المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الْبَحْث الثَّانِي (هَل الصِّيَغ من أَسمَاء الشَّرْط والاستفهام والموصولات و) الْمُفْرد - تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه - جـ ١

[أمير باد شاه]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌فِي انقسام الْمُفْرد بِاعْتِبَار ذَاته من حَيْثُ أَنه مُشْتَقّ أَولا

- ‌مَسْأَلَة

- ‌ مَسْأَلَة

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌التَّقْسِيم الثَّانِي

- ‌التَّقْسِيم الثَّالِث

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌مَسْأَلَة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌الْفَصْل الرَّابِع

- ‌التَّقْسِيم الثَّالِث

- ‌التَّقْسِيم الثَّانِي

- ‌الْبَحْث الثَّانِي

- ‌الْبَحْث الثَّالِث

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌ مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌مسئلة

- ‌‌‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌الْبَحْث الرَّابِع

- ‌الْبَحْث الْخَامِس

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌مسئلة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌ مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مَبْحَث الْأَمر

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌(صِيغَة الْأَمر لَا تحْتَمل التَّعَدُّد الْمَحْض)

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

الفصل: ‌ ‌الْبَحْث الثَّانِي (هَل الصِّيَغ من أَسمَاء الشَّرْط والاستفهام والموصولات و) الْمُفْرد

‌الْبَحْث الثَّانِي

(هَل الصِّيَغ من أَسمَاء الشَّرْط والاستفهام والموصولات و) الْمُفْرد (الْمحلي) بِاللَّامِ (و) النكرَة (المنفية وَالْجمع بِاللَّامِ وَالْإِضَافَة) مَعْطُوف على اللَّام (مَوْضُوعَة) خبر الْمُبْتَدَأ (للْعُمُوم على الْخُصُوص) أَي للْعُمُوم خَاصَّة، وَلَيْسَت بموضوعة للخصوص (أَو) للخصوص على الْخُصُوص (مجَاز فِيهِ) أَي فِي الْعُمُوم (أَو مُشْتَركَة) بَينهمَا (وَتوقف الْأَشْعَرِيّ) عَن الحكم بِشَيْء من الْحَقِيقَة وَالْمجَاز فِي الْعُمُوم أَو الْخُصُوص (مرّة كَالْقَاضِي) أبي بكر (و) قَالَ (مرّة بالاشتراك) اللَّفْظِيّ كجماعة (وَقيل) الصِّيَغ الْمَذْكُورَة مَوْضُوعَة للْعُمُوم (فِي الطّلب) أَي فِيمَا إِذا كَانَت وَاقعَة فِي الْكَلَام الطلبي (مَعَ الْوَقْف فِي الْأَخْبَار وتفصيل) معنى (الْوَقْف إِلَى معنى لَا نَدْرِي) أَوضعت للْعُمُوم أَو لَا (وَإِلَى نعلم الْوَضع، وَلَا نَدْرِي أحقيقة أم مجَاز؟) فِي الْعُمُوم، وعَلى تَقْدِير كَونهَا فِيهِ لَا نَدْرِي أَنَّهَا وضعت لَهُ مُنْفَردا، أَو مُشْتَركَة بَينه وَبَين الْخُصُوص، هَكَذَا فسر الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ الْمحل (لَا يَصح) خبر تَفْصِيل الْوَقْف: يَعْنِي بَيَان الْوَقْف على الْوَجْه الْمَذْكُور غير مُسْتَقِيم (إِذْ لَا شكّ فِي الِاسْتِعْمَال) أَي اسْتِعْمَال الصِّيَغ الْمَذْكُورَة فِي الْعُمُوم (وَبِه) أَي الِاسْتِعْمَال (يعلم وَضعه) أَي وضع الْمُسْتَعْمل للمستعمل فِيهِ (فَلم يبْق إِلَّا التَّرَدُّد فِي أَنه) أَي وَضعه الْوَضع (النوعي) فَيكون مجَازًا فِيهِ (أَو الشخصي) فَيكون حَقِيقَة فِيهِ (فَيرجع) الأول (إِلَى الثَّانِي) لِأَن التَّرَدُّد فِي الْوَضع الْمُطلق بعد الِاسْتِعْمَال غير مَعْقُول والمتردد فِي الْوَضع الشخصي نفي الْجَزْم بِأَصْل الْوَضع هُوَ عين التَّرَدُّد فِي أَنه حَقِيقَة أَو مجَاز (وَلَا شكّ فِي فهمه) أَي الْعُمُوم (من) اسْم الْجمع الْمُعَرّف بِاللَّامِ فِي قَوْله صلى الله عليه وسلم (أمرت أَن أقَاتل النَّاس) حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله، فَإِذا قالوها فقد حقنوا مني دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهمْ إِلَّا بِحَقِّهَا " كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَإِلَّا لما قرر أَبُو بكر رضي الله عنه احتجاج عمر بِهِ فِي منع فَقَالَ: مانعي الزَّكَاة وَعدل إِلَى الِاحْتِجَاج بقوله صلى الله عليه وسلم بعد مَا ذكر " إِلَّا بِحقِّهِ) وَقَالَ " وَالزَّكَاة من حَقه " فَإِن النَّاس لَو لم تعم الْكل لم يلْزم أَن يَعْنِي كل قتال بالغاية الْمَذْكُورَة، وَمن الْجمع الْمحلي فِي قَوْله صلى الله عليه وسلم (الْأَئِمَّة من قُرَيْش) كَمَا احْتج أَبُو بكر رضي الله عنه على الْأَنْصَار حَيْثُ قَالُوا: منا أَمِير ومنكم أَمِير، وَقَوله صلى الله عليه وسلم (نَحن معاشر الْأَنْبِيَاء) لَا نورث وَمن الْمُفْرد الْمحلى فِي قَوْله تَعَالَى {وَالسَّارِق والسارقة} وَقَوله تَعَالَى {لننجينه وَأَهله} فِي اسْم الْجمع الْمُضَاف وفهمه) أَي الْعُمُوم (الْعلمَاء قاطبة) فِي الْقَامُوس: جَاءُوا قاطبة جَمِيعًا، لَا تسْتَعْمل إِلَّا

