الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{مِمَّا كَسَبُوا} ؛ أي: لأجل ما عملوا من حجهم ودعائهم، أو بسبب ما كسبوا من أعمالهم الصالحة {وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ}؛ أي: سريع القبول لدعاء عباده والإجابة لهم وعالم بجملة سؤالات السائلين، أو (1) المعنى: سريع المحاسبة والإحصاء، يحاسب العباد على العبادة على كثرتهم، وكثرة أعمالهم في مقدار لمحة، أو يوشك أن يقيم القيامة ويحاسب الناس، فبادروا إلى الطاعات واكتساب الحسنات.
وهذا الكلام ذكره في الفريقين تفصيلًا لحال الذاكرين، إلى من لا يطلب بذكر الله تعالى إلا الدنيا، وإلى من يطلب الدارين، والمراد به: الحث على الإكثار من الدعاء والذكر وسائر الطاعات، وطلب الآخرة.
203
- {وَاذْكُرُوا اللَّهَ} أيها الحجاج وكذا غيرهم بالتكبير والتحميد والتسبيح والتهليل {فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} ؛ أي: في أيام معلومات العدد أيام التشريق الثلاثة عند رمي الجمرات، وخلف الصلوات، وعلى الأضاحى والهدايا، سميت معدودات لقلتهن، وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر.
روى مسلم عن نبيشة الهذلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله تعالى، ومن الذكر في هذه الأيام التكبير".
وروى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يكبّر بمنى تلك الأيام، وخلف الصلوات وعلى فراشه، وفي فسطاطه، وفي مجلسه، وفي ممشاه في تلك الأيام جميعًا.
{فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ} ؛ أي: فمن استعجل بالنفر والذهاب من منى في ثاني أيام التشريق قبل الغروب بعد رمي جماره بعد الزوال؛ وهي إحدى وعشرون حصاة يرمي سبعة لكل جمرة يكبر مع كل حصاة، فإن غربت عليه الشمس وهو بمنى .. لزمه المبيت بها؛ ليرمي اليوم الثالث عند الشافعي، وقال أبو حنيفة (2):
(1) بيضاوي.
(2)
خازن.
يجوز له أن ينفر ما لم يطلع الفجر؛ لأنه لم يدخل وقت الرمي بعد {فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} ؛ أي: فلا حرج عليه بتعجيله النفر {وَمَنْ تَأَخَّرَ} بها؛ أي: استمر وبقي بها حتى بات ليلة الثالث ورمى جماره بعد الزوال عند الشافعي، وقال أبو حنيفة (1): يجوز تقديم رمية على الزوال {فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} بتأخره فهم مخيرون بين التعجيل والتأخير، ومعنى نفي (2) الإثم بالتعجيل والتأخير: التخيير بينهما، والرد على أهل الجاهلية، فإن منهم من أثّم المتعجل، ومنهم من أثّم المتأخر، وقيل (3): إنما قال: {وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} لمشاكلة اللفظة الأولى، فهو كقوله:{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} .
ذلك التخيير، ونفي الإثم {لِمَنِ اتَّقَى} الله في حجه باجتنابه محظورات الإحرام، وإتيانه بالمأمورات؛ لأنه المنتفع بحجه دون من سواه {وَاتَّقُوا اللَّهَ} في المستقبل في مجامع أموركم بفعل الواجبات، وترك المحظورات {وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ} أيها العباد {إِلَيْهِ} سبحانه وتعالى {تُحْشَرُونَ} وتجمعون يوم القيامة بالبعث من قبوركم، فيجازيكم بأعمالكم إن خيرًا فخير وإن شرًّا فشر، وفيه حث على التقوى.
فصل
وأجمع العلماء (4) على أن المراد بقوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} هو التكبير عند رمي الجمار، وهو أن يكبر مع كل حصاة يرمي بها في جميع أيام التشريق.
وأجمعوا أيضًا على أن التكبير في عيد الأضحى، وفي هذه الأيام في أدبار الصلوات منه، واختلفوا في وقت التكبير، فاقيل: يُبتدأ به من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الصبح من آخر أيام التشريق، فيكون التكبير على هذا القول في خمس عشر صلاة، وهو قول ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم وبه قال
(1) بيضاوي.
(2)
بيضاوي.
(3)
خازن.
(4)
خازن.
الشافعي في أصح أقواله. قال الشافعي: لأن الناس فيه تبع للحاج، وذكر الحاج قبل هذا الوقت هو التلبية، ويأخذون في التكبير يوم النحر من صلاة الظهر، وقيل: إنه يُبتدأ به من صلاة المغرب ليلة النحر، ويختتم به بعد صلاة الصبح من آخر أيام التشريق؛ وهو القول الثاني للشافعي، فيكون التكبير على هذا القول في ثمانية عشر صلاة.
والقول الثالث للشافعي: أنه يُبتدأ بالتكبير من صلاة الصبح يوم عرفة، يختتم به بعد صلاة العصر من آخر أيام التشريق، فيكون التكبير على هذا القول في ثلاث وعشرين صلاة، وهو قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومكحول، وبه قال أبو يوسف ومحمد، وقال ابن مسعود: يبتدأ به من صبح يوم عرفة، ويختم بصلاة العصر من يوم النحر، فعلى هذا القول يكون التكبير في ثمان صلوات، وبه قال أبو حنيفة.
وقال أحمد بن حنبل: إذا كان حلالًا كبّر عقيب ثلاث وعشرين صلاة، أولها الصبح من يوم عرفة، وآخرها صلاة العصر من آخر أيام التشريق، وإن كان محرمًا كبر عقيب سبع عشرة صلاة، أولها الظهر من يوم النحر، وآخرها أيام التشريق.
