المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

التعلقات كَمَا عرف فِي مَحَله، كَيفَ وَإِلَّا يرْتَفع اخْتِلَاف الْأَحْكَام - تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه - جـ ١

[أمير باد شاه]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌فِي انقسام الْمُفْرد بِاعْتِبَار ذَاته من حَيْثُ أَنه مُشْتَقّ أَولا

- ‌مَسْأَلَة

- ‌ مَسْأَلَة

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌التَّقْسِيم الثَّانِي

- ‌التَّقْسِيم الثَّالِث

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌مَسْأَلَة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌الْفَصْل الرَّابِع

- ‌التَّقْسِيم الثَّالِث

- ‌التَّقْسِيم الثَّانِي

- ‌الْبَحْث الثَّانِي

- ‌الْبَحْث الثَّالِث

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌ مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌مسئلة

- ‌‌‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌الْبَحْث الرَّابِع

- ‌الْبَحْث الْخَامِس

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌مسئلة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌ مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مَبْحَث الْأَمر

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌(صِيغَة الْأَمر لَا تحْتَمل التَّعَدُّد الْمَحْض)

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

الفصل: التعلقات كَمَا عرف فِي مَحَله، كَيفَ وَإِلَّا يرْتَفع اخْتِلَاف الْأَحْكَام

التعلقات كَمَا عرف فِي مَحَله، كَيفَ وَإِلَّا يرْتَفع اخْتِلَاف الْأَحْكَام مُطلقًا (وَلَو كَانَ الِاخْتِلَاف بِالْإِطْلَاقِ وَالتَّقْيِيد فِي سَبَب الحكم الْوَاحِد كأدوا عَن كل حر وَعبد) عَن عبد الله بن ثَعْلَبَة قَالَ: خطب رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] النَّاس قبل الْفطر بِيَوْم أَو يَوْمَيْنِ فَقَالَ: أَدّوا صَاعا من بر أَو قَمح بَين اثْنَيْنِ أَو صَاعا من تمر، أَو شعير عَن كل حر وَعبد صَغِير أَو كَبِير، وَلَيْسَ فِيهِ تَقْيِيد لسَبَب وجوب صَدَقَة الْفطر: وَهُوَ الْمخْرج عَنهُ بِقَيْد الْإِسْلَام (مَعَ رِوَايَة من الْمُسلمين) على مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْن عمر بِلَفْظ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فرض زَكَاة الْفطر فِي رَمَضَان على النَّاس صَاعا من تمر، أَو صَاعا من شعير عَن كل حر وَعبد ذكر أَو أُنْثَى من الْمُسلمين (فَلَا حمل) للمطلق على الْمُقَيد فِي هَذَا عِنْد الْحَنَفِيَّة (خلافًا للشَّافِعِيّ) رحمه الله (لما تقدم) من أَن الْحمل عِنْد الْحَنَفِيَّة لأحد أَمريْن: إِمَّا الضَّرُورَة أَو اتِّحَاد السَّبَب مَعَ اتِّحَاد الحكم، وَعند الشَّافِعِيَّة بالجامع أَو وحدة الْكَلَام وَتَفْسِير بعضه الْبَعْض (وَالِاحْتِيَاط الْمُتَقَدّم لَهُم) أَي الشَّافِعِيَّة فِي الْعَمَل بالمقيد (يَنْقَلِب عَلَيْهِم) فِي حملهمْ الْمُطلق فِي هَذَا على الْمُقَيد (إِذْ هُوَ) أَي الِاحْتِيَاط (فِي جعل كل) من الْمُطلق والمقيد من السَّبَب لِأَنَّهُ أَن جعل الْمُقَيد (سَببا) دون الْمُطلق على إِطْلَاقه يفوت الْعَمَل بِحكم الله على احْتِمَال اعْتِبَار الشَّارِع سَببه الْمُطلق لوُجُوب الصَّدَقَة فِي غير صُورَة الْمُقَيد أَيْضا، وَقد يكون لشَيْء وَاحِد أَسبَاب مُتعَدِّدَة، ثمَّ بَقِي شَيْء للشَّافِعِيَّة: وَهُوَ مَا إِذا أطلق الحكم فِي مَوضِع وَقيد فِي موضِعين بقيدين متضادين، قَالُوا من قَالَ بِالْحملِ مُطلقًا قَالَ بِبَقَاء الْمُطلق على إِطْلَاقه، إِذْ لَيْسَ التَّقْيِيد بِأَحَدِهِمَا بِأولى من الآخر، وَمن قَالَ بِالْحملِ قِيَاسا على مَا كَانَ الْحمل عَلَيْهِ أولى، فَإِن لم يكن قِيَاس رَجَعَ إِلَى الأَصْل الْإِطْلَاق.

