الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مفرغ من أعم الأحوال.
36
- وبعد أن أقام الحجج على توحيد الربوبية والألوهية، بين حال المشركين الاعتقادية، فقال:{وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا} ؛ أي: وما يتبع أكثر المشركين في معتقداتهم إلا ظنًّا واهيًا، أما بعضهم فقد يتبعون العلم، فيقفون على بطلان الشرك، لكن لا يقبلون العلم عنادًا، وفي ذلك دليل على أن تحصيل العلم في الأصول واجب، والاكتفاء بالتقليد والظن غير جائز.
والمعنى (1): أي إن أكثرهم لا يتبعون في شركهم وعبادتهم لغير الله، ولا في إنكارهم للبعث وتكذيبهم للرسول، صلى الله عليه وسلم، إلا ضربًا من ضروب الظن، قد يكون ضعيفًا، كأن يقيسوا غائبًا على شاهد، ومجهولًا على معروف، ويقلدون الآباء، اعتقادًا منهم أنهم لا يكونون على باطل في اعتقادهم ولا ضلال في أعمالهم، وقليل منهم كان يعلم أن ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم هو الحق والهدى، وأن أصنامهم وسائر معبوداتهم لا تضر ولا تنفع، ولكنهم يجحدون بآيات الله تعالى، ويكذبون رسوله، صلى الله عليه وسلم، عنادًا واستكبارًا، وخوفًا على زعامتهم أن تضيع سدى فيصبحون تابعين بعد أن كانوا متبوعين.
ثم بين حكم الله في الظن، فقال:{إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ} ؛ أي: عن العلم {شَيْئًا} من الإغناء في العقائد، والحق هو الثابت الذي لا ريب في ثبوته وتحققه؛ أي: إن الشك لا يقوم مقام اليقين في شيء، ولا ينتفع به حيث يحتاج إلى اليقين.
وخلاصة ذلك: أن الظن لا يجعل صاحبه غنيًّا بعلم اليقين فيما يطلب فيه ذلك، كالعقائد الدينية، وبهذ تعلم أن إيمان المقلد غير صحيح، أي: إن مجرد الظن لا يغني في معرفة الحق شيئًا؛ لأن أمر الدين، إنما يبنى على العلم، وبه يتضح الحق من الباطل، والظن لا يقوم مقام العلم، ولا يدرك به الحق، ولا يغني من العلم والاعتقاد الحق شيئًا.
(1) المراغي.
{إِنَّ اللَّهَ} سبحانه وتعالى {عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ} من الاتباع للظنون الفاسدة، والإعراض عن البراهين القاطعة؛ أي: إن الله سبحانه وتعالى عليم بما كانوا يعملون بمقتضى اعتقاداتهم الظنية والقطعية، فهو يحاسبهم ويجازيهم على كل عمل منها، كتكذيبهم للرسول، صلى الله عليه وسلم، مع قيام الأدلة القطعية على صدقه، واتباعهم للظن، كالتقليد باتباع الآباء والأجداد.
وفي الآية إيماءٌ، إلى أن أصول الإيمان تبنى على اليقين دون الظن، فالعلم المفيد للحق ما كان قطعيًّا من كتاب أو سنة، وهو الدين الذي لا يجوز للمسلمين التفرق، والاختلاف فيه، وما دونه مما لا يفيد إلا الظن، فلا يؤخذ به في الاعتقاد، وهو متروك للاجتهاد في الأعمال، اجتهاد الأفراد في الأعمال الشخصية، واجتهاد أولي الأمر في القضاء، مع سلوك طريق الشورى، حتى يتحقق العدل والمساواة في المصالح العامة. وفي هذه الجملة تهديد لهم، على ما وقع منهم، من الأفعال الشنيعة والأحوال القبيحة. وقرأ عبد الله {تفعلون} بالتاء على الخطاب التفاتًا.
الإعراب
{إِنَّمَا} : أداة حصر، ولكنها مجردة هنا عن معنى الحصر؛ لأنه تعالى ضرب للحياة الدنيا أمثالًا غير هذا، كما مر في مبحث التفسير {مَثَلُ الْحَيَاةِ}: مبتدأ، ومضاف إليه {الدُّنْيَا}: صفة للحياة {كَمَاءٍ} : جار ومجرور خبر المبتدأ، والجملة مستأنفة {أَنْزَلْنَاهُ}: فعل وفاعل ومفعول {مِنَ السَّمَاءِ} : متعلق به، والجملة الفعلية في محل الجر، صفة لـ {أمَاءٍ} {فَاخْتَلَطَ}: الفاء: عاطفة {اختلط} فعل ماض. {بِهِ} متعلق به {نَبَاتُ الْأَرْضِ} : فاعل، ومضاف إليه، والجملة في محل الجر معطوفة على جملة {أَنْزَلْنَاهُ} ولكنها صفة سببية هِنَا: جار ومجرور حال من نبات الأرض {يَأْكُلُ النَّاسُ} : فعل وفاعل {وَالْأَنْعَامُ} : معطوف على {النَّاسُ} والجملة صلة لـ {ما} أو صفة لها، والعائد أو الرابط
محذوف، تقديره: مما يأكله الناس والأنعام.
