المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وهي جموع أضيفت إلى البنيان. وقرىء: {أساس} بفتح الهمزة، و - تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن - جـ ١٢

[محمد الأمين الهرري]

الفصل: وهي جموع أضيفت إلى البنيان. وقرىء: {أساس} بفتح الهمزة، و

وهي جموع أضيفت إلى البنيان. وقرىء: {أساس} بفتح الهمزة، و {أس} بضم الهمزة وتشديد السين، وهما مفردان أضيفا إلى البنيان. فهذه تسع قراءات. وفي كتاب "اللوامح" قرأ، نصر بن عاصم:{أفمن أسس} ، بالتخفيف والرفع، {بنيانه} بالجر على الإضافة فأسس مصدر أس الحائط، يؤسه أسا، من باب شد وأسسا. وعن نصر أيضًا:{أساس بنيانه} ، كذلك إلا أنه بالألف وأس وأسس وأساس كل منها مصادر انتهى.

وقرأ عيسى بن عمر: {على تقوى} ، بالتنوين. وحكى سيبويه: هذه القراءة وردها الناس. قال ابن جني: قياسها أن تكون ألفها للإلحاق، كأرطى. وقرأ جماعة، منهم حمزة وابن عامر، وأبو بكر:{جرف} ، بإسكان الراء وباقي السبعة وجماعة: بضمها، وهما لغتان. وقيل: الأصل الضم، وفي مصحف أبي:{فانهارت به قواعده في نار جهنم} .

‌110

- {لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُم} أي: لا يزال بنيان أهل مسجد الضرار، ولا يبرح مسجدهم، {الَّذِي بَنَوْا} بعد ما هدم، {رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ}؛ أي: سبب ريبة وشك في الدين، متمكن في قلوبهم في جميع الأوقات، {إِلَّا} وقت، {أنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ}؛ أي: إلا وقت أن تجعل قلوبهم قطعًا وفلذًا، إما بالسيف أو بالموت. والمعنى: أن هذه الريبة باقية في قلوبهم إلى أن يموتوا، فالاستثناء من أعم الأزمنة كما ذكره "البيضاوي"؛ أي: لا يزال (1) مسجدهم سبب شك في الدين؛ لأن المنافقين عظم فرحهم ببناء مسجد الضرار، فلما أمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بتخريبه ثقل ذلك عليهم، وازداد بغضهم له وارتيابهم في نبوته، وعظم خوفهم منه في جميع الأوقات، وصاروا مرتابين في أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، هل يخلي سبيلهم، أو يأمر بقتلهم ونهب أموالهم وقال السدي: لا يزال هدم بنيانهم ريبة، أي: حرارة وغيظًا في قلوبهم في جميع الأوقات، إلا أن يموتوا؛ أي؛ إلا في وقت موتهم وتقطع أجزائهم وتمزق أجسادهم.

(1) المراح.

ص: 59

والمعنى (1): أي لا يزال بنيانهم سبب ريبة وشك في الدين؛ لأنهم يظهرون فيه حال قيامه وثباته ما في قلوبهم من آثار الكفر والنفاق، ويدبرون أمورهم ويتشاورون في ذلك، ويلقي بعضهم إلى بعض ما سمعوا من أسرار المؤمنين، مما يزيدهم ريبةً وشكًّا في الدين، وحين أمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بتخريبه وهدمه ثقل ذلك عليهم، وعظم خوفهم وارتابوا في أمرهم، أيتركون على حالهم؟ أم يؤمر بهم فيقتلون وتنهب أموالهم؟ إلى أنهم اعتقدوا أنهم كانوا محسنين في البناء، فلما أمر بتخريبه أصبحوا شاكين في أمره، ولأي سبب كان ذلك؟ ولا يزال هذا شأنهم في جميع الأحوال إلا حال تقطع القلوب أفلاذًا، وصيرورتها جذاذًا، فتكون غير قابلة للإدراك وفي هذا إيماء إلى أن تمكن الريبة في قلوبهم، وإضمار الشك بحيث لا يزول منها ما داموا أحياءً.

والخلاصة: أنه لا يزال هدم بنيانهم الذي بنوا، سببًا للقلق واضطراب النفس، وأن ذلك لا يزول ما دامت القلوب سالمة، أما إذا تفرقت قطعًا وتقطعت أجزاءً بقتلهم، فحينئذٍ يسلون عنه. وقد يكون المراد إلا أن يتوبوا توبةً تتقطع بها قلوبهم ندمًا وأسفًا على تفريطهم.

وقرأ (2) ابن عامر، وحمزة، وحفص عن عاصم:{إلا أن تقطع} بفتح التاء والطاء المشددة؛ أي: يتقطع. وقرأ باقي السبعة: بضم التاء مبنيًّا للمجهول. وعن ابن كثير: {إلا أن تقطع قلوبهم} ، بفتح الطاء، وسكون القاف وفتح قلوبهم على الخطاب؛ أي: إلا أن تجعل قلوبهم قطعًا بالسيف. وقرأ الحسن ومجاهد وقتادة ويعقوب {إلى أن تقطع قلوبهم} . وقرأ أبو حيوة: كذلك، إلا أنه قرأ: بضم التاء وفتح القاف، وكسر الطاء مشددة على الخطاب للرسول، وقلوبهم بالنصب، أي: تقتلهم، أو فيه ضمير الريبة، وفي مصحف عبد الله:{ولو قطعت قلوبهم} بالبناء للمجهول. وكذلك قرأها أصحابه. وحكى أبو عمرو: هذه القراءة {إن قطعت}

(1) المراغي.

(2)

البحر المحيط والمراح.

ص: 60