ولفظ التكبير عند الشافعي ثلاثًا نسقًا: الله أكبر الله أكبر الله أكبر، وهو قول سعيد بن جبير، والحسن، وهو قول أهل المدينة. قال الشافعي: وما زاد من ذكر الله فحسن، ويروى عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه يكبر مرتين، فيقول: الله أكبر الله أكبر، وهو قول أهل العراق.
فائدة: فإن (1) قلتَ: قوله تعالى: {وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} فيه إشكال، وهو أن الذي أتى بأفعال الحج كاملة تامة، فقد أتى بما يلزمه، فما معنى قوله:{فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} إنما يخاف من الإثم من قصر فيما يلزمه؟.
قلتُ: فيه أجوبة:
(1) خازن.
أحدها: أنه تعالى لما أذن في التعجيل على سبيل الرخصة، احتمل أن يخطر ببال قوم أن من لم يجر على موجب هذه الرخصة فإنه يأثم .. فأزال الله تعالى هذه الشبهة، وبين أنه لا إثم عليه في الأمرين، فإن شاء عجل، وإن شاء أخَّر.
الجواب الثاني: أن مِنَ الناس مَنْ كان يتعجل، ومنهم مَنْ كان يتأخر، وكل فريق يصوب فعله على فعل الآخر، فبين الله تعالى أن كل واحد من الفريقين مصيب في فعله، وأنه لا إثم عليه.
الجواب الثالث: إنما قال: {وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} لمشاكلة اللفظة الأولى، فهو كقوله:{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} ومعلوم أن جزاء السيئة ليست سيئة.
الجواب الرابع: أن فيه دلالة على جواز الأمرين، فكأنه تعالى قال: فتعجلوا أو تأخروا فلا إثم في التعجيل، ولا في التأخير. انتهى.
الإعراب
{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} .
{وَأَتِمُّوا} : الواو: استئنافية، {أتموا الحج}: فعل وفاعل ومفعول به، والجملة مستأنفة استئنافًا نحويًّا {لِلَّهِ}: جار ومجرور متعلق بـ {أتموا} ، أو بمحذوف حال من {الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ}؛ تقديره: حالة كونهما كائنين لله، وفي قراءة برفع {العمرةُ} على الابتداء، والجار والمجرور خبره؛ تقديره: والعمرة كائنة لله، والجملة الإسمية معطوفة على الجملة الفعلية.
{فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} .
{فَإِنْ} {الفاء} : فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن شرط مقدر؛ تقديره: إذا عرفتم أن الحج والعمرة واجب إتمامهما إذا كنتم غير معذورين، وأردتم بيان حكم ما إذا أحصرتم عنهما، أو كنتم مرضى، أو بكم أذى في الرأس .. فأقول لكم:{إن أحصرتم} ، {إن}: حرف شرط جازم، {أحصرتم}: فعل ماضٍ
مغيَّر ونائب فاعل في محل الجزم بـ {إن} على كونه فعل شرط لها. {فَمَا} : {الفاء} : رابطة لجواب {إن} الشرطية وجوبًا؛ لكون الجواب جملة اسمية. {ما} : موصولة أو موصوفة في محل الرفع مبتدأ. {اسْتَيْسَرَ} : فعل ماضٍ وفاعله ضمير يعود على {ما} . {مِنَ الْهَدْيِ} : جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من ضمير الفاعل، والجملة الفعلية صلة لـ {ما} أو صفة لها، والعائد أو الرابط ضمير الفاعل، وخبر المبتدأ محذوف جوازًا؛ تقديره: واجب عليكم، والجملة الإسمية في محل الجزم بـ {إن} الشرطية على كونها جوابًا لها، وجملة {إن} الشرطية في محل النصب مقول لجواب {إذا} المقدرة، وجملة {إذا} المقدرة استئنافية استئنافًا بيانيًّا.
{وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} .
{وَلَا تَحْلِقُوا} {الواو} عاطفة، {لا}: ناهية جازمة، {تَحْلِقُوا}: فعل وفاعل مجزوم بـ {لا} الناهية، والجملة في محل النصب معطوفة على جملة {إن} الشرطية. {رُءُوسَكُمْ}: مفعول به ومضاف إليه. {حَتَّى} : حرف جر وغاية. {يَبْلُغَ الْهَدْيُ} : فعل وفاعل منصوب بـ {أن} المضمرة بعد {حَتَّى} . {مَحِلَّهُ} : ظرف مكان ومضاف إليه، والظرف متعلق بـ {يَبْلُغَ} ، والجملة الفعلية صلة {أن} المضمرة في تأويل مصدر مجرور بـ {حتى}؛ تقديره: إلى بلوغ الهدي محله، والجار والمجرور متعلق بـ {لا تحلقوا} .
{فَمَنْ} {الفاء} : عاطفة، {من}: اسم شرط جازم في محل الرفع مبتدأ، والخبر جملة الشرط على الراجح. {كَانَ}: فعل ناقص في محل الجزم بـ {مَن} على كونه فعل شرط لها، واسمها ضمير يعود على {مَن}. {مِنكُم}: جار ومجرور متعلق بمحذوف حال مقدمة من قوله {مَرِيضًا} . {مَرِيضًا} : خبر {كَانَ} . {أَوْ} : حرف عطف وتفصيل. {بِهِ} : جار ومجرور متعلق بمحذوف معطوف على {مَرِيضًا} ؛ تقديره: أو كائنًا به. {أَذًى} : فاعل للجار والمجرور. {مِنْ رَأْسِهِ} : جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بمحذوف صفة لـ {أَذًى} ؛ تقديره: أو
كائنًا به أذى كائن في رأسه.