ص: 197

حَالا من اسْم الشَّرْط (فِي من دخل) دارى فَهُوَ حر (و) اسْم الِاسْتِفْهَام كَمَا فِي (مَا صنعت وَمن جَاءَ سُؤال عَن كل جَاءَ ومصنوع، و) من النكرَة المنفية كَمَا فِي (لَا تَشْتُم أحدا إِنَّمَا هُوَ) أَي التَّرَدُّد (فِي أَنه) أَي الْعُمُوم مَفْهُوم (بِالْوَضْعِ أَو بالقرنية كَقَوْل الْخُصُوص) أَي لقَوْل من يَقُول إِنَّهَا مَوْضُوعَة للخصوص، وتستعمل مجَازًا فِي الْعُمُوم بِالْقَرِينَةِ وَهِي (كالترتيب) للْحكم (على) الْوَصْف (الْمُنَاسب) الْمشعر بعليته لَهُ (فِي نَحْو السَّارِق، وَأكْرم الْعلمَاء) لظُهُور مُنَاسبَة السّرقَة وَالْحكم بِالْقطعِ وَالْإِكْرَام من حَيْثُ الْعلية (وَالْعلم) عطف على التَّرْتِيب: أَي علم المخاطبين (بِأَنَّهُ) أَي الحكم (تمهيد قَاعِدَة) كُلية، فَعلم الْعُمُوم بِقَرِينَة الْعلم بذلك (كرجم مَاعِز) كعلم الصَّحَابَة بِأَن رجمه تشريع قَاعِدَة شَرْعِيَّة: هِيَ وجوب الرَّجْم على من أقرّ بِالزِّنَا بالشرائط الْمُعْتَبرَة شرعا من الْإِحْصَان وَغَيره (إِذْ علم أَنه) أَي الْحَاكِم يَرْجُمهُ (شَارِع) ومنصبه بَيَان الْقَوَاعِد الشَّرْعِيَّة (و) قد روى عَنهُ صلى الله عليه وسلم (حكمي على الْوَاحِد) حكمي على الْجَمَاعَة " كَمَا هُوَ الْمَشْهُور عِنْد الْفُقَهَاء، وَقد صَحَّ مَا يُؤدى مَعْنَاهُ عَن أُمَيْمَة أتيت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي نسْوَة نُبَايِعهُ على الْإِسْلَام، فَقلت يَا رَسُول الله هَل نُبَايِعك؟ فَقَالَ: إِنِّي لَا أُصَافح النِّسَاء، وَإِنَّمَا قولي لمِائَة امْرَأَة كَقَوْلي لامْرَأَة وَاحِدَة (أَو ضَرُورَة) مفعول لَهُ للفهم مَعْطُوف على قَوْله بِالْوَضْعِ فَإِن الْبَاء فِيهِ للسَّبَبِيَّة وَالْمعْنَى أَن التَّرَدُّد فِي أَن الْعُمُوم هَل هُوَ مَفْهُوم بِسَبَب الْوَضع أَو بِسَبَب الْقَرِينَة على مَا ذكر، أَو لأجل الضَّرُورَة الْحَاصِلَة (من نفي النكرَة) الْمَوْضُوعَة للفرد الْمُبْهم المستلزم انتفاؤها انْتِفَاء جَمِيع الْأَفْرَاد (وألزموا) أَي الْقَائِلُونَ بوضعها للخصوص واستعمالها فِي الْعُمُوم بالقرائن بِأَنَّهُ لَو صَحَّ مَا ذكرْتُمْ لزمكم (أَن لَا يحكم بوضعي) أَي بِمَعْنى وضعي (للفظ) من الْأَلْفَاظ (إِذا لم ينْقل قطّ عَن الْوَاضِع) التَّنْصِيص على الْوَضع (بل أَخذ) الحكم بِوَضْع هَذَا لذا (من التبادر) أَي تبادر الْمَعْنى إِلَى الذِّهْن (عِنْد الِاسْتِعْمَال) وَفِي بعض النّسخ عِنْد الْإِطْلَاق، وَالْمعْنَى وَاحِد: أَي تبادر الْمَعْنى إِلَى ذهن الْمُخَاطب بِمُجَرَّد سَماع اللَّفْظ عِنْد الِاسْتِعْمَال قبل أَن يتَأَمَّل فِي الْقَرَائِن دَلِيل كَونه مَوْضُوعا لَهُ، وَلَا مَأْخَذ للْعلم بِالْوَضْعِ سوى هَذَا (وَأَيْضًا شاع) من غير نَكِير (احتجاجهم) أَي الْعلمَاء سلفا وخلفا (بِهِ) أَي الْعُمُوم من الصِّيَغ الْمَذْكُورَة (كعمر) أَي كاحتجاج (عمر على أبي بكر فِي مانعي الزَّكَاة) حِين أَرَادَ مُقَاتلَتهمْ (بأمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله) الحَدِيث، وَقد مر آنِفا بِحمْل الْمُعَرّف بِاللَّامِ على الْعُمُوم المغيا بقول لَا إِلَه إِلَّا الله، وَتَقْرِير أبي بكر رضي الله عنه على مَا مر، (و) كاحتجاج (أبي بكر) على الْأَنْصَار بقوله صلى الله عليه وسلم (الْأَئِمَّة من قُرَيْش) نقل الشَّارِح عَن بعض الْحفاظ أَنه لَيْسَ هَذَا اللَّفْظ مَوْجُودا فِي كتب الحَدِيث عَن أبي بكر رضي الله عنه،

ص: 198

وَإِنَّمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا فِي قصَّة السَّقِيفَة قَول أبي بكر أَن الْعَرَب لَا تعرف هَذَا الْأَمر إِلَّا لهَذَا الْحَيّ من قُرَيْش، وَذكر مَا أخرجه أَحْمد بِسَنَد رِجَاله ثِقَات، لَكِن فِيهِ انْقِطَاع: أَن أَبَا بكر قَالَ لسعد: يَعْنِي ابْن عبَادَة لقد علمت يَا سعد أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لقريش أَنْتُم وُلَاة هَذَا الْأَمر (و) كاحتجاج أبي بكر على من ظن أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم يُورث (نَحن معاشر الْأَنْبِيَاء لَا نورث) بِحمْل الْأَنْبِيَاء على الْعُمُوم ليدْخل فِيهِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم والمعاشر جمع معشر كمكسر: وَهُوَ الْجَمَاعَة (على وَجه) مُتَعَلق بالاحتجاج (يجْزم بِأَنَّهُ) أَي الِاحْتِجَاج الْمَذْكُور أَو الْعُمُوم (بِاللَّفْظِ) أَي لفهم الْعُمُوم من مُجَرّد اللَّفْظ، لَا من الْقَرَائِن وَإِلَّا لذكرت عِنْد الِاحْتِجَاج (وَاسْتدلَّ) للمختار بمزيف (بِأَنَّهُ) أَي الْعُمُوم (معنى كثرت الْحَاجة إِلَى التَّعْبِير عَنهُ فكغيره) أَي فَهُوَ كَغَيْرِهِ من الْمعَانِي كثرت الْحَاجة إِلَى التَّعْبِير عَنْهَا فَوَجَبَ الْوَضع لَهُ كَمَا وضع لغيره (وَأجِيب بِمَنْع الْمُلَازمَة) أَي لَا نسلم أَن كَثْرَة الْحَاجة إِلَى التَّعْبِير عَنهُ تَقْتَضِي الْوَضع لَهُ، بل مُطلق التَّعْبِير وَهُوَ يحصل بطرِيق الْمجَاز أَيْضا، ثمَّ شرع فِي بَيَان القَوْل الثَّانِي: وَهُوَ أَنَّهَا مَوْضُوعَة للخصوص مجَازًا فِي الْعُمُوم فَقَالَ (الْخُصُوص) مُسَمّى الصِّيَغ دون الْعُمُوم لِأَنَّهُ (لَا عُمُوم إِلَّا لمركب) إِذْ الْمَعْنى دَلِيل الْخُصُوص أَنه لَا عُمُوم إِلَّا لمركب: أَي لَا يُسْتَفَاد الْعُمُوم إِلَّا من الْمركب (وَلَا وضع لَهُ) أَي للمركب: يَعْنِي أَن الْمركب من حَيْثُ هُوَ مركب غير مَوْضُوع (بل) الْوَضع (لمفرداته) أَي الْمركب (وَالْقطع) أَي الْمَقْطُوع بِهِ (أَنَّهَا) أَي الْمُفْردَات كل وَاحِد مِنْهَا مَوْضُوع (لغيره) أَي الْعُمُوم فَلم يوضع مُفْرد للْعُمُوم أصلا (فَلَا وضع لَهُ) أَي الْعُمُوم لانحصار الْوَضع فِي وضع الْمُفْرد وَعدم وضع الْمُفْرد للْعُمُوم رَأْسا (فَصدق أَنَّهَا) أَي الصِّيَغ الْمَذْكُورَة (للخصوص) إِذْ لَا وَاسِطَة بَينهمَا على الْمُخْتَار، وَكَذَا سَائِر الصِّيَغ إِذْ لم يوضع للْعُمُوم لفظ (بَيَانه) أَي بَيَان مَا ذكر من أَنه لَا عُمُوم إِلَّا لمركب (أَن معنى الشَّرْط) الَّذِي فِيهِ الْعُمُوم (وأخواته) أَي الِاسْتِفْهَام، وَالنَّفْي، والموصول إِلَى آخرهَا (لَا يتَحَقَّق إِلَّا بِأَلْفَاظ لكل مِنْهَا وضع على حِدته) وانفراده، وَإِذا كَانَ لكل مِنْهَا وضع مُسْتقِلّا يلْزم التَّرْكِيب فِي الْمَجْمُوع (وَإِنَّمَا يثبت) معنى كل من الْمَذْكُورَات (بالمجموع) أَي بِمَجْمُوع الْأَلْفَاظ الْمَذْكُورَة (مثلا معنى من عَاقل) أَي عَالم لِأَنَّهُ يُطلق على الله وَالظَّاهِر الْحَقِيقَة وَالْعقل لَا يُضَاف إِلَيْهِ، وَفِي الْقَامُوس اسْم من بِمَعْنى الَّذِي، فعلى هَذَا يكون الْعَاقِل حَقِيقَة عرفا (فيضم إِلَيْهِ) أَي إِلَى اللَّفْظ (الآخر) متلبسا (بِخُصُوص من النِّسْبَة) المفهومة من الْهَيْئَة التركيبية (فَيحصل) بانضمام ذَلِك وملاحظة تِلْكَ النِّسْبَة مِنْهُمَا (معنى الشَّرْط والاستفهام وَبِهِمَا) أَي بِمَعْنى الشَّرْط والاستفهام يحصل (الْعُمُوم، وَصرح فِي) كتب (الْعَرَبيَّة بِأَن تضمن من معنى الشَّرْط والاستفهام طَارِئ على

