الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قسم الناس إلى مدفوع به ومدفوع، وأنه بدفعه بعضهم ببعض امتنع فساد الأرض، فيهجس في نفس من غلب وقهر عن ما يريد من الفساد في الأرض أن الله تعالى غير متفضل عليه إذا لم يبلغه مقاصده ومآربه، فاستدرك أنه وإن لم يبلغ مقاصده هذا الطالب للفساد أن الله لذو فضل عليه ويحسن إليه.
252
- {تِلْكَ} ؛ أي: هذه الآيات التي قصصناها عليك يا محمَّد من حديث الألوف وموتهم وإحيائهم تمليك طالوت، وإظهاره الآية؛ وهي التابوت وإهلاك الجبابرة على يد صبي {آيَاتُ اللَّهِ} المنزلة من عنده تعالى:{نَتْلُوهَا عَلَيْكَ} ؛ أي: نقرأ تلك الآيات عليك يا محمَّد بواسطة جبريل حالة كونها ملتبسة {بِالْحَقِّ} ؛ أي: بالصدق واليقين الذي لا يشك فيه أحد من أهل الكتاب لما يجدونها موافقة لما في كتبهم {وَإِنَّكَ} يا محمَّد {لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} إلى الإنس والجن كافة بشهادة إخبارك عن الأمم الماضية من غير مطالعة كتاب ولا اجتماع على أحد يخبرك بذلك، فدل ذلك على رسالتك، وأن الذي تخبر به وحي من الله تعالى؛ أي: وإنك يا محمَّد لمن جملة الرسل الذين أرسلهم الله تعالى لتبليغ دعوة الله عز وجل.
فائدة: قال ابن عباس رضي الله عنهما (1): إن داود عليه السلام كان صغيرًا لم يبلغ الحنث راعيًا للغنم، وله سبعة إخوة مع طالوت، فلما أبطأ خبر إخوته على أبيهم إيشا - بوزن كسرى - أرسل ابنه داود إليهم ليأتيه بخبرهم، فأتاهم وهم في المطاف، وبادر جالوت الجبار، وهم من قوم عاد إلى البراز، فلم يخرج إليه أحد، فقال: يا بني إسرائيل، لو كنتم على حق .. لبارزني بعضكم، فقال داود لإخوته: أما فيكم من يخرج إلى هذا الأقلف؟ فسكتوا، فذهب إلى ناحية من الصف ليس فيها إخوته، فمر به طالوت وهو يحرض الناس، فقال له داود: ما تصنعون بمن يقتل هذا الأقلف؟ فقال طالوت: أنكحه ابنتي وأعطيه نصف ملكي، فقال داود: فأنا خارج إليه، وكان عادته أن يقاتل بالمقلاع الذئب والأسد في المرعى، وكان طالوت عارفًا بجلادته، فلما هم داود بأن يخرج إلى جالوت .. مر بثلاثة أحجار، فقلن يا داود: خذنا معك
(1) المراح.
ففينا ميتة جالوت، فلما خرج إلى جالوت الكافر رماه فأصابه في صدره ونفذ الحجر فيه، وقتل بعده ثلاثين رجلًا فهزم الله تعالى جنود جالوت، وخر جالوت قتيلًا، فأخذه داود يجره حتى ألقاه بين يدي طالوت، ففرح بنو إسرائيل وانصرفوا إلى البلاد سالمين غانمين، فجاء داود إلى طالوت، وقال أنجزني ما وعدتني، فزوجه ابنته وأعطاه نصف الملك كما وعده، فمكث معه كذلك أربعين سنة، فمات طالوت، وأتى بنو إسرائيل بداود، وأعطوه خزائن طالوت، واستقل داود بالملك سبع سنين، ثم انتقل إلى رحمة الله تعالى، فسبحان من لا ينقضي ملكه.
الإعراب
{أَلَمْ} {الهمزة} : للاستفهام التعجبي التقريري، {لم}: حرف نفي وجزم. {تَرَ} : فعل مضارع مجزوم بـ {لم} ، وفاعله ضمير يعود على محمَّد، أو على كل مخاطب، والجملة مستأنفة. {إِلَى الْمَلَإِ}: جار ومجرور متعلق به {مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ} : جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بمحذوف حال من {الْمَلَإِ} تقديره: حال كونهم كائنين من بني إسرائيل. {مِنْ بَعْدِ مُوسَى} جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بما تعلق به الجار والمجرور قبله، ولا يضر تعلق حرفي جر متحدي اللفظ بعامل واحد؛ لاختلاف معناهما، فـ {مِنْ} الأولى تبعيضية، والثانية لابتداء الغاية. {إِذْ قَالُوا} {إِذْ}: ظرف لما مضى من الزمان، والظرف متعلق بـ {تر} أو بمحذوف؛ تقديره: ألم تر إلى قصتهم إذ قالوا: {قَالُوا} : فعل وفاعل، والجملة في محل الجر مضاف إليه لـ {إذ}. {لِنَبِيٍّ}: جار ومجرور متعلق بـ {قالوا} . {لَهُمُ} جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لـ {نبي} . {ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} مقول محكي لقالوا، وإن شئت قلت:{ابْعَثْ} : فعل أمر، وفاعله ضمير يعود على {نبي} ، والجملة في محل النصب مقول {قَالُوا} ، {لَنَا}: جار ومجرور متعلق بـ {بعث} . {مَلِكًا} : مفعول به. {نُقَاتِلْ} : فعل مضارع مجزوم بالطلب السابق، وفاعله ضمير يعود على {الْمَلَإِ} ، والجملة الفعلية جواب الطلب لا محل لها من الإعراب. {فِي سَبِيلِ اللَّهِ}: جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بـ {نُقَاتِلْ} .
{قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا} .
{قَالَ} : فعل ماضٍ، وفاعله ضمير يعود على {بَنِي} ، والجملة مستأنفة استئنافًا بيانيًّا، {هَلْ} حرف استفهام {عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ} إلى آخره مقول محكي، وإن شئت قلت:{عَسَيْتُمْ} {عسى} : من أفعال المقاربة ترفع الاسم وتنصب الخبر، والتاء ضمير المخاطبين في محل الرفع اسمها. {إن}: حرف شرط جازم. {كُتِبَ} : فعل ماض مغيَّر الصيغة في محل الجزم بـ {إن} . {عَلَيْكُمُ} : جار ومجرور متعلق به. {الْقِتَالُ} : نائب فاعل، وجواب {إِن} الشرطية محذوف تقديره: إن كتب عليكم القتال فلا تقاتلوا، وجملة {إِن} الشرطية مع جوابها جملة معترضة لا محل لها من الإعراب؛ لاعتراضها بين عسى وخبرها. {أَلَّا تُقَاتِلُوا}:{أن} : حرف نصب ومصدر {لا} : نافية {تُقَاتِلُوا} فعل وفاعل منصوب بـ {أن} ، وجملة {أن} مع صلتها في تأويل مصدر منصوب على كونه خبر {عسى} ، ولكن لا بد من تقدير وتأويل؛ لأن المصدر معنى من المعاني، فلا يخبر به عن الجنة، والتقدير: هل عسيتم كون حالكم عدم المقاتلة، وجملة {عسى} من اسمها وخبرها في محل النصب مقول {قَالَ} .
{قَالُوا} : فعل وفاعل، والجملة مستأنفة. {وَمَا لَنَا} إلى قوله:{وَأَبْنَائِنَا} مقول محكي، وإن شئت قلت:{وَمَا لَنَا} الواو: رابطة (1) هذا الكلام بما قبله. {ما} : استفهامية في محل الرفع مبتدأ. {لَنَا} : جار ومجرور خبر المبتدأ، والجملة في محل النصب مقول {قَالُوا} {أَلَّا تُقَاتِلُوا}:{أن} : حرف نصب ومصدر. {لا} : نافية. {نُقَاتِلَ} : فعل مضارع منصوب بـ {أن} ، وفاعله ضمير يعود إلى {الْمَلَإِ} . {فِي سَبِيلِ اللَّهِ} جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بـ {نُقَاتِلْ} ، والجملة الفعلية صلة {إن} المصدرية، {إن} مع صلتها في تأويل مصدر مجرور بحرف جر محذوف تقديره: وما لنا في عدم قتالنا، الجار والمجرور متعلق بالاستقرار الذي تعلق به الخبر. {وَقَدْ أُخْرِجْنَا} الواو: حالية.
(1) الجمل.
{قد} : حرف تحقيق. {أُخْرِجْنَا} : فعل ونائب فاعل. {مِنْ دِيَارِنَا} : جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بـ {أخرجنا} ، {وَأَبْنَائِنَا}: معطوف على {دِيَارِنَا} ، وجملة {أُخْرِجْنَا} في محل النصب حال من الضمير المستتر في {نُقَاتِلَ} تقديره: حالة كوننا مخرجين من ديارنا وأبنائنا.
{فَلَمَّا} {الفاء} : فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر تقديره: إذا عرفت ما قالوا لنبيهم، وما قال النبي لهم، وأردت بيان حالهم بعد ما كتب كليهم القتال .. فأقول لك {لما}: حرف شرط غير جازم، {كُتِبَ}: فعل ماضٍ مغيَّر الصيغة. {عَلَيْهِمُ} : متعلق به. {الْقِتَالُ} : نائب فاعل، والجملة من الفعل الصغير ونائبه فعل شرط لـ {ما} لا محل لها من الإعراب، {تَوَلَّوْا}: فعل وفاعل والجملة جواب لـ {لما} لا محل لها من الإعراب، وجملة {لما} من فعل شرطها وجوابها في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة. {إِلَّا}: أداة استثناء. {قَلِيلًا} : منصوب على الاستثناء. {وَاللَّهُ} : الواو: استئنافية. {الله} : مبتدأ {عَلِيمٌ} خبر {بِالظَّالِمِينَ} : متعلق بـ {عليم} ، والجملة مستأنفة.
{وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا} .
{وَقَالَ} الواو: عاطفة. {قال} : فعل ماض، {لَهُمْ}: متعلق به. {نَبِيُّهُمْ} : فاعل ومضاف إليه، والجملة معطوفة على جملة قوله:{قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ} . {إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ} إلى قوله: {قَالُوا} مقول محكي، وإن شئت قلت:{إِنَّ} : حرف نصب وتوكيد. {اللَّهَ} : اسمها، {قَدْ}: حرف تحقيق. {بَعَثَ} : فعل ماض، وفاعله ضمير يعود على {اللَّهَ}. {لَكُمْ}: متعلق به، {طَالُوتَ}: مفعول به. {مَلِكًا} : حال من {طَالُوتَ} ، والجملة الفعلية في محل الرفع خبر {إِنَّ} ، وجملة {إنَّ} من اسمها وخبرها في محل النصب مقول {قال} .
{قَالُوا} : فعل وفاعل والجملة مستأنفة. {أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ} إلى قوله: {قال} مقول محكي، وإن شئت قلت:{أَنَّى} : اسم استفهام بمعنى كيف في محل النصب حال من {الْمُلْكُ} ، والعامل (1) فيه {يَكُونُ} ، ولا يعمل فيه واحد من الظرفين؛ لأنه عامل معنوي، فلا يتقدم الحال عليه. {يَكُونُ}: مضارع ناقص، {لَهُ}: جار ومجرور خبر مقدم لـ {يكون} . {الْمُلْكُ} : اسمها مؤخر، وجملة {يَكُونُ} في محل النصب مقول {قَالُوا} ، {عَلَيْنَا}: جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من (2){الْمُلْكُ} ، والعامل فيه {يَكُونُ} أو الخبر، ويجوز أن يكون الخبر {عَلَيْنَا} و {له} حال، ويجوز أن تكون تامة، فيكون {لَهُ} متعلقًا بـ {يكون} و {عَلَيْنَا} حال، والعامل فيه {يَكُونُ}؛ أي: كيف يقع أو يحدث له الملك علينا، وفي "السمين":{أَنَّى يَكُونُ} (3) إما تامة أو ناقصة، و {عَلَيْنَا} متعلق بـ {الْمُلْكُ} ؛ لأن مادته تتعدى بعلى، تقول: ملك فلان على بني فلان أمرهم اهـ. {وَنَحْنُ} : الواو: حالية. {نحن} : مبتدأ. {أَحَقُّ} : خبر {بِالْمُلْكِ} : متعلق بـ {أحق} {مِنْهُ} : جار ومجرور متعلق بـ {أَحَقُّ} أيضًا، والجملة الإسمية في محل النصب حال من ضمير {عَلَيْنَا}. {وَلَمْ يُؤْتَ}: الواو: عاطفة. {لم} : حرف نفي وجزم {يُؤْتَ} : فعل مضارع مغيّر الصيغة، ونائب فاعله ضمير يعود على {طَالُوتَ}. {سَعَةً}: مفعول ثان. {مِنَ الْمَالِ} : جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لـ {سعة} تقديره: سعة كائنة من المال، والجملة من الفعل المغيّر ونائبه في محل النصب معطوف على جملة قوله:{وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ} على كونها حالًا من ضمير {عَلَيْنَا} .
{قَالَ} فعل ماض وفاعله ضمير يعود على نبيهم والجملة مستأنفة. {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ} إلى آخر الآية مقول محكي، وإن شئت قلت:{إِنَّ} حرف نصب. {اللَّهَ} اسمها. {اصْطَفَاهُ} : فعل ومفعول به، وفاعله ضمير يعود على {اللَّهَ} ،
(1) العكبري.
(2)
العكبري.
(3)
الجمل.
