الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْبَنَات) فِي الْأمان على الْبَنِينَ، للِاحْتِيَاط فِي الْأمان (حَيْثُ كَانَ) الْعُمُوم (مِمَّا تصح إِرَادَته) مجَازًا.
مسئلة
(هَل الْمُشْتَرك عَام استغراقي فِي) أَفْرَاد كل وَاحِد من (مفاهيمه) أَي مسمياته مَعًا فِي إِطْلَاق وَاحِد بِاعْتِبَار أوضاعه المتعددة، ثمَّ أَشَارَ إِلَى ثَمَرَة هَذَا الِاسْتِغْرَاق بقوله (فَالْحكم عَلَيْهِ) أَي الْمُشْتَرك (يتَعَلَّق بِكُل مِنْهَا) أَي من أَفْرَاد تِلْكَ المفهومات، فَكَأَنَّهُ مَدْخُول كل الإفرادي (لَا الْمَجْمُوع) أَي الحكم عَلَيْهِ لَا يتَعَلَّق بِمَجْمُوع تِلْكَ المفاهيم من حَيْثُ هُوَ مَجْمُوع ليَكُون مثل مَدْخُول كل الْمَجْمُوع نَحْو: كلهم يحمل هَذِه الصَّخْرَة فَلَا يكون حِينَئِذٍ كل فَرد من مفاهيمه مَحْكُومًا عَلَيْهِ بِمَا حكم بِهِ عَلَيْهِ (فَعَن الشَّافِعِي نعم) أَي يعم الْمُشْتَرك أَفْرَاد كل وَاحِد من مفاهيمه حَقِيقَة: نَقله إِمَام الْحَرَمَيْنِ، وَالْغَزالِيّ، والآمدي وَفِي الشَّرْح العضدي عَنهُ أَنه ظَاهر فيهمَا دون أَحدهمَا خَاصَّة، فَيحمل على التجرد عَن الْقَرَائِن عَلَيْهِمَا، وَهُوَ عَام فيهمَا، وَالْعَام عِنْده قِسْمَانِ: مُتَّفق الْحَقِيقَة، ومختلف الْحَقِيقَة (و) عَن (الْحَنَفِيَّة لَا) يعم حَقِيقَة (وَلَا مجَازًا) وَوَافَقَهُمْ البصريان: أَبُو الْحُسَيْن، وَأَبُو عبد الله، وَأَبُو هَاشم وَغَيرهم (فَقيل) لَا يَصح (لُغَة) وَيصِح عقلا (كالغزالي) أَي كَمَا قَالَ هُوَ وَأَبوهُ الْحُسَيْن، وَالْإِمَام الرَّازِيّ (وَقيل) لَا يَصح (عقلا): اخْتَارَهُ صدر الشَّرِيعَة. قَالَ (الْآمِدِيّ يَصح مجَازًا) وَإِلَيْهِ ذهب إِمَام الْحَرَمَيْنِ، وَاخْتَارَهُ ابْن الْحَاجِب (وَقيل) يَصح (فِي النَّفْي فَقَط حَقِيقَة وَعَلِيهِ) أَي على هَذَا القَوْل (فرع فِي وَصَايَا الْهِدَايَة. وَفِي الْمَبْسُوط حلف: لَا أكلم مَوْلَاك) وَهُوَ مُشْتَرك بَين الْمُعْتق وَالْمُعتق (وَله) موَالِي (أعلون) يشملهم اللَّفْظ بِالْمَعْنَى الأول (و) موَالِي (أسفلون) يشملهم بِالْمَعْنَى الثَّانِي (أَيهمْ) أَي أَي وَاحِد من الْفَرِيقَيْنِ (كلم) هم الْحَالِف (حنث، لِأَن الْمُشْتَرك فِي النَّفْي يعم) كل فَرد من كل وَاحِد من مفاهيمه (وَهُوَ الْمُخْتَار، وَالْقَاضِي، والمعتزلة). قَالُوا (يَصح حَقِيقَة، فَإِن) كَانَت صِحَة إِطْلَاقه حَقِيقَة (للْعُمُوم) أَي لعمومه فِي مفاهيمه من غير أَن يكون مَوْضُوعا للْكُلّ بِوَضْع مُسْتَقل غير وَضعه لكل مِنْهُمَا بِوَضْع على حِدة (فكقول