الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَيْهِ لَا مَوْجُود يصدق عَلَيْهِ مَعْدُوم، وكل مَا يصدق عَلَيْهِ لَا مَعْدُوم يصدق عَلَيْهِ مَوْجُود، وَهَذَا بِنَاء (على نفي الْحَال) وَأما على إثْبَاته كَمَا هُوَ قَول الْبَعْض، فَبين لَا مَوْجُود وَلَا مَعْدُوم عُمُوم من وَجه لتصادقهما فِيهَا لِأَنَّهَا صفة لموجود غير مَوْجُودَة فِي نَفسهَا، وَلَا مَعْدُومَة كالأجناس والفصول، وتفارقهما فِي الْمَعْدُوم وَالْمَوْجُود (وَمَا) أَي وكل مفهومين (بَينهمَا عُمُوم مُطلق يتعاكس نقيضاهما، فنقيض الْأَعَمّ أخص من نقيض الْأَخَص، ونقيض الْأَخَص أَعم من نقيض الْأَعَمّ) يَعْنِي كل مَا يصدق عَلَيْهِ نقيض الْأَعَمّ يصدق عَلَيْهِ نقيض الْأَخَص، وَإِلَّا لصدق نقيض الْأَعَمّ على شَيْء لم يصدق عَلَيْهِ نقيض الْأَخَص، فَيصدق عَلَيْهِ عين الْأَخَص ضَرُورَة امْتنَاع ارْتِفَاع النقيضين فَلَزِمَ تحقق الْأَخَص بِدُونِ الْأَعَمّ، وَلَيْسَ كل مَا يصدق عَلَيْهِ نقيض الْأَخَص يصدق عَلَيْهِ نقيض الْأَعَمّ لصدق نقيض الْأَخَص على شَيْء لَا يصدق عَلَيْهِ نقيض الْأَعَمّ، فَإِن مَادَّة افْتِرَاق الْأَعَمّ من الْأَخَص يصدق عَلَيْهِ نقيض الْأَخَص، وَلَا يصدق عَلَيْهَا نقيض الْأَعَمّ، بل عينه وَهُوَ ظَاهر.
الْفَصْل الرَّابِع
(عَن الْأُصُول الْخَمْسَة الْمشَار إِلَيْهَا فِيمَا سبق بقوله: وللمفرد انقسامات بِاعْتِبَار ذَاته، ودلالته، ومقايسته لمفرد آخر، ومدلوله، وإطلاقه، وتقييده فِي فُصُول انْتهى، وَهَذَا مُبْتَدأ خَبره مَحْذُوف يَعْنِي فِي الْمُفْرد بِاعْتِبَار مَدْلُوله (وَفِيه) أَي فِي الْفَصْل الرَّابِع (تقاسيم).
التَّقْسِيم (الأول: وَيَتَعَدَّى إِلَيْهِ من مَعْنَاهُ إِمَّا كلي) قَوْله الأول مُبْتَدأ خَبره جملَة حذف صدرها، أَعنِي الْمُفْرد إِمَّا كلي إِلَى آخِره، وَمَا بَينهمَا مُعْتَرضَة، وَالْوَاو للاعتراض، وَالْمعْنَى: وَيَتَعَدَّى التَّقْسِيم الأول: أَي بِاعْتِبَار قيوده المنضمة إِلَى مقسمه: أَي الْمُفْرد من مَعْنَاهُ، فَإِن الْكُلية والجزئية من عوارض الْمعَانِي بِاعْتِبَار وجودهَا فِي الذِّهْن، ويوصف بهما الْأَلْفَاظ مجَازًا تَسْمِيَة للدال باسم الْمَدْلُول (لَا يمْنَع تصور مَعْنَاهُ) أَي لَا يمْنَع الصُّورَة الْحَاصِلَة فِي الْعقل المنعكسة من مَعْنَاهُ الْعقل (فَقَط) قطّ من أَسمَاء الْأَفْعَال بِمَعْنى انته، وَكَثِيرًا مَا يصدر بِالْفَاءِ تزيينا للفظ، فَكَأَنَّهُ جَزَاء شَرط مَحْذُوف: أَي إِذا نسبت الْمَنْع إِلَى التَّصَوُّر فانته عَن نسبته إِلَى الْغَيْر وَحَاصِله أَن الْعبْرَة بِنَفس التَّصَوُّر مَعَ قطع النّظر عَمَّا سواهَا (من الشّركَة فِيهِ) أَي من فرض شركَة كثيرين فِي مَعْنَاهَا، فكلمة من صلَة الْمَنْع (أَو جزئي حَقِيقِيّ يمْنَع) تصور مَعْنَاهُ الْعقل من فرض شركَة كثيرين فِيهِ بِأَن يحمل عَلَيْهَا مواطأة (بِخِلَاف) الجزئي (الإضافي) أَي (كل أخص)