والجملة الفعلية في محل الرفع خبر {إِنَّ} ، وجملة {إِنَّ} في محل النصب مقول {قَالَ}. {عَلَيْكُمْ}: جار ومجرور متعلق بـ {اصْطَفَى} {وَزَادَهُ} الواو: عاطفة. {زاده} : فعل ومفعول أول، وفاعله ضمير يعود على {اللَّهَ} ، والجملة في محل الرفع معطوفة على جملة قوله:{اصْطَفَاهُ} على كونها خبرًا لـ {إنَّ} ، {بَسْطَةً}: مفعول ثان. {فِي الْعِلْمِ} : جار ومجرور صفة لـ {بَسْطَةً} ، أو متعلق بـ {بسطة} ، {وَالْجِسْمِ}: معطوف على {الْعِلْمِ} ، {وَاللَّهُ}: الواو: عاطفة، أو اعتراضية {الله} مبتدأ. {يُؤْتِي}: فعل مضارع، وفاعله ضمير يعود على {الله} ، والجملة في محل الرفع خبر المبتدأ تقديره: والله مؤت ملكه والجملة في محل النصب معطوفة على جملة {إنَّ} على كونها مقولًا لـ {قال} ، أو جملة معترضة لا محل لها من الإعراب إن قلنا: إنها من كلام الله لمحمد صلى الله عليه وسلم. {مُلْكَهُ} : مفعول أول ومضاف إليه. {مَنْ} : اسم موصول في محل النصب مفعول ثان لـ {يُؤْتِي} لأنه بمعنى يعطي. {يَشَاءُ} : فعل مضارع، وفاعله ضمير يعود على {الله} ، والجملة صلة الموصول، والعائد محذوف تقديره يشاءه. {وَاللَّهُ}: الواو: عاطفة. {الله} : مبتدأ، {وَاسِعٌ}: خبر أول. {عَلِيمٌ} : خبر ثان، والجملة معطوفة على جملة قوله:{وَاللَّهُ يُؤْتِي} .
{وَقَالَ} الواو: عاطفة. {قال} فعل ماض. {لَهُمْ} : متعلق به. {نَبِيُّهُمْ} فاعل ومضاف إليه، والجملة معطوفة على جملة قوله:{قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ} . {إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ} إلى آخر الآية مقول محكي، وإن شئت قلت:{إِنَّ} حرف نصب. {آيَةَ} : اسمها. {مُلْكِهِ} : مضاف إليه. {إن} : حرف نصب ومصدر. {يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ} : فعل ومفعول به وفاعل، والجملة صلة {أن} المصدرية، {إن} مع صلتها في تأويل مصدر مرفوع على كونه خبرًا لـ {إن} تقديره: إن آية ملكه إتيان التابوت إياكم، وجملة {إنَّ} في محل النصب مقول {قال} {فِيهِ}: خبر مقدم. {سَكِينَةٌ} : مبتدأ مؤخر. {مِنْ رَبِّكُمْ} : جار ومجرور ومضاف إليه صفة لـ {سكينة} تقديره: سكينة كائنة من ربكم،
والجملة الإسمية في محل النصب حال من {التَّابُوتُ} ، ولكنها حالة سببية تقديره: حال كون التابوت موصوفًا بكون السكينة فيه.
{وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ} .
{وَبَقِيَّةٌ} الواو: عاطفة. {بقية} . معطوف على {سَكِينَةٌ} ، {مما}: جار ومجرور صفة لـ {بقية} . {تَرَكَ آلُ مُوسَى} : فعل وفاعل ومضاف إليه. {وَآلُ هَارُونَ} : معطوف على {آلُ مُوسَى} ، والجملة الفعلية صلة لـ {ما} ، أو صفة لها، والعائد أو الرابط محذوف تقديره: مما تركه آل موسى. {تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ} : فعل ومفعول وفاعل: والجملة في محل النصب حال من {التَّابُوتُ} تقديره: حالة كونه محمولًا للملائكة، أو الجملة مستأنفة.
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} .
{إِنَّ} : حرف نصب. {فِي ذَلِكَ} : جار ومجرور خبر مقدم لـ {إنَّ} . {لَآيَةً} {اللام} : حرف ابتداء {آية} : اسم {إِنَّ} مؤخر. {لَكُمْ} : جار ومجرور صفة لـ {آية} ، وجملة {إن} في محل النصب مقول قال {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}:{إن} : حرف شرط. {كُنْتُمْ} : فعل ناقص، واسمه في محل الجزم بـ {إن} ، {مُؤْمِنِينَ}: خبر {كان} ، وجواب {إِن} محذوف تقديره: إن كنتم مؤمنين؛ أي: مصدقين بأن الله جعل لكم طالوت ملكًا .. فالآية على ملكه حاصلة، وجملة {إن} في محل النصب بمقول قال.
