الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شَهَادَته (وَلَوْلَا منع الدَّلِيل) الدَّال على اخْتِصَاصه بالأخير (من تعلقه) أَي الِاسْتِثْنَاء (بِالْأولِ) أَي فَاجْلِدُوهُمْ (تعلق بِهِ) أَيْضا عِنْدهم، لِأَنَّهُ على تَقْدِير عدم دَلِيل الْقصر كَانَ الظَّاهِر رُجُوعه إِلَى الْكل (ثمَّ قيل الِاسْتِثْنَاء مُنْقَطع) قَالَه القَاضِي أَبُو زيد، وفخر الْإِسْلَام، وشمس الْأَئِمَّة السَّرخسِيّ (لِأَن الْفَاسِقين لم يتَنَاوَل التائبين) لِأَن التائب لَا يبْقى فَاسِقًا بعد التَّوْبَة، وَالْحمل على الْمجَاز بِاعْتِبَار مَا كَانَ بعيد، وَأَنت خَبِير بِأَن الْفَاسِقين لَيْسَ الْمُسْتَثْنى مِنْهُ، بل أُولَئِكَ قطعا فَمَا معنى (وَالْأَوْجه أَنه مُتَّصِل) مخرج (من أُولَئِكَ) لَا من الْفَاسِقين، ثمَّ فسر الْمشَار إِلَيْهِ بقوله (أَعنِي الَّذين يرْمونَ) لِأَنَّهُ يصدق عَلَيْهِ مَفْهُوم الدّين يرْمونَ بعد التَّوْبَة فَيخرج مِنْهُ بِاعْتِبَار حكم الْفسق لتوبتهم.
مسئلة
(إِذا خص الْعَام كَانَ مجَازًا فِي الْبَاقِي عِنْد الْجُمْهُور) من الأشاعرة ومشاهير الْمُعْتَزلَة (وَبَعض الْحَنَفِيَّة) كصاحب البديع، وَصدر الشَّرِيعَة (إِلَّا أَنه لَا تَخْصِيص لأكثرهم) أَي الْحَنَفِيَّة (إِلَّا بمستقل على مَا سبق) فَهُوَ بعد إِخْرَاج بعضه بِغَيْر مُسْتَقل حَقِيقَة على قَوْلهم كَمَا صرح بِهِ صدر الشَّرِيعَة (وَبَعْضهمْ) أَي الْحَنَفِيَّة (كالسرخسي والحنابلة) وَأكْثر الشَّافِعِيَّة، بل جَمَاهِير الْفُقَهَاء على مَا ذكر إِمَام الْحَرَمَيْنِ (حَقِيقَة) فِي الْبَاقِي (وَبَعْضهمْ) أَي الْحَنَفِيَّة (وَإِمَام الْحَرَمَيْنِ حَقِيقَة فِي الْبَاقِي مجَاز فِي الِاقْتِصَار) عَلَيْهِ (وَالشَّافِعِيَّة) نقلوا (عَن الرَّازِيّ من الْحَنَفِيَّة، وَهُوَ) الشَّيْخ الإِمَام أَبُو بكر أَحْمد (الْجَصَّاص إِن كَانَ الْبَاقِي كَثْرَة يعسر ضَبطهَا فحقيقة وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يكن الْبَاقِي كَذَلِك (فمجاز). وَقَالَ الْغَزالِيّ كل عدد لَو اجْتَمعُوا فِي صَعِيد يعسر على النَّاظر عَددهمْ بِمُجَرَّد النّظر كالألف فَهُوَ غير مَحْصُور، وَإِن سهل كالعشرة وَالْعِشْرين فمحصور، وَمن الطَّرفَيْنِ أوساط يلْحق أَحدهمَا بِالظَّنِّ، وَمَا وَقع فِيهِ الشَّك استفت فِيهِ الْقلب كَذَا ذكره الشَّارِح (وَالْحَنَفِيَّة) نقلوا (عَنهُ) أَي الْجَصَّاص (إِن كَانَ جمعا فَقَط) أَي من غير تَقْيِيد بالقيد السَّابِق