ص: 199

مَعْنَاهَا الْأَصْلِيّ، وَالْجَوَاب) من قبل المثبتين (أَن اللَّازِم) من الدَّلِيل الْمَذْكُور مُجَرّد (التَّوَقُّف) أَي توقف حُصُول معنى الشَّرْط وأخواته (على التَّرْكِيب) لَا كَون الْمركب مُسْتَعْملا فِي الْعُمُوم (فَلَا يسْتَلْزم) الدَّلِيل (أَن الْمَجْمُوع) هُوَ (الدَّال) على الْعُمُوم (وَتقدم الْفرق) بَين كَون الْمركب دَالا وَكَون التَّرْكِيب يتَوَقَّف عَلَيْهِ الدّلَالَة (وَلَيْسَ بِبَعِيد قَول الْوَاضِع) اسْم لَيْسَ (فِي) وضع (النكرَة) ظرف القَوْل (لفرد) فَقَوله: أَي وَضَعتهَا لفرد (يحْتَمل) ذكر الْفَرد الْمَوْضُوع لَهُ (كل فَرد) من أَفْرَاد الْجِنْس الملحوظ للواضع. قَوْله يحْتَمل أَن يكون من مقوله، فعلى هَذَا يُوصف الْفَرد بِالْوَصْفِ الْمَذْكُور من الْوَاضِع وَأَن يكون من كَلَام المُصَنّف بَيَانا للْوَاقِع (فَإِذا عرفت) النكرَة الْمَذْكُورَة بِشَيْء من طرق التَّعْرِيف (فللكل) أَي فوضعها للْكُلّ أَي جَمِيع الْأَفْرَاد (ضَرْبَة) أَي جملَة، من قَوْلهم ضرب الشَّيْء بالشَّيْء: أَي خلط فَهُوَ حَال عَن الْكل (وَهُوَ) أَي كَونهَا للْكُلّ إِذا عرفت هُوَ (الظَّاهِر) الْمُتَبَادر إِلَى الْفَهم، وَالْمَقْصُود من هَذَا الْكَلَام دفع الاستبعاد المتوهم فِي بادئ النّظر من تعلق الوضعين الْمُخْتَلِفين بِلَفْظ وَاحِد بِاعْتِبَار حَالية التنكير والتعريف الْمُقْتَضى كَون الْمُفْرد مَوْضُوعا للْعُمُوم بعد وَضعه للخصوص (لأَنا نفهمه) أَي كَونهَا للْكُلّ وعمومها (فِي أكْرم الْجَاهِل، وأهن الْعَالم، وَلَا مُنَاسبَة) بَين الْإِكْرَام وَالْجهل، وَلَا بَين الإهانة وَالْعلم حَتَّى يُقَال: يجوز أَن يكون فهم الْعُمُوم بِقَرِينَة ترَتّب الحكم على الْمَوْصُوف بِوَصْف هُوَ عِلّة مَوْجُودَة فِي كل فَرد كَمَا قيل فِي أكْرم الْعَالم كَمَا مر (فَكَانَ) الْعُمُوم (وضعيا) لتبادره من نفس اللَّفْظ من غير قرينَة (وغايته) أَي غَايَة قَول الْوَاضِع ذَلِك (أَن وَضعه) أَي الْعُمُوم فِيمَا ذكر (وضع الْقَوَاعِد اللُّغَوِيَّة كقواعد النّسَب والتصغير) الْوَضع اللّغَوِيّ على قسمَيْنِ: قسم يُلَاحظ فِيهِ خُصُوص اللَّفْظ عِنْد الْوَضع، وَقسم لَا يُلَاحظ فِيهِ خصوصيته، بل الملحوظ فِيهِ مَفْهُوم كلي ينْدَرج فِيهِ أَلْفَاظ كَثِيرَة وَيجْعَل كل مِنْهَا فِي تِلْكَ الملاحظة الإجمالية بِإِزَاءِ معنى ملحوظ إِجْمَالا كَقَوْلِه: جعلت كل وَاحِد من صِيغ النِّسْبَة لذات مَا منسوبة إِلَى مَدْلُول الأَصْل، فَالْمُرَاد بِوَضْع الْقَوَاعِد اللُّغَوِيَّة الْقسم الثَّانِي (وأفراد موضوعها) أَي مَوْضُوع الْقَوَاعِد اللُّغَوِيَّة (حقائق) لما عرفت من أَن آلَة مُلَاحظَة الْوَاضِع حِين وَضعهَا مَفْهُوم كلي أفرادها أَلْفَاظ يعين كل وَاحِد مِنْهَا للدلالة على معنى خَاص من الْمعَانِي المندرجة تَحت مَفْهُوم كلي جعل آلَة لملاحظتها فِي مُقَابلَة الْكُلِّي الأول، فالموضوع والموضوع لَهُ فِي الْحَقِيقَة إِنَّمَا هُوَ كل فردين مِنْهُمَا، وَلَا شكّ أَن تِلْكَ الْأَلْفَاظ إِنَّمَا وضعت للدلالة بِنَفسِهَا، فَهِيَ حَقِيقَة عِنْد الِاسْتِعْمَال بِخِلَاف الْوَضع النوعي فِي المجازات، فَإِن الْمَوْضُوع فِيهَا مَا وضع للدلالة بِنَفسِهِ، بل بانضمام الْقَرِينَة كَأَنَّهُ قَالَ الْوَاضِع: كل لفظ مَوْضُوع لِمَعْنى بِإِزَاءِ مَا يُنَاسب ذَلِك الْمَعْنى بِنَوْع من العلاقات الْمُعْتَبرَة، لَكِن لَا