الشَّافِعِي) رحمه الله: أَي فَقَوْلهم كَقَوْلِه (أَو) كَانَت صِحَّته (للاشتراك فِي كلهَا وكل مِنْهَا) بِأَن يكون مَوْضُوعا للمجموع بِوَضْع مُسْتَقل، وَلكُل مِنْهَا بأوضاع مُتعَدِّدَة، فَعِنْدَ اسْتِعْمَاله فِي الْكل يكون الملحوظ وَضعه للْكُلّ، لَا وَضعه للْكُلّ وَلكُل وَاحِد، لِأَنَّهُ الأول: يَعْنِي وَالْفرق بَين هَذَا، وَقَول الشَّافِعِي أَن الشَّافِعِي
رَحمَه الله لَا يَقُول باشتراكه بَين الْكل وكل مِنْهَا، بل يَقُول بِالْعُمُومِ الاستغراقي والحقيقة بِمُجَرَّد اشتراكه بَين مَعَانِيه (أَو لَيْسَ) الْأَمر (كَذَلِك) أَي لَا الْعُمُوم وَلَا للاشتراك فِي كلهَا، وكل مِنْهُمَا (فمباين لَهُ) أَي فَقَوْلهم مباين لقَوْل الشَّافِعِي رحمه الله (فَلَيْسَ مَذْهَب الشَّافِعِي أخص مِنْهُ) أَي من قَول القَاضِي (كَمَا قيل) قَالَ الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ (وَلِأَنَّهُ) أَي الْمُشْتَرك (حَقِيقَة) فِي كل من مَعَانِيه (يتَوَقَّف السَّامع فِي المُرَاد بهَا) أَي بِتِلْكَ الْحَقِيقَة (إِلَى الْقَرِينَة) الْمعينَة لإجماله فِي مَعَانِيه (ومذهبه) أَي الشَّافِعِي أَنه (لَا يتَوَقَّف) السَّامع فِي المُرَاد بهَا إِلَى الْقَرِينَة لظُهُوره فِي الْعُمُوم، وَالْمذهب الْمُخْتَار لنا وللقاضي فِي الْمُشْتَرك هُوَ الْمَجْمُوع من كَونه حَقِيقَة وَكَونه بِحَيْثُ يتَوَقَّف السَّامع فِي المُرَاد بِهِ إِلَى الْقَرِينَة، فَكيف يكون مَذْهَب الشَّافِعِي أخص من مَذْهَب القَاضِي (وَالْمذهب: هُوَ الْمَجْمُوع لَا مُجَرّد كَونه حَقِيقَة، وَوُجُود مُشْتَرك بَينهمَا) أَي بَين قَول الشَّافِعِي وَالْقَاضِي (هُوَ صِحَة إِطْلَاقه عَلَيْهِمَا لَا يُوجب الأخصية) الْمَذْكُورَة (ككل متباينين تَحت جنس) كالإنسان وَالْفرس تَحت الْحَيَوَان (وَعَن الشَّافِعِي رحمه الله يعم) الْمُشْتَرك جَمِيع مَعَانِيه (احْتِيَاطًا) نَقله الإِمَام الرَّازِيّ (وَهُوَ أوجه النقلين عَنهُ للاتفاق على أَنه) أَي الْمُشْتَرك (حَقِيقَة فِي أَحدهمَا) أَي اتَّفقُوا على أَن الْمُشْتَرك بَين الْمَعْنيين إِذا اسْتعْمل فِي كل مِنْهُمَا مُنْفَردا فَهُوَ حَقِيقَة فِيهِ (فظهوره فِي الْكل) على سَبِيل الِاسْتِغْرَاق الإفرادي بِحَيْثُ لَا يخرج عَنهُ فَرد من أَفْرَاد شَيْء من مفهوميه (فرع كَونه حَقِيقَة فِيهِ أَيْضا) أَي فِي الْكل، لِأَن اللَّفْظ لَا يكون ظَاهرا فِي معنى بِحَيْثُ يتَبَادَر إِلَى لذهن من غير حَاجَة إِلَى قرينَة عِنْد إِطْلَاقه، إِلَّا إِذا كَانَ حَقِيقَة فِيهِ (وَهُوَ) أَي كَونه حَقِيقَة