فحقيقة وَإِلَّا بمجاز (وَأَبُو الْحُسَيْن إِن خص بِمَا لَا يسْتَقلّ) من شَرط، أَو صفة، أَو اسْتثِْنَاء) أَو غَايَة (فحقيقة) وَإِن خص بمستقل من سمع أَو عقل فمجاز (القَاضِي إِن خص بِشَرْط أَو اسْتثِْنَاء) فحقيقة وَإِلَّا فمجاز (وَقيل إِن خص بلفظي) مُتَّصِل أَو مُنْفَصِل فحقيقة وَإِلَّا فمجاز (عبد الْجَبَّار أَن خص بِشَرْط أَو صفة) فحقيقة وَإِلَّا فمجاز، فَهَذِهِ ثَمَانِيَة مَذَاهِب (لنا) على الْمُخْتَار، وَهُوَ الأول (الْفَرْض أَنه) أَي الْعَام (حَقِيقَة فِي الِاسْتِغْرَاق على الْخُصُوص) أَي من غير اشْتِرَاك بكنه وَبَين الْبَعْض (فَلَو كَانَ للْبَاقِي فَقَط) أَي من غير انضمام مَا عدا الْبَاقِي إِلَيْهِ (حَقِيقَة) أَيْضا
(كَانَ مُشْتَركا) لفظيا (وَهُوَ) أَي كَونه مُشْتَركا بَين الْكل وَالْبَعْض (غير الْمَفْرُوض، وَدفع) هَذَا الِاسْتِدْلَال كَمَا فِي الشَّرْح العضدي (بِأَنَّهُ) أَي الْعَام (فِي صُورَة التَّخْصِيص للاستغراق، لِأَن أكْرم بني تَمِيم الطوَال على تَقْدِير من بني تَمِيم: أَي بَعضهم) فَإِن من للتَّبْعِيض وَالتَّقْيِيد فِي معنى من (فَلَزِمَ إِرَادَة كلهم) من قَوْلهم بني تَمِيم (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يكن مرَادا (كَانَ الْمَعْنى) أكْرم (بعض بَعضهم) لِأَن لَازم من التبعيضية صِحَة وضع بعض مَكَانهَا، وَالْفَرْض أَن المُرَاد ببني تَمِيم الْبَعْض (ثمَّ عرض الحكم) مَعْطُوف على لزم: أَي عرض لعمومه مصحح الحكم وَهُوَ الْوَصْف الْمُخْتَص (فَخرج) الْبَعْض (الآخر) وَهُوَ الَّذِي لم ويصف بِهِ (وَهَذَا) التَّوْجِيه هُوَ (لَازم فِي الْمُسْتَثْنى على مَا قيل) من أَن المُرَاد بالمستثنى مِنْهُ الِاسْتِغْرَاق والعموم، ثمَّ يخرج مِنْهُ الْمُسْتَثْنى، ثمَّ يحكم على الْبَاقِي (وَيُمكن اعْتِبَاره) أَي اعْتِبَار كَون المُرَاد جَمِيع مَا يتَنَاوَلهُ، ثمَّ إِخْرَاج غير المُرَاد بالحكم ثمَّ الحكم (فِي الْكل) أَي فِي جَمِيع العمومات المخصصة بِأَيّ تَخْصِيص كَانَ (غير أَن وضع الْمُفْرد واستعماله لَيْسَ إِلَّا للتركيب) لِأَن الْمَقْصُود إِفَادَة الْمعَانِي التركيبية (وَيبعد أَن يركبه) أَي الْمُتَكَلّم الْمُفْرد مَعَ غَيره (مرِيدا الْمَجْمُوع ليحكم على الْبَعْض، لِأَنَّهُ) أَي قصد الْمَجْمُوع (حِينَئِذٍ) أَي حِين يُرِيد الحكم على الْبَعْض (بِلَا فَائِدَة لصِحَّة أَن يُرَاد مِنْهُ) أَي من اللَّفْظ الْمَوْضُوع (لُغَة الْمَحْكُوم عَلَيْهِ فَقَط) وَهُوَ الْبَعْض بِقَرِينَة الْمُخَصّص (وَلَو كَانَ عددا) فَانْتفى الدّفع (وَقَول السَّرخسِيّ صِيغَة الْعُمُوم) مَوْضُوعَة (للْكُلّ وَمَعَ ذَلِك حَقِيقَة فِيمَا وَرَاء الْمَخْصُوص لِأَنَّهَا) أَي صيغته (إِنَّمَا تتناوله) أَي مَا وَرَاء الْمَخْصُوص (من حَيْثُ أَنه كل لَا بعض) بِمَعْنى أَن حَقِيقَتهَا كل الْأَفْرَاد، وَعند التَّخْصِيص يصير مَا وَرَاء الْمَخْصُوص كل الْأَفْرَاد فَيصدق أَن تنَاولهَا إِيَّاه من حَيْثُ أَنه كل لَا من حَيْثُ أَنه كل لَا من حَيْثُ أَنه بعض (كالاستثناء يصير الْكَلَام) يَعْنِي الْمُسْتَثْنى مِنْهُ (عبارَة عَمَّا وَرَاء الْمُسْتَثْنى بطرِيق أَنه) أَي مَا وَرَاء الْمُسْتَثْنى (كل، لَا بعض) فَقَوْل السَّرخسِيّ مُبْتَدأ خَبره (إِن أَرَادَ) أَن تنَاوله لما وَرَاء الْمَخْصُوص (بِوَضْع آخر خَاص لزم الِاشْتِرَاك) اللَّفْظِيّ، والمفروض خِلَافه (أَو وضع الْمجَاز فنقيض مَطْلُوبه) وَهُوَ أَنه أَي حَقِيقَته فِيهِ (فَإِن قيل لم لم تحمله) أَي كَلَام السَّرخسِيّ (على أَنه لَا يشْتَرط الِاسْتِغْرَاق) فِي الْعَام: وَهُوَ حَقِيقَة مَا لم يسْتَعْمل فِي غير أَفْرَاده، والمخصوص من أَفْرَاده فَهُوَ حَقِيقَة فِيهِ (قُلْنَا الْكَلَام فِي الْعَام إِذا خص) وَكَانَ الِاخْتِصَاص مرَادا بِهِ وَهُوَ أَمر زَائِد على مَا وضع لَهُ (وَإِنَّمَا يقبله) أَي التَّخْصِيص (الصِّيَغ الْمُتَقَدّمَة: كالجمع الْمحلي وَنَحْوه) من الموصولات وَأَسْمَاء الشَّرْط والاستفهام إِلَى غير ذَلِك (مِمَّا اتّفق على استغراقه وَالْخلاف فِي اشْتِرَاطه) أَي الِاسْتِغْرَاق إِنَّمَا هُوَ (فِي مُسَمّى لفظ عَام) يَعْنِي هَل يشْتَرط فِيمَا
وضع لفظ الْعَام اصْطِلَاحا الِاسْتِغْرَاق أم لَا (وَمن لم يَشْتَرِطه) أَي الِاسْتِغْرَاق فِيهِ (وَإِن جعل من صيغته) أَي الْعَام (الْجمع الْمُنكر لَا يصحح اعْتِبَاره) أَي اعْتِبَار مَا لَيْسَ بمستغرق (هُنَا) أَي فِيمَا قبل التَّخْصِيص (إِذْ لَا يقبل) غير الْمُسْتَغْرق (الْإِخْرَاج مِنْهُ) إِذْ إِخْرَاج بعض أَفْرَاد الْمَفْهُوم فرع الْعلم باندراجه تَحْتَهُ من حَيْثُ الْإِرَادَة، وَلَا علم بذلك فِيمَا لَا استغراق فِيهِ (وَلذَا لَا يسْتَثْنى مِنْهُ) كَمَا مر فِي بَحثه (وَمَا قيل إِرَادَته) أَي الْبَاقِي (لَيْسَ بِالْوَضْعِ الثَّانِي والاستعمال) فِيهِ (بل) الْبَاقِي مُرَاد (بِالْأولِ) أَي بِالْوَضْعِ الأول، فِي الشَّرْح العضدي وَأَيْضًا فَلم يرد الْبَاقِي بِوَضْع وَاسْتِعْمَال