الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عدم الانتفاء (فقد اسْتَقل مَا تقدم) من تبادر الْبَعْض الشَّائِع من الْإِطْلَاق (بنفيه) أَي بِنَفْي وضع الْمُطلق للماهية من حَيْثُ هِيَ (فَالْحق الأول) وَهُوَ أَن لَا وضع للْحَقِيقَة إِلَّا علم الْجِنْس إِن قُلْنَا إِلَى آخِره (وَكَذَا) خَالف الدَّلِيل (من جعلهَا) أَي النكرَة (قسيم الْمُطلق فَهِيَ) أَي النكرَة (للفرد) الشَّائِع (وَهُوَ) أَي الْمُطلق (للماهية) من حَيْثُ هِيَ كَمَا ذكر فِي التَّحْقِيق عَن بَعضهم فَإِنَّهُ (مَعَ كَونه) أَي وضع الْمُطلق لَهَا (بِلَا مُوجب يَنْفِيه اتِّفَاقهم على أَن رَقَبَة) فِي تَحْرِير رَقَبَة (من مثله) أَي الْمُطلق (وَلَا ريب) فِي (أَنه) أَي لفظ رَقَبَة (نكرَة والمقيد مَا) أَي لفظ دلّ على بعض شَائِع (مَعَه) أَي مَعَ قيد ملفوظ مُسْتَقل كرقبة مُؤمنَة، والرقبة المؤمنة (فالمعارف بِلَا قيد) مَعهَا مُسْتَقل لفظا (ثَالِث) أَي لَا مُطلق وَلَا مُقَيّد (وَقد يتْرك) فيهمَا الْقَيْد فِي تعريفهما، فَيُقَال مَا دلّ على بعض شَائِع، مَا دلّ لَا على شَائِع (فَتدخل) فِيهِ المعارف بِلَا قيد (فِي الْمُقَيد، وَلَيْسَ) دُخُولهَا فِيهِ (بِمَشْهُور): كَذَا ذكره التَّفْتَازَانِيّ.
مسئلة
(إِذا اخْتلف حكم مُطلق ومقيده) كأطعم فَقِيرا، واكس فَقِيرا عَارِيا (لم يحمل) الْمُطلق على الْمُقَيد (إِلَّا ضَرُورَة) كَأَن يمْتَنع الْعَمَل بالمطلق مَعَ الْعَمَل بالمقيد بِدُونِ الْحمل الْمَذْكُور (كأعتق رَقَبَة، وَلَا تملك إِلَّا رَقَبَة مُؤمنَة) فَإِن النَّهْي عَن تملك مَا عدا المؤمنة مَعَ الْأَمر بِعِتْق الرَّقَبَة يُوجب تَقْيِيد الْمُعتقَة بالمؤمنة ضرور أَن الْعتْق فرع التَّمَلُّك وَاعْترض عَلَيْهِ الشَّارِح بِأَن النَّهْي عَن التَّمَلُّك لَا يَقْتَضِي امْتنَاع تحقق عتق غير المؤمنة لجَوَاز تحقق ملكهَا قبل النَّهْي، وَإِنَّمَا يمْنَع حُدُوث ملك الْكَافِرَة بعد النَّهْي، ولجواز أَن يتَمَلَّك بِالْإِرْثِ فَإِن الْمنْهِي عَنهُ الْفِعْل الِاخْتِيَارِيّ وَلَا اخْتِيَار فِي الْإِرْث انْتهى.
