوَانِ الْجَانِي عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ عُقُوبَةٍ؛ إذْ بَقَاؤُهُ بَيْنَ أَظْهُرِ عِبَادِهِ مَفْسَدَةٌ لَهُمْ، وَلَا خَيْرَ يُرْجَى فِي بَقَائِهِ وَلَا مَصْلَحَةَ؛ فَإِذَا حَبَسَ شَرَّهُ وَأَمْسَكَ لِسَانَهُ وَكَفَّ أَذَاهُ وَالْتَزَمَ الذُّلَّ وَالصَّغَارَ وَجَرَيَانَ أَحْكَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ عَلَيْهِ وَأَدَاءَ الْجِزْيَةِ لَمْ يَكُنْ فِي بَقَائِهِ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُسْلِمِينَ ضَرَرٌ عَلَيْهِمْ، وَالدُّنْيَا بَلَاغٌ وَمَتَاعٌ إلَى حِينٍ، وَجَعَلَهُ أَيْضًا عُقُوبَةَ الْجِنَايَةِ عَلَى الْفُرُوجِ الْمُحَرَّمَةِ؛ لِمَا فِيهَا مِنْ الْمَفَاسِدِ الْعَظِيمَةِ وَاخْتِلَاطِ الْأَنْسَابِ وَالْفَسَادِ الْعَامِّ.

[الْقَطْعُ وَمُوجِبُهُ]

وَأَمَّا الْقَطْعُ فَجَعَلَهُ عُقُوبَةَ مِثْلِهِ عَدْلًا، وَعُقُوبَةَ السَّارِقِ؛ فَكَانَتْ عُقُوبَتُهُ بِهِ أَبْلَغَ وَأَرْدَعَ مِنْ عُقُوبَتِهِ بِالْجَلْدِ، وَلَمْ تَبْلُغْ جِنَايَتُهُ حَدَّ الْعُقُوبَةِ بِالْقَتْلِ؛ فَكَانَ أَلْيَقَ الْعُقُوبَاتِ بِهِ إبَانَةَ الْعُضْوِ الَّذِي جَعَلَهُ وَسِيلَةً إلَى أَذَى النَّاسِ، وَأَخْذِ أَمْوَالِهِمْ، وَلَمَّا كَانَ ضَرَرُ الْمُحَارِبِ أَشَدَّ مِنْ ضَرَرِ السَّارِقِ وَعُدْوَانُهُ أَعْظَمَ؛ ضَمَّ إلَى قَطْعِ يَدِهِ قَطْعَ رِجْلِهِ؛ لِيَكُفَّ عُدْوَانَهُ، وَشَرَّ يَدِهِ الَّتِي بَطَشَ بِهَا، وَرِجْلِهِ الَّتِي سَعَى بِهَا، وَشَرَعَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ خِلَافٍ لِئَلَّا يُفَوِّتَ عَلَيْهِ مَنْفَعَةَ الشِّقِّ بِكَمَالِهِ، فَكَفَّ ضَرَرَهُ وَعُدْوَانَهُ، وَرَحِمَهُ بِأَنْ أَبْقَى لَهُ يَدًا مِنْ شِقٍّ وَرِجْلًا مِنْ شِقٍّ.

[الْجَلْدُ وَمُوجِبُهُ]

