الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثانية: طلب الإمام من المأمومين أن يستحضروا النية:
اعتاد كثير من أئمة المساجد بعد إقامة الصلاة وقبل أن يكبروا تكبيرة الإحرام أن يقولوا للمصلين استحضروا النية.
وهذا الأمر باستحضار النية بدعة مخالفة لهدي الرسول صلى الله عليه وسلم وما فعله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من أصحابه.
والنية تكون في قلب الإنسان حاضرة ولا تحتاج إلى استحضار فهي حاصلة في قلبه وتحصيل الحاصل محال.
فالمصلون حينما تقام الصلاة ويقفون في الصفوف ويسمعون الإمام يأمر بتسوية الصفوف لا شك أن نياتهم حاصلة في قلوبهم فهم يوقنون أنهم سيصلون تلك الصلاة التي أقيمت فمن العبث أن يقال لهم استحضروا النية كما أنه من العبث أن يقال لمن وضع الطعام أمامه ليأكل قيل له استحضر نية الأكل فهذه النية موجودة في القلب ويستقبح القول باستحضارها لأنها حاضرة.
ويضاف إلى ذلك أنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر الصحابة باستحضار النية وكان صلى الله عليه وسلم يؤمهم في كل يوم خمس مرات وصلى بهم إماماً آلاف الصلوات فلو وقع ذلك منه صلى الله عليه وسلم لنقله لنا الصحابة كما نقلوا لنا دقائق الأمور في صفة صلاته وغيرها من الأعمال والثابت أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يأمر بتسوية الصفوف ثم يكبر تكبيرة الإحرام وقد ورد في ذلك عدة أحاديث منها:
1.
عن أنس رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل علينا بوجهه قبل أن يكبر فيقول، تراصوا واعتدلوا) رواه البخاري ومسلم (1).
(1) صحيح البخاري مع الفتح 2/ 349، صحيح مسلم بشرح النووي 2/ 117.
2.
عن النعمان بن بشير قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسوي صفوفنا حتى كأنما يسوي بها القداح حتى رأى أنا قد عقلنا عنه ثم خرج يوماً فقام حتى كاد يكبر فرأى رجلاً بادياً صدره من الصف فقال: عباد الله لتسوّن صفوفكم أو ليخالفن الله وجوهكم) رواه مسلم (1).
3.
وفي رواية أخرى عن النعمان قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسوي يعني صفوفنا إذا قمنا للصلاة فإذا استوينا كبر) رواه أبو داود وقال الشيخ الألباني صحيح (2).
ومثل ذلك ورد عن الصحابة رضي الله عنهم فقد روى مالك بإسناده عن نافع أن عمر ابن الخطاب كان يأمر بتسوية الصفوف فإذا جاءوه فأخبروه أن قد استوت كبر.
وروى مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه انه قال: [كنت مع عثمان ابن عفان فقامت الصلاة وأنا أكلمه في أن يفرض لي فلم أزل أكلمه وهو يسوي الحصباء بنعليه حتى جاءه رجال قد كان وكلهم بتسوية الصفوف فأخبروه أن الصفوف قد استوت، فقال لي: استو في الصف ثم كبر](3).
فهذه الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والآثار عن الصحابة رضي الله عنهم في صفة ما كانوا يفعلون قبل تكبيرة الإحرام من تسوية الصفوف والأمر بها ثم تكبيرة الإحرام ولم ينقل أنهم كانوا يقولون للمصلين استحضروا النية. وهذا واضح الدلالة لكل منصف أن هذا القول بدعة ينبغي تركها.
(1) صحيح مسلم بشرح النووي 2/ 117.
(2)
سنن أبي داود مع شرحه عون المعبود 2/ 259، صحيح سنن أبي داود 1/ 131.
(3)
الموطأ 1/ 146 - 147، وانظر مصنف عبد الرزاق 2/ 47، الاستذكار 6/ 187، سنن الترمذي مع شرحه التحفة 2/ 16.