{حَتَّى} : حرف جر وغاية {إذَا} : ظرف لما يستقبل من الزمان {أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا} : فعل وفاعل ومفعول، والجملة في محل الجر مضاف إليه لـ {إِذَا} ، على كونها فعل شرط لها، والظرف متعلق بالجواب الآتي. {وَازَّيَّنَتْ}: فعل ماض، وفاعله ضمير يعود على {الْأَرْضُ} والجملة معطوفة على جملة {أَخَذَتِ}. {وَظَنَّ أَهْلُهَا}: فعل وفاعل معطوف على {أَخَذَتِ} . {أَنَّهُمْ} ناصب واسمه {قَادِرُونَ} : خبره. {عَلَيْهَا} متعلق بـ {قَادِرُونَ} وجملة {أن} في تأويل مصدر ساد مسد مفعولي ظنّ، تقديره: وظن أهلها قدرتهم عليها {أَتَاهَا أَمْرُنَا} : فعل ومفعول وفاعل. {لَيْلًا أَوْ نَهَارًا} : منصوبان على الظرفية الزمانية، متعلقان بـ {أَتَاهَا} وجملة {أتى} جواب {إذَا} لا محل لها من الإعراب، وجملة {إذَا} من فعل شرطها وجوابها مجرور بحتى، بمعنى إلى و {حَتَّى} متعلقة بـ {اختلط} تقديره: فاختلط به نبات الأرض، إلى إتيان أمرنا إياها، وقت أخذها زخرفها، وتزينها به.
{فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا} فعل وفاعل ومفعولان، معطوف على جملة {أَتَاهَا أَمْرُنَا} {كَأَنْ}: مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن، تقديره: كأنها؛ أي: كأن ثمار تلك الأرض وزروعها {لَمْ} : حرف نفي وجزم {تَغْنَ} : فعل مضارع مجزوم بـ {لَمْ} وعلامة جزمه حذف حرف العلة، وهي الألف؛ لأنه من غني يغنى، كرضي يرضى، وفاعله ضمير يعود على الأرض، أي: على ثمارها وزروعها. {بِالْأَمْسِ} : متعلق به والجملة الفعلية في محل الرفع خبر كأن، تقديره: كأنها عادمة الغنى والوجود بالأمس، وجملة {كَأَنْ} في محل النصب، حال من هاء {جعلناها} تقديره فجعلناها حصيدًا، حالة كونها مشبهة بعدم الغناء بالأمس؛ أي: مشبهًا حالها بحال الشيء الذي لم يوجد بالأمس.
{كَذَلِكَ} صفة لمصدر محذوف، تقديره: تفصيلًا مثل التفصيل السابق {نُفَصِّلُ الْآيَاتِ} : فعل ومفعول، وفاعله ضمير يعود على الله، والجملة مستأنفة. {لِقَوْمٍ}: متعلق بنفصل. وجملة {يَتَفَكَّرُونَ} : صفة {لِقَوْمٍ} .
{وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} .
{وَاللَّهُ} : مبتدأ. وجملة {يَدْعُو} : خبره والجملة الاسمية مستأنفة {إِلَى دَارِ السَّلَامِ} جار ومجرور ومضاف متعلق بـ {يَدْعُو} {وَيَهْدِي مَنْ} : فعل ومفعول، وفاعله ضمير يعود على {اللَّهُ} والجملة معطوفة على جملة {يَدْعُو} {يَشَاءُ}: فعل مضارع وفاعله ضمير يعود على {اللَّهُ} . {إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} : جار ومجرور، وصفة متعلق بـ {أيَهْدِي} وجملة {يَشَاءُ}: صلة من الموصولة، والعائد محذوف، تقديره: من يشاءه.
{لِلَّذِينَ} : جار ومجرور، خبر مقدم {أَحْسَنُوا} فعل وفاعل، صلة الموصول {الْحُسْنَى}: مبتدأ مؤخر {وَزِيَادَةٌ} : معطوف عليه والجملة مستأنفة {وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ} : فعل ومفعول وفاعل، والجملة مستأنفة {وَلَا ذِلَّةٌ}؛ معطوف على {قَتَرٌ} {أُولَئِكَ}: مبتدأ {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ} خبر ومضاف إليه، والجملة مستأنفة {هُمْ}: مبتدأ {فِيهَا} : متعلق بـ {خَالِدُونَ} . {خَالِدُونَ} خبر المبتدأ، والجملة في محل النصب حال من {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ} .
{وَالَّذِينَ} : مبتدأ أول. {كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ} : فعل وفاعل ومفعول، صلة الموصول {جَزَاءُ سَيِّئَةٍ} مبتدأ ثانٍ، ومضاف إليه {بِمِثْلِهَا} خبر للمبتدأ الثاني، والجملة من المبتدأ الثاني وخبره خبر للأول، والرابط محذوف تقديره؛ جزاء سيئة منهم بمثلها، والجملة من الأول وخبره معطوفة على جملة قوله:{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا} وفي المقام أوجه كثيرة من الإعراب، أعرضنا عنها صفحًا خوف الإطالة
{وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ} : فعل ومفعول وفاعل والجملة مستأنفة {مَا} : نافية {لَهُمْ} : خبر مقدم {مِنَ اللَّهِ} : متعلق بـ {عَاصِمٍ} {مِنْ عَاصِمٍ} : مبتدأ مؤخر و {مِنْ} : زائدة، والجملة مستأنفة.
