المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الْمُكَلّفين (وَهُوَ) أَي عُمُومه إِنَّمَا يحصل (بِالطَّلَبِ) على وَجه الْعُمُوم - تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه - جـ ١

[أمير باد شاه]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌فِي انقسام الْمُفْرد بِاعْتِبَار ذَاته من حَيْثُ أَنه مُشْتَقّ أَولا

- ‌مَسْأَلَة

- ‌ مَسْأَلَة

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌التَّقْسِيم الثَّانِي

- ‌التَّقْسِيم الثَّالِث

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌مَسْأَلَة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌الْفَصْل الرَّابِع

- ‌التَّقْسِيم الثَّالِث

- ‌التَّقْسِيم الثَّانِي

- ‌الْبَحْث الثَّانِي

- ‌الْبَحْث الثَّالِث

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌ مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌مسئلة

- ‌‌‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌الْبَحْث الرَّابِع

- ‌الْبَحْث الْخَامِس

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌مسئلة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌ مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مَبْحَث الْأَمر

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌(صِيغَة الْأَمر لَا تحْتَمل التَّعَدُّد الْمَحْض)

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

الفصل: الْمُكَلّفين (وَهُوَ) أَي عُمُومه إِنَّمَا يحصل (بِالطَّلَبِ) على وَجه الْعُمُوم

الْمُكَلّفين (وَهُوَ) أَي عُمُومه إِنَّمَا يحصل (بِالطَّلَبِ) على وَجه الْعُمُوم فَإِنَّهُ لَو لم يكن الطّلب عَاما لم يكن التَّكْلِيف عَاما (قُلْنَا وَكَذَا الْأَخْبَار فِيمَا) أَي فِي كَلَام (لَيْسَ فِيهِ) أَي فِي ذَلِك الْكَلَام (صِيغَة خُصُوص) كَمَا إِذا كَانَ فِيهِ كَاف خطاب الْمُفْرد (مثل - {نَحن نقص عَلَيْك} - لتَعَلُّقه) أَي الْأَخْبَار (بِحَال الْكل) وَإِن اخْتلف كَيْفيَّة التَّعْلِيق، فَفِي الطّلب بطرِيق الِاقْتِضَاء، وَفِي الْأَخْبَار بطرِيق الْإِرْشَاد، وَطلب الْإِيمَان بِهِ. قَالَ القَاضِي فِي شرح الْمُخْتَصر فِي هَذَا الْمقَام، وَالْجَوَاب الْمُعَارضَة بِمثلِهِ فِي الْأَخْبَار للْإِجْمَاع على أَن الْأَخْبَار بِمَا ورد فِي حق جَمِيع الْأمة وَإِنَّا مكلفون بمعرفتها (وَلَا معنى للتوقف) الْمَنْقُول عَن الْأَشْعَرِيّ وَالْقَاضِي على مَا سبق (بعد استدلالنا) بِمَا ذكر بمعرفتها لقُوته وظهوره.

‌الْبَحْث الثَّالِث

من المباحث الْمُتَعَلّقَة بِالْعَام: بحث الْجمع الْمُنكر، وَيجوز أَن يكون الْخَبَر قَوْله (لَيْسَ الْجمع الْمُنكر عَاما) إِلَى آخر المبحث (خلافًا لطائفة من الْحَنَفِيَّة) مِنْهُم فَخر الْإِسْلَام وَعَامة الْأُصُولِيِّينَ على أَن جمع الْقلَّة النكرَة لَيْسَ بعام لظُهُوره فِي الْعشْرَة فَمَا دونهَا، وَإِنَّمَا اخْتلفُوا فِي جمع الْكَثْرَة النكرَة، فَقَوْل فَخر الْإِسْلَام: أما الْعَام بصيغته وَمَعْنَاهُ فَهُوَ صِيغَة كل جمع يُخَالف قَول الْعَامَّة (لنا الْقطع بِأَن رجَالًا لَا يتَبَادَر مِنْهُ عِنْد إِطْلَاقه) عَن قرينَة الْعُمُوم (استغراقهم) أَي استغراق رجَالًا فِي: رَأَيْت رجَالًا مثلا جَمِيع الرِّجَال (كَرجل) أَي كَمَا أَن رجلا عِنْد إِطْلَاقه عَنْهَا لَا يتَبَادَر مِنْهُ استغراق أَفْرَاد مَفْهُومه، وَلَو كَانَ حَقِيقَة الْعُمُوم لتبادر مِنْهُ ذَلِك (فَلَيْسَ) الْجمع الْمُنكر (عَاما) كَمَا أَن رجلا كَذَلِك: كَذَا فِي شرح التلميذ (فَمَا قيل الْمرتبَة المستغرقة) فَهِيَ الْجَمَاعَة الَّتِي تندرج فِيهَا كل جمَاعَة يصدق عَلَيْهَا صِيغَة الْجمع: يَعْنِي مَجْمُوع أَفْرَاد الرجل (من) جملَة (مراتبه) أَي مَرَاتِب الْجمع الْمُنكر، لِأَنَّهُ يصدق عَلَيْهِ صِيغَة الْجمع (فَيحمل) الْجمع الْمُنكر (عَلَيْهَا) أَي على الْمرتبَة المستغرقة فَيتَحَقَّق الْعُمُوم عِنْد ذَلِك، وَإِنَّمَا يحمل عَلَيْهَا (للِاحْتِيَاط) على مَا سبق آنِفا (بعد أَنه) أَي مَا قيل، والظرف مُتَعَلق بِخَبَر الْمَوْصُول: أَعنِي لَيْسَ (معَارض) خبر أَن (بِأَن غَيرهَا) أَي غير المستغرقة، وَهُوَ أقل مَرَاتِب الْجمع (أولى للتيقن) بِهِ لوجودها فِي جَمِيع الْمَرَاتِب، وَمَا سواهُ مَشْكُوك فِيهِ (و) بعد أَنه معَارض بِكَوْن الِاحْتِيَاط لَا يسْتَمر) فِي الِاسْتِغْرَاق (بل) قد (يكون) الِاحْتِيَاط (فِي عَدمه) أَي عدم الِاسْتِغْرَاق كَمَا مر و (لَيْسَ) مَا قيل (فِي مَحل النزاع لِأَنَّهُ) أَي النزاع (فِي أَنه) أَي الْعُمُوم (مَفْهُومه) أَي مَفْهُوم الْجمع الْمُنكر أم لَا (وَأَيْنَ الْحمل) أَي حمل جمع الْمُنكر (على

ص: 205

بعض مَا صدقاته) الَّذِي هُوَ الْمرتبَة المستغرقة (للِاحْتِيَاط) مُتَعَلق بِالْحملِ (مِنْهُ) أَي من مَحل النزاع، وَالْجَار مُتَعَلق بِمَا تعلق بِهِ خبر الْمُبْتَدَأ: أَعنِي أَيْن، وَالْمعْنَى الْحمل الْمَذْكُور فِي أَي مَكَان من مَحل النزاع، أَي من قربه، وَالْمرَاد إبعاده عَن ساحته لعدم الْمُنَاسبَة (وَأما إِلْزَام) منكرى عُمُوم الْجمع الْمُنكر على مثبتيه بِأَنَّهُ يلْزم عَلَيْك عدم عُمُوم الْجمع لعدم الْمُنَاسبَة عُمُوم (نَحْو رجل فمدفوع بِأَنَّهُ) أَي نَحْو رجل (لَيْسَ من أَفْرَاده) الْمرتبَة (المستغرقة) ليحمل عَلَيْهَا (بِخِلَاف رجال فَإِنَّهُ للْجمع) الْمُطلق (الْمُشْتَرك بَين الْمُسْتَغْرق وَغَيره) مِمَّا صدقاته (قيل مَبْنِيّ الْخلاف) فِي أَنه عَام أم لَا؟ على مَا ذكره الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ فِي التَّلْوِيح (الْخلاف فِي اشْتِرَاط الِاسْتِغْرَاق فِي الْعُمُوم، فَمن لَا) يشْتَرط (كفخر الْإِسْلَام وَغَيره جعله) أَي الْجمع الْمُنكر (عَاما) وَمن لَا يشْتَرط لَا يَجعله عَاما (وَإِذا) أَي وَحين يكون مبْنى الْخلاف ذَلِك (لَا وَجه لمحاولة استغراقه) أَي الْجمع الْمُنكر، فِي الْقَامُوس حاوله حوالا، ومحاولة، رامه (بِالْحملِ على مرتبَة الِاسْتِغْرَاق بل) النزاع (لَفْظِي) إضراب عَن كَون الْخلاف فِيهِ مَبْنِيا على ذَلِك الْخلاف، لِأَنَّهُ فرع وجود الْخلاف بِحَسب الْحَقِيقَة وَالْمعْنَى، وَلَيْسَ كَذَلِك، بل وَاللَّفْظ فَقَط (فمراد الْمُثبت) لجمع الْمُنكر الْعُمُوم (مَفْهُوم) أَي إِثْبَات مَفْهُوم لفظ (عُمُوم) لُغَة (وَهُوَ) أَي مَفْهُومه (شُمُول مُتَعَدد) وَهُوَ (أَعم من الِاسْتِغْرَاق) والخصم لَا يَنْفِيه بِهَذَا الْمَعْنى (وَمُرَاد النَّافِي) من الْعُمُوم الَّذِي نَفَاهُ (عُمُوم الصِّيَغ الَّتِي أثبتنا كَونهَا) أَي كَون تِلْكَ الصِّيَغ (حَقِيقَة فِيهِ) أَي فِي ذَلِك الْعُمُوم (وَهُوَ) أَي عُمُوم الصِّيَغ الْمَذْكُورَة (الاستغراقي حَتَّى قبل) عمومها (الْأَحْكَام) الْمرتبَة على الْعُمُوم الاستغراقي (من التَّخْصِيص وَالِاسْتِثْنَاء) وَغَيرهمَا مِمَّا يقْصد الْبَحْث عَنهُ فِي مَبْحَث الْعَام (وَلَا نزاع فِي) أَن مُرَاد النَّافِي من الْعُمُوم الَّذِي نَفَاهُ هُوَ (هَذَا) الْعُمُوم الاستغراقي (لأحد) من أهل هَذَا الشَّأْن (وَلَا) نزاع أَيْضا (فِي عَدمه) أَي عدم هَذَا الْعُمُوم (فِي رجال) وَلِهَذَا (لَا يُقَال: اقْتُل رجَالًا إِلَّا زيدا) أَشَارَ بقوله (لِأَنَّهُ) أَي الِاسْتِثْنَاء ل (إِخْرَاج مالولاه) أَي الِاسْتِثْنَاء (لدخل) فِي حكم صدر الْكَلَام (وَلَو قيل) اقْتُل رجَالًا (وَلَا تقتل زيدا كَانَ) وَلَا تقتل زيدا (ابْتِدَاء) لكَلَام آخر (لَا تَخْصِيصًا) لِأَنَّهُ فرع الْعُمُوم الاستغراقي (وَإِذ بَينا أَنه) أَي الْجمع الْمُنكر مَوْضُوع (للمشترك) بَين مَرَاتِب الْجمع (وَهُوَ) أَي الْمُشْتَرك بَينهَا (الْجمع مُطلقًا، فَفِي أَقَله) أَي أقل الْجمع مُطلقًا (خلاف) فِي التَّلْوِيح: ذهب أَكثر الصَّحَابَة وَالْفُقَهَاء وأئمة اللُّغَة إِلَى أَنه ثَلَاثَة، وَفصل الْخلاف بقوله (قيل) أَقَله (ثَلَاثَة) من آحَاد مفرده (مجَاز لما دونهَا) أَي الِاثْنَيْنِ وَالْوَاحد، فَإِذا أطلق على الثَّلَاثَة فَمَا فَوْقهَا أَي عدد كَانَ فَهُوَ حَقِيقَة لكَونهَا من أَفْرَاد مَا وضع لَهُ الْجمع، بِخِلَاف مَا دون الثَّلَاثَة فَإِنَّهُ لَيْسَ من أَفْرَاده (وَهُوَ)

ص: 206

أَي هَذَا القَوْل هُوَ (الْمُخْتَار) لما سَيَجِيءُ (وَقيل حَقِيقَة فِي اثْنَيْنِ أَيْضا) لكَونه من أَفْرَاد مُسَمّى الْجمع للاكتفاء بِمَا فَوق الْوَاحِد فِيهِ، فالأقل على هَذَا اثْنَان (وَقيل) حَقِيقَة فِي الثَّلَاثَة (مجَاز فيهمَا) أَي فِي اثْنَيْنِ لَا فِيمَا دونه، وَهُوَ الْوَاحِد (وَقيل) حَقِيقَة فِي الثَّلَاثَة، وَلَا يُطلق على اثْنَيْنِ (لَا) حَقِيقَة (وَلَا) مجَازًا، فَلَزِمَ عدم إِطْلَاقه على الْوَاحِد بِالطَّرِيقِ الأول، ثمَّ شرع فِي بَيَان وَجه الْمجَاز، فَقَالَ (لقَوْل ابْن عَبَّاس) رضي الله عنهما (لَيْسَ الأخوان إخْوَة) أخرج ابْن خُزَيْمَة وَالْبَيْهَقِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَنهُ أَنه دخل على عُثْمَان، فَقَالَ أَن الأخوان لَا يرد أَن الْأُم عَن الثُّلُث، فَإِن الله سبحانه وتعالى يَقُول - {فَإِن كَانَ لَهُ إخْوَة فلأمه السُّدس} - والأخوان ليسَا بإخوة بِلِسَان قَوْمك، فَقَالَ عُثْمَان: لَا أَسْتَطِيع أرد أمرا توارث عَلَيْهِ النَّاس وَكَانَ قبلي وَمضى فِي الْأَمْصَار انْتهى (أَي حَقِيقَة) أَي أَرَادَ ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما نفى إِطْلَاق الْأُخوة على الْأَخَوَيْنِ بطرِيق الْحَقِيقَة، لَا نفى إِطْلَاقهَا عَلَيْهِمَا بطرِيق الْمجَاز (لقَوْل زيد: الأخوان إخْوَة). قَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد عَن خَارِجَة بن زيد عَن ثَابت عَن أَبِيه أَنه كَانَ يحجب الْأُم عَن الثُّلُث بالأخوين، فَقَالَ أَبَا سعيد فَإِن الله عز وجل يَقُول - {فَإِن كَانَ لَهُ إخْوَة فلأمه السُّدس} - وَأَنت تحجبها بالأخوين؟ فَقَالَ: إِن الْعَرَب تسمى الْأَخَوَيْنِ إخْوَة (أَي مجَازًا) وَإِنَّمَا جعلنَا مورد النَّفْي الْحَقِيقَة، وَمحل الْإِثْبَات الْمجَاز (جمعا) بَين كل مِنْهُمَا، وتوفيقا بَين الْأَمريْنِ الصَّحِيحَيْنِ على مَا تَقْتَضِيه قَاعِدَة الْأُصُول (وَتَسْلِيم عُثْمَان لِابْنِ عَبَّاس تمسكه، ثمَّ عدوله إِلَى الْإِجْمَاع دَلِيل على الْأَمريْنِ) أما على الأول فَظَاهر، وَأما على الثَّانِي فَلِأَنَّهُ لما تمسك بِالْإِجْمَاع، وَلَا بُد لَهُ من التَّوْفِيق بَين الْكتاب وَالْإِجْمَاع تعين ارتكابه الْمجَاز فِي الْآيَة الْمَذْكُورَة لِئَلَّا يلْزم مُخَالفَة الْإِجْمَاع لمفهومها، وَفِيه أَنه إِنَّمَا يتم إِذا كَانَ عُثْمَان رضي الله عنه قَائِلا بِمَفْهُوم الْعدَد فَتَأمل، ثمَّ أَشَارَ إِلَى إِطْلَاق الْجمع على الْوَاحِد مجَازًا بقوله (وَلَا شكّ فِي صِحَة الْإِنْكَار على متبرجة) أَي مظهرة زينتها (لرجل) أَجْنَبِي بقوله (أتتبرجين للرِّجَال) فقد أطلق فِي هَذَا الْإِنْكَار الرِّجَال على الرجل الْوَاحِد لِأَنَّهَا مَا تبرجت إِلَّا لوَاحِد (وَلَا يخفى أَنه) أَي لفظ الرِّجَال هُنَا (من الْعَام) الْمُسْتَعْمل (فِي الْخُصُوص) لكَونه محلى بِاللَّامِ الاستغراقية (لَا الْمُخْتَلف) فِيهِ (من نَحْو رجال الْمُنكر) صفة الْمُخْتَلف، أَو رجال لِأَنَّهُ أُرِيد بِهِ لَفظه، وَهُوَ بِهَذَا الِاعْتِبَار معرفَة، الْجَار وَالْمَجْرُور مُتَعَلق بمقدر حَال عَن الضَّمِير فِي الْمُخْتَلف (على أَنه) أَي الْمِثَال الْمَذْكُور (لَا يستلزمه) أَي كَون الْجمع (مجَازًا فِيهِ) أَي فِي الْوَاحِد (لجَوَاز أَن الْمَعْنى أهوَ) أَي التبرج (عادتك لَهُم) أَي للرِّجَال مُتَعَلق بالتبرج (حَتَّى تبرجت لهَذَا) الرجل (وَهُوَ) أَي هَذَا الْمَعْنى (مِمَّا يُرَاد فِي مثله) أَي فِي مثل هَذَا الْكَلَام (نَحْو: أتظلم الْمُسلمين) لمن ظلم وَاحِدًا