وعبارة الكرخي (1) قوله: {أَوْ بِهِ أَذًى} يجوز أن يكون هذا من باب عطف المفردات، وأن يكون من باب عطف الجمل.
أما الأول: فيكون الجار والمجرور في قوله {بِهِ} معطوفًا على {مَرِيضًا} الذي هو خبر {كان} ، فيكون في محل نصب، ويكون {أَذًى} مرفوعًا به على سبيل الفاعلية؛ لأن الجار إذا اعتمد رفع الفاعل عند الكل، فيصير التقدير: فمن كان كائنًا به أذى من رأسه.
وأما الثاني: فيكون {بِهِ} خبرًا مقدمًا، ومحله على هذا رفعٌ. {أَذًى}: مبتدأ مؤخر، وتكون هذه الجملة في محل نصب؛ لأنها معطوفة على {مَرِيضًا} الواقع خبرًا لـ {كان} ، وهي وإن كانت جملة لفظًا، فهي في محل مفرد؛ إذ المعطوف على المفرد مفرد، لا يقال: إنه عاد إلى عطف المفردات، فيتحد الوجهان لوضوح الفرق. انتهت.
{فَفِدْيَةٌ} : {الفاء} : رابطة لجواب {من} الشرطية، {فدية}: مبتدأ خبره محذوف؛ تقديره: واجب عليه، والجملة من المبتدأ والخبر المحذوف في محل الجزم بـ {من} الشرطية على كونها جوابًا لها، وجملة {من} الشرطية في محل النصب معطوفه على جملة قوله {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ}. {مِنْ صِيَامٍ}: جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لـ {فِدْيَةٌ} ؛ تقديره: فدية كائنة من صيام واجبة عليه. {أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} : معطوفان على {صِيَامٍ} و {أَوْ} : فيهما للتخيير.
{فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} .
{فَإِذَا} {الفاء} (2): عاطفة، {إِذَا}: ظرف لما يستقبل من الزمان في محل النصب على الظرفية، والظرف متعلق بالجواب الآتي. {أَمِنْتُمْ}: فعل وفاعل، والجملة في محل الخفض بإضافة {إِذَا} إليها على كونها فعل شرط لها.
(1) جمل.
(2)
جمل.
{فَمَنْ} : {الفاء} : رابطة لجواب {إذا} وجوبًا؛ لكون الجواب جملة اسمية، {من}: اسم شرط جازم، أو موصول في محل الرفع مبتدأ، والخبر جملة الشرط. {تَمَتَّعَ} فعل ماضٍ في محل الجزم على كونه فعل شرط لها، وفاعله ضمير يعود على {من} ، {بِالْعُمْرَةِ}: جار ومجرور متعلق بـ {تَمَتَّعَ} . {إِلَى الْحَجِّ} : جار ومجرور (1) متعلق بمحذوف معطوف على {تَمَتَّعَ} ؛ تقديره: واستمر تمتعه إلى الحج. {فَمَا} : {الفاء} : رابطة لجواب {من} الشرطية، {ما}: موصولة، أو موصوفة في محل الرفع مبتدأ، والخبر محذوف؛ تقديره: فما استيسر من الهدي واجب عليه، والجملة من المبتدأ والخبر المحذوف في محل الجزم بـ {من} الشرطية على كونها جوابًا لها، وجملة {مَن} الشرطية جواب {إذا} لا محل لها من الإعراب، وجملة {إذا} في محل النصب معطوفة على جملة قوله {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} على كونها مقولًا لجواب {إذا} المقدرة. {اسْتَيْسَرَ}: فعل ماض، وفاعله ضمير يعود على {مَا}. {مِنَ الْهَدْيِ}: جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من ضمير الفاعل، وجملة {اسْتَيْسَرَ} صلة لـ {ما} أو صفة لها، والعائد أو الرابط ضمير الفاعل.
{فَمَنْ} {الفاء} : فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن شرط مقدر؛ تقديره: إذا عرفتم أن من تمتع بالعمرة .. فعليه ما استيسر من الهدي، وأردتم بيان حكم من لم يتيسر له فأقول:{من لم يجد} ، {من}: اسم شرط جازم، أو اسم موصول في محل الرفع مبتدأ، والخبر جملة الشرط إن قلنا شرطية، أو جملة قوله {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ} إن قلنا موصولة. {لَمْ}: حرف نفي وجزم. {يَجِدْ} : فعل مضارع مجزوم بـ {لَمْ} ، وفاعله ضمير يعود على {مَنْ} ، والجملة في محل الجزم بـ {من} على كونها فعل شرط لها، أو صلة الموصول، ومفعول {يَجِدْ} محذوف؛ تقديره: فمن لم يجد الهدي؛ لأن (وجد) هنا بمعنى (أصاب)، فيتعدى
(1) جمل.