{كَأَنَّمَا} : {كَأَنّ} : حرف تشبيه ونصب، ما: كافة لكفها ما قبلها عن العمل فيما بعدها {أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ} : فعل ونائب فاعل، والجملة مستأنفة {قِطَعًا}: مفعول ثان لـ {أُغْشِيَتْ} {مِنَ اللَّيْلِ} صفة لـ {قِطَعًا} {مُظْلِمًا} : حال من الليل {أُولَئِكَ} : مبتدأ. {أَصْحَابُ النَّارِ} : خبر ومضاف إليه، والجملة مستأنفة {هُمْ}: مبتدأ {فِيهَا} : متعلق بـ {خَالِدُونَ} {خَالِدُونَ} : خبر المبتدأ، والجملة في محل النصب حال من {أَصْحَابُ النَّارِ} .
{وَيَوْمَ} : {الواو} : استئنافية {يوم} منصوب على الظرفية الزمانية، والظرف متعلق بمحذوف، تقديره: واذكر يوم نحشرهم، والجملة مستأنفة {نَحْشُرُهُمْ}: فعل ومفعول {جَمِيعًا} : حال من ضمير المفعول، وفاعله ضمير، يعود على الله، والجملة الفعلية في محل الجر مضاف إليه لـ {يوم} {ثُمَّ}: حرف عطف {نَقُولُ} : فعل مضارع، وفاعله ضمير، يعود على الله، والجملة في محل الجر، معطوفة على جملة {نَحْشُرُهُمْ} {لِلَّذِينَ}: متعلق بـ {نَقُولُ} {أَشْرَكُوا} : فعل وفاعل، صلة الموصول {مكانكم أنتم وشركاؤكم}: مقول محكي لـ {نَقُولُ} وإن شئت قلت: {مَكَانَكُمْ} : مفعول لفعل محذوف، تقديره: الزموا مكانكم {أَنْتُمْ} تأكيد لضمير الفاعل، في الفعل المحذوف {شُرَكَاؤُهُمْ} بالرفع، معطوف على ضمير الفاعل، في الفعل المحذوف، وبالنصب، منصوب على كونه مفعولًا معه، والجملة الفعلية المحذوفة في محل النصب، مقول لـ {نَقُولُ} {فَزَيَّلْنَا} الفاء عاطفة {زيلنا} فعل وفاعل {بَيْنَهُمْ}: متعلق به،
والجملة معطوفة على جملة {نَقُولُ} ؛ لأنه في تأويل، فنزايل بينهم {وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ} فعل وفاعل، والجملة معطوفة على جملة نقول؛ لأنه في تأويل فنزايل بينهم، ويقول شركاؤهم:{مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ} : مقول محكي، وإن شئت قلت:{مَا} نافية {كُنْتُمْ} : فعل ناقص واسمه {إِيَّانَا} : مفعول مقدم {تَعْبُدُونَ} فعل وفاعل، والجملة في محل النصب خبر {كَانَ} وجملة {كَانَ} في محل النصب مقول القول.
{فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ} .
{فَكَفَى} : الفاء: عاطفة، {كفى باللهِ}: فعل وفاعل. {شَهِيدَا} : تمييز لفاعل {كفى} والجملة في محل النصب، معطوف على جملة قوله:{مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ} {بَيْنَنَا} ظرف ومضاف إليه، متعلق بـ {شَهِيدًا} {وَبَيْنَكُمْ}: معطوف على {بَيْنَنَا} {إن} : مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن. {كُنَّا} فعل ناقص واسمه {عَنْ عِبَادَتِكُمْ} متعلق بـ {غافلين} {لَغَافِلِينَ} خبر {كَانَ} وجملة {كَانَ} في محل الرفع خبر {إنْ} المخففة وجملة {إنْ} المخففة في محل النصب مقول على كونها معللة لما قبلها.
{هُنَالِكَ} : هنا: اسم إشارة للمكان البعيد، في محل النصب على الظرفية المكانية، أو هو مستعار للزمان، اللام: لبعد المشار إليه. والكاف: حرف دال على الخطاب، والظرف متعلق بـ {تَبْلُو} {تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ}: فعل وفاعل ومضاف إليه، والجملة مستأنفة {مَا} موصولة أو موصوفة، في محل النصب على المفعولية {أَسْلَفَتْ}: فعل ماض، وفاعله ضمير يعود على {كُلُّ نَفْسٍ} والجملة صلة لـ {مَا} أو صفة لها، والعائد أو الرابط محذوف، تقديره: ما أسلفته. {وَرُدُّوا} : فعل ونائب فاعل، معطوف على {زيلنا} ، كما في "الشوكاني" {إِلَى اللَّهِ} متعلق بـ {ردوا} {مَوْلَاهُمُ}: بدل أول من الجلالة {الْحَقِّ} صفة لـ {مَوْلَاهُمُ} ، أو بدل ثان من الجلالة {وَضَلَّ} فعل ماض {عَنْهُمْ}: متعلق به
{مَا} : موصولة أو موصوفة في محل الرفع فاعل، والجملة معطوفة على جملة {رُدُّوا} {كَانُوا}: فعل ناقص واسمه {يَفْتَرُونَ} : فعل وفاعل خبر {كَان} وجملة {كَان} صلة لـ {مَا} أو صفة لها، والعائد أو الرابط محذوف، تقديره: ما كانوا يفترونه.