ثَان، بل بِالْوَضْعِ وَاسْتِعْمَال الأول، وَإِنَّمَا طَرَأَ عَلَيْهِ عدم إِرَادَة الْمخْرج بِخِلَاف الْمجَاز (مَمْنُوع) أَي إِرَادَة الْبَاقِي بِالْوَضْعِ الأول وَكَونه حَقِيقَة بذلك الِاعْتِبَار (بل الْحَقِيقَة) إِنَّمَا يتَحَقَّق ب (بإرادته) أَي بِالْبَاقِي (الأول) أَي بِمُوجب الْوَضع الأول (من حَيْثُ هُوَ) أَي الْبَاقِي (دَاخل فِي تَمام) الْمَعْنى (الوضعي المُرَاد) بِاللَّفْظِ (لَا) بإرادته (بِمُجَرَّد كَونه تَمام المُرَاد بالحكم) وَالْأَظْهَر لَا من حَيْثُ كَونه تَمام المُرَاد، فَكَأَنَّهُ قصد أَن مُجَرّد الْبَاقِي لَا يَكْفِي فِي الْحَقِيقَة، بل لَا بُد من الْمَجْمُوع، أما إِذا أُرِيد مُجَرّد كَونه تَمام المُرَاد حَقِيقَة (فَهُوَ) أَي فَهَذَا المُرَاد إِنَّمَا يحصل (بِالثَّانِي) أَي بِالْوَضْعِ الثَّانِي (الْحَنَابِلَة تنَاوله) أَي تنَاول الْعَام للْبَاقِي بعد التَّخْصِيص (كَمَا كَانَ) قبله (وَكَونه) أَي تنَاوله بعض التَّخْصِيص (مَعَ قرينَة الِاقْتِصَار) عَلَيْهِ (لَا يُغَيِّرهُ) أَي لَا يُغير كَيْفيَّة تنَاوله (فَهُوَ حَقِيقَة قُلْنَا الْحَقِيقَة بِالِاسْتِعْمَالِ فِي الْمَعْنى) الْمَوْضُوع لَهُ بِأَن يكون مَجْمُوع الْمُسَمّى مرَادا (لَا) بِمُجَرَّد (التَّنَاوُل) لَهُ من حَيْثُ الدّلَالَة على مَا يَقْتَضِيهِ الْوَضع (لِأَنَّهُ) أَي التَّنَاوُل (لتبعيته للوضع ثَابت للمخرج) بِفَتْح الرَّاء (بعد التَّخْصِيص) فَلَا فرق فِي هَذَا التَّنَاوُل بَين الْبَاقِي والمخرج (و) كَذَلِك ثَابت (لَكِن وضعي) سَوَاء كَانَ عين الْمَوْضُوع لَهُ أَو جزءه (حَال التَّجَوُّز بِلَفْظِهِ) واستعماله فِي الْمَعْنى الْمجَازِي، لِأَن الْعَالم بِالْوَضْعِ ينْتَقل إِلَى مَا وضع لَهُ لَا محَالة وَإِن كَانَ المُرَاد غَيره بِمُوجب الْقَرِينَة الصارفة (الرَّازِيّ إِذا بَقِي) من الْعَام مِقْدَار (غير منحصر) فِي عدد (فَهُوَ) أَي ذَلِك الْبَاقِي (معنى الْعُمُوم) فِيهِ مُسَامَحَة لِأَنَّهُ كَون اللَّفْظ دَالا على أَمر غير منحصر فِي عدد فَتكون فِيهِ حَقِيقَة (نَقله الشَّافِعِيَّة عَنهُ وَالْحَنَفِيَّة بِنَقْل مذْهبه أَجْدَر) من الشَّافِعِيَّة لِأَنَّهُ مِنْهُم (وَهُوَ) أَي مذْهبه على النقلين (بِنَاء على عدم اشْتِرَاط الِاسْتِغْرَاق) فِي الْعُمُوم، فِي الشَّرْح العضدي الرَّازِيّ قَالَ معنى الْعُمُوم حَقِيقَة كَون اللَّفْظ دَالا على أَمر غير منحصر فِي عدد، فَإِذا كَانَ الْبَاقِي غير منحصر كَانَ عَاما الْجَواب منع كَون مَعْنَاهُ ذَلِك، بل مَعْنَاهُ تنَاوله للْجَمِيع وَكَانَ للْجَمِيع وَقد صَار لغيره فَكَانَ مجَازًا، وَلَا يخفى أَن هَذَا منشؤه اشْتِبَاه كَون النزاع فِي لفظ الْعَام أَو فِي الصِّيَغ