ص: 200

لِأَن يدل بِنَفسِهِ، بل بانضمام الْقَرِينَة فأفراد مَوْضُوعه مجازات (وَلذَا) أَي وَلأَجل أَن الْكَلِمَة الْوَاحِدَة من حَيْثُ أَنَّهَا نكرَة مَوْضُوعَة للفرد الْمُنْتَشِر، وَمن حَيْثُ أَنَّهَا معرفَة مَوْضُوعَة للْكُلّ ضَرْبَة بِالْوَضْعِ الْمَذْكُور (وَقع التَّرَدُّد فِي كَونه مُشْتَركا لفظيا) بَين الْخُصُوص والعموم نظرا إِلَى جَانب الِاتِّحَاد الذاتي، والتغاير الاعتباري، فَإِن الأول يَقْتَضِي الِاشْتِرَاك، وَالثَّانِي عَدمه، فَإِن الْمَوْضُوع للفرد الْمُنْتَشِر إِنَّمَا هُوَ الْمُجَرّد عَن التَّعْرِيف، وللكل الْمُعَرّف، فَلَا اشْتِرَاك، ثمَّ أَرَادَ تَحْقِيق الْمقَام بتفصيل مواد الْعُمُوم، فَقَالَ (وَالْوَجْه أَن عُمُوم غير الْمحلى) بِاللَّامِ (والمضاف) من أَسمَاء الشَّرْط والاستفهام، والموصول، والنكرة المنفية (عَقْلِي) لَا يحْتَاج إِلَى وضع الْوَاضِع إِيَّاهَا للْعُمُوم (لجزم الْعقل بِهِ) أَي الْعُمُوم (عِنْد ضم) معنى (الشَّرْط، و) معنى (الصِّلَة إِلَى مُسَمّى من) الموصولة مثلا (وَهُوَ عَاقل) أَي ذَات لَهُ الْعقل (و) إِلَى مُسَمّى (الَّذِي وَهُوَ ذَات) مُبْهمَة توضح الصِّلَة إبهامه، وَذَلِكَ لِأَن تَعْلِيق الحكم بهَا يُفِيد علية مَضْمُون الشَّرْط والصلة لَهُ والمعلول دائر مَعَ علته فَيعم جَمِيع أفرادها لتحَقّق الْعلَّة فِي الْجَمِيع، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (فَيثبت مَا علق بِهِ) أَي بِالْمُسَمّى من الحكم (لكل متصف) بِالْمُسَمّى من أَفْرَاده (لوُجُود مَا صدق عَلَيْهِ مَا علق) الحكم (عَلَيْهِ) الْمَوْصُول الأول عبارَة عَن أَفْرَاد الْمُسَمّى، وَالثَّانِي عَن الشَّرْط والصلة: وَهُوَ فَاعل صدق، فَإِن كل فَرد من أَفْرَاد الْمُسَمّى يصدق عَلَيْهِ مَضْمُون الشَّرْط وَالصّفة وَهُوَ فَاعل صدق، فَإِن كل فَرد من أَفْرَاد الْمُسَمّى يصدق عَلَيْهِ مَضْمُون الشَّرْط أَو الصِّلَة الَّذِي هُوَ عِلّة الحكم، وَهُوَ يَدُور مَعَه (وَكَذَا النكرَة المنفية) لجزم الْعقل بِالْعُمُومِ فِيهِ أَيْضا (لِأَن نفي ذَات مَا) وَهِي الْفَرد الْمُنْتَشِر الَّذِي هُوَ مُسَمّى النكرَة (لَا يتَحَقَّق) أَي النَّفْي الْمَذْكُور (مَعَ وجود ذَات) مِمَّا يصدق عَلَيْهِ ذَات مَا فَإِن قلت لَا نسلم ذَلِك، بل يتَحَقَّق النَّفْي الْمَذْكُور عِنْد الْبَعْض مَعَ وجود الْبَعْض قلت المتحقق حِينَئِذٍ نفي ذَات فِي الْمحل الْخَاص لَا انْتِفَاء مُطلقًا، فَإِن نفي الْخَاص لَا يستلزمه نفي الْعَام والمنفي فِي النكرَة المنفية إِنَّمَا هُوَ الْفَرد الْمُنْتَشِر مُطلقًا كَمَا أَن نفي الْمَاهِيّة الْمُطلقَة يسْتَلْزم نفي كل فَرد من أفرادها (وَهَذَا) أَي كَون الْعُمُوم فِي الْمَذْكُورَات عقليا (وَإِن لم يناف الْوَضع) أَي وضع الْمَذْكُورَات للْعُمُوم لجَوَاز دلَالَة الْعقل والوضع (لَكِن يصير) الْوَضع (ضائعا، وحكمته) أَي الْوَضع (تبعده) أَي وُقُوع الْوَضع، لِأَن الْمَقْصُود مِنْهُ فهم الْمَعْنى، وَهُوَ حَاصِل بِدُونِهِ (كَمَا لَو وضع لفظ للدلالة على حَيَاة لافظة) فَإِنَّهُ ضائع، لِأَن مُجَرّد وجود اللَّفْظ مَعَ قطع النّظر عَن كَونه مَوْضُوعا كَاف فِي الدّلَالَة على وجود لفظ عقلا (وَاعْلَم أَن الْعَرَبيَّة) أَي أهل الْعَرَبيَّة قَالُوا (النكرَة المنفية بِلَا) حَال كَونهَا (مركبة) مَعَ لَا تركيب مزج، إِمَّا لكَون تركيبه للْبِنَاء كتركيب خَمْسَة عشر، أَو لعدم انْفِصَاله عَن لَا كَمَا لَا ينْفَصل عشر عَن خَمْسَة عشر على اخْتِلَاف

