المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الإصلاح بين الناس، يعني: لا تجعلوا الحلف بالله سببًا مانعًا - تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن - جـ ٣

[محمد الأمين الهرري]

الفصل: الإصلاح بين الناس، يعني: لا تجعلوا الحلف بالله سببًا مانعًا

الإصلاح بين الناس، يعني: لا تجعلوا الحلف بالله سببًا مانعًا لكم عن فعل الخير، وعن فعل البر والتقوى والإصلاح بين الناس؛ فتتعللوا باليمين بأن يقول أحدكم: قد حلفت بالله على أن لا أفعله، وأريد أن أبر بيميني، بل افعلوا الخير، وكفروا عن أيمانكم.

روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من حلف على يمين، فرأى غيرها خيرًا منها .. فليأتها، وليكفر عن يمينه".

وقيل معناه: لا تجعلوا الله عرضة؛ أي: معروضًا ومذكورًا في أيمانكم، وحلفكم على أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس؛ يعني: لا تكثروا الحلف بالله، وإن كنتم بارين متقين مصلحين، فإن كثرة الحلف بالله ضرب من الجراءة عليه {وَاللَّهُ سَمِيعٌ} لأيمانكم {عَلِيمٌ} بنياتكم، وختم الله سبحانه وتعالى (1) هذه الآية بهاتين الصفتين؛ لأنه تقدم ما يتعلق بهما، فالذي يتعلق بالسمع الحلف؛ لأنه من المسموعات، والذي يتعلق بالعلم هو إرادة البر والتقوى والإصلاح؛ إذ هو شيء محله القلب، فهو من المعلومات، فجاءت هاتان الصفتان منتظمتين للعلة والمعلول، وجاءتا على ترتيب ما سبق من تقديم السمع على العلم، كما قدم الحلف على الإرادة.

‌225

- {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ} ولا يعاتبكم، أو لا يطالبكم بالتكفير {بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ}؛ أي: بما جرى على ألسنتكم من ألفاظ الإيمان من غير قصد الحلف كقول أحدكم: بلى والله، تارة، ولا والله، تارة أخرى، لا يقصد به اليمين {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ} ويعاتبكم، أو يطالبكم بالتكفير {بِمَا كَسَبَتْ} وقصد به {قُلُوبُكُمْ} من ألفاظ الإيمان، وكسب القلب: هو العقد والنية.

واختلف العلماء في معنى اللغو من اليمين:

فقال الشافعي: هو ما سبق إليه اللسان من غير قصد اليمين، فلا إثم ولا كفارة له، بخلاف أبي حنيفة فيهما كقول القائل: لا والله، وبلى والله، من غير

(1) البحر المحيط.

ص: 293

قصد ولا نية، ويعضده ما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: نزل قوله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ في أَيْمَانِكُمْ} في قول الرجل: لا والله، بلى والله. أخرجه البخاري موقوفًا، ورفعه أبو داود.

وقال أبو حنيفة ومالك: اللغو من اليمين: هو أن يحلف الرجل على شيء يرى أنه صادق، ثم يتبين له خلاف ذلك، فلا إثم فيه، ولا كفارة له عندهما بخلاف الشافعي فيهما.

ومعنى الآية عند الشافعي: لا يؤاخذكم الله بغير المقصود لقلوبكم، وإنما يؤاخذكم بالمقصود لها، وعند أبي حنيفة ومالك لا يؤاخذكم باللغو؛ أي: بما حلفتم عليه معتقدين حقيقته بحيث يكون اللسان موافقًا للجنان ثم تبين خلافه، ولكن يؤاخذكم بما حلفتم عليه غير معتقدين حقيقته، وهي اليمين الغموس؛ أي: ولكن يؤاخذكم بما كسبته واقترفته قلوبكم من إثم القصد إلى الكذب.

ومذهب الشافعي: هو قول عائشة رضي الله عنهما والشعبي، وعكرمة، ومذهب أبي حنيفة: هو قول ابن عباس رضي الله عنهما والحسن، ومجاهد، والنخعي، والزهري، وسليمان بن يسار، وقتادة، ومكحول.

{وَاللهُ غَفُورٌ} لعباده فيما لغوا من أيمانهم {حَلِيمٌ} حيث لم يعجل العقوبة على يمين الجد تربصًا للتوبة، وجاءت هاتان الصفتان تدلان على توسعة الله على عباده حيث لم يؤاخذهم باللغو في الإيمان.

الإعراب

{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} .

{يَسْأَلُونَكَ} : فعل وفاعل ومفعول أول، والجملة مستأنفة استئنافًا نحويًّا. {عَنِ الْخَمْرِ}: جار ومجرور في محل النصب مفعول ثان. {وَالْمَيْسِرِ} : معطوف على {الْخَمْرِ} . {قُلْ} : فعل أمر، وفاعله ضمير يعود على محمَّد، والجملة جملة جوابية لا محل لها من الإعراب. {فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا}: مقول محكي لـ {قُلْ} ، وإن شئت قلتَ:{فِيهِمَا} :