انْتهى، وَقَوله هَذَا إِمَّا إِشَارَة إِلَى مَا قَالَه الرَّازِيّ، وَإِمَّا إِلَى نقل هَذَا عَنهُ لإِثْبَات كَون الصِّيغَة حَقِيقَة فِي الْبَاقِي وَالثَّانِي مُتَعَيّن إِذْ هُوَ لم يفرع على بَقَاء غير المنحصر كَونهَا حَقِيقَة فِيهِ، بل وجود معنى الْعُمُوم فِيهَا وَهُوَ لَا يسْتَلْزم كَونهَا حَقِيقَة، وَنسبَة الِاشْتِبَاه إِلَى ناقل الْمَذْهَب أولى، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (وَغلط) نقلهم عَنهُ على الْوَجْه الْمَذْكُور، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله وَالْحَنَفِيَّة إِلَى آخِره، وَزعم الشَّارِح أَن الْمَعْنى غلط الرَّازِيّ، وَقَوله (بِأَن مُقْتَضَاهُ كَون الْخلاف) بَين الرَّازِيّ وَغَيره (فِي لفظ الْعُمُوم لَا فِي الصِّيغَة) يرد عَلَيْهِ، إِذْ مَعْنَاهُ أَن مَذْهَب الرَّازِيّ إِذا كَانَ مَبْنِيا على تَفْسِير الْعُمُوم بِمَا ذكر لزم مُخَالفَته فِيمَا وضع لَهُ للفظ الْعُمُوم، وَلَيْسَ كَذَلِك إِذْ قد تقدر أَن خِلَافه فِي الصِّيغَة الموصوفة بِالْعُمُومِ هَل إِذا خصص وَالْبَاقِي غير منحصر يكون حَقِيقَة أم لَا، عِنْده نعم، وَعند غَيره مَا عرفت وَهل يغلط الرَّازِيّ بِأَنَّهُ يلْزم عَلَيْك أَن تخالفهم فِي لفظ الْعُمُوم لَا فِي الصِّيغَة، لَا يُقَال معنى تغليطه أَن دخولك فِي هَذَا النَّوْع بَين الْقَوْم، فَهَذَا الْوَجْه يدل على أَنَّك زعمت أَن خلافهم فِي لفظ الْعَام، لأَنا نقُول لَا يُنَاسب هَذَا فِي حق الْأَئِمَّة وَالله أعلم (أَبُو الْحُسَيْن لَو كَانَ الْإِخْرَاج بِمَا لَا يسْتَقلّ يُوجب تجوزا) فِي اللَّفْظ (لزم كَون) لفظ (الْمُسلم للمعهود مجَازًا) إِذا خرج من مَفْهُومه غير الْمَعْهُود بِمَا هُوَ كالجزء لَهُ، وَهُوَ اللَّام وَقد صَار بِهِ لِمَعْنى غير مَا وضع لَهُ إِذا لم يكن فِيهِ الْعَهْد (وَالْجَوَاب) عَنهُ كَمَا فِي أصُول ابْن الْحَاجِب (بِأَن الْمَجْمُوع) من مُسلم وَاللَّام هُوَ (الدَّال) فالجنس مَدْخُول اللَّام، وَالتَّقْيِيد بالمعهود الْمخْرج لغيره اللَّام، فَلَا يلْزم الْمجَاز وَلَا كَون الْعَام مُسْتَعْملا فِي غير مَا وضع لَهُ وَهُوَ الْجِنْس (مندفع) خبر، وَالْجَوَاب (بِأَنَّهُ) أَي بِكَوْن الْمَجْمُوع دَالا