المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الثالثة: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان بحيث تكون جزءا منه: - اتباع لا ابتداع - قواعد وأسس في السنة والبدعة

[حسام الدين عفانة]

فهرس الكتاب

- ‌أقوال في الاتباع والابتداع

- ‌مقدمة الطبعة الثانية

- ‌مقدمة الطبعة الأولى

- ‌الفصل الأولقواعد وأسس في السنة والبدعة

- ‌المبحث الأولالحث على إتباع السنة والتحذير من البدعةوبيان أسباب الابتداع

- ‌أولاً: الآيات الكريمات التي تأمر بالإتباع وتنهى عن الابتداع:

- ‌ثانياً: الأحاديث النبوية التي تأمر بالاتباع وتنهى عن الابتداع:

- ‌ثالثاً: الآثار الواردة عن السلف في لزوم السنة وذم البدعة:

- ‌المبحث الثانيتعريف البدعة لغة واصطلاحاً

- ‌أولاً: تعريف البدعة لغة:

- ‌ثانياً: تعريف البدعة اصطلاحاً:

- ‌مناهج العلماء في تعريف البدعة:

- ‌المنهج الأول في تعريف البدعة:

- ‌ومن أشهر ما اعتمد هؤلاء العلماء عليه ما يلي:

- ‌المنهج الثاني في تعريف البدعة:

- ‌استدل العلماء القائلون بذم البدعة بما يلي:

- ‌المنهج المختار في تعريف البدعة:

- ‌المبحث الثالثالأصل في العبادة الاتباع

- ‌الأدلة من السنة على هذا الأصل

- ‌الأدلة من آثار الصحابة على هذا الأصل

- ‌المبحث الرابعلا يجوز إثبات نوع من العباداتلدخوله تحت الدليل العام بل لا بد من دليل خاص

- ‌المبحث الخامستقسيم السنة النبوية إلى فعلية وتركيةوأثر الجهل بهذا الأصل في الابتداع

- ‌المبحث السادستقسيم البدعة إلى حقيقية وإضافية

- ‌الأول: البدعة الحقيقية

- ‌الثاني: البدعة الإضافية

- ‌المبحث السابعحكم البدعة

- ‌المبحث الثامنأسباب الابتداع

- ‌المبحث التاسعأسباب انتشار البدع

- ‌الفصل الثانيالبدع المنتشرة بين الناس في المساجد وغيرها

- ‌المبحث الأولالبدع المتعلقة بالأذان

- ‌المسألة الأولى: قراءة القرآن قبل الأذان للصلوات الخمس وقبل الأذان للجمعة:

- ‌المسألة الثانية: الأذان بواسطة شريط مُسجَلٌ عليه الأذان:

- ‌المسألة الثالثة: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان بحيث تكون جزءاً منه:

- ‌المسألة الرابعة: الذكر قبل أذان الفجر وقبل أذان العشاء ليلتي الإثنين والجمعة

- ‌المسألة الخامسة:قراءة سورة الإخلاص

- ‌المبحث الثانيالبدع المتعلقة بالنية

- ‌المسألة الأولى: الجهر بالنية:

- ‌المسألة الثانية: طلب الإمام من المأمومين أن يستحضروا النية:

- ‌المبحث الثالثختم الصلاة الجماعي

- ‌المبحث الرابعبدعة المصافحة بعد الصلاةوقول المصلي للآخر: تقبل الله منا ومنكم

- ‌المبحث الخامسبدع محدثة في دعاء القنوت

- ‌ تقليب اليدين عند الدعاء

- ‌ثانياً: مسح الوجه والبدن في دعاء القنوت:

- ‌المبحث السادسبدع الجمعة

- ‌المسألة الأولى: الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أذان الجمعة:

- ‌المسألة الثانية: نداء المؤذن بين يدي خطيب الجمعة بالحديث النبوي:

- ‌المسألة الثالثة: دعاء المؤذن عند جلوس الخطيب بين الخطبتين:

- ‌المسألة الرابعة: رفع الخطيب يديه عند الدعاء في الخطبة:

- ‌المبحث السابعبدع العيدين

- ‌المسألة الأولى: قول المؤذن عند المناداة لصلاة العيد

- ‌المسألة الثانية: فرقة التكبير وما تقوم به من أمور مبتدعة:

- ‌المبحث الثامنبدع الجنائز

- ‌المسألة الأولى: رفع الصوت بالذكر أثناء تشييع الجنازة:

- ‌المسألة الثانية: بدعة التلقين بعد الدفن:

- ‌المسألة الثالثة: قراءة الختمة للأموات:

- ‌المسألة الرابعة: إحياء ذكرى الأربعين:

- ‌المسألة الخامسة: بدعة التأبين:

- ‌المسألة السادسة: وضع جريد النخيل والزهور والورود على القبور:

- ‌المسألة السابعة: زيارة القبور يومي العيدي:

- ‌المسألة الثامنةُ: قراءة القرآن على القبور:

- ‌المبحث التاسعبدعة الاحتفال بموسم النبي موسى عليه السلام

- ‌ وصف الاحتفال

- ‌أولاً: أين دفن موسى عليه السلام

- ‌ثانياً: شد الرحال إلى القبور والمقامات:

- ‌ثالثاً: متى حدث الاحتفال بموسم النبي موسى:

- ‌المبحث العاشرالبدع المتعلقة بالمسجد الأقصى

- ‌المسألة الأولى: بدعة تسمية المسجد الأقصى حرماً:

- ‌المسألة الثانية: بدع الصوفية في المسجد الأقصى والأناشيد الدينية والفرق المنشدة:

- ‌المسألة الثالثة: بدعة الطواف بمسجد قبة الصخرة:

- ‌المسألة الرابعة: بدعة التمسح بالصخرة:

- ‌خرافات متعلقة بالصخرة

- ‌المبحث الحادي عشربدعة الاحتفال بالمولد النبوي

- ‌الأدلة على بدعيته

- ‌المبحث الثاني عشربدعة الاحتفال بعيد الميلاد

- ‌المبحث الثالث عشربدعة الاحتفال بالإسراء والمعراج

- ‌المبحث الرابع عشربدعة الاحتفال بالهجرة

- ‌الأدلة على عدم شرعيته

- ‌المبحث الخامس عشربدع موسمية أخرى

- ‌المبحث السادس عشرالبدع المتعلقة بقراءة القرآن الكريم

- ‌المسألة الأولى: ما يتعلق بسورة الفاتحة:

- ‌قائمة المصادر

- ‌فهرس المحتويات

الفصل: ‌المسألة الثالثة: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان بحيث تكون جزءا منه:

‌المسألة الثالثة: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان بحيث تكون جزءاً منه:

اعتاد كثير من المؤذنين أن يصلوا على النبي صلى الله عليه وسلم في أذانهم وصارت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم جزءاً من الأذان وهذا الأمر الأصل فيه سنة والكيفية بدعة وبيان ذلك بما يلي:

إن الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم سنة بعد الأذان لا فرق في ذلك بين مؤذن وغيره ويدل على ذلك ما ثبت في الحديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا عليَّ فإنه من صلى عليَّ صلاةً صلى الله عليه بها عشراً ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة) رواه مسلم (1).

ومن المعلوم أن ألفاظ الأذان وكلماته توقيفية لا يصح أن يزاد عليها أو ينقص منها شيء وكلمات الأذان تبدأ بقول المؤذن: (الله أكبر، الله أكبر)، وتنتهي بقوله:(لا إله إلا الله) فهذا هو المأثور من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عليه الصحابة والتابعون وأهل القرون الثلاثة الأولى المشهود لهم بالخيرية.

وبناء على ما سبق أقول إن الصلاة والسلام على رسول الله لا يصح أن تجعل جزءاً من ألفاظ الأذان فإن جعلت جزءاً منه كما يفعل كثير من المؤذنين فهي من هذا الوجه وبهذه الكيفية بدعة وإن كان الأصل فيها سنة فالمطلوب من المؤذن بعد انتهاء الأذان أن يصلي ويسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فإن فعل ذلك فقد أصاب السنة. وأما إذا جهر بالصلاة والسلام وجعلها جزءاً من الأذان فقد ابتدع وأحدث حدثاً لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والسلف الصالح من أئمة المسلمين وقد بين الشيخ علي محفوظ تاريخ هذه البدعة فقال: [ومن البدع المختلف في حسنها وذمها الصلاة والسلام على

(1) صحيح مسلم بشرح النووي 2/ 66.

