المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

حَيْثُ أَنه لَا تركيب فِيهِ من جِهَة مَعْنَاهُ، وَسَيَأْتِي الْكَلَام - تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه - جـ ١

[أمير باد شاه]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌فِي انقسام الْمُفْرد بِاعْتِبَار ذَاته من حَيْثُ أَنه مُشْتَقّ أَولا

- ‌مَسْأَلَة

- ‌ مَسْأَلَة

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌التَّقْسِيم الثَّانِي

- ‌التَّقْسِيم الثَّالِث

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌مَسْأَلَة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌الْفَصْل الرَّابِع

- ‌التَّقْسِيم الثَّالِث

- ‌التَّقْسِيم الثَّانِي

- ‌الْبَحْث الثَّانِي

- ‌الْبَحْث الثَّالِث

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌ مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌مسئلة

- ‌‌‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌الْبَحْث الرَّابِع

- ‌الْبَحْث الْخَامِس

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌مسئلة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌ مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مَبْحَث الْأَمر

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌(صِيغَة الْأَمر لَا تحْتَمل التَّعَدُّد الْمَحْض)

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

الفصل: حَيْثُ أَنه لَا تركيب فِيهِ من جِهَة مَعْنَاهُ، وَسَيَأْتِي الْكَلَام

حَيْثُ أَنه لَا تركيب فِيهِ من جِهَة مَعْنَاهُ، وَسَيَأْتِي الْكَلَام فِيهِ (فَتجب مُرَاعَاة فردية مَعْنَاهُ)(فَلَا تحْتَمل ضد مَعْنَاهُ) وَهُوَ التَّعَدُّد الْمَحْض، وَالْعدَد فِيهِ تركيب من الْأَفْرَاد (وَصِحَّة إِرَادَة الثِّنْتَيْنِ فِي الْأمة، وَالثَّلَاث فِي الْحرَّة للوحدة الجنسية) لِأَن الثِّنْتَيْنِ كل جنس طَلَاق الْأمة وَتَمَامه كَمَا أَن الثَّلَاث كَذَلِك فِي الْحرَّة فَإِنَّهُ لوحدته كل مِنْهُمَا فَرد وَاحِد من أَجنَاس التَّصَرُّفَات الشَّرْعِيَّة فَيَقَع بِالنِّيَّةِ (بِخِلَاف الثِّنْتَيْنِ فِي الْحرَّة) فَإِنَّهُ (لَا جِهَة لوحدته) فيهمَا لَا حَقِيقَة وَلَا حكما (فَانْتفى) كَونه مُحْتَمل اللَّفْظ فَلَا ينَال بِالنِّيَّةِ وَالْحَاصِل أَن الْفَرد الْحَقِيقِيّ مُوجبه والفرد الاعتباري محتمله، وَالْعدَد الْمَحْض لَا مُوجبه وَلَا يحْتَملهُ، وَمُوجب اللَّفْظ يثبت بِاللَّفْظِ من غير افتقار إِلَى النِّيَّة، ومحتمله لَا يثبت إِلَّا بِالنِّيَّةِ، وَمَا لَا يحْتَملهُ لَا يثبت وَإِن نوى، لِأَن النِّيَّة لتعيين مُحْتَمل اللَّفْظ، لَا لإِثْبَات مَا لَا يحْتَملهُ (وَبعد أَنه لَا يلْزم اتِّحَاد مَدْلُول الصِّيغَة وتعدده) أَي تعدد مدلولها، بل قد يكون وَاحِدًا، وَقد يكون مُتَعَددًا (فقد يبعد نفي الِاحْتِمَال) أَي احْتِمَال التَّعَدُّد (لثُبُوت الْفرق لُغَة بَين أَسمَاء الْأَجْنَاس الْمعَانِي، وَبَعض) أَسمَاء الْأَجْنَاس (الْأَعْيَان) إِذْ لَا يُقَال لِرجلَيْنِ رجل، وَيُقَال للْقِيَام الْكثير قيام كالأعيان المتماثلة الْأَجْزَاء كَالْمَاءِ وَالْعَسَل، فَإِذا صدق الطَّلَاق على طَلْقَتَيْنِ كَيفَ لَا يحْتَملهُ) أَي الطَّلَاق هَذَا الْعدَد (لكِنهمْ) أَي الْحَنَفِيَّة (استمروا على مَا سَمِعت) من عدم الِاحْتِمَال (فِي الْكل) أَي كل أَسمَاء الْأَجْنَاس الْمعَانِي والأعيان حَتَّى قَالُوا تَفْرِيعا على ذَلِك (فَلَو حلف لَا يشرب مَاء انْصَرف) حلفه (إِلَى أقل مَا يصدق عَلَيْهِ) مَاء وَهُوَ قَطْرَة عِنْد الْإِطْلَاق (وَلَو نوى مياه الدُّنْيَا صَحَّ فيشرب مَا شَاءَ) مِنْهَا، وَلَا يَحْنَث لصدق أَنه لم يشْربهَا (أَو) قدرا من الأقدار المتخللة بَين الحدين كَمَا لَو نوى (كوزا لَا يَصح) ذَلِك مِنْهُ لخلو الْمَنوِي عَن صفة الفردية حَقِيقَة وَحكما.