مندرج (تَحت أَعم) فَهُوَ أَعم من الجزئي الْحَقِيقِيّ لصدقه على مثل الْإِنْسَان المندرج تَحت الْحَيَوَان كصدقه على زيد المندرج تَحت الْإِنْسَان، وَيُسمى الأول كليا لكَونه جُزْءا غَالِبا من فَرده الَّذِي هُوَ كل مَنْسُوبا إِلَيْهِ. وَالثَّانِي جزئيا لكَونه فَردا من الْكُلِّي مَنْسُوبا إِلَيْهِ. وَالثَّالِث إضافيا لاعْتِبَار الْإِضَافَة إِلَى الْأَعَمّ فِي مَفْهُومه (والكلي إِن تَسَاوَت أَفْرَاد مَفْهُومه فِيهِ) أَي فِي مَفْهُومه، وستعرف الْمُسَاوَاة بِذكر مَا يقابلها (فمتواطئ) من التواطئ، وَهُوَ التوافق لتوافق الْأَفْرَاد فِيهِ (كالإنسان، أَو تفاوتت) أَفْرَاد مَفْهُومه فِيهِ (بِشدَّة وَضعف كالأبيض) فَإِن مَعْنَاهُ، وَهُوَ اللَّوْن المفرق لِلْبَصَرِ فِي الثَّلج أَشد مِنْهُ فِي العاج (وَالْمُسْتَحب) فَإِن مَا طلب فعله مَعَ تَجْوِيز التّرْك حُصُوله فِي ضمن السّنَن الْمُؤَكّدَة أولى وَأَشد من حُصُوله فِي ضمن السّنَن الزَّوَائِد (فمشكك) بِصِيغَة اسْم الْفَاعِل، وَإِنَّمَا يُسمى بِهِ (للتردد فِي) أَن (وَضعه للخصوصيات) بِأَن يكون مَوْضُوعا بِإِزَاءِ هَذِه الخصوصية بِوَضْع، وإزاء تِلْكَ الخصوصية بِوَضْع آخر (فمشترك) أَي فَهُوَ على هَذَا التَّقْدِير مُشْتَرك بَين الخصوصيات اشتراكا لفظيا (أَو) وَضعه (للمشترك) بَينهمَا مَعَ قطع النّظر عَن التَّفَاوُت الَّذِي بَينهمَا (فمتواطئ) ومنشأ التَّرَدُّد وجود التَّفَاوُت الْآتِي بِحَسب الظَّاهِر كَون تِلْكَ الْأَفْرَاد أَفْرَاد مَفْهُوم وَاحِد، وَظُهُور عدم مَا يُعينهُ من ذَلِك بعد التَّأَمُّل لوُجُود الْقدر الْمُشْتَرك (وَلِهَذَا) بِعَيْنِه (قيل بنفيه) أَي بِنَفْي التَّرَدُّد بَين الْأَمريْنِ الْمَذْكُورين التشكيك (لِأَن الْوَاقِع) فِي نفس الْأَمر (أَحدهمَا) أَي أحد الِاحْتِمَالَيْنِ، وَلَا تشكيك فِي شَيْء مِنْهُمَا: أما على الأول فَلِأَنَّهُ لَا يتَحَقَّق على ذَلِك التَّقْدِير مَفْهُوم عَام لَهُ أَفْرَاد مُتَفَاوِتَة، وَأما على الثَّانِي فَلِأَن الْقدر الْمُشْتَرك قطع النّظر عَن التَّفَاوُت ليستوي فِيهِ الْأَفْرَاد (وَالْجَوَاب أَن الِاصْطِلَاح) وَاقع (على تَسْمِيَة) لفظ (متفاوت) مَعْنَاهُ بِاعْتِبَار تحَققه فِي ضمن أَفْرَاده