لواحد. {فَصِيَامُ} : {الفاء} : رابطة لجواب {مَنْ} الشرطية، أو رابطة للخبر بالمبتدأ إن قلنا {من} موصولة. {صيام}: مبتدأ، والخبر محذوف؛ تقديره: واجب عليه، والجملة في محل الجزم جواب {من} الشرطية، أو خبر {من} الموصولة، وجملة {من} الشرطية، أو المبتدأ والخبر في محل النصب مقول لجواب {إذا} المقدرة، وجملة {إذا} المقدرة مستأنفة. {صيام}: مضاف. {ثَلَاثَةِ} : مضاف إليه وهو مضاف. {أَيَّامٍ} : مضاف إليه. {فِي الْحَجِّ} : جار ومجرور متعلق بـ {صيام} . {وَسَبْعَةٍ} : معطوف على {ثَلَاثَةِ} ، وعلى قراءة النصب الشاذة: منصوب بفعل محذوف؛ تقديره: وصوموا سبعة. {إِذَا} : ظرف لما يستقبل من الزمان مجرد عن معنى الشرط في محل النصب على الظرفية، والظرف متعلق بـ {صيام} أيضًا. {رَجَعْتُمْ}: فعل وفاعل، والجملة في محل الجر مضاف إليه لـ {إذا}؛ تقديره: فصيام سبعة وقت رجوعكم إلى وطنكم {تِلْكَ} : مبتدأ. {عَشَرَةٌ} : خبر. {كَامِلَةٌ} : صفة لـ {عَشَرَةٌ} ، والجملة في محل الجر صفة مؤكدة لـ {ثَلَاثَةِ} و {سَبْعَةٍ} .
{ذَلِكَ} : مبتدأ. {لِمَنْ} : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ؛ تقديره: ذلك كائن لمن لم يكن، والجملة الإسمية مستأنفة استئنافًا بيانيًّا. {لَمْ}: حرف جزم. {يَكُنْ} : فعل مضارع ناقص مجزوم بـ {لَمْ} . {أَهْلُهُ} : اسم {يَكُنْ} ، ومضاف إليه. {حَاضِرِي}: خبر {يَكُنْ} منصوب بـ {الياء} المحذوفة وهو مضاف. {الْمَسْجِدِ} : مضاف إليه. {الْحَرَامِ} : صفة للمسجد، وجملة {يَكُنْ} صلة {مَن} الموصولة، والعائد ضمير {أَهْلُهُ}. {وَاتَّقُوا اللَّهَ}: الواو: استئنافية. {اتقوا الله} : فعل وفاعل ومفعول، والجملة مستأنفة. {وَاعْلَمُوا}: الواو: عاطفة، {اعلموا} فعل وفاعل، والجملة معطوفة على جملة {اتقوا}. {أَنَّ}: حرف نصب ومصدر. {اللَّهَ} : اسمها. {شَدِيدُ} : خبرها، وهو مضاف. {الْعِقَابِ}: مضاف إليه، وجملة {أَنَّ} من اسمها وخبرها في تأويل مصدر سادٍّ مسد مفعولي
{اعلموا} ؛ تقديره: واعلموا شدة عقاب الله سبحانه وتعالى.
{الْحَجُّ} : مبتدأ. {أَشْهُرٌ} : خبر، ولكن على تقدير مضاف؛ تقديره: وقت الحج؛ لئلا يلزم علينا الإخبار باسم الزمان عن اسم المعنى، والجملة مستأنفة. {مَعْلُومَاتٌ}: صفة {أَشْهُرٌ} . {فَمَنْ} : {الفاء} : فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن شرط مقدر؛ تقديره: إذا عرفت أن الحج أشهر معلومات، وأردت بيان حكم من أحرم الحج فيها .. فأقول لك:{من فرض} ، {مَن}: اسم شرط جازم، أو موصولة في محل الرفع مبتدأ، والخبر جملة الشرط، أو جملة قوله {فَلَا رَفَثَ} إن قلنا:{من} موصولة، {فَرَضَ}: في محل الجزم بـ {مَن} ، وفاعله ضمير يعود على {مَن} ، {فِيهِنَّ}: جار ومجرور متعلق بـ {فَرَضَ} . {الْحَجَّ} : مفعول به، والجملة الفعلية صلة الموصول. {فَلَا}:{الفاء} : رابطة لجواب {مَن} الشرطية وجوبًا، أو رابطة الخبر بالمبتدأ، {لا}: نافية تعمل عمل إنّ {رَفَثَ} : في محل النصب اسمها، ومثله في الإعراب قوله {وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ}. {فِي الْحَجِّ}: جار ومجرور تنازع فيه كل من قوله {فَلَا رَفَثَ} ، {وَلَا فُسُوقَ} ، {وَلَا جِدَالَ} على كونه خبرًا لـ {لا}؛ تقديره: فلا رفث جائز في الحج، ولا فسوق كذلك، ولا جدال كذلك، والجمل الثلاث في محل الجزم بـ {مَنْ} الشرطية على كونها جوابًا لها، وجملة {مَن} الشرطية في محل النصب مقول لجواب {إذا} المقدرة، وجملة {إذا} المقدرة مستأنفة استئنافًا بيانيًّا.
{وَمَا} الواو: استئنافية، {ما}: اسم شرط جازم في محل الرفع مبتدأ، أو في محل النصب مفعول مقدم وجوبًا. {تَفْعَلُوا}: فعل وفاعل مجزوم بـ {ما} على كونه فعل الشرط لها، والخبر جملة الشرط إن قلنا {ما} مبتدأ. {مِنْ خَيْرٍ}: جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من {ما} . {يَعْلَمْهُ اللَّهُ} : فعل
ومفعول وفاعل مجزوم بـ {ما} على كونه جواب الشرط لها، وجملة {ما} الشرطية مستأنفة. {وَتَزَوَّدُوا} الواو: عاطفة أو استئنافية، {تزودوا}: فعل وفاعل، والجملة معطوفة على جملة قوله {وَمَا تَفْعَلُوا} ، أو مستأنفة. {فَإِنَّ} {الفاء}: تعليلية، {إن}: حرف نصب وتوكيد. {خَيْرَ الزَّادِ} : اسم {إن} ، ومضاف إليه. {التَّقْوَى}: خبر {إن} ، وجملة {إن} في محل الجر بـ {لام} التعليل المقدرة المدلول عليها بـ {الفاء} التعليلية. {وَاتَّقُونِ} الواو: استئنافية، {اتقوا}: فعل وفاعل، والنون للوقاية، وياء المتكلم المحذوفة للتخفيف في محل النصب مفعول به، والجملة مستأنفة. {يَا أُولِي} {يا}: حرف نداء، {أُولِي}: منادى مضاف منصوب بـ {الياء} المحذوفة؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، وهو مضاف. {الْأَلْبَابِ}: مضاف إليه، وجملة النداء جواب الطلب السابق.