‌مسئلة

(الْفَوْر) وَهُوَ امْتِثَال الْمَأْمُور بِهِ عقبه (ضَرُورِيّ للقائل بالتكرار) لِأَنَّهُ يلْزم استغراق الْأَوْقَات بِالْفِعْلِ الْمَأْمُور بِهِ على مَا مر (وَأما غَيره) أَي غير الْقَائِل بالتكرار (فإمَّا) أَي فَيَقُول الْمَأْمُور بِهِ لَا يَخْلُو من أَنه إِمَّا (مُقَيّد بِوَقْت يفوت الْأَدَاء) أَي أَدَاؤُهُ (بفوته) أَي بفوت ذَلِك الْوَقْت وَيَأْتِي تَفْصِيله فِي الْمَحْكُوم عَلَيْهِ (أَولا) أَي أَو غير مُقَيّد بِوَقْت كَذَا، وَإِن كَانَ وَاقعا فِي وَقت لَا محَالة (كالأمر بالكفارات وَالْقَضَاء) للصَّوْم وَالصَّلَاة (فَالثَّانِي) أَي غير الْمُقَيد بِمَا ذكر (لمُجَرّد الطّلب فَيجوز التَّأْخِير) على وَجه لَا يفوت الْمَأْمُور بِهِ كَمَا يجوز البدار بِهِ، وَهُوَ الصَّحِيح عِنْد الْحَنَفِيَّة، وعزى إِلَى الشَّافِعِي وَأَصْحَابه، وَاخْتَارَهُ الرَّازِيّ، والآمدي، وَابْن الْحَاجِب،