{قُلْ} : فعل أمر، وفاعله ضمير يعود على محمَّد، والجملة مستأنفة {مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ} إلى قوله:{فَسَيَقُولُونَ} مقول محكي، وإن شئت، قلت {مَنْ}: اسم استفهام، في محل الرفع {يَرْزُقُكُمْ}: فعل ومفعول، وفاعله ضمير يعود على {مَنْ} والجملة في محل الرفع، خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل النصب مقول القول {مِنَ السَّمَاءِ}: متعلق بـ {يَرْزُقُكُمْ} {وَالْأَرْضِ} : معطوف على {السَّمَاءِ} . {أَمَّنْ يَمْلِكُ} أم: عاطفة منقطعة؛ لأنها لم يتقدمها همزة استفهام ولا تسوية، ولكن إنما تقدر هنا، ببل وحدها، دون الهمزة؛ لأنها وقع بعدها اسم استفهام صريح {من} اسم استفهام في محل الرفع مبتدأ {يَمْلِكُ السَّمْعَ} فعل ومفعول وفاعله ضمير يعود على {مَن}. {وَالْأَبْصَار}: معطوف على السمع، والجملة الفعلية في محل الرفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل النصب معطوفة على جملة {مَن} الأولى. {وَمَن} الواو عاطفة من: اسم استفهام مبتدأ. {يُخْرِجُ الْحَيَّ} : فعل ومفعول، وفاعله ضمير يعود على {مَن} والجملة الفعلية في محل الرفع خبر {مَن} الاستفهامية، والجملة معطوفة على جملة {مَن} الأولى {مِنَ الْمَيِّتِ}: متعلق بـ {يُخْرِجُ} {يُخْرِجُ الْمَيِّتَ} : فعل ومفعول، وفاعله ضمير يعود على {مَن}. {مِنَ الْحَيِّ}: متعلق بـ {يُخْرِجُ} والجملة معطوفة على جملة {يُخْرِجُ} الأول {وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ} : الواو: عاطفة {مَن} : اسم استفهام في محل الرفع مبتدأ {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ} : فعل ومفعول، وفاعله ضمير يعود على {مَنْ} والجملة في محل الرفع خبر {مَنْ} الاستفهامية، والجملة معطوفة على جملة {مَنْ} الأولى {فَسَيَقُولُونَ}: الفاء: حرف عطف
وتفريع {سَيَقُولُونَ} : فعل وفاعل والجملة معطوفة على جملة قوله {قُلْ} مفرعة عليها {اللَّهُ} : خبر لمبتدأ محذوف، تقديره: ذلك الرازق المالك المخرج، المدبر .. الله، والجملة في محل النصب مقول القول {فَقُلْ}: الفاء: حرف عطف وتفريع {قل} : فعل أمر، وفاعله ضمير يعود على محمَّد، والجملة معطوفة على جملة {سيقولون} {أَفَلَا تَتَّقُون}: مقول محكي، وإن شئت قلت: الهمزة: للاستفهام التوبيخي، داخلة على محذوف، تقديره: أتعلمون ذلك. الفاء: عاطفة على ذلك المحذوف {لَا} : نافية {تَتَّقُونَ} : فعل وفاعل، ومفعوله محذوف، تقديره: أفلا تتقون عقابه وسخطه، والجملة معطوفة على ذلك المحذوف، على كونها مقول القول.
{فَذَلِكُمُ} : الفاء: فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا عرفتم ما قلت لكم، وأردتم بيان ما هو الحق الواجب فأقول لكم ذلكم الله {ذَلِكُمُ}: مبتدأ {اللَّهُ} خبر أول {رَبُّكُمُ} خبر ثان. {الْحَقُّ} : صفة للرب، والجملة الاسمية في محل النصب، مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة مستأنفة. {فَمَاذَا}: الفاء: فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا عرفتم، فذلكم الله ربكم، وأردتم بيان حقيقة الأمر، فأقول لكم: ماذا بعد الحق {ماذا} : اسم استفهام، مركب في محل الرفع مبتدأ {بَعْدَ الْحَقِّ}: ظرف ومضاف إليه خبر المبتدأ {إِلَّا} : أداة استثناء مفرغ {الضَّلَالُ} : بدل من الضمير المستكن في الخبر، والجملة الاسمية في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وإن شئت قلت:{ما} : اسم استفهام في محل الرفع مبتدأ {ذا} : اسم موصول، بمعنى: الذي، في محل الرفع خبر {بَعْدَ الْحَقِّ}: ظرف ومضاف إليه، صلة الموصول، تقديره: فما الذي استقر بعد الحق {إِلَّا} : أداة استثناء مفرغ {الضَّلَالُ} : بدل من الضمير المستكن في الصلة، وجملة إذا المقدرة مستأنفة {فَأَنَّى} الفاء: فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا عرفتم أنه ليس بعد الحق إلا الضلال، وأردتم بيان ما يقال: لكم في التعجب من حالكم .. فأقول لكم: {أنى تصرفون} . {أنى} : اسم استفهام.