‌مَبْحَث الْأَمر

(وَأما الْأَمر فلفظه) أَي أَمر (حَقِيقَة فِي القَوْل الْمَخْصُوص) أَي صِيغَة افْعَل ونظائرها (اتِّفَاقًا) ثمَّ قيل (مجَاز فِي الْفِعْل) أَي الْفِعْل الَّذِي يعزم عَلَيْهِ كَقَوْلِه تَعَالَى - وشاورهم فِي الْأَمر - (وَقيل مُشْتَرك لَفْظِي فيهمَا) أَي مَوْضُوع لكل وَاحِد من القَوْل الْمَخْصُوص، وَالْفِعْل بِوَضْع على حِدة (وَقيل) مُشْتَرك (معنوي) بَينهمَا (وَقيل) مَوْضُوع (للْفِعْل الْأَعَمّ من اللساني) وَغَيره (ورد) هَذَا (بِلُزُوم كَون الْخَبَر وَالنَّهْي أمرا) حِينَئِذٍ، لِأَن كلا مِنْهُمَا فعل اللِّسَان (وَقيل) مَوْضُوع (لأَحَدهمَا الدائر) بَين القَوْل الْخَاص وَالْفِعْل (وَدفع بِلُزُوم كَون اللَّفْظ الْخَاص لَيْسَ أمرا لِأَنَّهُ) أَي اللَّفْظ الْخَاص (لَيْسَ إِيَّاه) أَي الْأَحَد الدائر، بل هُوَ وَاحِد معِين (وَإِنَّمَا يتم) هَذَا الدّفع

ص: 334

بِنَاء (على أَن الْأَعَمّ مجَاز فِي فَرده مَا لم يؤول) فِي الْأَعَمّ بِأَن يُقَال لَيْسَ الْمُسْتَعْمل فِيهِ اللَّفْظ لَا الْمَاهِيّة من حَيْثُ هِيَ والخصوصية تفهم من الْقَرِينَة، وَلَا يخفى مَا فِيهِ من التَّكَلُّف (وَيدْفَع) كَون الْأَعَمّ مجَازًا إِلَّا بالتأويل (بِأَنَّهُ تَكْلِيف لَازم للوضع) أَي لوضع اسْم الْجِنْس (للماهية) من حَيْثُ هِيَ (فيؤيد) لُزُوم هَذَا التَّكْلِيف (نَفْيه) أَي نفي الْوَضع للماهية (وَقد نفيناه) أَي الْوَضع لَهَا قَرِيبا، وَإِذا كَانَ كَذَلِك (فَمَعْنَى) وضع لفظ الْأَمر (لأَحَدهمَا) وَضعه (لفرد مِنْهُمَا على الْبَدَل) وَهُوَ معنى الْوَضع الْمُفْرد الشَّائِع (وَدفع) كَون الْأَعَمّ مجَازًا فِي فَرده أَيْضا (على تَقْدِيره) أَي تَقْدِير الْوَضع للماهية (بِأَنَّهُ) أَي كَون الْأَعَمّ مجَازًا فِي أَفْرَاده (غلط) نَاشِئ (من ظن كَون الِاسْتِعْمَال فِيمَا وضع لَهُ) اللَّفْظ فِي تَعْرِيف الْحَقِيقَة اسْتِعْمَاله (فِي الْمُسَمّى دون أَفْرَاده وَلَا يخفى ندرته) أَي ندرة هَذَا الِاسْتِعْمَال، وَيلْزم مِنْهُ ندرة الْحَقَائِق، وَكَون كل الْأَلْفَاظ مجازات بِدُونِ التَّأْوِيل إِلَّا النَّادِر (لنا) على الْمُخْتَار: وَهُوَ لفظ الْأَمر حَقِيقَة فِي القَوْل الْمَخْصُوص مجَاز فِي الْفِعْل أَنه (يسْبق القَوْل الْمَخْصُوص) إِلَى الْفَهم عِنْد إِطْلَاق لفظ الْأَمر على أَنه مُرَاد دون الْفِعْل (فَلَو كَانَ كَذَلِك) أَي لفظ الْأَمر مُشْتَركا لفظيا أَو معنويا بَينهمَا (لم يسْبق معِين) مِنْهُمَا إِلَى الْفَهم الْمُتَبَادر، بل يتَبَادَر كل مِنْهُمَا على طَرِيق الِاحْتِمَال (وَاسْتدلَّ) أَيْضا على الْمُخْتَار (لَو كَانَ) لفظ الْأَمر (حَقِيقَة فيهمَا لزم الِاشْتِرَاك) أَيْضا (فيخل بالفهم) للتردد بَينهمَا (فعورض بِأَن الْمجَاز) أَيْضا (مخل) بالفهم لتجويز الْمُخَاطب كَونه مرَادا بِاللَّفْظِ (وَلَيْسَ بِشَيْء، لِأَن الحكم بِهِ) أَي بالمجاز (بِالْقَرِينَةِ) الظَّاهِرَة (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم تظهر (فبالحقيقة) أَي فَيحكم الْعقل بِالْحَقِيقَةِ فَإِنَّهَا المُرَاد (فَلَا إخلال وَالْأَوْجه أَنه) أَي الِاسْتِدْلَال (لَا يبطل التواطؤ) أَي الِاشْتِرَاك الْمَعْنَوِيّ، لِأَنَّهُ غير مخل بالفهم كَسَائِر أَسمَاء الْأَجْنَاس الْمُشْتَركَة بَين الْأَفْرَاد (فَلَا يلْزم الْمَطْلُوب) وَهُوَ أَن لفظ الْأَمر مجَاز فِي الْفِعْل (فَإِن نظمه) أَي الْمُسْتَدلّ التواطؤ (فِي الِاشْتِرَاك) بِإِرَادَة الْأَعَمّ من اللَّفْظِيّ والمعنوي (قدم) أَي النّظم الْمَذْكُور (الْمجَاز على التواطؤ، وَهُوَ) أَي تَقْدِيم الْمجَاز عَلَيْهِ (مُنْتَفٍ) لمُخَالفَته الأَصْل بِلَا مُوجب، بِخِلَاف تَقْدِيم التواطؤ عَلَيْهِ (قد صرح بِهِ) أَي بالانتفاء الِاشْتِرَاك (اللَّفْظِيّ) دَلِيله أَن لفظ الْأَمر (يُطلق لَهما) أَي القَوْل وَالْفِعْل (وَالْأَصْل) فِي الْإِطْلَاق (الْحَقِيقَة قُلْنَا أَيْن لُزُوم) الِاشْتِرَاك (اللَّفْظِيّ) من هَذَا الدَّلِيل: أَي لَا يسْتَلْزم أَصَالَة الْحَقِيقَة خُصُوص الِاشْتِرَاك اللَّفْظِيّ لتحققهما فِي الِاشْتِرَاك (الْمَعْنَوِيّ) أَي الِاشْتِرَاك الْمَعْنَوِيّ، دَلِيله أَنه (يُطلق لَهما) وَالْإِطْلَاق إِمَّا على الْحَقِيقَة، وَهِي إِمَّا بالاشتراك اللَّفْظِيّ أَو الْمَعْنَوِيّ، وَإِمَّا على الْمجَاز (وَهُوَ) أَي الْمَعْنَوِيّ (خير من اللَّفْظِيّ وَالْمجَاز أُجِيب لَو صَحَّ) هَذَا على إِطْلَاقه (ارتفعا) أَي