فِي الْكل إِنَّمَا يتَحَقَّق (بِوَضْعِهِ) أَي اللَّفْظ (لَهُ) أَي للْكُلّ (أَيْضا) أَي كَمَا أَنه وضع لكل وَاحِد مِنْهُمَا (فَلَزِمَ) كَون الْكل (مفهوما آخر) لَهُ (فتعميمه) أَي الْمُشْتَرك (اسْتِعْمَال فِي أحد مفاهيمه) وَهُوَ الْكل (لِأَن فِيهِ) أَي فِي اسْتِعْمَاله فِي الْكل (الِاحْتِيَاط) لما فِيهِ من الْخُرُوج عَن الْعهْدَة يتَعَيَّن لجَوَاز لُزُوم تَعْطِيل الْبَعْض على تَقْدِير عدم إِرَادَة الْكل، وَيرد عَلَيْهِ أَنا لَا نسلم الِاحْتِيَاط فِيمَا إِذا كَانَ الأَصْل فِي الحكم المفاد بالمشترك الْحَظْر، فَإِن الِاحْتِيَاط حِينَئِذٍ تقليل ارْتِكَاب مَا هُوَ الْمَحْظُور قبل وُرُوده وَهُوَ بِحمْلِهِ على الْبَعْض (جعله) أَي الشَّافِعِي الِاحْتِيَاط (كالقرينة) لإِرَادَة الْكل، وَتظهر فَائِدَة الْخلاف فِي كَونه مُجملا أَو عَاما فِيمَا إِذا وقف على موَالِيه، وَلَيْسَ لَهُ موَالٍ إِلَّا من أَعلَى أَو أَسْفَل، فعلى الْإِجْمَال وجود أحد الْفَرِيقَيْنِ فَقَط قرينَة لإِرَادَة أحد الْمَعْنيين، فَلَا يدْخل فِي الْوَقْف من حدث بعد الْوَقْف من الْفَرِيق الآخر، وعَلى الْعُمُوم يدْخل وَهُوَ ظَاهر كَمَا لَو وقف على أَوْلَاده وَله أَوْلَاد، ثمَّ حدث آخر يشاركهم (وَالْجمع كالواحد عِنْد الْأَكْثَر) أَي جمع الْمُشْتَرك بِاعْتِبَار مفاهيمه كالعيون بِاعْتِبَار
الباصرة وَالْجَارِيَة، وَالشَّمْس كالمفرد الْمُشْتَرك فِي جَوَاز إِطْلَاقه على مَعَانِيه دفْعَة، وَعَدَمه عِنْد أَكثر الْأُصُولِيِّينَ، فَمن أجَاز فِي الْمُفْرد ذَلِك أجَاز جمعه باعتبارها، وَمن منع فِي الْمُفْرد منع فِي الْجمع ذَلِك، وَمن فصل ثمَّة فصل هُنَا، لِأَن الْجمع يتبع مفرده (وَأَجَازَهُ) أَي جمعه بِاعْتِبَار مَعَانِيه (آخَرُونَ مَعَ مَنعه) أَي منع جَوَاز إِطْلَاقه على مَعَانِيه دفْعَة (فِي الْمُفْرد لِأَنَّهُ) أَي الْجمع (فِي قُوَّة المتعدد بالْعَطْف) فَكَأَنَّهُ اسْتعْمل كل مُفْرد فِي معنى وَأجِيب بِالْمَنْعِ أَولا، وعَلى التَّسْلِيم لَيْسَ فِي قُوَّة المتعدد مُطلقًا، بل المتعدد من نوع وَاحِد بِشَهَادَة الِاسْتِغْرَاق والتثنية مُلْحقَة بِالْجمعِ وللنحويين فيهمَا مذهبان، الْجَوَاز وَعَدَمه: وَهُوَ الْمَشْهُور (وَشرط تعميمه) أَي الْمُشْتَرك فِي مفاهيمه (مُطلقًا) مُفردا كَانَ أَو مثنى أَو مجموعا (إِمْكَان الْجمع) بَينهَا فَلَا يعم صِيغَة أفعل فِي الْإِيجَاب والتهديد لعدم إِمْكَانه، لِأَن الْإِيجَاب يَقْتَضِي الْفِعْل، والتهديد التّرْك (والاتفاق على مَنعه) أَي منع اسْتِعْمَاله حَقِيقَة (فِي الْمَجْمُوع) أَي