ص: 294

جار ومجرور خبر مقدم. {إِثْمٌ} : مبتدأ. {كَبِيرٌ} : صفة لـ {إِثْمٌ} ، والجملة الإسمية في محل النصب مقول القول. {وَمَنَافِعُ}: معطوف على {إثم} . {لِلنَّاسِ} : جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لـ {منافع} ؛ تقديره: كائنات للناس. {وَإِثْمُهُمَا} الواو: عاطفة. {إثمهما} : مبتدأ ومضاف إليه. {أَكْبَرُ} : خبر. {مِنْ نَفْعِهِمَا} : جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بـ {أَكْبَرُ} ، والجملة الإسمية في محل النصب معطوفة على الجملة التي قبلها على كونها مقولًا لـ {قُلْ}. {وَيَسْأَلُونَكَ} الواو: عاطفة، {يسئلونك}: فعل وفاعل ومفعول أول، والجملة معطوفة على جملة {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ} على كونها مستأنفة. {مَاذَا يُنْفِقُونَ}:{ما} : اسم استفهام في محل الرفع مبتدأ، {ذا}: اسم موصول بمعنى الذي في محل الرفع خبر، والجملة في محل النصب سادة مسد المفعول الثاني لـ {سأل}؛ تقديره: يسألونك أي القدر الذي ينفقونه. {يُنْفِقُونَ} : فعل وفاعل، والجملة صلة {ذا} الموصول، والعائد محذوف؛ تقديره: ينفقونه. {قُلِ الْعَفْوَ} : {قُلِ} : فعل أمر، وفاعله ضمير يعود على محمَّد، والجملة جملة جوابية لا محل لها من الإعراب. {الْعَفْوَ} - بالنصب على قراءة الجمهور -: مفعول لفعل محذوف؛ تقديره: أنفقوا العفو، وبالرفع: خبر مبتدأ محذوف؛ تقديره: هو العفو، والجملة المحذوفة على كلا التقديرين في محل النصب مقول القول.

وسبب اختلاف القراءتين (1) الاختلاف في إعراب {مَاذَا يُنْفِقُونَ} ، فمن أعرب {مَاذَا} جميعهما اسم استفهام مركبًّا معمولًا لـ {ينفقون} .. فالجملة فعلية، فيكون جوابها كذلك، فقوله:{الْعَفْوَ} - بالنصب - معمول لمحذوف؛ تقديره: أنفقوا العفو، والجملة في محل النصب مقول القول؛ لأن القول لا ينصب إلا الجمل أو ما قام مقامها، ومن أعرب {ما} وحدها اسم استفهام مبتدأ، و {ذا} اسم موصول خبره، وجملة {ينُفِقُونَ} صلته، والجملة اسمية .. فيكون جوابها كذلك، فالعفوُ - بالرفع - خبر لمحذوف؛ تقديره: هو العفو، والجملة المحذوفة

(1) الصاوي.

ص: 295

على كل حال مقول القول، وهذا هو الأحسن المناسب للسؤال، وإلا فيصح .. جعل السؤال جملة اسمية، والجواب فعلية، وبالعكس. انتهى.

{كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ} .

{كَذَلِكَ} : جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لمصدر محذوف؛ تقديره: تبيينًا كائنًا كتبيين ما ذكر. {يُبَيِّنُ اللَّهُ} : فعل وفاعل، والجملة مستأنفة {لَكُمُ}: جار ومجرور متعلق بـ {يُبَيِّنُ} {الْآيَاتِ} : مفعول به. {لَعَلَّكُمْ} : حرف نصب وتعليل بمعنى كي، والكاف اسمها، وجملة {تَتَفَكَّرُونَ} في محل الرفع خبر {لعل} ، وجملة {لعل} من اسمها وخبرها في محل الجر بـ {لام} التعليل المقدرة؛ تقديره: يبين لكم الآيات تبيينًا كائنًا كتبيين ما تقدم؛ لتفكركم واتعاظكم.

{فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى} .

{فِي الدُّنْيَا} : جار ومجرور متعلق بـ {تَتَفَكَّرُونَ} . {وَالْآخِرَةِ} : معطوف على {الدُّنْيَا} . {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى} الواو: عاطفة، {يسألونك}: فعل وفاعل ومفعول أول، والجملة معطوفة على جملة قوله:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ} . {عَنِ الْيَتَامَى} : جار ومجرور في محل النصب، مفعول ثان لـ {سأل} .

{قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} .

{قُلْ} : فعل أمر، وفاعله ضمير يعود على محمَّد، والجملة جملة جوابية لا محل لها من الإعراب. {إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ

} إلى آخر الآية: مقول محكي، وإن شئت قلت:{إِصْلَاحٌ} : مبتدأ، وسوغ الابتداء وصفه بالجار والمجرور بعده، أو عمله في الجار والمجرور. {لَهُمْ}: جار ومجرور صفة لـ {إِصْلَاحٌ} ، أو متعلق به. {خَيْرٌ}: خبر، والجملة في محل النصب مقول القول. {وَإِنْ} الواو: عاطفة. {إن} : حرف شرط جازم. {تُخَالِطُوهُمْ} : فعل وفاعل ومفعول مجزوم بـ {إن} . {فَإِخْوَانُكُمْ} : الفاء: رابطة لجواب {إن} الشرطية وجوبًا، {إخوانكم}: خبر لمبتدأ محذوف؛ تقديره: فهم إخوانكم، والكاف مضاف إليه،