ص: 335

الِاشْتِرَاك اللَّفْظِيّ وَالْمجَاز (لجَرَيَان مثله) أَي مثل هَذَا الِاسْتِدْلَال (فِي كل مَعْنيين للفظ) وَاللَّازِم مُنْتَفٍ (والحل أَن ذَلِك) أَي كَون الْمَعْنَوِيّ خيرا (عِنْد التَّرَدُّد) بَينه وَبَينهمَا (لَا مَعَ دَلِيل أَحدهمَا كَمَا ذكرنَا) من تبادر القَوْل الْمَخْصُوص (وَاسْتدلَّ) على الْمُخْتَار أَيْضا (لَو كَانَ) لفظ الْأَمر (حَقِيقَة فِي الْفِعْل اشتق بِاعْتِبَارِهِ) أَي الْفِعْل، فَيُقَال: أَمر وآمر (مثلا كَأَكْل وآكل) أَي كَمَا اشتق أكل وآكل من الْأكل لما كَانَ مَوْضُوعا للْفِعْل (وَيُجَاب إِن اشتق فَلَا إِشْكَال) يَعْنِي عدم الِاشْتِقَاق لَيْسَ بمجزوم بِهِ، فعلى تَقْدِير وجود الِاشْتِقَاق بطلَان اللَّازِم غير مُسلم (وَإِلَّا) وَإِن لم يشتق، وَهُوَ الظَّاهِر (فكالقارورة) أَي فلمانع من الِاشْتِقَاق كَمَا امْتنع أَن تطلق القارورة على غير الزّجاج مِمَّا يصلح مقرا للمائعات مَعَ أَن الْقيَاس يَقْتَضِي صِحَة إِطْلَاقهَا نظرا إِلَى الْمُنَاسبَة الاشتقاقية، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِك (لدليلنا) على أَنه حَقِيقَة فِي الْفِعْل وَاعْترض الشَّارِح عَلَيْهِ بِأَن الْمَانِع من إِطْلَاق القارورة على غير الظّرْف الزّجاج انْتِفَاء الزّجاج الَّذِي الظَّاهِر اشْتِرَاطه فِي إِطْلَاقهَا على الْغَيْر، وَالْمَانِع من إِطْلَاق أَمر وآمر على مَدْلُول أكل وآكل، وَلَا دَلِيل على مخدوش يُفِيد تَقْدِير الْمَانِع فِي هَذَا، وَمن ادَّعَاهُ فَعَلَيهِ الْبَيَان انْتهى وَلَا يخفى عَلَيْك أَنه كَلَام على السَّنَد الْأَخَص بِمَنْع الْمُلَازمَة بَين صِحَة الِاشْتِقَاق وتحقيقه، إِذْ يَكْفِي فِيهِ أَن يُقَال لم لَا يجوز أَن يكون عدم التحقق لمَانع كَمَا أَن الْقيَاس يَقْتَضِي صِحَة إِطْلَاق القارورة المشتقة من الْقَرار لما يقر فِيهِ الْمَائِع على الزجاجي وَغَيره وَلم يتَحَقَّق لمَانع وَإِن كَانَ مُجَرّد عدم الِاسْتِعْمَال، وَيحْتَمل أَن يكون الْمَانِع قصد الِاخْتِصَاص إِلَى غير ذَلِك، وَانْتِفَاء الزّجاج لَا دخل لَهُ فِي الْمَقْصُود، إِذْ لَيْسَ هُوَ مُعْتَبرا فِي مبدأ الِاشْتِقَاق. (و) اسْتدلَّ أَيْضا للمختار (بِلُزُوم اتِّحَاد الْجمع) أَي جمع أَمر بِمَعْنى القَوْل الْمَخْصُوص، وَالْفِعْل لَو كَانَ حَقِيقَة فيهمَا (وَهُوَ) أَي اتِّحَاد الْجمع (مُنْتَفٍ، لِأَنَّهُ) أَي الْجمع (فِي الْفِعْل أُمُور، و) فِي (القَوْل أوَامِر) قيل عَلَيْهِ أَن كَون أوَامِر جمع أَمر مَمْنُوع، لِأَن فعلا لَا يجمع على فواعل، بل هِيَ جمع آمرة كضوارب جمع ضاربة، وَهَذَا بحث لَا يضرّهُ، لِأَن الِاخْتِلَاف ثَابت على حَاله، لِأَن كَونه حَقِيقَة فيهمَا يَسْتَدْعِي وجود جمع وَاحِد مُسْتَعْمل فيهمَا وَلَيْسَ كَذَلِك (وَيُجَاب بِجَوَاز اخْتِلَاف جمع لفظ وَاحِد بِاعْتِبَار معنيية) وللشارح هَهُنَا مَا يقْضِي مِنْهُ الْعجب حَيْثُ فسر معنييه بالحقيقي والمجازي وَمثل بِالْأَيْدِي والأيادي بِاعْتِبَار الْجَارِحَة وَالنعْمَة، وَالْمَقْصُود فِي الْجَواب تَجْوِيز الِاخْتِلَاف بِاعْتِبَار الْمَعْنيين الحقيقيين، فَإِن الِاخْتِلَاف بِاعْتِبَار الْحَقِيقِيّ والمجازي هُوَ مطلب الْمُسْتَدلّ، وَهَذَا الْجَواب رد عَلَيْهِ من قبل الْقَائِل بالاشتراك اللَّفْظِيّ (و) اسْتدلَّ أَيْضا للمختار (بِلُزُوم إنصاف من قَامَ بِهِ فعل بِكَوْنِهِ) أَي من قَامَ بِهِ ذَلِك الْفِعْل (مُطَاعًا) إِذا لم يُخَالف (أَو مُخَالفا) إِذا خُولِفَ كَمَا فِي قَول الْقَائِل