ص: 92

النبي صلى الله عليه وسلم عقب الأذان جهراً ما عدا الصبح والجمعة اكتفاء بما يقع قبلهما وما عدا المغرب لضيق وقتها والذي أحدث ذلك هو محتسب القاهرة صلاح الدين عبد الله البرلسي وأمر به في مصر وأعمالها ليلة الجمعة فقط ثم صار ذلك عاماً على يد نجم الدين الطنبدي لسبب مذكور في كتب التاريخ ففي خطط المقريزي: وأما مصر فلم يزل الأذان بها على مذهب القوم " الفاطميين " إلى أن استبد السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب بسلطنة ديار مصر وأزال الدولة الفاطمية سنة سبع وستين وخمسمائة وكان ينتحل مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه وعقيدة الشيخ أبي الحسن الأشعري رحمه الله فأبطل من الأذان (حي على خير العمل) وصار يؤذن في سائر إقليم مصر والشام بأذان أهل مكة وفيه تربيع التكبير وترجيع الشهادتين فاستمر الأمر على ذلك إلى أن بنت الأتراك المدارس بديار مصر وانتشر مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه في مصر فصار يؤذن في بعض المدارس التي للحنفية بأذان أهل الكوفة وتقام الصلاة أيضاً على رأيهم وما عدا ذلك فعلى ما قلنا إلا أنه في ليلة الجمعة إذا فرغ المؤذنون من التأذين سلموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو شيء أحدثه محتسب القاهرة صلاح الدين عبد الله بن عبد الله البرلسي بعد سنة ستين وسبعمائة فاستمر إلى أن كان في شعبان سنة إحدى وتسعين وسبعمائة ومتولي الأمر بديار مصر الأمير منطاش القائم بدولة الملك الصالح المنصور أمير حاج المعروف بحاج ابن شعبان بن حسين بن محمد بن قلاون فسمع بعض الفقراء الخلاطين سلام المؤذنين على رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة الجمعة وقد استحسن ذلك طائفة من إخوانه فقال لهم: أتحبون أن يكون هذا السلام في كل أذان؟ قالوا نعم فبات تلك الليلة، وأصبح متواجداً يزعم أنه رأى رسول الله في منامه وأنه أمره أن يذهب إلى المحتسب ويبلغه عنه أن يأمر المؤذنين بالسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل أذان فمضى إلى محتسب القاهرة وهو يومئذ نجم الدين محمد الطنبدي وكان شيخاً جهولاً سيء السيرة في الحسبة والقضاء متهافتاً على الدرهم ولو قاده إلى البلاء، لا

ص: 93

يحتشم من أخذ البرطيل والرشوة ولا يراعي في مؤمن إلاً ولا ذمة. قد ضرى على الآثام وتجسد من أكل الحرام. يرى أن العلم إرخاء العذبة ولبس الجبة ويحسب أن رضاء الله سبحانه في ضرب العباد بالدرقة وولاية الحسبة لم تحمد الناس قط أياديه ولا شكرت أبداً مساعيه بل جهالاته شائعة وقبائح أفعاله ذائعة. وقال له: رسول الله يأمرك أن تتقدم لسائر المؤذنين بأن يزيدوا في كل أذان قولهم الصلاة والسلام عليك يا رسول الله كما يفعل في كل ليالي الجمع.

فأعجب الجاهل هذا القول وجهل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأمر بعد وفاته إلا بما يوافق ما شرعه الله على لسانه في حياته وقد نهى الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز عن الزيادة في شرعه حيث يقول: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إياكم ومحدثات الأمور) فأمر بذلك في شعبان من السنة المذكورة وتمت هذه البدعة واستمرت إلى يومنا هذا في جميع ديار مصر وبلاد الشام وصارت العامة وأهل الجهالة ترى أن ذلك من جملة الأذان الذي لا يحل تركه وأدى ذلك إلى أن زاد بعض أهل الإلحاد في الأذان ببعض القرى السلام بعد الأذان على شخص من المعتقدين الذين ماتوا فلا حول ولا قوة إلا بالله وإنا لله وإنا إليه راجعون] (1).