ص: 296

والجملة الإسمية في محل الجزم على كونها جوابًا لها، وجملة {إن} الشرطية في محل النصب معطوفة على الجملة التي قبلها على كونها مقولًا لـ {قُلْ}. {وَاللَّهُ} الواو: عاطفة، {الله}: مبتدأ. {يَعْلَمُ} : فعل مضارع بمعنى يعرف، والفاعل ضمير مستتر يعود على {الله}. {الْمُفْسِدَ}: مفعول به. {مِنَ الْمُصْلِحِ} : متعلق بـ {يَعْلَمُ} ، وجملة {يَعْلَمُ} في محل الرفع خبر المبتدأ، والجملة الإسمية في محل النصب معطوفة على جملة قوله:{إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ} ، على كونها مقولًا لـ {قُلْ}. {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ} الواو: عاطفة. {لو} : حرف شرط غير جازم. {شَاءَ اللَّهُ} : فعل وفاعل، والجملة فعل شرط لـ {لو} لا محل لها من الإعراب. {لَأَعْنَتَكُمْ}:{اللام} : رابطة لجواب {لو} ، {أعنتكم}: فعل ماض ومفعول به، وفاعله ضمير يعود على {الله} ، والجملة جواب لولا محل لها من الإعراب، وجملة {لو} الشرطية في محل النصب معطوفة على جملة قوله:{إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ} على كونها مقولًا لـ {قُلْ} . {إِنَّ اللَّهَ} : {إنَّ} : حرف نصب وتوكيد. {اللَّهَ} : اسمها. {عَزِيزٌ} : خبر أول لها. {حَكِيمٌ} : خبر ثان لها، وجملة {إنَّ} في محل النصب مقول القول، أو في محل الجر بـ (لام) التعليل المقدرة.

{وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ} .

{وَلَا} : الواو: استئنافية، {لا}: ناهية جازمة. {تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ} : فعل وفاعل ومفعول مجزوم بلا الناهية، والجملة مستأنفة. {حَتَّى}: حرف جر وغاية. {يُؤْمِنَّ} : فعل مضارع في محل النصب بـ {أن} مضمرة بعد {حَتَّى} بمعنى (إلى) مبني بسكون على النون المدغمة في نون الإناث، ونون الإناث في محل الرفع فاعل، والجملة صلة أن المضمرة، أن مع صلتها في تأويل مصدر مجرور بـ {حَتَّى} بمعنى إلى، تقديره: إلى إيمانهن، الجار والمجرور متعلق بـ {لا تنكحوا}. {وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ} الواو: اعتراضية، {اللام}: حرف ابتداء، {أمة}: مبتدأ. {مُؤْمِنَةٌ} : صفة له. {خَيْرٌ} : خبر له، وأفعل التفضيل ليس على بابه.

ص: 297

{مِنْ مُشْرِكَةٍ} : متعلق بـ {خَيْرٌ} ، والجملة الإسمية جملة اعتراضية لا محل لها من الإعراب؛ لاعتراضها بين المعطوف والمعطوف عليه {وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ}: الواو: حالية، {لو}: حرف شرط بمعنى إن، {أعجبتكم}: فعل ومفعول، وفاعله ضمير يعود على {مُشْرِكَةٍ} ، وجواب {لو} محذوف؛ تقديره: ولو أعجبتكم فالمؤمنة خير، وجملة {لو} في محل النصب حال من {مُشْرِكَةٍ} ، وسوَّغ مجيء الحال منها قصد الجنس، والتقدير: ولأمة مؤمنة خير من مشركة حال كونها قد أعجبتكم. وعبارة الكرخي (1): قوله {وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ} الواو: للحال؛ أي: ولأمة مؤمنة خير من مشركة حال كونها قد أعجبتكم، و {لو} هنا بمعنى إن، وكذا كل موضع وَلِيَها الفعل الماضي كقوله:{وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ} و"أعطوا السائل ولو جاء على فرس"، ويطرد حذف كان واسمها بعدها، والمعنى: وإن كانت المشركة تعجبكم فالمؤمنة خيرٌ. انتهت.

{وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ} .

{وَلَا} الواو: عاطفة، {لا}: ناهية جازمة. {تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ} : فعل وفاعل ومفعول أول مجزوم بـ {لا} الناهية، والمفعول الثاني محذوف، تقديره: المؤمناتِ، والجملة معطوفة على جملة قوله {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ}. {حَتَّى}: حرف جر وغاية. {يُؤْمِنُوا} : فعل وفاعل منصوب بـ {أن} المضمرة بعد {حَتَّى} ، وأن المضمرة مع صلتها في تأويل مصدر مجرور بـ {حَتَّى}؛ تقديره: إلى إيمانهم، الجار والمجرور متعلق بـ {لا تنكحوا}. {وَلَعَبْدٌ}:{الواو} استئنافية، {اللام}: حرف ابتداء، {عبد}: مبتدأ. {مُؤْمِنٌ} : صفة له. {خَيْرٌ} : خبر له، واسم التفضيل ليس على بابه. {مِنْ مُشْرِكٍ}: متعلق بخبر، والجملة مستأنفة استئنافًا بيانيًّا. {وَلَوْ} الواو: حالية، {لو}: حرف شرط بمعنى {إن} . {أَعْجَبَكُمْ} : فعل ماضٍ ومفعول به، وجواب {لو} محذوف؛ تقديره: ولو أعجبكم فلا تزوجوه، وجملة {لو} في محل النصب حال من {مُشْرِكٍ} ؛

(1) الجمل.

ص: 298

تقديره: ولعبد مؤمن خير من مشرك حال كونه قد أعجبكم، فهذه الجملة موافقة لجملة قوله. {وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ} في الإعراب والمعنى.

{أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ} .

{أُولَئِكَ} : مبتدأ، فاسم الإشارة هنا واقع على كل من الإناث والذكور؛ لأنه يصلح لهما، كما قال ابن مالك:

وَبِـ (أُوْلَى) أَشِرْ لِجَمْعٍ مُطْلَقَا

وَالْمَدُّ أَوْلَى وَلَدَى الْبُعْدِ انْطِقَا

{يَدْعُونَ} : فعل وفاعل، وجملة {يَدْعُونَ} في محل الرفع خبر المبتدأ، وجملة {أُولَئِكَ يَدْعُونَ} في محل الجر بـ (لام) التعليل المقدرة؛ لأنها معللة لقوله {وَلَأَمَةٌ

} إلخ، وقوله: {

وَلَعَبْدٌ} إلخ. {إِلَى النَّارِ} : جار ومجرور متعلق بـ {يَدْعُون} . {وَاللَّهُ} الواو: عاطفة، {الله}: مبتدأ. {يَدْعُو} : فعل مضارع، وفاعله ضمير يعود على {الله} ، وجملة {يَدْعُو} خبر المبتدأ، والجملة الإسمية معطوفة على جملة قوله {أُولَئِكَ يَدْعُونَ}. {إِلَى الْجَنَّةِ}: متعلق بـ {يَدْعُو} . {وَالْمَغْفِرَةِ} معطوف على {الْجَنَّةِ} . {بِإِذْنِهِ} : جار ومجرور متعلق بـ {يَدْعُو} ، أو حال من {الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ} هذا على قراءة جر {المغفرِة} ، وأما على قراءة الرفع الشاذة، فـ {المغفرةُ}: مبتدأ، والجار والمجرور خبره؛ تقديره: والمغفرة حاصلة بإذنه.

{وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} .

{وَيُبَيِّنُ} : الواو: عاطفة، {يبين}: فعل مضارع، وفاعله ضمير يعود على {الله} ، والجملة في محل الرفع معطوفة على جملة {يَدْعُو}. {آيَاتِهِ}: مفعول به ومضاف إليه. {لِلنَّاسِ} : جار ومجرور متعلق بـ {يبين} . {لَعَلَّهُمْ} : {لعل} : حرف نصب وتعليل، والهاء اسمها، وجملة {يَتَذَكَّرُونَ}: خبرها. وجملة {لعل} في محل الجر بلام التعليل المقدرة.

{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} .

ص: 299

{وَيَسْأَلُونَكَ} : الواو: عاطفة، {يسألونك}: فعل وفاعل ومفعول أول. {عَنِ الْمَحِيضِ} : جار ومجرور، متعلقان بمحذوف في محل النصب مفعول ثان لـ {سأل} ، والجملة معطوفة على جملة {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ}. {قُلْ}: فعل أمر، وفاعله ضمير يعود على محمَّد، والجملة جملة جوابية لا محل لها من الإعراب. {هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ} إلى قوله {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}: مقول محكي، وإن شئت قلت:{هُوَ} : مبتدأ. {أَذًى} : خبر، والجملة في محل النصب مقول القول. {فَاعْتَزِلُوا}:{الفاء} : حرف عطف وتفريع، {اعتزلوا النساء}: فعل وفاعل ومفعول به، والجملة في محل النصب معطوفة على جملة قوله {هُوَ أَذًى} على كونها مقول القول. {فِي الْمَحِيضِ}: جار ومجرور متعلق بـ {اعتزلوا} . {وَلَا} : الواو: عاطفة، {لا} نافية. {تَقْرَبُوهُنَّ}: فعل وفاعل ومفعول، والجملة في محل النصب معطوفة على جملة {فَاعْتَزِلُوا}. {حَتَّى}: حرف جر وغاية. {يَطْهُرْنَ} : فعل مضارع في محل النصب بـ {أن} المضمرة مبني على السكون لاتصاله بنون الإناث، ونون الإناث في محل الرفع فاعل، والجملة الفعلية صلة أن المضمرة، أن مع صلتها في تأويل مصدر مجرور بـ {حَتَّى}؛ تقديره: إلى طهارتهن، الجار والمجرور متعلق بـ {تَقْرَبُوهُنَّ} .

{فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} .

هذا تصريح بمفهوم الغاية، {فَإِذَا}:(الفاء): فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر؛ تقديره: إذا عرفتم النهي عن قربانهن إلى طهارتهن، وأردتم بيان حكم القربان بعد الطهارة .. فأقول لكم:{إذا} : ظرف لما يستقبل من الزمان خافضة لشرطها منصوبة بجوابها، والظرف متعلق بالجواب. {تَطَهَّرْنَ}: فعل وفاعل، والجملة في محل الخفض بإضافة {إذا} إليها على كونها فعل شرط لها. {فَأْتُوهُنَّ}:{الفاء} : رابطة لجواب {إذا} وجوبًا، {أتوهن}: فعل وفاعل ومفعول، والجملة جواب {إذا} لا محل لها من الإعراب، وجملة {إذا} من فعل شرطها وجوابها في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة {إذا} المقدرة في محل النصب مقول القول لـ {قُلْ}. {مِنْ}: حرف جر. {حَيْثُ} :

ص: 300

ظرف مكان في محل الجر بـ {أتوهن} ، الجار والمجرور متعلق بـ {أتوهن} .

