الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثانية: فرقة التكبير وما تقوم به من أمور مبتدعة:
وتوضيح ذلك أن مجموعة من المؤذنين والقراء يجلسون على شكل حلقة ثم يبدؤون بالتكبير الجماعي ويرددون بعض الأذكار ثم يصيح أحدهم في نهاية كل وصلة تكبير بصوت مرتفع الفاتحة، وهكذا يعيدون الكرة مرة بعد مرة ثم ينقطعون فيتلو أحد القراء آيات من القرآن الكريم ثم يعودون إلى التكبير ويصيح أحدهم الفاتحة وهكذا دواليك وتستمر المجموعة في الزعق والصياح إلى أن يحين موعد الصلاة فيقوم أحدهم وينادي بقوله:[الصلاة جامعة على مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان يا أمة الهادي عليه السلام].
وهذه الأمور مبتدعة وبيان ذلك فيما يلي:
إن أصل التكبير مشروع في العيدين وهو من السنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو نوعان عند أهل العلم.
الأول: التكبيرات الزوائد في صلاة العيد.
الثاني: التكبير في غير صلاة العيد وهو قسمان:
القسم الأول: التكبير المرسل أو المطلق وهو الذي لا يتقيد بحال بل يؤتى به في المنازل والمساجد والطرق ليلاً ونهاراً وفي غير ذلك.
القسم الثاني: المقيد وهو الذي يقصد الإتيان به في أدبار الصلوات وهو مشروع في عيد الأضحى دون عيد الفطر لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم (1).
ومن الأحاديث الثابتة في التكبير ما جاء في الحديث عن محمد بن أبي بكر الثقفي قال: (سألت أنساً ونحن غادون من منى إلى عرفات عن التلبية كيف كنتم تصنعون
(1) المجموع 5/ 31 - 32.
مع النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: كان الملبي يلبي لا ينكر عليه ويكبر المكبر فلا ينكر عليه) رواه البخاري (1).
وعن أم عطية الأنصارية رضي الله عنها قالت: (كنا نؤمر أن نخرج يوم العيد حتى نخرج البكر من خدرها حتى نخرج الحيض فيكنَّ خلف الناس فيكبرن بتكبيرهم ويدعون بدعائهم يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته) رواه البخاري ومسلم (2).
قال الإمام النووي: [وقولها: (يكبرن مع الناس) دليل على استحباب التكبير لكل أحد في العيدين وهو مجمع عليه](3).
وقال الإمام البخاري: [باب التكبير أيام منى وإذا غدا إلى عرفة وكان عمر رضي الله عنه يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيراً، وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام وخلف الصلوات وعلى فراشه وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه وتلك الأيام جميعاً وكانت ميمونة تكبر يوم النحر وكان النساء يكبرن خلف أبان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز ليالي التشريق مع الرجال في المسجد](4).
إذا ثبت هذا فإن التكبير في جملته مشروع فأما قراءة القرآن بين كل وصلة من التكبيرات فلم يرد في ذلك أثر وإنما كان الصحابة يقتصرون على التكبير فقط وما كانوا يقولون بعد انتهاء وصلة التكبير (الفاتحة)،
فإن هذه بدعة فليس هذا المقام محلاً لقراءة الفاتحة وسيأتي تفصيل الكلام على هذه البدعة عند الكلام على البدع المتعلقة بقراءة القرآن الكريم.
(1) صحيح البخاري مع الفتح 3/ 114 - 115.
(2)
صحيح البخاري مع الفتح 3/ 115، صحيح مسلم بشرح النووي 2/ 485.
(3)
شرح النووي على صحيح مسلم 2/ 485.
(4)
صحيح البخاري مع الفتح 3/ 114.