ص: 356

والبيضاوي. وَقَالَ ابْن برهَان لم ينْقل عَن الشَّافِعِي وَأبي حنيفَة رحمهمَا الله نَص، وَإِنَّمَا فروعهما تدل على ذَلِك (وَقيل يُوجب الْفَوْر) والامتثال بِهِ (أول أَوْقَات الْإِمْكَان) للْفِعْل الْمَأْمُور بِهِ، وعزى إِلَى الْمَالِكِيَّة والحنابلة وَبَعض الْحَنَفِيَّة وَالشَّافِعِيَّة. وَقَالَ (القَاضِي) الْأَمر يُوجب (إِمَّا إِيَّاه) أَي الْفَوْر (أَو الْعَزْم) على الْإِتْيَان بِهِ فِي ثَانِي حَال (وَتوقف إِمَام الْحَرَمَيْنِ فِي أَنه لُغَة للفور أم لَا، فَيجوز التَّرَاخِي) تَفْرِيع على الشق الثَّانِي (وَلَا يحْتَمل وُجُوبه) أَي التَّرَاخِي (فيمتثل) الْمَأْمُور (بِكُل) من الْفَوْز والتراخي لعدم رُجْحَان أَحدهمَا عِنْده (مَعَ التَّوَقُّف فِي أثمه بالتراخي) لَا بالفوز لعدم احْتِمَال وجوب التَّرَاخِي (وَقيل بِالْوَقْفِ فِي الِامْتِثَال) أَي لَا يدْرِي أَنه إِن بَادر يَأْثَم، أَو إِن أخر (لاحْتِمَال وجوب التَّرَاخِي لنا) على الْمُخْتَار، وَهُوَ أَنه لمُجَرّد الطّلب أَنه (لَا تزيد دلَالَته على مُجَرّد الطّلب) بفور أَو تزاخ لَا بِحَسب الْمَادَّة وَلَا بِحَسب الصِّيغَة (بِالْوَجْهِ السَّابِق) وَهُوَ أَن هَيْئَة الْأَمر لَا دلَالَة لَهَا إِلَّا على مُجَرّد الْفِعْل، فَلَزِمَ أَن تَمام مَدْلُول الصِّيغَة طلب الْفِعْل فَقَط (وَكَونه) أَي الْأَمر دَالا (على أَحدهمَا) أَي الْفَوْر أَو التَّرَاخِي (خَارج) عَن مَدْلُوله (يفهم بِالْقَرِينَةِ كاسقني) فَإِنَّهُ يدل على الْفَوْر لِأَن طلب السَّقْي عَادَة إِنَّمَا يكون عِنْد الْحَاجة إِلَيْهِ عَاجلا (وَافْعل بعد يَوْم) يدل على التَّرَاخِي بقوله بعد يَوْم (قَالُوا) أَي الْقَائِلُونَ بالفور (كل مخبر) بِكَلَام خبري: كزيد قَائِم (ومنشئ كبعت وَطَالِق يقْصد الْحَاضِر) عِنْد الْإِطْلَاق عَن الْقَرَائِن حَتَّى يكون موجدا للْبيع وَالطَّلَاق بِمَا ذكر (فَكَذَا الْأَمر) وَالْجَامِع بَينه وَبَين الْخَبَر كَون كل مِنْهُمَا من أَقسَام الْكَلَام، وَبَينه وَبَين سَائِر الإنشاءات الَّتِي يقْصد بهَا الْحَاضِر كَون كل مِنْهُمَا إنْشَاء (قُلْنَا) مَا ذكرت (قِيَاس فِي اللُّغَة) إِذْ قست الْأَمر فِي إفادته الْفَوْر على الْخَبَر والإنشاء للجامع الْمَذْكُور: وَهُوَ مَعَ اتِّحَاد الحكم غير جَائِز سِيمَا (مَعَ اخْتِلَاف حكمه فَإِنَّهُ) أَي الحكم (فِي الأَصْل) وَهُوَ الْخَبَر والإنشاء (تعين) الزَّمَان (الْحَاضِر) للظرفية (وَيمْتَنع فِي الْآمِر غير الِاسْتِقْبَال فِي) إِيقَاع (الْمَطْلُوب) لِأَن الْحَاصِل لَا يطْلب (والحاضر الطّلب) الْقَائِم بالآمر (وَلَيْسَ الْكَلَام فِيهِ) أَي فِي الطّلب، بل فِي الْمَطْلُوب (فَإِن كَانَ) الزَّمَان الْمَطْلُوب فِيهِ إِيجَاد الْمَأْمُور بِهِ (أول زمَان يَلِيهِ) أَي يَلِي زمَان الطّلب مُتَّصِلا بِهِ (فالفور) أَي فَوَجَبَ الْفَوْر (أَو) الْمَطْلُوب فِيهِ (مَا بعده) أَي مَا بعد أول زمَان يَلِي الطّلب (فوجوب التَّرَاخِي، أَو) إِن كَانَ الْمَطْلُوب فِيهِ (مُطلقًا) غير مُتَعَيّن من قبل الْآمِر (فَمَا يعنيه) الْمَأْمُور من الْوَقْت (لَا على أَنه) أَي التَّرَاخِي (مَدْلُول الصِّيغَة قَالُوا) ثَالِثا (النَّهْي يُفِيد الْفَوْر، فَكَذَا الْأَمر) وَالْجَامِع بَينهمَا كَونهمَا طلبا (قُلْنَا) قِيَاس فِي اللُّغَة وَأَيْضًا الْفَوْر (فِي النَّهْي ضَرُورِيّ) لِأَن الْمَطْلُوب التّرْك مستمرا على مَا مر (بِخِلَاف الْأَمر،

