المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌سورة هود عليه السلام مكية كلها في قول الحسن وعكرمة وعطاء - تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن - جـ ١٢

[محمد الأمين الهرري]

الفصل: ‌ ‌سورة هود عليه السلام مكية كلها في قول الحسن وعكرمة وعطاء

‌سورة هود

عليه السلام

مكية كلها في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر. وقال ابن عباس وقتادة: هي مكية إلا آيةً، وهي قوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ

} الآية. وقال مقاتل (1): هي مكية إلا قوله تعالى: {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ} ، وقوله:{أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ} ، وقوله سبحانه:{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} . وهي: مئة وثلاث وعشرون آيةٌ، وألف وسبع مئة وخمس وعشرون كلمةً، وتسعة آلاف وخمس مئة وسبعة وستون حرفًا. وسميت السورة باسم هود لذكره فيها، وهو هود بن عبد الله بن رباح بن الخلود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح. وقيل: هو هود بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح بن عم أبي عاد، اهـ "بيضاوي".

ومن فضائلها: ما أخرجه (2) الدارمي وأبو داود في "مراسيله"، وأبو الشيخ وابن مردويه وابن عساكر والبيهقي في "الشعب" عن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اقرؤوا هود يوم الجمعة".

وأخرج ابن المنذر والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه وابن عساكر، من طريق مسروق عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، لقد أسرع إليك الشيب، فقال:"شيبني هود، والواقعة، والمرسلات، وعم يتسألون، وإذا الشمس كورت". وأخرجه البزار وابن مردويه من طريق أنس عنه مرفوعًا بلفظ، قلت: يا رسول الله، عجل إليك الشيب قال:"شيبتني هود وأخواتها، والواقعة، والحاقة، وعم يتسألون، وهل أتاك حديث الغاشية".

قال بعض العلماء (3): سبب شيبة صلى الله عليه وسلم من هذه السور المذكورة في

(1) الخازن.

(2)

الشوكاني.

(3)

الخازن.

ص: 393

الحديث، لما فيها من ذكر القيامة والبعث والحساب والجنة والنار، وما فعل بالأمم السابقة، والله أعلم بمراده صلى الله عليه وسلم.

الناسخ والمنسوخ: وقال (1) أبو عبد الله محمَّد بن حزم رحمه الله في كتابه "الناسخ والمنسوخ": سورة هود فيها من المنسوخ ثلاث آيات:

أولاهن: قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} الآية (15) نسخت بقوله تعالى في سورة الإسراء: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} الآية (18).

الآية الثانية: قوله تعالى: {وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ} الآية (121) نسخت بآية السيف.

الآية الثالثة: قوله تعالى: {وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (122)} الآية (122) منسوخة بآية السيف أيضًا.

المناسبة: مناسبة هذه السورة لما قبلها (2): أنها تضمنت ما تضمنته سورة يونس، من أصول الإِسلام، وهي التوحيد والنبوة والبعث والحساب والجزاء.

وفصل فيها ما أجمل في سابقتها، من قصص الرسل عليهم السلام، وهي مناسبة لها في فاتحتها وخاتمتها وتفصيل الدعوة في أثنائها، فقد افتتحتا بذكر القرآن بعد {الر} وذكر رسالة النبي، المبلغ عن ربه، وبيان أنَّ وظيفة الرسول إنما هي التبشير والإنذار، وفي أثنائهما ذكر التحدِّي بالقرآن والرد على الذين زعموا، أن الرسول، صلى الله عليه وسلم، قد افتراه ومحاجة المشركين في أصول الدين، وختمتا بخطاب الناس بالدعوة إلى ما جاء به الرسول، صلى الله عليه وسلم، ثم أمر الرسول، صلى الله عليه وسلم، في الأولى بالصبر، حتى يحكم الله بينه وبين الكافرين، وفي الثانية بانتظار هذا الحكم منه تعالى، مع الاستقامة على عبادته والتوكل عليه. وعلى الجملة فقد أجمل في كل منهما، ما فصل في الأخرى، مع فوائد انفردت بها كل منهما، فقد

(1) كتاب الناسخ والمنسوخ.

(2)

المراغي.

ص: 394

اتفقتا موضوعًا في الأكثر واختلفتا نظمًا وأسلوبًا، مما لا مجال للشك في أنهما من كلام الرحمن، الذي علم الإنسان البيان.

والله أعلم

* * *

ص: 395