وَأَنت خَبِير بِأَنَّهُ يُمكن أَن يفْرض الْخطاب فِي حق شخص لم يملك رَقَبَة أصلا أَو غير المؤمنة والآمر عَالم بِهِ، فَأمره بِعِتْق الرَّقَبَة وَنَهْيه عَن تملك الْكَافِرَة دَلِيل على أَنه يطْلب مِنْهُ إِعْتَاق المؤمنة، ويفرض أَيْضا أَنه يُرِيد الِامْتِثَال مِنْهُ على الْفَوْر، وَلَيْسَ هُنَاكَ احْتِمَال حُدُوث الْملك بِالْإِرْثِ فَلَا إِشْكَال فِي التَّمْثِيل (أَو اتحدا) حكم الْمُطلق وَحكم مقيده حَال كَونهمَا (منفيين) كلاتعتق رَقَبَة كَافِرَة (فَمن بَاب آخر) أَي من بَاب إِفْرَاد فَرد من الْعَام بِحكم الْعَام، وَتقدم أَنه لَيْسَ بتخصيص للعام على الْمُخْتَار، لَا من بَاب وَالْمُطلق على الْمُقَيد (أَو) حَال كَونهمَا (مثبتين متحدي السَّبَب وردا مَعًا حمل الْمُطلق عَلَيْهِ) أَي الْمُقَيد حَال كَون الْمُقَيد (بَيَانا) للمطلق (ضَرُورَة
أَن السَّبَب الْوَاحِد لَا يُوجب المتنافيين فِي وَقت وَاحِد) فَإِنَّهُ لَو حمل الْمُطلق على إِطْلَاقه كَانَ لَازمه الْخُرُوج عَن الْعهْدَة بِدُونِ الْقَيْد وَمُقْتَضى الْمُقَيد أَن الْقَيْد مَطْلُوب أَيْضا فَيلْزم اقْتِضَاء السَّبَب الْوَاحِد مطلوبية الْقَيْد، وَعدم مطلوبيته فِي وَقت وَاحِد (كَصَوْم) كَفَّارَة (الْيَمين على التَّقْدِير) أَي تَقْدِير وُرُود الْمُطلق، وَهُوَ قِرَاءَة الْجُمْهُور، وَقِرَاءَة ابْن مَسْعُود: فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام مُتَتَابِعَات فِيهَا مَعًا، وَمن ثمَّ قَالَ أَصْحَابنَا بِوُجُوب التَّتَابُع فِيهِ (أَو جهل) ورودهما مَعًا (فَالْأَوْجه عِنْدِي كَذَلِك) أَي حمل الْمُطلق على الْمُقَيد (حملا) لَهما (على الْمَعِيَّة تَقْدِيمًا للْبَيَان على النّسخ عِنْد التَّرَدُّد) بَينهمَا، إِذْ لم يحمل على الْمَعِيَّة: إِمَّا لكَون الْمُطلق مقدما فَينْسَخ الْمُقَيد إِطْلَاقه، أَو بِالْعَكْسِ: فَينْسَخ الْمُطلق تَقْيِيد الْمُقَيد، وَإِنَّمَا يحمل على الْمَعِيَّة (للأغلبية) إِذْ الْبَيَان أَكثر وقوعا من النّسخ فَهُوَ أغلب (مَعَ أَن قَوْلهم) أَي الْحَنَفِيَّة (فِي التَّعَارُض) من أَن الدَّلِيلَيْنِ المتعارضين إِذا لم يعلم تاريخهما يجمع بَينهمَا (يؤنسه) أَي يُؤَيّد مَا عِنْدِي ويجعله مأنوسا (وَإِلَّا أَي وَإِن لم يجهل، بل علم تَأَخّر أَحدهمَا عَن الآخر فَإِن كَانَ الْمُطلق فَسَيَأْتِي
وَإِن كَانَ الْمُقَيد (فالمقيد الْمُتَأَخر نَاسخ عِنْد الْحَنَفِيَّة: أَي أُرِيد الْإِطْلَاق) أَي أَرَادَهُ أَولا وَجعله مَشْرُوعا (ثمَّ رفع) أَي الْإِطْلَاق (بالقيد، فَلِذَا) أَي فلكون الْمُقَيد الْمُتَأَخر نَاسِخا عِنْدهم (لم يُقيد خبر الْوَاحِد عِنْدهم الْمُتَوَاتر، وَهُوَ) أَي تَقْيِيد الْخَبَر الْوَاحِد الْمُتَوَاتر هُوَ (الْمُسَمّى بِالزِّيَادَةِ على النَّص) عِنْدهم: لِأَنَّهُ ظَنِّي، والمتواتر قَطْعِيّ، وَلَا يجوز نسخ الْقطعِي بالظني (وَهُوَ) أَي