بمعنى: كيف، في محل النصب على التشبيه بالمفعول به لما بعده {تُصْرَفُونَ}: فعل ونائب فاعل، والجملة في محل النصب، مقول لجواب إذا المقدرة.
{كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (33)} .
{كَذَلِكَ} : صفة لمصدر محذوف، تقديره: حقًّا مثل حق صرفهم عن الحق {حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ} : إلخ؛ أي: ثبوتًا مثل ثبوت صرفهم عن الحق، ثبتت كلمة ربك على الذين فسقوا، والإشارة راجعة إلى قوله:{فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} كما ذكره الزمخشري {حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ} : فعل وفاعل ومضاف إليه، والجملة مستأنفة {عَلَى الَّذِينَ}: جار ومجرور متعلق بـ {حَقَّتْ} {فَسَقُوا} : فعل وفاعل صلة الموصول {أَنَّهُمْ} ناصب واسمه. وجملة {لَا يُؤْمِنُونَ} : خبره وجملة {أَنّ} في تأويل مصدر مرفوع على كونه بدلًا من {كَلِمَتُ رَبِّكَ} بدل كل من كل، تقديره: حقت عليهم كلمة ربك، عدم إيمانهم، أو مجرور بلام التعليل المقدرة، أي: حقّت عليهم كلمة ربك، لأملأن جهنم لعدم إيمانهم.
{قُلْ} : فعل أمر، وفاعله ضمير يعود على محمَّد، والجملة مستأنفة {هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ} ، إلى قوله:{قُلْ} مقول محكي، وإن شئت، قلت:{هَل} : حرف استفهام {مِنْ شُرَكَائِكُمْ} : جار ومجرور خبر مقدم {مَنْ} : اسم موصول في محل الرفع مبتدأ مؤخر، والجملة في محل النصب مقول القول {يَبْدَأُ الْخَلْقَ}: فعل ومفعول، وفاعله ضمير في عود على {مَنْ} والجملة صلة الموصول {ثُمَّ يُعِيدُهُ}: فعل ومفعول معطوف على {يَبْدَأُ} وفاعله ضمير يعود على {مَنْ} . {قُلِ} : فعل أمر، وفاعله ضمير يعود على محمَّد، والجملة مستأنفة {اللَّهُ يَبْدَأُ}: إلى آخر الآية، مقول محكي، وإن شئت قلت:{اللَّهُ} مبتدأ {يَبْدَأُ الْخَلْقَ} فعل ومفعول، وفاعله ضمير يعود على {اللَّهُ} والجملة خبر عن الجلالة، والجملة الاسمية في محل النصب، مقول لـ {قُلِ} وجملة {ثُمَّ يُعِيدُهُ} معطوفة على {يَبْدَؤُا} {فَأَنَّى} الفاء: عاطفة {أنى} : اسم استفهام، بمعنى: كيف في محل
النصب على التشبيه بالمفعول به، والعامل فيه ما بعده. {تُؤْفَكُونَ}: فعل ونائب فاعل، والجملة معطوفة على جملة قوله:{اللَّهُ يَبْدَأُ} على كونها مقولًا لـ {قُلْ} .
{قُلْ} : فعل أمر، وفاعله ضمير يعود على محمَّد، والجملة مستأنفة {هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ} إلى قوله {قُلْ} مقول محكي، وإن شئت قلت:{هَلْ} حرف استفهام {مِنْ شُرَكَائِكُمْ} : جار ومجرور خبر مقدم {مَنْ} : اسم موصول في محل الرفع مبتدأ مؤخر، والجملة في محل النصب مقول {قُلْ}. {يَهْدِي}: فعل مضارع {إِلَى الْحَقِّ} : متعلق به، وفاعله ضمير يعود على {مِنْ} والجملة صلة الموصول {قُلْ}: فعل أمر، وفاعله ضمير يعود على محمَّد، والجملة مستأنفة {اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ} ؛ إلى آخر الآية، مقول محكي، وإن شئت قلت:{اللَّهُ} : مبتدأ. وجملة {يَهْدِي} خبره، والجملة في محل النصب مقول {قُلْ}. {لِلْحَقِّ}: متعلق بـ {يَهْدِي} . {أَفَمَنْ} الهمزة: للاستفهام، التقريري، مقدمة على الفاء العاطفة، لعراقتها في التصدير. {الفاء}: حرف عطف وترتيب {من} : اسم موصول في محل الرفع مبتدأ. وجملة {يَهْدِي} صلته {إلَى الْحَقِّ} : متعلق به {أَحَقُّ} : خبر لـ {مِنْ} الموصولة والجملة معطوفة على جملة قوله: {اللَّهُ يَهْدِي} على كونها مقول {قُلْ} . {أَنْ} : مصدرية {يُتَّبَعَ} : فعل مضارع مغير الصيغة، منصوب بـ {أَنْ} ، ونائب فاعله ضمير يعود على {مَن} وجملة {أَن} المصدرية في تأويل مصدر مجرور بالباء المحذوفة، تقديره: أحق بالاتباع {أَمَّنْ} {أَمْ} : متصلة لسبقها بهمزة، يطلب بها وبأم التعيين {مَن} اسم موصول مبتدأ. وجملة {لَا يَهِدِّي} ؛ صلته والخبر محذوف، تقديره: أمن لا يهدي أحق بالاتباع، والجملة في محل النصب معطوفة على جملة قوله:{أَفَمَنْ} {إِلَّا} : أداة استثناء مفرغ من أعم الأحوال {أنْ} : حرف نصب ومصدر. {يُهْدَى} فعل مضارع منصوب بأن، ونائب فاعله ضمير، يعود على {مَن} الموصولة، والجملة الفعلية
في تأويل مصدر منصوب على الاستثناء، تقديره: أم لا يهدى إلا إهداءه، أي: إلا إهداء الغير إياه؛ أي: لا يهتدي في حال من الأحوال، إلا في حال إهدائه؛ أي: إهداء الغير إياه، والجواب الأول أحق بالاتباع. {فَمَا لَكُمْ} الفاء: فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا عرفتم أن الأول أحق بالاتباع، وأردتم بيان ما يقال: لكم في التعجب من حالكم .. فأقول: ما لكم {مَا} : اسم استفهام في محل الرفع مبتدأ. {لَكُمْ} : جار ومجرور خبره، أي فأي شيء ثابت لكم في اتباعكم الباطل، والجملة الاسمية في محل النصب، مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة في محل النصب مقول لـ {قُلْ} {كَيْفَ}: اسم استفهام في محل النصب مفعول مقدم لـ {تَحْكُمُونَ} {تَحْكُمُونَ} : فعل وفاعل، ومعموله محذوف، تقديره: كيف تحكمون بالباطل، وتجعلون لله أندادًا وشركاء، والجملة الفعلية في محل النصب مقول لـ {قُلْ} .
{وَمَا} : الواو: استئنافية. {ما} : نافية {يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ} ؛ فعل وفاعل، والجملة مستأنفة {إِلَّا}: أداة استثناء مفرغ {ظَنًّا} : مفعول به {إنَّ الظَّنَّ} : ناصب واسمه {لَا يُغْنِي} : فعل مضارع، وفاعله ضمير يعود على {الظَّنَّ} {مِنَ الْحَقِّ}: متعلق به {شَيْئًا} : مفعول {يغني} وجملة {لا يغني} في محل الرفع خبر إن، وجملة إن مستأنفة {إِنَّ اللَّهَ}: ناصب واسمه {عَلِيمٌ} : خبره وجملة إن مستأنفة {بِمَا} : جار ومجرور متعلق بـ {عَلِيمٌ} {يَفْعَلُونَ} : فعل وفاعل، صلة لـ {مَا} أو صفة لها، والعائد أو الرابط محذوف، تقديره: بما يفعلونه.
التصريف ومفردات اللغة
{حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا} قال في "الصحاح" الزخرف: الذهب، ثم يشبه به كل مموه مزور، انتهى. والمعنى: أن الأرض أخذت لونها الحسن، المشابه بعضه للون الذهب، وبعضه للون الفضة، وبعضه للون الياقوت، وبعضه للون الزمرد.
{وَازَّيَّنَتْ} وأصل ازينت تزينت، أدغمت التاء في الزاي، وجيء بألف الوصل؛ لأن الحرف المدغم فيه قائم مقام حرفين، أولهما ساكن، والساكن لا يمكن الابتداء به، ثم حذفت همزة الوصل لما دخل العاطف عليه. {كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ}؛ أي: كأن لم يكن زرعها موجودًا فيه بالأمس، مخضرًا طريًّا من غني بالمكان بالكسر يغنى بالفتح، من باب رضي إذا أقام به، والمراد بالأمس الوقت القريب. والمغاني في اللغة: المنازل.
{يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ} دار السلام: هي الجنة. والسلام: السلامة من جميع الشوائب والنقائص والأكدار. وقال الزجاج: والمعنى: والله يدعو إلى دار السلامة. ومعنى السلام والسلامة واحد، كالرضاع والرضاعة، ومنه قول الشاعر:
تُحَيَّى بِالسَّلَامَةِ أُمُّ بَكْرٍ
…
وَهَلْ لَكَ بَعْدَ قَوْمِكَ مِنْ سَلَامِ
وقد مر في تفسيره أقوال.