{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} .
{لَيْسَ} : فعل ماضٍ ناقص. {عَلَيْكُمْ} : جار ومجرور خبر مقدم لـ {لَيْسَ} . {جُنَاحٌ} : اسمها مؤخر، والجملة مستأنفة. {أن}: حرف نصب ومصدر. {تَبْتَغُوا} : فعل وفاعل منصوب بـ {أن} . {فَضْلًا} : مفعول به. {مِنْ رَبِّكُمْ} جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بمحذوف صفة لـ {فَضْلًا} ؛ تقديره: فضلًا كائنًا من ربكم، والجملة الفعلية صلة {أن} المصدرية، {أن} مع صلتها في تأويل مصدر مجرور بحرف جر محذوف؛ تقديره: في ابتغاء فضل من ربكم، الجار والمجرور متعلق بالاستقرار الذي تعلق به الجار والمجرور قبله.
{فَإِذَا} {الفاء} : فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن شرط مقدر؛ تقديره: إذا عرفتم أنه لا جناح عليكم في ابتغاء فضل الله، وأردتم بيان ما هو المطلوب لكم .. فأقول:{إذا أفضتم} : {إذا} : ظرف لما يستقبل من الزمان. {أَفَضْتُمْ} : فعل وفاعل. {مِنْ عَرَفَاتٍ} : جار ومجرور متعلق به، والجملة
في محل الخفض بإضافة {إذا} إليها على كونها فعل شرط لها، والظرف متعلق بالجواب. {فَاذْكُرُوا}:{الفاء} : رابطة لجواب {إذا} وجوبًا، {اذكروا الله}: فعل وفاعل ومفعول، والجملة جواب {إذا} لا محل لها من الإعراب، وجملة {إذا} في محل النصب مقول لجواب {إذا} المقدرة. {عِنْدَ الْمَشْعَرِ}: ظرف ومضاف إليه، والظرف متعلق بـ {اذكروا}. {الْحَرَامِ}: صفة لـ {الْمَشْعَرِ} . {وَاذْكُرُوهُ} الواو: عاطفة، {اذكروه}: فعل وفاعل ومفعول، والجملة معطوفة على جملة {اذكروا الله}. {كَمَا}:{الكاف} : حرف جر وتعليل، {ما}: مصدرية. {هَدَاكُمْ} : فعل ومفعول، وفاعله ضمير يعود على {اللَّهَ} ، والجملة صلة {ما} المصدرية و {ما} مع صلتها في تأويل مصدر مجرور بـ {الكاف} المتعلقة بـ {اذكروا}؛ تقديره: واذكروه لهدايته إياكم. {وَإِنْ} الواو: عاطفة أو استئنافية، {إن}: مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن محذوف؛ تقديره: و {إنه} . {كُنْتُمْ} : فعل ناقص واسمه. {مِنْ قَبْلِهِ} : جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بـ {الضَّالِّينَ} ، أو بمحذوف مماثل له. {لَمِنَ الضَّالِّينَ}:{اللام} : حرف ابتداء، {من الضالين}: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر {كان} ؛ تقديره: وإنه كنتم لكائنين مع الضالين قبله، وجملة {كان} في محل الرفع خبر {إن} المخففة، وجملة المخففة معطوفة على جملة {اذكروا} ، أو مستأنفة.
{ثُمَّ} : حرف عطف بمعنى الواو. {أَفِيضُوا} : فعل وفاعل، والجملة معطوفة على جملة قوله {فَاذْكُرُوا اللَّهَ} إن جرينا على القول بأن المراد بهذه الإفاضة الإفاضة من مزدلفة إلى منى قبل طلوع الشمس، كما قاله الضحاك. {مَنْ يَقُولُ}: جار ومجرور متعلق بـ {أَفِيضُوا} . و {حَيْثُ} إما ظرف زمان أو مكان. {أَفَاضَ النَّاسُ} : فعل وفاعل، والجملة مضاف إليه لـ {حَيْثُ}. {وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ}: فعل وفاعل ومفعول، والجملة معطوفة على جملة {أَفِيضُوا} .
{إِنَّ} : حرف نصب وتوكيد. {اللَّهَ} : اسمها. {غَفُورٌ} : خبر أول لها. {رَحِيمٌ} : خبر ثان لها، وجملة {إِنَّ} في محل الجر بـ {لام} التعليل المقدرة.
{فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا} .