ص: 207

يحْتَمل أَن يُرَاد بِصِيغَة الْجمع الْجِنْس كَمَا فِي: فلَان يركب الْخَيل وَحَاصِل الجوابين مَعَ استلزام صِحَة الْإِنْكَار اسْتِعْمَال الْجمع الْمُنكر فِي الْوَاحِد مُسْتَندا بِأَن الْجمع الْمَذْكُور فِيهِ لَيْسَ بمنكر، وَبِأَن الْمَعْنى لَيْسَ كَمَا زعمت من أَن المُرَاد بِالرِّجَالِ ذَلِك الرجل (وَالْحق جَوَازه) أَي جَوَاز إِطْلَاق الْجمع على الْوَاحِد مجَازًا (حَيْثُ يثبت الْمُصَحح) من نُكْتَة بليغة محسنة لتنزيل الْوَاحِد منزلَة الْجَمَاعَة (كرأيت رجَالًا فِي رجل يقوم مقَام الْكثير) كَمَا إِذا كَانَ متفننا بصنائع يسْتَقلّ كل مِنْهَا لرجل كَامِل (وَحَيْثُ لَا) يثبت الْمُصَحح (فَلَا) يجوز (وتبادر مَا فَوق الِاثْنَيْنِ) عِنْد إِطْلَاق الْجمع (يُفِيد الْحَقِيقَة فِيهِ) على مَا مر غير مرّة وَهَذَا دَلِيل عَقْلِي، وَالْأول وَمَا بعده نقلي (واستدلال النافين) لصِحَّة إِطْلَاقه على الِاثْنَيْنِ مُطلقًا (بِعَدَمِ جَوَاز) تركيب (الرِّجَال العاقلان) لعدم صِحَة إِطْلَاق العاقلان على الرِّجَال، وَلَا بُد فِي التوصيف مِنْهَا (وَالرجلَانِ العاقلون) على عكس الأول لعكس مَا ذكرنَا (مجَازًا) لعدم جوازهما حَقِيقَة. قَوْله مجَازًا حَال عَن كل وَاحِد مِنْهُمَا لكَونه فَاعِلا للْجُوَاز معنى، والتجوز الْمَنْفِيّ إِنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَار النِّسْبَة التوصيفية (دفع) خبر الْمُبْتَدَأ (بمراعاتهم مُطَابقَة الصُّورَة) أَي الْمُطَابقَة بِحَسب الصُّورَة بَين الصِّيغَة والموصوف، وَعدم اكتفائهم بالمطابقة بِحَسب الْمَعْنى بِسَبَب حمل لفظ الْجمع على مَا فَوق الْوَاحِد مجَازًا مُحَافظَة على التشاكل بَينهمَا (وَنقض) الدّفع الْمَذْكُور (بِجَوَاز زيد وَعَمْرو الفاضلان، وَفِي ثَلَاثَة) نَحْو: زيد، وَعَمْرو، وَبكر (الفاضلون) وَلَا يخفى أَن الدّفع الْمَذْكُور منع، وَسَنَد: تَوْضِيحه أَنا لَا نسلم استلزام عدم جَوَاز مَا ذكر عدم صِحَة الْإِطْلَاق مُطلقًا لجَوَاز أَن يكون ذَلِك لمَانع مَخْصُوص بِبَعْض الصُّور كرعاية مُطَابقَة الصُّورَة، وَلَا يلْزم على الْمَانِع دَعْوَى لُزُوم رِعَايَة الْمُطَابقَة مُطلقًا وَإِبْطَال السَّنَد الْأَخَص غير موجه وَيُمكن الْجَواب بِأَن الْمَنْع الْمَذْكُور بِدُونِ لُزُوم رِعَايَة الْمُطَابقَة صُورَة غير موجه، لِأَن صِحَة الْمجَاز لوُجُود العلاقة يقتضى جَوَاز الرِّجَال العاقلان، وَلَا يَنْفِي الْجَوَاز الْمَذْكُور سوى اللُّزُوم الْمَذْكُور، وَالْأَصْل عدم مَانع آخر فَالسَّنَد مسَاوٍ للْمَنْع، وَإِبْطَال أحد المتساويين يسْتَلْزم إبِْطَال الآخر (وَدفعه) أَي النقيض الْمَذْكُور على مَا ذكره الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ (بِأَن الْجمع) بَين مُتَعَدد (بِحرف الْجمع) كواو الْعَطف، وَالْمرَاد بِالْجمعِ الْمَعْنَوِيّ اللّغَوِيّ (كالجمع بِلَفْظ الْجمع) المُرَاد بِهَذَا الْمَعْنى الاصطلاحي فَتحصل الْمُطَابقَة بَين الصّفة والموصوف إِذا كَانَ الْمَوْصُوف جمعا بِالْمَعْنَى الأول، وَالصّفة بِالْمَعْنَى الثَّانِي (لَيْسَ بِشَيْء) خبر الْمُبْتَدَأ: أَعنِي دَفعه (إِذْ لَا يُخرجهُ) أَي لَا يخرج الِاشْتِرَاك فِي معنى الْجمع على مَا ذكر مَا بِهِ النَّقْض عَن عدم الْمُطَابقَة (إِلَى مُطَابقَة الصُّورَة، وَالْوَجْه) فِي الدّفع (اعْتِبَارا لمطابقة الْأَعَمّ. من الْحَقِيقِيَّة والحكمية) بَين الصّفة والموصوف بِمَا قدمنَا من رِعَايَة الْحَقِيقَة

ص: 208

فِي توصيف الْمثنى بالمجموع وَعَكسه، وَلذَلِك لم يجوزوه، وَمن رِعَايَة الْحكمِيَّة فِي زيد وَعَمْرو الفاضلان وَلذَلِك جوزوه، فالحقيقة مَا تكون الْمُطَابقَة بِحَسب اللَّفْظ وَالْمعْنَى مَعًا، والحكمية مَا تكون بِحَسب الْمَعْنى فَقَط (وَلَا خلاف فِي نَحْو صغت قُلُوبكُمَا) فَإِنَّهُ أطلق الْجمع فِيهِ على الِاثْنَيْنِ اتِّفَاقًا (و) لَا خلاف أَيْضا فِي لفظ (نَا) الَّذِي يعبر بِهِ الْمُتَكَلّم عَن نَفسه وَغَيره، وَإِن كَانَ ذَلِك الْغَيْر وَاحِدًا (و) لَا فِي لفظ (جمع) أَي فِي ج م ع (أَنه) أَي فِي أَن كلا مِنْهَا (لَيْسَ مِنْهُ) أَي من مَحل النزاع (وَلَا) خلاف أَيْضا فِي أَن (الْوَاو فِي ضربوا مِنْهُ) أَي من مَحل النزاع، وَكَذَا غَيرهَا من الضمائر ثمَّ أَنهم لم يفرقُوا فِي هَذَا بَين جمع الْقلَّة وَالْكَثْرَة: كَذَا فِي التَّلْوِيح وَغَيره.

(تَنْبِيه: لم تزد الشَّافِعِيَّة فِي) بَيَان أَحْوَال (صِيغ الْعُمُوم) شَيْئا (على إِثْبَاتهَا) بل اكتفوا بِمُجَرَّد الْإِثْبَات من غير زِيَادَة تَفْصِيل (وفصلها الْحَنَفِيَّة إِلَى عَام بصيغته وَمَعْنَاهُ) بِكَوْن اللَّفْظ جمعا، وَالْمعْنَى مُسْتَغْرقا كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله (وَهُوَ) أَي الْعَام بصيغته وَمَعْنَاهُ (الْجمع الْمحلي) بِاللَّامِ (للاستغراق، و) إِلَى عَام (بِمَعْنَاهُ) فَقَط (وَهُوَ الْمُفْرد الْمحلي) بِاللَّامِ (كَالرّجلِ والنكرة) المستغرقة (فِي) سِيَاق (النَّفْي وَالنِّسَاء، وَالْقَوْم، والرهط، وَمن، وَمَا، وَأي مُضَافَة، وكل، وَجَمِيع) وَلَا يخفى أَنه ذكر فِيمَا سبق من الصِّيَغ مَا لَيْسَ بداخل فِي أحد الْقسمَيْنِ هَهُنَا وَالظَّاهِر من هَذَا التَّفْصِيل اسْتِيفَاء الْكل، فَكَأَنَّهُ أَرَادَ بقوله وَهُوَ الْجمع الْمحلي الْجمع وَمَا فِي مَعْنَاهُ، وَكَذَلِكَ فِي الْقسم الثَّانِي، فِي التَّلْوِيح مَا حَاصله، وَهِي إِمَّا لفظ عَام بصيغته وَمَعْنَاهُ بِأَن يكون اللَّفْظ مجموعا، وَالْمعْنَى مستوعبا، أَو وجد لَهُ مُفْرد من لَفظه كالرجال أَولا كالنساء، وَإِمَّا بِمَعْنَاهُ فَقَط بِكَوْنِهِ مُفردا مستوعبا، وَلَا يتَصَوَّر عَام بصيغته فَقَط إِذْ لَا بُد من تعدد الْمَعْنى، وَالْعَام بِمَعْنَاهُ فَقَط إِمَّا يتَنَاوَل مَجْمُوع الْأَفْرَاد، وَإِمَّا يتَنَاوَل كل وَاحِد بطرِيق الشُّمُول أَو الْبَدَل، فَالْأول يتَعَلَّق الحكم فِيهِ بِمَجْمُوع الْأَفْرَاد، لَا بِكُل وَاحِد إِلَّا من حَيْثُ أَنه دَاخل فِي الْمَجْمُوع كالرهط لما دون الْعشْرَة من الرِّجَال لَيْسَ فيهم امْرَأَة، وَالْقَوْم لجَماعَة الرِّجَال خَاصَّة فاللفظ مُفْرد بِدَلِيل أَنه يثنى، وَيجمع، ويوحد الضَّمِير الرَّاجِع إِلَيْهِ، وتحقيقه أَنه فِي الأَصْل مصدر قَامَ، فوصف بِهِ ثمَّ غلب على الرِّجَال خَاصَّة لقيامهم بِأُمُور النِّسَاء، وَهَذَا تَأْوِيل مَا قيل إِنَّه جمع قَائِم، وَإِلَّا فَفعل لَيْسَ من أبنية الْجمع، وكل مِنْهُمَا متناول لجَمِيع آحاده، وَلَا لكل وَاحِد من حَيْثُ أَنه وَاحِد، حَتَّى لَو قَالَ الرَّهْط أَو الْقَوْم الَّذِي يدْخل هَذَا الْحصن فَلهُ كَذَا، فَدخل جمَاعَة كَانَ النَّفْل لمجموعهم، وَلَو دخله وَاحِد لم يسْتَحق شَيْئا وَالثَّانِي يتَعَلَّق الحكم فِيهِ بِكُل وَاحِد سَوَاء كَانَ مجتمعا مَعَ غَيره أَو مُتَفَرقًا عَنهُ مثل: من دخل هَذَا

ص: 209

الْحصن فَلهُ دِرْهَم، فَلَو دخله وَاحِد اسْتحق درهما، وَلَو دخله جمَاعَة مَعًا أَو متعاقبين اسْتحق كل وَاحِد مِنْهُم الدِّرْهَم وَالثَّالِث يتَعَلَّق الحكم فِيهِ بِكُل وَاحِد بِشَرْط الِانْفِرَاد، وَلَا يتَعَلَّق بِوَاحِد آخر، مثل: من دخل هَذَا الْحصن أَولا فَلهُ دِرْهَم، فَلَو دخله جمَاعَة مَعًا لم يستحقوا شَيْئا، وَلَو دخلُوا متعاقبين لم يسْتَحق إِلَّا السَّابِق انْتهى، وَالْمُصَنّف رحمه الله خَالفه بِإِدْخَال النِّسَاء فِي الْعَام بِمَعْنَاهُ فَقَط: إِمَّا لِأَن المرضي عِنْده أَنه اسْم جمع، أَو لاعتباره فِي الْعَام بصيغته وَمَعْنَاهُ أَن يكون لَهُ مُفْرد من لَفظه وَهُوَ الْأَظْهر، فَإِنَّهُ صرح فِي الْقَامُوس بِأَنَّهُ جمع الْمَرْأَة من غير لَفظهَا، هَذَا وَعُمُوم كل وَجَمِيع بِاعْتِبَار مَا أضيف إِلَيْهِ، وإنهما لمُجَرّد الِاسْتِغْرَاق (فانقسم الْعُمُوم) بِهَذَا التَّفْصِيل (إِلَى صيغي) مَنْسُوب إِلَى أصل الْوَضع لكَون الصِّيغَة مَوْضُوعَة لمتعدد ابْتِدَاء (ومعنوي) غير متبادر من نفس الصِّيغَة تبادر الْقسم الأول (أما الْجمع الْمحلي فاستغراقه كالمفرد لكل فَرد لما تقدم) من أَن لَام الْجِنْس تسلب الجمعية إِلَى الجنسية إِلَى آخِره (وَمَا قيل أَن استغراق الْمُفْرد أشمل) من استغراق الْجمع (فَفِي النَّفْي) يَعْنِي أَن أشمليته فِيمَا إِذا كَانَ فِي سِيَاق النَّفْي، لِأَنَّهُ يسلب حِينَئِذٍ الجمعية، وَنفي تَحْقِيق الْجَمَاعَة لَا يسْتَلْزم نفي تَحْقِيق الْوَاحِد والاثنين، بِخِلَاف الْعَكْس إِذا لم يَجْعَل الْوحدَة أَو الأثنينية قيد الْمَنْفِيّ موردا للنَّفْي (أَو المُرَاد) أَن استغراف الْمُفْرد أشمل (أَنه) أَي استغراقه للآحاد (بِلَا وَاسِطَة الْجمع) بِخِلَاف استغراق الْجمع لَهَا فَإِنَّهَا بواسطته، لِأَن الحكم الثَّابِت للْجمع إِنَّمَا يثبت ابْتِدَاء لما يصدق عَلَيْهِ مَفْهُوم الْجمع، ثمَّ يسري إِلَى الْآحَاد إِذا لم يكن ثُبُوته للمجموع من حَيْثُ هُوَ مَجْمُوع، فأشمليته بِمَعْنى أظهرية شُمُوله، لَا بِمَعْنى أوسعية دَائِرَة شُمُوله (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يرد أحد التَّأْويلَيْنِ (فَمَمْنُوع) أَي فكونه أشمل مَمْنُوع، ثمَّ أَشَارَ إِلَى أَن شَيْئا من التَّأْويلَيْنِ لَا يَصح أَيْضا بقوله (وَمَا تقدم) من سلب لَام الْجِنْس الجمعية إِلَى الجنسية، وَمن عدم الْفرق بَين: لَا رجل، وَلَا رجال فِي نفي الْجِنْس (يَنْفِي كَونه) أَي كَون استغراق الْجمع (بِوَاسِطَة الْجمع) لِأَنَّهُ لم يبْق الجمعية بعد السَّلب (و) كَذَلِك يَنْفِي (أشمليته فِي النَّفْي) لعدم الْفرق بَينهمَا بِحَسب الْحَقِيقَة على مَا مر بَيَانه (ولإجماع الصَّحَابَة على) فهم الْعُمُوم فِي قَوْله صلى الله عليه وسلم (الْأَئِمَّة من قُرَيْش) وَإِلَّا لم يحصل إِلْزَام الْأَنْصَار عِنْد قَوْلهم: أَمِير منا، وأمير مِنْكُم لجَوَاز الْعَمَل بِمُوجب قَوْلهم: إِذا لم يقْصد بقوله الْأَئِمَّة الِاسْتِغْرَاق، بِخِلَاف مَا إِذا قصد فَإِن الْمَعْنى حِينَئِذٍ: كل إِمَام من قُرَيْش (و) لإِجْمَاع أهل (اللُّغَة على صِحَة الِاسْتِثْنَاء) أَي اسْتثِْنَاء الْمُفْرد من الْجمع الْمحلي فَإِنَّهُ لَو لم يسْتَغْرق الْآحَاد كالجنس الْمحلي لما صَحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ، فَإِن استثناءه مِنْهُ يقتضى شُمُوله إِيَّاه قطعا، وَهَذَا الْقطع لَا يحصل إِلَّا بالاستغراق، وَكَونه بِحَيْثُ يتَنَاوَلهُ الحكم لَوْلَا الِاسْتِثْنَاء (كَمَا تقدم) وَلما بَين ضعف مَا قيل من