{الْحُسْنَى} الحسنى: مؤنث الأحسن. قال ابن الأنباري: العرب توقع هذه اللفظة على الخصلة المحبوبة المرغوب فيها، ولذلك ترك موصوفها. والمراد بها هنا، الجنة، والزيادة: النظر إلى وجه الله الكريم كما مر {وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ} ؛ معنى يرهق، يلحق، ومنه قيل: غلام مراهق إذا لحق بالرجال. والرهق: الغشيان، يقال: رهقه يرهقه رهقًا، من باب طرب إذا غشيه بسرعة ومنه {وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا}؛ أي: لا تكلفني ما يشق عليّ ويعسر. {فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا} يقال: رهقته وأرهقته، مثل ردفته وأردفته، ففعل وأفعل بمعنى. ومنه أرهقت الصلاة إذا أخرتها حتى غشي وقت الأخرى؛ أي: دخل. وقال بعضهم: أصل الرهق: المقاربة، ومنه غلام مراهق، أي: قارب الحلم. {والقتر} والقترة؛ الغبار معه سواد، يقال: قتر، كفرح ونصر وضرب. وقيل: القتر: الدخان الساطع من الشواء والحطب، ومنه غبار القدر. وقيل: القتر: التقليل، ومنه {لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا} ويقال: قترت الشيء وأقترته وقترته؛ أي: قللته: ومنه {وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} اهـ "سمين". والذلة: ما يظهر على الوجه من الخضوع والانكسار والهوان، والعاصم: المانع.
{قِطَعًا} جمع قطعة، كسدرة وسدر وكسرة وكسر، والقطعة الجزء من الشيء {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ} الحشر: الجمع من كل جانب إلى موقف واحد، كما مر. {مَكَانَكُمْ} ومكانكم: كلمة يراد بها التهديد والوعيد؛ أي: الزموا مكانكم. {فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ} ؛ أي: فرقنا وقطعنا ما كان بينهم من التواصل في الدنيا، يقال: زيلته فتزيل؛ أي: فرقته فتفرق، والمزايلة المفارقة، يقال: زايله زيالًا،، إذا فارقه، والتزايل التباين. واختلف في زيل، هل وزنه فعل، أو فيعل، والظاهر الأول، والتضعيف فيه للتكثير لا للتعدية؛ لأن ثلاثيه متعد بنفسه. حكى الفراء: زلت الضأن من المعز، ويقال: زلت الشيء عن مكانه، أزيله، وهو على هذا من ذوات الياء، والثاني أنه فيعل، كبيطر وهو من زال يزول، والأصل زيولنا فاجتمعت الياء والواو، وسبقت إحداهما بالسكون فأعلت الإعلال المشهور، وهو قلب الواو ياء وإدغام الياء فيها، كميت وسيد، في ميوت وسيود، وعلى هذا، فهو من مادة الواو، وإلى هذا ذهب ابن قتيبة وتبعه أبو البقاء، اهـ "سمين".
{هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ} وفي "المختار" البلية والبلاء والبلوى واحد، والجمع البلايا، اهـ. ومعنى الكل: الاختبار وفي "السمين": وفي هنالك وجهان: الظاهر منهما بقاؤه على أصله، من دلالته على ظرف المكان، أي: في ذلك الموقف الدحض والمكان الدهش. وقيل: هو هنا ظرف زمان على سبيل الاستعارة، ومثله {هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ}؛ أي: في ذلك الوقت.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات أنواعًا من البلاغة والفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: التشبيه (1) المركب في قوله: {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} حيث شبهت حال الدنيا في سرعة زوالها، وانقراض نعيمها بعد الإقبال، بحال نبات الأرض في جفافه وذهابه حطامًا، بعد ما التف وتكاثف وزين الأرض بخضرته ورفيفه، قاله الزمخشري.
(1) البحر المحيط.
ومنها: الاستعارة المكنية في قوله: {حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا} حيث جعلت الأرض في زينتها، بما عليها من أصناف النبات، كالعروس التي أخذت من أنواع الثياب والزينة، فتزينت بها، ذكره أبو السعود.
ومنها: التشبيه البليغ في قوله: {حَصِيدًا} ؛ أي: كالمحصود وهو ما حذف فيه الأداة، ووجه الشبه.
ومنها: الكناية في قوله: {أتَاهَا أَمْرُنَا} ؛ لأن الأمر هنا كناية عن العذاب والدمار.
ومنها: إطلاق الخاص بمعنى العام في قوله: {كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ} ؛ لأن المراد بالأمس الزمن الماضي، لا خصوص اليوم الذي قبل يومك.
ومنها: جناس الاشتقاق في قوله: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى} ، وفي قوله:{لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ} .
ومنها: التشبيه المرسل المجمل في قوله: {كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ} .
ومنها: الطباق بين كلمتي الحي والميت في قوله: {وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ} ، وبين كلمتي يبدأ ويعيد في قوله:{مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} ، وبين كلمتي الحق والضلال في قوله:{فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ} .
ومنها: التكرار في قوله: {هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ} ، وفي قوله:{مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} ، وفي قوله:{مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ} .
ومنها: الإضافة للتشريف في قوله: {دَارِ السَّلَامِ} إن قلنا: إن السلام من أسماء الله تعالى.
ومنها: الوعيد والتهديد في قوله: {مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ} ؛ لأن المراد من هذا الأمر وعيدهم وتهديدهم وإهانتهم، وإلا فالمؤمنون يلزمون بالوقوف أيضًا حتى يسألوا ويحاسبوا.