{فَإِذَا} {الفاء} فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن شرط مقدر؛ تقديره: إذا عرفتم أحكام مناسككم، وأردتم بيان ما هو الأصلح لكم بعد قضائها .. فأقول لكم:{إذا قضيتم} . {إذا} : ظرف لما يستقبل من الزمان. {قَضَيْتُمْ} : فعل وفاعل، والجملة في محل الخفض بإضافة {إذا} إليها، على كونها فعل شرط لها، والظرف متعلق بالجواب. {مَنَاسِكَكُمْ}: مفعول به ومضاف إليه. {فَاذْكُرُوا اللَّهَ} : {الفاء} : رابطة لجواب {إذا} وجوبًا، {اذكروا الله}: فعل وفاعل ومفعول، والجملة جواب {إذا} لا محل لها من الإعراب، وجملة {إذا} في محل النصب مفعول لجواب {إذا} المقدرة. {كَذِكْرِكُمْ}: جار ومجرور ومضاف إليه، وهو من إضافة المصدر إلى فاعله. {آبَاءَكُمْ}: مفعول المصدر، ومضاف إليه، الجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة لمصدر محذوف؛ تقديره: فاذكروا الله ذكرًا كائنًا كذكركم آباءكم. {أَوْ} : حرف عطف بمعنى (بل). {أَشَدَّ} : منصوب على الحالية من {ذِكْرًا} المذكور بعده، المنصوب بـ {اذكروا} ؛ لأنه نعت نكرة قدمت عليها، فينصب على الحال. {ذِكْرًا}: مفعول مطلق لـ {اذكروا} منصوب به؛ لأن القاعدة: أن نعت النكرة إذا تقدم عليها يعرب حالًا، وتعرب النكرة بحسب العوامل، فيكون التقدير: فاذكروا الله ذكرًا كائنًا كذكركم آباءكم، بل اذكروه ذكرًا أشد من ذكركم آباءكم؛ أي: أكثر منه.
{فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} .
{فَمِنَ} : {الفاء} : فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن شرط مقدر؛ تقديره: إذا عرفتم ما ذكرته لكم من المناسك وما هو الأصلح لكم بعد قضاء
المناسك، وأردتم بيان أحوال الناس في الدعاء .. فأقول لكم:{من الناس} : جار ومجرور خبر مقدم. {من} اسم موصول في محل الرفع مبتدأ مؤخر، والجملة في محل النصب، مقول لجواب {إذا} المقدرة. {يَقُولُ}: فعل مضارع، وفاعله ضمير يعود على {مَن} ، والجملة صلة الموصول، والعائد ضمير الفاعل. {رَبَّنَا}: مقول محكي، وإن شئت قلت:{رَبَّنَا} : منادى مضاف منصوب، وجملة النداء في محل النصب مقول القول. {آتِنَا}: فعل ومفعول أول، وفاعله ضمير يعود على {رَبَّنَا} ، والجملة الفعلية جواب النداء في محل النصب مقول القول. {فِي الدُّنْيَا}: جار ومجرور متعلق بـ {آتِنَا} ، ومفعول {آتِنَا} الثاني محذوف؛ تقديره: مطلوبنا. {وَمَا} الواو: عاطفة، {ما}: نافية. {لَهُ} : جار ومجرور خبر مقدم. {فِي الْآخِرَةِ} : جار ومجرور حال من الضمير المستكن في الخبر. {مِنْ} : زائدة. {خَلَاقٍ} : مبتدأ مؤخر، والتقدير: وما خلاق كائن له في الآخرة، والجملة في محل النصب معطوفة على جملة قوله {فَمِنَ النَّاسِ} .
{وَمِنْهُمْ} والواو: عاطفة، {منهم}: جار ومجرور خبر مقدم. {مَنْ} : اسم موصول في محل الرفع مبتدأ مؤخر، والجملة في محل النصب معطوفة على جملة قوله {فَمِنَ النَّاسِ} ، وجملة يقول صلة {مَنْ} الموصولة. {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}: مقول محكي، وإن شئت قلت:{رَبَّنَا} : منادى مضاف، وجملة النداء في محل النصب مقول {يَقُولُ}. {آتِنَا}: فعل ومفعول أول، وفاعله ضمير يعود على {رَبَّنَا} ، والجملة جواب النداء في محل النصب مقول {يَقُولُ}. {فِي الدُّنْيَا}: جار ومجرور متعلق بـ {آتِنَا} . {حَسَنَةً} : مفعول ثان لـ {آتِنَا} . {وَفِي الْآخِرَةِ} : جار ومجرور معطوف على قوله {فِي الدُّنْيَا} . {حَسَنَةً} : معطوف على {حَسَنَةً} الأولى، على كونه مفعولًا ثانيًا لـ {آتِنَا}. {وَقِنَا}: الواو: عاطفة، {قِ} فعل أمر مبني
على حذف العلة، وهي الياء، {نا}: مفعول أول، وفاعله ضمير يعود على {رَبَّنَا}. {عَذَابَ}: مفعول ثان لـ {قنا} . {النَّارِ} : مضاف إليه، والجملة في محل النصب معطوفة على جملة {آتِنَا} .
{أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (202)} .
{أُولَئِكَ} : مبتدأ أول. {لَهُمْ} : جار ومجرور خبر مقدم. {نَصِيبٌ} : مبتدأ ثان مؤخر. {مِمَّا} : جار ومجرور صفة لـ {نَصِيبٌ} ؛ والتقدير: أولئك نصيب مما كسبوا كائن لهم، والجملة مستأنفة. {كَسَبُوا}: فعل وفاعل، والجملة صلة الموصول، والعائد محذوف؛ تقديره: مما كسبوه. {وَاللَّهُ} : الواو: استئنافية، {اللَّهُ}: مبتدأ: {سَرِيعُ} خبر. {الْحِسَابِ} : مضاف إليه، والجملة مستأنفة.