مَجْمُوع مَعَانِيه من حَيْثُ هُوَ مَجْمُوع، قَالَ الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ: الثَّالِث إِطْلَاقه على مَجْمُوع الْمَعْنيين بِأَن يُرَاد بِهِ فِي إِطْلَاق وَاحِد الْمَجْمُوع الْمركب من الْمَعْنيين بِحَيْثُ لَا يُفِيد أَن كلا مِنْهُمَا منَاط الحكم، وَلَا نزاع فِي امْتنَاع ذَلِك حَقِيقَة وَفِي جَوَازه مجَازًا إِن وجدت علاقَة مصححه (فَلَا يتَعَلَّق الحكم إِلَّا بِهِ) أَي بالمجموع على ذَلِك التَّقْدِير (على خلاف الْعَام) فَإِن الحكم يتَعَلَّق فِيهِ بِكُل من أَفْرَاده (و) الِاتِّفَاق أَيْضا (على منع كَونه) أَي الْمُشْتَرك مُسْتَعْملا (فيهمَا) أَي معنييه مَعًا (حَقِيقَة) فِي أَحدهمَا (ومجازا) فِي الآخر (لنا) نعني الْحَنَفِيَّة فِي عدم استغراقه مفاهيمه (يسْبق إِلَى الْفَهم إِرَادَة أَحدهمَا) أَي معنى الْمُشْتَرك عِنْد إِطْلَاقه، يَعْنِي إِذا سمعنَا الْمُشْتَرك ينْتَقل ذهننا فَوْرًا إِلَى أَن مُرَاد الْمُتَكَلّم وَاحِد من مَعَانِيه لَا الْأَكْثَر (حَتَّى تبادر) إِلَى الذِّهْن (طلب الْمعِين) بِصِيغَة الْفَاعِل يَعْنِي أَن تبادر أَحدهمَا لَا على التَّعْيِين سَبَب لتبادر طلب الْمعِين بِصِيغَة الْفَاعِل، فَالثَّانِي ينور الأول (وَهُوَ) أَي تبادر الآخر لَا على التَّعْيِين الْمُوجب لطلب الْمعِين (مُوجب الحكم بِأَن شَرط اسْتِعْمَاله) أَي الْمُشْتَرك (لُغَة) ظرف للشّرط وَنصب على الْمصدر: أَي اسْتِعْمَالا يَقْتَضِيهِ وضع اللُّغَة (كَونه) أَي كَون اسْتِعْمَاله وَاقعا (فِي أَحدهمَا) أَي معنييه، وَوجه إِيجَابه الحكم الْمَذْكُور أَنه لَوْلَا أَن الْوَاضِع اللّغَوِيّ اقْتضى أَن يذكر الْمُشْتَرك، وَيُرَاد بِهِ أحد مَعَانِيه فَقَط لم يتَبَادَر إِلَى الْفَهم إِنَّمَا يتبع مَا يَقْتَضِيهِ الْوَضع، وَلذَلِك قَالُوا تبادر الْمَعْنى إِلَى الْفَهم عِنْد إِطْلَاق اللَّفْظ دَلِيل كَونه حَقِيقَة فِيهِ (فاتنفى ظُهُوره) أَي الْمُشْتَرك (فِي الْكل) لِأَنَّهُ لَو كَانَ ظَاهرا فِيهِ لتبادر هُوَ إِلَى الْفَهم لَا أَحدهمَا لَا على التَّعْيِين (وَمنع سبق) ذَلِك أَي إِرَادَة أَحدهمَا لَا على التَّعْيِين (مُكَابَرَة تضمحل) تِلْكَ المكابرة (بِالْعرضِ) على عرف أهل الِاسْتِعْمَال، فَيُقَال لَهُم مَا تفهمون على الْفَوْر إِذا أطلق