على الْوَجْه الْمَذْكُور (بعد الْعلم بِأَنَّهُمَا) أَي اللَّام وَمُسلمًا (كلمتان) متلبسان (بوضعين) لمعنييهما (ركبتا) لإِفَادَة التَّقْيِيد (مُجَرّد اعْتِبَار يُمكن مثله فِي الْعَام الْمُقَيد بِمَا يسْتَقلّ) إِذْ لَا تَأْثِير لعدم الِاسْتِقْلَال لإحدى الْكَلِمَتَيْنِ من حَيْثُ الحرفية فِي هَذَا الِاعْتِبَار (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يعْتَبر مثله فِي الْمُقَيد بِمَا يسْتَقلّ (فتحكم مَحْض) أَي فتخصيص الِاعْتِبَار الْمَذْكُور بِأَحَدِهِمَا دون الآخر تحكم لعدم الْفرق بَينهمَا، فالمخلص أَن يُقَال للمعرف للْعهد وضعان، وضع للْجِنْس قبل دُخُول اللَّام عَلَيْهِ فِي حَال النكارة، وَآخر للمعهود كوضع المبهمات، فَإِن مَا وضعت لَهُ خصوصيات، وَآلَة الملاحظة عِنْد الْوَضع مَفْهُوم عَام كَمَا هُوَ رَأْي الْمُتَأَخِّرين، وَلَيْسَ الْعَام الْمَخْصُوص بِمَا لَا يسْتَقلّ كَذَلِك، بل هُوَ كالمخصوص بِمَا يسْتَقلّ مُسْتَعْمل فِي غير مَا وضع لَهُ، وَهُوَ الْبَاقِي بعد التَّخْصِيص (القَاضِي وَعبد الْجَبَّار مثله) أَي أبي الْحُسَيْن (فِيمَا لم يخرجَاهُ) مَا لم يسْتَقلّ، وَهُوَ الصّفة والغاية عِنْد القَاضِي، وَالِاسْتِثْنَاء والغاية عِنْد عبد الْجَبَّار من حَيْثُ الدَّلِيل، وَهُوَ لُزُوم كَون نَحْو الْمُسلم مجَازًا فِي الْمَعْهُود، وَمن حَيْثُ الْجَواب، وَهُوَ منع لُزُومه لما ذكر (الْمُخَصّص بِاللَّفْظِ مثله) أَي أبي الْحُسَيْن دَلِيلا وجوابا على مَا عرفت
(وَهُوَ) أَي دَلِيل هَذَا (أَضْعَف) لشمُول اللَّفْظِيّ الْمُتَّصِل والمنفصل، وَدَلِيله لَا يُنَاسب إِلَّا الْمُتَّصِل (الإِمَام الْجمع كتعداد الْآحَاد). قَالَ أهل الْعَرَبيَّة: معنى الرِّجَال فلَان، وَفُلَان، وَفُلَان إِلَى أَن يستوعب، وَإِنَّمَا وضع الرِّجَال اختصارا (وَفِيه) أَي فِي تعدادها (إِذا بَطل إِرَادَة الْبَعْض لم يصر الْبَاقِي مجَازًا) فَكَذَا الْجمع (أُجِيب أَن الْحَاصِل) من التعداد فِي الْجمع أَمر (وَاحِد) وَهُوَ مَجْمُوع مَا يصلح لَهُ الْعَام لوضعه (للاستغراق، فَفِي بعضه) أَي فاستعماله فِي بعض ذَلِك الْحَاصِل (فَقَط) من غير أَن يُرَاد بِهِ الْبَعْض الآخر (مجَاز) بِخِلَاف الْآحَاد المتعددة فَإِنَّهُ لم يرد بِلَفْظ مِنْهَا بعض مَا وضع لَهُ، وَإِذا بطلت بعض الْحَقَائِق لم يلْزم بطلَان حَقِيقَة أُخْرَى، على أَنه قد منع كَون الْجمع كتكرار الْآحَاد من كل وَجه، وَلَيْسَ مُرَاد أهل الْعَرَبيَّة ذَلِك، بل