الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث التاسع
بدعة الاحتفال بموسم النبي موسى عليه السلام
من البدع القديمة والمتجددة الاحتفال بما يسمى بموسم النبي موسى ويكون ذلك في أواخر فصل الشتاء من كل عام وتستمر الاحتفالات أسبوعاً كاملاً.
وكانت الاحتفالات في السابق تأخذ صفة الاحتفال الرسمي إذ كان ولاة الدولة العثمانية يشاركون ويشرفون على هذه الاحتفالات ويحافظون على الأمن والنظام كما أن مفتي القدس الذي كانت تعينه الدولة العثمانية كان له دور واضح في هذه الاحتفالات (1).
وسأنقل وصفاً للاحتفال بموسم النبي موسى كتبه من حضر تلك الاحتفالات في عدة أعوام، قال د. كامل العسلي تحت عنوان:
وصف الاحتفال
ات بموسم النبي موسى في القرن العشرين ": [كان موسم النبي موسى عيداً شعبياً عاماً اشترك فيه سكان المدن والقرى في فلسطين وخاصة من مناطق القدس ونابلس والخليل وقرى الجبال وكان هناك برنامج زمني للاحتفالات نظن أنه وضع في جزء منه على الأقل في القرن الأخير بعد أن اشتد التنافس بين أهالي منطقتي نابلس والخليل خاصة في الاشتراك في الاحتفالات وأيهما يكون له مكان السبق والصدارة فيها فتم ترتيب مواعيد لقدوم الزوار ولا نعرف تاريخاً دقيقاً لوضع برنامج الزيارة والمشاركة لمختلف الجهات ولكننا نقول بصورة عامة إن أسبوع موسم النبي موسى كان يحدد وفق عيد الفصح عند المسيحيين الأرثوذكس وكان يأتي في الأسبوع الذي يسبق أسبوع عيد الفصح في كل عام
…
ذكرنا هذا لنبين أن موسم النبي موسى يختلف من سنة لأخرى تبعاً لموعد
(1) انظر موسم النبي موسى في فلسطين ص 94، 96، 98 - 99.
عيد الفصح المتغير بحيث يبدأ قبل أسبوع واحد من يوم الجمعة الحزينة التي تسبق عيد الفصح بيومين ولو أردنا أن نضع بعد ذلك جدولاً زمنياً لاحتفالات النبي موسى لقلنا إن الاحتفالات تبدأ يوم الخميس قبل الجمعة الحزينة بثمانية أيام بقدوم موكب أهالي نابلس وفي يوم الجمعة يبدأ الاحتفال الرسمي بزفة العلم من الحرم الشريف!! إلى النبي موسى ويوم الأحد يصل موكب أهل الخليل وقراها ويوم الإثنين تغادر أعلام القدس ونابلس والخليل إلى النبي موسى وتمتد زيارة النبي موسى من يوم الجمعة إلى يوم الخميس التالي أي سبعة أيام وفي يوم الخميس يعود الموكب إلى القدس باحتفال كبير كذلك وفي يوم الجمعة الذي يطلق عليه اسم (جمعة العليمات) تعاد الأعلام إلى أماكنها علم النبي موسى وعلم المسجد الأقصى وعلم النبي داود في احتفالات تقام لذلك خصيصاً وتبدأ الوفود بمغادرة القدس على الأثر] (1).
ثم قال د. العسلي: [موسم النبي موسى كما يصفه الدكتور توفيق كنعان:
يبدأ الموسم نفسه يوم الجمعة الذي يسبق يوم الجمعة الحزينة عند كنسية الروم الأرثوذكس وينتهي يوم الخميس التالي ويسمى هذا اليوم (جمعة النزلة) بينما يطلق على يوم الجمعة الذي يسبقه اسم (جمعة المناداة) لأن المناداة على الموسم أو الإعلان رسمياً عن أن موسم النبي موسى يبدأ يوم الجمعة التالية تبدأ في هذا اليوم وتسمى ليلة الخميس السابقة لجمعة النزلة (ليلة الوقفة) وكل من ينوي الاشتراك في الموسم يتأهب للأيام القادمة
…
تبدأ الزفة بإحضار علم النبي موسى من المكان الذي يحفظ فيه طوال السنة
…
وفي هذا المكان يجتمع الوجهاء وكثير من الموظفين ويسلم العلم إلى المفتي على طبق وبعد قراءة الفاتحة ينشر المفتي العلم ثم يثبت في الزانة
…
تتحرك الزفة ببطء إلى الحرم الشريف وتدخل إليه من باب الحبس
…
وكان يصاحب الزفة زمن الأتراك فرقة موسيقى عسكرية وحرس شرف وبعد صلاة
(1) موسم النبي موسى في فلسطين ص101 - 102.