ص: 210

الأشملية أَرَادَ أَن يبين ضعف مَا يَبْنِي عَلَيْهِ، فَقَالَ (وَعنهُ) أَي وَعَن كَون استغراق الْجمع دون استغراق الْمُفْرد لشُمُوله الجموع لَا الْآحَاد (قالوأ) أَي أهل السّنة وَالْجَمَاعَة فِي رد اسْتِدْلَال الْمُعْتَزلَة بقوله تَعَالَى {لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار} على نفي الرُّؤْيَة مُطلقًا هُوَ (سلب الْعُمُوم) وَرفع الْإِيجَاب الْكُلِّي للْفرق بَينه وَبَين لَا يُدْرِكهُ الْبَصَر، فَإِن الثَّانِي نفي لإدراك جنس الْبَصَر إِيَّاه. وَالْأول نفي لإدراك الْجِنْس الْمُسْتَغْرق، وَنفي الْجِنْس الْمُسْتَغْرق لَا يسْتَلْزم نَفْيه مُطلقًا لجَوَاز أَن يتَحَقَّق بِغَيْر استغراق فَإِن قلت من أَيْن لَك أَن قَوْلهم هَذَا مَبْنِيّ على كَون استغراق الْجمع دون استغراق الْمُفْرد، لم لَا يجوز أَن يكون مَبْنِيّ قَوْله: وَعنهُ عَن كَون استغراق الْجمع كالمفرد كَمَا هُوَ الْمُتَبَادر من السِّيَاق، لِأَنَّهُ الأَصْل الممهد، وَمَا ذكرت أَمر ذكر على وَجه الِاعْتِرَاض وَنفي قلت نعم، لَكِن يرد حِينَئِذٍ أَن الْحمل على سلب الْعُمُوم على ذَلِك التَّقْدِير خلاف الظَّاهِر لكَونه بِمَنْزِلَة لَا يُدْرِكهُ الْبَصَر فِي الدّلَالَة على نفي الْجِنْس فَتَأمل (لَا عُمُوم السَّلب) وَالسَّلب الْكُلِّي لِأَنَّهُ إِنَّمَا يتَحَقَّق على تَقْدِير نفي الْجِنْس مُطلقًا، وَقَوله (أَي لَا يُدْرِكهُ كل بصر) تَفْسِير لسلب الْعُمُوم، فالمنفي ثُبُوت رُؤْيَة الْكل (وَهُوَ) أَي سلب الْعُمُوم سلب (جزئي) لَا سلب كلي لِأَن نقيض الْإِيجَاب الْكُلِّي وَرَفعه السَّلب الجزئي (فَجَاز) ثُبُوت الرُّؤْيَة (لبعضها) أَي الْأَبْصَار، يرد عَلَيْهِ أَن حَاصِل هَذَا إبِْطَال مَذْهَب الْخصم، وَهُوَ السَّلب الْكُلِّي، لَكِن لَا يثبت بِهِ مَذْهَبنَا، وَهُوَ ثُبُوت الرُّؤْيَة لكل مُؤمن وَالْجَوَاب أَن هَذَا لمُجَرّد إبِْطَال مَذْهَب الْخصم، وَأَن للْمَذْهَب أَدِلَّة أُخْرَى (نعم إِذا اعْتبر الْجمع للْجِنْس) لسلب اللَّام جمعيته إِلَى الجنسية (كَانَ) النَّفْي الْمَذْكُور (عُمُوم السَّلب) لوروده على الْجِنْس كَقَوْلِه تَعَالَى {لَا يحب الْكَافرين} إِذْ لَا شكّ أَن المُرَاد مِنْهُ نفي الْمحبَّة عَن جنس الْكَافِر مُطلقًا، لَا الْجِنْس الْمَوْصُوف بالجمعية، وَقَوله لنفي الْجِنْس تَعْلِيل لعُمُوم السَّلب، وَيجوز أَن يكون قَوْله - {لَا يحب الْكَافرين} - مُبْتَدأ خَبره لنفي الْجِنْس، وَتَكون الْجُمْلَة تَوْطِئَة لقَوْله (وَلَو اعْتبر مثله) أَي مثل مَا فِي قَوْله - {لَا يحب الْكَافرين} - من نفي الْجِنْس (فِي الْآيَة) فِي قَوْله تَعَالَى - {لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار} - (ادّعى) حِينَئِذٍ فِي جَوَاب الْخصم (أَن الْإِدْرَاك) الْمَنْفِيّ فِي الْآيَة (أخص من الرُّؤْيَة) الْمُطلقَة، وَهُوَ مَا كَانَ على وَجه الْإِحَاطَة للمرئي، وَنفي الْأَخَص لَا يسْتَلْزم نفي الْأَعَمّ وَلما عد الْمحلي بِاللَّامِ من صِيغ الْعُمُوم، وَكَانَ لَهُ معَان أَرْبَعَة: الْجِنْس، والاستغراق، والعهد الْخَارِجِي، والعهد الذهْنِي، والعموم إِنَّمَا يتَحَقَّق عِنْد إِرَادَة الِاسْتِغْرَاق احْتَاجَ إِلَى بَيَان ضَابِط يعرف بِهِ إِرَادَة الِاسْتِغْرَاق، فَقَالَ (وَالتَّعْيِين) أَي تعْيين أحد الْمعَانِي الْمَذْكُورَة إِنَّمَا يكون (بِمعين) من قرينَة لفظية أَو حَالية بِحَسب الْمقَام (وَإِن لم يكن) ذَلِك الْمعِين (وَلَا عهد خارجي) وَلم يكن

ص: 211

مَعْهُود معِين من أَفْرَاد الْمحلي بِاللَّامِ بَين الْمُتَكَلّم والمخاطب قبل هَذَا التخاطب (وَأمكن أَحدهمَا) أَي الِاسْتِغْرَاق أَو الْجِنْس، وَقد سبق ذكرهمَا قَرِيبا مفرقا، وَالْمرَاد إِمْكَان أَحدهمَا بِدُونِ الآخر (تعين) الَّذِي أمكن (وَإِن أمكن كل مِنْهُمَا قيل) وقائله جمَاعَة: مِنْهُم فَخر الْإِسْلَام، وَأَبُو زيد (الْجِنْس) أَي المُرَاد عِنْد إِمْكَان كل مِنْهُمَا الْجِنْس (للتيقن) لِأَنَّهُ مَوْجُود فِي ضمن الِاسْتِغْرَاق أَيْضا، والمتيقن أولى بالإرادة عِنْد التَّرَدُّد (وَقيل) وقائله عَامَّة مَشَايِخنَا وَغَيرهم تعين (الِاسْتِغْرَاق للأكثرية) أَي لِأَنَّهُ يُرَاد فِي أَكثر استعمالات الْمحلي بِاللَّامِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْجِنْس (خُصُوصا فِي اسْتِعْمَال الشَّارِع) على مَا يشْهد بِهِ التتبع والاستقراء (وَقرر) كَمَا صرح بِهِ الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ (أَن الْجمع الْمحلي للمعهود والاستغراق حَقِيقَة، وللجنس مجَاز) وَذَلِكَ لِأَن الْمَقْصُود من وضع الْأَلْفَاظ بِإِزَاءِ المفهومات الْكُلية أَن تسْتَعْمل فِي أَفْرَاده الْمَوْجُودَة فِي الْخَارِج لِأَن الْأَحْكَام تثبت لَهَا، لَا الطبائع الْكُلية، وَلذَا ذهب كثير من الْمُحَقِّقين إِلَى أَن اسْم الْجِنْس مَوْضُوع للفرد الْمُنْتَشِر لَا الْمَاهِيّة الْمُطلقَة، وَهُوَ الْأَوْجه فَإِن قلت مُرَادهم من الْجِنْس هُنَا هُوَ الْمَعْهُود الذهْنِي قلت هُوَ قريب من الْجِنْس بِالْمَعْنَى الْمَذْكُور بِاعْتِبَار كَونه قَلِيل الْفَائِدَة (وَأَنه) أَي الْجِنْس (خلف) عَنْهُمَا (لَا يُصَار إِلَيْهِ إِلَّا لتعذرهما) كَمَا هُوَ شَأْن الْمجَاز مَعَ الْحَقِيقَة وَالْخلف مَعَ الأَصْل (ولدا) أَي لِأَنَّهُ لَا يُصَار إِلَيْهِ لتعذرهما (لَو حلف لَا يكلمهُ الْأَيَّام أَو الشُّهُور يَقع) الْمَذْكُور من الْأَيَّام والشهور (على الْعشْرَة) مِنْهَا (عِنْده) أَي أبي حنيفَة رحمه الله (وعَلى الْأُسْبُوع) فِي الْأَيَّام (و) على (السّنة) فِي الشُّهُور (عِنْدهمَا لَا مَكَان) حمل الْمحلي الْمَذْكُور: وَهُوَ الْأَيَّام والشهور على (الْعَهْد) الْخَارِجِي الَّذِي هُوَ حَقِيقَة فِيهِ (غير أَنهم) أَي الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة (اخْتلفُوا فِي) مَا هُوَ (الْمَعْهُود) فِي الْأَيَّام والشهور، فَعنده الْعشْرَة من الْأَيَّام والشهور، وَعِنْدَهُمَا الْأُسْبُوع وَالسّنة. قَالَ المُصَنّف رحمه الله فِي شرح الْهِدَايَة لقَائِل أَن يرجح قَوْلهمَا فِي الْأَيَّام والشهور بِأَن عهد هما أَعهد، وَذَلِكَ لِأَن عهدية الْعشْرَة إِنَّمَا هُوَ للْجمع مُطلقًا من غير نظر إِلَى مَادَّة خَاصَّة، فَإِذا عرض فِي خُصُوص مَادَّة من الْجمع مُطلقًا كالأيام عهدية عدد غَيره كَانَ اعْتِبَار هَذَا الْمَعْهُود أولى، وَقد عهد فِي الْأَيَّام السَّبْعَة، وَفِي الشُّهُور الاثنى عشر، فَيكون صرف خُصُوص هذَيْن الجمعين إِلَيْهِمَا أولى بِخِلَاف غَيرهمَا من الجموع كالسنين والأزمنة، فَإِنَّهُ لم يعْهَد فِي مادتهما عدد آخر فَيَنْصَرِف إِلَى مَا اسْتَقر للْجمع مُطلقًا من إِرَادَة الْعشْرَة فَمَا دونهَا انْتهى، يرد عَلَيْهِ أَن الْمَعْهُود فِي الْأَيَّام سَبْعَة: أَولهَا السبت، وَآخِرهَا الْجُمُعَة، وهما لَا يحملانها على السَّبْعَة الَّذِي يكون على هَذَا الْوَجْه، وَيُمكن أَن يُجَاب عَنهُ بِأَن الْمَعْهُود يعم كَمَا قلت غير أَن تِلْكَ الخصوصية ألغيت لعدم تعلق الْقَصْد بهَا حَال الْيَمين كَمَا لَا يخفى (وخالعني على مَا فِي يَدي من الدَّرَاهِم وَلَا شَيْء) فِي يَدهَا

ص: 212

(لَزِمَهَا ثَلَاثَة) أَي وللأصل الْمَذْكُور فِي قَوْلهَا خالعني على مَا فِي يَدي إِلَى آخِره لَزِمَهَا ثَلَاثَة، يرد عَلَيْهِ أَن هَذَا من قبيل حمل الْجمع على أقل مراتبه لتيقنه، لَا من بَاب حمل الْجمع الْمحلي على الْعَهْد لامكانه، فَلَا وَجه لذكره هَهُنَا، وَيُمكن أَن يُجَاب عَنهُ بِأَن أصل الْكَلَام إِنَّمَا كَانَ فِي أَن الْجِنْس مجَاز بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمحلي الْمَذْكُور لَا يُصَار إِلَيْهِ إِلَّا عِنْد تعذر الْحَقِيقَة، وَلَا شكّ أَن حَقِيقَة الْجمع تَقْتَضِي وجود مَا فَوق الِاثْنَيْنِ من أَفْرَاد مفرده، فَحَمله على الْجِنْس بِحَيْثُ يصدق على الْوَاحِد والاثنين، بل تَأْثِيره فِي استغراق الْآحَاد وَإِثْبَات الحكم لكل وَاحِد مِنْهَا لَا يَجْعَل الْجمع مثل الْمُفْرد من كل وَجه (وَلَا شكّ أَن تَعْرِيف الْجِنْس الَّذِي اسْتدلَّ على ثُبُوته باطباق الْعَرَب) أَي اتِّفَاقهم (على) إِرَادَة الْجِنْس من نَحْو: فلَان (يلبس البرود، ويركب الْخَيل، ويخدمه العبيد) للْقطع بِعَدَمِ الْقَصْد إِلَى عهد أَو استغراق أَو عدد، لِأَنَّهُ يُقَال فِي حق من لَا يلبس إِلَّا بردا وَاحِدًا وَلَا يركب إِلَّا فرسا وَاحِدًا، وَلَا يَخْدمه إِلَى عبد وَاحِد (هُوَ المُرَاد بالمعهود الذهْنِي) قَوْله المُرَاد الخ خَبره أَن، وَقَوله: هُوَ للفصل، والمضاف الْمَجْرُور بِالْبَاء مَحْذُوف: أَي بتعريف الْمَعْهُود الذهْنِي (إِذْ هُوَ) أَي تَعْرِيف الْمَعْهُود الذهْنِي (الْإِشَارَة إِلَى الْحَقِيقَة) الَّتِي هِيَ مُسَمّى مَدْخُول اللَّام (باعتبارها) أَي بِاعْتِبَار تِلْكَ الْحَقِيقَة، وَجعلهَا (بعض الْأَفْرَاد) أَي يشار إِلَى الْحَقِيقَة من حَيْثُ تحققها فِي ضمن فَرد مَا، لَا من حَيْثُ هِيَ هِيَ، وَلَا من حَيْثُ تحققها فِي ضمن فَرد معِين، أَو فِي ضمن كل فَرد (غير مُعينَة للعهدية الذهنية) لَا الخارجية حَيْثُ لم يعْهَد قبل بَين الْمُتَكَلّم والمخاطب ذكر فَرد وَحِصَّة مُعينَة من تِلْكَ الْحَقِيقَة، غير أَن الطبيعة الْكُلية من حَيْثُ تحققها فِي ضمن فَرد مَا أَمر مَعْلُوم مَعْهُود فِي الأذهان، فباللام يشار إِلَيْهَا من حَيْثُ أَنَّهَا مَعْلُومَة معهودة فِي ذهن الْمُخَاطب، وَلما كَانَ معلومية الْحَقِيقَة الْمُعْتَبرَة من حَيْثُ تحققها فِي ضمن الْفَرد الْمُنْتَشِر بِاعْتِبَار معلومية الطبيعة أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله (لجنسها) وَإِضَافَة الْجِنْس إِلَيْهَا من قبيل إِضَافَة الْمُطلق إِلَى الْمُقَيد كشجر الْأَرَاك (وَالتَّعْبِير بِالْحِصَّةِ) من الْحَقِيقَة عَن الْمَعْهُود الذهْنِي (غير جيد) لِأَن الْحصَّة إِنَّمَا هِيَ الْفَرد الْمعِين: أَو الْأَفْرَاد الْمعينَة من الطبيعة، وَأما الْفَرد الْمُنْتَشِر فَهُوَ مَفْهُوم كلي مسَاوٍ للْحَقِيقَة، كَذَا قيل وَفِيه نظر، فَالْوَجْه أَن يُقَال أَنه أَشَارَ إِلَى مَا قَالُوا: من أَن كل كلي بِالنِّسْبَةِ إِلَى حصصه نوع، فَأَما بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَفْرَاده فقد يكون عرضيا، فقد فرقوا بَينهمَا، وَيطْلب تَحْقِيقه فِي مَحَله من الْمَعْلُوم أَن المُرَاد هَهُنَا الْفَرد فَإِن قلت بَقِي قسم من الْمحلي لم يذكرهُ، وَهُوَ