ص: 357

وَالتَّحْقِيق أَنه تحقق الْمَطْلُوب بِهِ) أَي بِالنَّهْي (وَهُوَ الِامْتِثَال بالفور) مُتَعَلق بتحقق الْمَطْلُوب فالفوز ثَبت لضَرُورَة الِامْتِثَال (لَا أَنه) أَي النَّهْي (يفِيدهُ) أَي الْفَوْر (وَقَوْلنَا ضَرُورِيّ فِيهِ أَي فِي امتثاله قَالُوا) ثَالِثا (الْأَمر نهي عَن الأضداد: وَهُوَ) أَي النَّهْي (للفور فَيلْزم فعل الْمَأْمُور بِهِ على الْفَوْر ليتَحَقَّق امْتِثَال النَّهْي عَنْهَا (أَي أضداد الْمَأْمُور بِهِ (وَتقدم نَحوه) من قَوْله: الْأَمر نفي عَن أضداده وَهُوَ دائمي فتكرر فِي الْمَأْمُور بِهِ (وَمَا هُوَ التَّحْقِيق فِيهِ) من أَنه إِذا كَانَ الْأَمر فِيهِ دَائِما كَانَ نهيا عَن أضداده دَائِما أَو فِي وَقت معِين فَفِيهِ نهي الضِّدّ لَا فِي سَائِر الْأَوْقَات، أَو مُطلقًا فَفِي وَقت الضِّدّ: أَي ضد، وَيُقَال هَهُنَا إِن كَانَ الْأَمر فوريا كَانَ النَّهْي كَذَلِك إِلَى آخِره (قَالُوا) رَابِعا (ذمّ) الله تَعَالَى إِبْلِيس (على عدم الْفَوْر) بقوله {مَا مَنعك أَلا تسْجد إِذْ أَمرتك} حَيْثُ قَالَ - {وَإِذ قُلْنَا للْمَلَائكَة اسجدوا لآدَم} - فَدلَّ على أَنه على الْفَوْر وَإِلَّا لما اسْتحق الذَّم لِأَنَّهُ لم يضيق عَلَيْهِ (قُلْنَا) هَذَا الْأَمر (مُقَيّد) وَفِي نُسْخَة " ذَلِك مُقَيّد بِوَقْت " أَي وَقت نفخ الرّوح فِيهِ بعد تسويته (فَوته) صفة وَقت: أى ابليس الِامْتِثَال متجاوزا (عَنهُ بِدَلِيل: فاذا سويته) ونفحت فِيهِ من روحي فقعوا لَهُ ساجدين، إِذْ التَّقْدِير فقعوا لَهُ ساجدين وَقت تسويتي إِيَّاه ونفخي فِيهِ الرّوح، إِذْ الْعَامِل فِي إِذا فقعوا (قَالُوا) خَامِسًا (لَو جَازَ التَّأْخِير) للْمَأْمُور بِهِ (لوَجَبَ) انتهاؤه (إِلَى) وَقت (معِين أَو إِلَى آخر أزمنة الْإِمْكَان، وَالْأول) أَي وجوب التَّأْخِير إِلَى وَقت معِين (مُنْتَفٍ) لِأَن الْكَلَام فِي غير الموقت شرعا، وَلَا دَلِيل عَلَيْهِ من الْخَارِج، وَكبر السن، وَالْمَرَض الشَّديد لَا يعين، إِذْ كم من شباب يَمُوت فَجْأَة، وشيح ومريض يعِيش مُدَّة. (وَالثَّانِي) أَي وجوب التَّأْخِير إِلَى آخر أزمنة الْإِمْكَان تَكْلِيف (مَا لَا يُطَاق) لكَونه غير معِين عِنْد الْمُكَلف، فالتكليف بإيقاع الْفِعْل فِي وَقت مَجْهُول تَكْلِيف بِمَا لَا يُطَاق (أُجِيب بِالنَّقْضِ) الإجمالي (بِجَوَاز التَّصْرِيح بِخِلَافِهِ) بِأَن يَقُول الشَّارِع افْعَل وَلَك التَّأْخِير فَإِنَّهُ جَائِز إِجْمَاعًا وَمَا ذكر من الدَّلِيل جَار فِيهِ (و) بِالنَّقْضِ التفصيلي (بِأَنَّهُ إِنَّمَا يلْزم) تَكْلِيف مَا لَا يُطَاق (بِإِيجَاب التَّأْخِير إِلَيْهِ) أَي إِلَى آخر أزمنة الْإِمْكَان (أما جَوَازه) أَي التَّأْخِير (إِلَى وَقت يُعينهُ الْمُكَلف فَلَا) يلْزم مِنْهُ تَكْلِيف مَا لَا يُطَاق (لتمكنه من الِامْتِثَال) فِي أَي وَقت شَاءَ إِيقَاع الْفِعْل فِيهِ (قَالُوا) سادسا (وَجَبت المسارعة) إِلَى الْمَأْمُور بِهِ لقَوْله تَعَالَى {وسارعوا} إِلَى مغْفرَة من ربكُم: أَي إِلَى سَببهَا، لِأَن نَفسهَا لَيست فِي قدرَة العَبْد، وَمن سَببهَا فعل الْمَأْمُور بِهِ، وَإِنَّمَا تتَحَقَّق المسارعة بالفور وَقَوله تَعَالَى (فاستبقوا) الْخيرَات، وَالْكَلَام فِي الْمُسَابقَة مثله فِي المسارعة (الْجَواب جَازَ) كَونه فيهمَا (تَأْكِيدًا لإيجابه) أَي الْفَوْر بِأَن يكون أَصله مفادا (بالصيغة) كَمَا قَالُوا (و) جَازَ كَونه فيهمَا (تأسيسا) بِنَاء على أَن الصِّيغَة غير متعرضة لإيجابه، وَيكون الْإِيجَاب مفادا