كَون الْمُقَيد الْمُتَأَخر نَاسِخا لَهُ (الْأَوْجه، وَالشَّافِعِيَّة) قَالُوا: وُرُود الْمُقَيد بعد الْمُطلق (تَخْصِيص) للمطلق (أَي بَين الْمُقَيد أَنه) هُوَ (المُرَاد بالمطلق، وَهُوَ) أَي الْبَيَان الْمَذْكُور (معنى حمل الْمُطلق على الْمُقَيد، وَقَوْلهمْ) أَي الشَّافِعِيَّة (أَنه) حمل الْمُطلق على الْمُقَيد (جمع بَين الدَّلِيلَيْنِ) الْمُطلق والمقيد (مغالطة قَوْلهم) أَي الشَّافِعِيَّة فِي بَيَان وَجه الْجمع (لِأَن الْعَمَل بالمقيد عمل بِهِ) أَي بالمطلق من غير عكس (قُلْنَا) لَا نسلم أَنه عمل بالمطلق مُطلقًا (بل بالمطلق الْكَائِن فِي ضمن الْمُقَيد من حَيْثُ هُوَ كَذَلِك) أَي فِي ضمن الْمُقَيد (وَهُوَ) أَي الْمُطلق من حَيْثُ هُوَ فِي ضمن الْمُقَيد (الْمُقَيد فَقَط، وَلَيْسَ الْعَمَل بالمطلق كَذَلِك) أَي الْعَمَل بِهِ فِي ضمن الْمُقَيد فَقَط (بل) الْعَمَل بِهِ (أَن يُجزئ كل مَا صدق عَلَيْهِ) الْمُطلق (من المقيدات) بَيَان لما، يَعْنِي أَن يحمل على إِطْلَاقه بِحَيْثُ أمكن للمكلف أَن يَأْتِي بِمَا شَاءَ من أَفْرَاده سَوَاء كَانَ ذَلِك الْمُقَيد الْمَنْصُوص أَو غَيره، فَيكون كل فَرد من أَفْرَاد الْمُطلق مجزئا عَمَّا هُوَ الْوَاجِب عَلَيْهِ فَيُجزئ تَحْرِير كل من المؤمنة والكافرة عَن الْكَفَّارَة (ومنشأ المغلطة أَن الْمُطلق باصطلاح) وَهُوَ اصْطِلَاح المنطقيين (الْمَاهِيّة لَا بِشَرْط شَيْء) يَعْنِي نفس الطبيعة من
غير أَن يعْتَبر مَعهَا غَيرهَا سَوَاء كَانَ ذَلِك الْغَيْر وجود أَمر خَارج عَنْهَا أَو عَدمه وَلَا شكّ أَن مَاهِيَّة الْمُطلق بِهَذَا الْمَعْنى متحققة فِي الْمُقَيد، فَالْعَمَل بالمقيد عمل بِهِ فِي الْجُمْلَة (لَكِن) لَيْسَ المُرَاد بِالْعَمَلِ (هُنَا) الْعَمَل بِهِ بِهَذَا الْمَعْنى، بل المُرَاد هُنَا الْعَمَل بِهِ (بِشَرْط الْإِطْلَاق) يَعْنِي بِهِ تَعْمِيم جَوَاز الْعَمَل بِهِ على وَجه يعم جَمِيع أَفْرَاده، فَإِنَّهُ هُوَ الْمُتَنَازع فِيهِ. وَقَالَ الشَّافِعِيَّة أَيْضا (وَلِأَن فِيهِ) أَي فِي حمله على الْمُقَيد (احْتِيَاطًا لِأَنَّهُ قد يكون) أَي يحْتَمل أَن يكون الْمُكَلف (مُكَلّفا بالمقيد) فِي لأمر بالمطلق، بِأَن يكون هُوَ المُرَاد مِنْهُ (وَاعْتِبَار الْمُطلق) أَي اعْتِبَار الشَّارِع إِيَّاه (لَا يتَيَقَّن مَعَه) أَي مَعَ احْتِمَال التَّكْلِيف بِهِ (بِفِعْلِهِ) أَي بِالْعَمَلِ بالمطلق فِي ضمن غير: يَعْنِي أَن الْمُكَلف إِذا أَتَى بالمطلق فِي ضمن غير الْمُقَيد لَا يجْزم بِأَن الشَّارِع يعتبره بِنَاء على وجود ذَلِك الِاحْتِمَال (قُلْنَا قضينا عهدته) أَي عُهْدَة الِاحْتِيَاط وعهدة التَّكْلِيف بالمقيد (بِإِيجَاب الْمُقَيد، وَإِنَّمَا الْكَلَام فِي أَنه) أَي إِيجَاب الْمُقَيد هَل هُوَ (حمل) هُوَ (بَيَان) أَي مُوجب هَذَا الْإِيجَاب حمل الْمُطلق على الْمُقَيد بِجعْل الْمُقَيد بَيَانا