الْمُشْتَرك، وَيجوز أَن يُرَاد الْعرض على الوجدان، فَإِن كل أحد إِذا رَاجع وجدانه وجد ذَلِك (وإلزام كَونه) أَي الْمُشْتَرك (مُشْتَركا معنويا) لَا لفظيا، لِأَن مَفْهُوم أَحدهمَا لَا على التَّعْيِين مُشْتَرك بَين الْمَعْنيين يصدق كل وَاحِد مِنْهُمَا وتبادره إِلَى الْفَهم دَلِيل كَونه مَوْضُوعا بإزائه (مَمْنُوع فَإِنَّهُ) أَي الْمُشْتَرك اللَّفْظِيّ (مَا) أَي لفظ (تعدّدت أوضاعه للمفاهيم) وَهَذَا الْمَعْنى صَادِق على لفظ الْمعِين مثلا، وَصدق التَّعْرِيف يسْتَلْزم تحقق الْمُعَرّف، وَلَيْسَ تبادر ذَلِك الْمَعْنى الْمُشْتَرك بِسَبَب وضع اللَّفْظ لَهُ، بل بِسَبَب وَضعه لكل وَاحِد من الْمَعْنيين المندرجين تَحْتَهُ على وَجه اقْتضى إِرَادَة الْبَعْض من المفاهيم: كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله (وَشرط كَون اسْتِعْمَاله) أَي الْمُشْتَرك اللَّفْظِيّ (فِي الْإِثْبَات) أَي فِيمَا إِذا ثَبت لَهُ حكم، احْتِرَاز عَمَّا إِذا نفى عَنهُ، فَإِنَّهُ عِنْد ذَلِك يعم على مَا تقدم (فِي بَعْضهَا) أَي المفاهيم خبر الْكَوْن، وَقَوله فِي الْإِثْبَات ظرف للاستعمال (كالمعنوي للأفراد) أَي كَمَا شَرط كَون اسْتِعْمَال الْمُشْتَرك الْمَعْنَوِيّ الْمَوْضُوع لفرد مَا من أَفْرَاده على مَا هُوَ الْمُخْتَار فِي اسْم الْجِنْس فِي بعض تِلْكَ الْأَفْرَاد (فَلَزِمَ فيهمَا) أَي الْمَعْنَوِيّ واللفظي (تبادر الْأَحَد) غير أَن الْأَحَد فِي الْمَعْنَوِيّ أحد الْأَفْرَاد، وَفِي اللَّفْظِيّ أحد المفاهيم (والتوقف إِلَى الْمعِين) أَي توقف فهم مُرَاد الْمُتَكَلّم إِلَى مَا يعين ذَلِك الْأَحَد الْمُبْهم من الْقَرِينَة (فاشتركا) أَي الْمَعْنَوِيّ واللفظي (فِي لَازم) هُوَ التبادر والتوقف الْمَذْكُورَان (مَعَ تبَاين الحقيقتين) لما عرفت من اعْتِبَار تعدد الْوَضع فِي اللَّفْظِيّ، واتحاده فِي الْمَعْنَوِيّ وَغير ذَلِك (وَأَيْضًا اتِّفَاق المانعين لوُجُوده) أَي الْمُشْتَرك اللَّفْظِيّ (على تَعْلِيله) أَي تَعْلِيل الْمَنْع لوُجُوده (بِأَنَّهُ) أَي الِاشْتِرَاك اللَّفْظِيّ (مخل بالفهم و) اتِّفَاق (المجيبين على أَن الْإِجْمَال مِمَّا يقْصد) فِي التخاطب (اتِّفَاق الْكل) خبر اتِّفَاق المانعين وَمَا عطف عَلَيْهِ (على نفي ظُهُوره) أَي الْمُشْتَرك (فِي الْكل) إِذْ أجمع الْفَرِيقَانِ على أَن الْمُشْتَرك إِذا أطلق مفاده الْإِجْمَال غير أَن أَحدهمَا حكم بِأَنَّهُ إخلال، وَالْآخر بِأَنَّهُ لَيْسَ بإخلال، بل هُوَ مِمَّا يقْصد (وَأَيْضًا لَو عَم) الْمُشْتَرك فِي معنييه (كَانَ مجَازًا) فِي أَحدهمَا (لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ) أَي حِين يُرَاد بِهِ أَحدهمَا (عَام مَخْصُوص) وَالْعَام الْمَخْصُوص مجَاز، لِأَنَّهُ حَقِيقَته الْعُمُوم من غير تَخْصِيص (لَا يُقَال ذَلِك) أَي لُزُوم