ص: 201

الْقَوْلَيْنِ فِي اسْم لأبناء أَو أعرابا إِذا لم يكن مُضَافا وَلَا شُبْهَة (نَص فِي الْعُمُوم) قَالَ الْمُحَقق الرضى وَالْحق أَن نقُول أَنه مَبْنِيّ لتَضَمّنه معنى من الاستغراقية، وَذَلِكَ لِأَن قَوْلك لَا رجل نَص فِي نفي الْجِنْس بِمَنْزِلَة لَا من رجل، بِخِلَاف: لَا رجل فِي الدَّار وَلَا امْرَأَة، فَإِنَّهُ وَإِن كَانَ فِي سِيَاق النَّفْي يُفِيد الْعُمُوم لَكِن لَا نصا بل ظَاهر فِيهِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (وَغَيرهَا) أَي غير المنفية بِلَا مركبة (ظَاهر) فِي الْعُمُوم (فَجَاز) أَن يُقَال لَا رجل فِي الدَّار (بل رجلَانِ وَامْتنع) بل رجلَانِ (فِي الأول وبعلته) أَي بِسَبَب كَون المركبة نصا فِيهِ (يلْزم امْتِنَاعه) أَي امْتنَاع بل رجلَانِ (فِي لَا رجال) لكَونه نصا فِي نفي الْجِنْس وهم لَا يَقُولُونَ بامتناعه فِيهِ (فَإِن قَالُوا) فِي التفصي عَن هَذَا الْإِشْكَال (الْمَنْفِيّ) فِي لَا رجال (الْحَقِيقَة) الْمقيدَة (بِقَيْد تعدد) هُوَ مَدْلُول صِيغَة الْجمع، وَمن نفي الْجِنْس الْمُقَيد بِقَيْد لَا يلْزم نَفْيه بِدُونِ ذَلِك الْقَيْد (قُلْنَا إِذا صَحَّ) مَا ذكرْتُمْ فِي الْمُقَيد بِقَيْد الْعدَد (فَلم لَا يَصح) فِي الْمُقَيد (بِقَيْد الْوحدَة) فِي نفي الْجِنْس بِأَن يُقَال لَا رجل فِي الدَّار بل رجلَانِ أَن أَو رجال (كجوازه) أَي أَن يُقَال بل رجلَانِ (فِي الظَّاهِر) وَهُوَ غير الْمَنْفِيّ بِلَا مركبة على مَا مر آنِفا نَحْو لَا رجل بِالرَّفْع بل رجلَانِ لكَون الْمَنْفِيّ الْحَقِيقَة الْمقيدَة بِقَيْد الْوحدَة (وَحكم الْعَرَب بِهِ) أَي بِكَوْن الْمَنْفِيّ فِي رجل نصا فِي الْعُمُوم كَمَا قَالُوا (مَمْنُوع) بل هُوَ من كَلَام المولدين (والقاطع بنفيه) أَي نفي حكم الْعَرَب بِمَا ذكر من التَّنْصِيص على الْعُمُوم بِحَيْثُ لَا يجْرِي فِيهِ التَّخْصِيص (مِنْهَا مَا) روى (عَن ابْن عَبَّاس) رضي الله عنهما (مَا من عَام إِلَّا وَقد خصص) أَي مَا من عَام مَوْجُود كَائِنا فِي حَال خص فِيهَا، فَمن بعض أَفْرَاده عَن تنَاول الحكم (وَقد خص) عُمُوم هَذَا الْمَرْوِيّ بِنَحْوِ - وَالله بِكُل شَيْء عليم فَلَا يرد أَن عُمُوم هَذَا من أَفْرَاد مَوْضُوعه وَلم يخصص لِأَنَّهُ خصص (بِنَحْوِ) مَا ذكر لِأَن قَوْله تَعَالَى {وَالله بِكُل شَيْء عليم} عَام لم يخصص، فَالْمُرَاد بقوله مَا من عَام مَا سوى نَحْو ذَلِك، وَإِذا ثَبت تَخْصِيص كل عَام فَلَا تنصيص فِي المنفى بِلَا المركبة على الْعُمُوم فَيجوز بل رجلَانِ فِي لَا رجل، لِأَن الْعَام إِذا خصص لَا يبْقى عُمُومه قَطْعِيا (وَلَا ضَرَر) مَعْطُوف على قَوْله عَن ابْن عَبَّاس، أَي وَأَيْضًا الْقَاطِع بنفيه قَوْله صلى الله عليه وسلم " لَا ضَرَر وَلَا ضرار " على مَا روى كثير مِنْهُم مَالك وَصَححهُ الْحَاكِم على شَرط مُسلم فَإِنَّهُ منفي بِلَا المركبة (و) قد (أوجب) النَّبِي صلى الله عليه وسلم (كثيرا من الضَّرَر) من حد، وقصاص وتعزير وَغَيرهَا لمرتكب أَسبَابهَا، فَالْمُرَاد نفي ضَرَر لم يرد فِي الشَّرْع، وَقد يُقَال أَن الْوَارِد فِي الشَّرْع لَيْسَ بِضَرَر كَيفَ وَقد قَالَ الله تَعَالَى - {وَلكم فِي الْقصاص حَيَاة} - الْآيَة، وَفِيه مَا فِيهِ (وتنتفى) بِمَا ذكرنَا من عدم الْفرق بَين المنفيات وَمنع مَا حكى عَن الْعَرَب مُسْتَندا بِمَا ذكر (منافاته) أَي مُنَافَاة كَون المركبة نصا