ص: 213

جنس الْمشَار إِلَيْهِ من حَيْثُ هُوَ مَعَ قطع النّظر عَن تحَققه فِي ضمن فَرد قلت لم يتَعَلَّق غَرَض الأصولي بِهِ، لِأَنَّهُ من الاعتبارات الْعَقْلِيَّة الْمُنَاسبَة للاعتبارات الفلسفية، فَإِنَّهُ قد يثبت لَهُ الْأَحْكَام فِي تِلْكَ الْعُلُوم، فَلَا بَأْس بِعَدَمِ ذكره وَعدم اعْتِبَاره (وَعنهُ) أَي عَن تَعْرِيف الْجِنْس (لتعينه) أَي الْجِنْس لعدم إِمْكَان الْعَهْد والاستغراق (وَجب من) قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الصَّدقَات للْفُقَرَاء} جَوَاز الصّرْف لوَاحِد) يَعْنِي ثَبت الْجَوَاز الْمَذْكُور مِنْهُ ثبوتا ناشئا عَن تَعْرِيف الْجِنْس فِي الْفُقَرَاء لتعين الْجِنْس، لعدم إِمْكَان الْحمل على الْحَقِيقَة من الْعَهْد والاستغراق، أما الْعَهْد فَظَاهر، وَأما الِاسْتِغْرَاق فَلِأَنَّهُ يسْتَلْزم كَون كل صَدَقَة لكل فَقير وَلَا يُقَال لم لَا يجوز أَن يكون الْمَعْنى جَمِيع الصَّدقَات لجَمِيع الْفُقَرَاء؟ وتقابل الْجمع بِالْجمعِ يقتضى انقسام الْآحَاد على الْآحَاد لأَنا نقُول: لَيْسَ هَذَا معنى الِاسْتِغْرَاق، إِذْ مفاده ثُبُوت الحكم لكل فَرد لَا للمجموع من حَيْثُ هُوَ مَجْمُوع، وَلَو سلم، فالمطلوب حَاصِل وَهُوَ جَوَاز صرف الزَّكَاة إِلَى فَقير وَاحِد، لكنه لَا يكون حِينَئِذٍ من تَعْرِيف الْجِنْس لتعينه، وَفِيه مَا فِيهِ (وتنصف الْمُوصي بِهِ لزيد وللفقراء) فَنصف لَهُ، وَنصف لَهُم مَعْطُوف على وَجب: أَي وَعَن تَعْرِيف الْجِنْس وَكَون اللَّام لَهُ لتعينه تنصف الْمَذْكُور، لِأَنَّهُ يُرَاد حِينَئِذٍ جنس الْفَقِير المُرَاد مِنْهُ الْمَعْهُود الذهْنِي الَّذِي هُوَ الْفَرد الْمُنْتَشِر، فَكَأَنَّهُ أوصى للاثنين: زيد وفقير (وَأجْمع على الْحِنْث بفرد فِي الْحلف) على أَنه (لَا يتَزَوَّج النِّسَاء و) الْحلف على أَنه (لَا يَشْتَرِي العبيد) فَقَوله: وَأجْمع أَيْضا مَعْطُوف على وَجب، فَإِنَّهُ أَيْضا من فروع تَعْرِيف الْجِنْس لتعينه بِدَلِيل إِجْمَاع الْعلمَاء على حنث الْحَالِف بتزوج امْرَأَة وَاحِدَة فِي الأولى، وَشِرَاء عبد وَاحِد فِي الثَّانِيَة، فلولا المُرَاد بِالنسَاء وَالْعَبِيد الْجِنْس لما حنث (الْأَبْنِيَة الْعُمُوم) فِي المنفى لَا النَّفْي، اسْتثِْنَاء من عُمُوم الْأَحْوَال: أَعنِي أَجمعُوا على الْحِنْث بِمَا ذكر فِي جَمِيع الْأَحْوَال إِلَّا عِنْد مَا يَنْوِي الْحَالِف منع نَفسه عَن تزوج كل النِّسَاء، وَشِرَاء كل العبيد لَا عَن الْبَعْض مِنْهُمَا (فَلَا يَحْنَث أبدا) لِأَن تزوج كل النِّسَاء وَشِرَاء كل العبيد محَال (قَضَاء وديانة) لِأَنَّهُ نوى حَقِيقَة كَلَامه، كَذَا قيل، وَيرد عَلَيْهِ أَن يقتضى الْكَلَام السَّابِق أَن رفع الْإِيجَاب الْكُلِّي لَيْسَ حَقِيقَة الْجمع الْمحلي الْوَاقِع فِي سِيَاق النَّفْي، لِأَن الرّفْع الْمَذْكُور فِي قُوَّة السَّلب الجزئي فَلَا استغراق حِينَئِذٍ وَلَا عهد، وَيُمكن أَن يُجَاب عَنهُ بِأَن الِاسْتِغْرَاق مَوْجُود فِي الْإِيجَاب الَّذِي هُوَ مورد النَّفْي وَإِن لم يُوجد فِي النَّفْي، وَفِيه نظر (وَقيل) لَا يَحْنَث (ديانَة) وَيحنث قَضَاء (لِأَنَّهُ) أَي قَوْله لَا يتَزَوَّج النِّسَاء وَلَا يَشْتَرِي العبيد عِنْد إِرَادَة الْعُمُوم (كالمجاز) فِي الِاحْتِيَاج إِلَى الْقَرِينَة لعروض الِاشْتِرَاك إِن قُلْنَا أَن مثله يسْتَعْمل حَقِيقَة فِي عُمُوم النَّفْي، وَنفي الْعُمُوم، ومجازا إِن قُلْنَا حَقِيقَته عُمُوم النَّفْي بِدَلِيل التبادر إِلَى الْفَهم، وَلِهَذَا (لَا ينَال) الْعُمُوم الْمَذْكُور (إِلَّا بِالنِّيَّةِ) كَمَا هُوَ شَأْن الْمجَاز وَمَا يجْرِي مجْرَاه،

ص: 214

وَقيل المُرَاد بِالْإِجْمَاع الْمَذْكُور إِجْمَاع مَشَايِخنَا، فقد ذكر الرَّافِعِيّ رحمه الله فِي هذَيْن الفرعين أَنه يَحْنَث بتزوج ثَلَاث نسْوَة، وَشِرَاء ثَلَاثَة أعبد (وَمِنْه) أَي من تَعْرِيف الْجِنْس بِالْمَعْنَى الْمَذْكُور (لَا من) تَعْرِيف (الْمَاهِيّة) من حَيْثُ هِيَ كَمَا قيل (شربت المَاء، وأكلت الْخبز وَالْعَسَل) كَانَ (كأدخل السُّوق) لِأَن الْمَاهِيّة من حَيْثُ هِيَ اعْتِبَار عَقْلِي مَحْض، لَا تشرب وَلَا تُؤْكَل، وَلَا تدخل، وَإِنَّمَا قَالَ كأدخل السُّوق إِشَارَة إِلَى أَن كَون اللَّام فِيهِ للْعهد الذهْنِي أَمر مُسلم والمذكورات مثله، فَلَا يَنْبَغِي أَن يناقش فِيهَا أَيْضا (وَهَذَا) الَّذِي يشرع فِيهِ (اسْتِئْنَاف) وابتدأ كَلَام لَا من تَتِمَّة الْكَلَام السَّابِق وَإِن كَانَ لَهُ نوع تعلق بِهِ (اللَّام) الموضوضة (للتعريف) حَقِيقَتهَا (الْإِشَارَة إِلَى المُرَاد بِاللَّفْظِ) إِشَارَة عقلية، وَيحْتَمل أَن يكون قَوْله للتعريف خبر الْمُبْتَدَأ، وَقَوله الْإِشَارَة بَدَلا مِنْهُ سَوَاء كَانَ ذَلِك المُرَاد (مُسَمّى) بِأَن وضع اللَّفْظ بإزائه (أَولا) بِأَن كَانَ معنى مجازيا، وَالْمرَاد الْإِشَارَة من حَيْثُ أَنه مَعْلُوم الْمُخَاطب وَإِلَّا فالإشارة إِلَى نَفسه مَعَ قطع النّظر عَن معلوميته متحققة فِي النكرَة أَيْضا بِمُقْتَضى الْوَضع أَو الْقَرِينَة، غير أَنه لَا يشار إِلَى معلوميته وَإِن كَانَ مَعْلُوما فِي نفس الْأَمر للمخاطب (فالمعرف فِي) مر عَليّ أَشْجَع النَّاس (فأكرمت الْأسد الرجل) الشجاع (وَإِنَّمَا تدخل) لَام التَّعْرِيف (النكرَة) لَا الْمعرفَة لاستغنائها عَنْهَا (ومسماها) أَي النكرَة (بِلَا شَرط فَرد) مَا من الْمَفْهُوم الْكُلِّي الَّذِي يدل عَلَيْهِ (بِلَا زِيَادَة) من أَمر وجودي أَو عدمي: يَعْنِي مَاهِيَّة الْفَرد الْمُنْتَشِر لَا بِشَرْط شَيْء لَا مَاهِيَّة بِشَرْط شَيْء أَو بِشَرْط لَا شَيْء، وَإِنَّمَا قَالَ بِلَا شَرط، لِأَن مُسَمّى النكرَة بِشَرْط كَونه فِي سِيَاق النَّفْي كل فَرد وَلَا فَرد مَا (فَعدم التَّعْيِين) فِي مُسَمّى النكرَة (لَيْسَ جُزْءا لمعناها وَلَا شرطا) كَمَا يُوهم التَّعْبِير عَنهُ بفرد مَا وبالفرد الْمُنْتَشِر، وَإِلَّا لامتنع تحَققه مَعَ التَّعْيِين (فاستعملت فِي الْمعِين عِنْد الْمُتَكَلّم لَا السَّامع حَقِيقَة لصدق) مَفْهُوم (الْمُفْرد) يَعْنِي النكرَة إِذا اسْتعْملت فِي فَردهَا الَّذِي هُوَ معِين عِنْد الْمُتَكَلّم غير معِين عِنْد السَّامع، فَهِيَ بِاعْتِبَار هَذَا الِاسْتِعْمَال حَقِيقَة لصدق مَا وضعت لَهُ على الْمُسْتَعْمل فِيهِ، لَا أَنه يسْتَعْمل دَائِما فِي الْمعِين عِنْده لجَوَاز عدم تعْيين مَا اسْتعْملت فِيهِ عِنْد الْمُتَكَلّم أَيْضا كَمَا إِذا قَالَ: جَاءَنِي رجل وَهُوَ لَا يعرفهُ بِعَيْنِه (فَإِن نسبت إِلَيْهِ بعده) أَي إِن نسبت الْمُتَكَلّم الْمَذْكُور لذَلِك الْفَرد الْغَيْر الْمعِين شَيْئا بعد ذَلِك الِاسْتِعْمَال، والمخاطب هُوَ السَّامع الْمَذْكُور (عرفت) تِلْكَ النكرَة فِي خطابه الثَّانِي بِاللَّامِ حَال كَونه (معهودا) بَين الْمُتَكَلّم والمخاطب بِمَا سبق ذكره، وَلَو على سَبِيل الْإِبْهَام، فَعلم أَن التَّعْرِيف العهدي لَا يسْتَلْزم التَّعْيِين الشخصي، بل يَكْفِي فِيهِ تعين مَا (يُقَال) للْعهد الْمَذْكُور معهودا عهدا (ذكريا وخارجيا) صفة أُخْرَى، أما كَونه ذكريا فلسبق ذكره، وَأما كَونه

ص: 215

خارجيا فلمعهوديته فِي خَارج هَذِه الملاحظة الكائنة فِي هَذَا التخاطب، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (أَي مَا عهد من السَّابِق) فَقَوله: مَا عهد تَفْسِير للمعهود، وَقَوله: من السَّابِق تَفْسِير لقَوْله خارجيا، فَإِن مَا عهد فِي الزَّمَان السَّابِق لَا جرم يكون خارجيا عَن الملاحظة الخالية، وَكلمَة من ابتدائية لبَيَان مبدأ الْعَهْد (وَلَو) كَانَ الْمشَار إِلَيْهِ بِاللَّامِ معينا عِنْد التخاطب لما يُوجب ذَلِك من قرينَة أَو دوَام حُضُور فِي الذِّهْن إِلَى غير ذَلِك (غير مَذْكُور) بَينهَا (خص) ذَلِك الْمعِين الْغَيْر الْمَذْكُور (بالخارجي) أَي بالمعهود الْخَارِجِي، وَلَا يُقَال لَهُ الذكرى الْخَارِجِي كَقَوْلِه تَعَالَى {إِذْ هما فِي الْغَار} فَإِن الْغَار مَعْلُوم مُتَعَيّن عِنْد المخاطبين من غير سبق ذكر (وَإِذا دخلت) اللَّام الِاسْم (الْمُسْتَعْمل فِي غَيره) أَي فِي الْفَرد الْغَيْر الْمعِين عِنْد الْمُتَكَلّم وَالسَّامِع (عرفت معهودا ذهنيا) لكَون الْمشَار إِلَيْهِ أمرا ذهنيا غير مُتَعَيّن فِي الْخَارِج (وَيُقَال) للتعريف الْحَاصِل مِنْهَا حِينَئِذٍ (تَعْرِيف الْجِنْس أَيْضا) كَمَا يُقَال: تَعْرِيف الْعَهْد الذهْنِي (لصدق) الْفَرد (الشَّائِع على كل فَرد) من أَفْرَاد الْجِنْس (وَإِذا أُرِيد بهَا كل الْأَفْرَاد) أَي النكرَة بِأَن يشار بِاللَّامِ إِلَى الْحَقِيقَة من حَيْثُ تحققها فِي ضمن كل فَرد (عرفت الِاسْتِغْرَاق) أَي عرفت النكرَة تَعْرِيف الِاسْتِغْرَاق، فَحذف الْمُضَاف وأقيم الْمُضَاف إِلَيْهِ مقَامه فأعرب بإعرابه (أَو) أُرِيد بهَا (الْحَقِيقَة) من حَيْثُ هِيَ (بِلَا اعْتِبَار فَرد) وَقطع النّظر عَن اعْتِبَار تحققها فِي الْخَارِج فِي ضمن فَرد (فَهِيَ) أَي اللَّام (لتعريف الْحَقِيقَة والماهية كَالرّجلِ خير من الْمَرْأَة) لِأَنَّهُ لَا الْتِفَات فِي تَفْضِيل جنس الرجل على جنس الْمَرْأَة إِلَى الْفَرد، لِأَنَّهُ لَا يُرَاد أَن فَردا مَا مِنْهُ خير من فَرد مَا مِنْهَا، وَلَا أَن كل فَرد مِنْهُ خير من كل فَرد مِنْهَا فَإِن قلت إِذا قطع النّظر عَن الْفَرد مُطلقًا لزم الحكم بخيرية اعْتِبَار عَقْلِي من اعْتِبَار عَقْلِي آخر قلت لَيْسَ كَذَلِك، بل هُوَ تَرْجِيح لجنس مَوْجُود فِي الْخَارِج على جنس مَوْجُود فِيهِ، غَايَة الْأَمر عدم الْتِفَات الْحَاكِم إِلَى وجودهما وفردهما فِي الْخَارِج، وَعدم اعْتِبَار وجود الشَّيْء فِي نظر الْعقل لَا يسْتَلْزم عدم وجوده فِي نفس الْأَمر (غير أَنه) أَي الشَّأْن قد (يخال) أَي يظنّ (أَن الِاسْم) الَّذِي دَخلته اللَّام (حِينَئِذٍ مجَاز فيهمَا) أَي فِي الِاسْتِغْرَاق والحقيقة (لِأَنَّهُ) أَي الِاسْم الْمَذْكُور (لَيْسَ) مَوْضُوعا (للاستغراق وَلَا للماهية) من حَيْثُ هِيَ، بل للفرد والمنتشر للماهية (وَلَا اللَّام) مَوْضُوعَة للْإِشَارَة إِلَى كل فَرد، وَلَا للْإِشَارَة إِلَى الْمَاهِيّة من حَيْثُ هِيَ، لِأَنَّهَا مَوْضُوعَة للْإِشَارَة إِلَى مَا وضع لَهُ مدخوله، وَقد عرفت عدم وَضعه لشَيْء مِنْهَا (وَلَكِن تبادر الِاسْتِغْرَاق) فِي الاطلاقات (عِنْد عدم الْعَهْد يُوجب وَضعه لَهُ) أَي وضع الِاسْم للاستغراق أَي (بِشَرْط اللَّام) قيد للوضع لظُهُور عدم تبادره من الِاسْم الْمَذْكُور إِذا لم يكن مَدْخُول اللَّام (كَمَا قدمنَا) فِي