{أَمَرَكُمُ اللَّهُ} : فعل ومفعول وفاعل، والجملة في محل الجر مضاف إليه لـ {حَيْثُ} .

{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} .

{إِنَّ} : حرف نصب وتوكيد. {اللَّهَ} : اسمها. {يُحِبُّ التَّوَّابِينَ} : فعل ومفعول، والفاعل ضمير يعود على {اللَّهَ} ، والجملة في محل الرفع خبر {إنَّ} ، وجملة {إِنَّ} من اسمها وخبرها جملة معترضة في محل النصب مقول {قُلْ}؛ لاعتراضها بين المبيَّن وهو:{فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} ، وبين البيان وهو {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ}. {وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}: فعل ومفعول، والفاعل ضمير يعود على {الله} ، والجملة في محل الرفع معطوفة على جملة {يُحِبُّ التَّوَّابِينَ} على كونها خبرًا لـ {إِنَّ} .

{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ} .

{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ} : مبتدأ ومضاف إليه وخبر، والجملة في محل النصب مقول {قُلْ} ، وهذه الجملة سيقت لبيان قوله:{فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} . {لَكُمْ} : جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لـ {حَرْثٌ} ؛ تقديره: حرث كائن لكم. {فَأْتُوا} : {الفاء} : حرف عطف وتفريع. {ائتوا حرثكم} : فعل وفاعل ومفعول ومضاف إليه، والجملة في محل النصب معطوفة على جملة قوله {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} على كونها مقولا لـ {قُلْ}. {أَنَّى}: اسم شرط جازم لتعميم الأحوال بمعنى كيف في محل النصب مفعول مقدم وجوبًا. {شِئْتُمْ} : فعل وفاعل في محل الجزم بـ {أَنَّى} على كونه فعل الشرط لها، وجواب الشرط محذوف؛ تقديره: أنى شئتم فأتوه، وجملة {أَنَّى} من فعل شرطها وجوابها في محل النصب مقول القول. {وَقَدِّمُوا}: الواو: عاطفة {قدموا} فعل وفاعل، والجملة في محل النصب معطوفة على جملة قوله {أَنَّى شِئْتُمْ} على كونها مقول القول. {لِأَنْفُسِكُمْ}: جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بـ {قدموا} .

{وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} .

ص: 301

{وَاتَّقُوا} : الواو: عاطفة، {اتقوا الله}: فعل وفاعل ومفعول، والجملة في محل النصب معطوفة على جملة قوله {وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ} على كونها مقولًا لـ {قُلْ}. {وَاعْلَمُوا}: الواو: عاطفة، {اعلموا}: فعل وفاعل، والجملة في محل النصب معطوفة على جملة {وَاتَّقُوا} على كونها مقولا لـ {قُلْ}. {أَنَّكُمْ}:{أن} : حرف نصب ومصدر، والكاف: اسمها. {مُلَاقُوهُ} : خبرها ومضاف إليه، وجملة {أَنَّ} من اسمها وخبرها في تأويل مصدر سادٍّ مسد مفعولي {اعلم}؛ تقديره: واعلموا لقاءكم إياه. {وَبَشِّرِ} الواو: عاطفة أو استئنافية، {بشر}: فعل أمر، وفاعله ضمير يعود على محمَّد، والجملة معطوفة على جملة {قُلْ} ، أو مستأنفة. {الْمُؤْمِنِينَ}: مفعول به منصوب بالياء.

{وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (224)} .

{وَلَا} : {الواو} استئنافية، {لا}: ناهية جازمة. {تَجْعَلُوا} : فعل وفاعل مجزوم بـ {لا} الناهية. {اللَّهَ} : لفظ الجلالة، مفعول أول. {عُرْضَةً}: مفعول ثان، والجملة مستأنفة. {لِأَيْمَانِكُمْ}: جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بـ {عُرْضَةً} أو بـ {تَجْعَلُوا} ؛ لأن المعنى لا تجعلوا الحلف بالله عارضًا مانعًا لكم عن أيمانكم؛ أي: عن الأعمال الصالحة كما مر في التفسير والحل. {أَنْ} : حرف نصب ومصدر. {تَبَرُّوا} : فعل وفاعل منصوب بـ {أن} ، والجملة من الفعل والفاعل صلة {أَنْ} و {أن} مع صلتها في تأويل مصدر مجرور على كونه بدلًا من {أيمانكم} وعطف بيان عنه؛ تقديره: مانعًا لكم عن بركم وإحسانكم إلى الأرحام. {وَتَتَّقُوا} : فعل وفاعل معطوف على {تَبَرُّوا} ، وكذلك {تصلحوا} معطوف عليه على كونهما بدلًا، أو عطف بيان {لأيمانكم}؛ والتقدير: ومانعًا لكم عن تقواكم وإصلاحكم بين الناس. وقوله: {بَيْنَ النَّاسِ} : ظرف ومضاف إليه متعلق بـ {تصلحوا} . {وَاللَّهُ} : الواو: استئنافية، {الله}: مبتدأ. {سَمِيعٌ} : خبر أول. {عَلِيمٌ} : خبر ثان، والجملة مستأنفة.

{لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (225)} .