ص: 336

بِأَن الْأَمر بقوله افْعَل يُوصف بهما، وَاللَّازِم مُنْتَفٍ (وَيُجَاب بِأَنَّهُ) أَي اللُّزُوم الْمَذْكُور إِنَّمَا يثبت (لَو كَانَ) الاتصاف بالكون مُطَاعًا أَو مُخَالفا (لَازِما عَاما) لِلْأَمْرِ بِاعْتِبَار كل مَا يُطلق عَلَيْهِ حَقِيقَة (لكنه) لَيْسَ كَذَلِك إِنَّمَا هُوَ (لَازم أحد المفهومين) وَهُوَ القَوْل الْمَخْصُوص لَا غير (و) اسْتدلَّ للمختار أَيْضا (بِصِحَّة نَفْيه) أَي الْأَمر عَن (الْفِعْل) فَيُقَال أَن الْفِعْل لَيْسَ بِأَمْر وأفراد الْحَقِيقَة لَا يَصح نفي الْحَقِيقَة عَنْهَا (وَهُوَ) أَي هَذَا الدَّلِيل (مصادرة) على الْمَطْلُوب، إِذْ صِحَة نفي مَا يُطلق عَلَيْهِ لفظ الْأَمر حَقِيقَة عَن الْفِعْل فرع تَسْلِيم أَن الْفِعْل لَيْسَ أحد معنييه، وَهَذَا عين الْمُتَنَازع فِيهِ، ومنشأ الْغَلَط صِحَة نفي الْأَمر بِمَعْنى القَوْل الْمَخْصُوص عَن الْفِعْل (وحد) الْأَمر (النَّفْسِيّ) هُوَ نوع تعلق من أَنْوَاع تعلق الْكَلَام النَّفْسِيّ بِأَنَّهُ (اقْتِضَاء فعل غير كف على جِهَة الاستعلاء) وَهَذَا الْحَد لِابْنِ الْحَاجِب، فالاقتضاء جنس يَشْمَل الْأَمر وَالنَّهْي والالتماس وَالدُّعَاء، وَغير كف يخرج النَّهْي، وعَلى جِهَة الاستعلاء بِمَعْنى طلب الْعُلُوّ وعد نَفسه عَالِيا على الْمَطْلُوب مِنْهُ يخرج الالتماس لِأَنَّهُ على سَبِيل التَّسَاوِي، وَالدُّعَاء لِأَنَّهُ على سَبِيل التسفل (وسيتحقق فِي) مبَاحث (الحكم أَنه) أَي الْأَمر النَّفْسِيّ (معنى الْإِيجَاب فَيفْسد طرده بالندب النَّفْسِيّ) وَهُوَ لَيْسَ بِإِيجَاب (فَيجب زِيَادَة حتما) فِي التَّعْرِيف لإخراجه، وَكَون الْأَمر النَّفْسِيّ الْإِيجَاب بِنَاء على كَون الْأَمر حَقِيقَة فِي الْوُجُوب دون غَيره (وَأورد اكفف) وَنَحْوه كانته وذروا ترك (على عَكسه) فَإِنَّهَا أوَامِر، وَلَا يصدق عَلَيْهَا الْحَد لعدم اقْتِضَاء الْفِعْل غير الْكَفّ فِيهَا (وَلَا تتْرك) وَلَا تَنْتَهِ إِلَى آخِره (على طرده) فَإِنَّهَا نواهي وَيصدق عَلَيْهَا الْحَد (وَأجِيب بِأَن الْمَحْدُود النَّفْسِيّ، فيلتزم أَن معنى لَا تتْرك مِنْهُ) أَي من الْأَمر النَّفْسِيّ (واكفف وذروا البيع نهي) فاطرد وانعكس (وَإِذا كَانَ معنى أطلب فعل كَذَا الْحَال) خبر كَانَ: أَي الِاسْتِقْبَال (دخل) فِي الْأَمر النَّفْسِيّ لصدقه وَإِن كَانَ خَبرا صِيغَة لِأَنَّهُ اقْتِضَاء فعل غير كف (وَإِنَّمَا يمْتَنع) دُخُوله (فِي الصيغي) لِأَن الْمُعْتَبر فِيهِ القَوْل