ص: 216

ذيل الْكَلَام على تَعْرِيف الْعَام (وَأَنه) أَي عدم الْعَهْد (الْقَرِينَة) لإِرَادَة بعض الْمعَانِي الَّتِي وضع الْمحلى بِإِزَاءِ كل مِنْهَا على سَبِيل الِاشْتِرَاك (وَلَو أَرَادَهُ) أَي عدم كَون الْعَهْد قرينَة بِالْمَعْنَى الْمَذْكُور (قَائِل أَن الِاسْتِغْرَاق) يفهم (من الْمقَام) كالسكاكي (صَحَّ) مَا أَرَادَهُ (بِخِلَاف الْمَاهِيّة من حَيْثُ هِيَ) فَإِنَّهَا (لم تتبادر) من الْمُعَرّف بِاللَّامِ (فتعريفها) أَي الْمَاهِيّة من حَيْثُ هِيَ (تَعْلِيق معنى حَقِيقِيّ للام) وَهُوَ الْإِشَارَة إِلَى مَعْلُوم مَعْهُود (بمجازى) أَي بِمَعْنى مجازى (للاسم، فَاللَّام فِي الْكل) أَي الْأَقْسَام الْأَرْبَعَة (حَقِيقَة لتحَقّق مَعْنَاهَا الْإِشَارَة) بِالْجَرِّ بدل من مَعْنَاهَا (فِي كل) من الْأَقْسَام الْمَذْكُورَة (واختلافه) أَي تنوع مَعْنَاهَا على الْوُجُوه الْأَرْبَعَة (لَيْسَ إِلَّا لخُصُوص) من (الْمُتَعَلّق) الْمشَار إِلَيْهِ لِأَنَّهُ فِي معنى حرفي وَنسبَة فيختلف باخْتلَاف الْمُتَعَلّق (فَظهر) من هَذَا الْبَيَان (أَي خصوصيات التعريفات) الْحَاصِلَة من اللَّام كل وَاحِد مِنْهَا (تَابع لخصوصيات المرادات ب) مَدْخُول (اللَّام) من الْفَرد الْمعِين، أَو الشَّائِع، أَو كل الْأَفْرَاد أَو الْمَاهِيّة من حَيْثُ هِيَ (والمعين) لوَاحِد مِنْهَا بِخُصُوصِهِ (الْقَرِينَة) بِحَسب المقامات (فَمَا قيل الرَّاجِح مُطلقًا) الْعَهْد (الْخَارِجِي ثمَّ الِاسْتِغْرَاق لندرة إِرَادَة الْحَقِيقَة من حَيْثُ هِيَ، والمعهود الذهْنِي يتَوَقَّف على قرينَة) للبعضية والاستغراق هُوَ الْمَفْهُوم من الاطلاق حَيْثُ لَا عهد فِي الْخَارِج، وَالْقَائِل الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ وَغَيره (غير مُحَرر) خبر مَا قيل، فِي الْقَامُوس تَحْرِير الْكتاب وَغَيره: تقويمه وَالْمعْنَى غير مُبين على وَجه يَسْتَقِيم بخلوصه عَن الِاعْتِرَاض الَّذِي يُوجب العوج (فَإِن الْمُرَجح عِنْد إِمْكَان كل من اثْنَيْنِ فِي الْإِرَادَة الأكثرية) لأَحَدهمَا (اسْتِعْمَالا) يَعْنِي إِذا أطلق لفظ لَهُ مَعْنيانِ، وَيصِح فِي ذَلِك الْمقَام إِرَادَة كل مِنْهُمَا فَلَا يتَعَيَّن أَحدهمَا مرَادا، فَإِن كَانَ أَحدهمَا بِحَيْثُ يسْتَعْمل اللَّفْظ فِيهِ أَكثر تكون أكثريته بِحَسب الِاسْتِعْمَال مرجحا لإرادته (أَو فَائِدَة) مَعْطُوفًا على قَوْله اسْتِعْمَالا، فهما تمييزان عَن نِسْبَة الأكثرية أَحدهمَا، فَإِن أصل التَّرْكِيب أكثرية أَحدهمَا، حذف الْمُضَاف إِلَيْهِ وَعوض عَنهُ اللَّام (وَلَا خَفَاء فِي أَن نَحْو: جَاءَنِي عَالم، فَأكْرم الْعَالم زِيَادَة الْفَائِدَة) فِيهِ إِنَّمَا يتَحَقَّق (فِي الِاسْتِغْرَاق، حَيْثُ يكرم الجائي) الْمَذْكُور الْمَقْصُود إكرامه أَصَالَة (ضمن الْعُمُوم) حَال عَن الجائي وَإِن كَانَ الْأَظْهر كَونه ظرفا ليكرم، لِأَن تَقْدِير فِي فِي ظروف الْمَكَان مَحْدُود بِمَا عرف فِي مَحَله وَحَاصِله أَن إِرَادَة الْعُمُوم والاستغراق يُفِيد أَمر الْمُخَاطب بإكرام الجائي مَعَ زِيَادَة أمره بإكرام كل عَالم سواهُ (بِخِلَاف تَقْدِيم) الْعَهْد (الْخَارِجِي) وترجيحه بِأَن يحمل الْعَالم على الْعَالم الْمَذْكُور الْمَنْسُوب إِلَيْهِ الجيئية (فَإِنَّهُ) أَي الْكَلَام الْمَذْكُور (يكون) حِينَئِذٍ (أمرا بإكرام الجائي فَقَط) دون غَيره من الْعلمَاء (وَلذَا) أَي لأكثرية الْفَائِدَة (قدم)

ص: 217

الِاسْتِغْرَاق (على) الْعَهْد (الذهْنِي إِذا أمكنا) أَي الِاسْتِغْرَاق والعهد الذهْنِي (وَظهر مِمَّا ذكرنَا) من أَن اللَّام للْإِشَارَة إِلَى المُرَاد بِاللَّفْظِ، وَمن أَن خصوصيات التعريفات تَابع لخصوصيات المرادات من مَدْخُول اللَّام إِلَى آخِره (أَن لَيْسَ تَعْرِيف الِاسْتِغْرَاق والعهد الذهْنِي من فروع) تَعْرِيف (الْحَقِيقَة كَمَا قيل) إِذْ لَو كَانَ من فروعها لم تكن الْإِشَارَة بهَا إِلَى المُرَاد بِاللَّفْظِ على الْإِطْلَاق، إِذْ المُرَاد بِهِ قد يكون نفس الْحَقِيقَة وَقد يكون نفس الْحَقِيقَة من حَيْثُ تحققها فِي ضمن الْأَفْرَاد كلا أَو بَعْضًا على مَا سبق وَلم يكن تَابعا لتِلْك الخصوصيات، بل كَانَ تَابعا لنَفس الْحَقِيقَة لكَون الْإِشَارَة فِي الْكل إِلَى نفس الْحَقِيقَة على ذَلِك التَّقْدِير، فَإِن معنى تبعيتها للخصوصيات أَن يكون تعين كل خُصُوصِيَّة مِنْهَا بِاعْتِبَار كَونهَا إِشَارَة إِلَى خُصُوصِيَّة المُرَاد (وَلَا أَن اللَّام لَيست إِلَّا لتعريف الْحَقِيقَة) وَبَاقِي الْأَقْسَام من فروعه (كَمَا نسب إِلَى الْمُحَقِّقين) قَوْله كَمَا قيل كَمَا نسب خبران لمَحْذُوف تَقْدِيره: وَهَذَا القَوْل كَمَا قيل كَمَا نسب (غير أَن حاصلها) أَي حَاصِل التعريفات الْحَاصِلَة بِاللَّامِ (أَرْبَعَة أَقسَام فذكروها) أَي هَذِه الْأَقْسَام على وَجه يُوهم أَنَّهَا أَقسَام تَعْرِيف الْحَقِيقَة (تسهيلا) للضبط (بل الْمُعَرّف لَيْسَ إِلَّا المُرَاد بِالِاسْمِ) سَوَاء اسْتعْمل فِيهِ حَقِيقَة أَو مجَازًا (وَلَيْسَت الْمَاهِيّة مُرَادة دَائِما، وَكَونهَا جُزْء المُرَاد لَا يُوجب أَنَّهَا المُرَاد الَّذِي هُوَ مُتَعَلق الْأَحْكَام فِي التَّرْكِيب) وَهُوَ الملتفت بِالذَّاتِ، والجزء إِنَّمَا يقْصد ضمنا بالتبع، أَشَارَ بقوله دَائِما فِي سِيَاق النَّفْي إِلَى أَنَّهَا قد ترَاد فِي بعض الاستعمالات مجاراة للخصم، ثمَّ نفى كَونهَا مُرَادة بِالْكُلِّيَّةِ بقوله (على أَنَّهَا) أَي الْمَاهِيّة (لم ترد) من حَيْثُ كَونهَا (جُزْءا) من الْمُسَمّى لتَكون اللَّام إِشَارَة إِلَى الْحَقِيقَة من حَيْثُ هِيَ، إِذْ التَّحْقِيق أَن الْمُسَمّى إِنَّمَا هِيَ الْحَقِيقَة الْمقيدَة بالوحدة الْمُطلقَة كَمَا سيشير إِلَيْهِ (بل) إِنَّمَا أريدت عِنْد كَون اللَّام للْحَقِيقَة على أَنَّهَا كل) أَي تَمام مَا وضع لَهُ اللَّفْظ (فَإِنَّهَا إِنَّمَا أريدت) عِنْد ذَلِك (مُقَيّدَة بِمَا يمْنَع الِاشْتِرَاك، وَهُوَ) التعين الْمُطلق، وَمنعه الِاشْتِرَاك بِاعْتِبَار مَا صدق عَلَيْهِ، وَذَلِكَ: أَي الْمقيدَة بِمَا يمْنَع الِاشْتِرَاك (نفس الْفَرد، وَهُوَ) أَي الْفَرد (المُرَاد بالتعريف) الْمشَار إِلَيْهِ بأدلته (وَالِاسْم) أَي وَأَيْضًا هُوَ المُرَاد بِالِاسْمِ الْمَدْخُول للام (وَالْمَجْمُوع) من الْمَاهِيّة والقيد (غير أَحدهمَا) فَلَا يكون المُرَاد بالتعريف وَالِاسْم الْمَاهِيّة من حَيْثُ هِيَ فحاصل هَذَا التَّحْقِيق ردقولهم فِي لَام الْحَقِيقَة إِنَّهَا إِشَارَة إِلَى الْمَاهِيّة من حَيْثُ هِيَ، فَإِن الْإِشَارَة فِي الرجل خير من الْمَرْأَة إِلَى الْمَاهِيّة الْمقيدَة بِالتَّعْيِينِ الْمُطلق، لَا الْمَاهِيّة من حَيْثُ هِيَ، والماهية من حَيْثُ هِيَ من الاعتبارات الْعَقْلِيَّة لَا تُوصَف بالخيرية، وَمثل الْإِنْسَان نوع من الاعتبارات الفلسفية لَا يلْتَفت إِلَيْهَا فِي كَلَام الْعَرَب، وَالْفرق حِينَئِذٍ بَين لَام الْحَقِيقَة وَلَام الِاسْتِغْرَاق، والعهد الذهْنِي أَنَّهَا ساكتة عَن بَيَان كَون الْمَاهِيّة

ص: 218

متحققة فِي ضمن الْكل أَو الْبَعْض وَالله أعلم. (هَذَا وَحين صَار الْجمع مَعَ اللَّام كالمفرد) لإبطال اللَّام الجنسي معنى الجمعية على مَا مر (كَانَ تقسيمه) أَي الْجمع (مثله) أَي مثل تَقْسِيم الْمُفْرد (إِلَّا أَن كَونه) أَي الْجمع (مجَازًا عَن الْجِنْس يبعد، بل) هُوَ (حَقِيقَة لكل) من الِاسْتِغْرَاق وَالْجِنْس للْفرق بَين صِيغَة الْجمع وَصِيغَة الْمُفْرد بِاعْتِبَار أصل الْوَضع. فَإِن الْمُفْرد فِي الأَصْل مَوْضُوع للفرد، وَالْجمع للأفراد، فَنَاسَبَ كَونه حَقِيقَة عِنْد إِرَادَة الِاسْتِغْرَاق، لِأَن جَمِيع الْأَفْرَاد مِمَّا يصدق عَلَيْهِ حَقِيقَته الْأَصْلِيَّة، وَعند إبِْطَال جمعيته ناسب إِرَادَة الْجِنْس مِنْهُ مُجَردا عَن قيد الْوحدَة لتجرده عَن الْعدَد بِاعْتِبَار وضع ثَان لَهُ عِنْد دُخُول اللَّام، ثمَّ أَشَارَ إِلَى دَلِيل الْحَقِيقَة بقوله (للفهم) يَعْنِي يفهم مِنْهُ كل من الْمَعْنيين من غير حَاجَة إِلَى قرينَة، وَهَذَا عَلامَة الْحَقِيقَة (كَمَا ذكرنَا فِي نَحْو الْأَئِمَّة من قُرَيْش) من إِرَادَة الِاسْتِغْرَاق (و) فِي نَحْو (يَخْدمه العبيد) من إِرَادَة الْجِنْس (وَمَا لَا يُحْصى) من الْأَمْثِلَة (وَأما النكرَة فعمومها فِي النَّفْي ضَرُورِيّ) وَقد سبق بَيَانه (وَكَذَا) عمومها ضَرُورِيّ (فِي الشَّرْط الْمُثبت) حَال كَونه (يَمِينا)(لِأَن الْحلف) فِي الشَّرْط الْمَذْكُور (على نَفْيه) أَي نفي مَضْمُون الشَّرْط، فَفِي قَوْله إِن كلمت رجلا، فَأَنت طَالِق الْمَحْلُوف عَلَيْهِ نفي الْكَلَام، لِأَنَّهُ الْمَطْلُوب من الْحلف، فَبِهَذَا الِاعْتِبَار قَوْله رجلا نكرَة فِي سِيَاق النَّفْي (لَا الْمَنْفِيّ) عطف على الْمُثبت فَلَا عُمُوم لَهَا فِيهِ (كَأَن لم أكلم رجلا) فَهِيَ طَالِق (لِأَنَّهُ) أَي الْحلف فِي الشَّرْط الْمَنْفِيّ (على الْإِثْبَات) أَي إِثْبَات مَضْمُون الشَّرْط، وَلَا عُمُوم لَهَا فِي الْإِثْبَات من غير قرينَة الْعُمُوم كَأَنَّهُ قَالَ فِي هَذَا الْمِثَال (لأُكلمَن رجلا) وَلذَا قَالُوا: الْيَمين فِي الْإِثْبَات للْمَنْع وَالنَّهْي: وَهُوَ كالنفي، وَفِي النَّفْي للْحَمْل على إِيقَاع مَضْمُون الشَّرْط، وَهُوَ لَا يقتضى الْعُمُوم (وَلَا يبعد فِي غير الْيَمين قصد الْوحدَة) إِذا وَقعت فِيهِ فَإِن الْوحدَة مُعْتَبرَة فِي مَفْهُوم النكرَة لِأَنَّهَا الْمَاهِيّة الْمقيدَة بالوحدة الْمُطلقَة، فقد يكون منَاط الحكم الْمُقَيد فِي الْمُقَيد بِهِ كَمَا (فِي مثل إِن جَاءَك رجل فأطعمه فَلَا تعم) فِيهِ إِذْ حَال كَون الْوحدَة مرَادا للمتكلم فَلَا يطعم إِذا جَاءَ أَكثر من رجل وَاحِد (وَفِي غَيرهمَا) أَي فِي غير الْمَنْفِيّ الصَّرِيح وَالشّرط الْمُثبت الَّذِي بِمَعْنَاهُ (إِن وصفت بِصفة عَامَّة) وَفسّر عمومها بقوله (أَي لَا تخص فَردا) بِأَن تحققت فِي أَكثر من وَاحِد نَحْو: جَالس رجلا يدْخل دَاره وَحده قبل كل أحد (عَمت كلعبد مُؤمن خير، وَقَول مَعْرُوف خير) فَإِن كلا من الصفتين لَا يخْتَص بهَا وَاحِد، ثمَّ أَنَّهَا تعم (مَا لم يتَعَذَّر) الْعُمُوم فَإِن تعذر لَا تعم (كلقيت رجلا عَالما) فَإِنَّهُ وصف بِصفة عَامَّة، لكنه مُتَعَذر لقاؤه كل عَالم عَادَة (وَوَاللَّه لَا أجالس إِلَّا رجلا عَالما) فَإِن مَا بعد الِاسْتِثْنَاء فِي غير الْمُوجب إِثْبَات، وَقد وصف بِصفة عَامَّة غير أَنه تعذر الْعُمُوم عَادَة وَلم يقْصد بِهِ الوجدة بِقَرِينَة الصّفة الْعَامَّة، فَلِذَا قَالَ (لَهُ مجالسة