{فَلَمَّا} : {الفاء} : فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن شرط مقدر تقديره: إذا عرفت ما قال لهم نبيهم، وما قالوا، وأردت بيان عاقبة أمرهم .. فأقول لك:{لما فصل} ، {لما}: حرف شرط غير جازم، {فَصَلَ طَالُوتُ}: فعل وفاعل {بِالْجُنُودِ} : متعلق بـ {فصل} ، أو حال من {طالُوتُ} ، والجملة الفعلية لا محل لها من الإعراب؛ لأنها فعل شرط لـ {لما}. {قَالَ}: فعل ماضٍ، وفاعله ضمير
يعود على {طالُوت} ، والجملة جواب {لما} لا محل لها من الإعراب، وجملة {لما} في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة مستأنفة. {إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ} إلى قوله:{فَشَرِبُوا مِنْهُ} مقول محكي، وإن شئت قلت:{إِنَّ} : حرف نصب. {اللَّهَ} : اسمها: {مُبْتَلِيكُمْ} : خبر {إن} ومضاف إليه، وجملة {أن} في محل النصب مقول {قَالَ} ، {بِنَهَرٍ}: جار ومجرور متعلق بـ {مُبْتَلِيكُمْ} . {فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ} {الفاء} : تفصيلية. {من} : اسم شرط جازم في محل الرفع مبتدأ، والخبر جملة الشرط. {شَرِبَ}: فعل ماضٍ في محل الجزم بـ {من} على كونه فعل شرط لها، وفاعله ضمير يعود على {من} ، {مِنْهُ}: جار ومجرور متعلق بـ {شَرِبَ} . {فَلَيْسَ مِنِّي} {الفاء} : رابطة لجواب {من} الشرطية وجوبًا، لكون الجواب جملة جامدية؛ لأنه من المواضع السبعة المجموعة في قول بعضهم:
اسْمِيَّةٌ طَلَبِيَّةٌ وَبِجَامِدِ
…
وَبِمَا وَلَنْ وَقَدْ وَبِالتَّنْفِيْسِ
{ليس} : فعل ماضٍ ناقص في محل الجزم بـ {من} على كونها جوابًا لها، واسمها ضمير يعود على {من} ، {مِنِّي}: جار ومجرور خبر {ليس} ، وجملة {من} الشرطية في محل النصب مقول {قَالَ}. {وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ} الواو: عاطفة {من} ، اسم شرط في محل الرفع مبتدأ، والخبر جملة الشرط، {لم}: حرف نفي وجزم {يَطْعَمْهُ} : فعل ومفعول مجزوم بـ {لَمْ} ، وفاعله ضمير يعود على {من} ، والجملة الفعلية في محل الجزم بـ {من} على كونها فعل شرط لها. {فَإِنَّهُ مِنِّي}:{الفاء} : رابطة الجواب وجوبًا، {إن}: حرف نصب، {الهاء}: اسمها. {مِنِّي} : جار ومجرور خبرها، وجملة إن في محل الجزم بـ {من} على كونها جوابًا لها، وجملة {مَنِ} الشرطية في محل النصب معطوفة على جملة قوله:{فَمَنْ شَرِبَ} على كونها مقولًا لـ {قال} ، {إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ}:{إلا} : أداة استثناء، {مَنِ}: اسم موصول في محل النصب على الاستثناء، وأنت (1) بالخيار إن شئت جعلته استثناء من {من} الأولى، وإن شئت من {مَنِ} الثانية.
(1) العكبري.
{اغْتَرَفَ} : فعل ماضٍ وفاعله ضمير يعود على {مَنِ} ، والجملة صلة الموصول، والعائد ضمير الفاعل. {غُرْفَةً} إما مفعول مطلق، أو مفعول به. {بِيَدِهِ}: جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بـ {اغترف} ، أو بمحذوف صفة لـ {غرفة} ، {فَشَرِبُوا}: الفاء: عاطفة {شربوا} : فعل وفاعل. {مِنْهُ} : جار ومجرور متعلق به. {إِلَّا} : أداة استثناء. {قَلِيلًا} : منصوب على الاستثناء. {مِنْهُمْ} : جار ومجرور صفة لـ {قليلًا} ، وجملة {شربوا} معطوفة على محذوف تقديره: فابتلوا بذلك النهر فشربوا منه إلا قليلًا منهم على كونها مستأنفة.
{فَلَمَّا} {الفاء} : فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر تقديره: إذا عرفت أنهم شربوا منه، وأردت بيان عاقبة أمرهم .. فأقول لك. {لما}: حرف شرط غير جازم. {جَاوَزَهُ} : فعل ومفعول، وفاعله ضمير مستتر يعود على {طَالُوتُ} ، والجملة الفعلية فعل شرط لـ {لما} لا محل لها من الإعراب، {هُوَ}: ضمير مؤكد لضمير الفاعل المستتر، ليعطف عليه. {وَالَّذِينَ}: معطوف على ضمير الفاعل المستتر. {آمَنُوا} : فعل وفاعل، والجملة صلة الموصول، والعائد ضمير الفاعل. {مَعَهُ}: ظرف ومضاف إليه، والظرف متعلق (1) بـ {جاوز} من حيث عمله في المعطوف وهو الموصول؛ أي: فلما جاوزه وجاوز معه الذين آمنوا. {قَالُوا} : فعل وفاعل، والجملة جواب {لما} لا محل لها من الإعراب، وجملة {لما} في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة. {لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ} إلى قوله:{قال} مقول محكي، وإن شئت قلت:{لَا} : نافية. {طَاقَةَ} : اسمها. {لَنَا} خبرها، وجملة {لَا} في محل النصب مقول {قَالُوا}. {الْيَوْمَ}: منصوب على الظرفية متعلق بالاستقرار الذي تعلق به الخبر، وهذا الجار والمجرور في قوله:{بِجَالُوتَ} متعلق بالاستقرار
(1) الجمل.