بالشدة والضعف (بِهِ) أَي بالمشكك (والتفاوت) الْمُعْتَبر فِي الْمُسَمّى الْمَذْكُور (وَاقع) أَي مُحَقّق فِي معنى بعض الْأَلْفَاظ الْمَوْضُوع بِإِزَاءِ مَفْهُوم كلي لَهُ أَفْرَاد مُتَفَاوِتَة فِيهِ، وَإِذا ثَبت التَّسْمِيَة بالمشكك وَتحقّق الْمُسَمّى فِي الْخَارِج (فَكيف يَنْفِي) المشكك، الظَّاهِر أَن هَذَا الْبَحْث مُعَارضَة وَحَاصِله: إِن كَانَ لكم دَلِيل على نفي وجود المشكك فلنا دَلِيل على وجوده، وَحِينَئِذٍ يكون قَوْله (فَإِن قيل بِنَفْي مُسَمَّاهُ) منعا للمقدمة القائلة أَن التَّفَاوُت الَّذِي هُوَ مُسَمّى المشكك وَاقع، وَالضَّمِير فِي مُسَمَّاهُ عَائِد إِلَى المشكك بِاعْتِبَار مَا يتَضَمَّن من التَّفَاوُت الْمَذْكُور، ثمَّ بَين النَّفْي بقوله (فَإِن مَا بِهِ) التَّفَاوُت (كخصوصية الثَّلج) الَّتِي حصل بهَا الشدَّة (أَن أخذت) أَي الخصوصية (فِي مَفْهُومه) أَي المشكك بِأَن تكون الشدَّة المفرقة لِلْبَصَرِ الْمَوْجُودَة فِي الثَّلج جُزْء مَفْهُوم الْأَبْيَض (فَلَا شركَة) لغير الثَّلج كالعاج مَعَه فِي مَفْهُوم الْأَبْيَض (فَلَا تفَاوت) حِينَئِذٍ إِذْ لم
يبْق لَهُ أَفْرَاد غير أَفْرَاد الثَّلج، وَلَا تفَاوت فِيهَا (وَلزِمَ الِاشْتِرَاك) اللَّفْظِيّ، إِذْ من الْمَعْلُوم أَن إِطْلَاق الْأَبْيَض على العاج وَغَيره مِمَّا سوى الثَّلج مِمَّا يُطلق عَلَيْهِ الْأَبْيَض بطرِيق الْحَقِيقَة، وَحَيْثُ لم يُوجد قدر مُشْتَرك لزم الِاشْتِرَاك اللَّفْظِيّ (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم تُوجد الخصوصية فِي مَفْهُومه اسْتَوَت أَفْرَاد الثَّلج والعاج وَغَيرهمَا فِي مَفْهُومه وَهُوَ ظَاهر (فَلَا تفَاوت) بَين أَفْرَاده فِي مَفْهُومه (وَلزِمَ التواطؤ قُلْنَا مَا بِهِ) التَّفَاوُت من الخصوصيات المستلزمة حُصُول الْمَفْهُوم بطرِيق الشدَّة فِي الْبَعْض والضعف فِي الْبَعْض الآخر (مُعْتَبر فِيمَا صدق عَلَيْهِ الْمَفْهُوم) بطرِيق اعْتِبَار على وَجه الْجُزْئِيَّة كَمَا سَيظْهر (من أَفْرَاد تِلْكَ الخصوصية) بَيَان لما صدق الْمَفْهُوم عَلَيْهِ وَظَاهره يَقْتَضِي عدم اعْتِبَار مَا بِهِ التَّفَاوُت فِي مَاهِيَّة تِلْكَ الخصوصية، وَسَيَأْتِي اعْتِبَاره فضلا مِنْهَا، وَكَأَنَّهُ يُشِير إِلَى أَن للمجيب أَن يعتبره فِي أفرادها دون الْمَاهِيّة فَإِنَّهُ أَدخل فِي دفع الِاعْتِرَاض، ثمَّ يُصَرح ثَانِيًا بِمَا هُوَ التَّحْقِيق، وَفِي إِضَافَة الْأَفْرَاد إِلَى تِلْكَ الخصوصية مُسَامَحَة، وَالْمرَاد أَفْرَاد مَا فِيهِ تِلْكَ الخصوصية، وَهُوَ الثَّلج مثلا (لَا) أَنه