ص: 202

فِي الْعُمُوم (لإِطْلَاق) عُلَمَاء (الْأُصُول) جَوَاز تَخْصِيص (الْعَام) فِي قَوْلهم الْعَام (يجوز تَخْصِيصه) وَجه الْمُنَافَاة أَن كَون المركبة لنفي الْجِنْس والحقيقة مُطلقًا يسْتَلْزم تنَاول الحكم على كل فَرد بِحَيْثُ لَا يشذ مِنْهَا شَيْء، والتخصيص إِخْرَاج للْبَعْض عَن دَائِرَة تنَاوله فَلَا يجوز اجْتِمَاعهمَا وَوجه انتفائهما أَن حَاصِل بحثنا كَون المركبة أقوى دلَالَة على الِاسْتِغْرَاق من غَيرهَا، لَا كَونهَا نصا فِيهِ بِحَيْثُ لَا يجوز إِخْرَاج فَرد مِنْهُ، وَنقل عَن المُصَنّف أَن قَول الزَّمَخْشَرِيّ أَن قِرَاءَة النصب فِي لَا ريب فِيهِ يُوجب الِاسْتِغْرَاق، وَقِرَاءَة الرّفْع تجوزه غير حسن، لِأَنَّهُ أطبق أَئِمَّة الْأُصُول على أَن النكرَة فِي سِيَاق النَّفْي تفِيد الْعُمُوم سَوَاء كَانَت مركبة بِلَا أَو لَا، وَلَا مَأْخَذ لَهُم فِي ذَلِك سوى اللُّغَة وهم المتقدمون فِي أَخذ الْمعَانِي من قوالب الْأَلْفَاظ، ثمَّ إِن وجدنَا الْمُتَكَلّم لم يعقب الْمَنْفِيّ بِإِخْرَاج شَيْء حكمنَا بِإِرَادَة ظَاهره من الْعُمُوم وَوَجَب الْعَمَل بِهِ، وَأَن ذكر مخرجا، نَحْو: بل رجلَانِ علمنَا أَن قَصده النَّفْي لقيد الْوحدَة، أَو مخرجا آخر مُتَّصِلا أَو مُنْفَصِلا علمنَا أَنه أَرَادَ بِالْعَام بعضه، وكل من قراءتي النصب وَالرَّفْع يُوجب الِاسْتِغْرَاق غير أَن إِيجَاب النصب أقوى (فَإِن قيل فَهَل) فِي (بل رجلَانِ تَخْصِيص) للأرجل (مَعَ أَن حَاصله) أَي حَاصِل لَا رجل (نفي الْمُقَيد ب) قيد (الْوحدَة (وَإِذا قيد الْمَنْفِيّ بهَا (فَلَيْسَ عُمُومه) أَي النَّفْي (إِلَّا فِي الْمُقَيد بهَا) أَي الْوحدَة، وَلَا شكّ أَنه لم يخرج من أَفْرَاده الْمقيدَة شَيْء ليَكُون تَخْصِيصًا، فَإِن الْمخْرج مَوْصُوف بضد الْوحدَة (قُلْنَا التَّخْصِيص) فِيهِ (بِحَسب الدّلَالَة ظَاهِرَة لَا) بِحَسب (المُرَاد) فَإِن الدّلَالَة تتبع الْعلم بِالْوَضْعِ، وَقد علم وضع اللَّفْظ الَّذِي دخله النَّفْي بِإِزَاءِ الْمَاهِيّة الْمُطلقَة، ونفيها يسْتَلْزم نفي كل فَرد من أفرادها، وَأما المُرَاد فيفهم تَارَة بالقرائن الصارفة عَن مُقْتَضى الظَّاهِر، وبل رجلَانِ قرينَة صارفة عَن إِرَادَة نفي الْجِنْس إِلَى نفي وصف الْوحدَة، وَحِينَئِذٍ لَا تَخْصِيص فَإِن قلت هَذَا على تَقْدِير كَون اسْم الْجِنْس مَوْضُوعا للماهية الْمُطلقَة، وَأما على تَقْدِير كَونه للفرد الْمُنْتَشِر كَمَا هُوَ تَحْقِيق المُصَنّف فَلَيْسَ الْأَمر كَمَا ذكرت، لِأَن الْمَنْفِيّ حِينَئِذٍ مُقَيّد بِقَيْد الْوحدَة قُلْنَا نفي الْمُقَيد على وَجْهَيْن: أَحدهمَا تَوْجِيه النَّفْي نَحْو الْقَيْد كَمَا عرفت. وَالثَّانِي تَوْجِيهه إِلَى الْمُقَيد: يَعْنِي مَا من شَأْنه التَّقْيِيد بِقَيْد الْوحدَة الْمُطلقَة وَهُوَ مسَاوٍ للماهية الْمُطلقَة بِحَسب الصدْق، فنفيه يُفِيد الِاسْتِغْرَاق كنفي الْمُطلقَة، فقولنا: بل رجلَانِ حِينَئِذٍ يكون تَخْصِيصًا، لِأَن الْمثنى حِينَئِذٍ يصدق عَلَيْهِ الْمَاهِيّة الْمقيدَة بِقَيْد الْوحدَة، وَقد خرج من دَائِرَة عُمُوم نفي الْمُقَيد، وَلَا نعني بالتخصيص إِلَّا هَذَا وَيرد عَلَيْهِ أَن هَذَا الْمَعْنى لَيْسَ مُقْتَضى الْوَضع، وَالدّلَالَة تَابِعَة لَهُ فَالصَّوَاب أَن يُقَال مُرَاد المُصَنّف أَن الْمَنْفِيّ بِلَا: تَارَة يُرَاد بِهِ نفي الْجِنْس مُطلقًا، وَهُوَ الْمُتَبَادر، وَتارَة نَفْيه مُقَيّدا، فالعالم بهما حِين يسمعهُ يتَّصل إِلَى الأول قبل الْعلم بالمراد بِقَرِينَة، بل رجلَانِ