ص: 358

بهما كَمَا قُلْنَا (فَلَا يُفِيد) شَيْء مِنْهُمَا (أَنه) أَي الْفَوْر (مُوجبهَا) أَي الصِّيغَة كَمَا هُوَ مطلبهم لعدم انتهاض الِاسْتِدْلَال مَعَ احْتِمَال خلاف الْمَقْصُود (فَكيف والتأسيس مقدم) على التَّأْكِيد (فَانْقَلَبَ) دليلهم لِأَن حمل الْآيَتَيْنِ على التأسيس الَّذِي هُوَ الأَصْل يسْتَلْزم عدم إِفَادَة الصِّيغَة الْفَوْر، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (إِذْ أَفَادَ) دليلهم (حِينَئِذٍ نَفْيه) أَي نفى كَون الصِّيغَة دَالَّة على الْفَوْر قَالَ (القَاضِي ثَبت حكم خِصَال الْكَفَّارَة) وَهُوَ أَنه لَو أَتَى بأحدها أجر وَلَو أخل بهَا عصى (فِي الْفِعْل والعزم) مُتَعَلق بثبت، وَمعنى ثُبُوت حكمهَا فِيهَا أَنه كَمَا يجب هُنَاكَ الْإِتْيَان بأحدها يجب هَهُنَا الْإِتْيَان بِأَحَدِهِمَا (وَهُوَ) أَي حكمهَا فِيهَا (الْعِصْيَان بتركهما) أَي الْفِعْل والعزم (وَعَدَمه) أَي عدم الْعِصْيَان بإتيانه (بِأَحَدِهِمَا فَكَانَ) الْفِعْل على الْفَوْر أَو الْعَزْم عَلَيْهِ فِي ثَانِي الْحَال فَوْرًا (مُقْتَضَاهُ) أَي الْأَمر وَأورد عَلَيْهِ عدم تأثيم من أَتَى بالعزم وَلم يَأْتِ بِالْفِعْلِ أصلا، وَهُوَ خلاف الاجماع وَأجِيب بِأَن مُرَاده التَّخْيِير بَينهمَا مَا لم يتضيق الْوَقْت فَإِنَّهُ إِذا أضَاف تعين الْوَقْت (وَالْجَوَاب الْجَزْم بِأَن الطَّاعَة) الَّتِي هِيَ الِامْتِثَال إِنَّمَا هِيَ (بِالْفِعْلِ بِخُصُوصِهِ) فَهُوَ مُقْتَضى أذ (فوجوب الْعَزْم لَيْسَ مُقْتَضَاهُ) أَي الْأَمر (على التَّخْيِير) بَينه وَبَين الْفِعْل (بل هُوَ) أَي الْعَزْم (على) فعل (مَا ثَبت وُجُوبه من أَحْكَام الْإِيمَان) ثَبت مَعَ ثُبُوت الْإِيمَان، لَا الِاخْتِصَاص لَهُ بِصِيغَة الْأَمر قَالَ (الإِمَام الطّلب مُحَقّق وَالشَّكّ فِي جَوَاز التَّأْخِير فَوَجَبَ الْفَوْر) ليخرج عَن الْعهْدَة بِيَقِين (وَاعْترض) على هَذَا بِأَنَّهُ (لَا يلائم مَا تقدم لَهُ) أَي للْإِمَام (من التَّوَقُّف فِي كَونه) أَي الْأَمر (للفور، وَأَيْضًا وجوب الْمُبَادرَة يُنَافِي قَوْله) أَي الإِمَام (أقطع بِأَنَّهُ) أَي الْمُكَلف (مهما أَتَى بِهِ) أَي الْمَأْمُور بِهِ فَهُوَ (موقع بِحكم الصِّيغَة للمطلوب) كَذَا ذكره الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ، فَأجَاب عَنهُ المُصَنّف بقوله (وَأَنت إِذا وصلت قَوْله) أَي