للمطلق كَمَا فِي قَوْلهم (أَو نسخ) كَمَا هُوَ قَول أَصْحَابنَا (فالمقيد) للشَّافِعِيَّة (فِي مَحل النزاع إِثْبَات أَنه بَيَان، وَلَهُم) أَي الشَّافِعِيَّة (فِيهِ) أَي فِي إِثْبَات (أَنه) بَيَان أَنه: أَي الْبَيَان (أسهل من النّسخ) لِأَن الدّفع أسهل من الرّفْع (فَوَجَبَ الْحمل عَلَيْهِ) أَي الْبَيَان أسهل من النّسخ (قُلْنَا) اعْتِبَار الأسهل (إِذْ لَا مَانع) من الْحمل عَلَيْهِ (وَحَيْثُ كَانَ الْإِطْلَاق مِمَّا يُرَاد) شرعا (قطعا وَثَبت) الْإِطْلَاق (غير مقرون بِمَا يَنْفِيه وَجب اعْتِبَاره) أَي الْإِطْلَاق (كَذَلِك) أَي على صرافته (على نَحْو مَا قدمْنَاهُ فِي تَخْصِيص الْمُتَأَخر، وَمَا قيل) كَمَا ذكره ابْن الْحَاجِب من أَنه (لَو لم يكن الْمُقَيد الْمُتَأَخر بَيَانا لَكَانَ كل تَخْصِيص نسخا) للعام بِجَامِع أَن كلا مِنْهُمَا مخرج لبعضه من الحكم (مَمْنُوع الْمُلَازمَة، بل اللَّازِم كَون كل) لفظ مُسْتَقل مخرج لبَعض مَا يتَنَاوَلهُ الْعَام (مُتَأَخّر) عَن الْعَام (نَاسِخا) لمحكمه فِي ذَلِك الْبَعْض (لَا تَخْصِيصًا، وَبِه نقُول، على أَن فِي عِبَارَته) أَي الْقَائِل الْمَذْكُور (مناقشة) تظهر (بِقَلِيل تَأمل) إِذْ لَا يتَصَوَّر أَن يكون الشَّيْء الْوَاحِد نسخا وتخصيصا مَعًا: غير أَن الْمَقْصُود ظَاهر: يَعْنِي كل مَا هُوَ تَخْصِيص فِي نفس الْأَمر يلْزم أَن يكون نسخا على ذَلِك التَّقْدِير لَا تَخْصِيصًا (ثمَّ أُجِيب) عَن هَذَا (فِي أصولهم) أَي الشَّافِعِيَّة كَمَا فِي شرح العضدي (بِأَن فِي التَّقْيِيد حكما شَرْعِيًّا لم يكن ثَابتا قبل): أَي قبل التَّقْيِيد كوجوب الْإِيمَان فِي الرَّقَبَة: أَي لَا بُد فِي النّسخ من كَون الْمُتَأَخر حكما شَرْعِيًّا، وَهَذَا يتَحَقَّق فِي التَّقْيِيد دون التَّخْصِيص، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (بِخِلَاف التَّخْصِيص، فَإِنَّهُ دفع لبَعض حكم الأول) فَقَط لَا إِثْبَات لحكم آخر (وينبو) أَي يبعد هَذَا الْجَواب (عَن الْفَرِيقَيْنِ) الشَّافِعِيَّة، وَالْحَنَفِيَّة لاستلزامه عدم ثُبُوت الحكم
الشَّرْعِيّ فِي شَيْء من التقيدات قبل وُرُود الْمُقَيد، وَلم يقل بِهِ أحد مِنْهُمَا، أما الشَّافِعِيَّة فَإِنَّهُم يجْعَلُونَ التَّقْيِيد بَيَانا فِي جَمِيع صور النزاع والاتفاق وَيلْزمهُ ثُبُوت الحكم قبل وَإِن كَانَ ظُهُوره بعد، وَأما الْحَنَفِيَّة فقد وافقوا الْخصم فِي صُورَة الِاتِّفَاق، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (فَإِن الْمُطلق مُرَاد بِحكم الْمُقَيد إِذا وَجب الْحمل) للمطلق على الْمُقَيد (اتِّفَاقًا) لِأَن الْبَيَان يقْصد بِهِ حكم الْمُبين، وَقد يُقَال مُرَاد الْمُجيب بالتقييد مَحل النزاع، فَمحل الْوِفَاق خَارج المبحث فَلَا ينبو عَن الْحَنَفِيَّة، وَالْجَوَاب رد على الشَّافِعِيَّة فَلَا يضر النبو عَنْهُم فَتَأمل (وإلزامهم) أَي