المذكور، وجالوت كطالوت ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة {وَجُنُودِهِ}: معطوف على {جالوت} ومضاف إليه.
{قَالَ الَّذِينَ} : فعل وفاعل، والجملة مستأنفة. {يَظُنُّونَ}: فعل وفاعل، والجملة مستأنفة. {يَظُنُّونَ}: فعل وفاعل، والجملة صلة الموصول، والعائد ضمير الفاعل {أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ} {أن}: حرف نصب، {الهاء}: اسمها. {مُلَاقُو اللَّهِ} : خبر {أن} ومضاف إليه، وجملة {أن} من اسمها وخبرها في تأويل مصدر ساد مسد مفعولي {يَظُنُّونَ} تقديره: لقاء الله. {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ} إلى آخر الآية مقول محكي، وإن شئت قلت:{كَمْ} : خبرية بمعنى عدد كثير في محل الرفع مبتدأ مبني على السكون؛ لشبهه بالحرف شبهًا معنويًّا؛ لتضمنه معنى رب التكثيرية، {مِنْ}: زائدة. {فِئَةٍ} : تمييز لكم منصوب بفتحة مقدرة، وقد تحذف {مِنْ} ؛ فيجر تمييزها بالإضافة، لا بمن مقدرة على الصحيح. {قَلِيلَةٍ}: صفة لـ {فئة} . {غَلَبَتْ} غلب فعل ماضٍ، وفاعله ضمير يعود على {فِئَةً} ، والجملة من الفعل والفاعل في محل الرفع خبر {كَمْ} ، كثير من فئة قليلة غالبة فئة كثيرة، والجملة الإسمية في محل النصب مقول {قَالَ}. {فِئَةً}: مفعول {غَلَبَتْ} . {كَثِيرَةً} : صفة لـ {فئة} ، {بِإِذْنِ اللَّهِ}: جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بمحذوف حال من {فئة} ؛ لتخصصها بالصفة وإن كانت نكرة، أو متعلق بـ {غَلَبَتْ} {وَاللَّهُ}: الواو: عاطفة، أو استئنافية. {الله} مبتدأ. {مَعَ الصَّابِرِينَ}: ظرف ومضاف إليه، والظرف متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، والجملة الإسمية في محل النصب معطوفة على جملة قوله:{كم من فئة} على كونها من مقولهم، ويحتمل أنها من كلام الله تعالى، أخبر الله تعالى بها عن حال الصابرين، فتكون مستأنفة لا محل لها من الإعراب.
{وَلَمَّا} الواو: استئنافية. {لما} : حرف شرط غير جازم. {بَرَزُوا} : فعل وفاعل، والجملة فعل شرط لـ {لما} لا محل لها من الإعراب. {لِجَالُوتَ}: متعلق بـ {بَرَزُوا} . {وَجُنُودِهِ} معطوف على {جالوت} ومضاف إليه. {قَالُوا} : فعل وفاعل، والجملة جواب {لما} لا محل لها من الإعراب، وجملة {لما} مستأنفة. {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا} إلى آخر الآية مقول محكي، وإن شئت قلت:{رَبَّنَا} منادى مضاف، وجملة النداء في محل النصب مقول {قال} {أَفْرِغْ}: فعل دعاء سلوكًا مسلك الأدب مع الباري سبحانه، وفاعله ضمير يعود على الله، والجملة جواب النداء في محل النصب مقول {قَالُوا}. {عَلَيْنَا}: متعلق بـ {أفرغ} . {صَبْرًا} مفعول {أَفْرِغْ} . {وَثَبِّتْ} : الواو: عاطفة. {ثبت} : فعل دعاء، وفاعله ضمير يعود على الله، والجملة في محل النصب معطوفة على جملة {أَفْرِغْ} ، {أَقْدَامَنَا}: مفعول به ومضاف إليه. {وَانْصُرْنَا} فعل ومفعول، وفاعله ضمير يعود على الله، والجملة معطوفة على جملة {أَفْرِغْ} ، {عَلَى الْقَوْمِ}: متعلق بـ {انصرنا} ، {الْكَافِرِينَ} صفة لـ {لقوم} .
{فَهَزَمُوهُمْ} {الفاء} : عاطفة، هزموهم: فعل وفاعل ومفعول، والجملة معطوفة على جملة قوله:{قَالُوا رَبَّنَا} . {بِإِذْنِ اللَّهِ} : جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بـ {هزموا} ، أو حال من ضمير الفاعل. {وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ}: فعل وفاعل ومفعول، والجملة معطوفة على {هزموهم} {وَآتَاهُ اللَّهُ}: فعل ومفعول أول وفاعل. {الْمُلْكَ} : مفعول ثان. {وَالْحِكْمَةَ} : معطوف على {الْمُلْكَ} ، والجملة معطوفة على جملة {قتل داود}. {وَعَلَّمَهُ}: فعل ومفعول أول، وفاعله ضمير يعود على الله، والجملة معطوفة على جملة {قتل}. {مِمَّا}: جار ومجرور في محل النصب مفعول ثانٍ. {يَشَاءُ} : فعل مضارع، وفاعله ضمير يعود على {اللَّهُ} ، والجملة صلة لـ {ما} ، أو صفة لها، والعائد أو الرابط محذوف؛ تقديره: مما يشاءه.
