الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحمل على الْوُجُوب (و) مُوجب للْحَمْل بِنَاء (على مَا اخترنا على مَا اعْترض عَلَيْهِ) من الْإِبَاحَة وَالْوُجُوب، هَذَا من تَمام ال
مسئلة
على مَا فِي نُسْخَة اعتمدنا عَلَيْهَا، وَفِي نُسْخَة الشَّارِح زِيَادَة: وَهِي (ثمَّ إِنَّمَا يلْزم من قدم الْمجَاز الْمَشْهُور لَا أَبَا حنيفَة إِلَّا أَن تَمام الْوَجْه عَلَيْهِ فِيهَا) انْتهى، وَفسّر من قدم بِأبي يُوسُف وَمُحَمّد وَمن وافقهما، وَفسّر الْوَجْه بِوَجْه هَذِه المسئلة، وَفسّر ضمير عَلَيْهِ بِأبي حنيفَة وَلم يبين المُرَاد بِهَذَا الْكَلَام وَلَا يخفى عَلَيْك أَن حمل الْأَمر بعد الْحَظْر على الْإِبَاحَة لَا يلْزم أَن يكون بطرِيق التَّجَوُّز لجَوَاز كَونه فِي لِسَان الشَّرْع فِي خُصُوص هَذَا الْمحل حَقِيقَة على أَنه لَو سلم لَيْسَ من بَاب تَقْدِيم الْمجَاز الْمَشْهُور، بل من بَاب الْحمل على الْمجَاز بِالْقَرِينَةِ وَكَأَنَّهُ وَالله أعلم غير الْمَتْن فِي هَذَا الْمحل وَكَانَ قد كتب عَلَيْهِ الشَّرْح قبل التَّغْيِير وَلم يُغَيِّرهُ وَرَأَيْت أَن الصَّوَاب تَركه.
مسئلة
(لَا شكّ فِي تبادر كَون الصِّيغَة) أَي صِيغَة الْأَمر (فِي الْإِبَاحَة وَالنَّدْب مجَازًا بِتَقْدِير أَنَّهَا خَاص فِي الْوُجُوب) فِي التَّوْضِيح: اعْلَم أَن الْأَمر إِذا كَانَ حَقِيقَة فِي الْوُجُوب فَإِنَّهُ إِذْ أُرِيد بِهِ الْإِبَاحَة أَو النّدب يكون بطرِيق الْمجَاز لَا محَالة، لِأَنَّهُ أُرِيد بِهِ غير مَا وضع لَهُ فقد ذكر فَخر الْإِسْلَام فِي هَذِه المسئلة اخْتِلَافا، فَعِنْدَ الْكَرْخِي والجصاص مجَاز فيهمَا، وَعند الْبَعْض حَقِيقَة، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (وَحكى فَخر الْإِسْلَام على التَّقْدِير) الْمَذْكُور وَهُوَ تَقْدِير كَونهَا خَاصّا فِي الْوُجُوب (خلافًا فِي أَنَّهَا مجَاز) فيهمَا (أَو حَقِيقَة فيهمَا) وَلَعَلَّ ذكر التبادر فِي كَلَام المُصَنّف يكون إِشَارَة إِلَى احْتِمَال كَونهَا حَقِيقَة فيهمَا بالتأويل الْآتِي، وَحَيْثُ كَانَ القَوْل بِكَوْنِهَا حَقِيقَة فيهمَا مُحْتَاجا إِلَى التَّأْوِيل كَونهَا حَقِيقَة فيهمَا بالتأويل الْآتِي، وَحَيْثُ كَانَ القَوْل بِكَوْنِهَا حَقِيقَة فيهمَا مُحْتَاجا إِلَى التَّأْوِيل (فَقيل أَرَادَ) فَخر الْإِسْلَام، أَو الَّذِي حكى عَنهُ بِمحل الْخلاف (لفظ أَمر) يَعْنِي أَمر (وَبعد) أَي نسب إِلَى الْبعد كَونه مُرَاده (بنظمه الْإِبَاحَة) أَي بِسَبَب أَنه نظم الْإِبَاحَة مَعَ النّدب فِي سلك وَاحِد، وَلَا مُنَاسبَة بَين لفظ الْأَمر وَالْإِبَاحَة، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (وَالْمَعْرُوف) بَين الْأُصُولِيِّينَ (كَون الْخلاف فِي النّدب فَقَط) وَصُورَة الْخلاف (هَل يصدق أَنه) أَي الْمَنْدُوب (مَأْمُور بِهِ حَقِيقَة) أم لَا (وَسَيذكر) فِي فصل الْمَحْكُوم بِهِ (وَقيل) أَرَادَ بِالْأَمر (الصِّيغَة) كافعل، لَا لفظ الْأَمر (وَالْمرَاد) أَي مُرَاد الْقَائِل حَقِيقَة فيهمَا (أَنَّهَا) أَي الصِّيغَة (حَقِيقَة خَاصَّة للْوُجُوب عِنْد التجرد) عَن الْقَرِينَة الصارفة لَهَا عَنهُ (وللندب وَالْإِبَاحَة مَعهَا) أَي الْقَرِينَة المفيدة أَنَّهَا لَهما كَمَا أَن الْمُسْتَثْنى مِنْهُ حَقِيقَة فِي الْكل بِدُونِ الِاسْتِثْنَاء، وَفِي الْبَاقِي مَعَ الِاسْتِثْنَاء (وَدفع) هَذَا القَوْل فِي التَّلْوِيح (باستلزامه رفع الْمجَاز) بِالْكُلِّيَّةِ، وَكَون اللَّفْظ حَقِيقَة فِي الْمَعْنى
المجازى عِنْد الْقَرِينَة المفيدة أَنه المُرَاد (وَبِأَنَّهُ يجب فِي الْحَقِيقَة اسْتِعْمَاله) أَي اللَّفْظ (فِي) الْمَعْنى (الوضعي بِلَا قرينَة) وَلَا يسْتَعْمل صِيغَة الْأَمر فيهمَا بِلَا قرينَة (وَقيل بل الْقِسْمَة) للفظ بِاعْتِبَار اسْتِعْمَاله فِي الْمَعْنى (ثلاثية) وَهِي أَنه إِن اسْتعْمل فِي معنى خَارج عَمَّا وضع لَهُ فَجَاز وَإِلَّا فَإِن اسْتَعْملهُ فِي عين مَا وضع لَهُ فحقيقة، وَإِلَّا فحقيقة قَاصِرَة، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بقوله (بِإِثْبَات الْحَقِيقَة القاصرة: وَهِي مَا) أَي اللَّفْظ الْمُسْتَعْمل (فِي الْجُزْء) أَي جُزْء مَا وضع لَهُ لوُجُوب اسْتِعْمَال الْمجَاز فِي غير الْمَعْنى الوضعي والجزئي لَيْسَ غيرا وَلَا عينا. قَالَ صدر الشَّرِيعَة: الْجُزْء عِنْد فَخر الْإِسْلَام لَيْسَ عينا وَلَا غيرا على مَا عرف من تَفْسِير الْغَيْر فِي علم الْكَلَام، فَإِذا تقرر هَذَا (فالكرخي والرازي وَكثير) على أَنَّهَا فِي النّدب وَالْإِبَاحَة (مجَاز إِذْ ليسَا) أَي النّدب وَالْإِبَاحَة (جزئي الْوُجُوب لمنافاته) أَي الْوُجُوب (فصلهما) أَي فصل النّدب وَالْإِبَاحَة، وَمَا يُنَافِي فصل الْمَاهِيّة لَا يكون جُزْءا