الظهر تترك الزفة الحرم
…
ويمضي المفتي الأكبر وحملة الأعلام وخدام النبي موسى الآخرون قدماً إلى خارج الحرم
…
وفي هذه الأثناء تكون الطريق غاصة بجماهير النظارة وكذلك الشرفات والشبابيك والمقبرة والبساتين الواقعة على طرف الطريق
…
وفيه يتجمع الشباب في مجموعات فمنهم من يعزف ومنهم من يرقص أو يغني في الطريق ويحمل الجمهور أعلاماً كثيرة تمثل الأولياء المختلفين في المدينة والقرى المجاورة وكل علم له أتباعه
…
وحالما يصبحون على مرمى النظر من مقام النبي موسى يعيدون ترتيب صفوفهم ويرفعون العلم ويبدأ الموكب الرسمي من جديد ويشرعون أولاً في عمل أكوام صغيرة من الحجارة كقناطر - وتسمى أيضاً شواهد لأنها تشهد يوم الدين للذين قاموا بالزيارة - ويقرؤون الفاتحة ويرسل الدرويش الذي يكون على رأس الموكب أحد أتباعه ليعلن قدومهم للدراويش الآخرين الذين سبقوا إلى النبي موسى ويدعى هذا الرسول بالنجاب ويربط الشيخ الذي يرسله منديلاً حول رقبته لا يفكه إلا الشيخ الذي يستقبل في المقام ويركض النجاب إلى المقام مباشرة وهو يضرب طول الوقت على نقارته
…
ويقوم أكبر الدراويش سناً بفك المنديل المربوط حول عنقه وهو يتلو الفاتحة
…
أما ترتيب مواكب الزفة فيكون عادة على الوجه التالي:
يسير حامل العلم أولاً ويتبعه الموسيقيون ويليهم بعض شباب المجموعة يحيطون بقائدهم ويرقصون حسب الإيقاع الذي يحدده وكل رقصة تكون مصحوبة بالغناء يغني قائد المجموعة مقطعاً فيكرره الآخرون ويلوح بسيف أو عصا أو بمنديل في الهواء ويرقص معهم وهكذا يحدد لهم الإيقاع ويكون الموسيقيون أحياناً كلهم أو بعضهم في الحلقة وفي أثناء الغناء والرقص يصفق أعضاء المجوعة بأيديهم وفق إيقاع ثابت
…
ويتقدم هؤلاء ببطء إلى أن يبلغوا المقام وترحب بعض النساء من النظارة بالقادمين بالزغاريد أو بالأغاني القصيرة التي تنتهي بقرقعة حادة بالألسنة ومن الممتع أن
نلاحظ أن الغناء والرقص والتصفيق واستعمال الآلات الموسيقية ومشاركة جميع الطبقات هي اليوم مثل ما كانت عليه قبل آلاف السنين].
ثم ذكر أنواع الرقصات التي كانت تؤدى في الموسم وأسماء الآلات الموسيقية ثم قال: [والإيقاع الذي يحدثه الطبل والكاسات يكون له دائماً تقريباً معنى محدد مثل
الله الله الله حي
آآآ- آآآ
دا-يم
…
دا-يم
-آ-آ
قي-وم قي-وم
…
-آ-آ].
ثم ذكر بعض العبارات التي كانت على الأعلام ومنها: [مددك يا سيدي أحمد البدوي. سيدي أحمد الرفاعي ولي الله].
ثم قال: [وباستثناء نساء المدن اللاتي يلزمن الغرف معظم الوقت أو يقفن على الشرفة المكشوفة في الطابق الأول فإن جميع الزائرات الأخريات يشاركن الرجال النشاطات المختلفة ويختلطن بهم باستمرار
…
وهكذا ينقضي الأسبوع بالألعاب والأغاني والاحتفالات بصورة ممتعة] (1).
بعد هذا الوصف الذي كتبه د. توفيق كنعان وهو رجل نصراني يظهر لنا أن هذا الاحتفال في لبه ولحمته وسداه مخالف لدين الله سبحانه وتعالى ولسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه ترتكب فيها المخالفات الشرعية الكثيرة باسم الدين وأن الإسلام بريء من
(1) موسم النبي موسى ص 101 - 119 بتصرف واختصار.