المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وبالغن في الزينة، أو تزوجن في مدة العدة .. فإنه - تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن - جـ ٣

[محمد الأمين الهرري]

الفصل: وبالغن في الزينة، أو تزوجن في مدة العدة .. فإنه

وبالغن في الزينة، أو تزوجن في مدة العدة .. فإنه يحرم على الأولياء إقرارهن على ذلك {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ} من الخير والشر {خَبِيرٌ}؛ أي: عالم بباطنه كظاهره، فيجازيكم عليه.

فائدة: ويجب الإحداد على المتوفى عنها زوجها، وهو ترك الزينة والطيب، ودهن الرأس بكل الدهن والكحل المطيب، فإن اضطرت إلى كحل فيه زينة لرمد .. فيرخص لها فيه، وبه قال مالك وأبو حنيفة، وقال الشافعي: تكتحل به بالليل، وتمسحه بالنهار.

روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوجها أربعة أشهر وعشرًا".

وروى الشيخان عن أم عطية رضي الله عنها قالت: كنا ننهى أن نحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرًا، ولا نكتحل ولا نتطيب، ولا نلبس ثوبًا مصبوغًا إلا ثوب عصب، وقد رخص لنا عند الطهر إذا اغتسلت إحدانا من حيضها في نبذة من كُسْتِ أظَفَارٍ.

تنبيه: وقد أجمع العلماء على أن هذه الآية ناسخة لما بعدها من الاعتداد بالحول، وإن كانت هذه الآية مقدمة في التلاوة، وسنذكر تمام الكلام عليه بعد في موضعه إن شاء الله تعالى، والله أعلم.

‌235

- {وَلَا جُنَاحَ} ؛ أي: لا حرج ولا إثم {عَلَيْكُمْ} أيها الرجال {فِيمَا عَرَّضْتُمْ} ولوحتم وأشرتم {بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} المعتدات عن الوفاة، أو عن الطلاق البائن كقولكم لهن: إنك لجميلة ورب راغب فيك، ولعل الله أن ييسر لي امرأة صالحة، والتعريض وكذا التلويح: إفهام المقصود باللفظ الذي لم يوضع له حقيقة، ولا مجازًا كقول الفقير للمحتاج إليه: جئتك لأسلم عليك، والكناية: إفهام المقصود بذكر لوازمه وروادفه، كقولك للمضياف: كثير الرماد، والتصريح إفهام المقصود باللفظ الدال عليه حقيقة، والخِطبة - بكسر الخاء - طلب النكاح

ص: 350

والتماسه من المرأة أو الولي.

{أَوْ} فيما {أَكْنَنْتُمْ} وسترتم به {فِي أَنْفُسِكُمْ} وقلوبكم من نكاحهن، إذا انقضت عدتهن، و {أو} هنا للإباحة أو للتخيير أو التفصيل أو الإبهام على المخاطب، أما التصريح بخطبتهن كقوله: أريد نكاحك .. فحرام مطلقًا، وأما الرجعيات: فيحرم التعريض والتصريح بخطبتهن {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ} بقلوبكم ولا تصبرون على السكوت عنهن، وعن الرغبة فيهن؛ لأن شهوة النفس والتمني لا يخلو عنه أحد، وهذا كالتعليل لقوله:{وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} ؛ أي: وإنما أباح لكم التعريض؛ لعلمه بأنكم لا تصبرون عنهن، وقوله:{وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} استدراك على محذوف دل عليه قوله: {سَتَذْكُرُونَهُنَّ} ؛ تقديره: فاذكروا خطبتهن تعريضًا، ولكن لا تواعدوهن؛ أي: لا تذكروا خطبتهن سرًّا؛ أي: صريحًا بأن تذكروا صريح النكاح كقوله: أريد نكاحك، فالمراد بالسر: صريح الخطبة، وقيل: المراد بالسر: الجماع، والمعنى حينئذ: ولكن لا تواعدوهن بذكر الجماع، وهو كما قال ابن عباس رضي الله عنهما: بأن يصف الخاطب نفسه لها بكثرة الجماع، كأن يقول لها: آتيك الأربعة والخمسة، وقيل: المراد بالسر النكاح، والمعنى حينئذ: ولكن لا تأخذوا ميثاقهن على النكاح؛ لكي لا ينكحن غيركم، كأن يقول لها: عاهديني أن لا تتزوجي غيري. {إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا} في الشرع، وهو أن تعرضوا لهن بالخطبة، ولا تصرحوا بها، أو المعنى: إلا أن تسارروهن بالقول غير المنكر شرعًا، كأن يعدها الخاطب في السر بالإحسان إليها، والاهتمام بشأنها، والتكفل بمصالحها حتى يصير ذكر هذه الأشياء الجميلة مؤكدًا لذلك التعريض.

{وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ} ؛ أي: ولا تحققوا عقد النكاح، أو لا تجزموا ولا تقطعوا قصد عقد النكاح {حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ}؛ أي: حتى تبلغ العدة المكتوبة المفروضة {أَجَلَهُ} ؛ أي: آخرها ونهايتها، وصارت منقضية {وَاعْلَمُوا} أيها الرجال {أنَّ الله يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ} وقلوبكم من العزم على ما نهيتم عنه {فَاحْذَرُوهُ}؛ أي: فخافوا عقابه بالاجتناب عن العزم على ذلك {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ

ص: 351