ص: 302

{لَا} : نافية. {يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ} : فعل ومفعول وفاعل، والجملة مستأنفة. {بِاللَّغْوِ}: جار ومجرور متعلق بـ {يُؤَاخِذُكُمُ} . {فِي أَيْمَانِكُمْ} : جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بمحذوف حال من اللغو، أو صفة له إن قلنا: إن أل فيه جنسية، فهو بمنزلة النكرة، أو متعلق باللغو؛ لأنه مصدر. {وَلَكِنْ}: الواو: عاطفة، {لكن} حرف استدراك، ولكن وقعت هنا بين نقيضين باعتبار وجود اليمين؛ لأنها لا تخلو: إما أن لا يعضدها القلب، بل جرت على اللسان وهي اللغو، وإما أن يعضدها وهي المنعقدة. {يُؤَاخِذُكُمْ}: فعل ومفعول، وفاعله ضمير يعود على {اللَّهُ} ، والجملة معطوفة على جملة قوله {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ}. {بما}:{الباء} : حرف جر، {ما}: موصولة، أو موصوفة، أو مصدرية في محل الجر بالباء، الجار والمجرور متعلق بـ {يُؤَاخِذُكُمْ}. {كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ}: فعل وفاعل ومضاف إليه، والجملة صلة لـ {ما} ، أو صفة لها، والعائد أو الرابط محذوف؛ تقديره: بما كسبته قلوبكم. {وَاللَّهُ} الواو: استئنافية، {الله}: مبتدأ. {غَفُورٌ} : خبر أول. {حَلِيمٌ} : خبر ثان، والجملة مستأنفة.

التصريف ومفردات اللغة

{عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} والخمر في الأصل: مصدر خَمرتُ الإناء إذا غطيته بالغطاء، سمي الخمر بذلك؛ لأنه يغطي العقل ويستره. {وَالْمَيْسِرِ} في الأصل مصدر ميمي من يسر، كالموعد من وعد، يقال: يسرته إذا قهرته وغلبته، واشتقاقه: إما من اليسر؛ لأن فيه أخذ المال بسهولة ويسر بلا كد ولا تعب، وإما من اليسار بمعنى الغنى؛ لأنه سبب لتحصيل الغنى، أو لسلبه، وفي "المصباح": الميسر وزان مسجد، قمار العرب بالأزلام، يقال: منه يسر الرجل ييسر - من باب وعد - فهو ياسر، وبه سمي. {وَإِثْمُهُمَا} والإثم في الأصل مصدر أثِم يأثَم إثمًا ومأثمًا - من باب طرب إذا أذنب، والإثم - الذنب يجمع على آثام.

{قُلِ الْعَفْوَ} والعفو في الأصل مصدر عفا يعفو عفوًا إذا سامح عن الإساءة، وهو هنا اسم للمال الفاضل عن الحاجة. {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} العلم هنا بمعنى المعرفة المتعدية إلى واحد، وأتى بـ {من} لتضمنه

ص: 303

بمعنى التمييز؛ أي: يعلم من يفسد في أمورهم عند المخالطة، أو من يقصد بمخالطته الخيانة والإفساد مميزًا له ممن يصلح فيها، أو يقصد الإصلاح، فيجازي كلًّا منهما بعمله.

{حَتَّى يُؤْمِنَّ} وأصله يؤمنن، فسكنت النون الأولى التي هي آخر الفعل؛ لدخول نون النسوة، ثم أدغمت الأولى في الثانية.

{وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ} بضم التاء هنا وبفتحها في قوله: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ} ؛ لأن الأول: من نكح الثلاثي، وهو يتعدى إلى مفعول واحد، والثاني: من أنكح الرباعي، وهو يتعدى إلى الاثنين. الأول: في الآية {الْمُشْرِكِينَ} والثاني: محذوف، وهو المؤمنات.

{أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} اسم الإشارة راجع إلى المشركات والمشركين، ويدعون خبره، فمن حيث وقوعه على الذكور يكون الفعل مرفوعًا بالنون، والواو فاعل، ويكون وزنه ينعون، أصله يدعوون بواوين، فحذفت أولاهما وهي لام الكلمة، ومن حيث وقوعه على الإناث يكون الفعل مبنيًّا على السكون، وتكون النون نون النسوة، وتكون {الواو} حرفًا هي لام الكلمة، ووزنه يفعلن.

{عَنِ الْمَحِيضِ} المحيض: مصدر ميمي يصلح للحديث والزمان والمكان، والحيض في اللغة السيلان، يقال: حاض الوادي إذا سال ماؤه، وشرعًا عند الفقهاء: دم جبلة يخرج من أقصى رحم المرأة في أوقات مخصوصة. {قُلْ هُوَ أَذًى} وفي "المصباح": أذي الشيء يَأذي أذىً - من باب تعب - إذا قذر.

{فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} وأصل ائتوا: ائتيوا بوزن اضربوا، فالهمزة الأولى همزة وصل أُتيَ بها للابتداء بالساكن، والثانية فاء الكلمة اجتمع همزتان، فقلبت ثانيتهما ياء على حد إيمان وبابه، واستثقلت الضمة على الياء التي هي لام الكلمة فحذفت، فسكنت الياء وبعدها واو الضمير ساكنة، فحذفت الياء لالتقاء الساكنين، وضمت التاء قبلها للتجانس، فوزن ائتوا افعوا، وهذه الهمزة إنما يحتاج إليها ابتداء أما في الدرج: فإنها يستغنى عنها، وتعود الهمزة التي هي فاء الكلمة؛ لأنها إنما قلبت لأجل الكسر الذي كان قبلها، وقد زال.

