الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة يونس
مكية كلها إلا ثلاث آيات: 40، 94، 96 نزلت بعد سورة الإسراء، وقبل سورة هود. وعدد آياتها تسع ومئة آية. وكلماتها ألف وثمان مئة واثنتان وثلاثون كلمة. وحروفها سبعة آلاف وخمس مئة وسبعة وستون حرفًا. وسميت بذلك لذكر اسمه فيها وقصته. وقد جرت العادة بتسمية السورة ببعض أجزائها.
ووجه مناسبتها لما قبلها (1): أن السابقة ختمت بذكر رسالة النبي، صلى الله عليه وسلم، واختتمت بها هذه، وأن جل تلك في أحوال المنافقين، وما كانوا يقولونه وما كانوا يفعلونه حين نزول القرآن، وهذه في أحوال الكفار وما كانوا يقولونه في القرآن.
وليس التناسب بين السور سببًا في هذا الترتيب الذي بينهما، فكثيرًا ما نرى صورتين بينهما أقوى تناسب في موضوع الآيات، وقد فصل بينهما كما فعل بسورتي الهمزة واللهب، وموضوعهما واحد، وقد يجمع بينهما تارة أخرى، كما فعل بين سور الطواسين وسور آل حاميم وسورتي المرسلات والنبأ. ومن الحكمة في الفصل بين القوية التناسب في المعاني، أنه أدنى إلى تنشيط تالي القرآن وأبعد به عن الملل وأدعى له إلى التدبر، ولهذه الحكمة عينها تفرق مقاصد القرآن في السورة الواحدة، كالعقائد والأحكام العملية، والحكم الأدبية والترغيب والترهيب والأمثال، والقصص والعمدة في كل ذلك التوقيف والسماع.
وقال أبو حيان (2): مناسبة هذه السورة لما قبلها: أنه تعالى لما أنزل {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ} وذكر تكذيب المنافقين ثم قال: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} وهو محمَّد صلى الله عليه وسلم .. أتبع ذلك بذكر الكتاب الذي أنزل، والنبي الذي
(1) المراغي.
(2)
البحر المحيط.
أرسل، وأن ديدن الضالين واحد، متابعيهم ومشركيهم في التكذيب بالكتب الإلهية، وبمن جاء بها، ولما كان ذكر القرآن مقدمًا على ذكر الرسول في آخر السورة جاء في أول هذه السورة كذلك فقدم ذكر الكتاب على ذكر الرسول، انتهى.
وموضوع (1) هذه السورة يدور على إثبات أصول التوحيد، وهدم الشرك وإثبات الرسالة والبعث والجزاء وما يتعلق بذلك من مقاصد الدين وأصوله، وهي موضوعات السور المكية.
الناسخ والمنسوخ من هذه السورة: قال محمَّد بن حزم: جملة المنسوخ في هذه السورة أربع آيات:
أولاهن: قوله تعالى: {إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} (15)، نسخت بقوله تعالى:{لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} الآية (2) من سورة الفتح.
الثانية: قوله تعالى: {قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ} الآية (102) نسخت بآية السيف.
الثالثة: قوله تعالى: {وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ} الآية (41) نسخت بآية السيف.
الرابعة: قوله تعالى: {فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ} الآية (108) نسخت بآية السيف انتهى.
والله سبحانه وتعالى أعلم
* * *
(1) المراغي.
بسم الله الرحمن الرحيم
المناسبة
قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ .....} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما افتتح السورة بذكر آيات الكتاب، وأنكر على الناس عجبهم أنه يوحى إلى رجل منهم يبشرهم على الأعمال الصالحة بالثواب، وينذرهم على الكفر والمعاصي بالعقاب .. أردف ذلك بذكر أمرين:
1 -
إثبات أن لهذا العالم إلهًا قادرًا نافذ الحكم بالأمر والنهي، يفعل ما يشاء، وهو العليم الخبير.
2 -
إثبات البعث بعد الموت والجزاء على الأعمال، من ثواب وعقاب وهما اللذان أخبر بهما الأنبياء.
وقال أبو حيان مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن من كان قادرًا على إيجاد هذا الخلق العلوي والسفلي العظيمين، وهو ربكم الناظر في مصالحكم، فلا يتعجب أن يبعث إلى خلقه من يحذر من مخالفته، ويبشر على طاعته، إذ ليس خلقهم عبثًا، بل على ما اقتضته حكمته وسبقت به إرادته، إذ القادر العظيم قادر على ما دونه بطريق الأولى، اهـ.
قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً
…
} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر الآيات الدالة على وجوده، وهو خلق السموات والأرض على ذلك النظام المحكم
…
ذكر هنا أنواعًا من آياته الكونية، الدالة على ذلك، وعلى أنه خلقها على غاية من الإحكام والإتقان، وهو تفصيل لما تقدم، وبيان له على وجه بديع وأسلوب عجيب. وقال أبو حيان مناسبتها لما قبلها: أنه تعالى لما ذكر الدلائل على ربوبيته من إيجاد هذا العالم العلوي والسفلي، ذكر ما أودع في العالم العلوي، من هذين الجوهرين النيرين المشرقين، فجعل الشمس ضياءً، انتهى.
قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا
…
} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر الأدلة على وجوده تعالى، من خلق السموات والأرض، واختلاف الليل والنهار، وأثبت بذلك البعث والجزاء على الأعمال يوم العرض والحساب .. أردف ذلك بذكر حال من كفر به، وأعرض عن البينات الدالة عليه، وحال المؤمنين الذين عملوا الصالحات موقنين بلقاء ربهم، ثم ذكر جزاء كل من الفريقين.
قوله تعالى: {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْر
…
} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر تعجب القوم، من