{وَاذْكُرُوا} الواو: استئنافية، {اذكروا}: فعل وفاعل ومفعول، والجملة مستأنفة. {فِي أَيَّامٍ}: جار ومجرور متعلق بـ {اذكروا} . {مَعْدُودَاتٍ} : صفة لـ {أَيَّامٍ} . {فَمَنْ} : {الفاء} : فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن شرط قدر؛ تقديره: إذا عرفتم مشروعية الذكر لكم، وأردتم بيان حكم من تعجل ومن تأخر .. فأقول لكم:{من تعجل} ، {من}: اسم شرط جازم في محل الرفع مبتدأ، والخبر جملة الشرط. {تَعَجَّلَ}: فعل ماض في محل الجزم بـ {مَن} وفاعله ضمير يعود على {مَن} . {فِي يَوْمَيْنِ} جار ومجرور متعلق بـ {تَعَجَّلَ} . {فَلَا} {الفاء} : رابطة لجواب {من} الشرطية وجوبًا، {لا}: نافية تعمل عمل {إن} . {إِثْمَ} : في محل النصب اسمها. {عَلَيْهِ} : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر {لا} ؛ تقديره: فلا إثم كائن عليه، وجملة {لا} في محل الجزم بـ {مَن} على كونها جوابًا لها، وجملة {مَن} الشرطية في محل النصب مقول لجواب {إذا} المقدرة، وجملة {إذا} المقدرة مستأنفة. {وَمَن}: الواو: عاطفة، {مَنْ}: اسم شرط جازم في محل الرفع مبتدأ، والخبر جملة الشرط.
{تَأَخَّرَ} : فعل ماضٍ في محل الجزم بـ {مَن} على كونه فعل شرط لها، وفاعله ضمير يعود على {مَن} ، وجملة فلا إثم عليه في محل الجزم بـ {مَن} على كونها جوابًا لها، وجملة {مَن} الشرطية في محل النصب معطوفة على جملة {مَن} الأولى.
{لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} .
{لِمَنِ} : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف؛ تقديره: ذلك الحكم المذكور كائن لمن اتقى الله، والجملة من المبتدأ المحذوف وخبره مستأنفة. {وَاتَّقُوا اللَّهَ} الواو: استئنافية، {اتَّقُوا اللَّهَ}: فعل وفاعل ومفعول، والجملة مستأنفة. {وَاعْلَمُوا} الواو: عاطفة، {اعلموا}: فعل وفاعل، والجملة معطوفة على جملة قوله {وَاتَّقُوا}. {أَنَّكُمْ}:{أن} : حرف نصب ومصدر، {الكاف}: اسمها. {إِلَيْهِ} : جار ومجرور متعلق بـ {تُحْشَرُونَ} ، {تُحْشَرُونَ}: فعل وفاعل، والجملة الفعلية في محل الرفع خبر {أن}؛ تقديره: أنكم محشورون إليه، وجملة {أن} في تأويل مصدر سادٍّ مسد مفعولي {اعلموا}؛ تقديره: واعلموا حشركم إليه للمجازاة بالبعث من القبور. والله أعلم.
التصريف ومفردات اللغة
{فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} استيسر وتيسر بمعنى واحد، مثل صعب واستصعب، وغنى واستغنى، وليست السين للطلب، وذلك لأن العرب لا تزيد حرفًا غالبًا إلا للدلالة على معنى زائد لا يدل عليه الأصل كما هو مقرر في التصريف. {الْهَدْيِ}: بتخفيف الياء مصدر في الأصل، وهو بمعنى المهدي، ويقرأ بتشديد الياء، وهو جمع هدية، وقيل: هو فعيل بمعنى مفعول. {مَحِلَّهُ} : وهو بالكسر يطلق على الزمان والمكان، وبالفتح على المكان فقط. {شَدِيدُ الْعِقَابِ}: من باب إضافة الصفة المشبهة إلى مرفوعها.
{فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} : الرفث: الإفحاش في الكلام، يقال: رفث يرفُث بكسر الفاء وضمها، والفسوق: الخروج عن حدود الشرع،
الجدال: (1) بوزن فِعال مصدر جادل، من باب فاعل الذي هو من مزيد الثلاثي، وهو المخاصمة الشديدة، مشتق من الجدل، وهو الفتل، ومنه قيل: زمام مجدول، وقيل: له جديل لفتله، وقيل للصقر: الأجدل لشدته واجتماع حلقه، كأن بعضه فتل في بعض فقوي. {الزَّادِ} (2) معروف؛ وهو ما يستصحبه الإنسان للسفر من مأكول ومشروب ومركوب وملبوس إن احتاج إلى ذلك، وألفه منقلبة عن واو يدل على ذلك قولهم: تزود تفعل من الزاد.
{فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ} وأصل أفضتم: أفيضتم؛ لأنه من فاض السيل يفيض إذا سال، وإذا كثر الناس في الطريق كان مشيهم كجريان للسيل.
{عَرَفَاتٍ} : اسم (3) لتلك البقعة؛ أي: موضع الوقوف، وقرأه الجماعة بالتنوين، وليس التنوين فيه للفرق بين ما ينصرف وما لا ينصرف، وإنما هو بمنزلة النون في مسلمين، وسميت عرفات؛ لأن الناس يتعارفون فيها، وقيل: لأن آدم التقى هو وحواء فيها فتعارفا، وقيل: غير ذلك. قال ابن عطية: والظاهر أنه اسم مرتجل كسائر أسماء البقاع.
وقال أبو السعود (4): وعرفات جمع سمي به كأذرعات، وإنما صرف وفيه العلتان لأن تنوينه تنوين المقابلة لا تنوين التمكين، وهذا الاسم من الأسماء المرتجلة إلا على القول بأن أصله جمع.
{وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ} السين والتاء فيه للطلب على بابها، والمفعول الثاني محذوف للعلم به؛ أي: من ذنوبكم التي فرطت منكم، واستغفر يتعدى لاثنين، أولهما بنفسه، والثاني بمن، نحو استغفرت الله من ذنبي، وقد يحذف حرف الجر كقوله:
أَسْتَغْفِرُ اللهَ ذَنْبًا لَسْتُ مُحْصِيَهُ
…
رَبَّ الْعِبَادِ إِلَيْهِ الوَجْهُ وَالعَمَلُ
{فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ} ؛ أي: أديتم؛ لأن قضى إذا علق بفعل النفس
(1) البحر المحيط.
(2)
البحر المحيط.
(3)
شوكاني.
(4)
جمل.
فالمراد منه الإتمام والفراغ، كقوله تعالى:{فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} .
{مَنَاسِكَكُمْ} : جمع (1) منسَك بفتح السين وكسرها، والجمهور على إظهار الكاف الأولى، وأدغمها بعضهم؛ شبه حركة الإعراب بحركة البناء فحذفها.
البلاغة
{وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ} : فيه مجاز في الفاعل وفي المفعول:
أما في الفاعل: ففي إسناد الحلق إلى الجميع، وإنما يحلق بعضهم رأس بعض، وهو مجاز شائع كثير، تقول: حلقت رأسي والمعنى: أن غيره حلقه له.
وأما المجاز في المفعول: فإنه على حذف مضاف تقديره: شعر رؤوسكم، والخطاب يخص الذكور؛ لأن الحلق مثلةً (2) للنساء في الحج وفي غيره، وإنما التقصير سنتهن في الحج.
{حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} : كناية عن ذبحه في مكان الإحصار.
{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} : فيه مجاز بالحذف؛ لأن الأصل فمن كان منكم مريضًا فحلق، أو به أذى من رأسه فحلق .. فعليه فدية.
{وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} : فيه من مباحث البلاغة شيئان: أحدهما: الإلتفات، والآخر: الحمل على المعنى.
أما الإلتفات: فإن قبله: {فَمَنْ تَمَتَّعَ} {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ} ، فجاء بضمير الغيبة عائدًا على {من} فلو نسق هذا على نظم الأول .. لقيل: إذا رجع، بضمير الغيبة.
وأما الحمل على المعنى: فلأنه أتى بضمير الجمع اعتبارًا بمعنى {من} ، ولو روعي اللفظ لأفرد، فقيل: إذا رجع.
{تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} : فيه إجمال بعد التفصيل، وهذا من باب الإطناب، وفائدته زيادة التأكيد والمبالغة في المحافظة على صيامها وعدم التهاون بها، أو
(1) عكبري.
(2)
مَثَلةٌ: تشويه.
تنقيص عددها، والتنبيه على أنها كاملة في الثواب؛ يعني: أن ثواب صيام العشرة كثواب الذبح لا ينقص عنه شيئًا.
{وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} : فيه إظهار في مقام الإضمار؛ لتربية المهابة في روع السامع.
{فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} : فيه إظهار في مقام الإضمار، ونكتته كمال الاعتناء بشأنه، والإشعار بعلة الحكم، فإن زيارة البيت المعظم والتقرب بها من موجبات ترك الأمور المذكورة، وإيثار النفي للمبالغة في النهي، والدلالة على أن ذلك حقيق بأن لا يقع، فإن ما كان منكرًا مستقبحًا في نفسه، ففي خلال الحج أقبح كلبس الحرير في الصلاة؛ لأنه خروج عن مقتضى الطبع والعادة إلى محض العبادة.
{وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ} ؛ أي: ومن شر ففيه اكتفاء، وهو ذكر أحد المتقابلين، وحذف الآخر لعلمه من المذكور.
{فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ} : فيه تشبيه تمثيلي، يسمى: مرسلًا مجملًا.
{فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا} : فيه التفات من الخطاب إلى الغيبة، ولو جاء على الخطاب .. لكان: فمنكم من يقول ومنكم من يقول. وحكمة هذا الالتفات: أنهم لما وجهوا بهذا الذي لا ينبغي أن يسلكه عاقل، وهو الاقتصار على الدنيا .. أبرزوا في صورة أنهم غير المخاطبين بذكر الله، بأن جعلوا في صورة الغائبين، وهذا من التقسيم الذي هو من جملة ضروب البيان.
والله سبحانه وتعالى أعلم
* * *
قال الله سبحانه جلَّ وعلا:
المناسبة
ومناسبة هذه الآيات لما قبلها: أنه لما ذكر الله تعالى في الآيات السابقة العبادات التي تطهر القلوب، وتزكي النفوس كالصيام والصدقة والحج، وقسم السائلين له إلى مقتصر على أمر الدنيا وطلبها، وسائل حسنة الدنيا والآخرة والوقاية من النار .. أتى هنا بذكر النوعين، فذكر من النوع الأول من هو حلو المنطق مظهر الود، وليس ظاهره كباطنه، وعطف عليه من يقصد رضى الله تعالى، ويبيع نفسه في طلبه، وقدم الأول هنا؛ لأنه هناك هو المقدم بقوله:{وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا} ، وأحال هنا على إعجاب قوله دون غيره من الأوصاف؛ لأن القول هو الظاهر منه أولًا في قوله تعالى:{فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا} فكان من حيث توجهه إلى الله تعالى في الدعاء ينبغي أن يكون لا يقتصر على الدنيا، وأن يسأل ما ينجيه من عذابه، وكذلك هذا الثاني ينبغي أن لا يقتصر على حلاوة منطقه، بل كان يطابق في سريرته لعلانيته، ثم حذر تبارك وتعالى من اتباع خطوات الشيطان، وبين لنا عداوته الشديدة.