ص: 219

كل عَالم جمعا وَتَفْرِيقًا) فَلَا يَحْنَث بمجالسته الْعَالمين أَو الْعلمَاء كَمَا لَا يَحْنَث بمجالسة عَالم وَاحِد، وَهَذَا بِخِلَاف (وَوَاللَّه لَا أجالس إِلَّا رجلا غير مُقَيّد) بِصفة عَامَّة (يَحْنَث برجلَيْن، قيل الْفرق) بَين هَاتين المسئلتين (أَن الِاسْتِثْنَاء بِمَا يصدق على الشَّخْص) الْوَاحِد (لَا يتَنَاوَل إِلَّا وَاحِدًا) لِأَن الْمُسْتَثْنى مِنْهُ مُسْتَغْرق جَمِيع مَا يصلح لَهُ فَلَا يحكم بِخُرُوج شَيْء مِنْهُ إِلَّا بِقدر مَا يَقْتَضِيهِ الِاسْتِثْنَاء، وَمُقْتَضَاهُ أدنى مَا ينْطَلق عَلَيْهِ الِاسْم الْمُسْتَثْنى (فَإِذا وصف) الِاسْم النكرَة الْمُسْتَثْنى (بعام ظهر الْقَصْد إِلَى وحدة النَّوْع) كَانَ قبل الْوَصْف يحمل الْوحدَة على وحدة الشَّخْص، فصرف الْوَصْف الْعَام عَن وحدة إِلَى وحدة، وَقيل يَنْبَغِي أَن يُقَال وصف عَام لَا يزاحمه وصف يُنَافِي الْعُمُوم، نَحْو: لَا أكلم إِلَّا رجلا كوفيا وَاحِدًا فَإِنَّهُ يمْتَنع فِيهِ الْعُمُوم، وَتَركه المُصَنّف لظُهُوره (وَزِيَادَة) قيد آخر على الْوَصْف الْعَام كَمَا فِي التَّلْوِيح، وَهُوَ (بِقَرِينَة كَونه) أَي الْوَصْف (مِمَّا يَصح تَعْلِيل الحكم بِهِ نقص) خبر زِيَادَة وَلَا يخفى لطفه، بل الصَّوَاب أَن لَا يُزَاد، لِأَن هَذَا الحكم بِعَيْنِه ثَابت فِيمَا لَو قَالَ: لَا أجالس إِلَّا جَاهِلا مَعَ أَنه لَا يصلح التَّعْلِيل بِهِ عِنْد الْعقل (وَحَاصِله) أَي حَاصِل اسْتِعْمَالهَا فِي غير النَّفْي (أَنَّهَا فِي الْإِثْبَات تعم بِقَرِينَة لَا تَنْحَصِر فِي الْوَصْف) صفة للقرينة أَو اسْتِئْنَاف لبيانها (بل يكثر) أَي يكثر تحققها فِي ضمن الْوَصْف (وَقد يظْهر عمومها من الْمقَام وَغَيره: كعلمت نفس، وَتَمْرَة خير من جَرَادَة) فَإِن الْمقَام قرينَة على أَنه لَيْسَ علم النَّفس بِمَا قدمت وأخرت أمرا يخْتَص بِأحد دون أحد، وَكَذَا: خيريه تَمْرَة، وَهُوَ أثر رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة عَن عمر وَابْن عَبَّاس رضي الله عنهم (وَأكْرم كل رجل) وَهَذَا مِثَال لغير الْمقَام، وَهُوَ لفظ كل (و) أكْرم (رجلا لَا امْرَأَة) فَإِن نفى الْمَرْأَة فِي الْمُقَابلَة يدل على أَن الْإِكْرَام مَنُوط بِوَصْف الرجلية أَيْنَمَا وجد، والتخصيص بِالْبَعْضِ تَرْجِيح بِلَا مُرَجّح (وَهِي) أَي النكرَة (فِي غير هَذِه) الْمَوَاضِع (مُطلقَة) أَي دَالَّة على فَرد غير معِين على سَبِيل الْبَدَل كَأَن الله يَأْمُركُمْ أَن تذبحوا بقرة كَمَا يقتضية الْوَضع لَا تعرض فِيهَا لعُمُوم وَلَا خُصُوص (وَمن فروعها إِعَادَتهَا) أَي مِمَّا يفرع على النكرَة أَحْكَام إِعَادَتهَا معرفَة: أَي ونكرة (وَكَذَا الْمعرفَة) أَي من فروعها إِعَادَتهَا معرفَة ونكرة، فَالْمُرَاد بِالْإِعَادَةِ تَكْرِير اللَّفْظ الأول إِمَّا مَعَ كَيْفيَّة من التَّعْرِيف والتنكير أَو بِدُونِهَا (وَيلْزم كَون تَعْرِيفهَا) أَي تَعْرِيف الْمعرفَة (بِاللَّامِ أَو الْإِضَافَة فِي إِعَادَتهَا) أَي فِي إِعَادَة تِلْكَ الْمعرفَة (نكرَة) مفعول للإعادة. قَالَ الشَّارِح وَفِي إِعَادَة النكرَة معرفَة أَيْضا، ثمَّ الْأَقْسَام الممكنة أَرْبَعَة: إِعَادَة الْمعرفَة معرفَة، والنكرة نكرَة، والمعرفة نكرَة، وَعَكسه (وَضَابِط الْأَقْسَام) بِاعْتِبَار الْأَحْكَام أَن يُقَال (أَن نكر الثَّانِي فَغير الأول) أَي فَالْمُرَاد بِالثَّانِي غير المُرَاد بِالْأولِ، وَإِلَّا لَكَانَ الْمُنَاسب تَعْرِيفه بِاللَّامِ

ص: 220

أَو الْإِضَافَة بِنَاء على كَونه معهودا سَابِقًا ذكره (أَو عرف فعينه) كَقَوْلِه تَعَالَى - {فَإِن مَعَ الْعسر يسرا إِن مَعَ الْعسر يسرا} -، وَعنهُ صلى الله عليه وسلم " لن يغلب عسر يسرين فَإِن مَعَ الْعسر يسرا ". (وَهُوَ) أَي الضَّابِط الْمَذْكُور (أكثري) لَا كلي، لِأَنَّهُ قد تُعَاد النكرَة نكرَة عين الأولى كَقَوْلِه تَعَالَى - {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَه وَفِي الأَرْض إِلَه} -، وتعاد النكرَة معرفَة غير الأولى كَقَوْلِه تَعَالَى - {زدناهم عذَابا فَوق الْعَذَاب} - كَذَا قيل، وَفِيه نظر، وتعاد الْمعرفَة معرفَة غير الأولى كَقَوْلِه تَعَالَى - {وأنزلنا إِلَيْك الْكتاب مُصدقا لما بَين يَدَيْهِ من الْكتاب} -، ونكرة عين الأول كبيت الحماسة:

صفحنا عَن بني ذهل وَقُلْنَا الْقَوْم إخْوَان عَسى الْأَيَّام أَن يرجع ن قوما كَالَّذي كَانُوا

(فينبني عَلَيْهِ) أَي على هَذَا الأَصْل (إِقْرَاره بِمَال مُقَيّد بالصك) وَهُوَ كتاب الْإِقْرَار بِالْمَالِ وَغَيره، مُعرب (و) إقراه بِمَال (مُطلق) كل من المسئلتين (مَعْرُوفَة عِنْد الْحَنَفِيَّة غير إِقْرَاره بمقيد) أَي غير مَعْرُوف عِنْدهم إِقْرَاره بِمَال مُقَيّد بالصك فِي مجْلِس (ثمَّ) إِقْرَاره (فِي) مجْلِس (آخر) مُقَيّدا بالصك (بِهِ) أَي بِالْمَالِ (مُنْكرا وَقَلبه) أَي وَغير مَعْرُوف أَيْضا إِقْرَاره بِمَال مُنكر فِي مجْلِس، ثمَّ بِهِ فِي مجْلِس آخر مُقَيّدا بالصك، فَإِن حكم هَاتين المسئلتين غير مَعْرُوف نقلا عَن أبي حنيفَة رحمه الله وصاحبيه، وَإِنَّمَا (خرج وجوب مالين عِنْد أبي حنيفَة رحمه الله فِي الأولى (و) وجوب (مَال) وَاحِد فِي الثَّانِيَة (اتِّفَاقًا) نقل عَن المُصَنّف أَنه لخص شرح هَذِه الْجُمْلَة، فَقَالَ: فالمنقول أَنه إِذا أقرّ بِأَلف فِي هَذَا الصَّك ثمَّ أقرّ بهَا كَذَلِك فِي مجْلِس آخر عَن شُهُود آخَرين كَانَ اللَّام ألفا وَاحِدَة بِنَاء على إِعَادَة الْمعرفَة، وَلَو أقرّ بِأَلف مُطلق عَن الصَّك غير مُقَيّد بِسَبَب، ثمَّ فِي مجْلِس آخر بِأَلف كَذَلِك قَالَ أَبُو حنيفَة تلْزمهُ أَلفَانِ بِنَاء على إِعَادَة النكرَة نكرَة كَمَا لَو كتب صكين كلا بِأَلف وَأشْهد على كل شَاهِدين، وَعِنْدَهُمَا تلْزمهُ ألف وَاحِدَة للْعُرْف على تكْرَار الْإِقْرَار للتَّأْكِيد، وَلَو اتَّحد الْمجْلس فِي هَذِه لزمَه ألف وَاحِدَة اتِّفَاقًا فِي تَخْرِيج الْكَرْخِي لجمع الْمجْلس المتفرقات، وَلَو أقرّ بِأَلف مُقَيّد بالصك عِنْد شَاهِدين، ثمَّ فِي آخر عِنْد آخَرين بِأَلف مُنكر خرج لُزُوم أَلفَيْنِ على قَول أبي حنيفَة بِنَاء على إِعَادَة الْمعرفَة نكرَة، وَفِي عكسها يَنْبَغِي وجوب ألف اتِّفَاقًا، لِأَن النكرَة أُعِيدَت معرفَة، ثمَّ التَّقْيِيد بالشاهدين فِي الصُّور، لِأَنَّهُ لَو أقرّ بِأَلف عِنْد شَاهد وَألف عِنْد آخر، أَو بِأَلف عِنْد شَاهِدين وَألف عِنْد القَاضِي لزمَه ألف وَاحِدَة اتِّفَاقًا انْتهى، وَذَلِكَ لِأَن الشَّاهِد الْوَاحِد لَا يتم بِهِ الْحجَّة فالإعادة للْأَحْكَام والإتمام، والإعادة عِنْد القَاضِي لإِسْقَاط مُؤنَة الْإِثْبَات بِالْبَيِّنَةِ، وَفِيه الِاتِّفَاق بتخريج الْكَرْخِي، لِأَنَّهُ على الِاخْتِلَاف فِي تَخْرِيج الرَّازِيّ، وَلَو أقرّ بِأَلف عِنْد شَاهِدين فِي

ص: 221

مجْلِس، ثمَّ بِأَلف عِنْد آخَرين فِي مجْلِس أَو عَكسه يلْزمه المالان، وَعِنْدَهُمَا يدْخل الْأَقَل فِي الْأَكْثَر (وَأما من فعلى الْخُصُوص) أَي فوصفها على الْخُصُوص (كَسَائِر الموصولات) فَهِيَ لَيست بِالْوَضْعِ، بل بِالْوَصْفِ الْمَعْنَوِيّ الَّذِي هُوَ مَضْمُون الصِّلَة، لِأَن الْمَوْصُول مَعَ الصِّلَة فِي حكم اسْم مَوْصُوف على مَا هُوَ الْمُخْتَار عِنْد المُصَنّف رحمه الله (والنكرة) أَي وكالنكرة فِي كَونهَا مَوْضُوعَة فِي الْخُصُوص (وأخص مِنْهَا) أَي من النكرَة (لِأَنَّهَا) أَي من وضعت (لعاقل ذكر أَو أُنْثَى عِنْد الْأَكْثَر) فعلى هَذَا إِطْلَاقهَا على الله يجوز، وَلَو قيل الْعَالم لَكَانَ أَعم، وَقد يُطلق على غير الْعَالم مُنْفَردا، أَو مَعَ غَيره، وَقيل يخْتَص بالمذكر (وَنصب الْخلاف فِي) من (الشّرطِيَّة) خَاصَّة كَمَا فعل ابْن الْحَاجِب (غير جيد) إِذْ الموصولة، والموصوفة والاستفهامية كَذَلِك (وَالِاسْتِدْلَال) للْأَكْثَر ثَابت (بِالْإِجْمَاع على عتقهن) أَي إمائه (فِي من دخل) دَاري فَهُوَ حر، إِذْ لَوْلَا ظُهُور تنَاوله لَهُنَّ لما أجمع عَلَيْهِ (والنكرة بِحَسب الْمَادَّة قد تكون لغيره) لما قَالَ أَن من أخص لاختصاصها بالعاقل فهم أَن النكرَة للعاقل وَغَيره، فَرُبمَا يفهم أَن وَضعهَا مُطلقًا لما يشملهما، فَبين أَن النكرَة قد تخص بالعاقل، وَقد تكون لغير الْعَاقِل، وَالَّذِي لَيْسَ بِحَسب الْمَادَّة كَلَفْظِ: عَاقل وَمَجْنُون فِي ضِدّه، وَفرس لنَوْع غير عَاقل، فالأعم بعض النكرَة (وتساويها) أَي النكرَة (الَّذِي) وَبَقِيَّة الموصولات فِي أَنَّهَا على الْخُصُوص والشيوع (وضعا وَإِنَّمَا لَزِمَهَا) أَي من الموصولة، وَكَذَا بَقِيَّة الموصولات (التَّعْرِيف فِي الِاسْتِعْمَال وعمومها) أَي من (بِالصّفةِ) المعنوية على مَا ذكر، فَإِن كَانَت الصّفة بِحَيْثُ تعم جَمِيع مَا تصلح لَهُ تعين عمومها (وَيلْزم عمومها فِي الشَّرْط والاستفهام، وَقد تخص مَوْصُولَة وموصوفة) وَهَذَا لَا تَحْرِير فِيهِ، فَإِن من كَمَا تخص مَوْصُولَة وموصوفة لعدم عُمُوم مَضْمُون صلتها وصفتها تخص شَرْطِيَّة، واستفهامية لما يُوجب تخصيصها، وكما يلْزم عمومها شَرْطِيَّة أَو استفهامية بِوَاسِطَة الشَّرْط، والاستفهام قد يلْزم عمومها مَوْصُولَة وموصوفة لعُمُوم مضمونها، ثمَّ لَا يلْزم من كَونهَا مرَادا بهَا الْخُصُوص فِي بعض الْأَحْوَال وَضعهَا لَهُ، وَمَا ذكره المُصَنّف مَذْكُور فِي غير مَوضِع فَهُوَ مختاره لما بدا لَهُ من الاستعمالات وَغَيرهَا، وَإِذا تقرر مَا ذكر (فَفِي من شَاءَ من عَبِيدِي عتقه) فَهُوَ حر فشاءوا عتقهم (يعتقون، وَكَذَا من شِئْت) من عَبِيدِي عتقه فَأعْتقهُ (عِنْدهمَا) أَي عِنْد أبي يُوسُف وَمُحَمّد: إِذا شَاءَ عتقهم (يعتقهم) وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِك (لِأَن من للْبَيَان، و) من للْعُمُوم فَيتَنَاوَل الْجَمِيع (عِنْده) أَي أبي حنيفَة إِذا شَاءَ يعْتق الْكل (إِلَّا الأخيران رتب) عتقهم (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يرتب عتقهم، بل أعتقهم دفْعَة (فمختار الْمولى) أَي أعتقوا إِلَّا وَاحِدًا للْمولى الْخِيَار فِي تعينه (لِأَنَّهَا) أَي من (تبعيض فيهمَا) أَي من