مِنْهَا (وَإِنَّمَا بَينهمَا) أَي بَين الْوُجُوب وَبَين الْإِبَاحَة وَالنَّدْب قدر (مُشْتَرك هُوَ الْإِذْن) فِي الْفِعْل، ثمَّ امتاز الْوُجُوب بفصل هُوَ امْتنَاع التّرْك، وَالنَّدْب بِجَوَازِهِ مرجوحا، وَالْإِبَاحَة بِجَوَازِهِ مُسَاوِيا (وَالْقَائِل) بِأَن صِيغَة الْأَمر فيهمَا (حَقِيقَة) يَقُول (الْأَمر فِي الْإِبَاحَة إِنَّمَا يدل على الْمُشْتَرك الْإِذْن) فِي الْفِعْل عطف بَيَان للمشترك (وَهُوَ) أَي الْمُشْتَرك (الْجُزْء) من الْوُجُوب (فحقيقة قَاصِرَة) أَي فيهمَا حَقِيقَة قَاصِرَة (وَثُبُوت إِرَادَة مَا بِهِ المباينة) للْوُجُوب من جَوَاز التّرْك مرجوحا وتساويا (وَهُوَ) أَي مَا بِهِ المباينة (فصلهما) أَي النّدب وَالْإِبَاحَة إِنَّمَا تدل عَلَيْهِ (بِالْقَرِينَةِ لَا بِلَفْظ الْأَمر) أَي صيغته، وَفِي التَّلْوِيح للْقطع بِأَن الصِّيغَة لطلب الْفِعْل، وَلَا دلَالَة لَهَا على جَوَاز التّرْك أصلا، وَإِنَّمَا يثبت جَوَاز التّرْك بِحكم الأَصْل، إِذْ لَا دَلِيل على حُرْمَة التّرْك (ومبناه) أَي هَذَا الْكَلَام (على أَن الْإِبَاحَة رفع الْحَرج عَن الطَّرفَيْنِ) الْفِعْل وَالتّرْك (وَكَذَا النّدب) رفع الْحَرج عَن الطَّرفَيْنِ (مَعَ تَرْجِيح الْفِعْل، وَالْوُجُوب) رفع الْحَرج (عَن أَحدهمَا) أَي أحد الطَّرفَيْنِ: وَهُوَ الْفِعْل، لِأَنَّهَا لَو فسرت بمعان أخر على مَا فصلت فِي التَّلْوِيح لَا يَتَأَتَّى بِمَا ذكر (وَمن ظن جزئيتهما) أَي الْإِبَاحَة وَالنَّدْب للْوُجُوب (فَبنى الْحَقِيقَة) أَي كَونه حَقِيقَة قَاصِرَة (عَلَيْهِ) أَي على كَونهمَا جُزْءا (غلط لترك) الظَّان الْمَذْكُور فِي جَعلهمَا جُزْءا من الْوُجُوب (فصلهما) المنافى للْوُجُوب إِذْ لَو لم يتْركهُ لما حكم بالجزئية وَقد عرفت أَن مَا حَكَاهُ فَخر الْإِسْلَام من القَوْل بِكَوْن صِيغَة الْأَمر حَقِيقَة فِي الْإِبَاحَة وَالنَّدْب لما كَانَ مُحْتَاجا إِلَى التَّأْوِيل تصدى لتوجيهه صدر الشَّرِيعَة وَثلث الْقِسْمَة كَمَا سَمِعت وَجعل صِيغَة الْأَمر فِي الْإِبَاحَة وَالنَّدْب حَقِيقَة قَاصِرَة لكَون مَدْلُول الصِّيغَة هُنَاكَ إِنَّمَا هُوَ جنس حقيقتهما: وَهُوَ الْإِذْن الْمَذْكُور على مَا مر بَيَانه عَن التَّلْوِيح. وَقَالَ هَذَا بحث دَقِيق مَا مَسّه إِلَّا خاطري، وَقَررهُ
الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ وَبَالغ فِي مساعدته حَتَّى قَالَ: فَإِن قلت قد صَرَّحُوا بِاسْتِعْمَال الْأَمر فِي النّدب وَالْإِبَاحَة وإرادتهما مِنْهُ، وَلَا ضَرُورَة فِي حمل كَلَامهم على أَن المُرَاد أَنه يسْتَعْمل فِي جنسهما عُدُولًا عَن الظَّاهِر: وَمَا ذكر من أَن الْأَمر لَا يدل على جَوَاز التّرْك أصلا، إِن أَرَادَ بِحَسب الْحَقِيقَة فَغير مُفِيد، وَإِن أَرَادَ بِحَسب الْمجَاز فمحال، لم لَا يجوز أَن يسْتَعْمل اللَّفْظ الْمَوْضُوع لطلب الْفِعْل جزما فِي طلبه مَعَ إجَازَة التّرْك وَالْإِذْن فِيهِ مرجوحا أَو مُسَاوِيا بِجَامِع اشتراكهما فِي جَوَاز الْفِعْل جرما فِي طلبه مَعَ إجَازَة التّرْك قلت هُوَ كَمَا صَرَّحُوا بِاسْتِعْمَال الْأسد فِي الْإِنْسَان الشجاع من حَيْثُ أَنه من أَفْرَاد الشجاع لَا من حَيْثُ أَنه مَدْلُول بِهِ على ذاتيات الْإِنْسَان، فاستعماله صِيغَة الْأَمر فِي النّدب وَالْإِبَاحَة من حَيْثُ أَنَّهُمَا من أَفْرَاد جَوَاز الْفِعْل وَالْإِذْن وَتثبت خُصُوصِيَّة كَونه مَعَ جَوَاز التّرْك بِالْقَرِينَةِ كَمَا أَن الْأسد يسْتَعْمل فِي الشجاع، وَيعلم كَونه إنْسَانا بِالْقَرِينَةِ انْتهى، وَتعقب المُصَنّف صدر الشَّرِيعَة بقوله (وَلَا يخفى أَن الدّلَالَة على الْمَعْنى وَعدمهَا) أَي عدم الدّلَالَة على الْمَعْنى (لَا دخل لَهَا فِي كَون اللَّفْظ مجَازًا، وَعَدَمه) أَي عدم كَونه مجَازًا بِأَن تكون حَقِيقَة قَاصِرَة أَو غير قَاصِرَة (بل) مدَار كَونه مجَازًا أَو حَقِيقَة (اسْتِعْمَال اللَّفْظ فِيهِ) أَي فِي الْمَعْنى (وإرادته) أَي الْمَعْنى (بِهِ) أَي بِاللَّفْظِ، فَإِن كَانَ الْمَعْنى الْمُسْتَعْمل فِيهِ مَا وضع لَهُ أَو جزءه كَانَ حَقِيقَة على الِاصْطِلَاح الْمَذْكُور، وَإِن كَانَ غَيرهمَا كَانَ مجَازًا، وَكم بَين الدّلَالَة والاستعمال: أَلا ترى أَن اللَّفْظ الْمُسْتَعْمل فِيمَا وضع لَهُ يدل على الْجُزْء اللَّازِم وَلَيْسَ بمستعمل فِي شَيْء مِنْهُمَا حِينَئِذٍ (وَلَا شكّ أَنه) أَي الْأَمر (اسْتعْمل فِي الْإِبَاحَة وَالنَّدْب بِالْفَرْضِ) على مَا هُوَ الْمَفْرُوض، فَإِن المنازع فِيهِ إِنَّمَا هُوَ الْأَمر الْمُسْتَعْمل فيهمَا مَعَ تَسْلِيم كَونه مَوْضُوعا للْوُجُوب هَل حَقِيقَة فيهمَا أَو مجَاز؟ وَصدر الشَّرِيعَة بصدد تَوْجِيه كَونه حَقِيقَة فيهمَا: فَقَوله أَن لأمر يدل على جُزْء من الْإِبَاحَة، وَهُوَ جَوَاز الْفِعْل لَا يُغْنِيه، لِأَن ذَلِك الْجُزْء مَدْلُول لَهُ وَلَيْسَ بمستعمل فِيهِ حَتَّى يكون حَقِيقَة قَاصِرَة فِي الْجُزْء، وَلَا يلْزم مِنْهُ كَونه حَقِيقَة فِي الْإِبَاحَة والنزاع فِيهَا (فَيكون) الْأَمر (مجَازًا) فيهمَا (وَإِن لم يدل الْأَمر حِينَئِذٍ) أَي حِين اسْتعْمل فيهمَا (إِلَّا على جزئه) أَي جُزْء كل من الْإِبَاحَة وَالنَّدْب (إِطْلَاق الْفِعْل) عطف وَبَيَان لفعله، ثمَّ أَشَارَ إِلَى مَا أجَاب بِهِ الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ عَنهُ بقوله (وَكَون اسْتِعْمَاله) أَي الْأَمر (فيهمَا) أَي النّدب وَالْإِبَاحَة (من حَيْثُ هما) النّدب وَالْإِبَاحَة (من أَفْرَاد الْجَامِع) بَينهمَا وَبَين الْوُجُوب (وَهُوَ) أَي الْجَامِع (الْإِذْن) فِي الْفِعْل (كاستعمال الْأسد فِي الرجل الشجاع من حَيْثُ هُوَ) أَي الرجل الشجاع (من أَفْرَاده) أَي من أَفْرَاد الشجاع الْمُطلق كَمَا تقرر من أَن الْمُسْتَعَار لَهُ فِي اسْتِعْمَاله إِنَّمَا هُوَ شخص من أَفْرَاد الشجاع الْمُطلق، وخصوصية كَونه رجلا يفهم
من الْقَرَائِن كَمَا سَيَجِيءُ، وَفسّر الشَّارِح ضمير أَفْرَاده بالأسد وَلَا معنى لَهُ (وَيعلم أَنه) أَي الْمُسْتَعْمل فِيهِ (إِنْسَان بِالْقَرِينَةِ لَا يصرف عَنهُ) خبر الْمُبْتَدَأ: أَعنِي قَوْله، وَكَون اسْتِعْمَاله إِلَى آخِره، وَالضَّمِير الْمَرْفُوع للكون الْمَذْكُور، وَالْمَجْرُور للاستعمال فِي الْإِبَاحَة وَالنَّدْب (إِلَى كَون الِاسْتِعْمَال فِي جُزْء مَفْهُومه) أَي مَفْهُوم الْأَمر وَهُوَ جَوَاز الْفِعْل: إِذْ فرق بَين أَن يكون الْمُسْتَعْمل فِيهِ فَردا من أَفْرَاد مَفْهُوم وَبَين أَن يكون عين ذَلِك الْمَفْهُوم (وَلَا) يصرف أَيْضا (كَون دلَالَته على مُجَرّد الْجُزْء) بِحَيْثُ لَا يتَعَدَّى إِلَى ماهو فَرد لَهُ عَن اسْتِعْمَاله فِي الْإِبَاحَة وَالنَّدْب إِلَى اسْتِعْمَاله فِي جُزْء مَفْهُومه (بل هُوَ) أَي الْجُزْء الْمَذْكُور (لمُجَرّد تسويغ الِاسْتِعْمَال فِي تَمَامه) أَي تَمام الْمَعْنى الْمجَازِي الْمُسْتَعْمل فِيهِ: لِأَنَّهُ العلاقة بَينه وَبَين الْمَوْضُوع لَهُ، وَلَا ينافى دلَالَة اللَّفْظ بمعونة الْقَرِينَة على غير ذَلِك الْجُزْء أَيْضا، وَهَذِه إِشَارَة إِلَى مَا فِي التَّلْوِيح من منع كَون الْأَمر بِحَيْثُ لَا يدل إِلَّا على الطّلب (وَهُوَ) أَي