مُعْتَبر (فِي نَفسه) أَي نفس الْمَفْهُوم الَّذِي وضع لَهُ الْأَبْيَض مثلا (وَحَاصِل هَذَا) الْجَواب (أَن كل خُصُوصِيَّة) من الخصوصيات الْمُوجبَة للشدة أَو الضعْف (مَعَ الْمَفْهُوم) الَّذِي وضع الْأَبْيَض بإزائه مثلا (نوع ويستلزم) كَون كل خُصُوصِيَّة مَعَه نوعا (أَن مُسَمّى المشكك كالسواد وَالْبَيَاض لَا يكون إِلَّا جِنْسا، وَمَا بِهِ التَّفَاوُت فُصُول تحصله) أَي الْجِنْس الْمَذْكُور (أنواعا) مفعول ثَان للتحصيل فَإِنَّهُ يتَضَمَّن معنى الْجعل، وَيجوز أَن يكون حَالا عَن الضَّمِير الْمَنْصُوب وَالْمعْنَى: أَن الخصوصيات الَّتِي بهَا تَتَفَاوَت أَفْرَاد مُسَمّى المشكك إِذا انضمت إِلَى الْمَاهِيّة الجنسية الَّتِي هِيَ الْمُسَمّى تجْعَل تِلْكَ الْمَاهِيّة أنواعا، لِأَنَّهُ يتقوم بانضمام كل مِنْهَا إِلَى الْمَاهِيّة نوع مركب من الْجِنْس والفصل، أَو تحققها، أَو يقومها حَال كَونهَا أنواعا، فَإِنَّهُ لَا وجود للأجناس إِلَّا فِي ضمن الْأَنْوَاع كَمَا لَا وجود للأنواع إِلَّا فِي ضمن الْأَشْخَاص، فالجنس، وَالنَّوْع، والشخص مُتحد وجودا وَجعلا، وَإِن كَانَت مُتَغَايِرَة بِحَسب التعقل (فَمن الماهيات الجنسية مَا) أَي ماهيات جنسية (فُصُول أَنْوَاعهَا مقادير من الشدَّة والضعف) أَي ذُو مقادير مِنْهُمَا، فاختلاف تِلْكَ الْأَنْوَاع بِاعْتِبَار تِلْكَ الْفُصُول، وَاخْتِلَاف تِلْكَ الْفُصُول بِاعْتِبَار اخْتِلَاف مقاديرها من الْكَيْفِيَّة الجنسية، فَإِن الْبيَاض مثلا كَيْفيَّة جنسية يتَحَقَّق فِي أَنْوَاع كَثِيرَة، وَفِي كل نوع مِقْدَار خَاص من تِلْكَ الْكَيْفِيَّة لَهُ مرتبَة مَخْصُوصَة من الشدَّة والضعف، وهما أَمْرَانِ إضافيان (وَذَلِكَ) أَي مَا فُصُول أَنْوَاعهَا مقادير مِنْهَا يتَحَقَّق (فِي ماهيات الْأَعْرَاض وَلذَا) أَي وَلأَجل أَن تحقق هَذَا الْقسم إِنَّمَا يكون فِي الْأَعْرَاض (يَقُولُونَ) أَي المتكلمون، بل الْحُكَمَاء (الْمَقُول) أَي الْمَحْمُول على
أفراده (بالتشكيك) بأن يكون تحققه في ضمن البعض أشد وأقوى من تحققه في ضمن البعض الآخر (خارج) عن حقيقة أفراده التي يقال علها كما اشتهر فيما بينهم من أن الماهية وأجزاءها لا تكون مقولة بالتشكيك على أفرادها، وتحقيق ذلك في غير هذا العلم، (ومنها) أي الماهيات الجنسية ما فصول أنواعها (خلافه) أي غير المقادير المذكورة كفصل نفس ماهية المشكك الذي يميزه عن مشكك آخر كفصل نحو السواد فإنه يميز عن البياض وغيره مما يندرج تحت اللون كقولنا: قابض للبصر في السواد مفرق له في البياض (ثم وضعنا اسم المشكك للاول) أي لما فصول أنواعه مقادير.