ومنها: التأكيد بقوله: {أَنْتُمْ} ؛ لأنه تأكيد للضمير المستتر في الفعل المحذوف.
ومنها: الإضافة لأدنى ملابسة في قوله: {وقال شركاؤهم} ؛ لأنه جعل الأصنام شركاءهم، من حيث إنهم اتخذوها شركاء لله في استحقاق العبادة.
ومنها: التفنن في قوله: {مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ} حيث عدى أولًا بإلى وثانيًا باللام.
ومنها: الزيادة والحذف في عدة مواضع.
والله سبحانه وتعالى أعلم
* * *
هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ} وكان من قولهم: إنه افتراء .. قال تعالى: {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى} ؛ أي: ما صح ولا استقام، أن يكون هذا القرآن المعجز مفترى.
وعبارة "المراغي": مناسبتها لما قبلها: أنه لما ذكر الله سبحانه وتعالى الأدلة على أن القرآن من عنده، وأن محمدًا صلى الله عليه وسلم، عاجز كغيره عن الإتيان بمثله، ثم أتى بالحجج على بطلان شركهم، واتباع أكثرهم لأدنى الظن، وأضعفه في عقائدهم .. عاد إلى الكلام في تفنيد رأيهم في الطعن علي القرآن، بمقتضى هذا الظن الضعيف، لدى الأكثرين منهم، والجحود والعناد من الأقلين كالزعماء والمستكبرين.
قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ
…
} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما (1) بيّن في الآية السالفة، أنهم كذبوا بالقرآن قبل أن يأتيهم تأويله، وقبل أن يحيطوا بعلمه .. أردف ذلك بذكر حالهم بعد أن يأتيهم التأويل المتوقع، وبين أنهم حينئذٍ يكونون فريقين، فريق يؤمن به، وفريق يستمر على كفره وعناده.
قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ
…
} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما أنبأ رسوله صلى الله عليه وسلم، بأن من قومه من لا يؤمن به لا حالًا ولا استقبالًا، بل يصرون على التكذيب بعد ما جاءتهم البينات، وكان من شأنه صلى الله عليه وسلم أن يطيل الحزن والأسف إن لم يؤمنوا بهذا الحديث .. ذكر سبب هذا، وهو أنهم قوم طبع الله على قلوبهم، وفقدوا الاستعداد للإيمان، فلا وسيلة له صلى الله عليه وسلم في إصلاح حالهم، ولا قدرة له على هدايتهم.
قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ
…
} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما وصف هؤلاء المشركين بترك التدبر والإصغاء، وتكذيبهم للرسول، صلى الله عليه وسلم، والقرآن، قبل أن يأتيهم تأويله .. قفّى على ذلك بالوعيد، بما سيكون لهم من الجزاء على هذا يوم القيامة.
قوله تعالى: {وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ
…
} الآية،
(1) المراغي.
مناسبة هذه الآية لما قبلها: لما بين (1) الله سبحانه وتعالى في الآية السالفة، أن هؤلاء المشركين الذين كذبوا بلقاء الله تعالى، قد خسروا، وما كانوا مهتدين، وهذا يتضمن تهديدًا ووعيدًا بالعذاب الذي سيلقونه في الدنيا والآخرة .. أردف ذلك ببيان أن بعض هذا العذاب ستراه أيها الرسول الكريم، وتقر عينك برؤيته، وبعض آخر سيكون لهم يوم الجزاء، وهو عليم بما فعلوه، فيجازيهم به قدر ما يستحقون.
قوله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ
…
} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أنه لما بين (2) الله سبحانه وتعالى حال الرسول صلى الله عليه وسلم في قومه .. بين حال الأنبياء عليهم الصلاة والسلام مع أقوامهم، تسليةً له، وتطمينًا لقلبه، ودلت الآية على أنه تعالى ما أهمل أمة، بل بعث إليها رسولًا، كما قال تعالى:{وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ} .
قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ
…
} الآية، مناسبة (3) هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر العذاب، وأقسم على حقيقته، وأنهم لا يفلتون منه .. ذكر بعض أحوال الظالمين في الآخرة.
قوله تعالى: {أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ
…
} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أنه لما سألوا عما وعدوا به من العذاب، أحق هو، وأجيبوا بأنه، حق لا محالة، وكان ذلك جوابًا كافيًا لمن وفقه الله تعالى للإيمان كما كان جوابًا للأعرابي، حين سأل الرسول صلى الله عليه وسلم: الله أرسلك؟ وقوله عليه السلام له: "اللهم نعم" فقنع بإخباره صلى الله عليه وسلم، إذ علم أنه لا يقول إلا الحق والصدق، كما قال هرقل: لم يكن ليدع الكذب على الناس ويكذب على الله .. انتقل من هذا الجواب إلى ذكر البرهان القاطع على حجته، وتقريره بأن القول بالنبوة والمعاد، يتفرعان على إثبات الإله القادر الحكيم، وأن ما سواه فهو مِلْكُهُ ومُلْكُهُ، فعبر عن هذا بهذه الآية، وكان قد استقصى الدلائل على ذلك في هذه
(1) المراغي.
(2)
البحر المحيط.
(3)
البحر المحيط.