الِاسْتِعْمَال فِي تَمام الْمَعْنى الْمجَازِي (منَاط المجازية دون الدّلَالَة لثبوتها) أَي الدّلَالَة (على) الْمَعْنى (الوضعي) أَي تَمام مَا وضع لَهُ اللَّفْظ (مَعَ مجازيته) أَي مجازية اللَّفْظ وَكَونه مُسْتَعْملا فِي غير مَا وضع لَهُ، كَيفَ لَا يدل عَلَيْهِ وَهُوَ الْوَاسِطَة فِي الِانْتِقَال إِلَى الْمَعْنى الْمجَازِي (كَمَا قدمنَا، والقرينة) إِنَّمَا هِيَ (للدلالة على أَن اللَّفْظ لم يرد بِهِ الْمَعْنى الوضعي) لَا للدلالة على الوضعي أَو جزئه (وَالْمرَاد بحيوان فِي قَوْلنَا: يكْتب حَيَوَان إِنْسَان اسْتِعْمَالا لاسم الْأَعَمّ فِي الْأَخَص بِقَرِينَة يكْتب) إِشَارَة إِلَى مَا فِي التَّلْوِيح من قَوْله: فَإِن قلت فعلى هَذَا لَا فرق بَين قَوْلنَا هَذَا الْأَمر للنَّدْب، وَقَوْلنَا هُوَ للْإِبَاحَة: إِذْ المُرَاد أَنه يسْتَعْمل فِي جَوَاز الْفِعْل مَعَ قرينَة دَالَّة على أَوْلَوِيَّة الْفِعْل، وَالْمرَاد بِكَوْنِهِ للْإِبَاحَة أَنه خَال عَن ذَلِك كَمَا إِذا قُلْنَا: يَرْمِي حَيَوَان، ويطير حَيَوَان، فَإِنَّهُ مَدْلُول اللَّفْظ إِلَّا أَن الأول مُسْتَعْمل فِي الْإِنْسَان، وَالثَّانِي فِي الطير انْتهى. (وَتقدم) فِي أَوَائِل الْكَلَام فِي الْأَمر (أَنه) اسْتِعْمَال الْأَعَمّ فِي الْأَخَص (حَقِيقَة) لِأَن الخصوصية لَيست مِمَّا اسْتعْمل فِيهِ اللَّفْظ: بل هِيَ مَدْلُول عَلَيْهَا بِالْقَرِينَةِ وَلَا يخفى أَنه إِذا كَانَ الْأَمر مُسْتَعْملا على هَذَا المنوال فِي الْإِبَاحَة وَالنَّدْب كَانَ بِهَذَا الِاعْتِبَار حَقِيقَة قَاصِرَة فيهمَا: فغاية مَا يتَوَجَّه عَلَيْهِ أَنه خلاف مَا هُوَ الْوَاقِع بِحَسب الظَّاهِر الْمُتَبَادر وَهُوَ أَن اسْتِعْمَاله فيهمَا إِنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَار خصوصيتهما لَا بِاعْتِبَار كَونهمَا فردين لجَوَاز الْفِعْل، والخصوصية تُوجد من الْقَرِينَة، وَصدر الشَّرِيعَة إِنَّمَا قصد نوع تَأْوِيل لكَلَام ذَلِك الْقَائِل إِلَّا أَن يَجعله مذهبا لنَفسِهِ، كَيفَ وَقد صرح بِخِلَافِهِ وارتكاب خلاف الظَّاهِر لِئَلَّا يكون الْكَلَام فَاسِدا مَحْضا لَيْسَ ببدع فِي الْأَمر: فَالْأولى أَن يحمل تغليط المُصَنّف فِيمَا سبق على من ظن جزئية الْإِبَاحَة وَالنَّدْب من الْوُجُوب من غير ذَلِك الْقَائِل، وَيَبْنِي كَون الْأَمر حَقِيقَة قَاصِرَة عَلَيْهِ