كَونه مجَازًا عِنْد إِرَادَة أَحدهمَا مِنْهُ (لَو لم يكن مَوْضُوعا لَهُ) أَي لأَحَدهمَا أَيْضا، لكنه مَوْضُوع لَهُ غير أَنه حَقِيقَة محتاجة إِلَى الْقَرِينَة:(لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ) أَي حِين يكون مَوْضُوعا لَهُ أَيْضا (مُشْتَرك بَين الْكل وَالْبَعْض فَيلْزم التَّوَقُّف فِي المُرَاد مِنْهُمَا) أَي من الْكل وَالْبَعْض (إِلَى الْقَرِينَة) الْمعينَة لوَاحِد مِنْهُمَا بِعَيْنِه (فَلَا يكون ظَاهرا فِي الْكل) كَمَا عَن الشَّافِعِي رحمه الله (فَلَو عَم) الْمُشْتَرك (فلغيره) أَي فهم الْكل دون أَحدهمَا فَقَط لَيْسَ لمُجَرّد تَعْبِير لكَونه مَوْضُوعا للْعُمُوم (كَمَا نقل عَن الشَّافِعِي) رَحمَه الله
(أَنه) أَي عُمُومه (احْتِيَاط للْعلم) أَي ليحصل الْعلم (بِفعل المُرَاد) للمتكلم بالمشترك (قُلْنَا لَا يتَوَصَّل إِلَيْهِ) إِلَى أَنه عَام فِي الْكل للِاحْتِيَاط (أَلا بِالْعلمِ بشرع مَا علم أَنه لم يشرع) يَعْنِي أَنه قد علم قبل حمل الْمُشْتَرك على الْعُمُوم أَن ذَلِك الحكم الْعَام لم يكن مَشْرُوعا، وَالنَّص الْمُشْتَمل على الْمُشْتَرك لَيْسَ بِنَصّ على الْعُمُوم، بل يحْتَمل أَن يُرَاد بِهِ بعض من ذَلِك الْعُمُوم، بل هُوَ الْمُتَبَادر لما مر، فالمتيقن بِمُجَرَّد ذَلِك النَّص مشروعيته للْبَعْض لَا الْكل، فالحمل على الْعُمُوم حكم بمشروعية حكم علم مشروعيته قبل الْحمل الْمَذْكُور بِمُجَرَّد الِاحْتِمَال (وَهُوَ) أَي شرع مَا علم أَنه لم يشرع (حرَام) لِأَنَّهُ إِثْبَات حكم شَرْعِي من غير دَلِيل غير جَائِز إِجْمَاعًا وارتكاب الْمحرم يُنَافِي الِاحْتِيَاط فَإِن قلت قد وجدنَا فِي كثير من الْمسَائِل الْفِقْهِيَّة إِيجَاب أَمر على وَجه مَعَ كَون نَصه مُحْتملا لغير إِيجَابه على ذَلِك الْوَجْه، مُعَللا بِالِاحْتِيَاطِ وَقصد خُرُوج الْمُكَلف عَن الْعهْدَة بِيَقِين فَيلْزم فِيهَا شرع مَا علم إِلَى آخِره قلت ذَلِك فِيمَا علم وجوب أصل الْفِعْل يَقِينا غير أَنه وَقع الشَّك فِي كيفيته وإيقاعه على بعض الكيفيات مُوجب لِلْخُرُوجِ عَن الْعهْدَة بِيَقِين، وَفِيمَا نَحن فِيهِ الْمُتَيَقن إِيجَاب أصل الْفِعْل فِي أَفْرَاد مَفْهُوم وَاحِد من مفاهيم الْمُشْتَرك وَبَينهمَا بون بعيد فَتَأمل (والتوقف) فِي الْعَمَل بالمشترك (إِلَى ظُهُور المُرَاد الإجمالي) وَهُوَ الْمعِين الَّذِي قصد من جملَة مفاهيمه وَلم يعلم بِمُجَرَّد إِطْلَاقه لما سبق من الدَّلِيل الْمُقْتَضى تبادر مَفْهُوم أحد الْمعَانِي لَا على التَّعْيِين (وَاجِب) فالحمل على الْعُمُوم من غير توقف