الْمَخْصُوص صِيغَة افْعَل وَنَحْوه (فَلَا يحْتَاج) إِلَى (أَن) المُرَاد من الْكَفّ فِي التَّعْرِيف (الْكَفّ عَن مَأْخَذ الِاشْتِقَاق) لِأَن الِاحْتِيَاج إِلَى أَفعَال (7) اكفف فرع كَونه دَاخِلا عَن الْمُعَرّف (والأليق بالأصول تَعْرِيف الصيغي، لِأَنَّهُ بَحثه) أَي علم الْأُصُول (عَن) الْأَدِلَّة (السمعية) وَهِي الْأَلْفَاظ من حَيْثُ يُوصل الْعلم بأحوالها من عُمُوم وخصوص وَغَيرهمَا إِلَى قدرَة إِثْبَات الْأَحْكَام (وَهُوَ) أَي الْأَمر الصيغي (اصْطِلَاحا) لأهل الْعَرَبيَّة (صيغته الْمَعْلُومَة) سَوَاء كَانَت على سَبِيل الاستعلاء أَو لَا (ولغة هِيَ) أَي صيغته الْمَعْلُومَة مستعملة (فِي الطّلب الْجَازِم أَو اسْمهَا) أَي اسْم تِلْكَ الصِّيغَة كصيغة نزال (مَعَ الاستعلاء) وَهَذَا الَّذِي ذكره إِنَّمَا هُوَ لفظ الْأَمر: أَعنِي أَمر

ص: 337

(بِخِلَاف فعل الْأَمر) نَحْو: اضْرِب فَإِنَّهُ لَا يشْتَرط فِيهِ مَا ذكر (فَيصدق) هُوَ أَي الْأَمر بِالْمَعْنَى اللّغَوِيّ (مَعَ الْعُلُوّ وَعَدَمه، وَعَلِيهِ) أَي على عدم اشْتِرَاط الْعُلُوّ، وَهُوَ كَون الطَّالِب أَعلَى مرتبَة من الْمَطْلُوب مِنْهُ (الْأَكْثَر) أَي أَكثر الْأُصُولِيِّينَ (وأهدرهما) أَي الاستعلاء والعلو (الْأَشْعَرِيّ) وَبِه قَالَ أَكثر الشَّافِعِيَّة (وَاعْتبر الْمُعْتَزلَة الْعُلُوّ) أَي اشترطوه إِلَّا أَبَا الْحسن مِنْهُم، وَوَافَقَهُمْ أَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ، وَابْن الصّباغ، والسمعاني من الشَّافِعِيَّة (وَلَا أَمر عِنْدهم) أَي الْمُعْتَزلَة (إِلَّا الصِّيغَة) لإنكارهم الْكَلَام النَّفْسِيّ (وَرجح نفي الْأَشْعَرِيّ الْعُلُوّ بذمهم) أَي الْعُقَلَاء (الْأَدْنَى بِأَمْر الْأَعْلَى) إِذْ لَو كَانَ الْعُلُوّ شرطا لما تحقق الْأَمر من الْأَدْنَى فلازم (و) رجح أَيْضا نَفْيه (الاستعلاء بقوله تَعَالَى عَن فِرْعَوْن) مُخَاطبا لِقَوْمِهِ (فَمَاذَا تأمرون) فَإِنَّهُ أطلق على قَوْلهم الْمُقْتَضى لَهُ فعلا غير كف، وَلم يكن لَهُم استعلاء عَلَيْهِ، بل كَانُوا يعبدونه (وَمِنْهُم من جعله) أَي مَاذَا تأمرون متمسكا بِهِ (لنفي الْعُلُوّ) وَهُوَ ظَاهر (وَالْحق اعْتِبَار الاستعلاء) كَمَا ذهب إِلَيْهِ الْآمِدِيّ وَابْن الْحَاجِب وَصحح فِي الْمَحْصُول (وَنفى) اشْتِرَاط (الْعُلُوّ لذمهم الْأَدْنَى بِأَمْر الْأَعْلَى). وَقد مر آنِفا (وَالْآيَة) مَاذَا تأمرون (وَقَوله) أَي عَمْرو ابْن الْعَاصِ لمعاوية:

(أَمرتك أمرا جَازِمًا فعصيتني

وَكَانَ من التَّوْفِيق قتل ابْن هَاشم)

لما خرج هَذَا من الْعرَاق على مُعَاوِيَة مرّة بعد مرّة، وَقد أمْسكهُ فِيهَا، وَأَشَارَ عَلَيْهِ عَمْرو بقتْله فخالفه وَأطلق لحلمه، أَي حضين بن الْمُنْذر يُخَاطب يزِيد بن الْمُهلب أَمِير خُرَاسَان وَالْعراق إِلَّا أَن تَمَامه فِي هَذَا:

(فَأَصْبَحت مسلوب الْإِمَارَة نَادِما

)

(مجَاز عَن تشيرون وأشرت للْقطع بِأَن الصِّيغَة فِي التضرع، والتساوي لَا تسمى أمرا) وَفِي الْكَشَّاف: تأمرون من المؤامرة، وَهِي الْمُشَاورَة، أَو من الْأَمر الَّذِي هُوَ ضد النَّهْي: جعل العبيد آمرين وربهم مَأْمُورا لما استولى عَلَيْهِ فِي فرط الدهش والحيرة. وَقَالَ (القَاضِي وَإِمَام الْحَرَمَيْنِ) وَالْغَزالِيّ (القَوْل الْمُقْتَضى) بِنَفسِهِ (طَاعَة الْمَأْمُور بِفعل الْمَأْمُور بِهِ) فَالْقَوْل جنس والمقتضى احْتِرَاز عَمَّا عدا الْأَمر من أَقسَام الْكَلَام، وبنفسه لقطع وهم حمل الْأَمر على الْعبارَة، وَأَنَّهَا لَا تَقْتَضِي بِنَفسِهَا، بل بمعناها، وَالطَّاعَة احْتِرَاز عَن الدُّعَاء، وَالرَّغْبَة من غير جزم فِي طلب الطَّاعَة كَذَا ذكره الشَّارِح، وَفِيه مَا فِيهِ (ويستلزم) هَذَا الْحَد (الدّور من ثَلَاث أوجه) ذكر الطَّاعَة، والمأمور، والمأمور بِهِ: لِأَن الطَّاعَة مُوَافقَة الْأَمر، والمأمور مُشْتَقّ من الْأَمر فَيتَوَقَّف معرفَة كل مِنْهُمَا على معرفَة الْأَمر (وَدفعه) أَي الدّور على مَا فِي الشَّرْح العضدي (بِأَنا إِذا علمنَا الْأَمر من حَيْثُ هُوَ كَلَام علمنَا الْمُخَاطب بِهِ، وَهُوَ الْمَأْمُور وَمَا يتضمنه، وَهُوَ الْمَأْمُور بِهِ