التقسيم الثاني
(مدلوله) أي المفرد (إما لفظ كالجملة والخبر) فلأنه قد سبق أن المركب أن أفاد نسبة تامة بمجرد ذاته فجملة، وهو إن دل على مطابقة خارج فخبر، وإلا فإنشاء (والاسم، والفعل، والحرف) والحكم بكون مدلول أمثال هذه الألفاظ لفظا مبنى (على نوع مساهلة، إذ الألفاظ ما صدقات مدلوله) أي المفرد (الكلى) صفة مدلول: يعني أن لك واحد من المفردات المذكورة موضوع بإزاء مفهوم كلي أفراده ألفاظ وهو ظاهر، فنفس مدلوله ليس بلفظ، بل اللفظ أفراد مدلوله (إلا أن يراد) بالجملة (كل جملة متحققة خارجًا) أي تحققا خارجيًا مثل: ضرب زيد، واضرب زيدا، وزيد قائم، الحكم بالتساهل مبني على حمل المدلول على المدلول المطابقي، وحاصل التأويل حمله على المدلول الضمني، فإن كل فرد معين من أفراد مسمى الجملة مدلول ضمنا ضرورة فتضمن الكلي لجزئياته، وهكذا الحال في الخبر والفعل والحرف وغيرها (أو) مدلوله (غيره) أي غير لفظ، وحينئذ فالأول: أي فالمفرد الذي مدلوله ليس بلفظ (فأما لا يدل عليه) أي على مدلوله (إلا بضميمة إليه) أي إلى الدال، والضميمة لفظ آخر، وإنما احتاج إليها (لوضعه) أي لكونه موضوعا (لمعنى جزئي) أي لنسبة جزئية (من حيث هو) أي المعنى الجزئي (ملحوظ بين نسبتين خاصيتين) آلة لمعرفة حالهما ملتفت بالتبع، والمقصود بالذات معرفتهما، ولا يلزم أن يكونا جزئيين حقيقيين فيعم خصوص الشخص والنوع والجنس، لكن انسبة وإن كان طرفاها كليين فهي جزئية على ما قالوا (فهو الحرف كمن) فإها موضوعة للابتداء الخاص الذي هو نسبة جزئية ملحوظة بين المسير والبصرة مثلا (والى) فإنها موضوعة لانتهاء الغاية على الوجه المذكور (بخلاف) الأسماء (اللازمة للإضافة) كذو، وقبل، وبعد فإنها موضوعة
لمعنى كلي من صاحب وسبق، وتأخر، فالتزم ذكر ما أضيف إليه لبيانه، لا لأن معانيها ملحوظة بين شيئين آلة لتعرف حالهما مقصودة بالتبع (أو يستقل بالدلالة) معطوف على مدخول إما فإن حاصله إما لا يستقل بالدلالة فهو الحرف، أو يستقل بها (لعدم ذلك) أي وضعه لمعنى من حيث هو ملحوظ بين شيئين خاصيين، فإن ذلك أخرجه إلى ذكر ذينك من الشيئين، وأخرجه عن الاستقلال فعند عدمه، والمفروض عدم مخرج آخر يلزم الاستقلال وحينئذ (فأما لا يكون) المفرد المستقل بالدلالة (معناه حدثا مقيدا بأحد الأزمنة الثلاثة) الماضي، والحال، والاستقبال حال كون أحد الأزمنة مدلولا (بهيئة) فدخل ما كان معناه حدثا مقيدا بأحدهما بمادته كلفظ الماضي والحال والاستقبال، وكذا ما لا يكون معناه حدثا كزيد، أو حدثا غير مقيد: كضرب وقيل (فهو) المفرد المستقل بالدلالة على ما لا يكون حدثا كذا (الاسم كالابتداء والانتهاء) فإن معناهما الابتداء والانتهاء المطلق، وأنهما ليس بحدثين مقيدين بما ذكر (فالكاف وعن وعلى حيئنذ) أي حين كان الأمر على ما عرفت من البون البعيد بين حقيقتي الاسم والحرف وتبياينهما باعتبار الاستقلال وعدم الاستقلال وغيره مع العلم بأن كلا منهما يستعمل تارة استعمال الحروف فيجري عليه أحكامها، وتارة استعمال الأسماء فيجري عليه أحكامها (مشترك لفظي له وضع للمعنى الكلي يستعمل فيه) أي في المعنى الكلي (اسما) أي استعمال اسم، أو حال كونه اسما (كبكابن الماء) في قول امريء القيس:
ورحنا بكابن الماء يجنب وسطنا
…
تصوب فيه العين طورا وترتقي
أي بفرس مثل الكركي، شبه به لخفته وطول عنقه (و) وضع (لخصوص منه) أي من المعنى الكلي (كذلك) أي من حيث هو ملحوظ بين شيئين خاصين (فيستعمل فيه) أي في الخصوص (حرفا كجاء الذي كعمرو) أي الذي استقر كعمرو، فإن حرفيتها في مثله متعينة عند الجمهور لئلا يلزم افراد الصلة راجحة عند الأخفش والجزولي وابن مالك مجوزين اسميتها على اضمار مبتدا كما في قراءة بعضهم - تماما على الذي أحسن - (وقس الأخيرين) أي عن وعلى (عليه) أي على الكاف باعتبار وضع عن للكلي وهو الجانب فيستعمل فيه اسما نحو:
ولقد رأني للرماح دريئة
…
من عن يميني مرة وأمامي
وللجزئي كما هو المشهور (أو يكون) معناه حدثا مقيدا بأحد الآن منه بهيئة (فالفعل) بأقسامه.