إِلَى ظُهُور قرينَة دَالَّة على تعْيين المُرَاد ترك الْوَاجِب فَلَا يجوز (وَأما بُطْلَانه) أَي بطلَان عُمُومه فِي مَعَانِيه (مجَازًا، فلعدم العلاقة) بَين الْكل وَبَين أحد مَعَانِيه الَّذِي هُوَ الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ لَهُ وَلما كَانَ هَهُنَا مَظَنَّة سُؤال، وَهُوَ أَنه لَا نسلم عدم العلاقة، فَإِن الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ جُزْء من الْمجَازِي: وَهُوَ من العلاقات الْمُعْتَبرَة قَالَ (والجزء) أَي وَاسْتِعْمَال اسْم الْجُزْء (فِي الْكل مَشْرُوط بالتركب الْحَقِيقِيّ) بِأَن يكون الْكل مركبا مِنْهُ وَمن غَيره فِي الْخَارِج بِحَيْثُ يصير شخصا وَاحِدًا وَلَا غَيره بالتركيب الاعتباري بِمُجَرَّد اعْتِبَار الْعقل (وَكَونه) أَي وبكون التَّرْكِيب بِحَيْثُ (إِذا انْتَفَى الْجُزْء انْتَفَى الِاسْم) أَي اسْم الْكل (عَن الْكل عرفا كالرقبة) أَي كإطلاق اسْم الرَّقَبَة (على الْكل) وَهُوَ الْإِنْسَان (بِخِلَاف الظفر) فَإِنَّهُ لَا يَنْتَفِي الْإِنْسَان بِانْتِفَاء الظفر أَو الْأصْبع، بل الْيَد وَإِنَّمَا قَالَ عرفا، لِأَنَّهُ لَا شكّ فِي انْتِفَاء الْمَجْمُوع الْمركب من الظفر مثلا بشخصه فِي نفس الْأَمر (و) بِخِلَاف إِطْلَاق (نَحْو الأَرْض لمجموع السَّمَوَات وَالْأَرْض) فَإِنَّهُ لَا يَصح لعدم التَّرْكِيب الْحَقِيقِيّ (على أَنه) أَي تَعْمِيم الْمُشْتَرك فِي مَعَانِيه (لَيْسَ مِنْهُ) أَي من اسْتِعْمَال لفظ الْجُزْء فِي الْكل (لِأَنَّهُ) أَي الشَّأْن (لم يوضع لمجموعها) أَي المفاهيم: أَي لم يَقع بِإِزَاءِ الْمَجْمُوع وضع، وَلَا بُد
فِي اسْتِعْمَال لفظ الْجُزْء فِي الْكل أَن يكون للْكُلّ اسْم وضع بإزائه (ليَكُون كل مَفْهُوم جُزْء مَا) أَي كل (وضع لَهُ اسْم خُصُوصا على قَول الْمجَاز) فَإِن الْقَائِل بِهِ معترف بِعَدَمِ وَضعه للْكُلّ، وَعدم وضع لفظ آخر لَا نزاع فِيهِ (وَأما صِحَّته) أَي صِحَة عُمُومه (فِي النَّفْي) كَمَا هُوَ الْمُخْتَار (فَإِن الْمَنْفِيّ) أَي الْمَفْهُوم الَّذِي أُرِيد بالمشترك فنفى فِي سِيَاق النَّفْي (مَا يُسمى بِاللَّفْظِ) أَي لفظ الْمُشْتَرك، فَإِنَّهُ يتَنَاوَل كل وحد من مسمياته، وَعَن الْفَاضِل الْأَبْهَرِيّ أَنه لَا خلاف فِي صِحَة هَذَا ومجازيته كَمَا يؤول الْعلم بِمَا يقْضِي بِهِ عِنْد إِرَادَة تكبره وتثنيته وَجمعه، وَهَذَا التَّحْقِيق بِخِلَاف مَا نَقله عَن الْبَعْض أَنه حَقِيقَة. قَالَ (المصححون) عُمُوم الْمُشْتَرك فِي مَعَانِيه (حَقِيقَة) وَمَا (وضع) الْمُشْتَرك (لكل) من