ص: 338

وَفعله) أَي الْمَأْمُور بِهِ (وَهُوَ الطَّاعَة وَلَا يتَوَقَّف) الْعلم بِشَيْء من هَذِه الْأَشْيَاء (على معرفَة حَقِيقَة الْأَمر الْمَطْلُوبَة بالتعريف، فَإِن أَرَادَ) بقوله: إِذا علمنَا الْأَمر من حَيْثُ هُوَ كَلَام الْمَعْنى (الْحَاصِل من الْجِنْس) أَي القَوْل، وَهُوَ الْمَعْنى الْمُقَيد (لم يلْزمه غير الْأَوَّلين) وهما الْمُخَاطب بِهِ وَمَا يتضمنه الْكَلَام، وَفِيه أَن لُزُوم اللَّفْظ الْمُخَاطب فِي القَوْل اللَّفْظِيّ لكَونه مَوْضُوعا للإفادة، وَأما لُزُومه فِي النَّفْسِيّ فَغير ظَاهر: اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُقَال لما كَانَ بَين اللَّفْظِيّ والنفسي شدَّة ارتباط بِمَا ينْتَقل الذِّهْن فِيهِ إِلَى مَا هُوَ لَازمه على أَنه كَلَام على السَّنَد الْأَخَص (ثمَّ لم يفد) القَوْل (حَقِيقَة) لفظ (الْمَأْمُور) أَي الْمَعْنى الَّذِي وضع بإزائه، وَقصد بِهِ فِي التَّعْرِيف (من مُجَرّد فهم الْمُخَاطب) الْمَدْلُول عَلَيْهِ بالْقَوْل (وَلَا) حَقِيقَة (الْمَأْمُور بِهِ من حَيْثُ هُوَ كَذَلِك) أَي الْمَأْمُور بِهِ: أَي لَا يفهم ذَاك الْمَأْمُور ملحوظا يُوصف المأمورية من فهم الْمُخَاطب، وَلَا ذَات الْمَأْمُور بِهِ بِوَصْف كَونه مَأْمُورا بِهِ (من معرفَة أَن للْكَلَام معنى تضمنه) كل ذَلِك ظَاهر (وَأما فعله) أَي وَأما إفادته لفعل مضمونه (وَكَونه) أَي كَون فعله (طَاعَة فأبعد) من كل من الْأَوَّلين (أَو) أَرَادَ الْحَاصِل من الْجِنْس (بقيوده) أَي بقيود الْجِنْس الْمَذْكُور فِي التَّعْرِيف (فعين الْحَقِيقَة) أَي فَهَذَا المُرَاد حَقِيقَة الْأَمر (وَيعود الدّور) وَيُمكن أَن يُجَاب عَنهُ بِأَن حَاصِل الدّفع منع كَون معرفَة كل مِنْهَا مَوْقُوفا على معرفَة حَقِيقَة الْأَمر لجَوَاز أَن يتَصَوَّر كل مِنْهَا على وَجه يميزه من غَيره من غير أَن يُوجد فِي ذَلِك التَّصَوُّر حَقِيقَة الْأَمر الَّتِي صَارَت مَطْلُوبَة من التَّعْرِيف: لكنه يرد عَلَيْهِ أَن سَنَده لَا يصلح للسندية (وَيبْطل طرده بأمرتك بِفعل كَذَا) فَإِنَّهُ خبر، وَلَيْسَ بِأَمْر مَعَ صدق الْحَد عَلَيْهِ، وَهَذَا بِنَاء على أَن الْمُعَرّف الصيغي لَا النَّفْسِيّ كَمَا هُوَ الظَّاهِر من اللَّفْظ الْمُوَافق لغَرَض الأصولي، فَزِيَادَة فِيهِ بِنَفسِهِ فِي التَّعْرِيف لدفع الْوَهم الْمَذْكُور على مَا ذكره الشَّارِح غير حسن (وَقيل هُوَ الْخَبَر عَن اسْتِحْقَاق الثَّوَاب، وَفِيه) أَي فِي هَذَا الْحَد (جعل المباين) للمحدود، وَهُوَ الْخَبَر (جِنْسا لَهُ) وَهُوَ بَاطِل لما بَينهمَا من التَّنَافِي: اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُرَاد بِهِ مَا يسْتَلْزم الْإِخْبَار عَنهُ ضمنا فَتَأمل. (و) قَالَ (الْمُعْتَزلَة) أَي جمهورهم (قَول الْقَائِل لمن دونه افْعَل) أَي مَا وضع لطلب الْفِعْل من الْفَاعِل (وَإِبْطَال طرده) أَي هَذَا التَّعْرِيف (بالتهديد وَغَيره) مِمَّا لم يرد بِهِ الطّلب من هَذِه الصِّيغَة، نَحْو - اعْمَلُوا مَا شِئْتُم، {وَإِذا حللتم فاصطادوا} -: للْإِبَاحَة لصدق الْحَد عَلَيْهِ مَعَ أَنه لَيْسَ بِأَمْر (مَدْفُوع بِظُهُور أَن المُرَاد) قَول الْقَائِل (افْعَل) حَال كَونه (مرَادا بِهِ مَا يتَبَادَر مِنْهُ) عِنْد الْإِطْلَاق، وَهُوَ الطّلب (و) إبِْطَال طرده (بالحاكي) لأمر غَيره لمن دونه (والمبلغ) لِلْأَمْرِ من دونه مَدْفُوع أَيْضا (بِأَنَّهُ) أَي قَول كل مِنْهُمَا (لَيْسَ قَول الْقَائِل) أَي الَّذِي هُوَ الحاكي والمبلغ