{وَلَوْلَا} الواو: استئنافية، {لولا}: حرف امتناع لوجود. {دَفْعُ اللَّهِ} : مبتدأ ومضاف إليه وهو من إضافة المصدر إلى فاعله. {النَّاسَ} : مفعول المصدر، {بَعْضَهُمْ} بدل من {النَّاسَ} ، بدل بعض من كل {بِبَعْضٍ} جار ومجرور متعلق بـ {دفع} ، وهو في محل المفعول الثاني، وخبر المبتدأ محذوف وجوبًا؛ لقيام جواب {لولا} مقامه تقديره: موجود. {لَفَسَدَتِ} : {اللام} : رابطة لجواب {لولا} ، {فسدت الأرض}: فعل وفاعل، والجملة جواب {لولا} لا محل لها من الإعراب، وجملة {لولا} مع جوابها مستأنفة. {وَلَكِنَّ}: الواو: عاطفة. {لكن} : حرف استدراك ونصب. {اللَّهَ} : اسمها. {ذُو} : خبر {لكن} . {فَضْلٍ} : مضاف إليه، وجملة {لكن} معطوفة على جملة {لولا} على كونها مستأنفة لا محل لها من الإعراب.
{تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (252)} .
{تِلْكَ} : {تِ} اسم إشارة يشار به إلى المفردة المؤنثة البعيدة في محل الرفع مبتدأ مبني بسكون على الياء المحذوفة؛ للتخلص من التقاء الساكنين، {اللام}: لبعد المشار إليه، أو لمبالغة البعد حرف لا محل له من الإعراب مبني على السكون، {الكاف}: حرف قال على الخطاب. {آيَاتُ اللَّهِ} : خبر ومضاف إليه، والجملة مستأنفة. {نَتْلُوهَا}: فعل ومفعول، وفاعله ضمير يعود على {اللَّهِ} {عَلَيْكَ}: جار ومجرور متعلق بـ {نتلوا} ، وجملة {نتلوا} يجوز (1) أن تكون حالًا من الآيات، والعامل فيها معنى الإشارة، ويجوز أن تكون مستأنفة، {بِالْحَقِّ}: جار ومجرور يجوز أن يكون متعلقًا بـ {نتلوا} ، وأن يكون حالًا من ضمير الآيات المنصوب؛ أي؛ متلبسة بالحق، ويجوز أن يكون حالًا من الفاعل؛ أي: ومعنا الحق، ويجوز أن يكون حالًا من الكاف؛ أي: ومعك الحق، وجملة {تِلْكَ} من المبتدأ والخبر مستأنفة استئنافًا نحويًّا لا محل لها من
(1) العكبري.
الإعراب. {وَإِنَّكَ} : الواو: عاطفة، {إن}: حرف نصب وتوكيد، والكاف اسمها. {لَمِنَ}:{اللام} : حرف ابتداء، {من المرسلين}: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر {إن} تقديره: وإنك لكائن من المرسلين، وجملة {إن} معطوفة على جملة {تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ} على كونها مستأنفة.
التصريف ومفردات اللغة
{وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً} سعة وزنها عَلَةً، أصله وسع حذفت فاء الكلمة، وهي الواو وعوض عنها تاء التأنيث كما في عدة وزنة، وإنما حذفت الفاء في المصدر حملًا له على المضارع، وإنما حذفت في المضارع لوقوعها بين عدوتيها الياء وهي حرف المضارعة والكسرة المقدرة؛ لأن أصله يوسع، وذلك أن وسع مثل وثق، فحق مضارعه أن يجيء على يفعل بكسر العين، وإنما منع ذلك في يسع كون لامه حرف حلق، ففتح عين مضارعه لذلك وإن كان أصلها الكسرة، ولذلك قلنا بين ياء وكسرة مقدرة، فالفتحة عارضة، فأجرى عليها حكم الكسرة، ثم جعلت في المصدر مفتوحة؛ لتوافق الفعل، ويدلك على ذلك أن قولك وعد يعد مصدره عدة بالكسر لما خرج على أصله.
{وَاسِعٌ عَلِيمٌ} واسع قيل: هو على معنى النسب؛ أي: هو ذو سعة، وقيل: جاء على حذف الزائد، والأصل أوسع فهو موسع، وقيل: اسم فاعل من وسع الثلاثي؛ لأنك تقول: وسع علمه وحلمه.