المفاهيم (فَإِذا قصد الْكل) أَي جَمِيعهَا بِهِ مَعًا (كَانَ) مُسْتَعْملا (فِيمَا وضع لَهُ قُلْنَا اسْم الْحَقِيقَة) إِنَّمَا يثبت بِاللَّفْظِ (بِالِاسْتِعْمَالِ لَا بِالْوَضْعِ) أَي لَا بِمُجَرَّد الْوَضع (فَإِذا شَرط فِي الِاسْتِعْمَال) أَي اسْتِعْمَال الْمُشْتَرك (عدم الْجمع) بَين مفاهيمه فِي الْإِرَادَة مِنْهُ دفْعَة لُغَة (امْتنع) اسْتِعْمَاله فِي الْجَمِيع (لُغَة) وَالْعلم بِالشّرطِ الْمَذْكُور إِنَّمَا حصل بالمتبع والاستقراء للغة فَحَيْثُ لم يَجدوا اسْتِعْمَاله فِي الْكل أصلا عمِلُوا بِهِ وَبِمَا سيشير إِلَيْهِ (فَلَو اسْتعْمل) فِي الْجَمِيع (كَانَ خطأ فضلا عَن كَونه حَقِيقَة) فِيهِ (فَيمْتَنع وجوده) أَي وجود اسْتِعْمَاله فِي الْجَمِيع (فِي لِسَان الشَّرْع واللغة) أما اللُّغَة فقد عرفت، وَأما الشَّرْع فَلِأَنَّهُ لَا يكون الِاسْتِعْمَال الشَّرْعِيّ على خلاف الِاسْتِعْمَال اللّغَوِيّ فِيمَا شَرط فِي مُطلق الِاسْتِعْمَال، وَهُوَ ظَاهر (وَدَلِيل الِاشْتِرَاط) بِالشّرطِ الْمَذْكُور (مَا قدمنَا) من تبادر الْأَحَد لَا على التَّعْيِين عِنْد إِطْلَاقه (قَالُوا) أَي المجوزون فِي دفع الِامْتِنَاع (وَقع) اسْتِعْمَاله كَذَلِك فِي كَلَام الله تَعَالَى، قَالَ تَعَالَى {إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ، ألم تَرَ أَن الله يسْجد لَهُ} الْآيَة، وَهِي) أَي الصَّلَاة (من الله الرَّحْمَة وَمن غَيره الدُّعَاء، فَهُوَ) أَي لفظ يصلونَ (مُشْتَرك) وَقد اسْتعْمل فِي كلا معنييه فِي هَذِه الْآيَة (وَالسُّجُود فِي الْعُقَلَاء بِوَضْع الْجَبْهَة) على الأَرْض (وَمن غَيرهم الخضوع) والانقياد (قُلْنَا إِذا لزم كَونه) أَي اللَّفْظ (حَقِيقَة فِي مَعْنيين) مُخْتَلفين بِالْحَقِيقَةِ بِأَن يسْتَعْمل فِي كل مِنْهُمَا بِلَا قرينَة الْمجَاز (وَأمكن جعله) أَي جعل ذَلِك اللَّفْظ مَوْضُوعا (لمشترك) أَي لِمَعْنى مُشْتَرك (بَينهمَا). أَي الْمَعْنيين بِأَن يكون ثمَّة معنى يعمها وَيصْلح لِأَن يَجْعَل الْمَوْضُوع لَهُ بِاعْتِبَار تبادره من اللَّفْظ عِنْد الْإِطْلَاق (لزم) كَونه كَذَلِك لَا مُشْتَركا لفظيا لما تقرر عِنْدهم من أَن التواطؤ خير من الِاشْتِرَاك اللَّفْظِيّ، وَهنا كَذَلِك (فالسجود) أَي مَعْنَاهُ (الْمُشْتَرك) من سُجُود الْعُقَلَاء وَغَيرهم هُوَ (الخضوع الشَّامِل) للاحتياري والقهري من قَول، وَفعل، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (قولا وفعلا) وَمِنْه انقياد الْمَخْلُوق لأمر الله وتصرفه فِيهِ (فَهُوَ) أَي الخضوع الْمُطلق (متواطئ)