بَيَان أهل الْحِكْمَة فِي وَضعه (وَمَا قيل) من أَنه (يُمكن) أَن يكون (اللَّفْظ) الْوَاحِد حَقِيقَة ومجازا (بحيثيتين) أَي باعتبارهما، فَلْيَكُن الْعَام الْمَخْصُوص كَذَلِك، فَيكون مجَازًا من حَيْثُ أَنه لَيْسَ مَوْضُوعه الأَصْل حَقِيقَة من حَيْثُ أَنه بَاقٍ على أصل وَضعه وَلم ينْقل نقلا كليا كَمَا اخْتَارَهُ السُّبْكِيّ (فتانك) الحيثيتان إِنَّمَا هما (بِاعْتِبَار وضعي الْحَقِيقِيّ والمجازي) يَعْنِي أَن الحيثيتين إِنَّمَا هُوَ كَون اللَّفْظ بِحَيْثُ إِذا اسْتعْمل فِي هَذَا كَانَ حَقِيقَة لوضعه لَهُ عينا، وَهُوَ الْوَضع الْحَقِيقِيّ، وَإِن اسْتعْمل فِي ذَلِك كَانَ مجَازًا لوضعه لَهُ بالنوع، لَا أَنه فِي اسْتِعْمَال وَاحِد
يكون اللَّفْظ حَقِيقَة ومجازا كل ادَّعَاهُ الإِمَام: كَذَا ذكره الشَّارِح وَالْوَجْه أَن يعْتَبر بِالنِّسْبَةِ إِلَى معنى وَاحِد كَالشَّمْسِ إِذا وضعت بِإِزَاءِ الصُّورَة أَيْضا فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ ذَات حيثيتين بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ لكَونهَا مَوْضُوعَة لَهُ بِالْوَضْعِ النوعي الْمجَازِي لكَونه لَازم مَا وضعت لَهُ أَولا، وَهُوَ الْجَزْم (وَلَا يلْزم) من اجْتِمَاع هَاتين الحيثيتين (اجْتِمَاعهمَا) أَي الْحَقِيقَة وَالْمجَاز فِي اسْتِعْمَال وَاحِد (على أَنه نقل اتِّفَاق نَفْيه) أَي الِاتِّفَاق على نفي كَون اللَّفْظ حَقِيقَة ومجازا فِي اسْتِعْمَال وَاحِد، وَإِنَّمَا اخْتلفُوا فِي صِحَة إِرَادَة الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ والمجازي مَعًا فِي اسْتِعْمَال وَاحِد، ثمَّ يكون حَقِيقَة ومجازا:(هَذَا) مَا ذكر (وَلم يسْتَدلّ) الإِمَام (على شقَّه الآخر، وَهُوَ أَنه مجَاز فِي الِاقْتِصَار) على الْبَاقِي (لظَنّه ظُهُوره) أَي ظُهُور كَونه مجَازًا فِيهِ (وَهُوَ غلط لِأَنَّهُ لَا يكون) الْعَام (مجَازًا بِاعْتِبَار الِاقْتِصَار إِلَّا لَو اسْتعْمل فِي معنى الِاقْتِصَار، وانتفاؤه) أَي اسْتِعْمَاله فِيهِ (ظَاهر، بل الِاقْتِصَار إِنَّمَا يلْزم اسْتِعْمَاله فِي الْبَاقِي بِلَا زِيَادَة، فَهُوَ) أَي الِاقْتِصَار (لَازم لوُجُوده) أَي وجود الِاسْتِعْمَال فِي الْبَاقِي (لَا مُرَاد إفادته) أَي الِاقْتِصَار (بِهِ) أَي بِالْعَام الْمَخْصُوص (وَلَو أَرَادَ بالاقتصار اسْتِعْمَاله) أَي الْعَام (فِي الْبَاقِي بِلَا زِيَادَة، فَهُوَ شقَّه الأول، وَعلمت مجازيته فِيهِ) أَي فِي الْبَاقِي.