(1) الإبداع ص 172 - 174، وانظر حاشية ابن عابدين 1/ 390.

ص: 94

وقال العلامة ملا علي القاري: [

فما يفعله المؤذنون الآن عقب الأذان من الإعلان بالصلاة والسلام مراراً أصله سنة والكيفية بدعة لأن رفع الصوت في المسجد ولو بالذكر فيه كراهة سيما في المسجد الحرام لتشويشه على الطائفين والمصلين والمعتكفين] (1).

وبيَّن الحافظ ابن حجر أن ما أحدث من التسبيح قبل الصبح وقبل الجمعة ومن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ليس من جملة الأذان لا لغةً ولا شرعاً (2).

وقال ابن الحاج: [وكذلك ينبغي أن ينهاهم - أي المؤذنين - عما أحدثوه من صفة الصلاة والتسليم على النبي صلى الله عليه وسلم عند طلوع الفجر وإن كانت الصلاة والتسليم على النبي صلى الله عليه وسلم من أكبر العبادات وأجلها فينبغي أن يسلك بها مسلكها فلا توضع إلا في مواضعها التي جعلت لها.

ألا ترى أن قراءة القرآن من أعظم العبادات ومع ذلك لا يجوز للمكلف أن يقرأه في الركوع ولا في السجود ولا في الجلوس أعني الجلوس في الصلاة لأن ذلك ليس بمحل للتلاوة.

فالصلاة والتسليم على النبي صلى الله عليه وسلم أحدثوها في أربعة مواضع لم تكن تفعل فيها في عهد من مضى والخير كله في الاتباع لهم رضي الله عنهم

والصلاة والتسليم على النبي صلى الله عليه وسلم لا يشك مسلم أنها من أكبر العبادات وأجلها وإن كان ذكر الله تعالى والصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم حسناً سراً وعلناً لكن ليس لنا أن نضع العبادات إلا في مواضعها التي وضعها الشارع فيها ومضى عليها سلف الأمة] (3).

وقال الشيخ ابن حجر المكي: [قد أحدث المؤذنون الصلاة والسلام عقب الأذان للفرائض الخمس إلا الصبح

ولقد استفتي مشايخنا وغيرهم في الصلاة والسلام

(1) مرقاة المفاتيح 2/ 349 - 350.

(2)

فتح الباري 2/ 232.

(3)

المدخل 2/ 255 - 256.

ص: 95

عليه صلى الله عليه وسلم بعد الأذان على الكيفية التي يفعلها المؤذنون فأفتوا بأن الأصل سنة والكيفية بدعة وهو ظاهر

] (1).

وأشار الشيخ ابن حجر المكي إلى أن الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم قبل الأذان ليست سنة فمن أتى ذلك معتقداً سنيته في ذلك المحل المخصوص نهي عنه ومنع منه لأنه تشريع بغير دليل ومن شرع بلا دليل يزجر عن ذلك وينهى عنه (2).

وسئل الشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية عن الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم عقب الأذان؟ فأجاب: [أما الأذان فقد جاء في - الفتاوى - الخانية أنه ليس لغير المكتوبات وأنه خمس عشرة كلمة وآخره عندنا لا إله إلا الله وما يذكر بعده أو قبله كله من المستحدثات المبتدعة ابتدعت للتلحين لا لشيء آخر ولا يقول أحد بجواز هذا التلحين ولا عبرة بقول من قال: إن شيئاً من ذلك بدعة حسنة لأن كل بدعة في العبادات على هذا النحو فهي سيئة

] (3).

وقال الشيخ سيد سابق: [الجهر بالصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم عقب الأذان غير مشروع بل هو محدث مكروه](4).

وأجاب العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز مفتي الديار السعودية على سؤال حول الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان فأجاب: [هذا المقام فيه تفصيل فإن كان المؤذن يقول ذلك بخفض صوت فذلك مشروع للمؤذن وغيره ممن يجيب المؤذن لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا عليَّ فإنه من صلى عليّ واحدة صلى الله عليه بها عشراً ثم اسألوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة

(1) الفتاوى الكبرى الفقهية 1/ 131.