الإِمَام (للمطلوب) مَعَ مَا قبله (يُنَافِي قَوْله) وَهُوَ (وَإِنَّمَا التَّوَقُّف فِي أَنه لَو أخر) الْمُكَلف عَن أول زمَان الْإِمْكَان (هَل يَأْثَم بِالتَّأْخِيرِ مَعَ أَنه ممتثل لأصل الْمَطْلُوب) قطعا وَإِن احْتمل عدم الِامْتِثَال بِاعْتِبَار وَصفه، وَهُوَ كَونه على الْفَوْر نظرا إِلَى احْتِمَال كَونه مُوجب الْأَمر (لم تقف عَن الْجَزْم بالمطابقة) بَين كَلَامه جَوَاب إِذا، ومجموع الشَّرْط وَالْجَزَاء خبر أَنْت ثمَّ بَين وَجه التَّوْفِيق بقوله (فَإِن وجوب الْفَوْر بعد مَا قَالَ) من الشَّك فِي جَوَاز التَّأْخِير (لَيْسَ إِلَّا احْتِيَاطًا، لاحْتِمَال الْفَوْر لَا أَنه مُقْتَضى الصِّيغَة فَإِن الشَّك فِي جَوَاز التَّأْخِير) إِنَّمَا حصل (بِالشَّكِّ فِي الْفَوْر) أَي كَون الْأَمر حِينَئِذٍ مُفِيدا للفور (ثمَّ كَونه ممتثلا بِحكم الصِّيغَة يُنَافِي الْإِثْم) لِأَن الصِّيغَة دلّت على إِيقَاع الْفِعْل قطعا وَقد أَتَى بِهِ، ودلالتها على الْفَوْر غير مَعْلُوم وَلَا مظنون، وَلَا يُؤَاخذ العَبْد بترك مثله فَلم يكن حكم الصِّيغَة إِلَّا إِيقَاع الْفِعْل فَلَا وَجه لاحْتِمَال الْإِثْم (إِلَّا أَن يُرَاد)

ص: 359

بالإثم الْمَذْكُور فِي كَلَامه (إِثْم ترك الِاحْتِيَاط). قَالَ الشَّارِح وَبعد تَسْلِيم أَن الْفَوْر احْتِيَاط فكون تَركه مؤثما مَحل نظر انْتهى، وَفِي قَوْله وَبعد تَسْلِيم إِشَارَة إِلَى منع كَون الِاحْتِيَاط فِي الْفَوْر، وَلَا وَجه لمَنعه إِلَّا بِاعْتِبَار وجوب التَّأْخِير وَقد علمت أَنه لَا يُقيد بِهِ (نعم لَو قَالَ) الإِمَام (الْقَضَاء بالصيغة لَا بِسَبَب جَدِيد أمكن) هَذَا فِي نُسْخَة الشَّارِح وَلَيْسَ فِي النُّسْخَة الَّتِي اعتمادي عَلَيْهَا " نعم لَو قَالَ إِلَى آخِره " وَذكر فِي تَوْجِيهه مَا حَاصله إرجاع ضمير أمكن إِلَى عدم الْمُنَافَاة بَين الِامْتِثَال والتأثيم بِالتَّأْخِيرِ لجَوَاز جعله ممتثلا بِحكم الصِّيغَة من حَيْثُ الْقَضَاء، وآثما بِتَرْكِهِ الِامْتِثَال بِحكم الصِّيغَة من حَيْثُ الْأَدَاء، ثمَّ رد هَذَا التَّوْجِيه أَولا وَثَانِيا، وَالَّذِي يظْهر أَنه كَانَت هَذِه الزِّيَادَة ثمَّ غيرت وَلم يطلع الشَّارِح على التَّغْيِير وَهُوَ الصَّوَاب (وَأجِيب) عَن اسْتِدْلَال الإِمَام بِأَنَّهُ (لَا شكّ) فِي جَوَاز التَّأْخِير (مَعَ) وجود (دليلنا) الْمُفِيد لَهُ الرافع للشَّكّ.