ص: 222

المسئلتين (فأمكنا) أَي عُمُوم من، وتبعيض من فِي التَّعْلِيق (فِي الأولى لتعين عتق كل) من العبيد (بمشيئته، فَإِذا عتق كل مَعَ قطع النّظر عَن غَيره فَهُوَ) أَي كل مِنْهُم (بعض) من الْعُمُوم (وَفِي الثَّانِيَة) تعلق عتقهم (بِمَشِيئَة وَاحِد، فَلَو أعتقهم لَا تبعيض) بِالْكُلِّيَّةِ مَعَ إِمْكَان الْعَمَل بِهِ، وبالعموم أَو بِمُجَرَّد إِخْرَاج وَاحِد، فَإِن الْقَلِيل فِي حكم الْعَدَم (وَهَذَا) الدَّلِيل (يتم فِي الدفعى) أَي فِيمَا إِذا تعلق مَشِيئَته بِالْكُلِّ دفْعَة فَإِنَّهُ لَا يبْقى حِينَئِذٍ للتَّبْعِيض تَوْجِيه (لَا) يتم (فِي التَّرْتِيب) بِأَن يتَعَلَّق مَشِيئَة الْمُخَاطب بعتقهم دفعات فَيصدق على كل وَاحِد أَنه شَاءَ الْمُخَاطب عتقه، وَهُوَ بعض من العبيد (وتوجيه قَوْله) أَي أبي حنيفَة رحمه الله كَمَا وَجهه صدر الشَّرِيعَة وَادّعى التفرد بِهِ (بِأَن الْبَعْض مُتَيَقن) على تقديري التَّبْعِيض وَالْبَيَان، وَالْحمل على الْمُتَيَقن مُتَعَيّن (لَا يقتضيها) كَون من (تبعيضية) أَي تبعيضها فالمضاف إِلَيْهِ مَحْذُوف وَيجوز أَن تكون تبعيضية تمييزا عَن نِسْبَة الْمَنْقُول: أَي لَا يقتضى تبعيضها (لِأَنَّهَا) أَي التبعيضية (للْبَعْض الْمُجَرّد) الَّذِي يكون تَمام المُرَاد، لَا فِي ضمن الْكل، نَحْو: أكلت من الرَّغِيف (وَلَيْسَ) الْبَعْض الْمُجَرّد (هُوَ الْمُتَيَقن) على التَّقْدِيرَيْنِ (بل) الْبَعْض الْمَذْكُور الَّذِي التبعيضية عبارَة عَنهُ (ضِدّه) أَي ضد الْبَعْض المتحقق فِي ضمن البيانية، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُجَرَّد بالتفسير الْمَذْكُور وَلَا يُمكن اجْتِمَاع الضدين فَكيف يتَصَوَّر وجود الْمُجَرّد على التَّقْدِيرَيْنِ وَالْجَوَاب بِأَن المُرَاد بِالْبَعْضِ فِي قَوْله: الْبَعْض مُتَيَقن مَا يُطلق عَلَيْهِ لفظ الْبَعْض غير سديد، لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يلْزم أَن تكون من تبعيضية، والتوجيه مَبْنِيّ عَلَيْهِ، ثمَّ أَشَارَ إِلَى تَوْجِيه آخر لقَوْل أبي حنيفَة بقوله (وَبِأَن وصف من بِمَشِيئَة الْمُخَاطب) فِيمَن شِئْت من عَبِيدِي إِلَى آخِره (وصف خَاص) لِأَن مَا يُوصف بِهِ خَاص لكَونه مُسْندًا إِلَى خَاص (وعمومها) أَي عُمُوم من إِنَّمَا يحصل (بِالْعَام) أَي بِالْوَصْفِ الْعَام وَلم يُوجد فَلَا عُمُوم، فَوَجَبَ الْعَمَل بِمُوجب التَّبْعِيض من غير معَارض، وَلزِمَ اسْتثِْنَاء الْوَاحِد تَحْقِيقا لِمَعْنى التَّبْعِيض. وَقَالَ الشَّارِح: أَن عُمُوم الْمَشِيئَة بإسنادها إِلَى الْعَام الَّذِي هُوَ من وَلَا يخفى فَسَاده، إِذْ قد مر أَن عُمُوم من بِالصّفةِ فَكيف يكون عُمُوم الصّفة بهَا؟ وَلَئِن سلم فَمَا معنى التَّوْجِيه حِينَئِذٍ فَافْهَم (كمن شَاءَ من عَبِيدِي إِلَى آخِره) تَمْثِيل للوصف الْعَام لعدم إِسْنَاد الْمَشِيئَة إِلَى خَاص (دفع) التَّوْجِيه الْمَذْكُور (بِأَن حَقِيقَة وصفهَا) أَي وصف من (فِيهِ) أَي فِيمَن شِئْت إِلَى آخِره (بِكَوْنِهَا) أَي من (مُتَعَلق مَشِيئَة) الْمُخَاطب (وَهُوَ) أَي مُتَعَلق مَشِيئَته: يَعْنِي كَونهَا بِحَيْثُ أضيف إِلَيْهَا الْمَشِيئَة (عَام) فَانْدفع ادِّعَاء كَون الْوَصْف خَاصّا (وَأما مَا فلغير الْعَاقِل) وَحده: نَحْو - {فاقرءوا مَا تيَسّر من الْقُرْآن} -، (وللمختلط) بِمن يعقل وَمن لَا يعقل: نَحْو - {سبح لله مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْض} ، والمتبادر من

ص: 223

هَذَا كَونهَا مُشْتَركَة بَين غير الْعَاقِل والمختلط (فَلَو ولدت غُلَاما وَجَارِيَة فِي) مُدَّة التَّعْلِيق بقوله (إِن كَانَ مَا فِي بَطْنك غُلَاما) فَأَنت طَالِق (لَا يَقع) الطَّلَاق. قَالَ الشَّارِح لِأَن الشَّرْط إِنَّمَا يكون جَمِيع مَا فِي بَطنهَا غُلَاما بِنَاء على عُمُوم مَا، فَلَا يتَحَقَّق مَضْمُون الشَّرْط (وَفِي طَلِّقِي نَفسك من الثَّلَاث مَا شِئْت لَهَا الثَّلَاث) أَي لَهَا الْخِيَار فِي إِيقَاع الثَّلَاث (عِنْدهمَا) أَي أبي يُوسُف وَمُحَمّد (وَعِنْده) أَي عِنْد أبي حنيفَة (ثِنْتَانِ، وَهِي) أَي هَذِه المسئلة (كَالَّتِي قبلهَا) أَي من شِئْت من عَبِيدِي إِلَى آخِره من حَيْثُ أَن كلا مِنْهُمَا بَيَانِيَّة عِنْدهمَا تبعيضية عِنْده أَي أبي حنيفَة رحمه الله (وَقَوله أحسن، لِأَن تَقْدِيره) أَي الْكَلَام (على الْبَيَان) طَلِّقِي نَفسك (مَا شِئْت مِمَّا هُوَ الثَّلَاث). وَفِي شرح الْهِدَايَة: طَلِّقِي نَفسك مَا شِئْت الَّذِي هُوَ الثَّلَاث: هَذَا إِذا كَانَ مَا معرفَة، فَإِن كَانَ نكرَة فَالْمَعْنى عددا شِئْت هُوَ الثَّلَاث، وَضَابِط البيانية صِحَة وضع الَّذِي مَكَانهَا، وَوَصلهَا بضمير مَرْفُوع مُنْفَصِل مَعَ مدخولها إِذا كَانَ الْمُبين معرفَة، وَصِحَّة وضع الضَّمِير الْمَرْفُوع الْمُنْفَصِل موضعهَا ليَكُون مدخولها إِذا كَانَ الْمُبين نكرَة، فَفِي - {فَاجْتَنبُوا الرجس من الْأَوْثَان} -: الرجس هُوَ الْأَوْثَان، ثمَّ هَذَا تَفْوِيض الثَّلَاث إِلَيْهَا (وطلقي مَا شِئْت واف بِهِ) فَلَا حَاجَة إِلَى قَوْله: من الثَّلَاث (فالتبعيض) أَي فكون التَّبْعِيض مرَادا مِنْهُ (مَعَ زِيَادَة من الثَّلَاث) عَلَيْهِ (أظهر) احْتِرَازًا عَن المستغنى عَنهُ (وَأما كل فلاستغراق أَفْرَاد مَا دَخلته) فحال مدخولها حِينَئِذٍ (كَانَ لَيْسَ مَعَه غَيره) أَي كحاله وَقت عدم غَيره مَعَه (فِي الْمُنكر) أَي فِيمَا إِذا كَانَ مدخولها نكرَة، وَذَلِكَ لِأَن النكرَة عبارَة عَن الْفَرد الْمُنْتَشِر، واستغراقه عبارَة عَنهُ من حَيْثُ تحققها فِي ضمن كل مَا يصدق عَلَيْهِ من أشخاصه، وَهَذِه الْحَيْثِيَّة وَإِن كَانَت زَائِدَة على ذَاته لَكِنَّهَا من حَيْثُ أَنَّهَا حصلت بِاعْتِبَار مُلَاحظَة أُمُور متحدة مَعَه بِحَسب الْمَاهِيّة كَالْعدمِ، بِخِلَاف مُقَابلَة الْمشَار إِلَيْهِ بقوله (وأجزائه) أَي ولاستغراق أَجْزَائِهِ (فِي الْمُعَرّف) فِيمَا إِذا كَانَ مدخوله معرفَة فَإِن أَجزَاء الشَّيْء أُمُور مباينة لذَلِك الشَّيْء بِحَسب الْحَقِيقَة (فكذب كل الرُّمَّان مَأْكُول) لِأَن قشره مثلا من جملَة أَجْزَائِهِ، وَهُوَ غير مَأْكُول فَإِنَّهُ صَادِق لعدم استغراق أَجْزَائِهِ الَّتِي لَا تُؤْكَل، وَإِنَّمَا يسْتَغْرق كل رمان ومأكوليته (دون كل رمان) مَا هُوَ الْمُتَعَارف أكله من أَجْزَائِهِ (وَوَجَب لكل من الداخلين) مَعًا الْحصن (فِي كل من دخل) هَذَا الْحصن (أَولا) فَلهُ كَذَا مَا سَمَّاهُ (بِخِلَاف: من دخل أَولا) فَلهُ كَذَا فَدخل أَكثر من وَاحِد (لَا شَيْء لأحد، لِأَن عمومها) أَي من (لَيْسَ ك) عُمُوم (جَمِيع) من حَيْثُ الشُّمُول على سَبِيل الِاجْتِمَاع ليَكُون للمجموع مَجْمُوع الْمُسَمّى، فَيقسم عَلَيْهِم (وَلَا ككل) من حَيْثُ الشُّمُول على سَبِيل الِانْفِرَاد، فَيكون لكل وَاحِد مَا سَمَّاهُ (بل) عمومها ثَابت (ضَرُورَة الْإِبْهَام)

ص: 224

أَي لأجل ضَرُورَة ناشئة من الْإِبْهَام (كالنكرة فِي النَّفْي) أَي كعموم النكرَة فِي سِيَاق النَّفْي ضَرُورَة الْإِبْهَام، فَإِن مدلولها فَرد لَا على التَّعْيِين، وانتفاؤه بِالنَّفْيِ يسْتَلْزم انْتِفَاء كل فَرد بِعَيْنِه، إِذْ لَو بَقِي فَرد وَاحِد لتحَقّق الْفَرد لَا على التَّعْيِين فِي ضمنه الْمَفْرُوض انتفاؤه رَأْسا، هَذَا فِي النكرَة وَأما كلمة من فَمن حَيْثُ أَنَّهَا من المبهمات مدلولها فَرد من الْمَوْصُوف بصلتها لَا على التَّعْيِين فشاركت النكرَة الْمَذْكُورَة فِي الْإِبْهَام غير أَن الْعُمُوم هُنَاكَ من سِيَاق النَّفْي، وَهَهُنَا بِسَبَب أَن إِرَادَة الْبَعْض دون الآخر تَرْجِيح بِغَيْر مُرَجّح فَيعم الْكل، لَكِن لَا على سَبِيل الشُّمُول كَمَا فِي مَدْخُول كل، بل على سَبِيل الْبَدَل كَمَا هُوَ مُقْتَضى أصل وَضعهَا، وَوُجُوب الْمُسَمّى على أحد الْوَجْهَيْنِ مَوْقُوف على أحد العمومين المنفيين (فَلَا شركَة) بَين من، ومدخول كل فِي كَيْفيَّة الْعُمُوم (تصحح) تِلْكَ الشّركَة (التَّجَوُّز) بِكَلِمَة من عَن جَمِيع أَو كل، وَبِالْجُمْلَةِ لَيْسَ فِيهَا صَارف قوي عَن الْحَقِيقَة إِلَى الِاسْتِعَارَة لأَحَدهمَا لَا مَكَان الْعَمَل بِالْحَقِيقَةِ، وَتعذر الْعَمَل بِالْحَقِيقَةِ إِذا دخل أَكثر من الْوَاحِد مَعًا (وَقيل) فِي الْفرق بَين المسئلتين، وَالْقَائِل صدر الشَّرِيعَة، فِي نسختين من الْمَتْن: فَخر الْإِسْلَام، وَنقل هَذَا أَخذ مِنْهُ (الأول فَرد سَابق على كل من سواهُ) من الْأَفْرَاد (بِلَا تعدد) فَلَا يصدق على مَا فَوق الْوَاحِد، (وَإِضَافَة كل) إِلَى من (توجبه) أَي التَّعَدُّد فِيهِ (فَجعل) الأول بِقَرِينَة الأول (مجَازًا عَن جزئه وَهُوَ السَّابِق) على الْغَيْر (فَقَط) بِلَا قيد الْوحدَة فَيصح إِضَافَة كل الافرادي إِلَيْهِ، وَيكون من فِيهِ نكرَة مَوْصُوفَة بَقِي شَيْء، وَهُوَ أَنه لَا يَكْفِي مُجَرّد التَّجْرِيد عَن قيد الْوحدَة، بل لَا بُد من تصرف آخر فِي معنى الأول بِأَن يُرَاد بِهِ من لَا يسْبقهُ من سواهُ، وَإِلَّا لم يصدق على شَيْء من المتعدد، إِذْ لَا يصدق عَلَيْهِ أَنه سَابق على من سواهُ فَافْهَم (فَفِي التَّعَاقُب) أَي تعاقب الداخلين (يسْتَحق الأول فَقَط، لِأَن من بعده مَسْبُوق) فَلَا يصدق عَلَيْهِ أَنه أول كَمَا هُوَ مَفْهُوم السَّابِق الْمُتَبَادر عِنْد الاطلاق (وَكَمَال السَّابِق) إِنَّمَا يتَحَقَّق (بِعَدَمِهِ) أَي بِعَدَمِ كَونه مَسْبُوقا بِالْغَيْر (خُصُوصا فِي مقَام التحريض) على التشجيع (فَلَا يعْتَرض بِأَن مُقْتَضَاهُ) أَي مُقْتَضى عُمُوم السَّابِق بِحَيْثُ يعم من لَهُ سبق من وَجه، وَإِن كَانَ مَسْبُوقا من وَجه آخر (اسْتِحْقَاق كل من الْمُتَعَاقدين إِلَّا الآخر) فَإِنَّهُ مَسْبُوق غير سَابق بِوَجْه (بِعُمُوم الْمجَاز) بِإِرَادَة معنى مجازي يصدق على الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ وَغَيره (وَأما جَمِيع فللعموم على الِاجْتِمَاع، فللكل نفل) وَاحِد يقسم بَينهم بِالسَّوِيَّةِ إِذا دخلُوا جَمِيعًا لعدم صدق مَفْهُوم من جعل لَهُ النَّفْل على كل وَاحِد مُنْفَردا (فِي جَمِيع من دخل أَولا فَلهُ كَذَا) عملا (بحقيقته) أَي بِحَقِيقَة لفظ جَمِيع، وَهِي الْعُمُوم الاحاطي على سَبِيل الِاجْتِمَاع (وللأول فَقَط فِي) صُورَة (التَّعَاقُب: بدلالته) أَي بِدلَالَة قَوْله لجَمِيع من دخل