ص: 203

بعد التَّأَمُّل، فبالنظر إِلَى تِلْكَ الدّلَالَة تَخْصِيص (فَلَا شكّ) فِيمَا قُلْنَا من أَنه تَخْصِيص بِنَاء (على) اصْطِلَاح (الشَّافِعِيَّة) فَإِن قصر الْعَام على بعض مُسَمَّاهُ تَخْصِيص عِنْدهم سَوَاء كَانَ بِمُتَّصِل أَو بمنفصل مُسْتَقل أَو غير مُسْتَقل (وَأما الْحَنَفِيَّة فَهُوَ) أَي مثل: بل رجلَانِ عِنْدهم (كالمتصل) أَي كالمستثنى الْمُتَّصِل أَو الْمَعْنى، وَأما على اصْطِلَاح الْحَنَفِيَّة فَهُوَ كالمتصل (والتخصيص) عِنْدهم إِنَّمَا يكون (بمستقل) فِي التَّلْوِيح: قصر الْعَام على بعض مَا يتَنَاوَلهُ تَخْصِيص عِنْد الشَّافِعِيَّة، وَأما عِنْد الْحَنَفِيَّة فَفِيهِ تَفْصِيل، وَهُوَ أَنه إِمَّا أَن يكون بِغَيْر مُسْتَقل، أَو بمستقل، وَالْأول لَيْسَ بتخصيص، بل إِن كَانَ بألا وَأَخَوَاتهَا اسْتثِْنَاء، وَإِلَّا فَإِن كَانَ بِأَن وَمَا يُؤدى مؤداها بِشَرْط، وَإِلَّا فَإِن كَانَ بإلى وَمَا يُفِيد مَعْنَاهَا فغاية وَإِلَّا فصيغة. وَالثَّانِي هُوَ التَّخْصِيص سَوَاء كَانَ بِدلَالَة اللَّفْظ، أَو الْعقل، أَو الْحس، أَو الْعَادة، أَو نُقْصَان بعض الْأَفْرَاد، أَو زِيَادَته، وَفسّر غير المستقل بِكَلَام يتَعَلَّق بصدر الْكَلَام وَلَا يكون تَاما بِنَفسِهِ انْتهى (قَالُوا) أَي الْقَائِلُونَ بِأَن الصِّيَغ الْمَذْكُورَة مَوْضُوعَة للخصوص على (الْخُصُوص) أَي الْمَعْنى الْمَذْكُور اعْتِبَاره يُسمى اللَّفْظ خَاصّا، وَهُوَ هَهُنَا نفس الْمَاهِيّة من غير اعْتِبَار عدد مَعهَا من حَيْثُ تحققها فِي ضمن الْأَفْرَاد (مُتَيَقن) لوُجُوده فِي الصِّيَغ الْمَذْكُورَة بِاتِّفَاق الْكل، فَإِن الِاخْتِلَاف فِي كَونه حِين مُسَمّى اللَّفْظ وجزئه يكون اللَّفْظ

مَوْضُوعا لَهُ مَعَ وصف الْعُمُوم (فَيجب) كَونه مُسَمّى لتعينه (وينفى الْمُحْتَمل) أَي الْعُمُوم لِأَنَّهُ مُشْتَرك الْوُجُود (وَأجِيب بِأَنَّهُ) أَي الِاسْتِدْلَال الْمَذْكُور (إِثْبَات اللُّغَة بالترجيح) أَي بترجيح معنى على غَيره، وَهُوَ لَا يجوز كَمَا لَا يجوز إِثْبَاتهَا بِالْقِيَاسِ لِأَنَّهَا لَا تثبت إِلَّا بِالنَّقْلِ كَمَا مر (وَبِأَن الْعُمُوم أرجح) من الْخُصُوص (للِاحْتِيَاط) لِأَن فِي اعْتِبَار الْخُصُوص دون الْعُمُوم مَعَ احْتِمَال كَونه مرَادا للشارع تضعيفا لأمر يحْتَمل أَن يكون حكما شَرْعِيًّا فِي نفس الْأَمر (وَفِي هَذَا) الْجَواب (إِثْبَاتهَا) أَي اللُّغَة (بالترجيح مَعَ أَن الِاحْتِيَاط) الَّذِي جعل مرجحا (لَا يسْتَمر) أَي لَا يتَحَقَّق فِي جَمِيع الْموَاد، بل فِي بَعْضهَا كالإباحة، والرخص: الِاحْتِيَاط فِي عدم الْحمل على الْعُمُوم (بل الْجَواب) الْحسن أَن يُقَال (لَا احْتِمَال) لعدم الْوُجُود (بعد مَا ذكرنَا) من أَدِلَّة الْعُمُوم (وَأما استدلالهم) أَي الْقَائِلين بِالْوَضْعِ للخصوص بِمَا ينْسب إِلَى ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما (مَا من عَام إِلَّا وَقد خص، ففرع دعوانا) أَن وَضعهَا للْعُمُوم فِي الأَصْل، والتخصيص لأسباب ودواع (الِاشْتِرَاك) أَي دَلِيل الِاشْتِرَاك قَوْلهم (ثَبت الْإِطْلَاق) أَي إِطْلَاق الصِّيَغ الْمَذْكُورَة على الْعُمُوم وَالْخُصُوص (وَالْأَصْل) فِي الاطلاق (الْحَقِيقَة، وَالْجَوَاب لَو لم يثبت بِمَا ذكرنَا) من أَدِلَّة الْعُمُوم لَكَانَ الْأَمر كَمَا ذكرْتُمْ لكنه ثَابت. قَالَ (الْمفصل) وَقد عرفت تَفْصِيله فِي صدر المبحث انْعَقَد (الْإِجْمَاع على عُمُوم التَّكْلِيف) وشموله جَمِيع

ص: 204