{التَّابُوتُ} : وزنه فاعول مشتق (1) من التوب الذي هو الرجوع، لما أنه لا يزال يرجع إليه ما يخرج منه وتاؤه مزيدة لغير التأنيث كملكوت وجبروت، والمشهور أن يوقف على تائه من غير أن تقلب هاء، ومنهم من يقلبها.
{فِيهِ سَكِينَةٌ} السكينة: فعيلة من السكون، وهو الوقار، تقول: في فلان سكينة؛ أي: وقار وثبات.
{وَبَقِيَّةٌ} (2) وأصل بقية بقيية، ولام الكلمة ياء ولا حجة في بقي لانكسار
(1) أبو السعود.
(2)
العكبري.
ما قبلها، ألا ترى أن شقي أصلها واو.
{وَجُنُودِهِ} الجنود جمع جند، وهو معروف واشتقاقه من الجند، وهو الغليظ من الأرض إذ بعضهم يعتصم ببعض، وفي "المصباح" الجند الأنصار والأعوان، والجمع أجناد وجنود، الواحد جندي، فالياء للوحدة مثل روم ورميّ اهـ، والياء في {مُبْتَلِيكُمْ} بدل من واو؛ لأنه من بلاه يبلوه.
{بِنَهَرٍ} فتح الهاء وإسكانها لغتان، والمشهور في القراءة فتحها، وقرأ حميد بن قيس شذوذًا بإسكانها، وأصل النهر والنهار الاتساع، ومنه ما أنهر الدم. {إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً} الغُرفة - بضم الغين - اسم للقدر المغترف من الماء كالأكلة للقدر الذي يؤكل، وبفتح الغين مصدر للمرة الواحدة، نحو ضربت ضربة، والاغتراف الأخذ من الشيء باليد أو بآلته، والغرف مثل الاغتراف، فمعناهما واحد، والغرفة البناء العالي المشرف. {لَا طَاقَةَ} وعين الطاقة واو؛ لأنه من الطوق، وهو القدرة تقول: طوقته الأمر.
{كَمْ مِنْ فِئَةٍ} الفئة القطعة من الناس، وأصل فئة فيئة؛ لأنه من فاء يفيء إذا رجع، فالمحذوف عينها، وقيل: أصلها فيوءة لأنها من فأوت رأسه إذا كسرته، فيكون المحذوف لام الكلمة.
{أَقْدَامَنَا} جمع قدم، والقدم الرجل، وهي مؤنثة تقول في تصغيرها قديمة، والاشتقاق في هذه الكلمة يرجع لمعنى التقدم.
البلاغة
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ} : فيه مجاز بالحذف إذ الأصل إلى قصة الملأ، وهذا المحذوف هو متعلق الظرف في قوله:{إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ} .
{فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ} : في الكلام إيجاز وحذف تقديره: فسأل الله ذلك النبي، فكتب عليهم القتال وبعث لهم ملكًا؛ أي: عينه لهم ليقاتل بهم، فلما كتب عليهم القتال .. إلخ.
{وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} والظاهر أن هذا من كلام ذلك النبي، قال ذلك لهم لما علم من تعنتهم وجدالهم في الحجج، فأراد
أن يتم كلامه بالقطعي الذي لا اعتراض فيه، وهو أظهر التأويلين، الثاني: أنه من كلام الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم، وتكون الجملتان معترضتين في هذه القصة للتشديد والتقوية لمن يؤتيه الله الملك؛ أي: فإذا كان الله تعالى هو المتصرف في ملكه .. فلا اعتراض عليه لا يسئل عما يفعل.
{آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ} : فيه مجاز بالزيادة؛ لأن المراد أنفسهما، فلفظ آل مقحم وفائدة هذه الزيادة تفخيم شأنهما.
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ} وإفراد (1) حرف الخطاب مع تعدد المخاطبين بتأويل الفريق أو غيره كما سلف في قوله: {ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} .
{أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا} فيه استعارة تمثيلية، فقد شبه حالهم - والله تعالى يفيض عليهم الصبر - بحال الماء يصب ويفرغ على الجسم، فيعمه كله ظاهره وباطنه، فيلقي في القلب بردًا وسلامًا وهدوءًا واطمئنانًا.
{وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا} وهو كناية (2) عن تشجيع قلوبهم وتقويتها، ولما سألوا ما يكون مستعليًا عليهم من الصبر .. سألوا تثبيت أقدامهم وإرساخها.
{وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} فيه ثلاث تأكيدات .. التأكيد بإن، وباللام، وباسمية الجملة.
اللهم كما وفقتني بابتدائه، فأكرمني بانتهائه، وصلى الله وسلَّم على سيدنا ومولانا محمَّد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين. آمين (3).
والله سبحانه وتعالى أعلم
(1) أبو السعود.
(2)
البحر المحيط.
(3)
تم تصحيح هذه النسخة بيد مؤلفه في تاريخ 11/ 4/ 1408 هـ وصلى الله على سيدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا.
إلى هنا انتهى المجلد الثالث في تاريخ 9/ 1/ 1407 هـ.