ص: 304

{عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ} عرضة فُعلة بمعنى المفعول، كالقبضة والغرفة؛ بمعنى المقبوض والمغروف، تطلق على ما يعرض دون الشيء، فيصير حاجزًا عنه.

{بِاللَّغْوِ} واللغو مصدر لغا يلغو، يقال: لغا يلغو لغوًا، مثل غزا يغزو غزوًا، ولغى يلغى لغيًا، مثل يلقى لقيًا.

وفي "الخازن": اللغو: كل ساقط مطروح من الكلام وما لا يعتد به، وهو الذي يورد لا عن روية وفكر، واللغو في اليمين: هو الذي لا عقد ولا قصد معه، كقول الإنسان لا والله، وبلى والله.

البلاغة

{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} : فيه إيجاز بالحذف؛ أي: يسألونك عن شرب الخمر وتعاطي الميسر؛ أي: أيحل ذلك أم لا؟ {وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} هذا من باب التفصيل بعد الإجمال، وهو ما يسمى عند أهل المعاني بالإطناب. {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ}: فيه تشبيه مرسل مجمل.

{وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} : فيه التفات من الغيبة إلى الخطاب؛ لأن قبله {ويسألونك} فالواو ضمير الغائبين، وحكمة هذا الالتفات ما في الإقبال بالخطاب على المخاطب ليتهيأ لسماع ما يلقى إليه وقبوله والتحرز فيه.

{وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} وتعلق العلم بالمفسد أولًا؛ ليقع الإمساك عن الإفساد، ومن متعلقه بيعلم على تضمين ما يتعدى بمن كان المعنى: والله يميز بعلمه المفسد من المصلح.

وجاءت هذه الجملة بهذا التقسيم؛ لأن المخالطة على قسمين: مخالطة بإفساد، ومخالطة بإصلاح، ولأنه لما قيل:{إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ} فهم مقابله، وهو أن الإفساد شر، فجاء هذا التقسيم باعتبار الإصلاح ومقابله، ولا يخفى ما في الآية من الطباق بين كلمة المفسد والمصلح، وهو من المحسنات البديعية.

{وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ} : تعليل للنهي عن مواصلة المشركات، وترغيب في مواصلة المؤمنات، وصدر بلام الابتداء الشبيهة بلام القسم في إفادة التأكيد مبالغة

ص: 305

في الحمل على الانزجار.

{أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ} من المعلوم أن المغفرة قبل دخول الجنة، ولذلك قدمت في غير هذه الآية:{سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ} ، {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ} وإنما قدمت الجنة هنا تقديمًا للمقابل؛ لتكمل وتظهر المقابلة؛ لأن النار يقابلها الجنة، ولا يخفى ما في الآية من الطباق بين كلمة النار وكلمة الجنة.

{وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ} كناية عن الجماع {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} هذا تصريح بمفهوم الغاية، والتصريح له، وإن علم مما قبله لمزيد العناية بأمر التطهر.

{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} جملة معترضة بين المبين وهو قوله: {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} وبين البيان وهو قوله: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} ونكتة هذا الاعتراض: الترغيب فيما أمروا به، والتنفير عما نهوا عنه، وقدم الذي أذنب على الذي لم يذنب؛ لكيلا يقنط التائب من الرحمة، ولئلا يعجب المتطهر بنفسه كما في آية {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ} .

{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} ؛ أي: كالأرض التي تُحرث ليوضع فيها البذر، فشبه النساء بالأرض التي تحرث، وشبه النطفة بالبذر الذي يوضع في تلك الأرض، وشبه الولد بالزرع الذي ينبت من الأرض، فهو من باب التشبيه البليغ، وأنشد ثعلب:

إِنَّمَا الأَرْحَامُ أَرْضُوْ

نَ لَنَا مُحْتَرَثَاتْ

فَعَلَيْنَا الزَّرْعُ فِيْهَا

وَعَلَى اللَّهِ النَّبَاتْ

{فَأْتُوا حَرْثَكُمْ} كناية عن الوطء، وجاء {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} نكرة؛ لأنه الأصل في الخبر، وجاء {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ} معرفة؛ لأن في الإضافة حوالة على شيء سبق واختصاصًا بما أضيف إليه، ونظير ذلك أن تقول: زيد مملوك لك فأحسن إلى مملوكك؛ لأن القاعدة عند البلغاء إذا تقدمت نكرة، وأعيدت بلفظها .. فلا بد أن يكون معرفة، إما بالألف واللام كقوله تعالى:{فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} ، وإما

ص: 306

بالإضافة كما هنا، كما قال السيوطي في "عقود الجمان":

ثُمَّ مِنَ الْقَوَاعِدِ الْمُشْتَهَرَةْ

إِذَا أَتَت نَكِرَةً مُكَرَّرَةْ

تَغَايَرَتْ وَإِنْ يُعَرَّفْ ثَانِي

تَوَافَقَا كَذَا الْمُعَرَّفَانِ

وفي قوله: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} مع ما فيه من تلوين الخطاب، وجعل المبشر رسول الله صلى الله عليه وسلم من المبالغة في تشريف المؤمنين ما لا يخفى.

وقال أبو حيان (1): وفي قوله: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} تنبيه على الوصف الذي به يتقى الله، ويقدم الخير، ويستحق التبشير، وهو الإيمان، وفي أمره لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالتبشير تأنيس عظيم، ووعد كريم بالثواب الجزيل، ولم يأت بضمير الغيبة، بل أتى بالظاهر الدال على الوصف، ولكونه مع ذلك فصل آية:{وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُم} في هذا الكلام حذف؛ تقديره: ولكن يؤاخذكم في أيمانكم بما كسبت قلوبكم، فحذف لدلالة ما قبله عليه.