وَأَمَّا الْجَلْدُ فَجَعَلَهُ عُقُوبَةَ الْجِنَايَةِ عَلَى الْأَعْرَاضِ، وَعَلَى الْعُقُولِ، وَعَلَى الْأَبْضَاعِ، وَلَمْ تَبْلُغْ هَذِهِ الْجِنَايَاتُ مَبْلَغًا يُوجِبُ الْقَتْلَ وَلَا إبَانَةَ طَرْفٍ، إلَّا الْجِنَايَةُ عَلَى الْأَبْضَاعِ فَإِنَّ مَفْسَدَتَهَا قَدْ انْتَهَضَتْ سَبَبًا لِأَشْنَعِ الْقِتْلَاتِ، وَلَكِنْ عَارَضَهَا فِي الْبِكْرِ شِدَّةُ الدَّاعِي وَعَدَمُ الْمُعَوِّضِ، فَانْتَهَضَ ذَلِكَ الْمُعَارِضُ سَبَبًا لِإِسْقَاطِ الْقَتْلِ، وَلَمْ يَكُنْ الْجَلْدُ وَحْدَهُ كَافِيًا فِي الزَّجْرِ فَغَلَّظَ بِالنَّفْيِ وَالتَّغْرِيبِ؛ لِيَذُوقَ مِنْ أَلَمِ الْغُرْبَةِ وَمُفَارَقَةِ الْوَطَنِ وَمُجَانَبَةِ الْأَهْلِ وَالْخُلَطَاءِ مَا يَزْجُرُهُ عَنْ الْمُعَاوَدَةِ؛ وَأَمَّا الْجِنَايَةُ عَلَى الْعُقُولِ بِالسُّكْرِ فَكَانَتْ مَفْسَدَتُهَا لَا تَتَعَدَّى السَّكْرَانَ غَالِبًا وَلِهَذَا لَمْ يُحَرَّمْ السُّكْرُ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ كَمَا حُرِّمَتْ الْفَوَاحِشُ وَالظُّلْمُ وَالْعُدْوَانُ فِي كُلِّ مِلَّةٍ وَعَلَى لِسَانِ كُلِّ نَبِيٍّ، وَكَانَتْ عُقُوبَةُ هَذِهِ الْجِنَايَةِ غَيْرَ مُقَدَّرَةٍ مِنْ الشَّارِعِ، بَلْ ضَرَبَ فِيهَا بِالْأَيْدِي وَالنِّعَالِ وَأَطْرَافِ الثِّيَابِ وَالْجَرِيدِ، وَضَرَبَ فِيهَا أَرْبَعِينَ، فَلَمَّا اسْتَخَفَّ النَّاسُ بِأَمْرِهَا

ص: 74

وَتَتَابَعُوا فِي ارْتِكَابِهَا غَلَّظَهَا الْخَلِيفَةُ الرَّاشِدُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه الَّذِي أُمِرْنَا بِاتِّبَاعِ سُنَّتِهِ، وَسُنَّتُهُ مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَجَعَلَهَا ثَمَانِينَ بِالسَّوْطِ، وَنَفَى فِيهَا، وَحَلَقَ الرَّأْسَ، وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ فِقْهِ السُّنَّةِ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِقَتْلِ الشَّارِبِ فِي الْمَرَّةِ الرَّابِعَةِ، وَلَمْ يَنْسَخْ ذَلِكَ، وَلَمْ يَجْعَلْهُ حَدًّا لَا بُدَّ مِنْهُ؛ فَهُوَ عُقُوبَةٌ تَرْجِعُ إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ فِي الْمَصْلَحَةِ، فَزِيَادَةُ أَرْبَعِينَ وَالنَّفْيُ وَالْحَلْقُ أَسْهَلُ مِنْ الْقَتْلِ.

فَصْلٌ [تَغْرِيمُ الْمَالِ وَمُوجِبُهُ]