(2)

المصدر السابق 1/ 131.

(3)

الإبداع ص175.

(4)

فقه السنة 1/ 122.

ص: 96

لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة) أخرجه مسلم في صحيحه.

وروى البخاري في صحيحه، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة).

أما إن كان المؤذن يقول ذلك برفع صوت كالأذان فذلك بدعة لأنه يوهم أنه من الأذان والزيادة في الأذان لا تجوز لأن آخر كلمة: (لا إله إلا الله) فلا يجوز الزيادة على ذلك. ولو كان ذلك خيراً لسبق إليه السلف الصالح بل لعلمه النبي صلى الله عليه وسلم أمته وشرعه لهم وقد قال عليه الصلاة والسلام: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) أخرجه مسلم في صحيحه وأصله في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها. وأسأل الله سبحانه أن يزيدنا وإياكم وسائر إخواننا في الفقه في دينه وأن يمن علينا جميعاً بالثبات عليه إنه سميع قريب] (1).

وقال الشيخ محمد عبد السلام الشقيري: [ثم اعلم أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد النداء لم تكن بهذه الكيفية المعلومة الآن قطعاً بل كانت سراً وباللفظ الوارد الذي علمَّه لهم النبي صلى الله عليه وسلم حينما سألوه بقولهم: قد علمنا السلام عليك فكيف نصلي؟ فقال لهم صلى الله عليه وسلم قولوا اللهم صل على محمد) الحديث، فهذه الكيفية مبتدعة محدثة لم يأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تفعل في حياته ولا مرة واحدة. ولم يفعلها بلال في جميع تأذيناته بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا مرة واحدة. ولا أحد من جميع مؤذني النبي صلى الله عليه وسلم ولم تفعل في عهد الخلفاء الراشدين أصلاً ولا في عصر سائر الصحابة ولا التابعين ولا

(1) فتاوى إسلامية 1/ 240 - 241.

ص: 97

تابعي التابعين ولا الأئمة الأربعة المعتبرين، وإنما حدثت في عصر الملك صلاح الدين على يد رجل من الجاهلين المتصوفين وأنكرها بعض أهل العلم العاملين وهي لا تزال تنكرها قلوب العارفين بشرع الأمين حتى يأذن الله بإبطالها وإعادتها إلى أصلها على يد عبد من عباده الصالحين] (1).

وزعم بعضهم أن الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان وبالكيفية التي يفعلها المؤذنون ليست بدعة لأنها تدخل في عموم قول الله تعالى:

(يَاأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)(2).

وعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من صلى عليَّ مرة صلى الله عليها بها عشراً) رواه مسلم، فهذا عام يشمل جميع الأوقات ويدخل في عمومه الصلاة والسلام بعد الأذان (3).

والجواب عن ذلك من وجهين:

الوجه الأول: إنه لا يصح الاستدلال بهذه النصوص العامة وتخصيصها بأفعال عامة الناس الذين ابتدعوا هذه البدعة.

ولا بد من دليل شرعي يخصص هذه العمومات ويقيد المطلق منها ولم يوجد.

الوجه الثاني: إن هذه الصلاة والتسليم على النبي صلى الله عليه وسلم ما عرفت إلا في عصور متأخرة وابتدعت على يد بعض الجهلة من العامة فأين كان عنها الصحابة والتابعون وأهل القرون الثلاثة المفضلة.

فلو كانت مشروعة لسبقونا إليها وكل الخير في اتباع من سلف.

(1) السنن والمبتدعات ص 234.

(2)

سورة الأحزاب الآية 56

(3)

انظر إتقان الصنعة ص 49 - 50.

ص: 98

وخلاصة الأمر أن علينا اتباع السنة وهي كما وردت بها الأحاديث وهي الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم بشرط أن لا تجعل جزءاً من الأذان فنقول للمؤذن إذا انتهيت من الأذان فصل على النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك ولا تجعلها جزءاً من أذانك.

ص: 99