والله سبحانه وتعالى أعلم

* * *

(1) البحر المحيط.

ص: 307

قال الله سبحانه جلَّ وعلا:

{لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (227) وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (228) الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229) فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (230)} .

المناسبة

قوله: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ

} الآية، مناسبة (1) هذه الآية لما قبلها ظاهرة؛ لأنه تقدم شيء من أحكام النساء، وشيء من أحكام الإيمان، وهذه الآية جمعت بين الشيئين.

قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ

} مناسبة هذه الآية لما قبلها ظاهرة جدًّا؛ لأنه حكم غالب من أحكام النساء؛ لأن الطلاق يحصل به المنع من الوطء والاستمتاع دائمًا، وبالإيلاء منع نفسه من الوطء مدة محصورة، فناسب ذكر غير المحصور بعد ذكر المحصور، ومشروع تربص المولي أربعة أشهر، ومشروع تربص هؤلاء ثلاثة قروء، فناسب ذكرها بعقبها.

قوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ

} مناسبتها لما قبلها ظاهرة: وهو أنه لما تضمنت الآية قبلها الطلاق الرجعي، وكانوا يطلقون، ويراجعون من غير حد ولا عد .. بين في هذه الآية أنه مرتان، فحصر الطلاق الرجعي في أنه مرتان؛ أي:

(1) البحر المحيط.

ص: 308

يملك المراجعة إذا طلقها، ثم يملكها إذا طلق، ثم إذا طلق ثالثة لا يملكها.

قوله تعالى: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا

} مناسبة هذه الآية لما قبلها: أنه لما ذكر تعالى الإمساك بمعروف، أو التسريح بإحسان .. اقتضى ذلك أن من الإحسان أن لا يأخذ الزوج من امرأته شيئًا مما أعطاها.

أسباب النزول

قوله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ

} عن ابن عباس (1) رضي الله عنهما قال: كان أهل الجاهلية إذا طلب الرجل من امرأته شيئًا فأبت أن تعطيه .. حلف لا يقربها السنة والسنتين والثلاث، فيدعها لا أيِّما ولا ذات بعل، فلما كان الإِسلام .. جعل الله ذلك للمسلمين أربعة أشهر، وأنزل هذه الآية، وقال سعيد بن المسيب: كان الإيلاء ضرار أهل الجاهلية فكان الرجل لا يريد امرأته، ولا يحب أن يتزوجها غيره، فيحلف أن لا يقربها أبدًا فيتركها لا أيِّما ولا ذات بعل، وكانوا عليه في ابتداء الإِسلام، فجعل الله تعالى الأجل الذي يعلم به ما عند الرجل في المرأة أربعة أشهر، وأنزل هذه الآية {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ

}.

قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ

} الآية، أخرج (2) أبو داود وابن أبي حاتم عن أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية قالت: طلقت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن للمطلقة عدة، فأنزل الله العدة للطلاق بقوله:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} .

قوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ

} الآية، أخرج الترمذي والحاكم وغيرهما، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان الرجل يطلق امرأته ما شاء أن يطلقها، وهي امرأته إذا ارتجعها، وهي في العدة وإن طلقها مئة مرة وأكثر حتى قال رجل لامرأته: والله لا أطلقك فتبيني مني، ولا آويك أبدًا، قالت: وكيف ذلك؟ قال: أطلقك، فكلما همتْ عدتك أن تنقضي راجعتك، فذهبت المرأة، فأخبرت

(1) الخازن.

(2)

لباب النقول.

ص: 309

النبي صلى الله عليه وسلم، فسكت حتى نزل قوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ

}.

قوله تعالى: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا

} أخرج أبو داود في "الناسخ والمنسوخ" عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان الرجل يأكل مال امرأته من نحله الذي نحلها وغيره، ولا يرى أن عليه جناحًا، فأنزل الله تعالى: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا

} والآية.

قوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ

} الآية، أخرج البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا مال، ولكني أكره الكفر في الإِسلام - قال أبو عبد الله: يعني تبغضه - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم له: "اقبل الحديقة وطلقها تطليقة" قولها ما أعتب عليه: تعني، ما أجد عليه، والحديقة: البستان من النخل.

قوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ

} الآية، أخرج ابن المنذر عن مقاتل بن حيان قال: نزلت هذه الآية في عائشة بنت عبد الرحمن بن عتيك، كانت تحت رفاعة بن وهب بن عتيك، وهو ابن عمها، فطلقها طلاقًا بائنًا، فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير القرظي فطلقها، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إنه طلقني قبل أن يمسني، فأرجع إلى الأول؟ قال صلى الله عليه وسلم:"لا حتى يمس" ونزل فيها: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} فيجامعها، فإن طلقها بعد ما جامعها، فلا جناح عليهما أن يتراجعا.

وأخرج الشيخان عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءت امرأة رفاعة القرظي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: إني كنت عند رفاعة فطلقني، فبتَّ طلاقي، فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير، وإنّ ما معه مثل هدبة الثوب، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:"أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ " قالت: نعم، قال:"حتى يذوق عسيلتك وتذوقي عسيلته".

ص: 310