ص: 339

فَاللَّام للْعهد (عرفا، يُقَال للتمثيل) بِشعر أَو غَيره لغيره (لَيْسَ) مَا تمثل بِهِ (قَوْله، وَلَيْسَ الْقُرْآن قَوْله) أَي النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَإِن كَانَ مبلغه فَلَا يبطل الطَّرْد (نعم الْعُلُوّ غير مُعْتَبر) على الصَّحِيح عندنَا (و) قَالَت (طَائِفَة) مِنْهُم: الْأَمر هُوَ (الصِّيغَة) الْمَعْلُومَة (مُجَرّدَة عَن الصَّارِف عَن الْأَمر، وَهُوَ) أَي هَذَا الْحَد تَعْرِيف الشَّيْء (بِنَفسِهِ، وَلَو أسْقطه) أَي لفظ مُجَرّدَة عَن الصَّارِف عَن الْأَمر (صَحَّ) التَّعْرِيف (لفهم الصَّارِف عَن المبادر) لِأَنَّهُ يفهم اشْتِرَاط التجرد عَن الصَّارِف عَمَّا هُوَ الْمُتَبَادر من الصِّيغَة الْمَعْلُومَة، وَهُوَ الطّلب، وَمَا يشار إِلَيْهِ الذِّهْن لَا حَاجَة إِلَى التَّصْرِيح بِهِ، وَالشَّارِح جعل ضمير أسقط للفظ عَن الْأَمر، وَذكر بعد قَول المُصَنّف عَن التبادر قَوْله الَّذِي هُوَ الطّلب من إِطْلَاق الصَّارِف، وَهُوَ الْأَظْهر (و) قَالَت (طَائِفَة) من معتزلة الْبَصْرَة (الصِّيغَة بِإِرَادَة وجود اللَّفْظ ودلالته على الْأَمر والامتثال) فِي الشَّرْح العضدي قَالَ قوم: صِيغَة افْعَل بارادات ثَلَاث: إِرَادَة وجود اللَّفْظ، وَإِرَادَة دلالتها على الْأَمر، وَإِرَادَة الِامْتِثَال، وَاحْترز بِالْأولَى عَن النَّائِم: إِذْ يصدر عَنهُ صِيغَة افْعَل من غير إِرَادَة وجود اللَّفْظ، وبالثانية عَن التهديد، والتخيير، وَالْإِكْرَام، والإهانة وَنَحْوهَا، وبالثالثة عَن الصِّيغَة تصدر عَن الْمبلغ والحاكي فَإِنَّهُ لَا يُرِيد الِامْتِثَال، وَإِلَى بعضه أَشَارَ بقوله (ويحترز بالأخير) أَي الِامْتِثَال (عَنْهَا) أَي الصِّيغَة صادرة (من نَائِم، ومبلغ، وَمَا سوى الْوُجُوب) من التهديد إِلَى آخِره، وَفِيه اعْتِرَاض على مَا فِي الشَّرْح الْمَذْكُور حَيْثُ لم يتَعَرَّض بِأَن الْأَخير مغن من حَيْثُ الِاحْتِرَاز عَن غَيره مِمَّا قبله (و) أَن (مَا قبله) أَي الْأَخير (تنصيص على الذاتي) وتصريح بأجزاء حَقِيقَة (وَأورد) على الْحَد الْمَذْكُور أَنه (إِن أُرِيد بِالْأَمر الْمَحْدُود اللَّفْظ) أَي الْأَمر الصيغي (أفْسدهُ) أَي الْحَد (إِرَادَة دلالتها) أَي الصِّيغَة (على الْأَمر) لِأَن اللَّفْظ غير مَدْلُول عَلَيْهِ (أَو) أُرِيد بِالْأَمر الْمَحْدُود (الْمَعْنى) النَّفْسِيّ (أفْسدهُ) أَي الْحَد (جنسه) فَاعل أفسد لِأَن الْمَعْنى لَيْسَ بِصِيغَة (وَأجِيب بِأَنَّهُ) أَي المُرَاد بالمحدود (اللَّفْظ) وَبِمَا فِي الْحَد الْمَعْنى الَّذِي هُوَ الطّلب (وَاسْتعْمل الْمُشْتَرك) الَّذِي هُوَ نفس الْأَمر (فِي معنييه) الصِّيغَة الْمَعْلُومَة، والطلب (بِالْقَرِينَةِ) الْعَقْلِيَّة فَإِن قلت الْمَذْكُور فِي صدر التَّعْرِيف لفظ الصِّيغَة، وَفِي أثْنَاء التَّعْرِيف لفظ الْأَمر وَلَيْسَ هَذَا من بَاب اسْتِعْمَال الْمُشْتَرك فِي معنييه قلت مَعْلُوم أَن صَاحب التَّعْرِيف قَالَ: الْأَمر الصِّيغَة إِلَى آخِره، غَايَة الْأَمر أَنه لم يذكرهُ المُصَنّف هَهُنَا اعْتِمَادًا على مَا سبق (وَقَالَ قوم) آخَرُونَ من الْمُعْتَزلَة الْأَمر (إِرَادَة الْفِعْل (وَأورد) أَنه (غير جَامع لثُبُوت الْأَمر وَلَا إِرَادَة) كَمَا (فِي أَمر عَبده بِحَضْرَة من توعده) أَي السَّيِّد بالإهلاك أَن ظهر أَنه لَا يُخَالِفهُ مثلا (على ضربه) أَي ضرب الْآمِر عَبده،

ص: 340