الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في ليال والى بهن ثلاثا
…
كلما جاء زادني توقيرا
[ق 271/ب] وذكره البخاري في: فصل من مات ما بين الستين إلى السبعين.
2944 - (ع) عبد الله بن زيد بن عمرو ويقال ابن عامر أبو قلابة الجرمي البصري
.
قال ابن حبان في كتاب " الثقات ": حدثني بقصة موته محمد بن المنذر بن سعيد، ثنا يعقوب بن إسحاق بن الجراح، ثنا الفضل بن عيسى، عن بقية ثنا الأوزاعي عن عبد الله بن محمد قال: خرجت إلى ساحل البحر مرابطا وكان رباطنا يومئذ عريش مصر، فلما انتهيت إلى الساحل إذا أنا ببطيحة وفي البطيحة خيمة فيها رجل قد ذهبت يداه ورجلاه وثقل سمعه وبصره وما له من جارحة تنفعه إلا لسانه وهو يقول: اللهم أوزعني أن أحمدك حمدا أكافئ به شكر نعمتك التي أنعمت بها علي وفضلتني على كثير ممن خلقت تفضيلا.
قال عبد الله: قلت: والله لآتين هذا الرجل ولأسألنه أنى له هذا أفهم أم علم أم إلهام ألهم، فأتيته وسلمت عليه وقلت: سمعتك تقول: كذا وكذا فأي نعمة تفضل بها عليك حتى تشكره عليها، قال: وما ترى ما صنع ربي والله لو أرسل السماء علي نارا فأحرقتني وأمر الجبال فدمرتني وأمر البحار فأغرقتني وأمر الأرض فبلعتني لم أزدد لربي إلا شكرا لما أنعم علي من لساني هذا، ولكن يا عبد الله أتيتني فلي إليك حاجة قد تراني على أي حالة أنا لست أقدر لنفسي على ضر ولا نفع، وكان معي بني يتعاهدني في وقت صلاتي فيوضيني وإذا جعت أطعمني، وإذا عطشت سقاني، ولقد فقدته منذ ثلاثة أيام فتحسسه لي رحمك الله، فمضيت في طلب الغلام فوجدته قد افترسه سبع وأكل لحمه فاسترجعت وقلت: بأي وجه آتي الرجل، فخطر على قلبي ذكر أيوب صلى الله عليه وسلم فلما أتيته سلمت عليه فرد وقال: ألست
صاحبي قلت: بلى. فقال: ما فعلت في حاجتي؟ فقلت أنت أكرم على الله أم أيوب صلى الله عليه وسلم؟ فقال: بل أيوب. فقلت: هل تدري ما صنع به ربه عز وجل؟ أليس قد ابتلاه بماله وآله وولده؟ قال: بلى قلت: كيف وجده؟ قال: صابرا شاكرا حامدا. فقال: أوجز رحمك الله. فقلت: إن الغلام وجدته مفترسا فقال: الحمد لله الذي لم يخلق من ذريتي خلقا يعصيه فيعذبه بالنار ثم استرجع وشهق شهقة فمات. فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون رجل مثل هذا إن تركته أكلته السباع وإن قعدت لم أقدر له على ضر ولا نفع فسجيته بشملة كانت عليه وقعدت باكيا، فبينما أنا قاعد إذ هجم علي أربعة رجال فقالوا: يا عبد الله ما قصتك فذكرتها لهم فقالوا: اكشف لنا عن وجهه فلما كشفت وجهه انكب القوم يقبلون عينيه مرة ويديه مرة ويقولون بأي عين طالما غضت عن محارم الله تعالى، وبأي وجه ما كنت ساجدا والناس نيام [فقالوا] من هذا يرحمكم الله قالوا: هذا أبو قلابة الجرمي صاحب ابن عباس، فغسلناه وصلينا عليه ودفناه وانصرف القوم وانصرفت إلى رباطي، فنمت فرأيته في روضة من رياض الجنة وعليه حلتان من حلل الجنة و هو يتلوا:{سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار} ، فقلت: ألست صاحبي؟ قال: بلى. فقلت: أنى لك هذا؟ قال: إن لله تعالى درجات لا تنال إلا بالصبر عند البلاء والشكر عند الرخاء مع خشية الله تعالى في السر والعلانية [ق272/أ].
وفي " تاريخ الأصبهاني الكبير " عن ابن عياش قال: دخل أبو قلابة الجرمي مسجد البصرة فإذا زياد الأعجم ينشد بعجمته فقال: من هذا العلج؟ فقالوا:
زياد فقال زياد: من هذا قال أبو قلابة الجرمي فقام على رأسه وقال:
قم صاغرا يا شيخ جرم فإنما يقال
…
لكهل الصدق قم غير صاغر
فإنك شيخ ميت فمورث
…
قضاعة ميراث السوس وقاشر
قضى الله خلق الناس ثم خلفتم
…
بقية خلق الله آخر آخر
فلم تسمعوا إلا بمن كان قبلكم
…
ولم تدركوا إلا مدق الحوافر
فلو رد أهل الحق ما كان منكم
…
إلى حقه لم تدفنوا في المقابر
قيل لزياد: يا أبا أمامة فأين كانوا يدفنون؟ قال: في الفواوس.
وقال الحازمي: في " مختلف أسماء البلاد ": توفي أبو قلابة بدير آنا بالشام.
ولما ذكره ابن خلفون في " الثقات " قال: كان رجلا صالحا فقيها فاضلا مشهورا وثقه ابن عبد الرحيم وغيره.
وفي " تاريخ البخاري " عن ابن سيرين: هو رجل صالح إن شاء الله تعالى مات [قبل] ابن سيرين، قال لنا سليمان بن حرب: ثنا [سليمان بن حرب كان بالقسطنطينية وهو قاص].
وفي كتاب المنتجيلي: قال أيوب: أوصى أبو قلابة بكتبه إن كنت حيا قال: وإلا أحرقوها.
وفي كتاب " الطبقات ": مرض أبو قلابة فدخل عليه عمر بن عبد العزيز وأبو العالية فقالا: تجلد لئلا يشمت بنا المنافقون، وقال غيلان بن جرير: استأذنت على أبي قلابة فقال: ادخل إن لم تكن حروريا، وكان ينهى عن مجالسة أهل الأهواء.