الشَّافِعِيَّة للحنفية (كَون الْمُطلق الْمُتَأَخر نسخا) للمقيد على تَقْدِير كَون الْمُتَأَخر نَاسِخا للمطلق، لِأَن التَّقْيِيد اللَّاحِق كَمَا يُنَافِي الْإِطْلَاق السَّابِق وَيَرْفَعهُ كَذَلِك الْعَكْس، وَأَنَّهُمْ لَا يَقُولُونَ بِهِ (لَا أعلم فِيهِ تَصْرِيحًا من الْحَنَفِيَّة، وَعرف) من قواعدهم (ايجابهم وصل بَيَان المُرَاد بالمطلق) صلَة المُرَاد، وصلَة الْوَصْل محذوفة، وَيصِح الْعَكْس، وَهَذَا إِذا لم يكن الْإِطْلَاق مرَادا (كَقَوْلِهِم فِي تَخْصِيص الْعَام) يجب وصل الْمُخَصّص بِهِ إِذا لم يرد الْعُمُوم بِهِ (بذلك الْوَجْه) الْمُتَقَدّم بَيَانه فَليرْجع إِلَيْهِ (وَيَجِيء فِيهِ) أَي فِي تَأْخِير الْمُقَيد (مَا قدمْنَاهُ من وجوب إرادتهم مثل قَول أبي الْحُسَيْن من) وصل الْبَيَان (الإجمالي كَهَذا الْإِطْلَاق مُقَيّد وَيصير) الْمُطلق حِينَئِذٍ (مُجملا أَو التفصيلي، وَلنَا أَن نلتزمه) عِنْدهم أَي كَون الْمُطلق الْمُتَأَخر نَاسِخا الْمُقَيد (على قِيَاس نسخ الْعَام الْمُتَأَخر الْخَاص الْمُتَقَدّم) على الْمُقَيد (عِنْدهم) أَي الْحَنَفِيَّة (وَمعنى النّسخ فِيهِ) أَي فِي نسخ الْمُطلق الْمُتَأَخر الْمُقَيد (نسخ الْقصر على الْمُقَيد، أَو مختلفي السَّبَب كإطلاق الرَّقَبَة فِي كَفَّارَة الظِّهَار) حَيْثُ قَالَ تَعَالَى - {فَتَحْرِير رَقَبَة} - (وتقييدها فِي) كَفَّارَة (الْقَتْل) حَيْثُ قَالَ تَعَالَى - {فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة} - (فَعَن الشَّافِعِي يحمل) الْمُطلق على الْمُقَيد فَيجب كَونهَا مُؤمنَة فِي الظِّهَار كَمَا فِي الْقَتْل (فَأكْثر أَصْحَابه) أَي الشَّافِعِي يَقُولُونَ (يَعْنِي) الشَّافِعِي حمل مَا ورد فِيهِ الْمُطلق بِمَا ورد فِيهِ الْمُقَيد قِيَاسا (بِجَامِع) بَينهمَا وَهُوَ الصَّحِيح عِنْدهم وَاخْتَارَهُ ابْن الْحَاجِب وَهُوَ فِي هَذَا حُرْمَة سببهما: وَهُوَ الظِّهَار وَالْقَتْل (وَالْحَنَفِيَّة يمنعونه) أَي وجود جَامع يصلح مبْنى لقياس صَحِيح (لانْتِفَاء شَرط الْقيَاس عدم مُعَارضَة مُقْتَضى نَص) عطف بَيَان لشرط الْقيَاس، وَذَلِكَ لِأَن الْمُطلق نَص يدل على إِجْزَاء الْمُقَيد وَغَيره، وَالْقِيَاس يَقْتَضِي عدم إِجْزَاء الْغَيْر (وَبَعْضهمْ) أَي الشَّافِعِيَّة نقل عَن الشَّافِعِي أَنه يحمل الْمُطلق على الْمُقَيد (مُطلقًا) من غير اشْتِرَاط جَامع بَينهمَا (لوحدة كَلَام الله تَعَالَى فَلَا يخْتَلف) بِالْإِطْلَاقِ وَالتَّقْيِيد (بل يُفَسر بعضه بَعْضًا، وَهُوَ) أَي هَذَا القَوْل (أَضْعَف) من الأول (إِذا نَظرنَا) لاستنباط الْأَحْكَام وَفهم المُرَاد (فِي مقتضيات الْعبارَات) من حَيْثُ الْعَرَبيَّة: وَهِي لَا تخْتَلف بِالْإِطْلَاقِ وَالتَّقْيِيد قطعا لَا فِي وحدة الْكَلَام الأزلي الْقَائِم، فَإِن تِلْكَ الْوحدَة بِحَسب ذَات الصّفة: وَهُوَ لَا تنَافِي الِاخْتِلَاف بِحَسب