المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

التقوى (1): هي اتقاء كل ما لا يرضي الله، من - تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن - جـ ١٢

[محمد الأمين الهرري]

الفصل: التقوى (1): هي اتقاء كل ما لا يرضي الله، من

التقوى (1): هي اتقاء كل ما لا يرضي الله، من ترك واجب وفعل محرم، واتقاء مخالفة سنن الله، تعالى، في خلقه، من أسباب الصحة والقوة والنصر والعزة وسيادة الأمة.

أي: أولياء الله تعالى هم الذين جمعوا بين الإيمان الصحيح باللهِ وملائكته وكتبه وملكة التقوى له، عز وجل، وما تقتضيه من عمل. والمراد (2)، بنفي الخوف عنهم: أنهم لا يخافون أبدًا كما يخاف غيرهم؛ لأنهم قد قاموا بما أوجب الله عليهم، وانتهوا عن المعاصي التي نهاهم عنها، فهم على ثقة من أنفسهم وحسن ظن بربهم، وكذلك لا يحزنون على فوت مطلب من المطالب؛ لأنهم يعلمون أن ذلك بقضاء الله تعالى وقدره، فيسلمون للقضاء والقدر، ويريحون قلوبهم عن الهم والكدر، فصدورهم منشرحة، وجوارحهم نشطة، وقلوبهم مسرورة.

‌64

- وقوله: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} تفسير لمعنى، كونهم أولياء الله تعالى؛ أي: لهم البشارة والمسرة من الله تعالى، ما داموا في الحياة الدنيا بالنصر، وحسن العاقبة في كل أمر، وباستخلافهم في الأرض، ما أقاموا شرع الله وسننه، ونصروا دينه وأعلوا كلمته، وبما يوحيه إلى أنبيائه وينزله في كتبه من كون حال المؤمنين عنده، هو إدخالهم الجنة ورضوانه عنهم، كما وقع كثير من البشارات للمؤمنين في القرآن الكريم، وكذلك ما يحصل لهم من الرؤى الصالحة، وما يتفصل الله به عليهم، من إجابة دعائهم، وما يشاهدونه من التبشير لهم عند حضور آجالهم، بتنزل الملائكة عليهم قائلين لهم:{لا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة} .

ولهم البشرى في الآخرة، بتلقي الملائكة لهم مبشرين بالفوز بالنعم، والسلامة من العذاب، كما أشارت إليه الآية الكريمة {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ

(1) المراغي.

(2)

الشوكاني.

ص: 291

{تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32)} .

وعبارة المراح هنا: فالبشرى (1) في الدنيا محبة الناس لهم، وذكرهم إياهم بالثناء الحسي والرؤى الصالحة، وبشرى الملائكة لهم عند الموت، وفي الآخرة تلقي الملائكة إياهم مبشرين بالفوز، والكرامة، وبياض الوجوه وإعطاء الصحف بأيمانهم، وما يقرؤون منها وغير ذلك من البشارات، انتهت.

فصل في الأحاديث المناسبة للآية

عن عبادة بن الصامت، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} قال: "هي الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو ترى له". أخرجه الترمذي.

وله: عن رجل من أهل مصر، قال: سألت أبا الدرداء عن هذه الآية {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} قال: ما سألني عنها أحدٌ منذ سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها، وقال:"ما سألني عنها أحد غيرك منذ أنزلت، هي الرؤيا الصالحة يراها المسلم، أو تُرى له". قال الترمذي: حديث حسن.

وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لم يبق بعدي من النبوة إلا المبشرات"، قالوا: وما المبشرات؟ قال: "الرؤيا الصالحة". أخرجه البخاري.

وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا اقترب الزمان، لم تكد رؤيا المؤمن تكذب، ورؤيا المؤمن جؤء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة". متفق عليه.

وهذا لفظ البخاري، ولمسلم:"إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المسلم تكذب، وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثًا، ورؤيا المسلم جزء من خمسة وأربعين جزءًا من النبوة".

(1) المراح.

ص: 292