ص: 225

إِلَى آخِره فَإِن هَذَا التَّنْفِيل للتشجيع والحث على المسارعة إِلَى الدُّخُول، فَإِذا اسْتَحَقَّه السَّابِق بِصفة الِاجْتِمَاع: فَلِأَن يسْتَحقّهُ بِصفة الِانْفِرَاد أولى، لِأَن الشجَاعَة فِيهِ أقوى (لَا بمجازه) أَي لَيْسَ للْأولِ فَقَط فِي التَّعَاقُب بِسَبَب الْعَمَل بمجاز لفظ جَمِيع اسْتِعْمَاله (فِي) معنى (كل) الإفرادي (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يكن كَذَلِك وَاسْتحق الأول بمجازه الْمَذْكُور (لزم الْجمع بَين) الْمَعْنى (الْحَقِيقِيّ و) الْمَعْنى (الْمجَازِي فِي الْإِرَادَة) بِأَن يُرَاد مِنْهُ مَا وضع لَهُ، وَهُوَ الْعُمُوم الاجتماعي، وَمعنى كل الإفرادي مَعًا، لَا يُقَال لم لَا يجوز أَن يُرَاد لَهُ معنى مجازي يعم الْحَقِيقِيّ، وَهَذَا الْمجَازِي أَيْضا (لتعذر عُمُوم الْمجَاز هُنَا) فَإِنَّهُ إِذا أُرِيد بِجَمِيعِ معنى كل الإفرادي مجَازًا اندرج دُخُول الْجَمَاعَة أَولا مَعًا تَحت هَذَا التَّنْفِيل على غير الْوَجْه الَّذِي تَقْتَضِيه الْحَقِيقَة، وَهُوَ أَن يكون للْكُلّ نفل وَاحِد لِأَن الْمَعْنى الْمجَازِي يَقْتَضِي أَن يكون لكل وَاحِد من الْجَمَاعَة مَا سَمَّاهُ كَامِلا، فَلَو أُرِيد بِهَذَا اللَّفْظ الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ كَانَ ذَلِك بعلاقة الْوَضع لَهُ، فَإِذا فرض مَعَ هَذَا اندراج الأول فِي التَّعَاقُب تَحْتَهُ كَانَ هَذَا بعلاقة الْوَضع لَهُ المجازية عَن كل، فَلَزِمَ الْجمع الْمَذْكُور، وَظهر تعذر عُمُوم الْمجَاز الْمَذْكُور فَإِن قلت لم لَا يجوز أَن يُرَاد بِهِ معنى مجازي آخر يندرجان تَحْتَهُ، وَلَا يلْزم الْجمع بَينهمَا قلت وجود مَفْهُوم شَامِل للْجَمَاعَة الْمَذْكُورَة على الْوَجْه الْمَذْكُور، وللفرد الأول فِي التَّعَاقُب على الْكَيْفِيَّة الْمَذْكُورَة مِمَّا يكَاد أَن يحملهُ الْعقل فَتدبر (وَأما أَي فلبعض مَا أضيف إِلَيْهِ) حَال كَون مَا أضيف إِلَيْهِ (كلا) ذَا أبعاض (معرفَة) فَلَا ينْتَقض بِمثل: أَي النقطة كَذَا الانتفاء الْكُلية بِالْمَعْنَى الْمَذْكُور: نعم إِن جعل اللَّام للْعهد الذهْنِي كَانَ: أَي الجزئي دَاخِلا فِي الْقسم الْآتِي (وَلَو) كَانَ تَعْرِيفه (بِاللَّامِ) فَعلم أَنه إِذا كَانَ بِغَيْر اللَّام فكونها لبَعض مَا أضيف إِلَيْهِ بِالطَّرِيقِ الأولى، وَذَلِكَ لِأَن مَدْخُول اللَّام إِنَّمَا يكون مفهوما كليا، فيتبادر من إضافتها إِلَيْهِ إِرَادَة الجزئيات، بِخِلَاف غَيره من المعارف كَالْعلمِ فَإِن الْمُتَبَادر من إضافتها إِلَيْهِ إِرَادَة الْبَعْض، مثل: أَي زيد أحسن (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يكن مَا أضيف إِلَيْهِ كلا معرفَة (فلجزئيه) أَي فَأَي لجزئي مَا أضيف إِلَيْهِ، لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يكون كليا نكرَة أَو معرفَة لفظا كالمعهود الذهْنِي: كَذَا نَقله الشَّارِح عَن المُصَنّف، وَفِيه أَنه يجوز أَن يكون معهودا خارجيا غير ذِي أبعاض لاندراجه تَحت قَوْله: وَإِلَّا، وَيجوز أَن يكون ضمير كَذَا إِلَى غير ذَلِك فَتَأمل، (وبحسب) حَال (مدخولها) من الْكُلية والتعريف وَمَا يقابلهما (يتَعَيَّن وصفهَا) أَي وصف أَي (الْمَعْنَوِيّ) وَهُوَ مَضْمُون مَا ينْسب إِلَيْهِ، فَإِنَّهُ إِذا كَانَ مُعَرفا يكون المُرَاد بِأَيّ الْبَعْض مِنْهُ، فَيتَعَيَّن أَن يكون الْوَصْف الْمَعْنَوِيّ مِمَّا يجوز أَن ينْسب إِلَيْهِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (فَامْتنعَ أَي الرجل عنْدك لعدم الصِّحَّة) لِأَن العندية الْمَخْصُوصَة مِمَّا لَا يجوز توصيف بعض الرجل

ص: 226

مُنْفَردا بهَا (وَجَاز) أَي الرجل (أحسن) لجَوَاز انْفِرَاد بعضه بالأحسنية (وَهِي) أَي أَي (فِي الشَّرْط والاستفهام) أَي فِيمَا إِذا كَانَت شَرْطِيَّة أَو استفهامية (ككل فِي النكرَة) أَي هِيَ ككل فِيمَا إِذا دخل على النكرَة فِي كَونه لاستغراق أَفْرَاد مدخوله (فَتجب الْمُطَابقَة) أَي مُطَابقَة الضَّمِير الرَّاجِع إِلَى أَي: إفرادا، وتثنية، وجمعا: تذكيرا وتأنيثا (لما أضيفت) أَي (إِلَيْهِ) لِأَن المُرَاد بهَا حِينَئِذٍ فَرد من أَفْرَاد مَا أضيف، لَا بعض من أَبْعَاضه (كأي رجلَيْنِ تكرم) أَي تكرمهما (أكرمهما) فَإِن الضَّمِير فِي الْحَقِيقَة رَاجع للرجلين (وَأي رجال تكرم أكْرمهم) وَأي رجل تكرم أكْرمه، وَأي امْرَأَة تكرم أكرمها، وَأي امْرَأَة قَامَت، وَهَكَذَا (و) هِيَ فِي الشَّرْط والاستفهام مثل (بعض فِي الْمعرفَة فيتحد) الضَّمِير الرَّاجِع إِلَيْهَا مثنى كَانَ الْمُضَاف إِلَيْهِ أَو مجموعا: مذكرا أَو مؤنثا، لِأَن الرَّاجِع إِلَى أَي حِينَئِذٍ رَاجع إِلَى الْمُفْرد، إِذْ المُرَاد بهَا بعض مِمَّا أضيف إِلَيْهِ، وَلَا فرق بَين الْمُذكر، والمؤنث، والمفرد، وَالْجمع (كأي الرجلَيْن) أَو الْمَرْأَتَيْنِ، أَو الرِّجَال، أَو النِّسَاء (تضرب أضربه، وتعم) أَي (بِالْوَصْفِ) الْعَام كَمَا نَص عَلَيْهِ مُحَمَّد فِي الْجَامِع الْكَبِير (فَيعتق الْكل إِذا ضربوا فِي) تَعْلِيق (أَي عَبِيدِي ضربك) فَهُوَ حر، فَإِن الْوَصْف وَهُوَ الضَّرْب بِاعْتِبَار إِسْنَاده إِلَى كل وَاحِد من العبيد عَام (ومنعوه) أَي عتق الْكل (فِي) أَي عَبِيدِي (ضَربته) لِأَن الْوَصْف بِاعْتِبَار إِسْنَاده إِلَى الْخَاص خَاص (إِلَّا الأول) اسْتثِْنَاء من منع الْكل: يَعْنِي إِذا ضَربهمْ على التَّرْتِيب لعدم المزاحم بِخِلَاف غَيره فَإِنَّهُ يزاحمه انْتِهَاء عَن التَّعْلِيق بِعِتْق الأول (أَو مَا يُعينهُ الْمولى فِي الْمَعِيَّة) أَي فِيمَا إِذا ضَربهمْ دفْعَة وَاحِدَة، لِأَن عتق الْوَاحِد لَا بُد مِنْهُ عملا بِمُوجب التَّعْلِيق، وَذَلِكَ غير مُتَعَيّن، فالتعيين إِلَيْهِ وَإِن كَانَ الِاخْتِيَار فِي الضَّرْب (لِأَن الْوَصْف) الَّذِي هُوَ الضَّرْب (لغَيْرهَا) أَي لغير العبيد: وَهُوَ الْمُخَاطب، وَهُوَ خَاص فَالْحَاصِل أَن الْعُمُوم فِي المسئلة السَّابِقَة إِنَّمَا جَاءَ من قبيل الصّفة وَلم يتَحَقَّق هَهُنَا. قَالَ صدر الشَّرِيعَة هَهُنَا: وَهَذَا الْفرق مُشكل من جِهَة النَّحْو لِأَن فِي الأول وَصفا بالضاربية، وَفِي الثَّانِي بالمضروبية، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (وَمنع) كَونهَا غير مَوْصُوفَة بِصفة عَامَّة هَهُنَا أَيْضا مُسْتَندا (بِأَنَّهَا) يَعْنِي أيا (مَوْصُوفَة بالمضروبية) ثمَّ أَشَارَ إِلَى دفع مَا أُجِيب بِهِ عَن هَذَا الْمَنْع بقوله (وَكَون المفعولية) أَي مفعولية العبيد فِي أَي عَبِيدِي ضَربته (فضلَة) وَفِيه مُسَامَحَة لِأَن الفضلة هُوَ الْمَفْعُول لَا المفعولية، والفضلة (تثبت ضَرُورَة التحقق) أَي ضَرُورَة تحقق الْفِعْل الْمُتَعَدِّي، وَالثَّابِت ضَرُورَة يتَقَدَّر بِقَدرِهَا، فَلَا يظْهر أَثَره فِي التَّعْمِيم (لَا يُنَافِيهِ) أَي لَا يُنَافِي الْعُمُوم بِالصّفةِ، لِأَن الْمَدْلُول على عُمُوم الصّفة سَوَاء كَانَت الصّفة حَاصِلَة بِاعْتِبَار نِسْبَة الْفِعْل إِلَى الْفَاعِل أَو الْمَفْعُول (وَالْفرق) بَين الصُّورَتَيْنِ كَمَا قَالَ صدر الشَّرِيعَة

ص: 227

(بِكَوْن الثَّانِي) وَهُوَ: أَي عَبِيدِي ضَربته (لاختيار أحدهم عرفا) أَي لتخيير الْمُخَاطب فِي تعْيين وَاحِد من العبيد فِي الْعرف (ككل أَي خبر تُرِيدُ) فَإِن المُرَاد مِنْهُ تَخْيِير الْمُخَاطب فِي أكل خبز وَاحِد (وَالْأَوْجه) الْأَحْسَن أَن يُقَال فِي التنظير (أَي خبزي ليطابق الْمِثَال) وَهُوَ: أَي عَبِيدِي (لَيْسَ لَهُ) أَي للمخاطب (أكل الْكل، بل تعْيين وَاحِد يختاره بِخِلَاف الأول) وَهُوَ: أَي عَبِيدِي ضربك، فَإِنَّهُ لَا يتَصَوَّر فِيهِ ذَلِك، وَقَوله وَالْفرق مُبْتَدأ خَبره (لَا يدْفع) الِاعْتِرَاض (بِنَحْوِ أَي عَبِيدِي وطئته دابتك) فَإِنَّهُ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ الْفرق الْمَذْكُور (لِأَن مَحل الْفرق) الْمَذْكُور (مَا يَصح فِيهِ التَّخْيِير) وَهَذَا الْمِثَال مِمَّا لَا يتَصَوَّر فِيهِ ذَلِك مَعَ أَنه مندرج فِي الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة، ثمَّ إِن المُصَنّف رحمه الله قد حقق أَن عُمُوم أَي بِاعْتِبَار عُمُوم الْوَصْف، وَمِنْهُم من ادّعى أَنه بِاعْتِبَار الْوَضع، فَأَرَادَ رده صَرِيحًا فَقَالَ (وَأما ادِّعَاء وَضعهَا) أَي أَي (ابْتِدَاء للْعُمُوم الاستغراقي) قيد الْعُمُوم بِهِ لِئَلَّا يتَوَهَّم إِرَادَة الْعُمُوم الَّذِي يكون فِي النكرات، فَإِن الْفَرد الْمُنْتَشِر يعم جَمِيع الْأَفْرَاد على سَبِيل الِاحْتِمَال (بادعاء الْفرق بَين أعتق عبدا من عَبِيدِي ضربك، وَأي عبد) من عَبِيدِي ضربك: كَمَا فِي التَّلْوِيح، فَإِنَّهُ لَيْسَ للْمَأْمُور إِلَّا إِعْتَاق وَاحِد متصف بالضاربية فِي الأول، وَله أَن يعْتق كل عبد ضربه من عبيده فِي الثَّانِي (فَمَمْنُوع) خبر للمبتدأ، وَجَوَاب لأما، يَعْنِي لَا نسلم أَن الْفرق بَينهمَا بِمَا ذكر، بل الْعُمُوم فيهمَا للوصف، كَذَا نَقله الشَّارِح عَن المُصَنّف (ورد أَخذ خصوصها) يَعْنِي كَون أَي خَاصّا (وضعا من إِفْرَاد الضَّمِير فِي) نَحْو (أَي الرِّجَال أَتَاك) فَإِن الضَّمِير الرَّاجِع إِلَى أَي على تَقْدِير عمومها إِنَّمَا يكون على طبق عمومها، فَيُقَال: أَي الرِّجَال أتوك؟ (و) من (صِحَة الْجَواب) عَنْهَا (بِالْوَاحِدِ) كزيد أَو عَمْرو (بِالنَّقْضِ) مُتَعَلق بِالرَّدِّ: يَعْنِي رد الِاسْتِدْلَال الْمَذْكُور بِالنَّقْضِ (بِمن وَمَا: يَعْنِي لِأَنَّهُمَا استغراقيان وضعا مَعَ إِفْرَاد ضميرهما و) إِفْرَاد (جوابهما) كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ فِي التَّلْوِيح (مَمْنُوع) \ خبر الْمُبْتَدَأ: أَعنِي ورد (بل وضعهما أَيْضا على الْخُصُوص كالنكرة وعمومهما بِالصّفةِ كَمَا مر) ثمَّ لما ورد على الْقَوْلَيْنِ بعمومها بِعُمُوم الصّفة عدم عمومها فِي بعض الصُّور مَعَ عُمُوم الصّفة دَفعه بقوله (وَعدم عتق أحد) من العبيد (فِي أَيّكُم حمل هَذِه) العدلة (وَهِي حمل وَاحِد) مِنْهُم (فحملوها) مَعًا (لعدم الشَّرْط) لِلْعِتْقِ بِحمْل وَاحِد) لَهَا بكمالها عطف بَيَان للشّرط يَعْنِي أَن شَرط الْعتْق أَن يحمل الْوَاحِد بِانْفِرَادِهِ تَمامهَا فَعِنْدَ حمل الْجَمِيع إِيَّاهَا لم يتَحَقَّق ذَلِك (وَلذَا) أَي وَلكَون الشَّرْط مَا ذكر (عتق الْكل فِي التَّعَاقُب) أَي فِيمَا إِذا حمل كل وَاحِد مِنْهُم مُنْفَردا تَمامهَا على سَبِيل التَّعَاقُب إِلَّا الْمَعِيَّة (وَكَذَا) يعْتق الْكل (إِذا لم يكن) الْمشَار إِلَيْهِ (حمل وَاحِد) بِأَن لَا يُطيق الْوَاحِد حملهَا فحلمها وَاحِد وَجَمَاعَة، لِأَن الْمَقْصُود صيرورتها مَحْمُولَة إِلَى

ص: 228