وَأَمَّا تَغْرِيمُ الْمَالِ - وَهُوَ الْعُقُوبَةُ الْمَالِيَّةُ - فَشَرَعَهَا فِي مَوَاضِعَ: مِنْهَا تَحْرِيقُ مَتَاعِ الْغَالِّ مِنْ الْغَنِيمَةِ، وَمِنْهَا حِرْمَانُ سَهْمِهِ، وَمِنْهَا إضْعَافُ الْغُرْمِ عَلَى سَارِقِ الثِّمَارِ الْمُعَلَّقَةِ، وَمِنْهَا إضْعَافُهُ عَلَى كَاتِمِ الضَّالَّةِ الْمُلْتَقَطَةِ، وَمِنْهَا أَخْذُ شَطْرِ مَالِ مَانِعِ الزَّكَاةِ، وَمِنْهَا عَزْمُهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى تَحْرِيقِ دُورِ مَنْ لَا يُصَلِّي فِي الْجَمَاعَةِ لَوْلَا مَا مَنَعَهُ مِنْ إنْفَاذِهِ مَا عَزَمَ عَلَيْهِ مِنْ كَوْنِ الذُّرِّيَّةِ وَالنِّسَاءِ فِيهَا فَتَتَعَدَّى الْعُقُوبَةُ إلَى غَيْرِ الْجَانِي، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ كَمَا لَا يَجُوزُ عُقُوبَةُ الْحَامِلِ، وَمِنْهَا عُقُوبَةُ مَنْ أَسَاءَ عَلَى الْأَمِيرِ فِي الْغَزْوِ بِحِرْمَانِ سَلَبِ الْقَتِيلِ لِمَنْ قَتَلَهُ، حَيْثُ شَفَعَ فِيهِ هَذَا الْمُسِيءُ، وَأَمَرَ الْأَمِيرُ بِإِعْطَائِهِ، فَحُرِمَ الْمَشْفُوعُ لَهُ عُقُوبَةً لِلشَّافِعِ الْآمِرِ.

[التَّغْرِيمُ نَوْعَانِ مَضْبُوطٌ، وَغَيْرُ مَضْبُوطٍ]

وَهَذَا الْجِنْسُ مِنْ الْعُقُوبَاتِ نَوْعَانِ: نَوْعٌ مَضْبُوطٌ، وَنَوْعٌ غَيْرُ مَضْبُوطٍ؛ فَالْمَضْبُوطُ مَا قَابَلَ الْمُتْلَفَ إمَّا لِحَقِّ اللَّهِ سُبْحَانَهُ كَإِتْلَافِ الصَّيْدِ فِي الْإِحْرَامِ أَوْ لِحَقِّ الْآدَمِيِّ كَإِتْلَافِ مَالِهِ، وَقَدْ نَبَّهَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَى أَنَّ تَضْمِينَ الصَّيْدِ مُتَضَمِّنٌ لِلْعُقُوبَةِ بِقَوْلِهِ:{لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ} [المائدة: 95] وَمِنْهُ مُقَابَلَةُ الْجَانِي بِنَقِيضِ قَصْدِهِ مِنْ الْحِرْمَانِ، كَعُقُوبَةِ الْقَاتِلِ لِمُوَرِّثِهِ بِحِرْمَانِ مِيرَاثِهِ، وَعُقُوبَةِ الْمُدَبَّرِ إذَا قَتَلَ سَيِّدَهُ بِبُطْلَانِ تَدْبِيرِهِ، وَعُقُوبَةِ الْمُوصَى لَهُ بِبُطْلَانِ وَصِيَّتِهِ، وَمِنْ هَذَا الْبَابِ عُقُوبَةُ الزَّوْجَةِ النَّاشِزَةِ بِسُقُوطِ نَفَقَتِهَا وَكِسْوَتِهَا.

وَأَمَّا النَّوْعُ الثَّانِي غَيْرُ الْمُقَدَّرِ فَهَذَا الَّذِي يَدْخُلُهُ اجْتِهَادُ الْأَئِمَّةِ بِحَسَبِ الْمَصَالِحِ، وَلِذَلِكَ لَمْ تَأْتِ فِيهِ الشَّرِيعَةُ بِأَمْرٍ عَامٍّ، وَقَدْرٍ لَا يُزَادُ فِيهِ وَلَا يُنْقَصُ كَالْحُدُودِ، وَلِهَذَا اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ: هَلْ حُكْمُهُ مَنْسُوخٌ أَوْ ثَابِتٌ؟ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَصَالِحِ، وَيَرْجِعُ فِيهِ إلَى اجْتِهَادِ الْأَئِمَّةِ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ؛ إذْ لَا دَلِيلَ عَلَى النَّسْخِ، وَقَدْ فَعَلَهُ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ الْأَئِمَّةِ.

ص: 75