(تَنْبِيه: قيل مسئلة الْأَمر للْوُجُوب شَرْعِيَّة لِأَن محمولها الْوُجُوب، وَهُوَ) حكم (شَرْعِي، وَقيل لغوية وَهُوَ ظَاهر) كَلَام (الْآمِدِيّ وَأَتْبَاعه) وَالصَّحِيح عَن أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ (إِذْ كرروا قَوْلهم فِي الْأَجْوِبَة قِيَاس فِي اللُّغَة، وَإِثْبَات اللُّغَة بلوازم الْمَاهِيّة، وَهُوَ) أَي كَونهَا لغوية (الْوَجْه، إِذْ لَا خلل) فِي ذَلِك وَإِن كَانَ محمولها الْوُجُوب (فَإِن الْإِيجَاب لُغَة الْإِثْبَات والإلزام، وإيجابه سُبْحَانَهُ لَيْسَ إِلَّا إِلْزَامه، وإثباته على المخاطبين بِطَلَبِهِ الحتم، فَهُوَ) أَي الْوُجُوب الشَّرْعِيّ (من أَفْرَاد) الْوُجُوب (اللّغَوِيّ) وَلما كَانَ هُنَا مَظَنَّة سُؤال، وَهُوَ أَنه يَنْبَغِي أَن تكون شَرْعِيَّة لِأَنَّهُ مَأْخُوذ فِي مَفْهُوم الْوُجُوب (وَاسْتِحْقَاق الْعقَاب بِالتّرْكِ لَيْسَ جُزْء الْمَفْهُوم) للْوُجُوب (بل) لَازم (مُقَارن بِخَارِج) أَي دَلِيل خَارج من مَفْهُوم الْوُجُوب (عَقْلِي أَو عادي لأمر كل من لَهُ ولَايَة الْإِلْزَام، وَهُوَ) أَي الْخَارِج الْمَذْكُور (حسن عِقَاب مخالفه) أَي كَالَّذي يُخَالف أَمر من لَهُ ولَايَة الْإِلْزَام (وتعريف الْوُجُوب) لَهُ بِأَنَّهُ (طلب) للْفِعْل (ينتهض تَركه سَببا للعقاب) كَمَا هُوَ الْمَذْكُور فِي كَلَام الْقَوْم (تجوز لإيجابه تَعَالَى: أَو) لإِيجَاب (من لَهُ ولَايَة إِلَّا لزام بِقَرِينَة ينتهض إِلَى آخِره فَيصدق إِيجَابه تَعَالَى فَردا من مطلقه) أَي الْوُجُوب اللّغَوِيّ تَقْدِيره فَيصدق على إِيجَابه: فَيكون مَنْصُوبًا بِنَزْع الْخَافِض، وَيجوز أَن يكون يصدق بِمَعْنى يَشْمَل، وَقَوله فَردا حَال عَن إِيجَابه (وَظهر أَن الِاسْتِحْقَاق) للعقاب بِالتّرْكِ (لَيْسَ لَازم التّرْك) مُطلقًا (بل) هُوَ لَازم (لصنف مِنْهُ) أَي من الْوُجُوب (لتحَقّق الْأَمر مِمَّن لَا ولَايَة لَهُ مُفِيدا للْإِيجَاب (فَيتَحَقَّق هُوَ) أَي الْوُجُوب فِيهِ (وَلَا اسْتِحْقَاق) للعقاب (بِتَرْكِهِ) لِأَنَّهُ (بِلَا ولَايَة) لِلْأَمْرِ عَلَيْهِ.

ص: 360